إسلام ويب

فتاوى عن المرأةللشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد رفع الإسلام من مكانة المرأة، وحفظ لها حقها، ولم ينقصها من حقها شيئاً، سواءٌ أكانت أماً أم أختاً أم بنتاً أم زوجة أم غيرها، وجعل لها من الأجر والثواب كما للرجل إن أحسنت واتقت، وهي تجتمع مع الرجل في غالب الأحكام الشرعية، وتختص بأحكام شرعية قد بينها الله في كتابه وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته.

    1.   

    مكانة المرأة في الإسلام

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.

    أما بعد:

    فإن شريعة الإسلام شريعة واسعة، وشريعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، من الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، وقد ذكر الله تعالى في القرآن نساء الدنيا، وجعل لهن أحكاماً، وذكر ثوابهن في الآخرة كثواب المؤمنين من الرجال.

    وقد كانت المرأة قبل الإسلام لا قدر لها عند الجاهليين، بل كانوا يحتقرونها ولا يعطونها شيئاً من المال؛ لأنها في زعمهم لا تقاتل ولا ترد الأعداء ونحو ذلك، فجاء الإسلام وجعل لها حقاً، وجعل لها مالاً، وجعل لها ملكاً، وعلق بها أحكاماً كثيرة، وألزمها بعبادات كما ألزم الرجال بعبادات، وجعل لها من الأحكام مثل ما للرجال، وجعل النساء شقائق الرجال.

    ولا شك أنا بحاجة إلى معرفة تلك الأحكام، ولو كانت تختص بالنساء، كأحكام الحيض والنفاس، وما يتصل به مما تختص به المرأة، فالرجل بحاجة إلى معرفة ذلك؛ لأن لديه نساء من زوجات أو بنات أو أخوات أو محارم، فهو بحاجة إلى أن يعرف الأحكام التي تتعلق بالنساء حتى يعلم من تحت يده، وكذلك المرأة بحاجة إلى أن تعرف الأحكام التي تختص بالنساء، حتى تعرف كيف تعمل في تلك الأحكام. وقد استثنيت المرأة من بعض الأمور التي تختص بالرجال، وذلك لا شك أنه كرامة لها وحفاظ عليها، فثبت في الحديث أن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله! هل على النساء جهاد؟ فقال: عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة) فأسقط عنهن الجهاد الذي هو قتال الكفار، وجعل عليهن هذا الحج، حيث إنه جهاد للنفس، وقام مقام القتال، مع أنه إذا احتيج إلى المرأة فإنها تشارك في خدمة المجاهدين، فقد ثبت أن عائشة رضي الله عنها هي وامرأة من الأنصار في غزوة أحد كانتا تخدمان الغزاة، فكانتا تأتيان بالماء وتفرغاه في أفواه القوم الذين أصيبوا، وكل ذلك خدمة للمجاهدين، فيكون ذلك جهاداً، وهكذا كان بعض النساء تغزو مع المسلمين، ومنهن أم سليم أم أنس بن مالك وغيرها، كن يغزون فيداوين الجرحى، وينقلن المرضى، ويخدمن الغزاة، ويقمن بأي عمل يحتاجوا إليه، فكان ذلك مما دعت إليه الشريعة.

    حفظ الإسلام لكرامة المرأة وعرضها

    لقد جاءت الشريعة بحفظ كرامة المرأة وصيانتها، ومن صيانتها أن تقر في البيوت، وألا تبرز للرجال الأجانب، وأن تحتفظ بجمالها وبزينتها؛ ليكون ذلك أحفظ لها عن أن تمتد إليها الأنظار، وأن تطمع فيها النفوس المريضة، فحجاب المرأة وسترها وتسترها عن الرجال لا شك أنه كرامة لها، وليس كما يقول دعاة الضلال: إنه تحجر وتضييق على المرأة، وأن المرأة كالرجل، وأنها وأنها.. كما يهذي به هؤلاء الذين لهم أغراض نفسية، يريدون أن يشبعوا أغراضهم، ويريدون أن ينالوا مشتهياتهم، فلم يجدوا بداً من أن يتكلموا بهذا الكلام الدنيء الذي يحاولون به أن تبرز المرأة، وأن تخرج إلى جانب الرجل، وأن تشتغل معه سوياً، وهو غير محرم لها، وأن تبدي زينتها وجمالها ليتمتعوا بما يريدونه منها، هذه ادعاءاتهم كما يقول بعض المتأخرين:

    يرون أن تبرز الأنثى بزينتها وبيعها البضع تأجيلاً وتنقيدا

    يرون أنها حرة في نفسها، وأن لها أن تبذل نفسها لمن تريد بعوض أو بغير عوض، ولا شك أن هذا إهانة لها، وأن كرامتها في تطبيق الشريعة، والعمل بما جاءت به، وأن تقتصر على ما أمرها الله به، فما يتعلق بالتستر والتحجب قد بينته الشريعة، فأمر الله تعالى بتستر النساء، وأمر بغضهن للأبصار، فقال تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] لا شك أن هذا تعليم من الله تعالى للمرأة أن تحفظ زينتها، وألا تبديها ولا تبرزها لكل أحد، بل عليها أن تحفظ زينتها، وألا تبدي زينتها إلا لمحارمها وأهليها وأقاربها الذين حرمت عليهم، الذين هم أقارب لها ومحارم لها.

    كما أن من كرامتها ومن الحفاظ على صيانتها ألا تسافر إلا مع ذي محرم؛ وذلك لأن الأطماع تمتد إليها، فالنفوس الرديئة متى رأت المرأة متبرجة أو خالية فإنها قد تطمع فيها، حتى في الأماكن المقدسة، كما ذكروا أن امرأة من السلف كانت تطوف وحدها في البيت الحرام، فلما رآها أحد الفسقة جاء إليها، وصار يطوف إلى جانبها، ويعاكسها ويتكلم معها، وهي لا تصغي إليه، فلما كان في اليوم الثاني قالت لأخيها أو لأحد محارمها: هلم فطف معي حتى تريني المناسك، فلما رآها ذلك الفاجر تطوف ومعها محرمها ابتعد عنها، فقالت:

    تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي حرمة المستأسد الضاري

    تقول: إنه لما رآها خالية جاء إليها، وأخذ يغازلها، فلما رآها مع محرم ابتعد عنها، ومثلت ذلك بمن له غنم وعنده كلاب ضارية تحميها من الذئاب، فالذئاب إنما تعدو على الأغنام التي ليس عندها كلاب تحميها، وأما إذا كان عندها كلب مستأسد ضارٍ فإنه يذود تلك الذئاب ويبعدها ويحمي الغنم منها، فتمثلت بهذا المثل.

    وبكل حال فلا شك أن من حفظها ألا تسافر إلا مع ذي محرم وأن ذلك من كرامتها؛ وذلك لأن المحرم عنده غيرة على محارمه، وأنفة وحمية، فحتى لا يطمع فيهن طامع -لأنها قد تضعف عن مقاومة أولئك المعتدين- لا جرم أن الشرع اشترط لها هذه الشروط.

    وأما ما يتعلق بأحكامها الشرعية فلا شك أنها مثل الرجل في غالب الأحكام، فتجب عليها الصلاة كما تجب على الرجل، وكذا الطهارة بأنواعها، وتختص بأمور تتعلق بها كنجاسة دم الطمث ودم النفاس، وما يتعلق بذلك، وتختص أيضاً بأشياء تتعلق بالمناسك ككونها تلبس ما شاءت من اللباس، والرجل لا يلبس في الإحرام إلا إزاراً ورداءً، ويكشف رأسه، وذلك كله دليل على أن الشرع كما بين الأحكام التي تتعلق بالرجال فقد بين كذلك ما يتعلق بالنساء.

    حفظ الإسلام لحقوق المرأة في الآخرة

    وقد حفظ الإسلام حقوق المرأة في الأعمال الصالحة في الآخرة، فلما قالت عائشة : (يا رسول الله! لا أرى أن الله يذكر النساء! فأنزل الله آيات تتعلق بالنساء مع الرجال، مثل قول الله تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى [آل عمران:195]) فنص على الذكر والأنثى، وأن الله لا يضيع عمل عامل منهما.

    ومثل قول الله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ [الأحزاب:35] إلى آخر الآيات، حيث ذكر ثوابهم جميعاً بقوله: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] .

    ولما تمنت إحدى النساء أن تكون مثل الرجال فيما يكتسبون وفيما يعملون من الأعمال؛ أنزل الله قوله تعالى: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32] فلكل منهم نصيب مما اكتسب، ولا شك أنها تؤجر على نيتها، فإذا فاتها شيء من الأعمال التي يعملها الرجال، وهي تنوي أن تكون مثل الرجال في ذلك العمل؛ فلها نيتها، فإن الأعمال بالنيات.

    وقد سأل بعض السلف: هل للحائض والنفساء حظ في ليلة القدر إذا لم تتمكن من الصلاة فيها لحيضها؟ فقال: نعم، لها حظ منها بقدر النية إذا وافقت ليلة القدر وهي لا تقدر أن تصلي ولا أن تقرأ لهذا العذر، ولكنها تنوي وتعزم على المشاركة في الأعمال الصالحة بنيتها، وبما تقدر عليه من الذكر ومن الدعاء ونحو ذلك، فيكون لها نصيب مثل غيرها من المغفرة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .

    وبكل حال فالأحكام التي تتعلق بالمرأة ظاهرة ومشهورة، ونتوقف عند هذا، ونستقبل الأسئلة التي تختص بالنساء، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم اشتراط البلوغ لمحرم المرأة في السفر

    السؤال: تسأل بعض السائلات عن المحرم وتقول: هل يشترط فيه البلوغ أو التمييز، أفتونا مأجورين؟

    الجواب: المشهور أنه يشترط أن يكون المحرم في السفر بالغاً عاقلاً، ولكن كان هذا في الوقت الذي يطول فيه السفر، وتكون فيه الخلوة، كانت المرأة قديماً تسافر وتقطع المسافات الطويلة كعشرة أيام أو عشرين يوماً بين البلدين، وفي تلك الحال لا شك أنها تتعرض لقطاع الطرق، وتتعرض لمخاطر، وتتعرض لفلوات ومفازات طويلة، فيخاف عليها أن تضل، ويخاف عليها أيضاً أن يعتدى عليها إذا كانت خالية.

    ومع ذلك أجاز بعض العلماء إذا كان السفر قصيراً أن تسافر مع نسوة ثقات، وأجاز ذلك المالكية في الحج، مع أن السفر إلى الحج قد يستغرق أشهراً، وأغلبه في السفن، ولكن الجمهور على أنها إذا لم تجد محرماً في الحج فإنه يسقط عنها الحج.

    ولكن في هذه الأزمنة قربت المسافات، وقلت الأخطار، وكثر الأصحاب والمرافقون، وصار المسافرون أقرب إلى الأمان؛ فتساهل كثير من العلماء بالفتوى في ذلك، وأجازوا لها أن تسافر مسيرة ساعات مع صبي صغير ولو في العاشرة أو دونها إذا كان معها نسوة ثقات ورفقة مأمونون، سواء في الطائرة أو في السيارة، أجازوا ذلك من باب التسهيل على المسلمين؛ لأنها قد لا يتيسر لها أن تجد من يذهب بها، مثلاً تكون مضطرة إلى أن تسافر بالطائرة داخل المملكة ومعها نسوة ثقات، وكان محرمها قد أتى بها إلى المطار، والمحرم الثاني يتلقاها في المطار الآخر بعد الاتصال به، فإن هذا يتسامح فيه إذا كان هناك حاجة ماسة، فإن لم يكن هناك حاجة، أو استطاع المحرم أن يذهب معها؛ لزمه الذهاب معها.

    وأما السفر بالسيارات فإذا كانت المسافة ساعتين أو ثلاث ساعات أو نحوها، وكان معها نسوة ثقات، ومعها محرم لها دون البلوغ وفوق التمييز -أي: فوق السابعة-؛ فلعله أيضاً يكتفى بذلك؛ لقصر المسافة، ولأن الأحاديث التي وردت فيها ذكر اليوم كما في قوله: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم) والرواية الثانية: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين)، والرواية الثالثة: (مسيرة ليلة) فلما ذكر مسيرة يوم أو مسيرة ليلة أو يومين قدرت المسيرة باليوم، واكتفي في سفر نصف اليوم أو ثلث اليوم المحرم الذي دون البلوغ؛ لأن ذلك مما يتساهل فيه، مع الحرص على التحفظ.

    حكم صلاة المستحاضة وصاحب السلس والقروح

    السؤال: سؤال ورد حول ما يسمى: بسلس البول أو البول المتقطع الذي يصيب بعض الناس، فما حكم الصلاة مع ذلك؟ وهل يكتفى بالفريضة فقط؟

    الجواب: هذا المرض يصيب الرجال ويصيب النساء، وقد وقع لبعض الصحابة كـزيد بن ثابت رضي الله عنه، فإنه لما أسلم أصيب بسلس البول، فكان يتأذى به وهو في الصلاة، ولكنه لا يقطع الصلاة، فذكر العلماء: أنه إذا كان به سلس البول ومثله القروح السيالة التي لا تتوقف، ومثله في النساء المرأة التي يسيل منها دم الاستحاضة؛ فهذا العذر يسمى: الحدث الدائم، فعلى صاحب هذا العذر أن يتوضأ لوقت كل صلاة، ولا يصلي فريضتين بوضوء واحد في وقتين، إلا أن تكونا مجموعتين في وقت، فإذا دخل وقت الظهر توضأ لها، وما دام لم ينتقض وضوءه فله أن يصلي نوافل، ويقرأ في المصحف، ونحو ذلك إلى أن يدخل وقت صلاة العصر، فيتوضأ لها وضوءاً جديداً ولو لم يحدث؛ هذا لمن كان به سلس في البول أو للمستحاضة، وهكذا إذا توضأ للعصر بقي على وضوئه يقرأ فإذا دخل وقت صلاة المغرب توضأ لها، ولا يكتفي بوضوئه لصلاة العصر، بل يتوضأ للمغرب بعد الأذان، وهكذا يتوضأ للعشاء، ويتوضأ للصبح.

    وإذا خرج البول وهو في نفس الصلاة فلا يضره، وإذا أصاب ثيابه أو أصاب جسده فلا يضره، ولكن عليه بعد ذلك أن يغسل ما أصابه للوقت الثاني أو أن يتحفظ.

    والمرأة في إمكانها أن تتحفظ بلبس ما يسمى: بالحفائظ التي تمسك ذلك الدم أو تلك النجاسة، والرجل بإمكانه أن يتحفظ أيضاً بأن يجعل ذكره في باغة أو نحو ذلك مما يمسك ذلك التقاطر حتى لا يلوث ثيابه أو بدنه، ثم بعد ذلك يزيل النجاسة ويجدد الوضوء والطهارة للصلاة الأخرى.

    وصاحب القروح السيالة بإمكانه أيضاً إذا دخل في الصلاة أن يجعل عليها قطنة أو شاشة تمسك ذلك الصديد الذي يسيل منها.

    الخلاصة: أن من شرط أصحاب هذه الأعذار أن يتوضئوا لكل صلاة.

    حكم من حاضت بعد غياب الشمس في رمضان قبل الإفطار

    السؤال: ما قول فضيلتكم في المرأة تحيض بعد مغيب الشمس في رمضان وقبل أن تفطر؟

    الجواب: تم صيامها، فمعلوم أن تمام الصيام يكون بغروب الشمس ولو لم يؤذن المؤذن، فإذا تحقق غروب الشمس فقد تم الصيام، وجاز للصائم أن يفطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم) يعني: حكماً ولو لم يتناول، فإذا غربت الشمس وتحقق غروبها كمل صيام المرأة، فإذا حاضت بعد ذلك فلا تقضي ذلك اليوم لتمامه.

    أما إذا حاضت قبل الغروب ولو بدقيقة فإنها تقضي ذلك اليوم؛ لأنه لم يتم؛ ولأن الحيض مفسد للصيام.

    حكم صيام من شكت في حدوث الحيض قبل المغرب أو بعده

    السؤال: إذا شكت هل حاضت قبل المغرب أو بعده فما الحكم؟

    الجواب: إذا شكت في ذلك الخارج، هل خرج قبل الأذان أو بعده فالاحتياط لها القضاء.

    من طهرت بعد العصر تقضي معها الظهر

    السؤال: الحائض التي تطهر مثلاً بعد العصر هل تصلي الظهر والعصر؟ أو طهرت بعد العشاء هل تصلي المغرب والعشاء؟

    الجواب: نعم، إذا حاضت في آخر صلاة تجمع مع ما قبلها، فتصلي الصلاتين، وإذا كانت الصلاة لا تجمع مع ما قبلها قضت الصلاة، وإذا حاضت في غير وقت صلاة فلا تقضي شيئاً، فالظهر والعصر يجمعهما من له عذر كالمسافر والمريض ونحوهما، فإذا طهرت قبل العصر قضت الظهر، وإن طهرت قبل غروب الشمس ولو بدقيقة قضت الظهر والعصر، فإن طهرت بعد دخول وقت المغرب لزمتها المغرب، فإن طهرت في آخر الليل قبل طلوع الصبح لزمتها الصلاتان: المغرب، والعشاء؛ وذلك لأنها أدركت آخر وقت تجمع فيه الصلاتان، وإن طهرت قبل طلوع الشمس قضت الفجر وحدها، وإن طهرت بعد طلوع الشمس أو في الضحى فلا تقضي شيئاً.

    وهذا مأثور عن الصحابة كما رواه ابن أبي شيبة عن مجموعة من الصحابة كـابن عباس وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما، ولا يقولون ذلك إلا بدليل، هذا بالنسبة إلى الطهر.

    أما بالنسبة إلى الحيض: فإنها تقضي الوقت الذي أدركت أوله، فإذا حاضت بعد أذان الظهر قبل أن تصليها بقيت الظهر في ذمتها فتقضيها إذا طهرت بعد خمسة أو ستة أو سبعة أيام ونحوها، وإذا حاضت بعد دخول وقت العصر ولم تصل العصر بقيت العصر في ذمتها، وكذا إذا حاضت بعد أن غربت الشمس بقيت المغرب في ذمتها، فتقضيها بعدما تطهر، وكذلك إذا حاضت بعدما أذن للعشاء وغاب الشفق تقضي صلاة العشاء بعد أن تطهر.

    فالحاصل أنها تقضي وتحتاط، حرصاً على أداء العبادة التي هي فريضة ولازمة على المكلف.

    حكم زكاة حلي المرأة الملبوس للزينة

    السؤال: ما حكم زكاة الحلي الذي تلبسه المرأة للزينة؟ وإذا كان عليه زكاة فكيف تخرج؟

    الجواب: قد اختلف فيها مشايخنا: فمنهم من يرى أن فيها زكاة، ومنهم من يرى أنه لا زكاة فيها، والمشهور عند الفقهاء أنه لا زكاة فيها؛ لأنها لا تنمو، وهذا اختاره شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد الله بن حميد رحمهما الله، وكانا يفتيان به.

    والقول الثاني: أنها تزكى، وهذا اختاره شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين، قالا: إنها تزكي إذا بلغت نصاباً، ويقدر النصاب بنحو أحد عشر جنيهاً ونصفاً، إذا كان هذا الذهب الذي عندها بهذا القدر فإنها تقومه وتزكي قيمته، وهذا هو الذي نفتي به؛ وذلك لقوة الأدلة، وهناك أحاديث مرفوعة تدل على هذا منها:

    حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص : (أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟! فألقتهما) فقوله: (أتؤدين زكاة هذا؟) المراد الزكاة الشرعية.

    كذلك حديث عن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليها فتخات من فضة، وقالت: إني أتحلى وأتجمل بهن لك، فقال: هل تؤدين زكاتهن؟ قالت: لا. قال: هما حظك من النار، فأخرجت زكاتهما) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

    فهذان حديثان ثابتان، والأصل أن الزكاة إنما تطلق على الزكاة المالية التي هي إخراج ربع العشر.

    وعلى كل حال فكل من المشايخ له نظره، وله اجتهاده، وقد كتب فيها كثير من المشايخ رسائل، وكل يختار الذي يميل إليه.

    أما كيفية إخراج الزكاة فإنها تقدر بقيمتها التي تساويها الآن، فالمرأة إذا كان عندها من الذهب ما يبلغ خمسمائة جرام سألت من يبيع الذهب بكم تشتري هذه الخمسمائة التي عندي وقد استعملتها، فإذا قال: قيمة الجرام كذا وكذا، قدرت كم عندها من الجرامات، وعرفت قيمتها، وأخرجت زكاة القيمة.

    معنى قوله: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات

    السؤال: يقول صلى الله عليه وسلم: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) ما هو التفسير الصحيح لهذا الحديث؟

    الجواب: هذا الحديث رواه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أمتي لم أرهما بعد: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها).

    شرح العلماء هذا الحديث بما ظهر لهم، فالذي اختاره أكثر الشراح أن قوله: (كاسيات عاريات) محتمل أنهن كاسيات من نعم الله، عاريات من شكرها، فتكون الكسوة والعري بالمعنى دون اللفظ، كسوة بالمعنى، وعري بالمعنى أيضاً.

    والقول الثاني: أنهن كاسيات يعني: عليهن ألبسة، ولكن تلك الألبسة إما ضيقة وإما شفافة رقيقة، بحيث لا تستر ما تحتها، فتكون كاسية؛ لأن عليها ثوباً، ولكنها شبه عارية؛ لأن ذلك الثوب لضيقه يبين تفاصيل جسدها، فيتبين منه ثدياها وصدرها ومنكباها وعنقها وعضداها، ونحو ذلك، يعني: تتبين أعضاؤها لضيق ذلك الثوب فكأنها عارية، وإذا كان الثوب شفافاً رقيقاً، فإنه يشف عما تحته، فيرى جسدها، ويرى بياضه أو سواده أو حمرته أو نحو ذلك فكأنها عارية، فهي كاسية بهذا الثوب ولكنه ليس بساتر.

    وأما قوله: (مائلات مميلات) فالمراد أنهن مائلات إلى الباطل وإلى الهوى وإلى المنكر أو الفحش ونحو ذلك.

    مميلات لغيرهن، يعني: من رآهن مال إليهن، سواء كان من الرجال أو النساء، فالنساء يقلدنهن ويفعلن كفعلهن، فكأنهن سبب في ميلهن، وإذا رآهن من الرجال من هو قليل الإيمان مال إليهن للممازحة أو المعاكسة أو نحو ذلك، فيكون هنا الميل هنا ميلاً معنوياً.

    وقيل: إنه ميل حسي، بمعنى أنها إذا مشت فإنها تتمايل يمنة ويسرة، وذلك من صفات المتكبرين، أو من صفات الدعاة إلى الفحش وإلى المنكر، بمعنى: أنها تتمايل وتتلفت يميناً أو يساراً، أو تحني ظهرها أو جنبها حتى تميل غيرها، أو أن يقتدي بها غيرها.

    وأما قوله: (كأسنمة البخت) البخت: هي نوع من الإبل لها سنامان، أحدهما أصغر من الآخر، فهذا النوع معروف أنه يصلح لأن يركب، فالإبل التي لها سنامان تركب كما تركب التي لها سنام واحد، فشبه رءوسهن بأسنمة البخت، ولكن فيها ميل، فأحد السنامين أصغر من الآخر، فلذلك قال: كأسنمة البخت المائلة.

    وفسره بعض مشايخنا بأنه المرأة التي تجمع شعر رأسها خلفها، وتمسكه بحزام، ثم تلبس فوقه خماراً رقيقاً، فيخيل إلى من يراها أن لها رأسين: رأساً هو الشعر الذي خلفها، ورأساً هو الحقيقي، فيكون ذلك مثل أسنمة البخت.

    وعلى كل حال فالمرأة تبتعد عن الصفات التي تلحقها بمثل هؤلاء.

    حكم اقتناء لعب الأطفال المجسمة والمجلات والملابس التي بها صور

    السؤال: ما حكم اقتناء لعب الأطفال المجسمة، وكذلك المجلات التي للأطفال وبها رسوم وصور، وملابس الأطفال التي عليها صور؟

    الجواب: ننصح بالبعد عن لعب الأطفال التي هي صور حيوانات حقيقية، ولا يجوز للآباء شراؤها لهم؛ وذلك لدخولها في اسم الصور، وقد ورد الأمر بطمسها وإزالتها، وأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، فلا يجوز شراؤها لهم، ولو كانوا يأنسون بها، ونحو ذلك.

    ولا شك أنها صور حقيقية، فإنا نشاهدهم يصورون اللعبة التي هي صورة لطفل، فيصورون له يدين وأصابع وأنامل وأظافر، وقد يحمرون الأظافر تشبهاً بعمل النساء، وكذلك يصورون لها رأساً كاملاً، ويصورون لها عينين مفتوحتين وأهداباً وأنفاً ومنخرين وشفتين، ويحمرون الشفتين، ويصورون لها شعراً يمسكونه خلفها مثل الشعر الطبيعي، وكذلك عنقاً وكتفين وبطناً وظهراً، وكذلك أيضاً قدمين وساقين، فهذه صورة إنسان، فتدخل في الحديث الذي أمر فيه بطمس الصور وبالنهي عنها.

    وأما ما يحتجون به من أن عائشة لما كانت صغيرة كان عندها لعب، حتى أنها كانت تقتني لعبة هي صورة خيل لها أجنحة، فتلك الصورة ليست مثل هذه الصور؛ وذلك لأنها هي التي تعملها بيدها، وكانت عائشة صغيرة في التاسعة أو العاشرة، وهي بحاجة إلى شيء تلهو به، فكانت تعمل بيدها تلك اللعب التي تلعب بها وتعبث بها، فتأخذ عوداً عادياً، وتجعل عليه عوداً آخر معترضاً، وتشده بخيط، ثم تجعل عليه خرقة، فيخيل إليها أن رأسه هو رأس الحيوان، وأن يديه معترضتان، ولكن ليس فيه وجه، ولا عينان، ولا فتحة أنف، ولا فتحة فم، ولا أذنان، ولا تفاصيل الوجه، ولا شيء من تكملة الصورة، ولا شعر، ولا كف، ولا أصابع، ولا أظافر، ولا رجلان، إنما هما عودان تعرض أحدهما على الآخر، فهل يقال: إن هذه صورة ويحتج بها على إباحة هذه الصور الحقيقية؟! لا.

    فننهى أن يقتني أحد لأطفاله هذه اللعب، وعلى المرأة ألا تلزم زوجها أن يشتري هذه اللعب، ولو كان الأطفال يأنسون بها.

    يمكن أن يوجد صور ليس لها أرواح، فيمكن أن يجد صورة سيارة أو صورة طائرة أو صورة أسلحة كبندق أو مسدس أو دبابة أو غيرها، فله أن يشتري من هذه الصور ما يلعبون به، وهي مباحة؛ لأنه ليس فيها أرواح، ففيها ما يلهيهم ويشغلهم ويكفيهم عن الصور التي هي صور حيوان محرم الاقتناء، حتى ولو صورة ذباب أو بعوض أو أي صورة شيء فيه روح كدابة أو كعقاب أو كذئب أو نحو ذلك، فكل ما فيه روح لا يجوز أن تقتنى صورته، وأما ما لا روح فيه كالشجر أو الجبل، أو الصناعات الحديثة كآلات الرمي أو آلات الركوب الجديدة فلا مانع من اقتناء صورها؛ لأنه ليس فيها روح.

    وأما الصور التي في الصحف فلا شك أن فيها فتنة؛ وذلك لأن هذه الصور المرسومة تشتمل على صور نساء كاشفات، وهن نساء بالغات، فإذا رأتها الصبية أو رأتها الشابة وهي على هذه الحالة من التكشف، فإنها تقتدي بها، وتتهاون بأمر الحجاب، فلأجل ذلك ننهى عن شراء هذه الصحف.

    كذلك نظر الرجال في تلك الصور التي فيها نساء متكشفات لا شك أيضاً أنه فتنة.

    وهكذا أيضاً الأقمشة والثياب التي ترسم فيها صور من فانيلات أو سراويلات أو ما أشبهها، حيث تطبع عليها صورة إنسان برأسه وبوجهه وبأنفه وبيديه لاسيما على أكسية الأطفال، فهذا أيضاً لا يجوز، والذين وردوها قد أخطئوا في ذلك، والذين صدروها إنما أرادوا بذلك الدعاية إلى تلك الصور، أو أرادوا بذلك تسهيل أمر هذه الصور التي هي محرمة، فالناس إذا تهاونوا بها شيئاً فشيئاً سهلت عليهم بعد ذلك، فلا يجوز لك أن تشتري لأطفالك هذه الأكسية التي رسمت عليها هذه الصور التي هي صور حيوانات.

    وهكذا أيضاً صور معابد المشركين أو ما يعظمونه كالصلبان وما أشبهها، وفي إمكان الإنسان أن يشتري غير هذه الأكسية، ولو أن يشتري قماشاً ويأتي به إلى الخياط، ويأمره بأن يفصله على ولده، ويجعل تفصيله على كذا وكذا، وبهذا يسلم من اقتناء أو شراء هذه الأكسية التي عليها هذه الصور.

    حكم بقاء النساء عند أزواجهن الذين لا يصلون

    السؤال: ماذا عن النساء اللاتي لهن أزواج لا يصلون، وقد نصحوا مرات ومرات، ويقع منهم جماع وأولاد، فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: هذا مما عمت به البلوى، وكثرت الشكايات منه، ولا نحصي النساء اللاتي يتصلن بنا هاتفياً تشتكي من زوجها أنه لا يصلي، أو إنما يصلي أحياناً، أو لا يصلي مع الجماعة، ومع ذلك تعظه وتنصحه، وتكثر من توبيخه وهجره، ولكنه مصر على ذلك، أو إذا أحسن المقال قال لها: ادعي الله أن يهديني، أو ما أشبه ذلك، ولا يفعل السبب الذي يدفع نفسه إلى العمل الصالح الذي أمر الله به، وفرضه على عباده!

    نقول لهذه المرأة: هذا الزوج الذي أصر على ترك الصلاة إصراراً كلياً لا يجوز البقاء معه، بل على المرأة أن تمنع نفسها منه، ونقول له: ما دمت على هذا الحال فإنه تحرم عليك امرأتك؛ لأنك مرتد بذلك، قد عملت عمل الكفار ونحوهم، فلا يجوز لك أن تجامع امرأة مسلمة ولو كانت زوجتك وأنت لا تصلي؛ لأن تركك للصلاة ردة أو كفر يسبب طلاق الزوجة منك إذا كنت مصراً على ذلك.

    ولكن كثيراً منهن تعتل وتذكر أشياء تبرر بقاءها معه إما كثرة أولادها منه، وإما أنها لم تعلم الحكم إلا بعد أن ولدت منه ولداً أو عدداً من الأولاد، وإما أنها رأت منه حسن خلق وحسن معاملة، وأنه يقوم بواجباتها، ويأتي لها بحاجاتها، ويعطيها ما تطلبه، ويحسن عشرتها، وينفق عليها، ويكسوها الكسوة التامة، ولكنه مخل بهذا الأمر الذي هو حق الله تعالى.

    فنقول: لا يكون هذا عذراً، بل عليها أن تطلب الخلع، وأن تفارقه مهما كانت الحالة، وسوف يجعل الله لها فرجاً ومخرجاً، وربما إذا أصرت على امتناعها منه، وذهبت إلى أهلها، أو تركت ولده عنده إذا كان لها ولد منه، أو نحو ذلك، أن يكون ذلك منبهاً له، ويقول: لماذا لا أراجع نفسي؟ لماذا لا أتوب إلى ربي؟ لماذا لا أعلن التوبة؟ ما الذي ترجوه هذه المرأة ولا أرجوه؟ ألست مكلفاً؟ أليس كلنا يخاف الله ويرجو ثوابه؟ ألست أولى بأن أكون مستقيماً؟ أنا أولى بأن أنصح امرأتي وأنصح أولادي وأعلمهم! فإني أنا الذي أرعاهم وهم في ذمتي، (وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الرجل راع في أهل بيته وهو مسئول عن رعيته) فلعله ينتبه ويعود إلى نفسه، فإن أصر ولم يعد -والعياذ بالله- فلا يجوز لها البقاء معه، بل عليها أن تطلب الخلع.

    والطريق إلى ذلك أن تقدم شكاية إلى الشرطة أو إلى المحكمة، وتأتي بشهود معروفة حالهم من جيرانهم أو إمام المسجد القريب منهم أو مؤذن المسجد، ممن يعرفونه، ويشهدون لها أنهم لا يرونه يأتي إلى المسجد، مع مشاهدة سيارته عند بابه مثلاً، ويكون ذلك مصدقاً لقولها.

    حكم إفطار الحامل والمرضع خوفاً على ولديهما

    السؤال: المشهور في مذهب الحنابلة أن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً ولا تقضي، ما قول فضيلتكم في ذلك؟

    الجواب: أما كونها تفطر وتكفِّر فهذا هو المشهور، وأما كونها لا تقضي فهذا ليس بصحيح، بل الصحيح أنها تقضي وتكفِّر، تقضي وتطعم، وهذا مروي عن ابن عباس ، وعليه فسر الآية، وهي قول الله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:184]، روي عن ابن عباس وغيره من السلف أن هذه الآية باقية لم تنسخ، وأنها في حق الكبير الذي يشق عليه الصيام مع كونه يطيقه، فيطعم ولا صيام عليه، وكذا المريض الذي لا يرجى برؤه، وكذا المرأة الحامل أو المرضع التي تخاف على الجنين في بطنها، أو تخاف على رضيعها ألا يجد لبناً، وأن لا يجد قوتاً وغذاءً؛ فتفطر لأجل غيرها، فلكونها أفطرت من غير مرض تكفر، ولكونها تطيق الصيام بعد زوال ذلك العذر تصومه، أي: تقضي وتطعم، هذا هو المشهور.

    والرواية التي فيها أنها لا تقضي، وإنما تقتصر على الإطعام رواية ضعيفة، سواء كانت الرواية عن ابن عباس أو كانت عن الإمام أحمد، فهي لا تثبت، بل الثابت والمشهور أنه لابد من القضاء مع الإطعام.

    حكم تمكين الخادم أو الخادمة الكافرين من مزاولة عبادتهما

    السؤال: ما قول فضيلتكم فيمن يسمح للخادمة سواء كانت نصرانية أو وثنية أن تمارس عبادتها وصلاتها في بيت المسلمين، وبعيداً عن أنظار الأطفال؟

    الجواب: هذا خطأ؛ وذلك لأنه إذا احتيج إلى استقدام الكفار، سواء كانوا رجالاً كعمال، أو نساء كخدم يشترط عليهم ألا يظهروا دينهم، وألا يعلنوا كفرهم، ولا شك أن من إعلانهم مزاولة عباداتهم، فالنصارى مثلاً يعظمون الصلبان، فإذا كان معه صليب ينصبه ويتمسح به أو يرسمه على صدره منع من ذلك في بلاد الإسلام، وبالأخص في جزيرة العرب التي هي مهبط الوحي، فيمنع من ذلك، وكذا يمنعون من إحداث الأماكن التي يتعبدون فيها، فيمنعون من بناء الكنائس، وكذلك البيع والصوامع التي هي معابد لليهود والنصارى ونحوهم، وهكذا متعبدات غيرهم، فالبوذيون لهم عبادات يتعبدون بها، ولكن لا يمارسونها في البلاد الإسلامية، ولا يقيمون معابدهم، ولا يظهرون شعائرهم، وكذلك الهندوس الذي هم وثنيون لا يمكنون في بلاد المسلمين أن يظهروا شيئاً من عباداتهم وشركياتهم، بل يمنعون ذكوراً وإناثاً.

    فهذا الذي يمكن ذلك الخادم أو ذلك السائق مثلاً من أن يزاول عبادته أو صلاته أو شركه أو كفره في بيته مخالف للشروط التي تشترط على الوافدين وعلى جميع العمال الذين يأتون لهذا السبب؛ لأنهم ما أتوا إلا لحاجتهم، يعني: فاقتهم وفقرهم دفعهم إلى أن يذلوا أنفسهم، ويأتوك خداماً يخدمون بأجرة، فما دام أنهم أذلة فينبغي أن نزيد في إذلالهم، وأن نبعدهم عن دينهم حتى يشعروا بعزة الإسلام؛ وحتى يشعروا بذلهم هم وبهوانهم وحقارتهم.

    فالذي يمكن الخادمة من مزاولة عبادتها قد فعل خطأً، فعلينا أن ننتبه لذلك، وننبه الإخوة.

    حكم استعمال حبوب منع الحيض في رمضان وغيره

    السؤال: ما حكم المرأة التي تتناول حبوباً لإيقاف الحيض في رمضان أو في العشر الأواخر منه؟ وهل انحباس الدم بهذه الصورة يؤثر؟

    الجواب: ذكر الأطباء: أن احتباس الدم يؤثر على صحتها، وأن هذا الدم دم طبيعة وجبلة يخرجه الرحم في أوقات محددة، وخروجه على عادته وهيئته لا شك أنه خروج دم فاسد لا فائدة في بقائه، ولكن قد يكون هناك أدوية تحبسه في عروقه، وتمسكه في الرحم أو في البطن أو في أماكنه التي يتحلل منها، وهذه الأدوية أجاز العلماء استعمالها لمناسبة ولسبب ولحاجة، فأفتى كثير منهم بجواز استعمالها للمرأة التي تخاف الحيض في الحج، وتخشى أن تحبس رفقتها، فيجوز لها أن تتعاطى ما يمنع الحيض حتى لا تحبسهم وتؤخر الرفقة؛ فتسبب لهم ضرراً، هذا مسوغ وعذر، ولكن شرط ذلك: ألا يكون في استعمال هذه الحبوب أو هذا الدواء ضرر على صحتها.

    أما بالنسبة إلى استعمالها في رمضان إذا كانت تأتيها الدورة في رمضان، وتعرف أنها إذا أتتها أفطرت أياماً وثقل عليها القضاء، فنقول: إذا كان قصدها من حبس هذا الدم هو مجرد الصوم، وتقول: لا أريد أن أفطر؛ فإن القضاء يشق علي، وأريد أن أصوم مع أخواتي حتى يسهل الصوم معهم، فإن صومي وحدي فيه كلفة ومشقة، وصومي معهم أقوم معهم إذا قاموا، وأتسحر معهم، وأمسك كما يمسكون, وأبقى على صيامي بقية يومي كما يبقون، ولا يكون علي دين يثقل علي؛ فنشير بألا تفعل لهذا الغرض، بل تترك الحيض على عادته وتحيض كما تحيض غيرها، وتقضي كما يقضي غيرها.

    أما إذا كان لها قصد أعلى من ذلك فلا بأس، إذا كان قصدها من استعمال حبوب منع الحيض أن تصلي مع المصلين، أو أن تعتمر مع من يعتمر، أو أن تصوم وتقرأ القرآن في المصحف أو بدون المصحف، يعني: قصدها عبادات لا تفعل مع الحيض كقراءة القرآن ومس المصحف والعمرة والصلاة ودخول المساجد وحضور المحاضرات فيها وما أشبهها، وهذه تفوت عليها إذا كانت حائضاً، فتقول: أستعمل هذه الحبوب أو هذا الدواء حتى يمنع الحيض، وحتى أتمكن من فعل هذه العبادات، فلعل ذلك يكون مبرراً، ويجوز بهذه النية إن شاء الله.

    حكم الإطعام أو ما يسمى بعشاء الوالدين وتثويبه لهما

    السؤال: ما القول فيما يفعله بعض الناس من إطعام ويجعل ثواب هذا لفلان من الموتى، وهو معروف عند الناس بعشاء الوالدين أو نحوه؟

    الجواب: الصدقة لا شك أنها تصل إلى الميت، إذا تصدقت وجعلت أجرها لأبويك أو لأمواتك فلا بأس بذلك، سواء كانت تلك الصدقة مالاً ؛ يعني: نقوداً تدفعها للفقراء الذين تحل لهم الصدقة، أو طعاماً بأن تدعوهم إلى طعام ليأكلونه وتقول: اللهم اجعل ثواب هذا الطعام الذي تصدقت به أو أطعمته لأبواي أو لأمواتي ونحو ذلك.

    وإطعام المساكين لا شك أن فيه أجراً، قال تعالى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا [الإنسان:8] فدل على أنهم بإطعامهم هذا يريدون الثواب، ولهذا يقولون: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا [الإنسان:9-10].

    لكن إذا كان الإطعام لغير مساكين كالإخوة والأقارب والجيران ونحوهم، ولم يكن الذين تطعمهم أو تعشيهم أو تفطرهم أو تسحرهم من الفقراء الذين هم أهل للصدقة، وإنما هم أقاربك وعشيرتك وجيرانك وزملاؤك؛ ففي هذه الحال فأنت تطعمهم كرامة لا صدقة؛ لأن هذا إنما هو إكرام لأجل الإخوة ونحو ذلك، ويهون على كثير النفقة في ذلك، فتراه يستضيف زملاءه، ويخسر الآلاف في ضيافتهم وفي إطعامهم، وتراه يقدم لهم أنواع المشتهيات، وهذا معلوم أن القصد منه هو الكرامة لا الصدقة، فإذا كان كذلك فما هو الثواب الذي يجعله لوالديه؟ هو ما قصد الثواب، وإنما قصد الكرامة، والضيافة، والزيارة وما أشبه ذلك، وهذا لا يحتاج إلى أن يقول: اللهم اجعل ثوابه لأبوي أو نحو ذلك.

    أما ما يسمى: بعشاء الوالدين فهذا فيه أجر إذا كان يطعم من هم أحق بالإطعام أو من هم مستحقون، وكان هذا معروفاً في هذه البلاد منذ القدم إلى قرابة ثلاثين سنة أو عشرين سنة، كانوا كل أسبوع وبعضهم كل يوم إذا دخل رمضان يجتمعون عند أحدهم، فيجمع أقاربه ويجمع جيرانه، ويضيفهم، ويقدم لهم لحماً شهياً، ويقول: هذا عشاء الوالدين. يعني: أجره لوالديه، وكان اللحم في تلك السنوات قليلاً، إنما يأكله أحدهم في الأسبوع مرة أو في الأسبوعين مرة، وربما لا يتيسر لبعضهم إلا في أيام الأضاحي ونحوها، ففي تلك الحال لا شك أن الطعام كان له وقع، والنفوس تشتهي هذا الأكل، وكان الأغلب فقراء وذوي حاجة، فإذا نوى بإطعامه أقاربه وجيرانه الذين هم محتاجون، وجعل ثواب ذلك لوالديه نفعهم ذلك إن شاء الله.

    أما في هذا الأزمنة فما دام أن الغالب أن كل بيت فيه ثلاجة وفيها لحوم، وأن أهل كل بيت لا يأكلون غداءً ولا عشاءً غالباً إلا وفيه لحم، فما الصدقة فيهم؟ ماذا تؤثر فيهم وهم عندهم اللحوم وعندهم الأطعمة؟ فهذه لا يقال عنها: صدقة، ولكن يقال: كرامة وضيافة.

    حكم قص المرأة لشعر رأسها وصبغه بألوان متعددة

    السؤال: ما حكم قص الشعر بالنسبة للمرأة، وما حد ذلك؟ وما حكم صبغ المرأة للشعر بألوان متعددة لتغيير صورته؟

    الجواب: لا يجوز قص الشعر للمرأة؛ وذلك لأن من تمام زينتها توفير شعرها، ولم يزل الأمهات والجدات وكذلك المسلمات في كل زمان حتى قبل الإسلام يمتدحن ويمدحن بطول الشعر وبتربية شعر الرأس، وذلك زينة لها وجمال، وورد نهي النساء عن حلق الشعر حتى في النسك الذي هو من جملة العبادات، فحلق الشعر عند التحلل من الإحرام عبادة من العبادات، ولكن منعت منه المرأة؛ لأنها مأمورة بإبقاء شعرها، وأمرت بأن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة، وهذا دليل على أنها تجمع رأسها، وتوفر شعرها، ولا تأخذ منه شيئاً، وإنما عند التحلل تقص من كل قرن قدر أنملة، أي: رأس الإصبع، وشعرها يبقى حتى بعد موتها، ففي حديث أم عطية لما غسلت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (فضفرنا شعرها ثلاثة قرون، وألقيناه خلفها). وهذا دليل على أنهن كن يربين الشعر، وأنه يجعل ضفائر أي: قرون، كل ضفيرة تفتل وحدها وتلقيها، وقد يكون للمرأة عدة ضفائر، خمس ضفائر يعني: خمسة قرون أو أكثر أو أقل، ولا شك أن ذلك دليل على افتخار المرأة بهذا الشعر وبقائه، وأنه من كمال زينتها.

    لكن يرخص لها في ذلك إذا بلغت المشيب وأيست من النكاح، فقد ثبت أن أمهات المؤمنين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لما أيسن من النكاح كن يأخذن من شعورهن حتى يكون كالجمة، أي: أنها تقص من شعرها؛ لأنها أيست من أن تتجمل للأزواج، فتتركه إلى أن يكون كالجمة، يعني: إلى أن يصل إلى المنكب أو نحو ذلك.

    أما من هي في ذمة زوج أو ترجو النكاح فلا يجوز لها أن تقص منه، بل تتركه على حالته، ولو زين قصه لكثير من الأزواج الذين قلدوا الغرب واستحسنوا ما هو مستقبح، فكثير من الأزواج يظن أن جمال المرأة في أن تقص ناصيتها، أو أن تقص من جوانب رأسها أو ما أشبه ذلك، ولا شك أن هذا مخالف للجمال الفطري الصحيح، فلا يجوز أن يركن إليه.

    وأما صبغ الشعر فيجوز إذا كان الشعر أبيض فيصبغ بالحناء، فيجوز لها إذا كان قد شاب شعرها وانقلب أبيض أن تحمره بالحناء فقط، وأما الأصباغ الكثيرة التي تقلب الشعر الأسود فتجعله أحمر أو أزرق أو أخضر أو ملوناً فهذا لا يجوز؛ وذلك لأنه تغيير لخلق الله، والله تعالى قد ذم الذين يفعلون ذلك، وذكر أنه من عمل الشيطان، وذلك في قوله عن الشيطان: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119]، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات لخلق الله).

    حكم اقتناء التلفاز وكيفية التخلص منه

    السؤال: جملة من الأخوات يسألن عن حكم وجود التلفاز في البيت، ويذكرن أنهن يحرصن على مقاطعته، ولكن يترتب على ذلك مقاطعة أهل البيت في أوقات طويلة، وقد يصبن بالملل، وفي النهاية قد تضطر إلى الجلوس أمامه، أفتونا أثابكم الله في ذلك؟

    الجواب: ننصح بالابتعاد عن الصور، وعما يحمل تلك الصور، ولا شك أن التلفاز في هذه الأزمنة يحمل صوراً قد تكون فاتنة، فتظهر فيه المرأة أمام الرجال وهي سافرة متبرجة متجملة؛ وذلك يفتن الرجال، ثم تتكلم أمامهم وهم ينظرون إلى صورتها، وكذلك يظهر الرجل أمام النساء وهو متجمل في غاية الجمال وفي غاية الشباب، وقد تكون النساء عزاباً لم يتزوجن بعد، فيكون هذا أيضاً سبباً للفتنة، زيادة على ما يكون فيه من التمثيليات التي هي ملهية وقاطعة للوقت بغير فائدة، زيادة على ما هناك من الأغنيات التي تحمل في كلماتها شيئاً مما يثير الغرام، ويدفع إلى التهاون بالشهوات المحرمة أو المكروهة.

    ولما كان كذلك فإننا ننصح بعدم اقتنائه وبالابتعاد عنه، فإذا كان موجوداً في البيوت فالمرأة أو الرجل الذي يريد نجاة نفسه يتجنب الجلوس أمامه، وإذا اضطر إلى الجلوس مع أهله فإن عليه أن يكلفهم أن يطفئوه، ولا يشغل وهو مقيم معهم، هذا بالنسبة إلى من لا يستطيع إخراجه، والأولى أن يحاول إخراجه وتطهير البيت منه؛ حتى يكون الخير بدلاً عن الشر واللهو واللعب، وإذا لم يستطع فعليه الاعتزال.

    والمرأة التي تريد نجاة نفسها تعتزل في حجرتها مثلاً، وكذلك الرجل يعتزل في حجرة له، ويتركهم بعدما ينصحهم.

    الطريقة المثلى للمرأة في طلب العلم

    السؤال: ما هي الطريقة المثلى للمرأة في طلبها للعلم؟

    الجواب: وسائل العلم -والحمد لله- في هذه الأزمنة متوافرة، فالمدارس التي أسستها الحكومة فيها علوم متوافرة قائمة بالواجب، والذين تولوا المناهج وتقريرها ممن يوثق بهم، سواء كانت تلك العلوم مما يتعلق بالعقيدة أو مما يتعلق بالأعمال أو بالأحكام أو بالآداب أو نحو ذلك، فدراستها حتى مع دراسة الأمهات تزيد المرأة علماً، هذه طريقة.

    الطريقة الثانية: أن تقرأ في الكتب، فالكتب -والحمد لله- توافرت، فقد كانت قبل ستين أو سبعين سنة لا ينالها إلا القليل، لكنها -والحمد لله- في وقتنا توافرت وكثر طبعها ونشرها، وأصبح كل بيت فيه عدد من الكتب، ففي إمكان الرجل ومثله المرأة أن يقرأ ما تيسر من الكتب في أوقات فراغه، سواء في كتب الأحكام كالحلال والحرام والعبادات والمعاملات، أو في كتب الآداب التي هي الآداب الدينية والأخلاق ونحوها، أو في كتب العقائد كالتوحيد وما يتعلق به، أو في كتب الترغيب والترهيب والوعد والوعيد والجنة والنار والرقائق وما أشبه ذلك، فهي موجودة في إمكان المرأة كالرجل أن تتناول أي كتاب وتقرأ فيه، وستجد أبوابه مفصلة موضحة، فتستفيد من القراءة.

    الطريقة الثالثة: الاستماع إلى المحاضرات ونحوها، ففي إمكان المرأة كالرجل أن تحضر المحاضرات العامة التي يكون فيها أماكن مخصصة للنساء، وتستفيد كما يستفيد الرجل، والفائدة منها تبقى آثارها معها.

    والطريقة الرابعة: وهي الاستماع إلى الأشرطة؛ وذلك لأنها -والحمد لله- تيسرت، وحصل بها تأثير ونفع عظيم، فما دام أن المحاضرات والندوات ونحوها تسجل وتباع في الأماكن بثمن يسير، ففي إمكان المرأة أن تستمع حتى ولو كانت تشتغل في بيتها، حتى ولو كانت تغسل ثياب أولادها أو تصلح طعام أولادها وزوجها، أو تشتغل بكنس دارها أو نحو ذلك، تستمع وتستفيد.

    الطريقة الخامسة: الاستماع إلى الإذاعة التي فيها علوم موفقة كإذاعة القرآن؛ فإن فيها خيراً كثيراً، فيها سماع كلام الله، وسماع الكلمات التي تتعلق بكتاب الله، والتي تتعلق بالنصائح والمواعظ، فالطرق -والحمد لله- كثيرة.

    حكم ارتكاب مفسدات الصوم والصلاة مع الجنابة جهلاً بالحكم

    السؤال: ما قول فضيلتكم فيمن يرتكب محظوراً من محظورات الصيام جهلاً منه منذ سنوات؟ وكذلك من لا يغتسل من الجنابة ويصلي وهو جنب، ما قولكم في ذلك؟

    الجواب: لا شك أنه مفرط، فإنه لا يجوز للإنسان أن يقدم على العمل الذي لا يدري ما عاقبته، والمسلم الذي نشأ بين المسلمين وفي بلاد الإسلام لا يمكن أن يجهل إلا عن تفريط، فكونه مثلاً يصلي بلا وضوء هذا تفريط منه؛ لأنه يرى المسلمين يتوضئون، ويرى أماكن مكتوباً عليها أنها أماكن للوضوء في كل مسجد مثلاً، وكذلك هو يقرأ القرآن ويسمع القرآن، وفيه التعليمات التي منها إزالة الأحداث كبيرها وصغيرها، مثل قول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، فلا يجوز الإقامة على مثل هذه الحال.

    وهكذا في الصيام عليه أن يتعلم ما الذي يجب عليه تركه في هذا الصيام، وبكل حال لو قدر مثلاً أنه فعل شيئاً يفسد الصيام ولم يشعر كالاستمناء مثلاً كما يفعله كثير من الشباب في نهار رمضان، أو أن يباشر امرأته وينزل، ويعتقد أن ذلك لا يفسد الصيام مثلاً، أو أن يجامع ويعتقد أنه ليس عليه إلا مجرد أن يقضي ذلك اليوم، وليس عليه كفارة أو ما أشبه ذلك؛ فمثل هذا لا يعذر، لأنه لابد عليه أن يعرف الحكم ويعمل به، فإن كان عليه كفارة بالجماع بادر وأخرج تلك الكفارة، وإن كان عليه قضاء ذلك اليوم الذي أفسده بالاستمناء أو بتكرار النظر أو بالمباشرة ونحو ذلك بادر وقضى ذلك اليوم، وإذا كان قد مضى عليه سنوات سنة فأكثر أطعم مع القضاء مسكيناً عن كل يوم، وكذلك بقية الأحكام.

    أما بالنسبة للصلوات فإن كانت كثيرة بأن بقي مثلاً لا يغتسل من الجنابة لمدة أشهر أو لمدة سنوات جهلاً منه وإعراضاً وعدم اهتمام، فلعله يقال له: أصلح عملك في المستقبل، وتب إلى الله، وأكثر من النوافل؛ لأننا لو ألزمناه بقضاء الصلوات لسنة أو سنتين فإن في ذلك مشقة وتنفيراً له، ولكن لعله يكتفي بأن يكثر من النوافل، ويحافظ على الصلوات في بقية حياته، ويحافظ على الطهارة من الحدثين.

    حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخول رمضان بعده

    السؤال: من أخر قضاء رمضان حتى رمضان الآخر، ما عليه؟

    الجواب: إذا كان لعذر كأن يكون مريضاً أحد عشر شهراً وهو على فراشه، ولم يستطع أن يصوم هذه المدة؛ فليس عليه إلا القضاء، وأما إذا كان تفريطاً وإهمالاً وهو قادر، فإن عليه مع القضاء إطعام مسكين كفارة عن التفريط.

    حكم لبس الكعب العالي والعدسات الملونة والملابس الضيقة للمرأة بين النساء

    السؤال: ما حكم لبس النساء للكعب العالي، والعدسات الملونة، والملابس الضيقة بحجة أنها بين النساء؟

    الجواب: ننهى عن ذلك، الكعب العالي لا شك أنه تقليد ما عرف إلا من النساء الكافرات أو المقلدات للكافرات اللاتي أخذن يلبسن هذا، فترفع المرأة كعبيها وليس لها قصد إلا أن تقلد هؤلاء، وقد يكون في ذلك خطر؛ وذلك لأنها إذا مشت بالكعب المرتفع قدر شبر أو نحو ذلك سبب لها ميلاً في المشي، وربما سقطت، وربما تعبت، وربما إذا خلعته وأرادت أن تمشي بقدميها تتأثران بسيرها على ذلك الكعب العالي، وبكل حال الأصل أنه لا يجوز؛ لكونه تقليداً بلا فائدة.

    وأما العدسات فلا شك أن فيها تغييراً لخلق الله، فلا يجوز استعمالها سواء كان لرجل أو امرأة، والمرأة قد تركب العدسات في حدقة العين وتقصد بذلك أن يظهر لون العينين مغايراً للون الطبيعي بخضرة أو بلون جذاب أو نحو ذلك، فنقول: لا يجوز لها ذلك ولو كان زوجها يستحسن ذلك منها.

    وكذلك لبس النساء للملابس الضيقة بين النساء، نقول: لا يجوز لها أن تفعل ما فيه هذا التقليد من الألبسة الضيقة التي تبين تفاصيل حجم أعضائها، أو الألبسة الشفافة، حتى ولو كانت بين نساء، فإن ذلك يصير ديدناً وعادة متبعة، فتألف ذلك وتستحسنه، وتستثقل اللباس الواسع الذي لم تتعود عليه، ولو كان ذلك اللباس الذي لبسته أمام النساء فقط أو أمام محارمها أو ما أشبه ذلك، بل المرأة إذا صلت وهي وحدها تؤمر بأن تستر نفسها، ولو لم يكن عندها أحد، فلا يظهر منها إلا وجهها، تستر حتى كفيها وحتى أظافر قدميها، وتلبس ثوباً واسعاً حتى لا يتميز شيء من أعضائها ولو كانت في بيت مظلم.

    وكذلك أيضاً لا تفرج عضديها كالرجل عند السجود يعني بإبعاد عضديها عن جنبيها بالتجافي في الصلاة، بل تضم نفسها؛ وكل ذلك حرصاً على ألا تتعود على العادة التي فيها شيء من التبرج أو فيها شيء من إظهار المحاسن أو نحو ذلك.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755954238