إسلام ويب

شرح صحيح ابن حبان كتاب الوحيللشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركاً لعبادة الأوثان، وكان يذهب إلى الغار يتعبد لله عز وجل، وبينما هو كذلك إذ أتاه جبريل بالنبوة، وأنزل عليه سورة العلق، ثم انقطع عنه ثم أتاه بالرسالة، وأنزل عليه سورة المدثر، فنبئ بإقرأ، وأرسل بالمدثر.
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الوحي.

    أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا ابن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت: (أول ما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد الليالي ذوات العدة- ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه، فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني، فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال لي: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1] حتى بلغ: مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:5] قال فرجع بها ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع.

    ثم قال: يا خديجة !مالي؟ وأخبرها الخبر، وقال: قد خشيته عليّ، فقالت: كلا أبشر، فوالله! لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقرئ الضيف، وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ، وكان أخا أبيها، وكان امرءاً تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: أي عم! اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة : ابن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني أكون فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمخرجي هم؟! قال: نعم، لم يأت أحد قط بما جئت به إلا عودي وأوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً لكي يتردى من رءوس شواهق، الجبال فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها، تبدى له جبريل وقال له: يا محمد! إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه، فيرجع فإذا طال عليه فترة الوحي، غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فيقول له مثل ذلك) ].

    وهذا رواه البخاري في صحيحه في كتاب الوحي، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ فليس امتناعاً وإنما معناه لست قارئاً ولم أتعلم القراءة، وأما في آخر القصة أنه تبدى له أنه يريد أن يتردى من الجبل فهذه نقاط منقطعة من قول الزهري وليست مسندة، وهذا ضعيف.

    و ورقة هو أول من آمن من هذه الأمة ولعله ابن عم خديجة .

    حيث قالت له: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك.

    القائل: فيما بلغنا هو الزهري ومعنى الكلام: أنه من ضمن ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولاً، ومعلوم أن بلاغات الزهري واهية.

    ضعيف منقطع، وهو من بلاغات الإمام مالك .

    ذكر خبر يوهم مضاده خبر عائشة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أنه يضاد خبر عائشة الذي تقدم ذكرنا له. أخبرنا أحمد بن علي بن مثنى حدثنا هدبة بن خالد حدثنا أبان بن يزيد العطار حدثنا يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة : أي القرآن أنزل أول؟ قال: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1] قلت: إني نبئت أن أول سورة أنزلت من القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1] قال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله : أي القرآن أنزل أول؟ قال: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1] فقلت له: إني نبئت أن أول سورة أنزلت من القرآن اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ قال جابر : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (جاورت في حراء، فلما قضيت جواري، نزلت فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي، وخلفي، وعن يميني، وعن شمالي، فلم أر شيئاً، فنوديت، فنظرت فوقي، فإذا أنا به على عرش بين السماء والأرض، فجئثت منه، فانطلقت إلى خديجة ، فقلت: دثروني دثروني، وصبوا علي ماء بارداً، فأنزلت عليّ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [المدثر:1-3])].

    وهذا يعارض الخبر السابق وهذا الخبر استدل به بعضهم على أنه يعارض الخبر الأصل، والصحيح أنه لا يعارضه فسورة المدثر نزلت بعد نزول اقرأ.

    [ قال أبو حاتم في خبر جابر هذا: إن أول ما أنزل من القرآن يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1] وفي خبر عائشة : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق:1] وليس بين الخبرين تضاد إذ الله عز وجل أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم اقرأ باسم ربك وهو في الغار بحراء، فلما رجع إلى بيته دثرته خديجة وصبت عليه الماء البارد، وأنزل عليه في بيت خديجة : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1] ... من غير أن يكون بين الخبرين تهاتر أو تضاد ].

    ذكر الزمن الذي جاور فيه رسول الله بحراء

    قال في الحاشية: [ إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه مسلم في الإيمان ].

    أي: أول، ما نزل هو اقرأ، ثم بعد ذلك لما ذهب إلى خديجة ودثر نزلت المدثر.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر القدر الذي جاور المصطفى صلى الله عليه وسلم بحراء عند نزول الوحي عليه. أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد بن مسلم حدثني الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير سألت أبا سلمة أي القرآن أنزل أول؟ قال: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر:1] قلت: أو اقرأ؟ فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، فقال: يا أيها المدثر، فقلت: أو اقرأ؟ فقال: إني أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (جاورت بحراء شهراً، فلما قضيت جواري، نزلت فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي، وخلفي، وعن يميني، وعن شمالي، فلم أر أحداً ثم نوديت، فنظرت إلى السماء فإذا هو على العرش في الهواء فأخذتني رجفة شديدة، فأتيت إلى خديجة فأمرتهم فدثروني، ثم صبوا علي الماء، وأنزل الله عليّ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:1-4])].

    وصف الملائكة عند نزول الوحي على نبيه

    قال المصنف رحمه الله: [ ذكر وصف الملائكة عند نزول الوحي على صفيه صلى الله عليه وسلم.

    أخبرنا أبو خليفة حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان، حتى إذا فُزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ فيقولون: قال الحق وهو السميع العليم. فيستمعها مسترق السمع، فربما أدركه الشهاب قبل أن يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه وربما لم يدركه الشهاب حتى يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه. قال: وهم هكذا بعضهم أسفل من بعض -ووصف ذلك سفيان بيده- فيرمي بها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى تصل إلى الأرض، فتلقى إلى فم الكافر والساحر، فيكذب معها مائة كذبة، فيُصَّدق، ويقال: أليس قد قال في يوم كذا وكذا، كذا وكذا فصدق)].

    وهذا من الأحاديث التي ذكرها الشيخ محمد رحمه الله في كتاب التوحيد، وفيه أن الملائكة لا يصلحون أن يُعبدوا؛ لأنهم يصعقون ويصيبهم الصعق وهو دليل على ضعفهم، وفيه أن الشياطين تسترق السمع وأنه غير متواتر فيه، وفيه أن الشهب تلاحقهم، وفيه أنها قد تصل إلى الساحر فيكذب معها مائة كذبة فيصدقه الناس بهذا الكذب فينزل على الناس الشر والمرض.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088783108

    عدد مرات الحفظ

    779002856