أراد المؤلف إثبات صفة الكلام لله تعالى، وسيطيل فيها، وهي من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين أهل البدع، ومن العلامات الفارقة بين أهل السنة وبين أهل البدع.
قال: (أن الله عز وجل لم يزل متكلماً بكلام مسموع مفهوم) فأهل السنة يقولون: إن الله تعالى متكلم بكلام مفهوم بحرف وصوت مسموع مفهوم كلام الله، فكلامه سبحانه سمعه جبرائيل، والله تعالى ينادي الناس يوم القيامة ويسمعون كلامه، وكلامه مفهوم تفهمه القلوب وتعلمه، ومقروء بالألسنة، ومكتوب في المصاحف.. كل هذا حق في هذه المواضع كلها فإذا قرأه قارئ فهو مقروء له، وإذا سمعه السامع فهو مسموع له، وإذا حفظه الحافظ فهو محفوظ له، وإذا علمه وفهمه في قلبه فهو مفهوم له.
فهو مقروء، مسموع، مكتوب، معلوم، محفوظ في الصدور، وهو في هذه المواضع كلها ليس مجازاً؛ لأن المجاز يصح نفيه، فيقال: ما قرأ القارئ كلام الله، ما سمع القارئ كلام الله، ما فهم ...إلخ. وهذا باطل، بل نقول: قرأ القارئ كلام الله, سمع السامع كلام الله، كتب الكاتب كلام الله، حفظ الحافظ كلام الله، نظر الناظر في كلام الله.
المقصود: أن المؤلف رحمه الله استدل من الكتاب العزيز بقوله: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164]، وهناك أدلة أخرى منها قوله تعالى: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143] وقوله تعالى: وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الشعراء:10] وهذا فيه إثبات النداء، والنداء هو الكلام من بعد، وقوله: وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا [مريم:52] والمناجاة هي الكلام من قرب، ونادى الله الأبوين فقال: وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا [الأعراف:22]، فالأدلة في هذا الباب كثيرة، لكن المؤلف رحمه الله اقتصر على هذه الآية.
قالوا: لو قلنا: إن الله يتكلم. للزم من ذلك أن يكون له شفتان وأضراس وأسنان؛ لأن الذي يتكلم لابد أن يخرج الحروف من الشفتين والأضراس والثنايا العليا والسفلى، وحافة اللسان، والله منزه عن ذلك كله. لكن هذا لا يلزم، فنحن نرى بعض الأشياء تتكلم وليس لها أضراس ولا لسان، ومن ذلك شهادة اللسان والأيدي والأرجل يوم القيامة، قال تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النور:24] فهذه الأشياء ليس لها لسان تتكلم به، وقال النبي: (إني لأعرف حجراً يسلم علي في مكة)، أي: أن الحجر كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم والحجر ليس له لسان، بل سمع تسبيح الطعام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي يخطب على جذع ثم أُتي له بمنبر، فلما خطب صاح الجذع حتى كاد ينشق؛ فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يهدئه كما يهدئ الصبي حتى سكت، فهل الجذع له لسان وصوت وأضراس، فإذا كانت بعض المخلوقات تتكلم ولا نعلم كيف تتكلم، فكيف تنكرون أن يكون الله يتكلم ولا نعلم كيف يتكلم؟ لكن أهل البدع -والعياذ بالله- ابتلوا بمخالفة النصوص والإعراض عنها، وتأويلها، ودفعها. نسأل الله السلامة والعافية.
والآية هي تأكيد للمصدر وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] قال العلماء: إن التأكيد للمصدر ينفي المجاز وينفي التأويل.
حتى أن بعض أهل البدع كالجهمية شق عليهم سماع هذه الآية التي فيها أن الله يتكلم، حتى تمنى بعضهم أن تمحى من المصحف، وحرف قوله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164]، فقرأها بفتح لفظ الجلالة: وَكَلَّمَ اللَّهَ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] فجعل الرب هو المكلم وموسى هو المتكلم حتى ينفي عن الرب الكلام، فقال له بعض أهل السنة: هب يا عدو الله! أنك استطعت أن تحرف هذه الآية، فكيف تقول في قوله تعالى: وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143]؟ قال: معنى وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ أي: جرحه بأظافره، قصده من هذا إنكار الكلام وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [المائدة:41].. لا حيلة في من أضله الله.
(ترجمان) بضم الجيم وفتحها، والترجمان: هو الواسطة الذي ينقل الكلام من لغة إلى لغة أخرى، والمترجم ينقل الكلام من شخص إلى شخص أو من لغة إلى لغة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ (ثم ينظر أيمن منه فلا ينظر إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل) ].
حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه حديث صحيح رواه البخاري في مواضع فرواه في كتاب الرقاق، والتوحيد، ورواه الإمام مسلم في كتاب الزكاة، ورواه الترمذي وابن ماجة وابن قتيبة في كتاب التوحيد، والآجري في الشريعة وغيرهم، وفيه إثبات كلام الله عز وجل يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان)، وفيه إثبات أن الله يكلم كل أحد ليس بينه وبينه واسطة ينقل الكلام من الله إلى العبد، أو من العبد إلى الله.
وفي اللفظ الآخر: (ما منكم من أحد إلا سيحاضره ربه محاضرة يقول: فعلت كذا يوم كذا وكذا، فعلت كذا يوم كذا وكذا وسترت عليك، فيقول: يا رب! ألم تغفرها لي؟ قال: بلى قد غفرتها لك)، وهنا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، ثم ينظر أيمن منه فلا ينظر إلا شيئاً قدمه) أي: ينظر عن يمينه فلا يرى إلا عمله من أمامه، قال: (ثم ينظر أشأم منه) أي: جهة الشمال، (فلا يرى إلا شيئاً قدمه، ثم ينظر تلقاء وجهه من الأمام فتستقبله النار، فمن استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل)، وهذا فيه فضل الصدقة وأنها تقي من النار، وشق التمرة نصفها، قوله: (من استطاع منكم أن يقي وجهه النار) أي: أن يجعل بينه وبين النار حجاباً، (بشق تمرة) أي: أن يتصدق بنصف تمرة (فليفعل)، الفقير إذا أعطيته نصف تمرة وهذا أعطاه نصف تمرة تجمع عنده شيء سد جوعته.
وفي اللفظ الآخر: (فمن لم يجد فبكلمة طيبة)، إذا كنت لا تستطيع الصدقة بشيء قليل، فالكلمة الطيبة تقوم مقام الصدقة، والحديث صريح في إثبات كلام الله عز وجل، وأن الله تعالى يكلم الناس يوم القيامة، وفيه رد على أهل البدع الذين أنكروا كلام الله كالجهمية والمعتزلة وغيرهم.
وهذا الحديث لا بأس بسنده، وقد رواه ابن ماجة في المقدمة باب ما أنكرت الجهمية، وفي كتاب الجهاد، ورواه الترمذي أيضاً في كتاب التفسير، وابن أبي عاصم في السنة، وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد، وليس بحسن، ولا بأس به فيه إثبات الكلام لله عز وجل، وفيه منقبة لـعبد الله بن حرام -وهو والد جابر رضي الله عنه- عندما قتل شهيداً يوم أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه جابر( يا جابر ! ألا أخبرك ما قال الله لأبيك عبد الله بن حرام ؟ قال: بلى، قال: ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحاً) يعني: ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب أي: من وراء واسطة (وكلم أباك كفاحاً) أي: مواجهة ليس بينه وبينه حجاب ولا رسول، وهذه منقبة لـعبد الله بن حرام ، وهي: أن الله كلمه من دون واسطة، وأما غيره فهو من وراء حجاب.
ما الذي قال الله له؟ قال الله لـعبد الله بن حرام: (يا عبد الله ! تمن عليَّ أعطك، فقال عبد الله بن حرام : يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية)، لما رأى فضل الشهادة وأن منزلتها عالية، وأن الشهيد له فضل عظيم تمنى أن يعاد إلى الدنيا مرة ثانية حتى يقتل شهيداً مرة ثانية ليضاعف له الأجر، ويكون له أجر شهيدين، فقال الله: (إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون)، أي: لا يرجعون إلى الدنيا، وهذا أيضاً قاله الشهداء الذين قتلوا في بعض الغزوات، لعل الله أن يستجيب لهم، فقال الله: (إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون، قال: فأبلغ من ورائي).
فسأل الله أن يبلغ من وراءه (فأنزل الله عز وجل: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169])، فبلغ الله سبحانه عن عبد الله بن حرام ، وبلغ عن الشهداء، وأخبر عن حالهم، وأنهم في عيش طيب، وأنهم أحياء يرزقون عند الله في حياة برزخية غير الحياة الحقيقة، قد زالت عنهم الهموم التي في الدنيا، والأكدار، والأنكاد، والأمراض، والأسقام، والخوف من الفتن التي في الدنيا، وتحققت لهم السعادة الأبدية، ولهذا جاء في الحديث (ما من مؤمن يموت وله عند الله خير، فيود أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد فإنه يود أن يرجع إلى الدنيا مرة أخرى حتى يقتل شهيداً مرة أخرى)، فالمؤمن إذا رأى ما أعده الله له من الكرامة في الجنة لا يتمنى أن يعود إلى الدنيا؛ لأنه قد زالت عنه جميع الهموم، والأسقام، والأمراض، والفتن التي كانت في الدنيا، فقد كان معرضاً للأسقام وللفتن وللهموم وللمصائب وللأمراض، والشهداء لهم منزلة عالية عند الله، ولهذا جاء في الحديث -إن ثبت-: (أرواح الشهداء في حواصل طير خضر، تسرح في الجنة، وترد أنهارها، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش)، وأما المؤمن غير الشهيد؛ فإن روحه تتلاعب وحدها، تأخذ شكل طائر، كما في الحديث الآخر: (نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يلقاه)، فعوض الله أرواحهم أجساداً تتلاعب بواسطتها، وهي حواصل طير تسرح في الجنة، فكان تنعم الشهيد أكبر من تنعم المؤمن، وإن كان كل منهما روحه في الجنة؛ وذلك لأن الشهداء بذلوا أرواحهم في سبيله سبحانه وتعالى.
فالجنين في بطن أمه لا يأكل ولا يرضع، وإذا ولد صار يتنفس ويرضع، والنائم روحه تذهب وتجيء وقد تختلط بأرواح الموتى وبغيرهم ولكنها سريعة؛ لأنها خفيفة طبيعتها بحيث أنك إذا ضربت رجله رجعت الروح للنائم في الحال، ولها تعلق به في البرزخ بحيث ترد إليه ويأتيه الملكان ويسألانه: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ ويضيق عليه في قبره أو يوسع له ويفتح له باب إلى النار أو باب إلى الجنة.
ثم تعلقها به بعد البعث، وهذا أكبر التعلقات، فالروح والبدن كل منهما يأخذ قسطه كاملاً من النعيم أو من العذاب، فالكفار تعذب أرواحهم وأجسادهم، وكل يأخذ قسطاً من العذاب، والمؤمن ينعم بدنه وروحه، وكل منهما يأخذ قسطه كاملاً.
وهو محفوظ في الصدور، كما قال عز وجل: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49] ].
قوله: (والقرآن كلام الله عز وجل ووحيه وتنزيله ). هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، وهو الذي دلت عليه النصوص، فالقرآن كلام الله لفظه ومعناه وحروفه ومعانيه، فليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف، خلافاً لأهل البدع؛ فإن المعتزلة أنكروا أن يكون القرآن كلام الله، وقالوا: إن القرآن مخلوق لفظه ومعناه، وهذا كفر وضلال. والأشاعرة يقولون: الكلام هو المعنى فقط دون الحروف، والحروف ليست كلام الله، وقالوا: ليس ما في المصحف كلام الله، وإنما كلام الله معنى قائم بنفس الرب، والرب سبحانه اضطر جبريل ففهم المعنى القائم بنفسه فعبر بهذا القرآن أو عبر به محمد، على قولين، فمنهم من يقول: إن القرآن عبارة عما عبر به جبريل عن المعنى الذي في نفس الله، ومنهم من قال: إن الذي عبر به محمد. وطائفة ثالثة من الأشاعرة قالوا: إن جبريل أخذ القرآن من اللوح المحفوظ، والله تعالى لم يتكلم بالقرآن ولم يخرج منه. وكلها أقوال باطلة.
إذاً: المعتزلة يقولون: القرآن مخلوق لفظه ومعناه. والأشاعرة يقولون: القرآن هو المعنى واللفظ مخلوق، فاللفظ كلام البشر. فيكون مذهب الأشاعرة نصف مذهب المعتزلة، ولهذا فإن بعض الأشاعرة -والعياذ بالله- يغلون في هذا حتى قال أحدهم: المصحف ليس فيه كلام الله، والعياذ بالله، وقد يغلو بعضهم فيقوم يدوس المصحف بقدمه ويقول: ليس فيه كلام الله، نعوذ بالله.
وهذا كله ناشئ عن هذا المذهب الباطل القائل بأن القرآن هو المعنى القائم بنفس الله تعالى، وإن الحروف والألفاظ ليست كلام الله.
أما أهل السنة والجماعة فيقولون: القرآن كلام الله لفظه ومعناه، وحروفه ومعانيه، كما قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والقرآن كلام الله عز وجل ووحيه) يعني: أوحاه الله إلى جبريل فسمعه جبريل من الله عز وجل فنزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال سبحانه وتعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ [الشعراء:193] وهو جبريل عَلَى قَلْبِكَ [الشعراء:194] أي: يا محمد لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:194-195]، وقال الله تعالى: تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الجاثية:2]، وقال تعالى: تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت:2]، فالقرآن منزل غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق فقد كفر، فهو منزل حروفه ومعانيه ولفظه ومعناه.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والقرآن كلام الله عز وجل ووحيه وتنزيله، والمسموع من القارئ كلام الله) فإذا قرأ القارئ فأنت تسمع كلام الله، وأما الصوت فهو صوت القارئ، كما قال العلماء: الصوت صوت القاري والكلام كلام الباري.
والعباد مخلوقون بأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم وألفاظهم وأدائهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (زينوا القرآن بأصواتكم)، فأضاف الصوت إليهم، فالصوت ينسب إلى الإنسان، وفي حديث البراء أنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فقرأ بسورة التين والزيتون فما سمعت صوتاً أحسن منه)، فأضاف الصوت إليه صلى الله عليه وسلم، فالصوت صوت العبد، والناس منهم من صوته حسن ومنهم من صوته غليظ ومنهم من صوته رفيع، والكلام كلام الله.
والدليل على أن المسموع من القارئ كلام الله قول الله عز وجل: فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6] فدل على أن المسموع كلام الله، وقال الله عز وجل: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ [الفتح:15] ، فأضاف الكلام إلى الله.
وقال عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] فالذكر هو القرآن، وما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم هو من عند الله، فالله تعالى في العلو تكلم بهذا القرآن وسمعه جبريل ونزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
وهو محفوظ في الصدور، فإذا حفظه الحافظ فالقرآن محفوظ في صدره، كما قال عز وجل: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49] ، وكيفما كان فهو كلام الله، فإن قرأه القارئ فالمقروء كلام الله، وإن سمعه السامع فإنه يسمع كلام الله، وإن حفظه الحافظ فالمحفوظ كلام الله، وإن كتبه الكاتب فالمكتوب كلام الله، وهو في هذه المواضع كلها حقيقة وليس مجازاً؛ لأنه لو كان مجازاً لصح نفيه فقيل: ما قرأ القارئ كلام الله، وما سمع السامع كلام الله، وما حفظ الحافظ كلام الله. وهذا كلام باطل؛ فكلام الله مسموع حقيقة، مقروء حقيقة، محفوظ حقيقة، مكتوب حقيقة.
وأهل السنة لهم أدلة كثيرة على أن القرآن كلام الله، وأهل البدع من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم لهم شبه شرعية وشبه عقلية، وردود أهل السنة عليهم مثبتة في المطولات.
قوله: (استذكروا القرآن فهو أشد تفصياً) يعني: أشد خروجاً وتخلصاً، والحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه والبخاري وأحمد والدارمي وغيرهم، وفيه الحث على مراجعة واستذكار القرآن.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (استذكروا القرآن) دال على أن القرآن محفوظ في الصدور ويستذكره الإنسان، ودال أن الحافظ إنما يحفظ كلام الله، ولهذا يستذكره حتى لا ينساه.
وقوله: (فلهو أشد تفصياً من صدور الرجال من النعم) يعني: الإبل من علقه، وفي اللفظ الآخر: (من عقلها). وعقل البعير: أن تربط ساقه إلى فخذه إذا برك حتى لا يقوم ويهرب، فإذا استطاع بعير الوقوف وقف وحرك يده المربوطة حتى يحل العقال، فإذا رأته بقية الإبل قامت وفعلت فعله، وهكذا تتابع في تفلتها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم شبه تفلت القرآن من الصدور مثل تفلت الإبل المعقلة، تتفلت شيئاً بعد شيء، فإن كان عندها صاحبها يتعاهدها ثبتت في مكانها، وكذلك الإنسان إن كان يستذكر القرآن بقي محفوظاً في صدره، وإن كان لا يستذكره نسيه.
والشاهد من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (استذكروا القرآن)، وقد دل على أن القرآن محفوظ في الصدور، وهو مكتوب.
وقال عز وجل: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:77-79] ].
فالقرآن مكتوب في المصاحف منظور بالأعين، كما أنه مقروء بالألسن ومسموع بالآذان، وهو حقيقة في هذه المواضع كلها، وقوله: (مكتوب في المصاحف ) استدل عليه بقول الله تعالى: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ [الطور:1-3] ومعنى: (منشور): مكتوب. وقال عز وجل: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ [الواقعة:77-78] يعني: مكتوب في كتاب. فدل على أن القرآن مكتوب في المصاحف.
إذاً: ما في المصاحف هو كلام الله، وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: إن المكتوب في المصاحف ليس كلام الله، ولكنه عبارة عن كلام الله، وهذا من أبطل الباطل، فالمصاحف فيها كلام الله، ولهذا قال الله تعالى: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ [الطور:1-3].
وقال الله تعالى: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:77-79].
وكما أن القرآن مسموع بالآذان مقروء بالألسن محفوظ في الصدور فهو منظور بالأعين أيضاً، فالإنسان ينظر بعينه في كلام الله إذا فتح المصحف، وإذا قرأه فهو يقرأ كلام الله، وإذا سمعه فهو يسمع كلام الله، وإذا كتبه فهو يكتب كلام الله، وهو في هذه المواضع كلها حق، هذا هو الصواب خلافاً لأهل البدع، وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهو ما دلت عليه النصوص.
هذا الحديث عن عبد الله بن عمر رواه الشيخان؛ البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب الجهاد، ومسلم في كتاب الإمارة، وأخرجه -أيضاً- أبو داود وابن ماجة والإمام مالك وأحمد في المسند واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة وغيرهم.
وقوله: (مخافة أن يناله العدو) هذه العبارة من قول الإمام مالك وهي زيادة مدرجة، وأصل الحديث هو: (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو).
والشاهد من الحديث أن النبي نهى أن يسافر بالقرآن، يعني: بالمصحف، فدل على أن القرآن في المصحف.
وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: المصحف ليس فيه القرآن، وإنما هو عبارة عن القرآن، ولذلك -والعياذ بالله- فإن بعضهم قد يهين المصحف ويدوسه بقدمه ويقول: ليس فيه كلام الله، فنعوذ بالله.
وقوله: (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) المراد بأرض العدو بلاد الكفار، أي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى بلاد الكفار، وقد بين علة ذلك الإمام مالك فقال: (مخافة أن يناله العدو). أي: خوفاً من أن يمتهنه، فنهي المسافر أن يأخذ المصحف إذا سافر إلى بلاد الكفار حتى لا تمسه أيديهم فيهينوه.
لكن الآن في الوقت الحاضر نجد المصاحف موجودة في بلاد الكفار، بل يستفتحون في إذاعاتهم بالقرآن، فاختلفت الحالة الآن وصار القرآن لا يخشى عليه، فنهي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مقيد بعلة، وهي خشية أن تناله أيدي العدو فيهينوه، والآن وقع في أيديهم، وليس هذا باختيارنا؛ فقد أخذوه من أزمنة طويلة، والذي يظهر -والله أعلم- أنه الآن لا يخشى عليه.
والشاهد قوله: (يسافر بالقرآن) فدل على أن المصحف فيه كلام الله، وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: ليس في المصحف كلام الله.
هذا الأثر عن عثمان بن عفان الخليفة الراشد رواه البيهقي بلفظ: (لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا، وإني لأكره أن يأتي علي يوم ما أنظر في المصحف). ذكره البيهقي في الأسماء والصفات.
والشاهد قوله: (حتى أنظر في كلام ربي) فدل على أن كلام الله منظور في المصاحف، فالإنسان إذا قرأ في المصحف فهو ينظر إلى كلام الله، وأثر عثمان بن عفان رضي الله عنه فيه دليل على أن المصحف فيه كلام الله ينظر إليه القارئ، فمن فتح المصحف فهو ينظر إلى كلام الله، كما أن من قرأ فهو يقرأ كلام الله، وكما أن من سمع القارئ فهو يسمع كلام الله، وكما أن من كتب القرآن فهو يكتب كلام الله، وهو في هذه المواضع كلها حقيقة.
عبد الله بن أبي مليكة هو من التابعين رحمه الله، يقول: كان عكرمة بن أبي جهل وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عمرو المخزومي القرشي ، وقد أسلم عكرمة عام الفتح وأبلى في حروب الردة بلاء حسناً، قيل: إنه توفي في خلافة أبي بكر رضي الله عنه.
يقول: كان يأخذ المصحف فيضعه على وجهه فيقول: كتاب ربي عز وجل، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، وجاء في ترجمته أنه كان ربما قبل المصحف ويقول: كلام ربي.
وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، وبعض العامة الآن تجده إذا أخذ المصحف قبله أو وضعه على الجبهة، فهذا جاء من فعل عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل شيئاً من ذلك، ولم يرد عن كبار الصحابة أنهم فعلوا شيئاً من ذلك، فالأولى تركه، والمهم هو العمل به، ولو قبله عشرين مرة وما عمل به فإنه لا ينفعه هذا التقبيل، فالمهم العمل بهذا القرآن، وهذا هو الذي ينفع الإنسان، أي: أن يصدق أخباره وينفذ أحكامه، ويفعل أوامره، ويجتنب نواهيه، وينزجر بزواجره، ويتعظ بمواعظه، ويقف عند حدوده، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه، وهذه هي التلاوة الحقيقية التي تنفع الإنسان، قال الله تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة:121] . والتلاوة نوعان: تلاوة حكمية وتلاوة نقلية، فالتلاوة النقلية هي قراءة القرآن، وهي عبادة، لكن التلاوة التي عليها مدار السعادة والشقاء هي التلاوة الحكمية، وهي تنفيذ أحكامه وتصديق أخباره، أما كون الإنسان يقبله أو يضعه على جبهته ولا يعمل به فهذا لا يفيده.
أي: أجمع أئمة السلف والمقتدى بهم من الخلف على أن القرآن غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق. فهو كافر.
ولا عبرة بأهل البدع الذين خالفوا في ذلك، فمن قال: القرآن مخلوق فهو كافر، كما أن من أنكر رؤية الله فهو كافر، وهذا -كما سبق- حكم على العموم، فيقال: من قال: إن القرآن مخلوق. فهو كافر، أما الشخص المعين فلا بد من قيام الحجة عليه، فلا يكفر حتى توجد الشروط وتنتفي الموانع؛ لأنه قد يكون الشخص المعين جاهلاً لا يدري، وقد يكون تكلم بكلام لا يفهم معناه، وقد يكون أسلم حديثاً ولا يعرف الحكم، وقد يكون شُبِّه عليه ولُبِّس عليه، فالشخص المعين لا يكفر إلا بعد قيام الحجة عليه، لكن على العموم يقال: من قال: إن القرآن مخلوق. فهو كافر، ومن أنكر رؤية الله فهو كافر.
يقول علي رضي الله عنه في القرآن: إنه كلام الله وليس بخالق ولا مخلوق. يعني: أنه صفة من صفاته، فالقرآن صفة الله، وليس خالقاً ولا مخلوقاً، (ولكنه كلام الله منه بدأ وإليه يعود) وهذا يعني أن القرآن بدأ من الله، أي أن الله تكلم به، (وإليه يعود) أي: يرفع القرآن في آخر الزمان من الصدور ومن المصاحف، قال الإمام أحمد رحمه الله: (كلام الله من الله ليس ببائن منه). وشيخ الإسلام رحمه الله بين معنى كلام الإمام أحمد فقال: معنى قول الإمام أحمد هو معنى قول السلف: القرآن كلام الله منه بدأ ومنه خرج وإليه يعود.
وليس معنى قول السلف والأئمة: إنه منه خرج ومنه بدأ أنه خرج منه وحل في غيره، فإن كلام المخلوق إذا تكلم به لا يخرج منه ويحل في غيره، فكيف بكلام الله؟!
فمقصود السلف الرد على الجهمية الذين يزعمون أن القرآن خلقه الله في غيره، فيكون قد ابتدأ وخرج من ذلك المحل الذي خلق فيه لا من الله، كما تقول الجهمية: كلام الله لموسى خرج من الشجرة، وهو مخلوق في الشجرة، وهو قوله تعالى: يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:30]، ولا يقول هذا عاقل.
فبين السلف والأئمة أن القرآن من الله بدأ وخرج، فقولهم: (إنه منه بدأ) يعني أنه تكلم به وليس مخلوقاً في غيره، (وإليه يعود) يوم القيامة، أي: في آخر الزمان، وهو من أشراط الساعة الكبرى، ويكون ذلك بعد خروج المهدي والدجال ويأجوج ومأجوج وعيسى بن مريم والدخان وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة، فينزع القرآن من المصاحف ومن صدور الرجال إذا ترك الناس العمل به، فيصبحون لا يجد الواحد في صدره آية ولا يجدون في المصاحف شيئاً من القرآن، وهذا معنى قولهم: (وإليه يعود).
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود : القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود ].
وهذا الأثر عن عبد الله بن عباس وابن مسعود مثل أثر علي بن أبي طالب ، وفيه الرد على الجهمية والمعتزلة الذين يقولون: إنه مخلوق.
هذا الأثر عن سفيان بن عيينة الإمام المعروف يقول فيه: سمعت عمرو بن دينار -الإمام الكبير المعروف- يقول: أدركت مشايخنا والناس منذ سبعين سنة يقولون: القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود.
رواه محمد بن جرير الطبري وهو الإمام المفسر المعروف شيخ المفسرين، وهبة الله بن الحسن الطبري أيضاً، وكل منهما له كتاب في العقيدة، رويا هذا الحديث في كتابيهما (السنة) أن القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود.
وقد أدرك عمرو بن دينار بعض الصحابة، فقد أدرك أبا هريرة وابن عباس وابن عمر ، ويقول: (أدركت مشايخنا والناس منذ سبعين سنة) والصحابة وكبار التابعين هم مشايخ عمرو بن دينار ، وقد أدركهم يقولون: (القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود). والصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء، وكلام الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة.
احتج الإمام أحمد على أن القرآن كلام الله وأنه بدأ من الله بأن الله كلم موسى، فكان الكلام من الله والاستماع من موسى، فاحتج بقوله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164] وبقوله عز وجل: وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي [السجدة:13]، وبقوله عز وجل أيضاً: تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الجاثية:2]، تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [فصلت:2] وبقوله تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [النحل:102]، وهذا حجة في أن القرآن بدأ من الله.
هذا الحديث رواه الترمذي عن خباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنكم لن تتقربوا إلى الله بأفضل مما خرج منه. يعني القرآن) والشاهد قوله: (مما خرج منه) ، فدل على أن القرآن بدأ من الله لا من الشجرة كما تقول الجهمية في قوله تعالى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:29-30] فالجهمية والأشاعرة والمعتزلة يقولون: الكلام بدأ من الشجرة، وقالوا: الشجرة هي التي قالت: يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [القصص:30] نسأل الله العافية.
وأهل السنة يردون عليهم ويقولون: إن القرآن بدأ من الله، كما في الحديث: (لن تتقربوا إلى الله بأفضل مما خرج منه) والحديث بهذا اللفظ غير موجود في سنن الترمذي ، ولكن فيه رواية مقاربة عن أبي أمامة بلفظ: (ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه)، وهناك رواية عن جبير بن نفير : (إنكم لن ترجعوا إلى الله بأفضل مما خرج منه) عزاها شيخ الإسلام ابن تيمية إلى الإمام أحمد .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر