قال رحمه الله تعالى: (وله) أي: للإمام
أحمد رحمه الله (عن
عقبة بن عامر مرفوعاً: (
من تعلق تميمة ). من: شرطية، وتعلق: فعل الشرط. وقوله: (
تميمة ). التميمة: هي عبارة عن خرزات يعلقها العرب على الأولاد لدفع العين، والمراد هنا: ما يعلق على البدن من خرز أو من حجارة أو من خرق على البدن أو على المركوب ونحو ذلك؛ لدفع العين أو دفع الشيطان أو دفع الأمراض ونحو ذلك.. إلى آخره.
قال: ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ). هذه يحتمل أن تكون جملة خبرية، أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من تعلق هذه التميمة فإن الله لن يتمم أموره، ويحتمل أن تكون جملة إنشائية، بمعنى الدعاء عليه، وأيهما أبلغ: الجملة الخبرية أو الجملة الإنشائية؟ الخبرية أبلغ؛ لأن الأمر منتهه، وأن من تعلق هذه التميمة فإن الله سبحانه وتعالى لن يتمم له أموره، وهذا لا شك أنه عقوبة شديدة.
قال: ( ومن تعلق ودعة ) من: هذه أيضاً شرطية، وتعلق: فعل الشرط.
(ودعة): الودعة: هذه شيء يخرج من البحر يشبه الصدف، أيضاً يعلق على البدن لكي يتقى به العين.
وقوله: ( فلا ودع الله له ) الفاء هذه واقعة في جواب الشرط.
قال: ( فلا ودع الله له ) يعني: لم يجعله الله عز وجل في دعة وسكون. وكما تقدم: هل هذه الجملة جملة خبرية أو جملة إنشائية؟ يحتمل أن تكون جملة خبرية، ويحتمل أن تكون جملة إنشائية، فإن قلنا بأنها جملة إنشائية فهي دعاء عليه، وإن قلنا بأنها خبرية يعني: هذا خبر من النبي صلى الله عليه وسلم أن من تعلق هذه الودعة فإن الله سبحانه وتعالى لا يدعه في سكون، وكون الإنسان لا يكون في سكون ويكون في قلق هذا لاشك أنه عقوبة شديدة.
قال: (وفي رواية: ( من تعلق تميمة فقد أشرك ) هذا واضح.
ووجه الشاهد لما ترجم له المؤلف رحمه الله: أن لبس الخيط والحلقة ونحوها من الشرك، وهذا الحديث صريح في ذلك، وكما تقدم: هل هذا شرك أصغر أو أنه شرك أكبر؟ قلنا بأن في هذا تفصيلاً: إن اعتقد أن هذه التميمة تنفع وتضر من دون الله عز وجل فهو شرك أكبر، وإن اعتقد أنها مجرد سبب وأن النفع والضر بيد الله عز وجل فهو شرك أصغر.
قال رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الرقى والتمائم].
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن من الرقى ما يكون شركاً، وهذه الرقى الشركية منها ما يخل بأصل التوحيد، ومنها ما يخل بكمال التوحيد.
فإن كانت هذه الرقى من الشرك الأكبر فإنها تخل بأصل التوحيد، وإن كانت من الشرك الأصغر فإنها تخل بكمال التوحيد، وسيأتي إن شاء الله.
قال رحمه الله: [وفي الصحيح عن
أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه]. في الصحيح أي: في صحيح
البخاري و
مسلم.
[عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه: ( أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً: أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة )]. القلادة: هي ما يعلق في رقبة البعير.
( قلادة من وتر ) الوتر: واحد أوتار القوس.
( أو قلادة إلا قطعت ) (أو): هذه شك من الراوي، يعني: شك هل النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قال: قلادة إلا قطعت؟ وهل النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلادة أو قال: قلادة من وتر؟
وعلى كل حال سواء كانت القلادة من وتر أو من غير وتر فاتخاذ مثل هذه القلائد نوع من الشرك.
الشاهد من هذا: أن تعليق مثل هذه التمائم والأوتار على الأبدان والبعير والمراكب ونحو ذلك نقول: بأن هذا نوع من الشرك؛ ولهذا أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً بقطع مثل هذه الأوتار.
وتقدم لنا: هل هذا من الشرك الأصغر أو من الشرك الأكبر؟ وذكرنا: إن كان يعتقد أنه ينفع ويضر من دون الله عز وجل فهو شرك أكبر، وإلا نقول بأنه من الشرك الأصغر.
سبحانك اللهم وبحمدك.