إسلام ويب

المسلمون بين التشديد والتيسيرللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم بُعث من أجل رفع الإصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، وما برح الشيطان يصرف البشر عن الحق فيحرم عليهم ما أحل الله لهم.
    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:71].

    صفة البشرية

    أيها الإخوة! الله تبارك وتعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، إن هذه الآية تلخص لنا حقيقة الرسالة المحمدية التي امتن الله بها على البشرية كلها، فأقامها هدايةً للمهتدين وحجةً على المعاندين، إنها تلخص حقيقة هذه الرسالة، وتبين صفة هذا الرسول وأنه من أنفسنا، فهو من البشر، وليس ملكاً من الملائكة، ولا خلقاً آخر غير البشر، وذلك حتى يكون مجالاً للاهتداء بهديه والاستنان بسنته، ولئلا يقول منقول: إن هذا الرسول يستطيع ما لا يستطيعه البشر، أو يملك ما لا يملكه البشر، ولذلك وصفه الله سبحانه وتعالى بالبشرية، في غير ما آية من كتاب الله، وأمره أن يعلن على الملأ أنما هو بشر كسائر البشر، قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110] فهو من أنفسنا من هذا الاعتبار، وهو من أنفسنا -أيضاً- باعتباره من جنس العرب الذين بعث فيهم، ونـزل القرآن بلغتهم، فالحجة عليهم أكبر من غيرهم من الشعوب والأجناس الأخرى.

    الحرص على الأمة ورحمته بها

    ثم وصفه الله تبارك وتعالى بقوله: عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] أولاً: يشق عليه صلى الله عليه وسلم ويعنته ويحرجه كل أمر يشق على أمته ويحرجها ويعنتها.

    وهو حريص على أمته، وعلى جلب المصالح لها، وعلى دفع المفاسد والمساوئ عنها. (بالمؤمنين رؤوف رحيم).

    أيها الإخوة.. نحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم من جميع الضالين والمبتدعين، الذين يزعمون أنهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخرجون به عن الحدود التي وصفه الله سبحانه وتعالى بها ليمنحوه شيئاً من خصائص الألوهية، فيدعون أنه يعلم شيئاً من الغيب، أو أنه يعلم الغيب كله، أو أنه يعلم المغيبات الخمس التي لا يعلمها إلا الله، أو يصرفون له شيئاً من ألوان العبادة التي لا يجوز صرفها إلا لله تبارك وتعالى.

    ولذلك فإنني أقول: إن من واجبنا نحن أهل السنة أن نكثر من الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن نكثر من ذكره، وذكر فضائله ومحاسنه ومناقبه وصفاته صلى الله عليه وسلم، وأن نرقق بها قلوبنا، ونربي عليها أولادنا، ونخلص له الحب من أعماق قلوبنا.

    ومن واجبنا ألا يكون كلامنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدحنا له وثناؤنا عليه رد فعل لما يدعيه الأقوام المبتدعون من أننا لا نحبه، كلا! يجب أن نقوم ابتداءً بواجب المحبة للرسول صلى الله عليه وسلم وواجب الثناء عليه، وواجب اتباعه وواجب الصلاة عليه، كما ذكر في الصلاة وغيرها، وهذا بعض حقه علينا صلى الله عليه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088778849

    عدد مرات الحفظ

    778970283