إسلام ويب

سلامة الصدر من الأحقادللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك أعمالاً أجرها أعظم عند الله من الصيام والقيام والصلاة، وإن من هذه الأعمال سلامة الصدر وصدق اللسان من الحقد والحسد والغل. وإن من أعظم ما يبعد القلوب عن الأحقاد والضغائن إصلاح ذات البين، والتزاور بين الدعاة والعلماء وطلبة العلم.
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    أحبتي في الله! أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، ومخافته ورجائه وحبه سبحانه، وأسأل الله لي ولكم حسن الاعتقاد، وصلاح العمل، ونور اليقين، وبرد الرضا، وحلاوة الإيمان، وبر الصدق، وحسن الخاتمة، والستر في الدنيا والآخرة.

    أيها الأحبة الكرام! أسأل الله أن يحرم وجهي ووجوهكم ووالدينا والمسلمين على النار، وأن يدخلنا الجنة مع الأبرار الأخيار، ونسأله سبحانه وتعالى أن ييسر لنا علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاء من كل داء، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وإني أحبكم في الله، راجياً من الله أن يحشرني وإياكم في ظل عرشه، وينادي على رءوس الأشهاد: (أين المتحابون فيَّ؛ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي، على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون والشهداء يوم القيامة) وإني لمسرور جداً بلقائي هذا معكم مساء كل سبت؛ وهي نعمة من الله لا تقدر بثمن، إذا الآباء والأبناء يلتقون سواء في بيت من بيوت الله، ويصبحون رواداً لهذا البيت، وقلوبهم معلقة بالمساجد، فهم من الذين يظلهم الله في ظل عرشه، فنسأل الله أن يجعلنا من رواد بيته، من الذاكرين الرافعين لهذه البيوت، هو ولي ذلك والقادر عليه، وأن يملأ قلوبنا محبة وأخوة وإيماناً وإسلاماً وصفاء، وأن نتعاون في تنشيط الأبناء بطاقة الفتوة والشباب إلى الخير، بتوجيه الآباء ذوي الخبرة وذوي الفهم والتجربة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    وكنت حضرت لكم درساً في صفاء القلوب، واختيار الكلمة الطيبة، ولما دخلت المسجد قرأت هذا المنشور الذي يتكلم حول هدم المستشفى الأمريكي ومركز التبشير القديم، والجدل الذي دار عليه على صفحات الصحف، حيث كتب بعض الكتاب المشهورين يرفض قرار البلدية في هدم هذا المستشفى واعتباره معلماً من معالم التراث الكويتي، ويجب أن يحفظ، وما كتبته مجلة المجتمع حيث أنها اعترضت على مثل هذه الكتابات في الصحف وقالت: إن هناك مساجد كثيرة في الكويت هدمت وجرفتها الجرارات؛ بسبب امتداد العمران وتقسيم المناطق، فمن باب أولى أن يهدم هذا المستشفى الذي كان مبعوثاً بإرسالية أمريكية تبشيرية، وهذا معروف.

    أيضاً نحن لا ننكر الجميل الذي قدمه هذا المستشفى من علاج، حيث لم يكن في الكويت علاج، ولا طب، ولا وعي صحي، ولكن هذا في جانب، والرسالة التي جاء من أجلها في جانب آخر، فلا يوجد مواطن كويتي ينكر أن هذا المستشفى جاء بالتبشير بالدين النصراني، ولما قرأت هذا المنشور الموجود في المسجد هنا عدت بالذاكرة إلى الوراء، وتذكرت أحداثاً وقعت لي أنا شخصياً ولوالدي مع هذا المستشفى الأمريكاني، حيث أن والدي رحمة الله عليه، أصيب بمرض وهو يغوص، ضربتهم صاعقة، كانوا داخلين في شط العرب، ويحملون التمور، وكانت هناك سفينة كويتية معطلة تحتاج إلى بعض التصليح، فقال ربان السفينة للنوخذة الذي معه والدي: بأن يساعده فيجر معه المحمل حتى ينتشله من البحر الضحل إلى المكان العميق، ولكن مع الأسف -وهذا ليس من عادات الكويتيين- أن النوخذة كان مستعجلاً وكان معه بضاعة ثقيلة ويريد السفر عاجلاً، فقال لصاحب السفينة المعطلة: انتظر حتى تهدأ المياه، وبعد ذلك أسحبك إن شاء الله، لكن هذا النوخذة ما وفى بعهده، إذ خطف بالليل وذهب وترك صاحبه الذي عاهده، والدي يقول: فلما خرجت السفينة من الخليج العربي، جاءت سحابة فوق السفينة فبرقت ورعدت ونزلت منها صاعقة على المشراع حتى مال مركبهم فاحترق كله، فكان والدي ممن أصيب بهذه الصاعقة، إذ أصيب بمرض أشبه ما يكون بالشلل، وكان البحارة يلومون النوخذة ويقولون له: لو أنك سحبت هذا الرجل المسكين في سفينته وساعدته لما حدث لك هذا، الشاهد: أن والدي عاد به إلى بيته، وأصبح مقعداً لا يستطيع المشي، وأكل كل ما عنده من مدخرات حتى أصبح يخرج يزحف إلى الشارع، لعله يجد من يجود عليه بكسرة الخبز، ولما بلغت به هذه الحالة، وامتد مرضه سنين طويلة لعلها عشر سنوات، وهو جالس في البيت بلا علاج، وصفوا له شيخاً من المتدينين يقرأ على الناس الآيات والأحاديث فيشفون، واستدعي ذلك الشيخ، يسمونه الملا، فجاء الملا وأول ما سأل والدي مع الأسف الشديد، كم تدفع على هذه القراءة؟ فقال والدي: أنا فقير وما عندي في جيبي إلا نصف ربية؛ وهذا الذي معي يعني: طعامنا وشرابنا في النصف الربية هذه، فقال: هذه ما تكفي القراءة، أنا لن أقرأ عليك إلا بعد أن تدفع كذا وكذا.. وفعلاً ذهب الملا وما قرأ على الوالد شيئاً، فالوالد هنا تولدت عنده ردة فعل عنيفة كمريض عشر سنوات مع الفقر، ويأتي هذا بكلام أو ينفخ نفخات، يأبى أن يقرأ على مسلم، هذه ولدت عنده ردة فعل عنيفة جعلته يكره الدين والمتدينين، ويكره الملتزمين، وأصبحوا بسبب هذه الحادثة دائماً على لسانه، والوالد رحمة الله عليه أوتي من الفصاحة والبسطة في اللسان، وكان ذكياً يقول الشعر ويضرب الأمثال، فسلط تلك الطاقة على المتدينين بسبب هذا الموقف الذي وقفه ذلك الرجل.

    فمرت الأيام ويقدر الله سبحانه وتعالى ويأتيه رجل يقول له: لماذا لا تذهب إلى المستشفى الأمريكاني الذي يمدحه الناس ويتكلمون عنه، وعنده علاج؟ ويوجد فيه طبيب اسمه اسكدر وفيه .. وفيه ..، فقال الوالد: أنا بيتي في المركاض، وما الذي سوف يذهب بي إلى الأمريكاني هناك على البحر، ما كانت على أيامهم وسائل مواصلات موجودة إلا العربات، وبعض السيارات التي تعد على الأصابع عند أناس معروفين، والمستشفى نفسه كانت لديه سيارة عند الدكتور اسكدر، الشاهد: إن الوالد عند أذان الفجر زحف على فخذيه من المركاض إلى المستشفى الأمريكان، فما وصله -زحفاً- إلا قبيل الظهر، وكان في فصل الصيف، لكن على ماذا أنت تتخيل هذا المشهد؟! يقول: فلما وصلت إلى جدار المستشفى لن يبقى فيَّ قطرة ماء، لا في فمي ولا في عيني ولا في جسمي، أحسست أن الشمس تحرقني وأنا أموت، حتى ما أستطيع أن أتكلم وأصرخ وأنادي، إلا أنني نمت أمام الجدار، ونمت وبدأت أتشهد حتى يأتيني أجلي تحت الجدار، يقول: ثم أغمي عليَّ، وظننت أنني مت.

    ثم بعد الإغماء ما أدري ماذا حصل لي، إلا أنني فتحت عيني ووجدت أنني في البيت وبجواري دواء، يقول: فسألت الناس الذين كانوا يدخلون يتعالجون، ماذا حدث؟

    يقول: فقالوا لي: إن الدكتور أتاه الناس وقالوا له: إن هناك رجلاً مريضاً تحت الجدار، فنظر من الشباك فرآه فنزل مع المضمدين والدكتورات وأحضروا المحمل وحملوه بها، ودخلوا به، ثم بعد ذلك شخصه تشخيصاً كاملاً وعرف المرض، وأعطاه حقنة، ثم بعد ذلك أعطاه الدواء وحمله بسيارته الخاصة ووصله إلى البيت.

    يقول الوالد: ثم وضعت يدي في جيبي وإذا أنا أجد فيه خمس ربيات، فسألت: من وضع الخمس الربيات؟

    قالت الوالدة: وضعها الدكتور الذي أتى بك، فأصبح هذا الموقف مؤثراً، وهذا الدكتور لم يدع أبي للنصرانية ، ولم يقل له: كن نصرانياً، أو علق الصليب.. أو كذا.. لكنه فقط أحسن معه المعاملة في جانب أساء فيه الملا معه المعاملة.

    ما هي ردة الفعل في هذين الموقفين؟

    من أصول الإرساليات التبشيرية التي تدرس لهم وقرأناها في الكتب ودرسناها نحن: بأنه ليس من الشرط أن تجعل المسلم نصرانياً، إذا جعلته نصرانياً فهذا تشريف للمسلم -هم يقولون ذلك- ولكن إذا عجزت أن تجعله نصرانياً، فاحرص على أن تتركه لا دين له، فإذا تركته لا دين له، فقد حققت المطلب الذي نريد.

    وفعلاً أيها الإخوة: الوالد بفضل الله شفي، وقام يمشي، وظل الدكتور كل أسبوع يزوره مرة، ويتلطف معه، ويمسح عليه، وينظفه ويعالجه، إلى أن مشى الوالد، وبدأ يعمل، ثم بعد ذلك تزوج، فلما رزقه الله ابنه الأول الذي هو أنا، ظل ولاؤه لهذا الطبيب لدرجة أني لما بدأت أعقل وأنا عمري ثلاث أو أربع سنوات، وبدأت أميز بين الأمور، كان يأخذني كل أسبوع زيارة مخصصة للدكتور اسكدر، وأدخل عليه ويلقني منذ الصغر، بهذا النص يقول لي: انظر هذا الرجل الذي أمامك كان سبب شفاء أبيك، هذا الذي كان يوماً من الأيام يعالجني ووضع في جيبي خمس ربيات، يوم أن تركني الملا ورفض أن يقرأ عليَّ؛ لأنه لا يوجد معي نقود أعطيه، اذهب حب يده، وأقوم أنا وأحب يد الدكتور اسكدر، وجلست مستمراً على هذه الزيارة وعمري خمس سنوات إلى أن صار عمري عشر سنوات، أو إحدى عشرة سنة، كل أسبوع زيارة -كأنها عبادة- إلى هذا الدكتور يدفع رأسي دفعاً عليه لكي أقبل يده.

    ثم بعد ذلك كان الوالد على ما هو عليه يسخر من المتدينين، فلما هداني الله إلى الدين والإيمان وأعفيت لحيتي بدأ يسخر ويستهزئ من اللحية، فقلت: مستحيل أنني أنزع صورة ذلك الملا من رأسه، وصورة هذا الدكتور من رأسه، إلا أنني كنت أحسن المعاملة معه أكثر من الدكتور هذا، وبدون هذه الطريقة ما أستطيع أن أنزع هذه الفكرة من رأسه، وكنت أنتظر الفرصة بعد الفرصة أن الله يهيئ لي الظرف لأن أستطيع أن أغلب جميل ذلك الدكتور النصراني المبشر، حتى يعود والدي يحب الدين مرة ثانية، ويحب الإسلام مرة ثانية، ويعود إلى فعل الخيرات، والوالد رحمة الله عليه كان سمحاً وكريماً وجواداً لا يبالي، ينفق إنفاق من لا يخاف الفقر، ومع هذا ظلت عقدة الملا في جانب وعقدة الدكتور المبشر في جانب، إلى أن قدر الله سبحانه وتعالى ومرض الوالد مرضاً عضالاً، بحيث أنه أصبح طريح الفراش في المستشفي تأتيه قضاء الحاجة فما يستطيع النهوض إلى الحمام، وأكون أنا في الليل والنهار بجواره، فقلت: هذه فرصة لا تقدر بثمن، فلما كنت بجواره كان رحمة الله عليه يتفنن في مطالبه، حتى يرى أني أنا أبره أو ما أبره، فمثلاً: الساعة الثانية عشرة بالليل كان يقول لي: يا بني اذهب فائتني (بالرقية) -البطيخ- في وقت الرقي ليس موجوداً، فأذهب أبحث في السوق وأذهب إلى الأماكن التي يباع فيها الفواكه في غير مواسمها، إلى أن ييسر الله سبحانه وتعالى (رقية) الساعة الثانية عشرة من الليل، فأذهب أقدمها وأفتحها له، ولا يأكلها وإنما مجرد أنه يأمر أمراً وأنا أطيع، فإذا جاء يقضي الحاجة لا يستطيع أن يقوم فهو مريض، فأضع يدي تحت مقعدته حتى يقضي حاجته في يدي، وينتهي ويتبول في يدي، وأظل أنا واضعاً يدي إلى أن يقضي حاجته، وهو يتعجب من هذا السلوك، ويتعجب من هذا التصرف، فإذا انتهى حملت يدي ودخلت إلى الحمام، ونظفت نفسي، وقد تتكرر هذه الحادثة بسبب المرض كل عشر دقائق مرة، فأنا كل عشر دقائق أضع يدي فجأة وما يمكنني أنني أحمله إلى الحمام، فلما رأى هذا التصرف يتكرر مني مرة أو مرتين، أخذ يبكي، وهذا البكاء كان فاتحة إيمان في قلبه، فقال: الحقيقة أنا ما عرفت قيمتك، وكل هؤلاء الشباب المتدينين مثلك بالشكل هذا؟

    قلت: أحسن مني، ولكن أنت ما تعرفهم، وفعلاً بدءوا يزورونه ويسلمون عليه، وبدأ يصلي ويصوم ويحب الدين، ويذكر الله ولا يبعد عن لسانه: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أشهد أن الله حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الموت حق، وأن القيامة حق، وأن الساعة لا ريب فيها، وأن محمداً خاتم النبيين والمرسلين، وأسبغ الله عليه هذا الدين، قلت: سبحان الله! حقيقة أن الدين هو المعاملة.

    أيها الأخوة! انظروا أثر زيارة لمبشر نصراني على مسلم كيف حوله بهذه الزيارة تلك التحويلة الرهيبة، وانظروا تلك الزيارة التي قام بها الملا سامحه الله وعفا عنه، حتى حولت الوالد تلك التحويلة!

    إذاً: عندما نقول: إن الدين المعاملة، أو نقول: بأن هذا مركز إرسالي تبشيري، فهذه حقيقة، هذه تجربة أنا خضتها شخصياً مع والدي، وما أدري كم شخصاً من الناس وقع له مثل هذا الموقف؛ فكم من إنسان الآن لا يصلي بسبب أمثال هذه المواقف ولا حول ولا قوة إلا بالله! فتن الناس في دينهم!

    لهذا أيها الأحبة: كنت بين الحين والآخر ألتقط مثل هذه الأخبار عن مثل هذه الإرساليات، وقد رحم الله دولة الكويت؛ لأنها قريبة من أرض نجد، من الدعوة الوهابية التي قام بها محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، وهذه دعوة التوحيد العالمية التي جاء بها محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه حفظت الكويت من الشرك، ومن القبور، وحفظت الكويت من البدع وسؤال غير الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم قريبون من أهل نجد، يأتوننا ونأتيهم، ويزوروننا ونزورهم، فكان لهذا أثر، لهذا أنتم ترون العراق مملوءة قبوراً وأضرحة، وكثير من الدول المحيطة بنا فيها قبور وأضرحة إلا الكويت بفضل الله ورحمته، فهذا الشعب نشأ على التوحيد لا يشرك بالله شيئاً، حتى أن فيلكا فيها حجر يقال: بأنه وطأه الخضر، وكان الناس يذبحون له ويزورونه ... ويضعون فيه حناء ومسكاً إلى أن قام الأخ الفاضل: أحمد الحصين، متعنا الله ببقائه ونفعنا الله بعلمه، وأخرج ترخيصاً من البلدية بهدمة، وذهبت الجرافات يسوقها رجل ياباني من أجل أن لا يقولوا: والله خاف المسلم يعتقد أن هذا ينفع أو يضر، ونسف هذا الصنم في البحر وتخلصت الكويت من مظاهر البدع والشرك والعياذ بالله.

    الشاهد: أن هذا المستشفى -لا أدري هل من بينكم من شاهد هذا المشهد أو ما شاهده- كان يوجد فيه مضمدة ومضمد، يجمعون البدو والأميين بين الحين والآخر، لعلها مرة في الأسبوع على ما أذكر، ما كانوا يوزعون عليهم كتباً؛ لأن طبيعة الشعب عامي لا يعرف أن يقرأ ولا يكتب، لكن كانوا يبثون الفكر النصراني من خلال المواقف، فأذكر مرة أن أناساً يريدون أن يتعالجوا، وكان البدو عيب عندهم أن يأتي أحدهم يتعالج عند الطبيب، لكن لما اشتدت عليهم الأمراض وضيقت عليهم، سوء تغذية، وأمراض، بدأ الرجال يأتون المستشفى، وكان المستشفى يتفنن في توزيع الحبوب والعلاجات، وكان (الأسبرين) يصبغ بلون أحمر أو أزرق أو أصفر؛ لأن الأبيض هذا ليس له قيمة لا بد يكون له ذوق معين، وأحسن شيء إذا كانت هناك إبرة، فلهذا ظلوا بهذا الأسلوب يكسبون الناس إلى أن تجرأ البدو قليلاً وأتوا بحريمهم، فقليلاً قليلاً إلى أن أصبحوا يجتمعون لكثرتهم يملئون الدور، فأصبح الجو مناسباً للتبشير، فكانت تخرج عليهم هذه الدكتورة وتقول لهم: الآن عيسى اليسوع، المسيح ابن الله سيظهر علينا، بعد ما نطفئ الأضواء سيظهر من هنا نور يمر من هذه القاعة ومن هذا الممر، وبعد ذلك إذا مر، قولوا: يا يسوع! يا ابن الله! أعطنا خبزنا أعطنا رزقنا، تقدس اسمك إلهنا وأبانا الذي في السماء، فالناس مساكين لا يدرون ما الذي تقول؛ لأنهم يريدون أن يتعالجوا، فجلسوا وبعد ذلك أطفأت الأضواء عند المغرب، وإذا بها تقول: أتى يمر، وهم يقولون: مر المسيح، لا إله إلا الله اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، ما شاء الله مر، قالت: مر، لا إله إلا الله، فلما تكرر مثل هذا الحادث، مرة ومرتين وثلاث، لا توجد فائدة، أي: زادوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللهم صلِّ على محمد، فتركوا هذا الأسلوب، وبدءوا يبحثون عن أسلوب أمكر وأخبث، ولكن الله سبحانه وتعالى حفظ هذا البلد بكثرة المحسنين فيه، وبصدق نيات أهله، وبكثرة تعاطفهم وتآلفهم وتناصرهم، وبوجود التوحيد، التوحيد له بركة، التوحيد في هذا البلد أصيل لهذا كانت له بركة، حفظ الله سبحانه وتعالى هذا البلد من مثل هذه الإرساليات، ولكن المدارس الخاصة الموجودة الآن لها دور أفتك من دور المستشفى، ولهذا باسمي وباسمكم وبكل اسم غيور أطالب بهدم هذا الصرح التبشيري الذي كان سبباً في ضلال والدي فهداه الله بعد محاولات مستميتة، ولا أدري من أضل بعد ذلك ذلك المستشفى، أسأل الله أن ييسر هدمه وإزاحته، وأسأل الله أن يعمر بيوته بالعامرين الشاكرين، كما أسأله أن يهدم الكنيسة ويزيلها عن أكبادنا وقلوبنا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ) والكويت من جزيرة العرب .

    هذه مقدمة أدعم بها هذا المنشور، مع أني لا أدري من نشره، ولكنني أدعم هذا المنشور بهذه الحادثة، وهي سر من أسرار حياتي لا يعلمها أحد، ولكن في سبيل الله أكشف هذا الأمر حتى أبين خطورة مثل هذه الإرساليات، وأسأل الله أن يغفر لنا ولكم ولأمواتنا وأموات المسلمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089178645

    عدد مرات الحفظ

    782470458