وللناس في الإسلام والإيمان من الكلام الكثير: مختلفين تارة ومتفقين أخرى، ما يحتاج الناس معه إلى معرفة الحق في ذلك، وهذا يكون بأن تبين الأصول المعلومة المتفق عليها، ثم بذلك يتوصل إلى معرفة الحقيقة المتنازع فيها ].
فهذا كتاب الإيمان الأوسط أو الصغير شرح لحديث جبرائيل عليه الصلاة والسلام، والمؤلف رحمه الله لم يذكر الحديث بفصوله وإنما ذكر معناه، فقال: تضمن حديث جبرائيل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، ثم قال في آخر الحديث: (هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) فسمى الإسلام والإيمان والإحسان ديناً، فالدين له ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان.
وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إن الناس اختلفوا في مسمى الإسلام وفي مسمى الإيمان، مختلفين تارة ومتفقين تارة، وقال: إن الحق يتبين بعد معرفة الأصول المتفق عليها، وذكر من هذه الأصول التي دلت عليها النصوص أصلين:
الأصل الأول: أن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة ثلاث طوائف: مؤمنون باطناً وظاهراً، وكفار باطناً وظاهراً، ومسلمون في الظاهر وكفار في الباطن وهم المنافقون، وهذا أصل دلت عليه النصوص من الكتاب ومن السنة، وأجمع عليه العلماء.
الأصل الثاني: أن النصوص وصفت أقواماً من الناس بالإسلام ونفت عنهم الإيمان، كقوله تعالى: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14]، وكقوله صلى الله عليه وسلم لـسعد بن أبي وقاص لما قال له حين أعطى رجالاً يتألفهم على الإسلام: (ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً، فقال عليه الصلاة والسلام: أو مسلماً. ثلاث مرات).
والخلاصة في هذا: أن مسمى الإسلام ومسمى الإيمان اختلف الناس فيه على أقوال:
والكلمة يعني: النطق بالشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فمن نطق بهما فهو مسلم، فإذا عمل وأدى الواجبات وترك المحرمات فهو المؤمن.
وهذا القول مروي عن الإمام الزهري رحمه الله تعالى وبعض أهل السنة، وليس مقصود الإمام الزهري رحمه الله أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإسلام، فإن الإمام الزهري أجل من أن يخفى عليه مثل ذلك، لكن مقصود الإمام الزهري بقوله إن الإسلام هو الكلمة أن الإنسان إذا نطق بالشهادتين حكم له بالإسلام، وتميز عن المشركين وعن اليهود والنصارى، والأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان.
ومن أدلتهم: قول الله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ [فاطر:32].
قالوا: فالظالم لنفسه هو المسلم، والمقتصد هو المؤمن الذي أدى الواجب فترك المحرمات، والسابق بالخيرات هو المحسن.
وهذه الآية لا تدل على ما ذهب إليه هؤلاء؛ لأن الآية ليس فيها أن الإسلام هو الكلمة، وإنما فيها تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام:
ظالم لنفسه: وهو الذي قصر في بعض الواجبات وارتكب بعض المحرمات.
ومقتصد: وهو الذي أدى الواجبات وترك المحرمات.
وسابق بالخيرات: وهو المحسن.
فالآية قسمت الناس إلى ثلاثة أقسام، كحديث جبرائيل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام وعن الإيمان وعن الإحسان.
ومن أدلتهم أيضاً: أن النصوص دلت على تسمية الإسلام باسم الإيمان، وتسمية الإيمان باسم الإسلام، فحديث جبرائيل الذي معنا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالأعمال: الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج.
وفي حديث وفد عبد القيس فسر الإيمان بالأعمال، فإن في حديث وفد عبد القيس وهو حديث صحيح رواه الشيخان قال النبي صلى الله عليه وسلم: (آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا سدس ما غنمتم)، ففسر الإيمان بالأعمال، قالوا: إن النصوص سمت الإسلام بما سمي به الإيمان، وسمت الإيمان بما سمي به الإسلام.
وذهب إلى هذا بعض أهل السنة وعلى رأسهم الإمام البخاري رحمه الله، ذهب إلى هذا في كتابه الجامع الصحيح في التراجم، وشارك أهل السنة في هذا القول بعض أهل البدع كالخوارج والمعتزلة، قالوا: إن الإسلام هو الإيمان والإيمان هو الإسلام، فهما مترادفان.
وأجابوا عن حديث جبرائيل: (الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله) قالوا: هذا فيه تقدير، والتقدير: شعائر الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله. ولكن الأصل عدم التقدير.
واستدلوا بقول الله تعالى في قصة قوم لوط عليه الصلاة والسلام: فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [الذاريات:35-36].
قالوا: هذا البيت الواحد وصف بالإيمان ووصف بالإسلام، بيت واحد وهو لوط وابنتاه، نجاهم الله من الهلاك، فهذا يدل على أنهما مترادفان.
ولكن الصواب: أنهما ليسا مترادفين.
والجواب عن هذه الآية: أن البيت المفرد اتصف بالإيمان وبالإسلام؛ لأنها تنطبق عليهم أوصاف الإسلام وأوصاف الإيمان، ولا يلزم من كون هذا البيت المفرد اتصف بالإسلام والإيمان أن يكون الإسلام والإيمان واحداً؛ لأن غيرهم قد لا يتصف بصفة الإيمان.
ومن أدلتهم: قول الله تعالى: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14].
فهذه الآية فيها أن الله نفى عنهم الإيمان وأثبت لهم الإسلام، فدل على أن الإيمان والإسلام شيء واحد، ولو كان الإيمان والإسلام شيئين لما نفى عنهم الإيمان، فلما نفى عنهم الإيمان وأثبت لهم الإسلام دل على أن هؤلاء منافقون، والمعنى: قولوا استسلمنا وانقدنا للإسلام ظاهراً نفاقاً.
والصواب الذي عليه جمهور العلماء والمحققون من أهل السنة وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: أن هذه الآية ليست في المنافقين، وإنما هي في ضعفاء الإيمان؛ لأن هذه الآية من سورة الحجرات، وآية الحجرات ذكر فيها المعاصي: القتل، والغيبة، والنميمة، والسخرية، والهمز، واللمز، وليس فيها ذكر النفاق، فضعيف الإيمان ينفى عنه الإيمان ويثبت له الإسلام، وإن كان لا بد للإسلام من إيمان يصح به، إلا أنه لا يطلق عليه اسم الإيمان.
ويدل على هذا ما سبق هذه الآية، فإن هذه الآية في المؤمنين قال فيها: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ [الحجرات:14]، فأثبت لهم طاعة الله ورسوله، ولو كانوا منافقين لما أثبت لهم طاعة، وقال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا [الحجرات:17] فأثبت لهم الإسلام، ولو كانوا منافقين لما أثبت لهم الإسلام.
ودليلهم حديث جبرائيل، فإنه لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فسره بالأعمال الظاهرة، ولما سأل عن الإيمان فسره بالاعتقادات الباطنة، فدل على أن الإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة.
والصواب الذي تدل عليه النصوص والذي عليه المحققون من أهل العلم والذي أقره شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الكتاب من أوله إلى آخره: أن الإسلام والإيمان تختلف دلالتهما بالاقتران والإفراد، فإذا انفرد الإسلام دخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، وإذا انفرد الإيمان دخل فيه الأعمال الباطنة والظاهرة، وإذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى.
فإذا اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة وفسر الإيمان بالأعمال الباطنة، كما في حديث جبرائيل فإنهما اجتمعا، فلما اجتمعا فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة وفسر الإيمان بالأعمال الباطنة.
لما سأله عن الإسلام فسر الإسلام: بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ولما سأل عن الإيمان فسره بالاعتقادات الباطنة: بالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
وإذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر، فإذا انفرد الإسلام فيدخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، كما في قوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، فالإسلام هنا يشمل الأعمال الظاهرة والباطنة.
وكذلك الإيمان إذا انفرد فإنه يدخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، وبهذا تجتمع الأدلة ولا تختلف.
وهذا ليس خاصاً بالإسلام والإيمان، فمثلهما مسمى الدين، فالدين إذا أطلق يشمل الأعمال الظاهرة والباطنة، والإسلام إذا أطلق يدخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، والإيمان إذا أطلق يدخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، والبر إذا أطلق يدخل فيه الأعمال الظاهرة والباطنة، والتقوى إذا أطلقت يدخل فيها الأعمال الظاهرة والباطنة.
لكن إذا اجتمع الإسلام والإيمان صار لكل واحد منهما معنى، فمعنى الإسلام الأعمال الظاهرة والإيمان الأعمال الباطنة، وإذا اجتمع البر والتقوى صار لكل واحد منهما معنى، البر فعل الأوامر والتقوى ترك النواهي، وإن أطلق البر وحده شمل الأعمال الظاهرة والباطنة، وإذا أطلقت التقوى وحدها شملت الأعمال الباطنة والظاهرة.
وكذلك الفقير والمسكين، الفقير إذا أطلق دخل فيه المسكين، والمسكين إذا أطلق دخل فيه الفقير، وإذا اجتمعا فسر الفقير بمن هو أشد الحاجة، فالفقير: هو الذي لا يجد شيئاً أو يجد نصف الكفاية، يعني: لمدة سنة، والمسكين: هو الذي يجد نصف الكفاية إلا أنه لا يجد الكفاية؛ ولهذا بدأ الله بالفقير في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60]، إذاً: الفقراء والمساكين هنا شيئان.
لكن في مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان)، يدخل الفقير.
وكذلك الربوبية والألوهية، إذا أطلقت الربوبية دخلت فيها الألوهية، وإذا أطلقت الألوهية دخلت فيها الربوبية، وإذا اجتمعا فسرت الربوبية بأفعال الرب، والألوهية: بأن الله هو المعبود وحده سبحانه، أي توحيد الله بأفعالك أنت أيها العبد.
ومثل قول الملكين للميت في قبره: (من ربك؟) يعني: من إلهك الذي تعبد؟ فيدخل فيه الألوهية، لكن لما اجتمعا في قوله تعالى : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ [الناس:1-3] صار لكل واحد معنى. ورب الناس، أي: مربيهم وخالقهم ومدبرهم، وإذا أفرد الرب دخل فيه المعبود الإله، وإذا أفرد الإله دخل فيه الرب، وإذا اجتمعا صار لكل واحد منهم معنى.
ومن اجتماع الإيمان والإسلام قوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الأحزاب:35] وقوله تعالى: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14]، وما جاء أيضاً في حديث سعد بن أبي وقاص : (ما لك عن فلان؟ فوالله! إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلم) ففرق بين الإسلام والإيمان.
وهذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص وتجتمع به الأدلة، وهو الذي أقره المصنف رحمه الله من أول الكتاب إلى آخره.
الجواب: ننصحكم أولاً بالاستمرار في طلب العلم، والاستزادة منه والتبصر والتفقه، والاستمرار في طلب العلم بعد الدورة، وتستطيعون أن تواصلوا طلب العلم عن طريق الشبكة والدروس العلمية التي تنشر، وعن طريق سؤال أهل العلم ومهاتفتهم، وكذلك بقراءة الكتب النافعة، تستمرون ثم بعد ذلك تنشرون هذا العلم بقدر استطاعتكم، وتدعون إلى الله بالحكمة واللين والرفق من حولكم من أهليكم، ومن جيرانكم ومجتمعكم، بالطرق المناسبة التي ترونها كفيلة بإيصال العلم، عن طريق فتح المدارس، وإذا سمح لكم بإقامة الدورات بالدروس على حسب الاستطاعة، لكن أوصيكم بالاستمرار في طلب العلم والاستزادة من طلب العلم.
وأما مجيئكم إلى هذه البلاد فهو مجيء لطلب العلم، وسفر لطلب العلم والرحلة في طلب العلم معروفة عن أهل العلم.
الجواب: النجاشي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، وقد سبق تعريف الصحابي: أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام، وهو ممن أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك من أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، فيعده علماء المصطلح من المخضرمين، وحكمه حكم التابعين؛ لأنه لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ولم يجتمع به، فهو من الملوك المؤمنين المسلمين، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالإيمان والأخوة، ولما مات خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة إلى المصلى وصفهم، وقال: (مات أخ لكم في الحبشة) وكبر وصلى عليه، وكبر عليه أربعاً.
الجواب: صحيح أن هذه الادعاءات ادعاءات هدامة، وهناك بعض المنحرفين الآن يشككون في كلام أهل العلم وفي كتب أهل العلم، وشككوا في كثير من الكتب، حتى قالوا: إن بعض الكتب نسبتها غير صحيحة، وقالوا: مسألة الإمام أحمد لم تثبت، ورسالة كذا لم تكن للإمام أحمد ، ورسالة العقيدة الواسطية لم تكن عن شيخ الإسلام وهكذا، وهم يريدون ألا تثبت هذه الكتب؛ حتى يطعنوا فيها لأنها تخالف معتقدهم الباطل، فهذه ادعاءات هدامة، قصد منها أصحابها التنفير من الأئمة ومن أقوالهم ومن كتبهم.
فنصيحتي لأخواني طلبة العلم أن يعرضوا عن هذه الادعاءات، وأن ينكروها، وأن يحذروا منها، فهي ادعاءات هدامة قصد منها أعداء الإسلام التنفير من الأئمة، ومن العلماء، ومن أقوالهم، ومما قرروه من العقيدة السليمة التي استدلوا عليها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من أهل السنة والجماعة، وهؤلاء الذين يطعنون فيه من المغرضين، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث له مؤلفات كثيرة في الحديث، وأما آراؤه الفقهية فقد يغلط كغيره، وقد يغلط في بعض المسائل، لكنه في الجملة من أهل السنة والجماعة، وإن كان يغلط في بعض المسائل فيما يتعلق بالإيمان أو غيره، فإنه ليس معصوماً، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: في حديث ابن عمر الذي رواه الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت).
هذا الحديث الذي رواه الشيخان عن ابن عمر .
الجواب: الإيمان هو تصديق القلب وإقراره وعمله، والتصديق والاعتقاد والإقرار ألفاظ متقاربة، فالتصديق يعني: يعتقد صدق الله وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: نعم، إذا مات على الإيمان فهو من الصحابة، وإن مات على الكفر فليس من الصحابة، وذلك أن المرتد إذا رجع إلى الإسلام ومن الله عليه بالإسلام فإنه يحرز أعماله السابقة ولا تضيع عليه، أما إذا ارتد ومات على الكفر بطلت أعماله وحبطت؛ لأن الله تعالى جعل سبب حبوط العمل الموت على الردة؛ قال سبحانه: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217].
فمن ارتد ومات على الكفر حبطت أعماله، ومن ارتد ومن الله عليه وعاد إلى الإسلام ومات على الإسلام سلمت له أعماله وأحرزها بإيمانه، والحمد لله.
الجواب: عليه التوبة إذا لم تكن وساوس، كأن يكون عنده شك في الله، أو في وجود الله، أو شك في استحقاق الله الوحدانية، أو شك في ربوبية الله، أو في أسمائه وصفاته، أو شك في ملك من الملائكة، أو شك في الرسل، أو في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هل هي حق أو غير حق؟ أو شك في البعث، أو في الجنة، أو في النار هذا كفر، والعياذ بالله.
كما أخبر الله عن صاحب الجنتين حين دخل جنته: وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً [الكهف:35-36]، هذا الشك شك في الساعة، قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ [الكهف:37] كفر بهذا الشك.
فإذا كان هذا الشخص يشك فعليه التوبة من هذا الكفر، وعليه أن يجدد إسلامه من جديد، ويعتقد عقيدة جازمة لا يتطرق إليها شك فيها شك فيه، سواء شك في الله، أو في الملائكة، أو في الرسل، أو في الكتب، أو في البعث، أو في الجنة، أو في النار، مثل من أنكر شيئاً فليتب من هذا الإنكار، ومن أنكر وجحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة عليه أن يتوب من هذا الجحد ويقر به، ومن شك عليه أن يتوب من هذا الشك ويجزم ويعتقد.
الجواب: لا تشمل إلا المؤمنين، فآله أهل بيته المؤمنين، قوله: (وعلى آله) لا تشمل أبا طالب ولا أبا جهل ، وهم من آل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم كفار ماتوا على الكفر، لكن تشمل علياً وفاطمة والحسن والحسين والعباس ، وحمزة ، لأنهم مؤمنون، أما أبو لهب وأبو جهل فلا تشملهم، وأبو طالب لا تشمله وهم من آل النبي صلى الله عليه وسلم، فالرافضة المتأخرون من باب أولى، هؤلاء أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: قول شيخ الإسلام وغيره أن المعين إذا قامت عليه الحجة ووجدت الشروط وانتفت الموانع يكفر، أما إذا لم تقم عليه الحجة فلا يكفر؛ حتى تكشف الشبهة وتوجد الشروط وتنتفي الموانع.
الجواب: لا أعلم صحة هذا، إذا كان ورد هذا عنه فليراجع، وعلى السائل أن يثبت هذا، فإذا ثبت بسند صحيح، وإلا فلا يقبل.
الجواب: ليس لهم حجة، وهذا من باب الكرامة، وكرامات الأولياء معروفة، وقد يكشف للولي ما لا يكشف لغيره، وهذا من كرامة عمر رضي الله عنه، أما الصوفية الذين يدعون علم الغيب فهذا منهم كفر وضلال أعوذ بالله.
الجواب: هذا يذكرني بأن أحد الإخوان سألني بعد الصلاة وقال: هل نصلي السنة الراتبه أو نؤخرها؟ قلت: صلها الآن، السنة الراتبة لا تؤخر، فالسنة الراتبة وقتها من المغرب إلى دخول وقت العشاء، فإذا دخل وقت العشاء ذهب وقتها، وأنا أشاهد بعض الإخوان يجلسون ولا يصلون السنة الراتبة، وهذا غلط، فينبغي للإنسان أن يحافظ على السنة الراتبة.
وأما المسافر الذي أتى من بعيد فإذا نوى أن يقيم أكثر من أربعة أيام فالصواب الذي تدل عليه النصوص والذي أقره جمهور العلماء: أنه تنقطع أحكام السفر من أول فريضة يصليها، فيصلي السنن الرواتب من أول فريضة.
فإذا نوى الإقامة يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام أو أربعة فقط، أو له حاجة ولا يدري متى تنتهي، فهذا لا يزال مسافراً، لكن إذا صلى مع الإمام وأتم فالحكم حكم المقيمين، وإن صلى وحده مع المسافرين فإنه يقصر الصلاة ولا يصلي السنة الراتبة، راتبة الظهر وراتبة المغرب وراتبة العشاء، أما سنة الفجر فلا تترك حضراً ولا سفراً.
فالإخوان الذين جاءوا للدورة وقد قرروا ونووا أن يقيموا أسبوعين ليسوا مسافرين، ومن أول فريضة تنقطع أحكام السفر عندهم، فعليهم أن يصلوا السنن الرواتب وغيرها، وليس لهم أن يقصروا ولا أن يجمعوا.
الجواب: نعم، وعليك أن تخرج ما يقابل هذا المال، فالإثم عليك وهي لا إثم عليها، فعليك أن تخرج ما يقابل قيمة الذهب وتنفقه في المصالح العامة بنية التخلص منه لا بنية التقرب إلى الله.
وإذا وصل للإنسان فوائد ربوية فلا يجوز له أن يأخذها أولاً، أي: إن أمكن ألا يأخذها فلا يأخذها، وإن لم يمكن أو لا يستطيع ردها فإنه ينفقها في المصالح العامة للمسلمين بنية التخلص منها لا بنية التقرب، فينفقها على المساكين وعلى الفقراء وعلى المساجد وعلى مدارس تحفيظ القرآن ودور الأيتام، وحينئذ تبرأ ذمته منها، فأنت تخرج قيمة الذهب في المصالح العامة بنية التخلص منها.
الجواب: لا يجوز الوضوء من البرادات؛ لأن البرادات إنما وضعت للشرب ولم توضع للوضوء، ولو توضأ الناس منها لتعطل الشرب، وتعطل غرض الواقف.
فالوضوء من البرادات يعتبر الماء ماءً مغصوباً، وإذا توضأ بماء مغصوب اختلف العلماء فيه على قولين:
منهم من يقول: لا تصلح الصلاة، كما لو صلى في أرض مغصوبة، أو صلى في ثوب حرير، فإنها لا تصح الصلاة في مذهب الإمام أحمد وجماعة، وعليه أن يعيد الصلاة.
والقول الثاني: أنها تصح مع الإثم.
وهذا هو الصواب: أنها صحيحة مع الإثم، فله أجر الصلاة وعليه إثم الغصب.
الجواب: ننصح هؤلاء الإخوان أن يتأدبوا بآداب طلب العلم، فإذا جاءوا للفائدة فعليهم أن يتأدبوا وأن يجلسوا ويستفيدوا، أما أن يشوشوا فهذا غلط كبير، ومعنى هذا أنهم يتسببون في عدم وصول الفائدة إلى من يريدها، ويخشى عليهم من الإثم، لكن ننصحهم أن يجلسوا حيث ينتهي بهم المجلس.
وينبغي للإخوان أن يتفسحوا ويتوسعوا، ولكن يحرصون كل الحرص على ألا يشوشوا على إخوانهم؛ لئلا يحرموهم الفائدة، ولأنه يخشى عليهم من الإثم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر