إسلام ويب

من أخبار علمائناللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذه المادة يقف بنا الشيخ على كثير من قصص العلماء في تحملهم لمشاق طلب العلم، وبذلهم العلم لمحتاجيه، وقولهم كلمة الحق لا يخافون في الله لومة لائم، وزهدهم في الدنيا، وخشيتهم لله تعالى، وتأليفهم، وتواضعهم.
    الحمد لله حمداً حمداً، والشكر لله شكراً شكراً، الحمد لله ما اجتمع الصالحون، وما تواصى الأخيار الأبرار المفلحون، والحمد لله ما ذكر إلَهَهم الذاكرون، والحمد لله ما غفل عن ربهم الغافلون.

    وصلى الله وسلم على المعلم الأول، الذي أتى وقال الله له: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1] وأتى بـنْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] الذي تكلم للناس، فكان أفقههم، لم يقرأ ولم يكتب.

    كفاكَ باليُتم في الأمِيِّ معجزةً      في الجاهلية والتأديب في اليُتَمِ

    وصلى الله وسلم على آله مصابيح الدجى، وغيوث الندى، وليوث الردى، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين واقتفى.

    شكر الله لفرع جامعة الإمام نشاطها، وزادها توفيقاً وهداية ورشداً، وشكر الله لأخي وزميلي الشيخ عبد الله بن محمد بن حُميد على تقديمه، وشكر الله لكم حضوركم.

    عنوان هذا اللقاء: (من أخبار علمائنا) وإنها لأخبار عجيبة وجميلة، يطرب لها القلب، وتتشنف لها الآذان، وتثلج بها الصدور.

    أخبار علمائنا الذين جعلهم الله عزَّ وجلَّ كأنبياء بني إسرائيل، لكنني سوف أقص عليكم قصصاً عجيبة من أخبارهم.

    أما عناصر هذه المحاضرة فهي كالآتي:

    العنصر الأول: تحملهم المشاق في طلب العلم.

    العنصر الثاني: زهدهم في الدنيا وإعراضهم عنها.

    العنصر الثالث: قولهم كلمة الحق، لا يخافون في الله لومة لائم.

    العنصر الرابع: بذلهم العلم لطالبيه، ونشرهم المعرفة.

    العنصر الخامس: خشيتهم لله تعالى.

    العنصر السادس: تأليفهم وتراثهم الخالد.

    العنصر السابع: تواضعهم لربهم تبارك وتعالى.

    العلم أشرف مطلوب، وهو يوصل صاحبه إلى جنة عرضها السماوات والأرض، أو يوصله إلى نار تلظى.

    مِن الناس مَن طلب العلم، فكان حجة عليه وخيبة وندامة، ومِن الناس مَن كان كالحمار يحمل أسفاراً، كما قال الله عزَّ وجلَّ في علماء بني إسرائيل: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً [الجمعة:5] وقال في عالِمهم الضال المجرم: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:176].

    صون العلم وتعظيمه

    هذا عبد العزيز الجرجاني كان عالماً، وهو أديب عجيب، وقصيدته من أحسن القصائد، وكان ينقبض عن الناس، فقال له الناس: " ما لك تعتزلنا، ولا تخالطنا، ولا تذهب إلى السلاطين؟" فردَّ عليهم بقصيدة هي من أحسن ما حظي به الأدب العربي، يقول من ضمن أبياتها:

    يقولون لي فيكَ انقباضٌ وإنما      رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

    أأشقى به غَرْساً وأَجنِيْهِ ذلَّةً      إذاً فاتباعُ الجهل قد كان أحزما

    ولم أبتذِلْ في مطلب العلم مُهجَتي      لأخدم مَن لاقَيْتُ لكن لأُخدَما

    إلى أن يقول:

    ولو أن أهل العلم صانوهُ صانَهم      ولو عظَّموه في النفوس لعُظِّما

    ولكن أهانوه فهانوا ودَنَّسوا      مُحَيَّاهُ بالأطماع حتى تَجَهَّما

    قال أحد أهل السِّـيَر: " كان من العلماء المسلمين عالِم طلب العلم وحفظ القرآن والحديث، ثم أدركه الخـذلان والعياذ بالله، خرج إلى المسجد يصلي، فنظر إلى بيت من البيوت، فرأى امرأة طَلَّت عليه كشمس الضحى، لكنها نصرانية، مسيحية، ملحدة، كافرة، فوقع عشقها في قلبه، فترك المسجد، وعاد إلى البيت، فراسلها، فاشترطت عليه ألا يتزوجها إلا إذا ارتد عن الإسلام - لا إله إلا الله رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8] - حاول أن يتزوجها فقالت: مهري أن تترك الإسلام، والمسجد، والقرآن، فتزوجها بعد أن ارتد عن الإسلام، وذهبت به إلى أرض المسيحيين النصارى، فمرَّ به أحد زملائه، فوجده يرعى الخنازير.

    وانظر إلى سوء الخاتمة وسوء المنقلب، فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13] وجَدَه يرعى الخنازير، فقال له: يا فلان! أين القرآن؟ وأين الحديث؟ قال: والله ما أصبحت أحفظ من القرآن إلا آيـة واحدة، قال: ما هي؟ قال: قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ [الحجر:2] " هذ الآية منطبقة عليه في هذه الحالة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088776707

    عدد مرات الحفظ

    778951164