إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. أحمد حطيبة
  5. محاضرات الحج
  6. شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة و الحج و الزيارة
  7. شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - العقيقة وما يتعلق بها من أحكام والنهي عن معاقرة الأعراب

شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - العقيقة وما يتعلق بها من أحكام والنهي عن معاقرة الأعرابللشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يسن أن يعق عن المولود الذكر شاتان وعن الأنثى شاة في يوم سابعه، ويحلق شعره ويتصدق بوزنه فضة، ويسمى اسماً حسناً، ويتجنب في ذلك الأسماء القبيحة، أو التي يتشاءم الناس من سماعها، وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بعض أصحابه القبيحة إلى أسماء حسنة، ويجوز أن يكنى المولود. وقد نهى الشرع عما يفعله العرب من معاقرة ومفاخرة بذبح الإبل ليعلم من أكثر ذبحاً من الآخر؛ لأنها مما أهل لغير الله به.

    1.   

    أحكام العقيقة

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    تكلمنا في الحديث السابق عن أحكام العقيقة، وبلغنا إلى ما يتعلق بهذه الأحكام من التسمية، وذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث سمرة : (كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى)، فهذه سنن تتعلق بهذه المسألة، فكأنه مرتهن النفع بهذا الغلام في الدنيا والآخرة حتى تؤدى عنه العقيقة.

    ولو أن الغلام توفي وهو صغير فهو يشفع لأبيه وأمه يوم القيامة، وشفاعته مرتهنة بأن يكون الأب قد عق عن هذا الغلام، هذا تفسير الإمام أحمد رحمه الله.

    وذكر غيره أنه مرتهن أي: محبوس عن النفع حتى يفعل والده هذه العقيقة، ويجوز للوالد أن يعق عن الغلام بشاتين، وبشاة عن الأنثى، وإذا لم يتيسر الأمر جاز أن يعق بشاة عن الأنثى أو الذكر، لكن السنة شاتان عن الذكر وشاة عن الأنثى، كما قدمنا في الحديث السابق.

    حكم العقيقة

    العقيقة سنة وليست فريضة، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ولد له غلام فأحب أن ينسك عنه فلينسك)، فأرجع محبة أبيه لذلك، وهذا يصرف من الوجوب إلى محبة الإنسان، فكونه أرجع الأمر إلى المحبة دليل على أنها سنة ولست فريضة واجبة.

    حكم تسمية العقيقة بذلك

    يجوز أن نقول: عقيقة، وقد ثبتت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، ويجوز أن نقول: نسيكة، وإن كانت الأحاديث فيها قليلة جداً، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله الرجل عن العقيقة قال: (لا يحب الله العقوق)، ليس معناه: لا يحب الله العقيقة، ولا أنه كره لكم هذه التسمية، ولكن الرجل قال يوضح للنبي صلى الله عليه وسلم: لا أسأل عن العقوق، ولكن الرجل منا يولد له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (من ولد له غلام فأحب أن ينسك فلينسك بشاتين عن الغلام وبشاة عن الجارية)، فكأن الرجل ذكر اللفظ بشيء وهو العقوق، فقال له: (لا يحب الله العقوق)، لكن لم يقل: لا يحب الله أن تسمى العقيقة عقيقة، بل هذا ينافي ما ذكر من ألفاظ في أحاديث أخرى بتسميتها عقيقة، مثل: (كل غلام رهينة بعقيقته)، فسماها عقيقة صلى الله عليه وسلم، فلا يكره أن يقال: عقيقة فلان، وإنما المكروه العقوق كراهة تحريم.

    وقت ذبح العقيقة

    يتعلق بالعقيقة: أنها تذبح في اليوم السابع، وإذا لم تكن في اليوم السابع ففي أي وقت، والمستحب أنه لا يتجاوز الغلام البلوغ إلا وقد ذبحت العقيقة بحسب ما تيسر للإنسان، فإذا لم يذبح عنه شيء من بهيمة الأنعام جاز له هو أن يعق عن نفسه بعد ذلك.

    وفي الحديث أنه: يعق عنه في السابع، وإن لم يكن ففي الرابع عشر، وإن لم يكن ففي الحادي والعشرين، وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى ذلك إذا لم يتمكن في اليوم السابع من مولد الغلام، ففي أي وقت بعده.

    حلق رأس المولود

    قال: (ويحلق)، من السنة حلق رأس الغلام في اليوم السابع، وكذلك الجارية، وليست فريضة.

    أيضاً من السنة: أنه إذا حلق رأس الغلام أن يتصدق بوزنه فضة، وقد فعلت ذلك السيدة فاطمة رضي الله عنها، فكان وزن الشعر حوالي مثقال الدرهم، والدرهم وزنه حوالي ثلاثة غرامات تقريباً.

    1.   

    أحكام تسمية المولود

    قال في الحديث: (ويحلق ويسمى في اليوم السابع)، وهذا لا ينافي ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من التسمية في يوم الولادة، فكله جائز ولا يستحب أن تؤخر التسمية عن اليوم السابع.

    فيجوز أن يسمى أول ما يولد، ويجوز أن يسمى في اليوم السابع، ويكره بعد ذلك.

    اختيار أفضل الأسماء وأحسنها

    يستحب تحسين الاسم، وأفضل الأسماء وأحبها إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن -هذا ذكرناه استطراداً لتعلقه بالعقيقة- ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن) ، فالمسلم ينظر إلى أحب الأسماء إلى الله فيسمي بها، وما هي الأسماء التي كان يختارها النبي صلى الله عليه وسلم فيسمي بمثلها، فهذه من أفضل الأسماء.

    كما يجوز أن يسمي بما كانت العرب تسمي به، وما كان الصحابة يسمون به أولادهم، ولكن لاحظ أن أسماء الصحابة ليسوا هم الذين اختاروها لأنفسهم، إنما اختارها لهم آباؤهم، وكانوا جاهليين، وكانوا يختارون الأسماء كيفما اتفق، سواء كان اسماً قبيحاً أو غيره، والقبيح غيره النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يرضى صاحبه عن التغيير وقد لا يرضى فيسكت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يسمون بأسماء بحسب الطبيعة التي أمامهم، وبحسب المعيشة التي يعيشونها، وليس معنى هذا أن هذه الأسماء جيدة، ولكن اختر لابنك الاسم الحسن الذي لا يعير به، ومن الأسماء ما يكون جميلاً يحبه الله عز وجل واختاره النبي صلوات الله وسلامه عليه، ولا داعي لأن يبحث الإنسان عن الأسماء المستقبحة المستبشعة غير المعروفة عند الناس ويسمي ابنه بها، فلعله يكون مثال استهزاء وسخرية عند الناس، وخاصة إذا كانت الأسماء تدل على معانٍ من البيئة الصحراوية، كسمرة وهي شجرة الشوك، وهو اسم صحابي، لكن المعنى الذي فيها: السمر هو الشوك الطلح، هذا اسم لكن اعرف معنى التسمية، أو تسمي باسم إنسان من شهداء من الصحابة رضوان الله عليهم ولا مانع أن الإنسان يتفائل بهذه التسمية، لكن على كل حال تنتقي الاسم ولا يكون مما يستقبح.

    حكم التسمي باسم النبي والتكني بكنيته

    في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم ، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة.

    فأبو القاسم هذه كنية النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نهاهم أن يتسمى إنسان باسمه ويتكنى بكنيته، فهو أخذ اسم النبي صلى الله عليه وسلم وله أيضاً كنيته، وعند نداء النبي فمن الأدب معه صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا [النور:63]، فلا تقل: يا محمد تعالى، فهذا لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل هو ذلك عن نفسه، وإنما الله عز وجل قال: لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا [النور:63]، فقد كان بعضهم يفعل ذلك فينادي رجلاً ثم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: لا أعنيك لا أعنيك، وهذا ليس من الأدب، ولذلك تسم على اسم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تتكنّ بكنيته، وهذا في حياته احتراماً له صلى الله عليه وسلم، حتى لا يأتي إنسان ينادي ويرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: لا أقصدك، أنا أنادي على ابني، أو لعله يشتم ابنه فيسمعها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس من الأدب، ولذلك نهاهم الله عز وجل أن ينادى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأن يقولوا: يا أبا القاسم! يا رسول الله! يا نبي الله عليه الصلاة والسلام، فإذا كنى إنسان منهم نفسه بكنية النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحدث غلط؛ لأن الأعراب حين يأتون إلى المدينة ويسمعون المنادي يقول: يا محمد، حينها يختلط الأمر، إنسان ينادي ابنه وإنسان يناجي النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرف الأدب معه، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

    أما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فيجوز للإنسان أن يتسمى باسم النبي صلى الله عليه وسلم، ويكتني بكنيته عليه الصلاة والسلام.

    فالصحابة لما ولد لرجل منهم غلام وسماه القاسم قالوا: لا نكنيك أبا القاسم ولا كرامة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (سم ابنك عبد الرحمن)، والنبي صلى الله عليه وسلم أبو القاسم، فالله يعطي وهو يقسم بين الناس صلوات الله وسلامه عليه.

    في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى ابن أبي طلحة عبد الله)، يعني: ولد لـأبي طلحة غلام، وأرسله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله ، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم على اسم أبي الأنبياء على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وإبراهيم كلمة سريانية معناها أب رحيم، فهو أبو الأنبياء والرسل من بعده عليه الصلاة والسلام، وهو غاية في الرحمة والشفقة بخلق الله عز وجل.

    أصدق الأسماء وأحبها إلى الله

    روى أبو داود عن أبي وهب الجشمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة)، هناك أسماء يحبها الله عز وجل مثل عبد الله وعبد الرحمن، وقس على ذلك، وأصدق الأسماء الذي يصدق على صاحبه؛ لأن الأسماء فيها ما يصلح على صاحبه، وفيها ما لا يكون صادقاً على صاحبه، وغالباً لا يكون فيه ذلك، فأصدق الأسماء حارث وهمام، وحارث بمعنى كسب واكتسب، فكل إنسان يكتسب لنفسه، وهذا اسم صادق عليه، فلن يموت من الجوع، فلا بد أن يكتسب لنفسه، وليس معناه أنه اسم يحبه الله سبحانه وتعالى، ولكنه اسم على مسمى، فهو صاحب فعل، فأي إنسان يسمى بحارث فهو حارث في عمل نفسه، يكتسب لنفسه ويتعب.

    الاسم الآخر: همام، أي: يهم بالأمر، وما من إنسان إلا وله هم يهمه ويهتم به، ويقوم وينوي أن يفعل، فيهم به أن يفعله أو لا يفعله.

    قال: (وأقبحها حرب ومرة)، فهذه من الأسماء القبيحة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغير هذه الأسماء القبيحة، وتجوز التسمية بأسماء الأنبياء والملائكة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، مثل محمد وإبراهيم وعيسى وموسى وغير ذلك من الأسماء، وأسماء الملائكة كجبريل وجبرائيل وميكائيل وغيرها من أسماء الملائكة يجوز التسمي بها.

    أسماء يكره التسمي بها

    تكره الأسماء القبيحة والأسماء التي يتطير بها، فتكره إذا كان من الناس من يسمع هذا الاسم فيتشاءم من الذي يقول له ذلك، وقد نهينا عن التشاؤم، ولكن الكثير من الناس في قلوبهم شيء من ذلك، فلا يساعدون على هذا الشيء، فالتسمية بأسماء تبعث على ذلك لا داعي لمثلها.

    روى مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/ (لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح، فإنك تقول: أثمة، فلا يكون، فيقول: لا)، قال سمرة : إنما هن أربع فلا تزيدن عليهن، راوي الحديث يقول له: هل هناك غير هذه الأسماء؟ وكأنه يريد: هل يقاس عليها أسماء أخرى أم لا؟ فـسمرة توقف على الحديث، والحديث ذكر أربعة فلا تزد على ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم.

    والظاهر: أن النهي الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم للكراهة، وليس للتحريم؛ لما سيأتي بعد قليل.

    فلا تسمين غلامك يساراً، والغلام هو العبد، وكان بعض العرب في الجاهلية يسمي عبيده بالأسماء الجميلة الحسنة، وغالباً ما يسمون أبناءهم بالأسماء القبيحة، وكانوا يقولون: غلامي لي، وابني لعدوي، والمعنى: الغلام هذا ملكي يخدم عندي، فعندما أقول له: تعال يا فلان، اذهب يا فلان، سأستبشر باسمه، أما ابني فهو لعدوي، سيخرج ويقاتل ويجاهد ويحارب ويغير على القبائل الأخرى، وعندما يسألونه: ما اسمك؟ فيقول: اسمي فلان، فيفزعون من اسمه ويخافون، وكأن قصدهم من تسمية الابن بذلك الاسم أن يتشاءم الأعداء من اسمه، ويفزعون من اسمه، فكانوا يسمون أبناءهم الأسماء الغليظة، مثل العاصي، وسيأتي بعد قليل الحديث عن هذه الأسماء وما فيها، فكان أحدهم يسمي ابنه ليخيف أعداءه بهذه التسمية، ويسمي غلامه بالاسم الحسن لأنه له، فالحسن لي والقبيح لعدوي.

    وقوله: (لا تسمين غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ولا أفلح)، لماذا هذه الأسماء خاصة؟

    يسار من اليسر، ورباح من الربح، ونجيح من النجاح، وأفلح من الفلاح، فإنك حينما تقول: هل نجاح عندكم؟ فيقول: لا، ومثله يسار وأفلح، يتشاءم من هذا الشيء، وهذا ليس على التحريم؛ لما جاء في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: (أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى أن يسمى بيعلى أو ببركة)، إذاً: الحصر الذي في حديث سمرة رضي الله عنه هو من سمرة نفسه، ولما سأله الراوي قال: لا تزيدن عليه، فأنا كما سمعت قلت لك، لكن في حديث جابر واضح أن هناك زيادة، أي: قس على هذه الأسماء، قال: (ثم رأيته سكت بعد عنها، فلم يقل شيئاً)، لكن في حديث سمرة قال: (لا تسمين)، فدل هذا على أن النهي ليس للتحريم، لقوله: (وأراد أن يعزم في ذلك)، وينهى نهي تحريم، فلم يفعل صلوات الله وسلامه عليه، وسكت عن ذلك.

    وكلا الحديثين معناه صحيح، فالأول نهى صلى الله عليه وسلم فيه نهي تنزيه وكراهة، حتى لا يعتاد الناس على التشاؤم بنفي هذه الأشياء، وأراد صلى الله عليه وسلم أن يعزم على ذلك ويؤكد النهي حتى يكون تحريماً، ثم لم يفعل صلوات الله وسلامه عليه رحمة بالأمة، ولعموم البلوى، ولعموم الحرج في ذلك، وليس كل الناس سيبلغهم النهي منه صلى الله عليه وسلم، ولعله يبلغهم بعد أن يسموا أبناءهم، والناس وقد اعتادوا على هذا الشيء، فيقع الجميع في الحرج، المنادي والمسمى سواء، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، وغايته أنه نهى نهي كراهة، ولذلك لما غير اسم رجل اسمه حزن ، فأبى الرجل فسكت النبي صلى الله عليه وسلم وتركه، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى نهي تحريم ولم يفعل صلى الله عليه وسلم، فكأن النهي منه على الكراهة عليه الصلاة والسلام.

    قال: (ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك)، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك لما سمع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ولكن عمر رضي الله عنه الإنسان الواعي الكيس الفطن رأى أن صلى الله عليه وسلم سكت، فلم لا يسعه السكوت كما وسع النبي؟ فأراد أن ينهى عمر ثم تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سكت، فسكت عمر رضي الله عنه وترك.

    وروى ابن ماجة عن جابر عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لئن عشت -إن شاء الله- لأنهين أن يسمى رباح ونجيح وأفلح ونافع)، فالنبي صلى الله عليه وسلم أجل ذلك للسنة الآتية، ثم لم يعش صلى الله عليه وسلم، ولو كان في النهي خير على وجه التحريم لأمره الله عز وجل أن يعلنه حالاً، ولكن الله عز وجل قبضه قبل أن يفعل، وهذا دليل على أن الله اختار ذلك، وأن هذا الشيء ليس حراماً وإنما يكره فقط.

    أسماء يحرم التسمي بها

    يحرم التسمي بملك الأملاك، أو ملك الملوك، أو أن يلقب الإنسان نفسه به، أو يسمي نفسه أو ابنه بملك الملوك، سواء باللغة العربية أو الأجنبية، وهو شاهنشاه، ومعناها: ملك الملوك، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهذا النهي نهي تحريم؛ لأنه علله بما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أخنع اسم عند الله رجل تسمي بملك الأملاك)، قوله: (أضنع) من الخنوع والضعة أي: أوضع وأرذل وأحقر اسم يتسمى به إنسان رجل تسمى ملك الأملاك، وملك الملوك هو الله سبحانه وتعالى، وليس لأحد أن يصف نفسه بصفة هي لله سبحانه، وتفرد بها سبحانه وتعالى.

    ومن صفات الله ما سمح لعباده أن يتصفوا بمثلها، مثل: الرحيم، فللعبد أن يقال عنه: فلان رحيم، على وجه التنكير، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم عليه الصلاة والسلام، فهذه من صفات الله عزوجل التي أذن لعباده أن يتصفوا بها، وأمرهم أيضاً أن تكون فيهم هذه الصفات بحسب ما يليق بالمخلوق، فهذه الصفة تليق بالخالق على وجه، وتليق بالمخلوق على وجه آخر، لكن من الصفات ما تفرد الله عز وجل بها، ولا يجوز لأحد أن يتصف بها، كصفة الكبر، فهذه لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى، وإذا كانت هذه الصفة في إنسان حجب الله عز وجل عنه الجنة، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث.

    كذلك ملك الملوك هو الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز لإنسان أن يتصف به، والله عز وجل هو الملك القدوس سبحانه وتعالى، فهو الملك المطلق، أما غيره فيقال عنه: ملك البلاد على وجه الإضافة، أو الملك الفلاني على الوجه المعهود والمعروف، فلا مانع من ذلك، ولكن الملك مطلقاً هو الله سبحانه وتعالى.

    وفي لفظ آخر لـمسلم قال: (أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه)، إذاً: الإنسان الذي يتغيظ عليه ربنا سبحانه وتعالى، ومن بلغ هذه الدرجة فسيعذب عذاباً شديداً والعياذ بالله، هذا الذي يرضى لنفسه أن ينازع ربه سبحانه في صفة من صفاته وهي أنه ملك الملوك سبحانه، قال: (أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه عليه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله) سبحانه وتعالى.

    أسماء غيرها النبي صلى الله عليه وسلم

    من السنة تغيير الاسم القبيح، فقد روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية وقال: أنت جميلة)، ولاحظ أن جميلة ليس عكس عاصية، فلا يشترط أنه إذا سمي باسم قبيح أن يغير إلى عكسه، ولكن يغير باسم آخر، والعاص وعاصية كانت من الأسماء المشهورة عند أهل الجاهلية، وليس له علاقة بأنه عاصٍ لله سبحانه وتعالى، إنما يقصد عاصي على الخلق، والعصا سميت عصا لكونها قوية لا تنثني، وفلان عاصٍ أي: أنه يعصي على الخلق، ولا أحد يثنيه، ولا أحد يدوس له على جانب، ولا يأخذ أوامر من أحد، والعرب كان فيهم العصبية والعنجهية وحب النفس، وانظروا إلى بلاد الروم والفرس، هؤلاء أناس أذلة، فالذي يصلح للملك فيهم هي عائلة واحدة فقط عائلة كسرى وعائلة قيصر، أما نحن العرب فكل واحد منا يصلح أن يكون ملكاً من الملوك، فنظرتهم لأنفسهم نظرة غرور، ولذلك ما كانوا يتحدون أبداً، بل يضرب بعضهم بعضاً، فهذا معنى عاصي، أي: أنا لا أطيق أن أسمع كلام أحد، ولذلك رفضوا أن يقبلوا من النبي صلى الله عليه وسلم دعوته، وقال قائلهم: هو نبي ونحن سنأتي بنبوة من أين؟ لن نؤمن به، غيرة وحسداً له صلوات الله وسلامه عليه أن الله يهبه هذه النبوة العظيمة، فكل واحد منهم يريد أن يكون ملكاً، فكانوا يتباهون بمثل ذلك، فكلمة عاصي وعاصية، معناه: أنه لا يخضع لأحد من الخلق، فالنبي صلى الله عليه وسلم منع من هذه التسمية، وغير اسم عاصية إلى جملية .

    وروى ابن ماجة هذا الحديث وأن ابنة لـعمر رضي الله عنه هي من كانت مسماة بذلك فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة.

    وفي صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن : أن أباه حزناً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما اسمك؟ قال: حزن)، وحزن معناه: المرتفع والناشز من الأرض، والوعر من الأرض والجبل، تقول: هذه الأرض منها السهل وهو الوادي تمشي فيه، ومنها الحزن المرتفع الوعر، الذي يصعب المشي فيه، فالرجل اسمه وعر، فلما قال ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل أنت سهل، فقال: لا أغير اسماً سمانيه أبي) ، قال ابن المسيب الحفيد: فما زالت الحزونة فينا بعد، بمعنى: الصعوبة وغلظ الطبائع والشدة، وسعيد بن المسيب كان من سادة التابعين وهو فقهائهم، وأعلم الناس بقضايا عمر رضي الله تعالى عنهم، ولكن يقول: بسبب هذا الذي فعله جدي صارت الحزونة في العائلة كلها متوازنة فينا؛ لأنه لم يغير هذا الاسم الذي غيره النبي صلى الله عليه وسلم.

    وروى أبو داود هذا الحديث، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما اسمك؟ قال: حزن ، قال: أنت سهل، قال: لا، السهل يوطأ ويمتهن)، فكان السبب في امتناعه هو أنه يعلم أن السهل كل الناس يطئون عليه، وهو يريد أن يكون مرتفعاً عن هذا الشيء، كأن اسم الوعر أعجبه، ليس أي أحد يدوس عليه، قال: سعيد: فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة، كأنه يقول: غالب ظني أو يقيني أننا أصابتنا الحزونة، وليست من الحزن، ولكن من الوعورة، وصعوبة الأخلاق.

    قال أبو داود في سننه: وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاصي وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب، أي: هذه أسماء كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والعرب كانوا يتسمون بهذه الأسماء.

    فاسم عزيز اسم لله عز وجل، ولا يليق بإنسان أن يتسمى به، فلذا غيره النبي صلى الله عليه وسلم.

    أما عتلة ففيه معنى الغلظة والشدة ولذا غيره النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو الحكم كما سيأتي في الحديث بعد ذلك.

    واسم غراب لم يعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ الغراب يسقط على الجيف ويأكل النتانة، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك تقول للإنسان: اغرب عن وجهي، أي: ابتعد، والغراب معناه البعد؛ لأنه بعيد، فهنا حتى لا يتشاءم الناس بمثل هذا الاسم غيره النبي صلى الله عليه وسلم اسم غراب لأنه أخبث الطيور، وأيضاً يقع على الجيف ونحوها.

    أما حباب فهو اسم شيطان؛ ولذا غيره النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك من أسماء الحية، المتحبى فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان هذا الاسم أيضاً يطلق على غير ذلك، لوجود بعض التسمية فيه، فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وله معانٍ حلوة، فيأتي بمعنى الحب والحبيب والحباب، ولكن لما كان مشتركاً بين الخبيث والطيب غيره النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أول ما يتوهم منه هو المعنى القبيح.

    كذلك غير اسم شهاب فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ [الصافات:10]، فهو اسم يدل على النار والنارية، فكره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، والشهاب شعلة من النار فكره أن يتسمى المؤمن بذلك.

    وغير صلوات الله وسلامه عليه أسماء قبيحة مثل: حرب وسماه سلماً، وشهاب غيره إلى هشام، وهشام وهاشم كأنها مأخوذة من الكرم، والهاشم والهشام كانوا يهشمون الثريد ويطعمون الحجيج ذلك، فسمي هاشماً هاشماً لذلك؛ لأنه يقدم للناس الثريد، يهشم لهم الخبز ويضع عليه الطعام واللحم وغيره ويقدم للحجيج، وغير اسم المضطجع إلى المنبعث.

    وأرض كان اسمها عفرة، أي: مجدبة، فغير اسمها صلى الله عليه وسلم وسماها: خضرة، وكان هناك شعب -وهو الطريق بين الجبلين- كان اسمه شعب الضلالة، فغير اسمه صلى الله عليه وسلم وسماه: شعب الهدى، وشعب بني الزنية، وهي قبيلة كانت تسمى بذلك، والزنية من الزنا والعياذ بالله، فغير النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم، فلا يليق بإنسان مسلم أن يلقب بذلك فسماهم: بني الرشدة، فغير الاسم القبيح إلى مستحسن.

    وقبيلة كانت تمسى ببني موغويه، من الغي والضلال، فسماهم بني رشدة.

    وفي سنن أبي داود عن أسامة بن أغدري رضي الله عنه أن رجلاً يقال له: أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما اسمك؟ قال: أنا أصرم)، وصرم النخل معناه: الحصاد، فكأن معناه من الحصاد، فكره النبي صلى الله عليه وسلم الاسم وسماه زرعة، وقال: (بل أنت زرعة).

    وفي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بـالمنذر بن أبي أسيد حين ولد، فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه وأبو أسيد جالس، فلها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء بين يديه -أي: انشغل به- والغلام على حجره، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبوه)، وهذا من أدب الصحابة، لما وجد النبي صلى الله عليه وسلم مشغولاً بشيء أخذ ابنه وأمرهم أن يعيدوه إلى البيت، (فاستفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان يشغله، فقال: أين الصبي؟ فقال: أبو أسيد : قلبناه يا رسول الله وأعدناه إلى البيت، فقال: ما اسمه؟ قال: فلان -وكأن اسم الغلام كان اسماً قبيحاً- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ولكن اسمه المنذر ، فسماه يومئذ المنذر).

    وفي صحيح مسلم عن زينب بنت أبي سلمة قالت: (كان اسمي برة) ، ومعناه: البارة العظيمة البر، وهو اسم فيه تزكية، فالنبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك، وغير هذا الاسم الذي يدل على التزكية، قالت: (فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، قالت: ودخلت عليه زينب بنت جحش ، واسمها برة فسماها زينب )، فهذه زينب بنت أبي سلمة غير اسمها فسماها زينب ، وكان اسمها برة ، وكذلك زينب بنت جحش كان اسمها برة فغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمها وسماها زينب .

    وروى أبو داود عن محمد بن عمرو بن عطاء : أن زينب بنت أبي سلمة سألت محمد بن عمرو بن عطاء : ما سميت ابنتك؟ قال: سميتها برة، فقالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، وحكت عن نفسها أنه كان اسمي برة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزكوا أنفسكم)، أي: دعوا من الأسماء التي فيها معاني التزكية، وإن كان كل اسم فيه من هذا، ولكن برة كأنها الجامعة لخصال البر، العظيمة البر، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وهذا كله على وجه الكراهة، قالت: (وقال: الله أعلم بأهل البر منكم، قال: ما نسميها؟ قال: سموها زينب).

    أيضاً روى أبو داود والنسائي عن مقدام بن شريح ، عن أبي شريح عن أبيه هانئ : (أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بـأبي الحكم فدعاه، فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم)، أي: كيف يلقبونك أو يكنونك بـأبي الحكم؟ وهذا من تلطفه صلى الله عليه وسلم معه -وكان يمكنه بداية أن يغير اسمه- لأن له شأناً في قومه، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: (لم تكنى بـأبي الحكم ؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين)، كان له شأن في قومه بحيث إذا اختلفوا مع بعض يذهبون إليه فيحكم بينهم ويرضي الجميع بحكمه، (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا!)، وهذا من أدبه الجم وتلطفه صلى الله عليه وسلم، قال: (فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلم وعبد الله ، قال: فمن أكبرهم؟)؛ سؤاله له حتى لا يختار النبي أحدهم من عنده فيتعالى (قال: شريح ، قال: فأنت أبو شريح).

    قال الإمام النووي : ومما تعم به البلوى التسمية بست الناس، وإن كان هذا الاسم ليس موجود الآن إلا نادراً، ولكن أحياناً يسمي البعض أسماء غريبة، أو أسماء فيها تزكيات، مثل: سيد الناس، سيد العرب، وهي تدل على تزكية النفس، وهذا مكروه، ويمنع من ذلك، وقد سئل النووي عند حكم التسمي بـ: ست الناس، أو ست العرب، أو ست القضاة، أو بست العلماء، ما الحكم؟

    فقال الإمام النووي : مكروه كراهة شديدة، ويكره ذلك للرجال والنساء سواء، وتستنبط كراهته من حديث: (أخنع اسم عند الله..) فالعرب لم تكن عندهم هذه التسمية، وما كانت المرأة لها عندهم منزلة حتى يسموها بذلك، إنما الإسلام هو الذي جعل للمرأة المنزلة الرفيعة، وحرر المرأة مما كان يصنعه بها أهل الجاهلية.

    فالإمام النووي يجيب عمن أحدثوا هذا بأنه مكروه كراهة شديدة، وأخذ هذه الكراهة من القياس على حديث: (أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الملوك)، فملك الملوك من صفات الله سبحانه، فهو وحده ملك الملوك، ولكن أقول: ست اسم أنثى، فعلى ذلك لا نقول: إن هذا حرام، ولكن يكره مثل ذلك.

    يقول: ويستنبط من حديث تغيير اسم برة إلى زينب ، ولأنه كذب. وهذا فيه نظر؛ لأن كل الأسماء على هذا سيكون فيها كذب، فعندما تقول: هذا اسم على مسمى، واسم على غير مسمى، فتقول: فلان اسمه محمود، وقد يكون مرذول الصفة، ولا شيء فيه محمود، وإذا حمد فيحمد على شيء قليل، ففيه من الصدق شيء قليل وفيه من الكذب الكثير، أو إنسان يسمى: ممدوح، والناس كلهم يذمونه، فليس شرطاً أن كل إنسان يكون اسمه على حقيقته، فما من إنسان إلا وسيكون في اسمه شيء من المبالغة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (أصدق الأسماء حارث وهمام)؛ لأنه يصدق على صاحبه وعلى جميع الناس.

    فالقول بأنه كذب قد ينجر على غيره من الأسماء أيضاً، لكن ثمة شيء آخر يقوله الإمام النووي رحمه الله، يقول: اعلم أن هذه اللفظة باطلة -أي: كلمة ست- فلا نعلم ست إلا لفظة من الأعداد، والمرأة يقال لها سيدة، لكن ست غير معروفة، فلذلك قال: لأنهم يريدون بست الناس سيدة الناس، ولا يعرف أهل اللغة لفظة ست إلا في العدد، فهذه لفظة عامية.

    إذاً: ذكرنا الأسماء، وأنه يستحب للإنسان أن يسمي ابنه بالاسم الطيب الحسن، ولا يسمي بالأسماء القبيحة التي ليست معانيها طيبة، ويسمى بما سمى به النبي صلى الله عليه وسلم بناته وأولاده عليه الصلاة والسلام، وبما سمت به العرب مثل الصحابة أبناءهم، فالأسماء كثيرة جداً، فلا يخترع الإنسان اسماً أو يقلد الغرب في التسمية باسم قد يجهل معناه، فقد يكون الاسم على اسم زهرة من الزهرات، ولكن الزهرة لماذا تسمت بهذه التسمية؟ تبحث فتجد أن السبب لشبهها بالنار، فعندما نقلوها للعرب قالوا: اسم زهرة من الزهرات كذا، ويكون اسمها شيئاً قبيحاً عندهم، فلا داعي لأن يتفاخر الإنسان ويسمي بالأسماء التي يجهل معناها، وكم تسمع من أسماء ونسب، أو أن يكون معنى هذا الاسم صعب، لا يعرف ما هو، لكن سمع الناس يقولون هذا الشيء فقال مثلهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم سمى بناته صلى الله عليه وسلم، وغير اسم برة وسماها زينب، فزوجته اسمها زينب ، وبنته اسمها زينب وهو من الأسماء الجميلة، قالوا: زينب من زنب بمعنى سمن، ويسمى الأرنب السمين بذلك لسمنه، وأيضاً زينب شجرة رائحتها طيبة تسمى بذلك، قالوا: شجر حسن المنظر طيب الرائحة.

    فإذا انتقيت فانتق ما انتقاه النبي صلوات الله وسلامه عليه من الأسماء، أو خديجة على اسم السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، أو عائشة باسم السيدة عائشة ، ولها معانٍ جميلة، وإن كان خديجة يحتمل الخداج بمعنى النقص، ويقولون: فلان خديج، بمعنى: مولود قبل وقته وإن كان تام الخلق، فكأن فيها معنى صغر السن، أو أنه النازل مولوداً قبل أن يكمل سنه وقد اكتمل خلقه، ومن الأسماء فاطمة، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة ، وهي سيدة نساء الجنة رضي الله عنها، فيقال: الفاطمة، وهو معنى صحيح إذا فطمت أولادها، أو كأنها مفطومة، فاعل بمعنى مفعول، كأنها بعيدة مبتعدة عن الدنيا، غير طالبة لأمرها، فيقال: فاطم بمعنى فطمت ولدها لما بلغ سنة، ويقال: هي فاطم وفطيم بمعنى مفطومة، ومن الأسماء: هند، وهو اسم جميل، وإن كان أكثرنا يظن أن هنداً بمعنى بلاد الهند، ولو كان اسماً لسموا هند وصين وحبشة، وهذا خطأ، فهند بمعنى مائة من الإبل، ولذلك يسمى به الرجل والمرأة، فالمرأة لعظم شأنها عند أهلها يساق في مهرها الهند والهنيدة بمعنى مائة ناقة، وسميت المرأة هنداً لشرفها، ولأنها عظيمة يساق في مهرها مائة من الإبل.

    1.   

    أحكام الكنى

    يجوز التكني، أن تكني إنساناً وتكتني أنت، ويستحب تكنية أهل الفضل من الكبار من الرجال والنساء، سواء كان لهم أولاد أو لم يكن لهم أولاد، فقد يكون للرجل ولد ويكنى بأبي فلان، وقد لا يكون له ولد أيضاً ويكنى بأبي فلان.

    ففي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله! كل صواحبي لهن كنى)، أي: كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم لهن كنى وأنا ليس لي كنية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فتكني بابنك عبد الله) ، يعني: عبد الله بن الزبير وهو ابن أختها أسماء ، فكانت تكنى بـأم عبد الله ، وهي ليس عندها ولد، ولكن اكتنت باسم ابن أختها، والخالة بمنزلة الوالدة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    ويجوز التكنية بغير أسماء الآدميين، فيقال: أبو هريرة ، وهريرة تصغير الهرة وهي القطة، وكذلك أبو المكارم، والمكارم صفة معنوية من الصفات، وكذلك أبو الفضائل، وأبو المحاسن ونحو ذلك.

    ويجوز تكنية الصغير أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه في حديث أنس رضي الله عنه قال: (إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير -أخ لـأنس - يا أبا عمير ما فعل النغير؟)، وهو صبي صغير كان يلعب بعصفور، فالنبي صلى الله عليه وسلم يكنيه يا أبا عمير !! إذاً: يجوز التكنية للصغير وللكبير.

    ولا بأس بمخاطبة الكافر والفاسق والمبتدع بكنيته، ولا تؤلف له اسماً آخر، فإذا كان له كنية فناده بها، والقرآن يفيد ذلك، فهذا أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم كانت كنيته أبا لهب لشدة جماله، كأن وجهه يتلهب من جماله، فكان يكنى بذلك، ونزل القرآن يتوعده بالنار: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1]، ولم يأت باسمه الحقيقي ولكن ذكره بكنيته لأنه مشهور بها، وهذا دليل على أنه يجوز أن يخاطب الكافر والفاسق والمبتدع باسمه وبكنيته التي يعرف بها.

    وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـسعد بن عبادة : (ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب ؟) وهو رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقد كانت كنيته أبا حباب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـسعد بن عبادة : (ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب)، وكان قد قال كلاماً بذيئاً كريهاً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنف أن يمر النبي صلى الله عليه وسلم راكباً حماره به، وأمره أن يبتعد عنه، وأنه زعم أن رائحة الشم تؤذيه، حتى إن بعض الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله لريح حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب عندنا من ريحك، وكادوا يقتتلون بعضهم مع بعض، فهدأهم النبي صلى الله عليه وسلم وشكاه لسيد قبيلته سعد بن عبادة رضي الله عنه، فلما ذكره ذكره بكنيته.

    و عبد الله بن أبي ابن سلول لابد أن تكتب (ابن سلول) بألف، وإذا لم تكتب فسيكون سلول جده، لكن سلولاً أمه، ولذلك إذا قلت: فلان بن فلان بن فلان ابن فلانة فلا أن تضع الألف لتبين أن هذه أمه وليس جده.

    1.   

    استحباب التأذين في أذن المولود وتحنيكه

    السنة أن يؤذن في أذن المولود عند ولادته ذكراً كان أو أنثى.

    فإذا ولد لك مولود ذكراً أو أثنى فأذن في أذنه، فقد روى أبو داود عن أبي رافع رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة)، وجاء حديث: (أنه يؤذن في اليمنى ويقيم الصلاة في اليسرى) ولكنه ضعيف، فيكتفى بالتأذين.

    والسنة أن يحنك المولود عند ولادته بتمر، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم، ويحنكهم)، أي: يدعو لهم بالبركة عليه الصلاة والسلام، ويحنكهم بالتمر الممزوج بريقه الكريم الطاهر صلى الله عليه وسلم ويجعله في فم الصبي، ويحنكه بأصبعه، أي: يدوره ويمسح به داخل فم الصبي بهذا الريق الطاهر مع التمر، قالت: (فأتي بصبي فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله)، صلوات الله وسلامه عليه، هذا لفظ مسلم.

    وفي الصحيحين عن أسماء رضي الله عنها أنها حملت بـعبد الله بن الزبير ، قلت: فخرجت وأنا متم -أي: في الشهر التاسع- فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم. وولادة عبد الله بن الزبير كانت لها فرحة خاصة عند المسلمين؛ لأنه لما قدم اليهود المدينة زعموا -وهم كاذبون كفار مجرمون- أن المسلمين لا يولد لهم مولود، وقالوا: للمسلمين: إننا قد سحرناكم، ولن يولد لكم مولود في المدينة، فلما قدمت وولدت في المدينة فرح المسلمون، وعرفوا أن اليهود كاذبون، وأن أمر الله سبحانه لا يرده أحد أبداً.

    قالت: (ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بتمرة)، أي: أول شيء وضع ريقه الكريم في فمه، ثم أخذ تمرة ومضغها ثم مسح بها فم الغلام، وبرك عليه، أي: دعا له بالبركة وأن الله يبارك له وعليه.

    وكان أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة في المدينة هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.

    1.   

    النهي عن معاقرة الأعراب

    مما يتعلق بهذا الباب: النهي عن معاقرة الأعراب، فما هي معاقرة الأعراب؟

    المعاقرة: من العقر، والعقر هو الذبح، وكان الأعراب يتبارون فيما بينهم ليعلم من أكرم وخاصة الشعراء، فكان كل منهم يقول قصيدة يمدح نفسه أنه أكرم الناس، وأن أباه كان كذا وكذا، وجده كان كذا، فيتفاخرون ثم يدفعهم هذا التفاخر وهم يسوقون الأنعام إلى الماء -وهم على الماء- إلى أن يبدأ أحدهم ويضرب بالسيف رقبة جمله، والثاني يضرب رقبة جمله، حتى يضرب الأول مائة، والثاني لم يقدر إلا على خمسين فقط، فنهى الشرع عن الأكل من هذه الذبائح؛ لأنها لم تذبح لله، وإنما للفخر وليقال: فلان أكرم من فلان، فيعاقب الاثنان بألا نأكل من هذا وكلوها أنتم أو اتركوها حتى تعفن، فهكذا أنت خسرت مالك، وهذا تأديب عظيم من الشريعة للإنسان الذي يتباهى ويفتخر بنفسه، فيصل الأمر إلى الذبح، ويفعل هذا الأمر رياءً وسمعة وليس لله سبحانه وتعالى، فشبه ذلك بما ذبح لغير الله؛ لأن النية هنا بالذبح وجدت لأنك ذبحت، ولو لم يذبح الأول لما ذبح الثاني، فهي لغير الله سبحانه وتعالى.

    روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاقرة الأعراب)، وفي الحديث الآخر عن أنس : (لا عقر في الإسلام)، وروى أحمد عن أنس : (أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن ألا ينحن)، نهى عن النياحة، وأخذ البيعة على المرأة ألا تنوح على أحد، قال: فقلن: (يا رسول الله! إن نساءً أسعدننا في الجاهلية)، الإسعاد هنا كأنه من الألفاظ التي يراد بها العكس، أي: المرأة جاءت تبكي وتنوح معي على الذي مات عندي، فأنا أريد أن أسعدها إذا مات لها أحد (أفنسعدهن في الإسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا إسعاد في الإسلام)، فليس في الإسلام أن امرأة تنوح مع أخرى وتبكي معها لكي تشجعها على البكاء والنياحة فهذا حرام.

    قال: (لا إسعاد في الإسلام ولا شغار)، والشغار نوع من أنواع الأنكحة التي كانت في الجاهلية، وهو: أن يتزوج الرجل أخت الرجل، والآخر يتزوج بأخت الأول أو ابنته على أن يجعل مهر الأولى هو مهر الثانية، فنهى الإسلام عن ذلك، فالمهر حق المرأة وليس حقاً لوليها، قال: (ولا عقر في الإسلام)، وهو على المعنى الذي ذكرناه من ذبح الأعراب على وجه الرياء والسمعة، قال: (ولا جلبة في الإسلام ولا جنبة)، الجلب والجنب أشياء من أبواب الخديعة، وهو خداع في السباق، فالإسلام يحث على تدريب الخيل وإعداد القوة للعدو، ولكن من غير خداع وخيانة، فشرع سباقاً بين الخيل ليرى من الذي درب خيله وجعلها قوية ويستحق أن يأخذ مكافئة على ذلك، فكان السباق موجوداً في الإسلام، وليس هو الرهان المعروف عند الناس فهذا قمار منهي عنه، وهو من الكبائر، ولكن السباق المشروع هو أن يضع الحاكم جائزة للفرس ولصاحبه؛ لأنه رباه وأدبه وعلمه ليستعين به على الجهاد، فكانوا يحدثون أشياء من الخديعة في ذلك، ففي أثناء السباق يركب الواحد فرسه، ويجهز فرساً آخر في الطريق يسمي الجنب أو المجنبة، ويكون عبده واقفاً به في وسط الطريق، وعندما يصل السيد إلى مكان العبد يكون فرسه الأول قد تعب فيأخذ ما مع العبد ويكمل السباق به ليغلب، وهذا خداع، وأحياناً عندما يصل إلى مكان معين يكون هناك أناس يصيحون بحيث إن الحصان يجري أسرع، وهذا يسمى تشجيعاً، لكن هناك حصان يتشجع وآخر يفزع، وربما يخاف ويفر بصاحبه ولا يكمل السباق، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فلا خداع في المسابقات بين المسلمين ولا خيانة فيها.

    قال: (ومن انتهب فليس منا)، النهبة كإنسان يجد المال أمامه ويخطفه ويهرب، كرجل كان يذبح أضحيته، وقطع منها قطعة وأخذها ذلك وهرب بها، فلا نهبة في الإسلام، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

    روى مسلم عن علي رضي الله عنه قال: (حدثني النبي صلى الله عليه وسلم بكلمات أربع، قال: لعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض)، الشاهد من هذا الحديث قوله: (لعن الله من ذبح لغير الله)، فيذبح رياءً وسمعة، ونيته ليست لله سبحانه، فيعاقب هذا الإنسان بأنه لا يأكل ما ذبحه ويترك، قال: (لعن الله من لعن والديه) وهذا على وجه الإطلاق، والمعنى الوالد أو الوالدة.

    وقوله: (ولعن الله من ذبح لغير الله)، من ذبح لغير الله داخل في هذا الباب.

    (ولعن الله من آوى محدثاً)، وهو الإنسان الذي يحدث معصية يستوجب بسببها الحد ثم يهرب، ثم يقوم آخر ويؤيه ويخبئه، كإنسان يلزمه القصاص ويبحثون عنه لأنه ظالم، ورجل يخبئه، وهو كذلك بمعنى أن يعينه على بدعة، فمن يخترع بدعة أو يعين صاحبها عليها فهذا ملعون.

    (ولعن الله من غير منار الأرض)، التي هي علامات الطريق، وعلامات الأرض، أو علامات إرشادية في الطريق فيقلب اللوحة للجهة الأخرى ويضيع الناس في الطريق، فهذا ملعون.

    وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام المتباريين أن يأكلا)، يعني: داخلين في مباراة من يذبح أكثر، فقال: لا هذا ولا هذا، لا تأكلوا من أحد، وعاقبوا الاثنين حتى لا يفعل الناس مثل ذلك.

    يذكر هذه الأحاديث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ويقول: روى ابن أبي شيبة في تفسيره عن أبي ريحانة : سئل ابن عباس عن معاقرة الأعراب، فقال: إني أخاف أن تكون مما أهل لغير الله به.

    إذاً: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها قد يكون سببه أنها مما أهل لغير الله به، وحكمها حكم الذبح للأصنام.

    روى دحيم في تفسيره عن الجارود بن أبي سبرة قال: كان من بني رباح رجل يقال له: ابن وائل ، وكان شاعراً نافر الفرزدق بماء بظاهر الكوفة، والفرزدق شاعر معروف وهذا شاعر آخر نافره، أي: قال: أنا أقول شعراً أحسن منك، ونذبح ونرى من أكرم، أنت تزعم أنك كريم وأنا أزعم ذلك، فنافره على ذلك وعمل مسابقة معه على من يذبح أكثر من الإبل.

    قال: على أن يعقر هذا مائة من إبله وهذا مائة من إبله إذا وردت الماء، فلما وردت الإبل الماء قاما إليها بأسيافهما، وبدأ كل منهما يذبح، فجعلا يكشفان عراقيبها، فخرج الناس على الحمير والبغال، وهذه فرصة، فكل الناس الذين سمعوا أن الفرزدق والثاني سوف يذبحان أرادوا أن يأخذوا شيئاً، قال: وعلي رضي الله عنه بالكوفة، فخرج على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء وهو ينادي: يا أيها الناس! لا تأكلوا من لحومها، فإنها أهل بها لغير الله، أي: هذه كانت رياءً وسمعة، وليست نسكاً يذبح لله سبحانه، فلا أحد يأكل منها، يقول شيخ الإسلام : فهؤلاء الصحابة قد فسروا ما قصد بذبحه غير الله داخلاً فيما أهل به لغير الله، والله أعلم.

    وهكذا نكون قد أنهينا هذا الكتاب، نسأل الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه، وأن ينفع من قرأه ومن تعلم منه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755909356