إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (370)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الدمام باعثها مستمع رمز إلى اسمه بالحروف (ن. م. ع) أخونا له سؤال يقول فيه: هل الذي يذنب ذنباً ثم يتوب ثم يرجع في الذنب مرة أخرى وذلك أكثر من مرة، ثم تاب توبة صالحة خالصة لله ولم يعد في ذلك، هل يقبل الله توبته، وماذا عليه أن يفعل حتى يكفر ما كان منه، وخصوصاً إذا كان ذلك الذنب كبيراً، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الله عز وجل من لطفه ورحمته وإحسانه أمر بالتوبة ووعد قبولها سبحانه وتعالى من جميع الذنوب ولو عظمت، وأعظمها الشرك، فمن تاب إلى الله من ذنبه توبة صادقة، مشتملة على شروطها تاب الله عليه، قال الله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] فأخبر سبحانه أن التائب مفلح، وقال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25]، سبحانه وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (التوبة تهدم ما كان قبلها)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فإذا تاب الإنسان من ذنبه توبة صادقة، تشتمل على الندم على ما مضى منه، والإقلاع من ذلك، والعزم على أن لا يعود عزماً صادقاً، عن تعظيم لله، وإخلاص له ورغبة فيما عنده، وخوفاً من عقابه، فإن الله يتوب عليه، ويعفو عنه ذلك الذنب، ولو عاد إليه بعد ذلك، فإنه متى عاد يؤخذ بالذنب الجديد، وهكذا كلما تاب تاب الله عليه، ولو تكرر ذلك، إذا كانت التوبة صادقة، خالصة لله عز وجل، مشتملة على شروطها من الندم على الماضي والإقلاع منه، وتركه خوفاً من الله وتعظيماً له، والعزم الصادق أن لا يعود فيه، فإن الله يتوب عليه سبحانه وتعالى، وهكذا الذنب الثاني والثالث، وهكذا كلما تاب تاب الله عليه، وإذا أتبع ذلك بالعمل الصالح، والاجتهاد في الخير أبدل الله سيئاته حسنات، فضلاً منه وإحساناً كما قال سبحانه في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].

    فبين سبحانه أن المشرك إذا تاب، والقاتل والزاني، إذا تابوا ثم أتبعوا التوبة بالعمل الصالح من الاجتهاد في الخير، والطاعات، فإن الله سبحانه يقبل منهم، ويبدل سيئاتهم حسنات، كل سيئة يكون مكانها حسنة، مع التوبة، مع العفو عما مضى، وهذا من جوده وكرمه سبحانه وتعالى.

    فالوصية لجميع المؤمنين البدار بالتوبة الصادقة، والإقلاع من الذنوب خوفاً من الله وتعظيماً له، والندم على الماضي منها، مع العزم الصادق ألا يعود فيها، لكن إذا كانت التوبة تتعلق بحق آدمي، فلا بد من إعطائه حقه.

    شرط رابع: لابد أن يعطى الآدمي حقه، أو يستحل، فإن أعطيته حقه، أو سامحك، انتهى الأمر والحمد لله، فلابد من إعطاء الناس حقوقهم من مال، أو دم أو عرض، أو سماحهم إذا سمحوا فالحمد لله، لكن العرض يعني الغيبة، إذا كنت تخشى من اخباره بذلك، فإنك تذكره بالخير الذي تعلمه منه، في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، التي اغتبته فيها، تذكره بالخير الذي تعلمه، تذكره بخصاله الحميدة، وأعماله الطيبة من غير كذب، فيكون هذا تكفيراً لهذا، فإذا كنت لا تستطيع إخباره بما فعلت أو تخشى إذا أخبرته أن يزيد الشر، فإن الله جل وعلا يعفو عنك إذا صدقت في التوبة، وذكرته بأعماله الطيبة التي تعلمها عنه في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، والله المستعان.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088792964

    عدد مرات الحفظ

    779079832