إسلام ويب

دروس في العقيدة [18]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من صفات الله تعالى الدالة على كماله وجلاله علوه على خلقه، فهو العلي ذاتاً، والعلي قدراً وشأناً، والعلي قهراً وسلطاناً، وقد أثبت تعالى لنفسه هذه الصفة وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، ودلائل ذلك قد تفوق الحصر نقلاً وعقلاً وفطرة، ولذا يجب الإيمان بها وإثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل.
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

    فقد سبق الكلام على بعض البدع في صفات الله سبحانه وتعالى، وذكرنا أن أشد البدع وأعظمها هي البدع في أسماء الله وصفاته، وأن من الصفات التي اشتد النزاع فيها بين أهل السنة وبين مخالفيهم من أهل البدع صفة الكلام.

    وعرفنا البدع القولية في هذه الصفة، وأن منها ما يصل إلى حد الكفر، ومنها ما لا يصل.

    ومن الصفات التي اشتد النزاع فيها أيضاً بين أهل السنة وبين أهل البدع صفة العلو.

    والعلو في اللغة: الارتفاع، وهو وصف ذاتي لله سبحانه وتعالى، فالله ذاته عالية -سبحانه وتعالى- فوق العرش، وهناك ثلاثة أنواع من العلو يتصف بها الرب سبحانه وتعالى، وهي: علو الذات، وعلو القدر والشأن، وعلو القهر والسلطان، قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

    والفوق أنواع ثلاث كلها لله ثابتـة بـلا نكـران

    وصفة العلو للناس فيها مذاهب وأقوال، والقول الحق والصواب هو قول سلف الأمة وأئمتها، وقول أهل السنة والجماعة، وهو أن الله فوق سماواته مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، فهذا هو القول الصواب الذي تدل عليه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الحق الذي قرره الصحابة والتابعون والأئمة والعلماء من أهل السنة والجماعة.

    ذكر أقوال المبتدعة في صفة العلو

    في صفة العلو أقوال مبتدعة ثلاثة، وهي أقوال كفرية والعياذ بالله:

    القول الأول: أن الله ليس متصفاً بالعلو وليس فوق العرش، وإنما هو حال في مخلوقاته، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وهذا قول حلولية الجهمية، فهم يقولون: إن الله ليس فوق العرش، ولا هو فوق السماوات، بل هو في كل مكان، وهذا ما تقوله النجارية وغيرهم.

    القول الثاني المبتدع: أن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مباين له ولا محايث له، ولا متصل به ولا منفصل عنه، وهذا قول معطلة الجهمية ونفاتهم، وهو أشد كفراً من القول الذي قبله، وبهذا قال أكثر المعتزلة، وبعض الأشاعرة المتأخرين كـالرازي ، فقد قرر هذا في كثير من كتبه، فهؤلاء ينفون عنه الوصفين المتقابلين اللذين لا يخلو موجود عن واحد منهما، ويستحيل أن يكون هناك موجود لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مباين له ولا مخالط له؛ لأن النقيضين لا يرتفعان ولا يجتمعان معاً، فالموجود إما أن يكون داخل العالم وإما أن يكون خارجه، فالذي لا داخل العالم ولا خارجه لا وجود له، والذي ليس فوقه ولا تحته، ولا متصل به ولا منفصل عنه معدوم، بل ممتنع، نسأل الله السلامة والعافية، فهذا أشد كفراً من القول الذي قبله.

    القول الثالث من الأقوال المبتدعة: أن الله فوق العرش بذاته، وهو في كل مكان بذاته، وهذا قول طائفة من السالمية والصوفية، وهؤلاء أرادوا بزعمهم أن يجمعوا بين نصوص العلو ونصوص المعية.

    فهذه الأقوال الثلاثة كلها أقوال كفرية، ومع ذلك فهي منتشرة الآن في الكتب والمؤلفات، ولها أصحاب يدافعون عنها، ولهم شبه، ويعتقدون أنهم ينزهون الله في ذلك، وأنهم أهل الحق، ولهم مؤلفات تحقق وتدرس الآن، فالذي ينبغي على المسلم -وخصوصاً طالب العلم- أن يكون على بينة من هذا الأمر العظيم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088776133

    عدد مرات الحفظ

    778942968