إسلام ويب

ساعة الاحتضارللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ساعة الاحتضار ساعة رهيبة، ولحظات حاسمة، يعرف الإنسان ما مصيره!

    ذاقها الصالحون والطالحون، العباد والفجار.. لكن شتان بن مشرق ومغرب!!

    وفي هذا الدرس تحدث الشيخ عن وصف الموت من القرآن والسنة وعلى ألسنة الحاضرين، وأحوال الناس عند الموت، مؤمنهم وفاجرهم، وختم بذكر كيفية الاستعداد له.

    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً, وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً, وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً, وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً, الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, أشرف من استظل بالسماء، وأكرم الكرماء، وأنبل من شرب الماء, وأنور من سار في الظلماء, وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:-

    فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..

    أشكركم على اجتماعكم, وأشكر أهل الفضل على فضلهم، وعلى رأسهم القائمين على هذا الجامع, والداعين لهذه المحاضرة, وإني لأعرف أن في هذا المكان من أهل العلم والفضل من هو أعلم مني وأفضل, ولكن إنما هي ذكرى وقد درج السلف الصالح على التذاكر, وأخذ الفائدة من المفضول, وما قصة الهدهد منا ببعيد, فإنه أتى إلى سليمان عليه السلام، فقال له: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ [النمل:22] فخضع له، واستفاد منه، واستمع له.

    ساعة الاحتضار في حياة السلف, هي ساعاتنا التي سوف نمر بها, ما منا إلا ميت, وما منا إلا محتضر, وما منا إلا قادم على تلك الساعة, والله لنذوقنها, ووالله لنشربنها, فقد ذاقها الملوك والمملوكون, والرؤساء والمرءوسون, والأغنياء والفقراء, ذاقتها الأمم جميعاً, وأحسوا بالموت: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً [مريم:98].

    وموضوعي هذا يدور على ثلاثة عناصر:

    1- القرآن يتحدث عن الموت.

    2- ذكر الموت في السنة المطهرة.

    3- الموت عند السلف الصالح وعند المعرضين الغافلين.

    عمرو بن العاص يصف الموت

    حضرت الوفاة عمرو بن العاص الذي يُسمَّى (أرطبون العرب) داهية من الدهاة، ولكن لا حيلة في الموت, أبطل الموت دهاء الدهاة, وأعدم الموت قوة الأقوياء, ونسف الموت بنيان الأغنياء, فلما انقعر في سكرات الموت قال له ابنه عبد الله الزاهد العابد: [[يا أبتي! صف لي الموت، فإنك أصدق واصف للموت -فهو يذوق الموت ويشرب الموت, وهو يزاول سكرات الموت- قال: يا بني! والله لكأن جبال الدنيا على صدري, وكأني أتنفس من ثقب الإبرة]] انظر إلى الوصف: كأن جبال الدنيا على صدري، وكأني أتنفس من ثقب الإبرة.

    عمر يصف الموت

    وأورد ابن رجب: أن كعب الأحبار قال له عمر رضي الله عنه وأرضاه: صف لي الموت؟

    قال: يا أمير المؤمنين! ما مثل الموت إلا كرجل ضرب بغصن من شوك سدر -أو طلح- فوقعت كل شوكة في عرق، فسحب الغصن فانسحب معها كل عرق في الجسم.

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِنْ كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الواقعة:83-87] إنه مصرع عظيم, والله عز وجل كتب الموت على الأحياء، فقال جلّ من قائل: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:26-27].

    الحسن البصري والربيع بن خثيم يصفان الموت

    ولذلك كان الحسن البصري يعظ أبناءه وتلاميذه، ويقول: [[فضح الموت الدنيا، فلم يدع لذي لب فرحاً]] قال بعضهم: أعيا الأطباء علاجُ الموت.

    وقال بعضهم: أتى العواد يعودون المرضى، فمات العواد، ومات المعادون.

    وفي ترجمة الربيع بن خيثم الزاهد العابد: أنه مرض، قالوا: ألا ندعو لك طبيباً؟

    قال: فكرت وأردت أن أدعو طبيباً؛ فإذا الطبيب والمطبوب يموتان.

    هيهات تعالج قوم عاد وثمود ثم مات الطبيب والمطبوب، ومات العائد والمعاد.

    احتضار أبي بكر الصديق

    وفي سيرة أبي بكر رضي الله عنه وقد صحت عنه, أن الناس حضروا إليه من الصحابة، فقالوا: يا خليفة رسول الله! -وهو في مرض الموت- ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: الطبيب قد رآني, قالوا: فماذا قال؟ قال: إنه يقول: إني فعال لما يريد.

    كيف أشكو إلى طبيب ما بي     والذي قد أصابني من طبـيب

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الانبياء:35] وقال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30] فعلم عليه الصلاة والسلام أنه سيموت، ولكنه متهيئ منذ بعثه الله لتلك الصرعة وذاك المقعد, وتلك الضجعة.

    أبو الدرداء يصف الموت

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088783015

    عدد مرات الحفظ

    779000941