إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. محاضرات الحج
  6. شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة و الحج و الزيارة
  7. شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - ما يجب على من أتى محظوراً من محظورات الإحرام

شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - ما يجب على من أتى محظوراً من محظورات الإحرامللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من كرم الله تعالى ورحمته بعباده أن فتح لهم أبواباً يجبرون من خلالها النقص الحاصل منهم في أداء عبادة ما. فالحج مثلاً فيه محظورات يجب على الحاج اجتنابها، حتى يعطى أجره كاملاً، ويسلم من الوزر، ثم لما كان الخطأ وصمة لازمة للإنسان شرعت عدة كفارات لكل محظور بحسبه، فاللهم لك الحمد على فضلك العظيم.

    1.   

    حكم من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام ناسياً أو جاهلاً

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    روى البخاري ومسلم عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: (أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل بالجعرانة وعليه جبة وهو مصفر رأسه ولحيته، فقال: يا رسول الله! أحرمت بعمرة وأنا كما ترى، فقال: اغسل عنك الصفرة وانزع عنك الجبة، وما كنت صانعاً في حجك فاصنع في عمرتك).

    فهذا الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، والجعرانة: ميقات للإحرام بالعمرة، وهي من الحل وقد أحرم منها النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة في عام حنين عام فتح مكة.

    والتنعيم: مكان آخر من الحل أحرمت منه أم المؤمنين عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها بالعمرة، فهذا الرجل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الجعرانة، وكان عليه جبة، والمحرم لا يجوز له أن يلبس الجبة، ولذلك أمره النبي صلى الله عليه وسلم بنزعها، وكان مصفراً رأسه ولحيته، أي: كان واضعاً طيباً على رأسه ولحيته مما جعل اللحية والرأس صفراء وفيها رائحة الطيب، فقال له: (اغسل عنك الصفرة، وانزع عنك الجبة، وما كنت صانعاً في حجك فاصنع في عمرتك) ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإزالة هذه الأشياء التي لا يجوز له أن يلبسها في الإحرام.

    فهذا الرجل كان جاهلاً، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بفدية لجهله، إذاً إذا فعل الإنسان شيئاً من محظورات الإحرام جاهلاً بتحريم ذلك، كأن تطيب، أو لبس، أو دهن رأسه أو لحيته جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، إلا أنه ينزع عنه هذه الأشياء التي وضعها.

    فإن ذكر ما فعله ناسياً، أو علم ما فعله جاهلاً لزمه المبادرة حالاً فينزع عنه الجبة التي يلبسها، ويزيل عنه أثر الطيب ويغسله، ولا شيء عليه، فإذا شرع في الإزالة وطال الزمن فلا شيء عليه، فلو فرضنا أنه استمر في غسل الطيب ولم تزل الرائحة موجودة وأخذت منه وقتاً فلا شيء عليه.

    لكن إذا أخر الإزالة فيحرم عليه ذلك، كأن يقول: عندما أعود سوف أخلع الجبة، فيكون بهذا قد تعمد اللبس مع معرفته بالحرمة، أو أخر إزالة الطيب كأن قال: عندما أعود سوف أزيل الطيب، مع إمكان إزالته حالاً، ففي هذه الحالة تلزمه الفدية؛ لأنه أخر الإزالة بلا عذر، وإن تعذر عليه إزالة الطيب أو اللباس -أي: أنه مع وجود العذر- فلا شيء عليه، فإذ أبطأ إنسان أو كان بيده علة أو غير ذلك، فلم يستطع أن يغسل أثر الطيب، كأن تكون يده مقطوعة، أو كلتا يديه مقطوعة، فإن انتظر حتى يفعل له شخص آخر ذلك فهو معذور ولا شيء عليه، ومتى تمكن ولو بأجرة لزمه أن يبادر إلى ذلك.

    ولو علم تحريم الطيب وجهل كون الممسوس طيباً فلا شيء عليه، أي: أنه يعرف أن وضع الطيب في الإحرام حرام، لكنه وجد زجاجة ولا يعرف ما بداخلها، فإذا أمسكها وشمها فخرج منها طيب على أنفه أو يده فلا شيء عليه، إلا أنه يلزمه إزالته في الحال.

    وإذا مس طيباً يظنه يابساً فكان رطباً فلا فدية، أي: لو أن رجلاً رأى قطعة طيب فظنها يابسة فأراد أن ينقلها من مكان إلى مكان آخر، فلزق بيده الطيب غسله حالاً ولا شيء عليه.

    وإذا حلق الشعر أو قلم الظفر ناسياً الإحرام أو جاهلاً تحريمه فلا فدية على الأرجح في ذلك، أي: أن الإنسان إذا نسي فأخذ الشفرة وحلق شعره ناسياً لإحرامه، أو جاهلاً لحكمه، ومثله يجهل ذلك، كرجل لا يعرف أحكام الإحرام، ومع جعله يجهل أن قص الشعر حرام في أثناء الإحرام، فإن كان جاهلاً حقاً فالراجح أنه لا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).

    والمغمى عليه والمجنون والصبي الذي لا يميز إذا أزالوا في إحرامهم شعراً أو ظفراً فلا فدية، وفرق بين الصبي الذي لا يميز والصبي المميز، فالمميز نقول: عليه الفدية احتياطاً لخلاف العلماء في ذلك، أما غير المميز فحكمه حكم المجنون.

    وإذا جامع المحرم قبل التحلل من العمرة، أو قبل التحلل الأول من الحج ناسياً لإحرامه أو جاهلاً فالراجح أنه لا يفسد نسكه، مثاله: لو أن رجلاً في أثناء إحرامه بالعمرة أو في أثناء إحرامه بالحج رجع إلى الفندق ونسي، فجامع أهله، أو فعله وهو جاهل لتحريمه، ومثله يجهل ذلك، فعلى الراجح أنه لا شيء عليه، ولا يفسد نسكه.

    وإذا حلق الحلال أو المحرم شعر محرم بغير إذنه، كأن جاء رجل حلال فقص شعره، أو جاء محرم آخر فقص شعره، فإن كان نائماً أو مكرهاً أو مجنوناً أو مغمى عليه فالفدية تجب على من حلقه، أي: على من فعل به ذلك؛ لأنه انتهك الإحرام وعصى الله عز وجل بما صنع، فالفدية على الفاعل، سواء كان محرماً أو كان حلالاً.

    ولو حلق محرم رأس حلال جاز ذلك، فلو فرضنا أن محرماً أثناء الإحرام حلق لحلال شعره جاز له ذلك؛ لأنه لم يفعل معصية.

    1.   

    أمور يجوز للمحرم فعلها ولا شيء عليه

    ويكره حك الشعر، ويكره مشط رأسه ولحيته، فالحاج هو الإنسان الأشعث الأغبر لا يحتاج إلى مثل ذلك، لكن إن احتاج وفعل فلا يتعمد أن ينزع شيئاً من الشعر، فله أن يحك بدنه أو رأسه عند الحاجة، ولكن برفق؛ لئلا ينزع شيئاً من الشعر.

    ولو أنه احتاج أن يحتجم في أثناء إحرامه من أجل التداوي مثلاً، مع أنه توجد الآن أدوية تغني عن ذلك، فليجعل الحجامة بعد أن ينهي الإحرام، لكن لو احتاج في أثناء الإحرام وكانت هذه هي الوسيلة لهذا العلاج وأراد أن يحلق شيئاً من الشعر من أجل أن يحتجم جاز ولا شيء عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في وسط رأسه وهو محرم صلوات الله وسلامه عليه، ولن يتم هذا الاحتجام إلا بأن يزيل بعضاً من الشعر.

    وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره، أي: لو أنه دلك شعر رأسه فسقط شيء من شعره فلا شيء عليه، سواء في ذلك الرجل والمرأة.

    ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك، والفصاد: هو أخذ الدم من العرق، وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة، وجاء عن عائشة رضي الله عنها وكانت تسأل عن المحرم: أيحك جسده؟ فتقول: (نعم فليحككه وليشدد، ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجليّ لحككته) أي: أنه جائز ولا شيء في ذلك.

    ويحرم الاكتحال بكحل فيه طيب، أما الاكتحال بما لا طيب فيه فلا يحرم، ويكره للمحرمة الاكتحال بالإثمد أشد من كراهته للرجال؛ لأن المرأة تضع الكحل في عينيها زينة، فيكون فيه فتنة للرجال، وخاصة إذا كانت بغير نقاب، وإذا كانت في الإحرام في وسط الرجال فإنها تسدل على وجهها، ولعلها في أثناء رفع ما سدلته على وجهها يراها أحد فتكون فتنة، فعلى ذلك يكره لها ذلك، فإذا صارت فتنة فلا يبعد أن يحرم عليها ذلك.

    فإن اكتحل رجل أو امرأة فلا فدية، وقد جاء عن عثمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المحرم يشتكي عينيه: (يضمدها بالصبر) أي: يضعه في العين، أما الآن فتوجد مراهم وقطرات وغيرها تغني عنه.

    وعن شميسة قالت: اشتكت عيناي وأنا محرمة، فسألت عائشة أم المؤمنين عن الكحل فقالت: اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد، أو قالت: غير كل كحل أسود، أي: خشية الزينة، أما إنه ليس بحرام، ولكنه زينة. عائشة تقول ذلك، ونحن نكرهه، وقالت: إن شئت كحلتك بصبر، قالت: فأبيت.

    وللمحرم أن يغتسل في الحمام وغيره، وقد جاء في الصحيحين عن أبي أيوب قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل وهو محرم)، فالاغتسال جائز أثناء الإحرام، وله أن يغسل رأسه بالصابون؛ لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي خر من ناقته قال: (اغسلوه بماء وسدر) والسدر مثل الصابون، وهو ورق النبق، فعندما يطحن ويدق ويوضع في الماء تكون له رغوة مثل الصابون، وينظف، فيجوز استخدام السدر، والصابون يشبهه، فجاز استخدام أي نوع من الصابون، إلا أن يكون فيه نوع من الطيب الذي يلصق ولا يذهب إذا غسل يده بالماء، فلا يستخدمه المحرم لذلك.

    وللمحرم أن يحتجم ويتداوى ولا فدية؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

    وله أن يستظل سائراً ونازلاً في أثناء إحرامه، بأن يضع شمسية على رأسه، وهذا جائز، ففي الحديث تقول أم الحصين : (رأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر، رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة)، إذاً: فالنبي صلى الله عليه وسلم أثناء الإحرام كان يستظل من حر الشمس.

    1.   

    أمور ينبغي للمحرم تركها والابتعاد عنها

    وينبغي أن ينزه إحرامه من الشتم، والكلام القبيح، والخصومة، والمراء والجدال، ومخاطبة النساء بما يتعلق بالجماع، والقبلة ونحو ذلك من أنواع الاستمتاع.

    ويستحب للمحرم الإكثار من ذكر الله، فلا يضيع الوقت؛ لأنه عظيم جداً، وإن كانت أيام العمرة قليلة، إلا أنها لو استغلت في ذكر الله سبحانه وتعالى وفي العمل الصالح لكان أولى وأجمل من أن تضيع في اللهو والعبث، قال تعالى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] قال ابن عباس : الفسوق: المنابزة بالألقاب، فهي من الفسوق، والفسوق هو المعصية والخروج عن الطاعة، ومن ذلك المنابزة بالألقاب، وهي أن تدعو أخاك باسم يكرهه.

    قال: وأن تقول لأخيك: يا ظالم! يا فاسق! والجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه، والمراء: هو الجدال، وبعض الناس، يكثر من الجدال في الحج بحجة أنه يظهر مسائل علمية، فيجادل بها للجدال فقط، فالحج ليس لمثل هذا، أما إذا احتجت للجدل دفاعاً عن الدين واحتاج الناس إلى ذلك فافعل، أما المراء للمراء فلا يجوز.

    وقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كهيئته يوم ولدته أمه).

    وفي الحديث الآخر: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) أي: فليقل كلاماً فيه خير، أو ليسكت، ولا بأس بالكلام المباح من شعر وغيره، وإذا تكلم بكلام يسلي نفسه في أثناء إحرامه كأشعار تهيج على الحج، وعلى عبادة الله سبحانه وتعالى، وغير ذلك، فإنه جائز، وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من الشعر لحكمة) وقال: (الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه)، ولا بأس بنظر المحرم في المرآة، فإذا احتاج أن ينظر في المرآة لكي يصلح ثيابه ونحو ذلك فلا شيء عليه، سواء في ذلك الرجل والمرأة.

    ويستحب كون الحاج أشعث؛ لقوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج:29] والتفث: هو ما في رءوسهم وثيابهم من أوساخ وغير ذلك، وشعث الرأس: هو تفرق شعر الرأس، وكذلك الأشعث هو الذي لا يهتم بترجيل شعره لانشغاله بالمناسك.

    وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (إن الله عز وجل يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً) وأيضاً الأشعث هو الذي لا يهتم بالزينة، والأغبر: هو الذي عليه غبار السفر، والمرأة كالرجل في ذلك إلا ما أمرت به من الستر، والأستر لها أن تخفض صوتها بالتلبية، ولها أن تلبس الجلباب والقميص ونحو ذلك.

    1.   

    الفروق بين الرجال والنساء في هيئة الإحرام

    أركان الحج والعمرة هي للرجال والنساء، ولكن هيئة الإحرام يختلف فيها الرجل عن المرأة في أشياء:

    فالمرأة تخالف الرجل في أنها مأمورة بلبس المخيط؛ لأنه أستر لها، فعليها أن تستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، إلا إذا مرت بالرجال الأجانب فإنها تسدل على وجهها وتغطي يديها بثوبها.

    الثاني في مخالفتها للرجل: أنها مأمورة بخفض صوتها بالتلبية، بعكس الرجل فإنه يرفع صوته، والمرأة ترفع شيئاً، ولكن لا ترفع حتى يسمع الرجال.

    الثالث: أن إحرامها في وجهها، ومعنى الإحرام في الوجه: أنها لا تلبس نقاباً على الوجه، وإنما غايتها إذا كانت أمام الرجال سترت وجهها بشيء، كالطرحة وغيرها حتى يمضي الرجال، أو حتى تنصرف إلى مكان ليس فيه رجال.

    وإن سترت وجهها لغير سبب لزمتها الفدية، ولو أن المرأة جلست في الفندق مع النساء ووضعت النقاب على وجهها لزمها الفدية؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولو أنها لبست القفازين في يديها لزمتها الفدية، أما أمام الرجال فلا تضع نقاباً ولا قفازين، وإنما تستر بالسدل على الاثنين.

    الرابع فيما تخالف فيه المرأة الرجل: أنها يستحب لها الخضاب، وهو وضع الحناء على يديها بحيث تستر جلد اليدين بذلك، فلو انكشفت يدها كان الحناء كساتر رقيق عليها، والرجل منهي عن ذلك.

    1.   

    الفروق بين الرجل والمرأة في الطواف والسعي

    وكذلك المرأة تخالف الرجل في هيئات الطواف والسعي، ومنها:

    أولاً: الرمل، ومعناه: أنه يسعى قليلاً كهيئة الذي يجري، فهذا يشرع للرجل ولا يشرع للمرأة.

    ثانياً: الاضطباع، وهو أن يكشف الرجل عن منكبه الأيمن، أما المرأة فلا يجوز لها ذلك، لكن لا تنتقب ولا تلبس القفازين.

    ثالثاً: يستحب للمرأة أن تطوف في الوقت الذي تظن خلو الحرم فيه، سواء كان بالليل أو بالنهار، لكن إذا كان الليل مثل النهار في الزحام طافت في أي وقت حتى لا يفوتها.

    رابعاً: يستحب للرجل أن يدنو من الكعبة، أما المرأة فإذا كان دنوها من الكعبة سيجعلها تختلط بالرجال فلا تفعل.

    خامساً: تمشي المرأة بين الصفا والمروة ولا تسعى، أما الرجل فيسعى بين الميلين.

    سادساً: الحلق في حق الرجل أفضل، بينما التقصير في حق المرأة أفضل، ولا يجوز لها أن تحلق شعرها.

    1.   

    المحظورات التي تلزم فيها الفدية

    والفدية لازمة لمن حلق شعره، أو قلم أظفاره، قال الله عز وجل: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196] أي: هو مخير بين هذه الأشياء:

    فإذا أنسك بشاة ذبحها وتصدق بها على فقراء الحرم.

    وإذا تصدق بطعام فإنه يتصدق بثلاثة آصع على ستة مساكين، والصاع اثنان كيلو ونصف، والثلاثة الآصع سبعة كيلو ونصف، فيتصدق بهذه الثلاثة الآصع على ستة مساكين، بحيث يعطي كل مسكين كيلو وسدساً.

    وإذا أنسك بصيام فإنه يصوم ثلاثة أيام.

    وفي الصحيحين عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: (نزلت في خاصة -يعني: هذه الآية- وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى) أي: ما كنت أظن أن الوجع وصل بك إلى هذا الأمر؛ لأنه مع كثافة شعره دخل القمل فيه وكثر حتى آذاه، فحمل حملاً إلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، هل تجد شاة؟ فقلت: لا، قال: فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع) أي: أعط كل مسكين نصف صاع.

    فإذا تصدق بطعام وجب عليه أن يعطي كل مسكين نصف صاع، فإذا فعل أكثر من ذلك كان أفضل، وإذا أطعم المسكين وجبة كاملة من الطعام الذي يأكل منه فهو أفضل من إعطائه نصف الصاع، لكنه أقل ما يعطي للفقير.

    فإذا حلق شعرة واحدة أو شعرتين فيجب في شعرة مد، أي: لو أنه قطع شعرة من رأسه فيجب فيها مد، أي: قبضة من طعام، فيملأ يديه الاثنتين بشيء من الطعام ويعطيه للفقراء، وفي شعرتين مدان، وفي ثلاث شاة.

    والظفر كالشعرة والظفران كالشعرتين، أي: إذا قص ظفراً واحداً وجب عليه أن يعطي لمسكين مداً من طعام، وإذا قص ظفرين وجب أن يعطي لمسكينين مدين من طعام، وإذا قص ثلاثة أظفار فعليه شاة في ذلك.

    وإذا حلق شعر رأسه وبدنه فتجب فدية واحدة.

    إذاً: قول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ [البقرة:196] معناه: أن من كان مريضاً فارتكب محظوراً كأن لبس ثياباً؛ عمامة، أو قميصاً أو سروالاً، أو فانيلة، أو رداءً بسبب مرضه، فإن عليه فدية واحدة في ذلك؛ لأنه من جنس واحد.

    ولو حلق شعر رأسه وشعر بدنه لم تلزمه إلا فدية واحدة.

    وتجب الفدية بتعمد إزالة ثلاث شعرات متواليات، سواء شعر الرأس أو البدن، وسواء فعل ذلك بالنتف، أو الإحراق، أو الحلق، أو التقصير، أو الإزالة، أو غير ذلك.

    وإذا تطيب في بدنه أو ثوبه، أو لبس المخيط في بدنه، أو غطى رأسه أو شيئاً منه، أو دهن رأسه أو لحيته، أو باشر فيما دون الفرج فعليه الفدية.

    ولو أن رجلاً لبس مخيطاً، أو غطى رأسه، أو دهن لحيته ورأسه بطيب، أو باشر أهله بشهوة من غير جماع فإنها تلزمه الفدية، سواء طيب عضواً كاملاً أو بعضه، وسواء استدام اللبس كأن لبسه يوماً أو لبسه لحظة.

    والفدية: إما ذبح شاة فيذبحها ويتصدق بها على فقراء الحرم، وسواء ذبح الشاة، أو وكل من يقوم بذلك، فالذي يذهب إلى بنك الراجحي مثلاً ويدفع شيكاً ثمن الشاة ويذبحونها عنه فيجوز له ذلك.

    وإما صيام ثلاثة أيام، وإما التصدق بثلاثة آصع على ستة مساكين.

    والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755994217