إسلام ويب

تفسير سورة الأحزاب [45 - 46]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • النبي صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، به انقشع ظلام الكفر والغواية، وولى غبار الجاهلية الجهلاء، ابتعثه الله ليكون داعياً إلى توحيد الله، وليكون شاهداً على جميع أفراد الأمة ومبشراً ونذيراً، وليكون سراجاً منيراً يضيء الله به العقول والقلوب، وتحيا به الأفئدة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً)

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46].

    يقول الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ [الأحزاب:45] فالله الذي أرسله صلوات الله وسلامه عليه وليس أحداً غيره.

    وعبر بنون العظمة بياناً لعظمة الرب سبحانه: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ [الأحزاب:45] فالإرسال من الله العظيم سبحانه أرسل نبيه صلى الله عليه وسلم برسالة يبلغها؛ ليكون على الخلق شاهداً ومبشراً ونذيراً.

    وقد أرسل لهذه الوظيفة وهي تبليغ رسالة الله تبارك وتعالى، وأن يكون شاهداً على هذه الأمة، وأن يبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بأن لهم أجراً حسناً، وأن ينذر الكفار الذين يعصون الله سبحانه من عذاب الله ومن عذاب النار، فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب:45] فهو الشاهد والمبشر والمنذر عليه الصلاة والسلام.

    وذكر عليه الصلاة والسلام في الحديث قال: (لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب) صلوات الله وسلامه عليه، فهو العاقب آخر الأنبياء ولا نبي بعده صلوات الله وسلامه عليه.

    وهو نبي التوبة، وهو نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، فالله حين يذكر أنه الشاهد وأنه المبشر وأنه النذير يبين لنا وظيفته، فلما بلغ الأمة رسالة ربه صلوات الله وسلامه عليه قبضه ربه بعد ذلك ولم يستمتع من الدنيا بشيء.

    فقد بدأ الإسلام بالنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وبدأ الإسلام غريباً، فدعا وحده، وأوذي وحده صلوات الله وسلامه عليه حتى دخل الناس في دين الله وأوذوا معه صلوات الله وسلامه عليه، ثم نصر الله عز وجل دينه، ونشر هذا الدين العظيم فدخل الناس في دين الله أفواجاً، وبدأت الفتوح من الله عز وجل يفتح للمؤمنين، وبدءوا يرون زهرة الحياة الدنيا ولم يكن هذا للنبي صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67].

    فبلغ رسالة الله تبارك وتعالى وقال له: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب:45] أي لتشهد على هذه الأمة، ومبشراً للمؤمنين، ونذيراً للكفار وللعصاة.

    فلما بلغ رسالة الله صلوات الله وسلامه عليه وبشر المؤمنين وأنذر الكافرين قبض صلوات الله وسلامه عليه بعدما أشهد الناس على أنفسهم وقال لهم: (ألا هل بلغت؟) فأجاب الجميع أنه قد بلغ وشهدوا له، قال: (اللهم فاشهد). صلوات الله وسلامه عليه.

    فهو شاهد يشهد على هذه الأمة، ويشهد على الأمم جميعها، وقال الله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء:41].

    فيوم القيامة يؤتى من كل أمة بشهيد، والشهيد هو نبي كل أمة فيؤتى به يوم القيامة ويسأل: هل بلغت؟ فيقول: بلغت. وتسأل الأمة فتكذب نبيها ويقولون: لا، لم يبلغنا. فيقال للأنبياء: من يشهد لكم؟ فيقولون: أمة محمد صلوات الله وسلامه عليه، فتشهد أمتنا للأنبياء أنهم بلغوا رسالة الله سبحانه، وأمتنا لم تر هؤلاء الأنبياء، ولكن الله أخبرنا بالخبر الصدق في كتابه الكريم سبحانه، فنخبر ونشهد تصديقاً لما قاله الله سبحانه يوم القيامة، فالله عز وجل يشهد على هذه الأمة النبي صلوات الله وسلامه عليه ويقول: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء:41] فهو شهيد على هذه الأمة وعلى غيرها من الأمم عليه الصلاة والسلام.

    وهو المبشر صلوات الله وسلامه عليه للمؤمنين، والبشارة: هي الإخبار بخبر سار، وهذا الغالب في البشارة، وقد تأتي كلمة البشارة بالخبر الضار الغير سار مثل قوله سبحانه: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21] وهذا لأهل النار، ولكن هذا يكون بقيود، فالغالب في البشارة أنها في الشيء الذي يسر الإنسان أن يسمعه، فقال الله عز وجل: وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الأحزاب:45] أي: مبشراً للمؤمنين، فيبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، ويبشرهم بالنعيم المقيم، ويبشرهم ربهم بمغفرة منه وفضل ورحمة وجنات لهم فيها نعيم مقيم.

    ونذيراً للعصاة، أي يخبر بالذي سيضرهم جزاء بما فعلوا.

    فالبشارة يخبر بالذي يسرهم على ما صنعوا، والنذارة عكسها، فأنذرهم النبي صلوات الله وسلامه عليه من عذاب الله، ومن جهنم والعياذ بالله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً)

    قال: وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ [الأحزاب:46] فهو أول المسلمين عليه الصلاة والسلام في هذه الأمة، وهو الداعي إلى ربه تبارك وتعالى، فقد دعا الناس آحاداً وجماعات، دعا إلى الله عز وجل ليلاً ونهاراً، دعا وجاهد في سبيل الله حق جهاده فقال له ربه سبحانه: وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ [الأحزاب:46].

    وذكر فضله سبحانه أنه داع إلى الله بإذن الله، قد أذن له بالدعوة إليه، وقد أعانه ووفقه، فالفضل من الله سبحانه تبارك وتعالى.

    قال تعالى: وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:46] فهو السراج المنير عليه الصلاة والسلام، والمصباح الذي يضيء، فالله عز وجل جعل القمر فيهن نوراً، والشمس سراجاً مضيئاً تضيء للخلق فيأتيهم النهار مع ضوء الشمس، والنبي صلى الله عليه وسلم السراج العظيم المنير الذي أضاء الله عز وجل به لهذه الأمة وللخلق جميعهم ظلمات الكفر والشك والضياع بنور الإيمان ونور اليقين به صلوات الله وسلامه عليه، فقال: وَسِرَاجًا [الأحزاب:46]، وأكد ذلك أنه مُنِيراً [الأحزاب:46].

    ولاحظ الفرق بين سراج مضيء وسراج منير، فالسراج المضيء الذي فيه وهج، والذي فيه لهب، والذي فيه نار فقد يحرق الإنسان الذي يقترب منه، ولكن النور فيه برودة وإنارة، فالإنسان يجد النور فيمشي، والقمر نور، والشمس سراج، والشمس تحرق وتلهب في الصيف، بينما الإنسان يمشي في نور القمر ولا يتأذى منه، فالنبي صلى الله عليه وسلم سراج وهاج منير عليه الصلاة والسلام، فالذي يكون معه صلوات الله وسلامه عليه يجد الطيب من النبي صلى الله عليه وسلم، والطيب من القول ومن الهدى من رحمة رب العالمين سبحانه بهذه الأمة.

    وهنا قد يقال: ذكر الله عز وجل أنه سراج والسراج العادة أنه يضيء فلم قال: وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:46]؟

    والجواب: أن هذا تأكيد من الله سبحانه وتعالى، وقد ينير السراج للإنسان فعلاً ولكن إنارة بسيطة، ونور خافت، فأكد الله عز وجل أن النبي عليه الصلاة والسلام السراج المنير أضاء الله عز وجل وأنار به الكون كله، وليس سراجاً فاتراً.

    ويأتي الأنبياء يوم القيامة إلى ربهم سبحانه والنبي قد دعا أمة ولم يستجب له أحد، ونبي استجاب له واحد، ونبي استجاب له عشرة، ونبي استجاب له أمة كبيرة، ونبينا صلى الله عليه وسلم أعظم الناس في قدر من استجاب له صلوات الله وسلامه عليه فهو السراج المنير العظيم عليه الصلاة والسلام.

    يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (لما نزلت: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً ومعاذاً فقال: انطلقا فبشرا ولا تعسرا. فإنه قد نزل علي الليلة آية، وذكر لهم هذه الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46]).

    فأمرهما أن يذهبا إلى اليمن ليبشرا الناس وقال: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا).

    فالداعي إلى الله سبحانه وتعالى يكون على الأمر الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فييسر للناس ولا يعسر عليهم.

    (بشرا ولا تنفرا)، التبشير بجنة الله سبحانه ومرضاة الله عمن يطيعه.

    (ولا تنفرا) الإنسان قد يدعو إلى الله سبحانه ولكنه شديد، وفي أسلوبه غلظة فينفر أكثر مما يدعو، وقد يقول النصيحة اثنان، فالذي يرفق بالناس يستجيبون له ويطيعونه، والذي يتشدد على الناس ويغلظ عليهم لا يستجيب له أحد، ويمكن أن يتعارك مع أحد المنصوحين أو يشتمه.

    فالإنسان الذي يدعو إلى الله عز وجل يكون رفيقاً بالناس رحيماً بهم، قال عليه الصلاة والسلام: (وإن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الشدة) ولكن الله يعطي فهذا قد يرفق بالناس فيستجيب الكثيرون، وهذا يغلظ مع الناس فلا يستجيب له أحد، مع أن هذا يدعو إلى الله وهذا يدعو إلى الله، وهذا مخلص وهذا مخلص، ولكن الفرق في الأسلوب في التعامل مع الخلق، فلذلك يتعلم الإنسان المؤمن من النبي صلى الله عليه وسلم حسن الخلق، ويتعلم منه الرفق، والتبشير والتيسير كما قال صلى الله عليه وسلم: (بشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا). فيبشر وييسر على الخلق حتى يستجيبوا لله سبحانه.

    الناصح في دعوته الخلق لابد أن يكون أهم شيء عنده أن يستجيب الذي ينصحه، وأن يخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان، ومن الضلالة والمعاصي إلى طاعة الله قال عليه الصلاة والسلام: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس).

    فالتيسير والتبشير من دين ربنا سبحانه الذي أمر به نبينا صلوات الله وسلامه عليه، قال له ربه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ [آل عمران:159] أي: بأي رحمة عظيمة من الله قد أعطاكها، برحمة عظيمة جليلة من الله جعلها في قلبك.

    فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159] وهذه الآية العظيمة التي في قرآننا نجد مثلها في التوراة وشهد بذلك من أسلم كـعبد الله بن سلام رضي الله عنه وكعب الأحبار فقالوا: في التوراة هذه الآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46] نبياً للأميين ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يدفع السيئة بالحسنة صلوات الله وسلامه عليه.

    شهد شاهد من أهلها، أهل التوراة كـكعب الأحبار وكـعبد الله بن سلام رضي الله تبارك وتعالى عنهما، فقد دخلا في الإسلام وكانا يهوديين، أما عبد الله بن سلام فتشرف بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى رؤيا أنه يمسك بعروة فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يتمسك بالإسلام حتى يموت عليه، فكانت بشارة من الله على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن سلام رضي الله عنه.

    وأما كعب الأحبار فلم ينل هذا الحظ العظيم؛ لأنه لم يسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أسلم في زمن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه، وكلاهما أخبر عن هذه الآية أنها في التوراة قرآها في التوراة وحفظاها بشارة بالنبي صلوات الله وسلامه عليه.

    يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ [الأحزاب:45] فذكر النبوة والرسالة، يا أيها المنبأ بأخبار من الغيب من الله سبحانه، يا أيها النبي الذي يوحى إليك بغيب من الله تبارك وتعالى إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ [الأحزاب:45] أي: جعلناك رسولاً لتبلغ رسالة من عندنا، وهو هذا القرآن العظيم والوحي من عند رب العالمين سبحانه، ومبشراً لمن آمن ومنذراً لمن كفر.

    وداعياً إلى الله بفضل الله فقد أذن لك بالدعوة إليه.

    وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:46] أي: نوراً عظيماً، مصباحاً تضيء للخلق وتنير لهم، فدلهم على كل خير حتى تغيظت اليهود من النبي صلوات الله وسلامه عليه من كثرة اهتمامه بأمته واهتمامه بتبليغهم كل شيء، حتى إن قائلهم ليقول للمسلمين: ما يفعل بكم هذا النبي عليه الصلاة والسلام؟ ما ترك من شيء إلا علمكم حتى الخراءة، يعني: أدب الخلاء، يعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت الخلاء تدخل برجلك اليسرى تقول: باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

    إذا خرجت قلت: غفرانك. إذا استنجيت فلا تستنج بيدك اليمنى ولكن بيدك اليسرى، وليكن ثلاثاً واستجمر وتراً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيتغيظ اليهود ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما حسدتكم اليهود على شيء كما حسدتكم على السلام، والتأمين خلف الإمام).

    فالنبي صلى الله عليه وسلم علمكم فليسلم بعضكم على بعض، كما أمر الله سبحانه وتعالى، بقوله: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61]. فعلمهم أن يقولوا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأن في كل كلمة من هذه الكلمات عشر حسنات، وعلمهم أن يسلم بعضهم على بعض حتى لو التقوا مراراً فليسلموا مراراً، فحسدتهم اليهود؛ لأنهم علموا أن السلام يزيد المحبة بين المؤمنين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

    وحسدوا المسلمين على التأمين خلف الإمام، والدعاء الذي يحصل عندما يقرأ المصلي الفاتحة يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، فيقول الله عز وجل: حمدني عبدي. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] فيقول: أثنى علي عبدي. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] فيقول: مجدني عبدي. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] يقول: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7] هذا طلب الإمام، فأما المأمومون فيقولون: آمين بمعنى: اللهم استجب، فالله يستجيب لعباده، ومن المستحيل أن يدعو كل هؤلاء المؤمنون في كل الأرض يقولون: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] ويؤمنون ويقولون: آمين ويكونون صادقين ثم يحرمهم الله سبحانه.

    نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755987483