إسلام ويب

فضل القرآنللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله سبحانه وتعالى أنزل كتاباً من السماء وهو القرآن الكريم، وأمرنا بتدبره والتعبد به وتطبيق أحكامه وشرائعه، ليكون لنا نبراساً يضيء لنا الطريق، فبين لنا فضله وفضل تدبره وقراءته وعاقبة هجره.

    وقد ضرب لنا سلفنا الصالح أروع الأمثلة في الاهتمام بالقرآن قراءة وتدبراً وعملاً وتحكيماً.

    1.   

    الخطبة الأولى: حال الناس مع القرآن

    الحمد لله القائل: قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:61-62].

    والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً، أمره ربه أن يتهجد بالقرآن، فقال: فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79].

    أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصبحه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    تدبر القرآن

    أيها الناس: فإن الله أخذ على نفسه عهداً أن من قرأ القرآن وعمل بما فيه، وتابعه في أوامره واجتنب نواهيه ألا يضله في الدنيا يوم يضل المضلين، وألا يشقى في الآخرة يوم يشقى الأشقياء.

    وأخذ على نفسه تبارك وتعالى عهداً، أن من أعرض عن كتابه، وعن تدبر آياته، وجعل كلامه ظهرياً فلم يعمل به، أن يجعل معيشته في الحياة الدنيا ضنكاً، ويجعله خاسئاً مطروداً من رحمته، وأن يخزيه في الآخرة، وأن يفضحه على رءوس الأشهاد، وأن ينكل به.

    قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى [طه:123-126].

    ينساه الله ولا ينسى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولكنه يسقطه في العذاب، ويتغافل عنه كما تغافل عن آيات الله تبارك وتعالى، ولذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: [[من تبع هذا القرآن هداه الله وسدده في الدنيا، وأسعده في الآخرة، ومن أعرض عنه أضله الله في الدنيا وجعل عيشته ضنكاً، وأخزاه في الآخرة]].

    والمعيشة الضنك: هي أن يسد الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عليه أبواب الطلب، يعيش معافى، وأبواب النجاح والسعادة مفتوحة أمامه، وإن جمع المال والولد، أو ترقى في المنصب، فإن الله ينكده ويضيق عليه، ويجعله خاسئاً، كأن اللعنة جمعت في وجهه، ولذلك يقول الله للناس: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82] يقول: مالهم لا يتدبرون هذا الكتاب العظيم، ولو كان من تصنيف البشر أو من تأليف الإنسان؛ لكان فيه النقص والثلب والتناقض، فما هو الذي يمنعهم إذاً أن يتدبروا كتاب الله الحكيم؟!

    ويقول عز من قائل: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24] أقفلت القلوب بالمعاصي والسيئات، فلا تقرأ ولا تفهم القرآن!

    ويقول عز من قائل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29] ولذلك بعث صلى الله عليه وسلم الصحوة في قلوب أصحابه بالقرآن، فجعلهم خير أمةٍ تمشي على الأرض، وخير أمة تحضر الأرض، وخير أمةٍ تقيم ميزان الله في الأرض، بل كان يسمع الصحابي الآيات فينطلق بها شعلةً وهدايةً، وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.

    ابن مسعود يقرأ والرسول يتدبر

    مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة، فوجد ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، قبل أن يسلم، وهو غلامٌ يرعى الغنم، فطلب منه صلى الله عليه وسلم شيئاً من لبن، فاعتذر بأنها كلها حوائل، فقال: {قرب لي شاةً منها، قال: إنها حائل -أي: ليس بها لبن- فقال صلى الله عليه وسلم: وإن كان، فلما قرب الشاة إليه، مسح صلى الله عليه وسلم على ضرعها، وسمى وبرك، وقرأ شيئاً من القرآن، فقال ابن مسعود: علمني من هذا -ولم يعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: إنك غلامٌ معلم} فأسلم رضي الله عنه وأرضاه، فزاده الإسلام نوراً، وذكاءً وتوقداً وانطلاقةً كبرى ما شهد التاريخ مثلها لجيل إلا لذاك الجيل.

    بل سمع سورة الرحمن فحفظها من أول مرة، وذهب بها إلى الحرم، وأصنام الضلالة، وعملاء الجهالة، من أمثال أبي جهل وأبي لهب، في حلق الحرم يصدون عن كتاب الله، وعن رسالته وعن بيته، فقام يقرأ عليهم سورة الرحمن، وأخذوا يضربونه على وجهه الكريم، فما قطعها حتى انتهى منها، ثم سقط مغشياً عليه في الأرض.

    لقد كان دقيقاً في بنيته، ولكن هذا الدين، وهذا القرآن يصنع العجائب في الناس، يقول المؤرخون: كان ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، إذا قام ساوى الرجل الجالس، أي: أن قامته تساوي الرجل الجالس، ولكن علم الله ما في قلبه من إيمان، وما في روحه من إخلاص، وما في نفسه من صدق، فرزقه الله المثوبة، وأعطاه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ما تمنى من السعادة.

    صعد شجرةً ذات يوم، فأخذت الريح تهز أغصان الشجرة وهو عليها كالعصفور، فتضاحك الناس من دقة ساقيه ونحافة جسمه، فقال عليه الصلاة والسلام: {أتضحكون من دقة ساقيه؟ والذي نفسي بيده، إنهما في الميزان يوم القيامة أثقل من جبل أحد} هنا العظمة.. يوم تكون العظمة بالقلوب، وهنا القوة.. يوم تكون القوة بالأرواح، يوم يتساقط الأشقياء، ولو كانت أجسامهم كأجسام البغال:

    لا بأس بالقوم من طولٍ ومن قصرٍ     جسم البغال وأحلام العصافيرِ

    ووصف الله أعداءه وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المنافقون:4] ما دخلها القرآن، وما استضاءت به، ولا عرفت رسالته القرآن، فهي تأكل وتشرب وتتنعم وتتكلم وتتمتع؛ لكن في مسالخ البهائم.

    يقول عليه الصلاة والسلام، وهو يجلس مع التلميذ البار، مع ابن مسعود: { اقرأ عليَّ القرآن -فيخجل رضي الله عنه وأرضاه، ويستحي أن يقرأ أمام معلم البشرية، وهادي الإنسانية، ومزعزع كيان الوثنية- فيقول: يا رسول الله! كيف أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل؟! قال: اقرأ فإني أحب أن اسمعه من غيري، فيندفع رضي الله عنه وأرضاه في خشوعٍ يقرأ فلما بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً [النساء:41] قال عليه الصلاة والسلام: حسبك الآن، قال ابن مسعود رضي الله عنه: فنظرت إليه صلى الله عليه وسلم وإذا عيناه تذرفان} هكذا كانوا يعيشون مع القرآن ويحيون معه!! والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} ومفهوم المخالفة: أن شرنا وأحمقنا وأضلنا من ضيع القرآن ولم يعمل به ولم يتدبره أو يحكمه.

    فضل قراءة القرآن

    ويقول عليه الصلاة والسلام: {اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه} رواه مسلم، وفي لفظٍ للبخاري: {اقرءوا سورة البقرة وآل عمران، اقرءوا الزهراوين فإنهما تأتيان يوم القيامة كغمامتين، أو غيايتين، أو كفرقان من طيرٍ صواف، تظلان صاحبهما يوم القيامة}.

    فيا من أراد أن يستظل بذاك الظل في يوم الشمس والكرب والخوف! استظل بآيات الله تبارك وتعالى، والقلب الذي لا يعي شيئاً من القرآن، قلبٌ مخذول ملعون محروم مغلوبٌ عليه.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "كل قلبٍ لا تشرق عليه شمس القرآن فهو قلبٌ ملعون،، وكل نفسٍ لا تشرق عليها شمس هذا الدين فهي نفس ملعونة"، ويقول في كلمته المشهورة: "من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدىً غير هدى الله الذي بعث به محمداً صلى الله عليه وسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم".

    يقول عليه الصلاة والسلام، فيما رواه الترمذي {اقرءوا القرآن، فإن القلب الذي ليس فيه شيءٌ من القرآن كالبيت الخرب} كالبيت الذي عشعش فيه الطيور والغربان، وعشعشت فيه الحيات والزواحف، فهو لا يضيء ولا يزهر، ولا يسعد ولا يفرح، ويقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي: {اقرءوا القرآن فإن من قرأ حرفاً فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (آلم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف}.

    1.   

    صور من حياة السلف مع القرآن

    أبي بن كعب سيد القراء

    ومن سادات المسلمين الذين تعلموا القرآن وعاشوا على القرآن أبي بن كعب رضي الله عنه وأرضاه، دخل عراقي والصحابة مجتمعون في المسجد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فإذا عمر بن الخطاب، وهو خليفة يتكلم بينهم، كلما تكلم التفت إلى رجلٍ منهم، فقال العراقي: من هذا يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: [[ثكلتك أمك، أما عرفت هذا، هذا سيد المسلمين أبي بن كعب، أنزل الله عز وجل: لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ [البينة:1] وأمر جبريل عليه السلام يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذه السورة على أبي بن كعب]] يا للفضل ويا للشرف! شيخ يجلس بين يدي تلميذه، شيخٌ يعرض العرض بين يدي طالب من طلابه، فيأتي عليه الصلاة والسلام بتواضعه وحسن خلقه، بالسورة هذه في صدره، ويطرق الباب على أبي بن كعب، فيخرج أبي، ويقول: {فداك أبي وأمي يا رسول الله! شرفتني بزيارتك، والله ما من أهل الأرض أحدٌ يشرف بزيارة أحد إلا أنا هذا اليوم} فلما بسط له البساط، وجلس صلى الله عليه وسلم قال: {يا أبي! قال: لبيك يا رسول الله، قال: إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة (لم يكن الذين كفروا) قال أبي -مندهشاً متعجباً-: أسماني ربي في الملأ الأعلى؟! فقال صلى الله عليه وسلم: إي والله لقد سماك في الملأ الأعلى، فبكى رضي الله عنه وأرضاه، واندفع صلى الله عليه وسلم يقرأ عليه القرآن}.

    وصلى عليه الصلاة والسلام بالناس فتجاوز آيةً من سورة نسيها، فلما سلم صلى الله عليه وسلم قال الصحابة: {يا رسول الله! نسيت آية، أنسخت أم نسيتها؟ قال أفي القوم أبي بن كعب، ولم يسأل إلا عنه، فقال: نعم يا رسول الله! قال: يا أبا المنذر! أنسيتُ آية، قال: نعم} فتأكد صلى الله عليه وسلم لما أعطى أهل التخصص تخصصهم، وأنزل أهل التخصص منازلهم، على حد قول المثل: أعط القوس باريها.

    يقول عليه الصلاة والسلام وهو يجلس مع الصحابة ومعهم أبي بن كعب: {يا أبي! أي آيةٍ في كتاب الله أعظم؟ قال: الله ورسوله أعلم.! قال: أي آيةٍ في كتاب الله أعظم؟ قال: الله لا إله إلا هو الحي القيوم -آية الكرسي- فضرب صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: ليهنك العلمُ أبا المنذر}.

    هذا هو العلم النافع المفيد في الدنيا والآخرة، ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يشغلهم شاغلٌ عن القرآن، وكثيرٌ من الناس اليوم يعتذرون بأطفالهم وبأسرهم، وبتجارتهم وبمناصبهم عن تلاوة القرآن وتدبره، فلا حياة لهم إذن.

    عثمان يقرأ القرآن في ليلة

    كان عثمان وهو خليفة رضي الله عنه وأرضاه، يجلس من صلاة الفجر فيفتح مصحفه حتى الظهر، فيقول له الصحابة: لو رفقت بنفسك يا أمير المؤمنين! قال: [[والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من القرآن]] وكان يصلي الليل في ركعة بسندٍ صحيح عند المروزي وغيره، وذكره ابن حجر، أنه صلَّى الليل كله بركعةٍ واحدة، قرأ في الركعة القرآن كاملاً، ولما قتل بكته الأمة، حتى يقول حسان:

    ضحوا بأشمط عنوان السجود به     يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا

    هذا وهو خليفة، وهو مسئول عن الأمة، وأمور الأمة تدبر تحت يديه، فلم يشغله شاغلٌ عن القرآن، حتى أن ابن عباس وهو يقرأ قوله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9].

    بكى وقال: [[ذلك عثمان بن عفان]] يأخذ المسلم من هذا ألا يشغله شاغل عن كتاب الله، ولا يصدنه صاد، بل عليه أن يعيش حياة المسلمين إن كان يريد الحياة والسعادة في الدنيا والآخرة، وكثيرٌ من القلوب، نعوذ بالله، ونبرأ إلى الله، ونستعين بالله، من أن تكون قلوبنا كقلوبهم؛ هجروا القرآن، وأعرضوا عنه، واستبدلوه بكتبٍ خليعة، أو أغانٍ ماجنة، أو سخفٍ ألفه البشر قدموه هدماً للأمة، فيا ويلهم في الدنيا، لن يجد حلاوة الإيمان ولا طعم السعادة، ويا ويلهم في الآخرة، بل المسلم أحب ما لديه القرآن يتمتع بسماعه.

    الأشعري يؤتى مزماراً من مزامير آل داود

    وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: {قمت من الليالي أقرأ القرآن في مسجده صلى الله عليه وسلم، وإذا به يستمع مني فلما أصبحتُ سلم علي صلى الله عليه وسلم وقال: يا أبا موسى! لو رأيتني البارحة وأنا أستمع إلى تلاوتك، قال أبو موسى: يا رسول الله! أئنك لتستمع إلى تلاوتي؟! قال: أي والله. قال: والله لو أعلم أنك تستمع لتلاوتي لحبرته لك تحبيراً -أي زينته وجملته وحسنته ليكون أبلغ تأثيراً في القلوب- فيقول صلى الله عليه وسلم: لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود} فالصوت الحسن عجيبٌ يؤثر في القلوب، إذا كان بآيات الله البينات، وبمواعظه الجليات، وينفع أيما نفع.

    وفي تفسير ابن أبي حاتم، { أنه صلى الله عليه وسلم مر في سكة من سكك المدينة، فسمع عجوزاً تقرأ، وهي تردد من وراء الباب في الليل: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] تقف عندها وترددها وتقول: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، فوضع رأسه يبكي ويقول: نعم أتاني، نعم أتاني}.

    أين نحن ممن سلف؟!

    هؤلاء العجائز فأين رجالنا من هذه العجوز في تدبرها وتهجدها وتلاوتها؟ أين الرجال، وأين شباب الأمة الذين أعرض الكثير عنهم -إلا من رحم الله- عن معايشة هذا القرآن؟ إننا أمة خالدة، لا خلود لنا إلا بكتابنا العظيم، ولا بقاء لنا إلا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن هجرناه وتركناه؛ ضعنا والله، وأخذتنا المبادئ الهدامة، واستولت علينا الأمم الحاقدة التي تحقد على هذه البلاد، وعلى شريعتها وأبنائها ومؤسساتها، وعلى حرمتها وقدسيتها وشرفها، فلا ملجأ لنا إلا الله، ولا كافي لنا إلا الله، وأي حلٍ آخر فمعناه الخسارة والندامة، ولذلك يقول المستشرق المجري جولد زيهر:

    لا يستطيع أن يُغلب هؤلاء العرب ما دامت فيهم ثلاث، وهو يعني المسلمين فلا عروبة عن الإسلام ولا إسلام إلا لمن أسلم وجهه لله: صلاة الجمعة، والكتاب العظيم كتاب الله، والحرمين الشريفين، القبلة والحرم النبوي، فإذا بقيت هذه الثلاث، بقينا إن شاء الله، إذا آمنا بشرع الله، وأسلمنا قيادنا لله تبارك وتعالى.

    يا أيتها الأمة الخالدة! يا أبناء من وزع الهداية على الإنسانية! يا أحفاد من نشروا لا إله إلا الله، وساروا بها مهللين ومكبرين مشرقين ومغربين! إن هذه الأمة أمة ريادة، تعطي الناس من القرآن ولا تأخذ منهم شيئاً، وتوجه الناس إلى الحق ولا تتوجه بهم.

    قال الراوي -أحد الصحابة رضوان الله عليهم-: [[كنتُ مع عمر رضي الله عنه لما ذهب يعتمر، فلقي مولاه على مكة، فقال عمر: لمن تركت إمارة مكة؟ -لأنه كان أمير مكة من قبل عمر الخليفة- قال: تركتها لـابن أبزى، قال عمر: ومن ابن أبزى هذا؟ قال: مولى يا أمير المؤمنين! قال: ثكلتك أمك، ومولى أيضاً، قال: يا أمير المؤمنين! إنه عالمٌ بكتاب الله، عالمٌ بالفرائض، قال عمر رضي الله عنه: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين} فصلى الله عليه وسلم من معلم، لقد جربنا أطوارنا مع التاريخ، كلما تمسكنا بالقرآن كلما انتصرنا، وكلما تركناه خذلنا، في القرن السابع لما ترك وتُرِكَ العمل به، وأخلي العمل به؛ جاء الرافضة، ومن وراءهم من التتر المغول، مع جنكيز خان، فقتلوا في ثمانية أيام ثمانمائة ألف، ودمروا مساجدنا، وأحرقوا مصاحف، وقتلوا أبناءنا ونساءنا.

    لما تركنا القرآن أخذت مقدساتنا وحرماتنا، فهل من عودة يا شباب الأمة، ويا شيبها، يا رجالها ويا نساءها؟ أضيئوا بيوتكم بالقرآن، وأحيوا قلوبكم بتدارس القرآن، عمر الله قلوبنا وقلوبكم بكتابه، وأحيا الله أرواحنا وأرواحكم بآياته، وردنا إليه رداً جميلاً، وهدانا إليه صراطاً مستقيماً.

    أقول ما تسمعون.. وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

    1.   

    هجر القرآن

    الحمد لله ربِ العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقدوة السالكين، وحجة الله على الناس أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    فيقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه: وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [الفرقان:30] قال بعض أهل العلم: هجر القرآن على خمسة أضرب: وهو الهجر الذي تتوجه إليه هذه الكلمة؛ هجر تلاوته، وهجر تدبره، وهجر العمل به، وهجر التداوي به، وهجر تحكيمه في دنيا الناس.

    هجر التلاوة

    أولاً: هجر تلاوته؛ هو أن يهجره الإنسان فلا يتلوه، ولا يكون له حزبٌ يومي، ولا يعود إليه، ولا يتملى أسطره، ولا يعيش مع آياته، فهذا عبدٌ ضالٌ مضل، وإن كان من القارئين المطلعين الذين يجيدون الكتابة والقراءة، وهذا عبدٌ طبع على قلبه، واتبع هواه، واستغنى عن القرآن فلا أغناه الله، تمر به الأسابيع والأشهر ومنهم من لا يعرف القرآن إلا من رمضان إلى رمضان إذا كان من المسلمين، فكيف يعيش هذا وهي تمر عليه الأربعة والعشرون ساعة، وما جلس جلسةً مع الله، وما تزود من الزاد الذي يقربه من الله؟

    فهذا من الهالكين وهو ممن يلعب بدينه، وممن يستهزئ بآيات ربه.

    هجر التدبر

    وهجر تدبر القرآن؛ أن يقرأ القرآن لكنه ساهٍ لاهٍ لاغٍ لاعب، يردده بلسانه، وقلبه في السوق أو المزرعة، أو في المكتب أو في المدرسة، قد أخرج روحه ووزعها مع الناس، وقد أرسل عينيه ولسانه يردد كلاماً لا يفقهه، فهذا من الذين هجروا تدبر القرآن، وكل الحياة، وكل النور في تدبر هذا النور، فهذا أعرض بشق التدبر وما أعرض بالتلاوة، فهذا له أجر التلاوة، وأما أجر التدبر، وما يحصل به التدبر من نورٍ وإيمانٍ وفقهٍ واستنباط، فلا يحصل عليه.

    هجر التلاوة والتدبر

    وهؤلاء من الذين: طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [محمد:16] القرآن يلعنهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يشهد عليهم، وإن قرءوا القرآن فهي حجةٌ عليهم لا حجةً لهم، لا يعملون به، ولا يصلون مع المصلين، ولا يزكون مع المزكين، ولا يتأدبون بآداب القرآن، يستهزئون بالصالحين، وينكتون وراءهم، ويعلقون عليهم، فهؤلاء أشبه شيءٍ بالمنافقين، بل هم من المنافقين: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66] فهو كفر، ومن اعتقد أنه لا خير في القرآن، أو أنه سوف يستغني بغير القرآن عن القرآن؛ فقد كفر.

    هجر التداوي

    وقومٌ هجروا التداوي به، وقالوا إنها من الخزعبلات أن يقرأ القرآن على المريض أو المصروع، وكيف يستشفى بالقرآن؟ وكيف يتداوى بالقرآن؟ وهؤلاء خالفوا العقل والنقل، فأما النقل فدلت النصوص على أنه يتداوى به، ويستشفى به، وأما العقل فإنه يؤمن بالأسباب.

    ومن ضمن أسباب إنعاش الروح وإسعادها القرآن، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستشفي بالقرآن، ويقرأه عليه صلى الله عليه وسلم، لما سحره اليهودي، قرأ المعوذتين فشفاه الله، وإذا أراد أن ينام نفث على جسمه الطاهر صلى الله عليه وسلم، وقرأ بالمعوذات، بل رقى صريعاً صرع بالجن، ونحن على ذكر هذه المسألة، أحب أن أذكر لكم، أن من عقيدة أهل الإسلام وجود الجن، ومن أنكر وجود الجن في الدنيا فقد كفر؛ لأن الله ذكرهم في الكتاب والسنة، وأما تلبسهم بالآدمي فإنهم يتلبسون به، وإن الجنية تتلبس بالإنسي، وكذلك الجني يتلبس بالإنسي، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ [البقرة:275] والذي يتخبطه الشيطان من المس هو المصروع! وقال عز من قائل: وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا [الأنعام:128].

    قال ابن تيمية: والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف:

    قوم يكذبون بدخول الجني في الإنس. وقوم يدفعون ذلك بالعزائم المذمومة، فهؤلاء يكذبون بالموجود وهم لا يعصون بل يكفرون بالمعبود, والأمة الوسط تصدق بالحق الموجود ونؤمن بالإله الواحد المعبود، وبعبادته ودعائه وذكره وأسمائه وكلامه تدفع شياطين الإنس والجن.

    وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أُتي بصريع، فقرأ عليه، وقال: اخسأ عدو الله أنا رسول الله، اخسأ عدو الله أنا رسول الله حتى أخرجه} والذين ينكرون ذلك قد خالفوا النقل والعقل، فإنا نسمع وتسمعون من حديث هذه الجنية على لسان الإنسي صوتاً يخالف صوته، وحديثاً يخالف حديثه، فهي تتكلم بصوت المرأة على لسانه، وهذه ليست مسألتنا، إنما المسألة كيف يتداوى بالقرآن؟

    كيفية التداوي بالقرآن

    والناس في هذه ثلاثة أقسام:

    قومٌ جعلوا القرآن دائماً في كل أمر، ولم يجعلوه للتداوي فحسب، من باب تعليق التمائم، ومن باب حضوره في المآتم، وفي المناسبات، وقراءته على القبور، كغلاة الصوفية فهؤلاء لا حظ لهم، وقد أخطئوا في ذلك، والصحيح أن القرآن سببٌ من الأسباب، يقرأ به فيما ورد، لا يعلق تميمة، ولا يعتقد أنه بنفسه ينفع أو يضر، فهؤلاء جعلوا القرآن مهمتهم في الحياة، أن تكون قراءته في المآتم، أو في الأعراس، أو في المناسبات، أو على القبور، فإذا أتى تحكيمه في دنيا الواقع في الحكومات القائمة، في الاقتصاد، في السياسة، في تدبير أمور الأمة، وفي الأدب والفن، أعرضوا عنه وتركوه، وقالوا: هذا شيء، وتلك شيء، وقابلهم قومٌ آخر متطرفون، فقالوا: القرآن لا يستشفى به، ولا يتداوى به وهو من باب الطلاسم، ومن باب التنجيم والكهانة، فهؤلاء أخطئوا كذلك.

    وتوسط قوم فقالوا: مهمة القرآن هداية البشرية أولاً، يحكم به الحاكم في الأمة، في اقتصادها وجيشها، وسياستها وعلاقتها في كل ما يمت إلى الحياة بصلة، فهو دستور الحياة، وقائدٌ إلى الآخرة، ومحكمٌ إلى القلوب، وموجهٌ إلى الأرواح، ثم كذلك يتشافى به بما ورد.

    هجر التحكيم

    وهو أكثر ما ضربت به الأمة الإسلامية -إلا من رحم الله- لما زعزع كرسي الخلافة، فهؤلاء جعلوه لا يدخل في تحكيمهم؛ فما حكموه ولا تحاكموا إليه، ولا نفذوا حدوده، وإنما استبدلوا بقوانين البشر، كقوانين هتلر وتعليمات نابليون، فهؤلاء يحشرون يوم القيامة عمياً بكماً صماً، مأواهم جهنم وساءت مصيراً.

    بل لا حياة للناس إلا بالقرآن. قال ابن القيم رحمه الله: إذا عطلت تحكيم القرآن في الحياة، أوحشت القلوب، وأقفرت الديار، وجدبت المنازل، وأنزل الله على الناس اللعنة، وقست القلوب واختلفت. لذلك قال الإمام أحمد يصف أهل البدع: لا يتحاكمون إلى القرآن، مجتمعون على ترك القرآن، مختلفون في القرآن، نبذوا القرآن. فكل من نبذ القرآن وظن أنه لا يتحاكم إليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، يفضحه على رءوس الأشهاد، ويزلزله ويمحقه، ويقطع دابره يوم يقطع الله دابر الذين ظلموا.

    دعوة لإحياء القرآن

    عباد الله: فلا يصدنكم صادٍ عن كتاب الله، أحيوه في منازلكم وأسركم، وبيوتكم وفصولكم وسياراتكم، أحيوا هذا الكتاب؛ لتسعدوا، ولينصرنا الله، وليديم الله علينا الأمن والاستقرار والأمان، ولئلا يغضب الله علينا فيزلزلنا كما زلزل غيرنا، ويمحقنا كما محق غيرنا، فإن بأسه لا يرد عن القوم المجرمين.

    ومن أكبر ما يعارض القرآن، الأغاني الخليعة الماجنة التي أغوت شبابنا فجعلتهم شباباً مائعين ضائعين، منسلخين تائهين، يكبر أحدهم فإذا بلغ الخامسة والعشرين من عمره، أخذ العود فطنطن به أربعاً وعشرين ساعة، فنسي مهمته ومستقبله، ونسي مصيره إلى الله، ونسي مكانته من العالم، ثم أتى أمثاله وأضرابه فسموه الشاب الصاعد، وهو نازلٌ، لأن الذي يصعد هو الذي يكرم نفسه بالسجود لله، والذي يصعد هو الذي يحمل في قلبه لا إله إلا الله، والذي يصعد هو الذي يتشرف بعبودية الله، والذي يصعد هو الذي ينقي نفسه من معصية الله:

    ومما زادني شرفاً وفخراً     وكُدت بأخمصي أطأ الثريا

    دخولي تحت قولك يا عبادي     وأن صيرت أحمد لي نبيا

    أما هؤلاء فهابطون نازلون منحدرون، كفقير اليهود لا دنيا ولا آخرة، تشرفوا بالغناء، وعشقوه فأعرضوا عن كتاب الله، والبيوت التي يدندن فيه الغناء لا يحل فيها القرآن؛ القرآن أشرف من أن يمتهن، وأعظم من أن يتبذل، وأجل من أن يسخر به ويستهزأ: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ [الأنعام:155] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].

    آياته كلما طال المدى جدد     يزينهن جلال العتق والقدمِ

    جاء النبيون بالآيات فانصرمت     وجئتنا بحكيم غير منصرم

    أتى على سفر التوراة فانهدمت      فلم يفدها زمان السبق والقدم

    ولم تقم منه للإنجيل قائمة     كأنه الطيف زار الجفن في الحلم

    فعودةً يا أمة الإسلام إلى الله! وعودةً يا أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي! يا أحفاد فاتحي الدنيا ومعلمي الإنسانية! يا أحفاد من رفعوا رأس الإنسان، وكان على الأوثان يطبل ويزمر، ومع الشياطين يعشعش ويعيش.

    أقولُ ما تسمعون وأدعوكم للصلاة والسلام على رسول الله، فإن الله قال في محكم كتابه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى عليَّ صلاةً واحدة، صلى الله عليه بها عشراً}.

    اللهم صلِّ على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين، وارض اللهم عن أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

    اللهم اجمع كلمة المسلمين، اللهم وحد صفوفهم، اللهم خذ بأيديهم لما تحبه وترضاه، اللهم قُدهم إليك، ووجه شبابهم، وكفر عنهم السيئات واهدهم شبابهم لما تحبه وترضاه، وردهم إليك رداً جميلاً، عرفهم بالقرآن وحببهم إليه، واجعلهم من حملته وأبعدهم عن كل ما يغضبك من دسائس الشيطان، إنك على كل شيءٍ قدير.

    اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا.

    اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنةٍ مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم انصر كل من جاهد لإعلاء لا إله إلا الله، اللهم ثبت أقدام كل من رفع لا إله إلا الله، اللهم انصر من نصر لا إله إلا الله، اللهم انصر المجاهدين المسلمين في أفغانستان، وفي فلسطين وفي كل بلادٍ من بلادك يا رب العالمين.

    اللهم وفق إمام المسلمين لما تحبه وما ترضاه، اللهم ألهمه رشده، وخذ بيده إلى كل خير، وارزقه بطانةً صالحة تدله على الخير، وتهديه إلى الصواب، إنك على كل شيءٍ قدير، ربنا إننا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767566334