إسلام ويب

شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [3]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من المعلوم أن مهل أهل مكة في الحج يكون من مكانهم، وأما بالنسبة للعمرة فالصحيح أنه من الحل، وكل ذلك لا بد أن يكون في أشهر الحج وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة، وعليه فلا يصح الإحرام قبلها، ومن فعل ذلك انقلب إحرامه إلى عمرة. وللإحرام آداب منها: الغسل، والتن
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن حج من أهل مكة فمنها وعمرته من الحل، وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.

    باب في الإحرام والتلبية وما يتعلق بهما:

    الإحرام نية النسك، سن لمريده غسل أو تيمم لعدم، وتنظف وتطيب وتجرد عن مخيط في إزار ورداء أبيضين، وإحرام عقب ركعتين، ونيته شرط، ويستحب قوله: اللهم إني أريد نسك كذا فيسره لي، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وأفضل الأنساك التمتع، وصفته: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في عامه، وعلى الأفقي دم].

    تقدم لنا ما يتعلق بمواقيت الحج، وذكرنا أن مواقيت الحج تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: مواقيت مكانية، وقد بينها المؤلف رحمه الله تعالى، وهي ذي الحليفة لأهل المدينة، والجحفة لأهل الشام والمغرب ومصر، ومن أتى من تلك النواحي، وقرن لأهل نجد والطائف ومن أتى من تلك الجهات، ويلملم لأهل اليمن، وذات عرق لأهل المشرق، وبقينا فيمن كان دون تلك المواقيت فميقاته من أهله، كأهل خليص وعسفان ووادي فاطمة ونحو ذلك، فهؤلاء يحرمون من أماكنهم.

    ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ومن حج من أهل مكة فمنها).

    المكي إما أن يحرم للحج، وإما أن يحرم للعمرة، فميقاته بالنسبة للحج من مكة، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى أهل مكة من مكة)، وهذا بالاتفاق.

    وأما بالنسبة للعمرة فقال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعمرته الحل]، بمعنى: أن المكي إذا أراد أن يعتمر فإنه يخرج إلى الحل، إلى التنعيم، أو إلى عرفات، ونحو ذلك من الحل، فسواء أن يحرم من التنعيم، أو من عرفات، أو غير ذلك من الحل، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

    والرأي الثاني: أن عمرة المكي أيضاً تكون من مكة، وهذا ظاهر صنيع البخاري رحمه الله تعالى، وذهب إليه الصنعاني ، ولكل منهم دليل.

    أما الجمهور الذين يقولون: بأن المكي يحرم من الحل، فاستدلوا على ذلك بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها لما أرادت أن تعمل عمرةً بعد نهاية الحج، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم، وأن تحرم من التنعيم.

    فلو كان ميقات المكي مكة لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن أن يحرم بها من التنعيم.

    والذين قالوا: بأن عمرة المكي تكون من مكة، استدلوا بعموم حديث ابن عباس : (حتى أهل مكة من مكة)، وقالوا: هذا يشمل الحج والعمرة.

    والصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى، وأن المكي إذا أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل، ودليل ذلك ما سلف من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فإن قيل: بأن عائشة ليست مكية وإنما هي آفاقية؛ لأن عائشة أتت من المدينة، نقول: صحيح هي آفاقية، لكنها لما أحرمت عند مرورها بالميقات وتحللت بمكة أخذت حكم أهل مكة، بدليل أن من كان متمتعاً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما مروا بالميقات أحرموا ثم تحللوا، ولما أرادوا الحج أحرموا من مكة مع أنهم آفاقيون، وإنما أحرموا من ميقات أهل مكة للحج وهي مكة، فيدل كون الإنسان يمر بالميقات، ثم بعد ذلك يحرم ثم يتحلل بمكة، فإنه يأخذ حكم أهل مكة بالنسبة للنسك التالي، بدليل فعل الصحابة السابق ذكره، فكذلك عائشة رضي الله تعالى عنها أحرمت من ميقات أهل مكة بالنسبة للعمرة؛ لأنها أخذت حكمهم، ويدل لذلك أيضاً ما في مصنف ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: لا يضركم يا أهل مكة ألا تعتمروا، فإن أبيتم فاجعلوا بينكم وبين الحرم بطن الوادي؛ ولأن العمرة هي الزيارة، ولا تكون زيارة حتى يكون قادماً، وأيضاً قال العلماء رحمهم الله: باستقراء المناسك نجد أن من أحرم بأي نسك من المناسك فإنه يجمع في نسكه بين الحل والحرم، حتى أهل مكة إذا أحرموا بالحج من مكة فإنهم يجمعون بين الحل والحرم؛ لأنهم في الحج يخرجون إلى عرفات، وعرفات من الحل، فكذلك أيضاً في العمرة يخرجون إلى الحل لكي يجمعوا في عمرتهم في نسكهم بين الحل والحرم، فالصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه جماهير أهل العلم رحمهم الله تعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088776295

    عدد مرات الحفظ

    778946821