إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عائض القرني
  5. من ميراث الرسول عليه الصلاة والسلام

من ميراث الرسول عليه الصلاة والسلامللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ابتدأ الدرس بمقدمة عن معجزات الرسول وحسن أخلاقه، ثم ذكر بعض الأوامر التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم كالصلاة جماعة، والتوبة والاستغفار، والاستزادة من النوافل من قيام ليل وصدقة، وعقب بالتحذير من السفور والأغاني وضياع الوقت، ذاكراً وسائل حفظ الوقت والمكفرات العشر للذنوب والمعاصي، واختتم الدرس بالإجابة عن الأسئلة.

    ثناء وابتهال

    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السماوات والأرض، ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً.

    اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول ومثلما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك.

    لا إله إلا أنت، في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي النار سطوتك، وفي الجنة رحمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين، وأنت سند المضطهدين، وأنت عضد المهضومين، وأنت ملجأ العابدين، لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.

    اللهم صل وسلم على من أرسلته هدايةً ورحمةً للعالمين، بلغت به الرسالة، وأديت به الأمانة، ونصحت به الأمة، وهديت به الإنسانية، وأنرت به أفكار البشرية، وزعزعت به كيان الوثنية، صلى الله وسلم على صاحب الحوض المورود، صلى الله وسلم على صاحب الصراط الممدود، صلى الله وسلم على من كسر الله به ظهور الأكاسرة، وقصر به آمال القياصرة، الذين طغوا وبغوا حتى أرداهم ظلمهم في الحافرة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    لا إله إلا الله، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون.

    لا إله إلا الله كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

    لا إله إلا الله خالق الليل والنهار.

    لا إله إلا الله تسبح له الحيتان في البحار.

    لا إله إلا الله تقدسه الأسماك في الأنهار.

    لا إله إلا الله تفوح باسمه الأزهار.

    لا إله إلا الله يحمل دعوته النبي المختار.

    أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الذي أنزل هذا الغيث، أن ينزل على قلوبنا غيثاً كهذا الغيث، فإنه إذا رحم رحم، وإذا عفا عفا، وإذا منّ منّ، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد:16] ثم قال: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا [الحديد:17].

    فيا من أحييت الأرض بعد موتها، بعد أن ذبلت الأزهار، وتقطعت الأشجار، وفلت الحدائق، وماتت البساتين، أنزلت غيثاً مريعاً من السماء فأحييتها فإذا هي مزهرة، نسألك يا أحد، يا فرد يا صمد، يا من له الملك في الدنيا والآخرة، يا قيوم! من يرحمنا إذا لم ترحمنا!

    ومن يغفر لنا إذا لم تغفر لنا!

    ومن يسترنا إذا لم تسترنا!

    اجتمعنا والله في مرضاتك، وجلسنا والله في بيتك، إن الملك من ملوك الدنيا لو طرقه الناس للبى دعواتهم، وأنت ملك الملوك.

    إن الملوك إذا شابت عبيدهم      في رقهم عتقوهم عتق أبرار

    وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً     قد شبت في الرق فاعتقني من النار

    اللهم كما جمعت بيننا في هذا المجلس فاجمع بيننا في جنة عرضها السماوات والأرض، مع النبي محمد، مع نوح وإبراهيم وموسى، مع أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام:90].

    عباد الله! إن الرسول عليه الصلاة والسلام يوم أراد الله أن يحيي به القلوب، أرسله فأيقظ الأرواح، كان العرب قبل الإسلام أمواتاً، كانوا يعبدون الحجر والشجر والأوثان، يزنون، يغشون، يكذبون، يقطعون الأرحام، يتلاعنون، فلما أراد الله أن يحيي قلوبهم بعث محمداً عليه الصلاة والسلام: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2]

    إن البرية يوم مبعث أحمد     نظر الإله لها فبدل حالها

    بل كرم الإنسان حين اختار من     خير البرية نجمها وهلالها

    فضل لا إله إلا الله

    أتى عليه الصلاة والسلام بكلمتين من أتى بهما يوم القيامة وعمل بمقتضاهما؛ فتح الله له باب الجنة، ومن لم يأت بهما؛ فلن يفتح له باب الجنة وهو من الخاسرين، أتى بـ(لا إله إلا الله، محمد رسول الله) فمن طرق بهما باب الجنة؛ فتح الله له.

    يقول عمر بن الخطاب وهو في سكرات الموت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول؛ فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء} فأبواب الجنة الثمانية تفتح لك أيها العبد الصالح، يابن من سجدوا لله، يابن من رفعوا لا إله إلا الله، يابن من ماتوا على علم لا إله إلا الله، فليس بغريب أن تهتدي لكن الغريب أن تضل عن سبيل الله: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122] فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125].

    جلس عليه الصلاة والسلام في مسجده في المدينة، المسجد الذي خرج علماء الدنيا، وقادتها، جلس بين الصحابة، فأتاه رجل من البادية يريد الإسلام، فلما تخطى الصفوف قال: أين ابن عبد المطلب؟ يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عبد الله لكن جده عبد المطلب أشهر في العرب من أبيه، حتى يقول عليه الصلاة والسلام وهو يقاتل الأبطال في المعركة:

    {أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب}

    قال: {أين ابن عبد المطلب؟ قال عليه الصلاة والسلام: قد أجبتك، قال: أسألك مسألة فلا تغضب علي، قال: سل ما بدا لك، قال: من رفع السماء؟ قال: الله، قال: من بسط الأرض؟ قال: الله، قال: من نصب الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: الله، قال: أسألك بمن رفع السماء، وبسط الأرض، ونصب الجبال وجعل فيها ما فيها، آلله أرسلك؟ قال: اللهم نعم، قال: أسألك بمن رفع السماء وبسط الأرض ونصب الجبال، آلله أمرك أن تأمرنا بخمس صلوات في اليوم والليلة؟ قال: اللهم نعم، فأخذ يسأله حتى انتهى من أركان الإسلام، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، والله لا أزيد على ما سمعت ولا أنقص، أنا ضمام بن ثعلبة، أخو بني سعد بن بكر، ثم ولى وفك عقال ناقته، وركبها، فقال عليه الصلاة والسلام: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا}.

    هذا طريق الجنة أيها المسلمون، هذا طريق السعادة أيها الأبرار، هذا طريق النجاة أيها الأخيار:

    فقل لـبلال العزم من قلب صادق     أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا

    توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً     به ترقَ أبواب الجنان الثمانيا

    من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

    وقف عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة على المنبر في مسجده في عز الصيف، وفي شدة الحرارة، يقول أنس: والله ما في السماء من سحابة ولا غيم ولا قزعة، وبينما هو يخطب عليه الصلاة والسلام، بين يديه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والشهداء والأخيار، وهو في أثناء الخطبة دخل أعرابي من البادية، من الباب الغربي للمسجد، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يغيثنا؛ فقد تقطعت السبل وجاع العيال وضاع المال، فوالله ماتلعثم عليه الصلاة والسلام الصلاة، ولا توقف ولا فكر، وإنما رفع يديه في أثناء الخطبة، ثم قال: {اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا} قال أنس رضي الله عنه وأرضاه: والله الذي لا إله إلا هو، ما في السماء سحاب ولا غيم، ولقد أزبدت السماء وأرعدت في لحظات، ثم أمطرت والله ما نزل عن منبره إلا والمطر يتحدر على وجهه الشريف، وهو يتبسم من هذه النعمة ويقول: {أشهد أني رسول الله}.

    ونحن نشهد أنك رسول الله، ونشهد أنك بلغت الرسالة، ونحن نشهد أنك أديت الأمانة، وأنك دللتنا على طريق الجنة، وبقي المطر أسبوعاً كاملاً، وفي الجمعة الثانية قام عليه الصلاة والسلام يخطب، فدخل ذاك الأعرابي من نفس الباب، فقال: يا رسول الله! جاع العيال، وضاع المال، وتقطعت السبل من كثرة الأمطار، فادع الله أن يكف عنا الغيث، فرفع صلى الله عليه وسلم وعليه وسلم يديه وهو يتبسم من هذا الأعرابي الذي أتى أولاً يطلب الغيث ثم هو يريد رفع الغيث، وهو يقول: {اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر} قال الصحابة: والله الذي لا إله إلا هو ما أشار إلى مكان إلا وقع فيه الغيث.

    معجزاته عليه الصلاة والسلام عند أهل العلم في الإسلام ألف معجزة وأكثر، كل معجزة تكفي إلى أن يسلم بها الكافر، ويذعن لها المتكبر، ويدخل بها الفاجر في الدين.

    وكان له جذع نخلة يخطب عليه يوم الجمعة بأبي هو وأمي عليه أفضل الصلاة والسلام فقال للأنصار: اصنعوا لي منبراً أخطب عليه، فأتوا بمنبر من خشب، فلما قام يخطب عليه وترك الجذع الأول -جذع النخلة- قال جابر بن عبد الله: فلما تركه سمعنا للجذع حنيناً كحنين الإبل، وبكاءً كبكاء الأطفال، حتى سمعه أهل المسجد.

    جذع من خشب يبكي للرسول عليه الصلاة والسلام، هذا الحديث في البخاري ومسلم، قال: فانحدرت دموعه عليه الصلاة والسلام ونزل إلى الجذع يدهدهه، ويسكته:

    يا خير من دفنت في القاع أعظمه     فطاب من طيبهن القاع والأكم

    نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه     فيه العفاف وفيه الجود والكرم

    أخذ يدهده العود ويقول: اسكت بإذن الله أنا رسول الله حتى سكت.

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ [القمر:1-3] خرج عليه الصلاة والسلام على كفار قريش وهم في الحرم، فقال: {يا أيها الناس! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، يا أيها الناس! لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا أيها الناس! إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، قال أبو جهل: لا أسلم لك، ولا أومن لك، ولا أصدقك حتى تشق لي القمر ليلة أربعة عشر، والقمر في سماء مكة، فقال عليه الصلاة والسلام: إن شققته أتسلم وتؤمن؟ قال: نعم، فدعا ربه صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم شق هذا القمر، ثم أشار بيده فانشق القمر فلقتين، فلقة ذهبت إلى عرفات، وفلقة ذهبت إلى جبل أبي قبيس، قال: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد، فقاموا ينفضون ثيابهم ويقولون: سحرنا محمد، سحرنا محمد}.

    فيقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ [القمر:1-4] جاءهم والله بآيات يشيب منها الوليد، ويسلم منها الكافر، جاءهم والله ببينات ومواعظ تتدكدك منها الجبال، لكن أين القلوب؟ فما أسلم إلا القليل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088776066

    عدد مرات الحفظ

    778941794