إسلام ويب

تفسير سورة المؤمنون [14 - 18]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه العزيز مراحل خلق الإنسان، وفي ذلك إعجاز باهر للعقول، ثم يمتن جل في علاه على خلقه -وهو المنان- بأصناف من النعم التي أنعم بها على عباده، وهي كثيرة لا يمكن أن تحصر بحال من الأحوال، ومنها: نعمة المطر، والتي تعد في حد ذاتها معجزة قوية في تفاصيلها.

    1.   

    أطوار خلق الإنسان

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة المؤمنون: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ * وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ [المؤمنون:15-19].

    ذكر الله عز وجل عباده بنعمه العظيمة التي أنعم بها عليهم، ومنها: أنه خلقهم من تراب من سلالة من ماء مهين، ثم مرت نطفة الإنسان بالمراحل التي ذكر الله عز وجل في الآية قبل ذلك فقال: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ [المؤمنون:14].

    فكان الإنسان في بداية تكوينه نطفة، ثم خلق الله عز وجل منها العلقة، ثم المضغة، وأنشأ الله عز وجل خلقاً آخر في مراحله الأولى لا يفرق بين نطفة الإنسان ونطفة الحيوان من حيث المنظر، وكذلك عندما تصير هذه النطفة علقة، ثم مضغة، ففي هذه المراحل تكون شكلاً واحداً في رحم الأم، ثم يخلق الله عز وجل العظام ويكسوها لحماً، وينشئ الخلق الآخر فيصير الإنسان إنساناً، أي: يصبح منظره منظر إنسان، منتصب القامة، فيه اليد والرجل والعين، فتبارك الله سبحانه أحسن الخالقين والخلاق العظيم سبحانه وتعالى، فهو الذي يخلق الشيء فيكون على الوفق الذي قدره سبحانه وتعالى، فهو الخالق البارئ المصور سبحانه، خلق وقدر كل شيء وأوجده من عدم إلى وجود، وأوجد فيه ما يتميز به عن غيره، فيقدر الشيء ويخلقه سبحانه وتعالى ويجعله على النحو الذي قدره عليه، قال تعالى: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:14].

    فإن من معاني الخلق: تقدير الشيء، والإنسان قد يقدر الشيء وقد يكون على وفق ما قدره وقد لا يكون، فالإنسان يقدر بتفكيره فتكون الفكرة سهلة عنده فلما يبتدئ ويعمل الذي يقوله قد يقدر أن يصل إلى ما فكر فيه وقد لا يقدر، أما الله سبحانه وتعالى فما من شيء يقدره إلا ويكون على ما قدره عليه سبحانه وتعالى، والأمر عليه يسير وسهل سبحانه وتعالى، فمن معاني الخلق: التقدير، ولذلك يقول زهير بن أبي سلمى في شعره:

    ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

    وكأنه يمدح أحداً فيقول: أنت تقدر الشيء فيقع على النحو الذي قدرته، فيأتي الخلق بمعنى التقدير.

    قال الله عز وجل: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:14]، والله يقدر ولا بد أن يكون الشيء الذي قدره على النحو الذي أراده سبحانه، والإنسان عندما يقدر فقد يكون هذا الشيء وقد لا يكون، فالله أحسن الخالقين، وأحسن الصانعين سبحانه وتعالى، وهو الذي يتقن الشيء ويصنعه على ما قدره سبحانه.

    ومن معاني الآية: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون:14]، أي: أتقن الصانعين سبحانه وتعالى فهو الذي يصنع الشيء على نحو من الإتقان العظيم الذي لا يشبهه فيه أحد أبداً، فلذلك الخلق يأتي بمعنى الصنع.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ثم إنكم بعد ذلك لميتون ...)

    قال سبحانه: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ [المؤمنون:15]، أي: مثلما خلقكم فإنه سوف يعيدكم إلى التراب مرة ثانية ثم يخرجكم منه ثالثة للجزاء والحساب، قال تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ [المؤمنون:15]، أي: بعد ما خلقكم ورزقكم، وبعد ما جعل لكم أعماراً تعملون فيها ويبتليكم ستموتون.

    لذلك لا بد أن يكون الموت على بال كل مؤمن، فالمؤمن الفطن هو من يعتبر بغيره، وفي ذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره.

    والمؤمن ينظر إلى الموت على أنه نهاية كل إنسان، فلم يحدد لنا ربنا سبحانه متى سنموت ولكن الموت يأتي فجأة وبغتة، ثم إن قبر الإنسان إما أن يكون حفرة من حفر النيران وإما روضة من رياض الجنة.

    قال تعالى: : ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ [المؤمنون:15]، أي: بعد هذا الخلق وبعد الحياة: لَمَيِّتُونَ [المؤمنون:15]، أي: راجعون إلى الله سبحانه وتعالى وفي قبوركم تموتون وتسلب منكم أرواحكم.

    قال تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون:16]، أي: تعودون إلى الحياة مرة ثانية يوم القيامة يوم أن يجازي الله عز وجل الخلائق.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ...)

    ثم يذكر الله من نعمه على الخلق: وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنْ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون:17]، أي: سبع سماوات طباقاً، أي: بعضها فوق بعض، وسماء فوقها سماء، ونحن تحت السماء الدنيا أي: السماء السفلى، والإنسان لم يعرف حدود هذه السماء ولكنه عرف الكواكب وعرف الأجرام، ولم ولن يصل إلى السماء التي فيها الملائكة، والتي ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أن كثافتها وسمكها خمسمائة سنة، وبينها وبين التي تليها خمسمائة سنة.

    وقوله: (سبع طرائق) أي: جعلها طرقاً للملائكة في هذه السماوات، والطرائق بمعنى: طارق الشيء أي: جعل بعضه فوق بعض، ومنه طارق النعل، أي: وضع نعله فوق نعل آخر، وهنا طارق السماوات أي: جعل بعضها فوق بعض، فسميت طرائق لأن بعضها فوق بعض، وسميت كذلك لأنها طرق الملائكة في السماء.

    قال تعالى: وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون:17] فهذه السماوات العظيمة التي لا يدري الإنسان عنها شيئاً، والكون في اتساع، كما قال تعالى: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات:47]، والإنسان يلهث ويجري لكي يعرف تفاصيل هذه الأشياء، ولكي يقال: إنه عالم فلك، والعلماء يقولون: إنه بيننا وبين السماء في الجزء المنظور من الأرض من ناحيتنا أكثر من أربعمائة ألف مليون مجرة، وكانوا قبل سنة يقولون: إن عددها مائة ألف مليون مجرة، أو مائة مليار مجرة، والآن تضاعف إلى أربعمائة ألف مليون مجرة، ويمكن بعد عشر سنين أن يتضاعف العدد، وكل مجرة من المجرات فيها مثل هذا العدد من النجوم والكواكب والأقمار والشموس.

    وعلى الرغم من عظم هذا الكون وضخامته إلا أن الله يعلم كل ما فيه وكل تفاصيله، وهو الوحيد القادر على إدارته إدارة دقيقة سبحانه وتعالى.

    قال تعالى: وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون:17]، أي: لم نغفل عن الخلق ولن نغفل عنه أبداً، ولكن نجازيهم يوم القيامة على ما صنعوا، ولم نغفل أيضاً عن متابعة مصالح الإنسان، فننزل عليه رزقه، ونعطيه ماءه وشربه، ونهديه وننزل عليه من السماء ما يشفيه من أمراض بدنه، وما يشفيه من أمراض قلبه، قال تعالى: وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون:17]، أي: في القيام بمصالح هذا الخلق فالله هو الحي القيوم سبحانه وتعالى.

    كذلك: وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ [المؤمنون:17]، أي: عن خلق هذه السماوات، فنحن لم نغفل عنها، ولو حصل ذلك لسقطت السماء على الأرض، ولكن الله عز وجل لا يعزب عنه شيء ولا يغفل عن شيء.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وأنزلنا من السماء ماء بقدر ....)

    ومن نعمه العظيمة التي يذكرها لنا قال: وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ [المؤمنون:18]، معنى السماء في هذه الآية: كل ما سما أو علا فوقك وهو السحاب، وقد يكون المعنى: أن أصله من الجنة، مثلما ذكر لنا أن أصل نهر النيل ونهر الفرات من الجنة، وقد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

    وانظر إلى التعبير هناوَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ، ويقول في آية أخرى: يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ [الشورى:27]، فالعبد يستغيث بالله: أن أنزل المطر، والله أعلم بمصالح العباد، ومن يستحق ومن لا يستحق، فينزل في هذه البقعة من الأرض كمية من الماء وفي البقعة الأخرى كمية من الماء، بحسب ما يراه الله سبحانه وتعالى، فلو زادت المياه التي تنزل من السماء عن حدها لأغرقت الأرض، ولكن الله ينزل كل شيء بقدر، والمتتبع لأحوال الماء كيف يكون في البحار والأنهار وفي المحيطات وأنه يتبخر إلى السماء بنظام عظيم قدره سبحانه، فيتبخر الماء من البحار ومن أماكن المياه إلى السماء بسبب أشعة الشمس فيعلو، والشمس تسخن ماء البحر لدرجة معينة لا يتأذى بها الإنسان، وهذا من حكمة الله عز وجل، يتبخر فيصعد الماء إلى طبقات الجو العليا، وهذا الماء كلما ارتفع تقل درجة الحرارة، إلى أن يصل إلى حد معين فوق قمم الجبال، فتكون درجة الحرارة أقل منها على الأرض، فيتكثف الماء في منطقة معينة من السماء، وبعد هذا الحد بأربعين كيلو متراً في السماء تزيد درجة الحرارة مرة أخرى، ويقف فيها الماء المتبخر في هذه المنطقة من طبقات الجو، فيرسل الله الرياح لتحرك هذه الأبخرة المتكونة من الماء والتي أصبحت على شكل سحب، وبعد ذلك يأمر الله بأن تنزل الأمطار حيث يريد من الأرض.

    وقد جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم والذي فيه: أن رجلاً كان يسير فسمع صوتاً في سحابة: اسق حديقة فلان، فتتبع فنظر فإذا بالسحابة تجيء من مكان معين فتنزل المياه كلها في شرجة أرض صخرية، فتتجمع المياه وتمشي إلى مكان واحد فقط، فمشى وراء المياه إلى أن وصل إلى حديقة، فسأل صاحب الحديقة عن اسمه، فقال: فلان، فكان نفس الاسم الذي سمعه في الصوت الذي كان في السحابة، فقال: لمَ سألتني عن اسمي؟ فقال له: إني سمعت صوتاً في السحابة يقول: اسق حديقة فلان، فتتبعت الماء فوجدته جاء عندك في الأرض الذي أنت فيها.

    فماذا يعمل هذا الإنسان؟ قال: إنه يزرع هذه الأرض، والمحصول الذي يخرج منها يقسمه أثلاثاً: ثلثاً يأكل منه هو وأهله وعياله، والثلث الآخر يرده في الأرض زرعاً مرة ثانية، والثلث الثالث يتصدق به لله سبحانه وتعالى، رعى الله سبحانه وتعالى فرعاه الله وحفظه وحفظ له ماله، وما نقص مال من صدقة، فهذه سحابة تنزل ماءها من أجل فلان، وهذه بركة من رب العالمين سبحانه وتعالى، وبركة طاعة الإنسان، فإنه حين يطيع ربه يعطيه من فضله سبحانه وتعالى.

    فينزل الماء بقدر يناسب الحديقة المعينة، أو على قدر يناسب المزارع المراد إنزال المطر عليها حتى لا يهلك أهلها، وينزل سيولاً في أماكن معينة لحكمة منه سبحانه وتعالى وهي إغراقها وأصحابها، فكل شيء ينزل بقدر من عنده سبحانه وتعالى.

    يقول لنا العلماء: إن رحمة رب العالمين أن المسطحات المائية من بحار ومن محيطات ومن أنهار والتي تتبخر منها المياه مساحة دقيقة ومحسوبة تماماً، فلو أنها زادت عن هذا الحد لتبخرت كمية كبيرة من الماء، وعندما تنزل بشكل أمطار ستغرق الدنيا، ويقول العلماء: لو أن المسطحات المائية كانت أوسع مما هي عليه لغرقت الدنيا بالمطر الذي ينزل عليها، ولكن حكمة الله سبحانه أن جعل البحار والمحيطات بهذا الحجم أو بهذه المساحة والاتساع.

    أما كمية الأمطار التي تنزل فهي كمية كبيرة جداً يقال: إنها تعادل حوالي ستة عشر مليون طن من الماء، ينزل من السماء في كل ثانية واحدة، فلولا أن الله عز وجل قسم أرزاق العباد هنا لأغرق هذا الماء النازل الدنيا وأهلك أهلها.

    والمطر الذي هو على شكل سحاب في السماء يرسل الله عز وجل الرياح فتثيره، ويتولد من ذلك ما يشاء الله عز وجل من برق ومن رعد، فالإنسان ينظر للبرق أنه شيء خطير سينزل مطر، ويخاف منه، ولكن الله سبحانه وتعالى يجعله رحمة منه لزرع الإنسان ولحياة هذا الإنسان.

    قال تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ [المؤمنون:18]، فالماء لا ينزل على نفس المكان الذي خرج منه ولكن إلى مكان آخر، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه لو أن الماء نزل في نفس المكان ما سقى زرعاً ولا ضرعاً، ولكن يتحرك على أرض معشبة يخرج منها ما فيها، وعلى أرض مجدبة يخرج منها ثمارها، وينزل على أرض أخرى فإما أن يتجمع في باطن الأرض في مكان بعيد عن الجراثيم فيكون طاهراً ومطهراً للإنسان وماء عذباً، أو أنه ينزل على أماكن عالية، وقد ينتن لو بقي في مكانه، فيسخر الله عز وجل له ما يسيره فإذا به يجري أنهاراً ويصب في البحار.

    فالذي رفعه والذي أنزله قادر على أن يذهب به كله فلا يجد الإنسان ما يشرب، فالله على كل شيء قدير، ويجب على الإنسان أن يعرف قدرة الله، وأن يقدر الله حق قدره، قال سبحانه: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91].

    الحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

    نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756008489