إسلام ويب

تفسير سورة الحج [36 - 38]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من نعم الله أن شرع للمسلمين شعيرة ذبح الهدي والأضاحي، ليذكروا اسم الله عليها، ويأكلوا منها ويطعموا الفقراء ويشكروا الله، والله لا يقبل منها إلا ما كان خالصاً له، فإنه لا يتقبل إلا من المؤمنين المتقين، فهؤلاء لهم البشرى في الدنيا والآخرة، والله يتولاهم ويحفظهم ويدافع عنهم في الدنيا والآخرة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ...)

    الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة الحج: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:36-38].

    في هذه الآيات من سورة الحج يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى عن نعمة من نعمه سبحانه تبارك وتعالى على عباده، وهي البدن، فقال: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ [الحج:36]، والبدن هي الإبل، وتطلق أيضاً على البقر، فجعل الله عز وجل بهيمة الأنعام نعماً لعباده يأكلون منها، ويركبون منها، ويستخدمون أشعارها وأوبارها وأصوافها أثاثاً ومتاعاً إلى حين, وجعلها لهم من شعائر الحج فقال: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [الحج:36]، شعار جمع شعيرة، والشعيرة المعلم والمنسك، فهي من بعض شعائر الله، ومن المناسك العظيمة في أيام الحج.

    قال: لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ [الحج:36] أي: لكم فيها منافع دنيوية، في بيعها وشرائها، والاستفادة من ألبانها ومن وبرها ومن نسلها، وكذلك ركوبها حتى تنحر في محلها.

    فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج:36]، هذا فيه بيان كيفية نحر الإبل، فإنها تنحر بأن تطعن في لبتها بسكين ونحوه وهي قائمة معقولة اليد اليسرى، يعني: يدها اليسرى مربوطة مثنية إلى ركبتها التي في يدها، بحيث تكون واقفة على ثلاث قوائم فقط، على اليد اليمنى والرجلين، أما اليد اليسرى فتكون مربوطة مرفوعة، فإذا طعنها في لبتها تسقط على الأرض، فهذه من شعائر الله سبحانه تبارك وتعالى، ونحرها يكون على هذه الصفة.

    والسنة في الإبل أن تنحر، والسنة في البقر والغنم أنها تذبح، ويجوز في البقر النحر.

    فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا يعني: سقطت على الأرض بعدما طعنت.

    قال الله عز وجل: وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36] وفي الآية الأخرى قال: وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] فالبائس: الإنسان الذي في ضيق وفي شدة ونزلت به مصيبة من مصيبات الدهر، فأطعموا هذا الإنسان المحتاج، وأطمعوا الفقير، والقانع هو الذي قنع بالسؤال، والمعتر الذي لم يسأل، فكأنك تهدي لهذا المعتر، وتعطي الفقير السائل، وتأكل منها، فتقسم الأضحية أثلاثاً، ولا يشترط أن تكون الأثلاث متساوية، وإذا كان أكثرها في الصدقة هذا الأفضل.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ...)

    قال الله عز وجل: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37] كان أهل الجاهلية يطلون الكعبة بدماء البدن، ويظنون أنهم يتقربون إلى الله عز وجل بذلك، والدم نجس، ولا يجوز للإنسان أن يلطخ الكعبة بمثل هذه النجاسات، فقال سبحانه تبارك وتعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا [الحج:37]، قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية يطلون البيت بدماء البدن، فأراد المسلمين أن يفعلوا ذلك فنزلت هذه الآية.

    وقوله: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ أي: لن يصل إلى الله سبحانه، ولن يستفيد الله سبحانه تبارك وتعالى من ذلك شيئاً، والله الغني عن خلقه وعن عبادتهم، وهو مستغن عن العباد وعبادتهم، قال: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58].

    قال الله: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا [الحج:37]، قال ابن عباس: أي: لن يصعد إليه، فلا اللحوم ستصعد إلى السماء، ولا الدماء ستصعد إليه، والذي يصل ويصعد إليه التقوى والعمل الصالح، فالله يتقبل عملك الصالح، ويكتب الله عز وجل في كتاب ما عملت من ثواب، أما اللحم أو الدم فلا يرتفع إلى الله، وإنما يرفع ثوابك إلى الله، ويثيبك عليه الله عز وجل بجنته وفضله.

    والذي يصل ويرتفع إلى الله عز وجل التقوى من العباد أي: ما أريد به وجه الله سبحانه تبارك وتعالى، فذلك الذي يقبله، وذلك الذي يثيب عليه سبحانه تبارك وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) يعني: إذا عملت العمل بغير نية فلن يقبله الله سبحانه، وإذا عملت العمل بنية صالحة خالصاً لرب العالمين قبله ورفعه إليه سبحانه، ونماه وزاده لك.

    قوله: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا [الحج:37] هذه قراءة الجمهور: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ [الحج:37]، وقراءة يعقوب : (لن تنال الله لحومها ولا دماؤها ولكن تناله التقوى منكم) فأنث الفعل باعتبار اللحوم.

    وقوله: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ [الحج:37] أي: من الله عز وجل عليكم بأن سخر لكم بهيمة الأنعام، والله عظيم سبحانه تبارك وتعالى، والإنسان أضعف بكثير من البقرة التي يذبحها، ومن الجمل الذي ينحره، ومع ذلك سخر الله عز وجل هذا الجمل ينقاد لناحره، يأخذ بلجامه، ويسوقه ثم يطعنه، فالله الذي سخر ذلك، ولو شاء ما استطعت أن تغلبه، وقد يهجم الذئب على الإنسان وهو أضعف من الجمل ولا يقدر عليه الإنسان، ويخاف منه، ويفر منه، وكذلك يخاف من النمر والفهد والأسد، ولا يقدر على مواجهتها، فلو شاء الله لسلط الجمل عليه كما سلط عليه هؤلاء، ولكن الله سخر وذلل الجمل، فاعلم أن الله من فضله ومن رحمته سخر لك بهيمة الأنعام، ولو شاء لصعبها عليك ولما جعلها منقادة ميسرة مذللة لك.

    قال الله: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ [الحج:37] أي: هذا التسخير العظيم لتتأملوا في تدبير الله عز وجل للكون، وأن التدبير إلى الله وليس إليكم، وتدبيره بحسب ما يريده الله العزيز القدير سبحانه.

    وقوله: كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج:37]، فمن السنة عند أن تذبح أو تنحر أن تكبر الله سبحانه تبارك وتعالى، فسخر لكم هذه الأنعام لتذبحوها وتنحروها مكبرين الله، مسمين اسم الله عز وجل عليها، قال: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج:36] يعني التسمية، وقال هنا: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج:37]، فتجمع بين التسمية والتكبير، تقول: باسم الله، والله أكبر.

    من أحكام التسمية عند الذبح

    في الصحيح عن أنس قال: (ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين) والكبش الأملح الذي لونه أبيض وفيه سواد.

    وقوله: أقرنين، أي: فيهما قرون، قال: (ورأيته يذبحهما بيده صلوات الله وسلامه عليه، ورأيته وضعه قدمه على صفاحهما) يعني: وضع قدمه على صفحة العنق حتى يثبته على الأرض بحيث يتمكن من ذبحه، قال: (وسمى وكبر)، ففيه أن السنة في الذبح أن تسمي الله عز وجل وتكبر.

    قال بعض العلماء: التسمية واجبة، وأكثر العلماء أنها مستحبة، وقال بعضهم: لابد أن يسمي الله بهذا الاسم: باسم الله، وجمهور العلماء أنه لا تتعين التسمية بذلك، ويكفي أي اسم من أسماء الله عز وجل الحسنى، مثل باسم الرحمن، أو يقول: الله أكبر فقط، لكن السنة أن يجمع بين اللفظين فيقول: باسم الله، والله أكبر.

    ومن ترك التسمية عند الذبح متعمداً اختلف العلماء هل تؤكل ذبيحته أو لا تؤكل؟

    فإن كان مسلماً ونسي التسمية فالراجح أن ذبحه صحيح، وتؤكل ذبيحته، لكن إذا تعمد ذلك فذهب البعض من العلماء إلى أنها لا تؤكل، وذهب البعض الآخر إلى أنه إذا تعمد ذلك متأولاً فتؤكل ذبيحته، وهذا قول الشافعي ، وقال الإمام أحمد : لابد أن يسمي الله عز وجل؛ لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121]، فنهى من الأكل مما لم يذكر اسم الله عز وجل عليه. فالأحوط أنه لابد أن يسمي أو يذكر الله سبحانه تبارك وتعالى، ولو بالتكبير فقط.

    وهل يسمي ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؟ كره العلماء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند الذبح، ولكن يذكر الله عز وجل وحده فقط، فهذا محل طاعة لله عز وجل، فيسمي الله عز وجل الذي أمره بذلك: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [الحج:36]، وما قال: اذكروا اسم أحد مع الله سبحانه تبارك وتعالى، فالمستحب ذكر اسم الله وحده لا شريك له، فيقول: باسم الله والله أكبر، إظهاراً لشعيرة التكبير، وأيضاً لعلك ترى في نفسك قدرة وقوة عندما تذبح هذه الذبيحة، والإنسان قد يتعاظم في نفسه عندما قدر على هذه الذبيحة، فيذكر نفسه بأن الله أكبر سبحانه تبارك وتعالى، فمهما استطعت على ذلك فالله أكبر منك، والله هو الذي مكنك من ذلك، ففي التسمية توحيد الله عز وجل، وفي التكبير تواضع من العبد لربه الذي سخر له ذلك.

    وهل يقول الذابح: اللهم تقبل مني؟ بعض العلماء أجاز ذلك، والبعض كرهه، فكره ذلك الإمام أبو حنيفة ، والجمهور على الجواز وهو الراجح؛ لأنه جاء في الصحيح من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذبح الكبشين قال: (باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد)، ثم ضحى به صلوات الله وسلامه عليه، ففيه أنه دعا ربه أن يتقبل منه، وأيضاً إبراهيم وإسماعيل عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام لما رفعا قواعد البيت كانا يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:127].

    معنى قوله تعالى: (لتكبروا الله على ما هداكم)

    قال الله سبحانه تبارك وتعالى: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج:37]، تكبر الله سبحانه تبارك وتعالى شاكراً إياه سبحانه على نعمه العظيمة، وأعظم النعم أن هداكم للإسلام، وأن هداكم ووفقكم لهذه الشعائر، وأن هداكم لذبح بهيمة الأنعام على اسم الله عز وجل ولم تشركوا به غيره.

    قال: لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج:37] الهدى فضل منه.

    ثم قال: وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:37] فأنتم أحسنتم في ذلك، فالبشارة من الله سبحانه تبارك وتعالى لعباده الذين أحسنوا، فلهم الحسنى وزيادة، لهم جنة رب العالمين، ولهم زيادة النظر إلى وجهه سبحانه تبارك وتعالى، فبشر المحسنين بالفضل العظيم منه سبحانه تبارك وتعالى.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا ...)

    قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38] بعد أن بشر المحسنين بالجنة، بشرهم في الدنيا بأنه معهم فقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]، وقال هنا: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج:38]، فالله معهم في الدنيا وفي الآخرة، والله يدفع عنهم، والله يدافع عنهم، وهنا قراءتان: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ هذه قراءة الجمهور، وقراءة ابن كثير وأبي عمر ويعقوب : (إن الله يدفع عن الذين آمنوا)، فإذا جاء الكفار دافع الله عز وجل عن المؤمنين، وإذا نزلت البلية وجاءت المصيبة دفع الله عن المؤمنين.

    إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:38] إذا علمنا سبب النزول عرفنا ما هي العلاقة بين أول الآية وآخرها، قالوا: نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار، وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة، فأراد بعض المؤمنين في مكة أن يقتل من أمكنه من الكفار ويهرب بعد ذلك، وأراد بعضهم أن يغتال بعضهم أو يغدر بهم في أموالهم، ويحتال عليهم، فنزلت هذه الآية تحذر المؤمنين، وقد ذكرنا أن هذه السورة العظيمة سورة الحج مكية ومدنية، فيها آيات مكية، وفيها آيات مدنية، وهي من السور التي جمعت بين القرآن المكي والقرآن المدني، وهذه الآية يطمئن الله عز وجل المؤمنين بأنه يدافع عنهم، فلا تفعلوا ذلك: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ [الحج:38] كثير الخيانة، كَفُورٍ [الحج:38] يكفر بالله سبحانه تبارك وتعالى، ويجحد نعم الله سبحانه تبارك وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ينصب للغادر لواء عند استه بقدر غدرته يقال: هذه غدرة فلان) يعني: يوم القيامة يفضح الإنسان الغدار، فإذا كان المؤمنون في أمان مع الكفار فلا يجوز أن يغدروا بهم فيأخذوا أموالهم، أو يقتلوهم غيلة وغدراً وخيانة، وإنما القتال يكون في الجهاد في سبيل الله سبحانه تبارك وتعالى، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ [الأنفال:58] حتى يعلموا أنه سيقاتلهم ثم يحدث القتال بين المؤمنين وبين الكفار، أما الغدر والخيانة فالله عز وجل نهى عنها، والنبي صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه كان في مكة يؤذى عليه الصلاة والسلام، ويفعل المشركون أفضع أنواع الأذى فيه وفي أصحابه صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كانوا يأتمنونه على أموالهم، فكان عنده ودائع لهؤلاء الكفار في بيته صلوات الله وسلامه عليه، فلما أراد أن يهاجر صلوات الله وسلامه عليه لم يأخذ هذه الودائع والأمانات ويذهب بها ويقول: أخذنا منهم بما فعلوه، مع أنهم جهزوا لقتله صلى الله عليه وسلم أربعين رجلاً، وجلعوا من كل قبيلة رجلاً معه سيف ليقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم بضربة رجل واحد، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالأمانات لـأم أيمن ولـعلي بن أبي طالب ؛ حتى تعاد الأمانات إلى أهلها، وخرج مهاجراً إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه ولم يأخذ شيئاً من أموالهم وهم عازمون على قتله صلى الله عليه وسلم!

    قال الله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج:38]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك).

    نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756019695