إسلام ويب

الركون إلى الدنياللشيخ : سعد البريك

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الدنيا مزرعة الآخرة، ولقد أمرنا الله ألا نركن إلى هذه الدنيا، فإنما هي متاع، والآخرة هي دار البقاء والقرار، كما حثنا على التزود من الطاعات والأعمال الصالحة، وتحيُّن أوقات مضاعفة الثواب والأجر، وقد بيّن لنا أن من هذه الأوقات شهر رمضان، بما فيه من صيام وقيام وذكر وتلاوة للقرآن، عن هذه الغنائم كان محور خطبة الشيخ وكلامه.

    1.   

    حالة العبد في الحياة الدنيا

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى أزواجه وصحبه، ومن اتبع سنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، فهي وصية الله لكم ولمن كان قبلكم: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131] ويقول جل من قائلٍ عليماً: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

    عباد الله: اعلموا رحمكم الله أن الشهور والأعوام والليالي والأيام كلها مواقيت الأعمال ومقادير الآجال، تمضي سريعاً وتنقضي جميعاً، والذي أوجدها وخص مواسمها بالفضائل، واحدٌ أحدٌ فردٌ صمد، هو الله سبحانه وتعالى الذي أوجب في كل يومٍ من الأيام وظيفةً من وظائف طاعاته، ولطيفةً من لطائف رحمته ونفحاته، ويوفق لاغتنامها كل كيسٍ فطن، ويغفل عنها كل محرومٍ شقي.

    أيها الأحباب في الله: إن كل شهرٍ يستهله الإنسان يدنيه من أجله، ويقربه إلى آخرته، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، وشرار الناس من طال عمره وساء عمله، فما بين العبد والانتقال إلى دار المثوبة على الإحسان أو العقوبة على العصيان إلا أن يقال فلانٌ مات وانتقل، وولى ورحل، وهل هذه الدنيا إلا طريق العبور بعد الابتلاء والامتحان إلى دار القرار بعد الممات: يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر:39-40].

    فتأملوا واعتبروا كيف سمى الله هذه الدنيا متاعاً، وهو ما يتمتع به صاحبه برهة ثم ينقطع عنه، أو ما يتزود به المسافر حال ضعنه إلى أن يصل دار إقامته واستقراره، فهل ترضون يا عباد الله! بالقليل من الدنيا نصيباً لكم في الآخرة؟ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38] وما هو متاع الدنيا؟ إنه صفوٌ بعده الكدر، واجتماع بعده الفراق، ولذةٌ سرعان ما تزول، تقلبٌ بين الفقر والغنى، بين العز والذل، بين الصحة والمرض، وختام ذلك كله دار الضيق التي لا أنيس فيها ولا صديق، إنها القبور، أعاذنا الله وإياكم من وحشتها، وجعلها علينا وعليكم روضةً من رياض الجنان، وباباً إلى رحمة الكريم المنان.

    حال أهل الدنيا في الآخرة

    عباد الله: انظروا إلى حال من جمعوا في هذه الدنيا بين لذيذ المآكل والمشارب، وأرقى المساكن والمراكب، وغفلوا عن حظهم في الآخرة، أترون ما هم فيه يعدل ذرةً من نعيم الآخرة، إن أردتم حقيقة ذلك، وحقيقة ما هم فيه، فاسمعوا وأنصتوا إلى حالهم ومآلهم: حيث يؤتى يوم القيامة بأطول الناس أعماراً في الدنيا من المترفين التاركين للطاعات المرتكبين للمنكرات، فيصبغ أحدهم في النار صبغة، ثم يقال له: هل رأيت في الدنيا خيراً قط، هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا يا رب! ما مر بي نعيمٌ ولا رأيت خيراً قط، فينسى نعيم الدنيا عند أول مسٍ من العذاب، يقال له: كم لبثت في الدنيا؟ يقول: لبثت يوماً أو بعض يوم، يقال له: بئس ما اتجرت في يومٍ أو بعض يوم.

    هؤلاء الذين صرفوا عقولهم وأعمالهم للعمل في دنياهم، واتباع شهوات البطون والفروج، وتركوا فرائض ربهم، ونسوا أمر الآخرة، ولم يزل ذلك دأبهم حتى خرجوا من الدنيا مذمومين مدحورين، مفلسين من الحسنات والأعمال الصالحات، قد تكالبت عليهم سكرات الموت وحسرات الفوز، وهول المطلع، وملائكة العذاب، فيندم أحدهم على تفريطه حين لا ينفع الندم: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:24-26] خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.

    الإقبال على الموت والتزود للآخرة

    معاشر المؤمنين! ما قيمة العمر، وما لذة الحياة إن لم تنل النفوس نصيبها وافراً من طاعة الله، والصلة به، والانكسار بين يديه، والبكاء من خشيته، واللجوء إلى جنابه، ومجالسة أوليائه وأحبابه، فإن خلت الحياة من هذا فلا مرحباً بطول العمر، ويا حبذا الموت قبل الغفلة والوقوع في المعاصي.

    لما حضرت معاذ بن جبل الوفاة وكان صائماً قال لجاريته: انظري هل غربت الشمس؟ فلما أخبرته أنها قد غربت تناول شيئاً يسيراً أفطر عليه، ثم قال: [مرحباً بالموت، مرحباً بحبيب جاء على فاقة] لا أفلح والله من ندم على الدنيا.

    يقول معاذ بن جبل : [اللهم إنك تعلم أني لم أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، وإنما أحببت البقاء فيها لقيام الليل وصيام النهار، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر، آهٍ إلى ذلك] ثم مضى وفاضت روحه رضي الله عنه.

    عباد الله: إن هذا الموت الذي نخافه، ونفزع منه، ليس هو الفناء الأبدي، ولكنه الانتقال من النعيم الشقاء العاجل الزائل إلى دار الخلود في النعيم أو العذاب المقيم، فما خلقت يا عبد الله! إلا لعبادة ربك، وما سخر لك ما فيها إلا لنفس الغاية التي من أجلها وجدت: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] ولا تنسى قول رب العالمين: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فالدنيا دار الابتلاء والامتحان، دار الزراعة والبذر، حفت بالنكد والأكدار، والشرور والأضرار، حلالها حساب، وحرامها عقاب، فلا عيش والله إلا عيش الآخرة، يوم يقول المؤمنون في جنة ربهم: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ [فاطر:34-35]. اللهم اجعلنا ممن يقولها في دار النعيم، اللهم اجعلنا ممن يقولها في دار الخلود، برحمتك يا أرحم الراحمين.

    فما دارنا هذه بدار إقامةٍ     ولكنها دار ابتلا وتزود

    أمَا جاءنا من ربنـا وتـزودوا     فما عذر من وافاه غير مزود

    ينادي لسان الحال جدوا لترحلوا     عن المنزل الغث الكثير التنكد

    أتاك نذير الشيب بالسقم مخبراً     بأنك تتلو القوم في اليوم أو غد

    عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعظ رجلاً ويقول: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبلك هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، فما بعد الدنيا من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار).

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    حال الناس مع رمضان

    الحمد لله الواحد بلا شريك، والعزيز بلا نصير، والقوي العليم بلا ظهير، أحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، هو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الند، وعن الشبيه، وعن المثيل، وعن النظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

    عباد الله! بعد أيامٍ قليلة نستقبل شهراً كريماً، وموسماً رابحاً، طوبى لمن شمر واستعد، طوبى لمن اجتهد وجد، فإنه موسمٌ عظيم، يا حسرة المغبون والمحروم من خيره، ويا مصيبة الغافل من اغتنام فرصه، وهنيئاً للمجدين المشمرين المستعدين للعبادة فيه.

    عباد الله: أقبل هذا الشهر الكريم والناس تجاهه على ثلاثة أصناف؛ طائفة من الناس يسألون الله بلوغه وتمامه، يسألون الله الإعانة على صيامه وقيامه، والقبول في كل عملٍ فيه، يسألون الله المضاعفة والمغفرة والرحمة، وأن يمضي الشهر عليهم بأوفر نصيب وأطيب حظ، وأولئك الذين تمنوا هذا الشهر واستعدوا له، منهم من حرص على جمع شرف المكان والزمان، فرغب أن يصومه في مكة المكرمة، ليجمع بذلك بين شرف الزمان في رمضان، وشرف المكان في مكة ، وشرف الصلاة في المسجد الحرام، الصلاة الواحدة فيه بمائة ألف صلاة، فهنيئاً لأولئك، نسأل الله جل وعلا أن يجعل نياتنا وإياهم خالصةً لوجهه.

    وطائفة من الناس استعدوا لهذا الشهر بالمأكل والمشرب، وطول النوم والكسل، والتهاون عن الصلاة في النهار بحجة أنهم صائمون، ولا نصيب لأولئك أن غفلوا عن الصلاة وهم صيام، بل الذي ينبغي لهم أن يحتسبوا وأن يدركوا أنه موسمٌ عظيم، ما هو بموسم أكلٍ ولا شرب، وإنما هو موسم صومٍ وإمساك حسيٍ ومعنوي، إنما هو موسم صلاح وعبادةٍ وتوبةٍ صادقة، إمساكٌ عن المحرمات، وعن الغيبة والنميمة، وعن الملهيات، والمصائب والمشغلات، إمساكٌ عن كل ما يغضب الله، والتفاتٌ إلى العبادة والطاعة.

    وطائفة ثالثة من الناس يعدون الأهبة للهروب من هذا الشهر على شواطئ البلاد الأوروبية بعيداً عن فريضة الصيام، وبعيداً عن هذه الفريضة المباركة، فيا حسرتهم ويا ويلهم، ولا تقولوا: هذه مبالغة، بل إن من الناس من يفر إلى ذلك هرباً من الصوم، لما قيل لأحدهم عياذاً بالله من حاله: قد أقبل شهر رمضان، قال: لأشتتن شمله في الأسفار، أي: يسافر من هنا إلى هنا، ليترخص بذلك في الفطر، وليتهاون بذلك في العبادة، فهذا على خطرٍ عظيم إن مات على ذلك، نسأل الله جل وعلا أن يبلغنا وإياكم هذا الشهر على أحسن حال من الصحة والعافية، والتوبة الصادقة النصوح.

    1.   

    رمضان موسم العبادة والتزود بالأعمال الصالحة

    معاشر المؤمنين: استعدوا لهذا الشهر، واجتهدوا واعزموا على العمل الصالح فيه، فإنه موسمٌ من مواسم الجنة، موسمٌ من مواسم التجارة الرابحة، يقول ابن قيم الجوزية : يا سلعة الرحمن -يريد الجنة-

    يا سلعة الرحمن سوقكِ كاسدٌ     فلقد عرضتِ بأيسر الأثمان

    يا سلعة الرحمن ليس ينالها     في الألف إلا واحدٌ لا اثنان

    يا سلعة الرحمن كيف تصبّر     الخطاب عنك وهم ذوو إيمان

    ولا عجب يا عباد الله! أن يغفل الغافلون وهم يجهلون سلعة الرحمن، وهم يجهلون عذاب الله، ما داموا يجهلون الوعد والوعيد، والعقوبة والنعيم، ما داموا في غفلةٍ وجهلٍ عن ذلك، فلا غرابة أن تكون السلعة بين أيديهم ثمينة، ولا يشترونها بأيسر الأثمان، إلى أن قال رحمه الله:

    شمسٌ لعنينٍ تزف إليه ما     ذا حيلة العنين في الغشيان

    خوذٌ تزف إلى ضـريرٍ مقعـدٍ     يا محنة الحسناء بالعميان

    الذين لا يعرفون الجد والتشمير في هذه الدنيا، وأنها موسم العبادة والزرع، وأن التحصيل غداً، هم الذين يغفلون ويجهلون عن ذلك، فاجتهدوا وأعدوا واستعدوا لهذا الموسم المبارك؛ من الأعمال الصالحة، والتوبة الصادقة النصوح، والبذل في جميع وجوه البر والخير، بالنفقة والصدقة على المساكين والأقارب، والعناية ببيوت الله جل وعلا، والالتفات إلى مصالح المسلمين فيها، فإن من قدم خيراً يكون منفعته لجمعٍ من المسلمين، فإن أجره يعظم ومثوبته تزداد بقدر ما زاد، وبقدر ما بذل في هذا الأمر الذي نفعه ومصلحته عائدةٌ إلى جمعٍ كبير من المسلمين، ألا وإن من ذلك العناية بالمساجد، والالتفات إليها، وفعل كل ما يصلح شأنها، وفعل كل ما يريح المصلين فيها ويجعلهم يأنسون ويرغبون ويطمئنون للجلوس فيها، متقلبين بين ذكر الله، وتلاوة القرآن، والعكوف فيه، فهذا من أعظم الأعمال. نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من المحسنين، وأن يجعلنا وإياكم من التائبين التوبة الصادقة النصوح.

    اللهم تقبل منا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم ما سألناك فأعطنا، وما لم نسألك فابتدأنا.

    اللهم يا مفرج هم المكروبين! يا نصير المستضعفين! يا إله الأولين والآخرين! نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وباسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن تجعلنا من التائبين الذين تتوب عليهم بقدوم هذا الشهر المبارك برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا مأسوراً إلا فككت أسره، بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين!

    اللهم اجعل لنا من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل بلوىً عافية، ومن كل فاحشةٍ أمناً، ومن كل فتنةٍ عصمة، اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم انصرهم بالإسلام، وانصر الإسلام بهم، اللهم ارفعهم بكتابك وسنة نبيك، اللهم ما علمت في أحدٍ خيراً لهم فقربه منهم، وما علمت في أحدٍ شراً لهم فأبعده عنهم، وأرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم من أراد بهم سوءاً وأراد بعلمائنا فتنة، وأراد بشبابنا ضلالاً، وأراد بنسائنا تبرجاً وسفوراً، اللهم فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، وأدر عليه دائرة السوء، اللهم أذهب سمعه وعقله وبصره، اللهم من أراد بهم سوءاً فمزق شمله، اللهم ففرق جمعه، اللهم من أراد بهم سوءاً اللهم أحصهم عدداً وأهلكهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً، بقدرتك يا جبار السماوات والأرض.

    اللهم اجعلنا على حوض نبيك من الواردين، ولكأسه من الشاربين، وعلى الصراط من العابرين، وبيض وجوهنا يوم تسود وجوه الكفرة والمجرمين، وآتنا صحفنا باليمين، واجعلنا مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، بمنك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين!

    إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، نبيك محمدٍ وعلى آله وأزواجه وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية العشرة وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

    إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755942776