إسلام ويب

مخالفات تقع فيها بعض النساء - مكان الزوج عند زوجتهللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من حرص الإسلام على تقوية الرابطة الأسرية الأمر بطاعة الزوجة لزوجها والتشديد في ذلك، وقد تقع المرأة في مخالفة شرعية في هذا الأمر، مثل عدم طاعة الزوج إذا دعاها إلى فراشه، فإذا فعلت ذلك استحقت سخط الله ولعنة الملائكة، ومن المخالفات التي تقع فيها المرأة: كفرانها للعشير، وإنكارها إحسان الزوج إليها.

    1.   

    مخالفات تقع فيها المرأة في تعاملها مع زوجها

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    مكان الزوج من الزوجة

    الزوج له مكانة عظيمة عند زوجته، وكثير من نسائنا الآن لا يحترمن هذا المقام ولا يوقرن هذه المكانة بل يتنطعن ويترفعن على الزوج كما سنبين، ففي حديث معاذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) لعظم حق الزوج على الزوجة.

    وأيضاً في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن عائشة سألته فقالت: يا رسول الله! من أحق الناس بالزوج؟ قال: أمه) فالأم تقدم على الزوجة، والذي يحدث من الأزواج من الممكن أن يودي بالرجل إلى نار جهنم وهو لا يدري، فالأم تقدم على الزوجة والأولاد، بل وعلى الأب أيضاً، ثم قالت: (يا رسول الله! وأحق الناس بالزوجة؟ قال: زوجها) فما قال: أبوها، ولا أخوها، ولا عمها ولا خالها ولا ابنها، لم يقل ذلك أبداً، بل قال: (زوجها)؛ لعظم حق الزوج على المرأة؛ ولذلك ورد في الأحاديث الصريحة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن منعه صلى الله عليه وسلم المرأة من الصيام وزوجها حاضر وشاهد إلا بإذنه، فلا يجوز لها أن تصوم، مع أن الصيام من أجل العبادات، ومع ذلك منعها النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم في حال حضور زوجها بغير إذنه؛ لعظم مكانته منها.

    بل عائشة رضي الله عنه وأرضاها كان يكون عليها أيام الحيض في رمضان، فتؤخر القضاء إلى شعبان؛ لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك قال علماؤنا: إذا صامت وزوجها غير راض أثمت، وبطل الصيام، على خلاف فقهي لا ندخل فيه الآن، لكن المقصود: أن نبين أن هذا من عظم حق الزوج على زوجته.

    ورد في الآثار -أيضاً- بأسانيد صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مبيناً عظم حق الزوج على الزوجة: (ولأن تلعق صديد جرحه ما وفى) يعني: ما وفت لزوجها حقه حتى وإن لعقت صديد جرحه.

    وقد ورد أثر عن عائشة يقارب هذا القول، وهو أنها قالت: لو أخذت المرأة التراب الذي تحت قدم الزوج فجعلته على خدها، أو مسحته بخدها ما وفت لزوجها حقه، وهذا لعظم حق الزوج.

    جاءت امرأة شاكية لرسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها فقال لها: (انظري أين هو منكِ) وهذا من أروع ما يكون حداً للمرأة حتى تعرف قدر زوجها عندها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (انظري أين هو منكِ؟ هو جنتكِ ونارك؟).

    ومعنى ذلك: أن بوابة النجاة وبوابة الجنة الزوج. والمرأة الفطنة اللبيبة هي التي تسارع فيما يرضي زوجها، فتسارع في طاعته، فلا تعانده، ولا تترفع عليه، ولا تقول: رأسي برأسك، وأنا مثقفة وأنت مثقف، فالمرأة الفطنة الفقيهة الأريبة اللبيبة التي تسارع إلى ربها جل في علاه، وتسارع إلى طاعة زوجها، وإلى توقيره وتعظيمه؛ لأنها لن تنجو إلا به، قال صلى الله عليه وسلم: (هو جنتكِ وناركِ) يعني: أنت إن لم تطيعيه وإن لم تحسني إليه فأنت إلى النار.

    وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث أن المرأة إذا أدت فرض ربها وأطاعت زوجها أو أحسنت في أداء حقه كانت الجنة من نصيبها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (تدخل من أبواب الجنة الثمانية، من أي الأبواب شاءت) ولا يكون ذلك إلا إذا أطاعت زوجها وأدت فرضها، المهم أن تطيع الزوج، فحق الزوج على الزوجة من أعظم ما يكون.

    امتناع الإجابة إلى الفراش

    إن الله تعالى يبين نشوز المرأة، ويبين أنه ما كان للمرأة أن تفعل ذلك وقد علمت حق الزوج العظيم عليها، قال الله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34] إلى آخر الآيتين.

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم -مبيناً حق الزوج على الزوجة-: (لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها).

    وأول لون من النشوز: هو عدم طاعة الزوج في فراشه، فإن أرادها لفراشه تمتنع، إما لإساءة خلقه، أو لأنه لم يقدم خيراً، أو لأنها كانت حزينة، أو مرهقة، أو عندها علل، لكن المرأة إذا طلبها زوجها للفراش وامتنعت فهي ناشز، وحكم الناشز أنها لا ينفق عليها؛ لأنها عصت الله جل في علاه، وفي انتظارها عقوبة وخيمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- قال: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت باتت والملائكة تلعنها) والعياذ بالله، فهي أدت بنفسها إلى لعنها، أي: طردها من رحمة الله جل في علاه، والذين يلعنونها هم الملائكة، بل هناك رواية تثبت أن اللعن من الرب وأيضاً من الملائكة.

    ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أراد الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه باتت والذي في السماء عليها ساخط) فهذه الرواية تدل على أن الرب جل في علاه يسخط عليها وأن الملائكة تلعنها، فقوله صلى الله عليه وسلم: (والذي في السماء عليها ساخط) يعني: الملائكة، أما قولك: إن الله في السماء، فلابد من تفصيله وتأويله، فكلمة (في) تؤول بمعنى: فوق؛ لأنه لا يصح أن تقول: الله في السماء بمعنى الظرفية؛ فإن هذا القول كفر؛ لأنه لا يصح أن تقول: الله في السماء والسماء تظله وتقله، أما الملائكة فهي حقيقة في السماء، وليست في الأرض، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى في سورة النجم: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ [النجم:26] ففي هذه الآية دلالة على أن الملائكة في السماوات.

    ومن الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع شبر إلا وفيها ملك راكع أو ساجد)، وأيضاً من الأدلة: حديث البيت المعمور.

    إذاً: فالملائكة في السماء، فقوله صلى الله عليه وسلم: (والذي في السماء عليها ساخط) يحتمل بظاهره الملائكة، أو بتأويل في بمعنى: فوق، أي: الرب، وهذان المعنيان لا منافاة بينهما، فما من رجل أراد امرأته على فراشه فأبت عليه إلا كانت -والعياذ بالله- ملعونة في السماء من الملائكة، أو ملعونة من الله جل وعلا ومطرودة من رحمته، وإن تعللت بعلل.

    فعلى المرأة اللبيبة الأريبة أن تطيع زوجها وأن تتقي الله فيه، فإن أرادها وإن كانت على تنور -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- فلا بد أن تقول: سمعت وأطعت، وإن كان سيء الخلق، ومقصراً في حقها، فلا بد أن تسمع وتطيع؛ لأنه أمر من الله جل في علاه أن تسمع للزوج وتطيع.

    والزوج عليه أن يتقي الله فيها، فإن لم يتقِ الله هو فيها، فلا بد أن تتقي الله هي فيه، فلا ترد عليه أمره.

    كفران العشير

    اللون الثاني من النشوز: هو كفران العشير، قال صلى الله عليه وسلم: (... لو أحسنت إلى إحداهن أمد الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط) أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

    ومعنى كفران العشير: أن المرأة يحسن إليها الزوج أمد الدهر، ثم ترى منه غضباً أو نقيصة أو تقصيراً في شيء ما فتقول: ما رأيت منه خيراً قط، وتقول: كنت عزيزة فأذلني، كنت غنية فأفقرني، كنت كريمة فأهانني، وتبدأ تعدد مساوئه وتنشرها بين الناس، وهذا ليس من خلال المرأة الصالحة التي تحافظ على بيتها.

    فالمخالفة الثانية: هو كفران العشير، فيحسن إليها وهي لا تشكر له، ووردت بعض الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها قوله: (إن الله لا ينظر إلى المرأة لا تشكر زوجها وهي لا تستغني عنه) فهي تشتكي منه، حتى إذا طلقها تقول: من لي غيرك؟ أنت أفضل من أبي وأمي وأخي وأختي، تقول ذلك لأنها لا تستغني عنه، وهذا هو معنى نص الحديث، فاللون الثاني من النشوز: عصيان الزوج في عدم شكر إحسانه، أو فضائله الحسنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لم ترضي منه بخلق ترضي منه بآخر) أو قال: (إن لم ترض منها بخلق فارضي منها بآخر).

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلِّ اللهم وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755794357