إسلام ويب

كيف ندعو إلى الله ؟للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الدعوة إلى الله تعالى هي عبارة عن رد الشاردين من عبيد الله تعالى، ولهذا كانت الدعوة من الشرف بمكان؛ لأنها واسطة بين الله وعبيده، ومن هنا كانت الدعوة إلى الله فرض كفاية على الأمة المسلمة، وذلك بأن تسعى لإيجاد نخبة من الدعاة ممن تتوفر فيهم مواصفات من أهمها: العلم واليقين والإخلاص والحكمة وغيرها حتى نحقق محبة الله لنا بمحبتنا له ولدينه.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

    ثم أما بعد:

    أيها الأبناء والإخوان! أحييكم جميعاً بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    لقد اختار أحد الأبناء أن تكون الكلمة الليلة تحت عنوان: (كيف ندعو إلى الله؟) وأجبته إلى ذلك.

    الدعوة إلى الله عز وجل هي عبارة عن رد الشاردين من عبيده الآبقين عن طاعته إلى طاعة الله، فالله جل جلاله ربنا وسيدنا وولي نعمتنا وولي أمرنا، ونحن عبيده، فقد يأبق من يأبق منا، ويشكر من يشكر، لعوامل كثيرة، ومن أظهرها أن هناك عدواً لله، كاشف الله بالعداوة وصارحه بها، وأقسم بربنا أن يضل عبيده ويغويهم ما أمكنه الإضلال والإغواء، فلا يشعر عبد الله إلا وقد أسر وأخذ، فترك خدمة سيده، وأصبح يخدم عدوه، تمرد على طاعة مولاه، وأصبح عبداً طيعاً يعبد ويخدم عدو الله، فالوساطة في هذا الشأن من أفضل الأعمال، أن يراك ربك تتوسط بينه وبين عبيده الشاردين العاصين المتمردين فتردهم إليه واحداً واحداً وجماعة بعد أخرى.

    فلهذا شرف الدعوة إلى الله شرف عظيم.

    والحمد لله ما منا إلا وهو مدعو باسم الله إلى أن يسهم في هذه الدعوة وأن يضرب فيها بنصيب، وهذا كتاب الله، يقول عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فكل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فهو شافع لرسول الله، منتظم في سلك أمة رسول الله، وعليه أن ينهض بما يستطيع أن ينهض به في هذه الدعوة، وابدأ بنفسك ثم بمن تعول، فدعوة العبد لنفسه لتستقيم على طاعة الله، وتسير على منهاج هداه، هذا إسهام كبير يسهم به عبد الله في الدعوة إلى الله.

    الانتقال من نفسه إلى من حوله من ذويه وأقربائه كالزوجة والولد والأخ والأخت كذلك يكون قد أسهم بسهم كبير، وتمتد السلسلة إلى أن تصل إلى أبعاد وآفاق بعيدة، والداعي دائماً يشعر بأنه يقوم بخدمة مولاه، برد عبيده الشاردين عنه إليه، ويتقاضى على ذلك أجراً عظيماً.

    فأجر الدعوة إلى الله لا ينبغي أن يكون مالاً بيننا، ولا ينبغي أن يكون اكتساب شهرة فينا أو سمعة عندنا، أجر الداعي فوق ذلك؛ أجره عند الله، ولن يرضى الله عز وجل للدعاة أن يتقاضوا أجراً على دعوتهم إلى الله، والقرآن الكريم وآياته شاهدة: وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:109]، قالها نوح وقالها هود وقالها صالح وقالتها الأنبياء، وقالها وعني بها خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23].

    معشر الأبناء والإخوان! نلفت نظركم إلى هذه الحقيقة، وهي أن يكون عبد الله واسطة بينه وبين ربه وعبيده؛ لأن عبيد الله لا يسعدون ولا يكملون أبداً وهم آبقون شاردون من سيدهم؛ لا سعادة ولا كمال إلا في ساحة الله، فمن خرج عن ساحة الله وعاش بعيداً عن رضاه قد يصل بشقائه إلى أن يبلس ويصبح من المبلسين؛ أعداء الله عز وجل.

    ومن هذا لأن تتصدق بكلمة طيبة تجلب بها عبداً شارداً تكون كلمتك خيراً من إطعام جائع وبلا مماثلة، حقاً الجائع يطعم من أجل أن يعيش ليذكر الله ويشكره؛ ليحفظ حياته لله، ولكن النافر، الشارد، الآبق عن طاعة الله رده إلى الخدمة والمساعدة على الطاعة فيه حياته أكثر من حياة الطعام والشراب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088809039

    عدد مرات الحفظ

    779186785