إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. شرح الترغيب و الترهيب للمنذرى
  6. شرح الترغيب والترهيب - الترغيب في الحب في الله والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع [2]

شرح الترغيب والترهيب - الترغيب في الحب في الله والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع [2]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحب في الله من أوثق عرى الإيمان، وهذا الحب متى تعلق بدنيا زال بزوالها، أو تعلق بمصلحة انتهى بانتهائها، وأما إذا كان في الله ولله دام وبقي أجره وثوابه؛ ولذلك ينال به الإنسان حب لله، ويجعل الله المتحابين على منابر من نور يوم القيامة، فما أكرم ذلك المقام وأرقاه!!

    1.   

    الحب في الله

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الحافظ المنذري رحمه الله: [ الترغيب في الحب في الله

    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تحابَّ رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حباً لصاحبه) رواه الطبراني وأبو يعلى ورواته رواة الصحيح إلا مبارك بن فضالة .

    وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره) رواه الترمذي وحسنه.

    وعن أبي الدرداء رضي الله عنه يرفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه) رواه الطبراني بإسناد جيد قوي ].

    هذه جملة من الأحاديث التي ذكرها الحافظ المنذري في كتابه: (الترغيب والترهيب)، وصححها الشيخ الألباني رحمه الله في الحب في الله عز وجل.

    أسباب المحبة في الله

    الحب في الله من أعظم التجارات مع الله سبحانه تبارك وتعالى، فيحب المسلم أخاه المسلم؛ لأنه مطيع لله؛ ولأنه تقي نقي؛ ولأنه لا يحمل في قلبه غلاً لأحد من المسلمين؛ ولأنه يتعلم معه الخير؛ ولأنه يدعو إلى الله سبحانه تبارك وتعالى؛ ولأنه ليس من أهل البدع، فهو على السنة والاستقامة، وعلى طريق الله سبحانه تبارك وتعالى، فهذا هو الحب في الله سبحانه لا لدنيا يريدها الإنسان، وإنما من أجل وجه الله سبحانه تبارك وتعالى.

    فإذا كان الحب خالصاً وكان أحد المتحابين أشد حباً لصاحبه، فهو أقرب إلى الله سبحانه تبارك وتعالى. وأمر المحبة ليس بقول: إني أحبك فقط، ولكنه يكمن في قلب الإنسان، وإن كان يظهره بهذا القول، ولكن الله أعلم مَن هو الذي يحب أخاه فيه، ومن هو أشد حباً لأخيه من الآخر، فلذلك يطلع الله عز وجل على القلوب، ويحب من هو أشد حباً لصاحبه، فيكون أقرب إلى الله، وأحب الاثنين إلى الله، وإن كان كلاهما محبوب لله عز وجل.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تحابَّ رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عز وجل أشدهما حباً لصاحبه)، وهنا يوجد تقديم وتأخير، والمعنى إلا كان الأشد حباً لصاحبه هو الأحب إلى الله سبحانه تبارك وتعالى.

    وفي رواية لـابن حبان : (كان أفضلهما أشدهما حباً لصاحبه).

    وفي حديث لـعبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه).

    مقتضيات الحب في الله

    إذا أحب الإنسان أخاه في الله عز وجل، ترتب على ذلك أنه يريد أن ينفع أخاه، فينفعه ويدعو له بظهر الغيب مثلاً، ويعينه على حاجاته، وإذا وجده في كرب فرج عنه هذا الكرب، وإذا وجده في ضيق أتاه وفرج عنه ما نزل به من ضيق وسلاَّه وواساه، إذا نزلت به بلية أو مصيبة كان معه يعزيه ويسليه ويواسيه، فهذا الإنسان أقرب إلى الله سبحانه، وهو الأفضل عند الله عز وجل.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه)، أي: إذا تصادق الناس، أو تحابوا، فالخيَّر منهم، والأقرب من الله عز وجل هو: الأَخْيَرُ لصاحبه.

    خير الجيران عند الله

    يقول صلى الله عليه وسلم: (خير الجيران عند الله خيرهم لجاره)، الجيران يتحابون لكونهم جيران، والجار له حق على جاره، ولكن من من الجيران هو الأحب إلى الله؟ الأحب إلى الله من هو الأكثر نفعاً لجيرانه، والذي لا يؤذي جاره، ويحسن جواره، فالجار الخيرِّ هو الذي ينفع ولا يضر، ويحب ولا يبغض، والذي لا يتعرض بأذى لجاره، ولكن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، ويحرص على أن يهديه إلى سبيل الله، وإلى طريق الله سبحانه، هذا خير الجيران وأحبهم عند الله سبحانه تبارك وتعالى.

    فضل المحبة في الله

    جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى؛ فأرصد الله له على مدرجته ملكاً ..).

    هذا رجل مسلم زار أخاً مسلماً في قرية أخرى، وسافر إليه، وقطع طريقاً بعيداً حتى يصل إلى أخيه، فالله سبحانه تبارك وتعالى أرصد له على مدرجته أي: على طريقه ملكاً ينتظره في هذا الطريق، (فلما أتى هذا الرجل على الملك -كان لا يعرف أن هذا ملكاً بل ظنه إنساناً أمامه يسأله- قال الملك: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي في هذه القرية، فقال الملك لهذا الرجل: هل لك عليه من نعمة تربها؟ -هل لك عليه من نعمة تذهب لها وتسعى من أجلها، من مال أو مصلحة- فقال: لا، غير أني أحبه في الله، قال له الملك -وأظهر نفسه- فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه) كما أنك أحببت هذا الإنسان فإن الله قد أحبك سبحانه تبارك وتعالى.

    هذا الحديث ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم المؤمنين إذا أحبوا بعضهم في الله أن ينتظروا الأجر من الله.

    فإذا أحببت إنساناً فلا تنتظر منه نفعاً، ولا تنتظر منه أن يقول لك: أنا أحبك، ولكن ليكون هذا الحب لله سبحانه تبارك وتعالى، وانتظر الأجر من الله، فهذا الرجل لم ينتظر من صاحبه شيئاً من نعمة، أو مال أو شيء ينتفع به، إنما انتظر ثواب الله فأرسل الله إليه ملكاً يبلغه أن الله يحبه سبحانه.

    ومن هذه الأحاديث ما رواه الإمام مالك في موطئه بإسناد صحيح عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه-وهو من التابعين- قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا، وإذا الناس معه، فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه، يعني: أن أبا إدريس الخولاني ذهب إلى الشام، فأتى دمشق فدخل المسجد الجامع، فإذا فتى براق الثنايا، والثنايا: الأسنان الأمامية، وبراق يعني: أنه لا يفتر ثغره عن التبسم، وحين يتبسم تظهر أسنانه البيضاء الجميلة، والناس يصدرون عن رأيه، وإذا اختلفوا في شيء يرجعون إليه فيفتيهم جميعاً، ولا يختلفون عن رأي هذا الرجل العظيم.

    قال: فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه، وحق له أن يُؤْخَذَ بفتواه، وأن يصدر الناس عن رأيه رضي الله عنه، كيف لا وقد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه أعلم هذه الأمة بالحلال والحرام)، ومعاذ بن جبل كان عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بضعاً وعشرين سنة رضي الله تبارك وتعالى عنه، لم يكن شيخاً كبيراً كـأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، هذا الرجل كان أعلم الناس بالحلال والحرام، وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ليفقه الناس، ويعلمهم الحلال والحرام رضي الله تبارك وتعالى عنه.

    فلما رجع معاذ بن جبل من اليمن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد توفي، وبعد ذلك رحل إلى دمشق، فكان يعلم الناس هنالك رضي الله عنه، فيقول أبو إدريس الخولاني: لما كان من الغد هجَّرت -يعني: ذهبت إلى المسجد مبكراً قبل صلاة الظهر- فوجدته قد سبقني بالتهجير -يعني: معاذاً سبقه وذهب إلى المسجد مبكراً؛ حرصاً على صلاة الجماعة- قال: ووجدته يصلي -يعني: قبل الظهر بفترة يصلي صلاة الضحى- قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه، ثم قلت له: والله إني لأحبك في الله.

    يُلاحظ أن أبا إدريس الخولاني لم ير معاذاً قبل ذلك، ولم يسمع من معاذ شيئاً ولا يعلم عنه سوى أنه يفتي الناس والناس يأخذون بكلامه، ولكن ألقى الله عز وجل محبته في قلبه، وكان من يرى معاذاً يحبه رضي الله عنه؛ لنور إيمانه ولعلمه العظيم، فبعد أن قال: والله إني لأحبك في الله قال: آلله -يعني: يستحلفه بالله، أحقاً هذا الذي تقوله؟- فقلت: آلله -أي: نعم والله أحبك في الله- فأخذ بحبوة ردائي -وحبوة الرداء: مجمع الرداء- فجذبني إليه، فقال: أبشر! فإني سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ -أي: وجبت محبة الله عز وجل لكل مؤمن يحب أخاه في الله سبحانه ليس لأجل الدنيا- وللمتجالسين في) وهذه بشارة من الله عز وجل على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل مؤمن جلس في بيت الله عز وجل يحضر دروس العلم حباً في الله، وحباً في كلام رسول الله صلوات وسلامه عليه، وقوله: (وللمتجالسين فيَّ) أي: الذين يجلسون يسمعون كتاب الله، ويسمعون سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتفقهون في الدين، فالذين جلسوا من أجل ذلك وجبت لهم محبة الله سبحانه تبارك وتعالى قال: (وللمتزاورين فيَّ) يعني: أن المسلم متى يزور أخاه في الله سبحانه تبارك وتعالى فإن الله يحبه سواء كان هذا الأخ أخاً في النسب أو أخاً في الله، ويزوره لا لمصلحة في الدنيا، إنما يصل رحمه، ويزوره ابتغاء مرضات الله عز وجل، وحباً في الله سبحانه تبارك وتعالى، قال: (وللمتزاورين في وللمتباذلين في) أي: من يبذلون أموالهم، وأوقاتهم، وعلمهم، وأنفسهم وأرواحهم ابتغاء مرضات الله سبحانه، فهؤلاء وجبت محبة الله عز وجل لهم.

    ثمرة الحب في الله في الآخرة

    جاء في الحديث من رواية عبادة بن الصامت ، وهو نفس حديث معاذ ، لكنه زاد عليه أن قال: (هم على منابر من نور -يعني: يوم القيامة الله عز وجل يجعلهم على كراسي عظيمة أو منابر من نور من أعظم ما يكون- يغبطهم النبيون والشهداء) يعني: ينظر إليهم الأنبياء والشهداء فيغبطونهم على ما هم فيه من هذه النعمة العظيمة.

    وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من عباد الله عباداً ليسوا بأنبياء، يغبطهم الأنبياء والشهداء -أي: على ما هم فيه من ثواب عظيم عند الله- قيل: من هم لعلنا نحبهم؟ قال: هم قوم تحابوا بنور الله، من غير أرحام ولا أنساب، وجوههم نور على منابر من نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]) .

    فهؤلاء في أرض الموقف يوم القيامة لا يحزنون، ولا يخافون، والناس في فزع وفي خوف، أما هؤلاء فيؤمنهم الله، ويظلهم بظله يوم لا ظل إلا ظله، ويجلسهم على منابر من نور، وهذه مرتبة عظيمة جداً.

    نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم ومعهم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756362903