إسلام ويب

عمدة الأحكام - كتاب البيوع [5]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لا يجوز للإنسان إذا أوقف شيئاً أن يتصرف فيه بالبيع إلا إذا تعطلت منافعه، وكل مال أخرجه الإنسان صدقة لله فلا يجوز أن يعود فيه إلا أن يأتيه بالإرث، أو أن يعطيه والده شيئاً من المال فلا بأس أن يرجعه بشروط ذكرها أهل العلم، والشفعة على الاختيار شريطة ألا يطول الفصل عرفاً، ومعاوضة الشريك لإسقاط الشفعة جائزة على الراجح.
    قال المصنف رحمه الله: [ باب الرهن وغيره:

    عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً, ورهنه درعاً من حديد ) ].

    تعريف الرهن وصورته

    الرهن عند الفقهاء: توثقة دين بعين أو نقد.

    صورتها: أن أبيعك هذه السيارة بمائة ألف مؤجلة، فأخشى ألا تسددني الثمن، فأطلب منك رهناً، هذا الرهن يمكن أن يكون عيناً كأرض أو سيارة، أو منزل، أو بضاعة، هذا يسمى توثقة الدين الذي في الذمة بعين، أو بنقد مثل: هذه مائة ألف في حسابك، دعها عندك أمانة، وسوف أعطيك الثمن بعد ذلك، إذاً: الرهن هو توثقة دين بعين أو نقد، والله تبارك وتعالى أعلم.

    مثال آخر: أريد أن أشتري منك سلماً فأقول لك: كم تعطيني صاعاً بعد سنة؟ قلت: مائة صاع بر، قلت: هذه مائة ألف ريال، لكن أريد رهناً، فأنا أخشى ألا تعطيني المائة الصاع، فتقول: هذه خمسين ألفاً رهن عندك، فهذا الفعل يجوز، والله أعلم.

    وكل ما جاز بيعه جاز رهنه، دون العكس، فكل ما جاز رهنه لا يلزم جواز بيعه، فيجوز أن أرهن الكلب، وإن كان لا يجوز أن أبيع الكلب على الراجح.

    أنواع الرهن

    اعلم أن الرهن يكون على أحوال ثلاثة:

    الأول: أن يكون الرهن قبل العقد، مثل أن أقول لك: خذ هذه السيارة رهناً على أن تبيعني بعد أسبوع أرضك، الراجح أنه جائز.

    الثاني: أن يكون الرهن مع العقد، نحو: أبيعك سيارتي بمائة ألف على أن ترهنني هذه الأرض الآن، وهذا جائز بالإجماع.

    الثالث: أن يكون الرهن بعد العقد، مثل: أبيعك سيارتي بمائة ألف ثم أقول لك: يا فلان! أعطني رهناً بعد أن انتهى العقد وتفرقنا، أعطني شيئاً يثبت، أعطني ورقة قال: خذ هذا المال رهناً عندك، فهذا لا يلزم، ولكنه يصح، والله أعلم.

    تقول عائشة رضي الله عنها: ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاماً، ورهنه درعاً من حديد ).

    لأن يهود خيبر كانوا يحسنون الزراعة، فاشترى منه تمراً، وقال اليهودي: أريد ما يثبت ذلك، فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم درعه على أنه رهن.

    فائدة الرهن

    وفائدة الرهن: أن المرتهن متى ما تعذر وتعثر الراهن المدين بتسديد دينه، جاز للمرتهن أن يبيع هذا الرهن ليستوفي حقه، فهذا الوفاء إما أن يكون الرهن أكثر من الدين، فيجب على المرتهن أن يرد الزائد، وإما أن يكون أقل فيأخذه ويطالب بالباقي، وإما أن يكون مساوياً فلا يطالب بعد ذلك.

    انتفاع المرتهن بالرهن

    واعلم أن المرتهن لا يجوز له أن ينتفع ويستفيد من الرهن إذا كان الرهن أصله قرض، فلو قلت لزيد: أقرضني مائة ألف ريال أردها بعد سنة، فقال: بشرط أن تعطيني شقتك التي في مكة، فأعطيته شقتي التي في مكة، وبدأ يسكنها، هذا لا يجوز؛ لأنه قرض جر نفعاً، أما إذا كان الرهن نشأ من بيع فإنه يجوز للمرتهن أن ينتفع منه برضا البائع، فلو قال البائع: بعني سيارتك أو بعني أرضك بمليون، قال: بشرط أن ترهنني شقتك التي في مكة، فرضي بالرهن، فإنه لا يجوز للمرتهن أن ينتفع بهذه الشقة، لكن لو اتصل بعد يومين، أو عشرة أيام، أو شهر وقال بأنه يريد أن ينتفع بها، نقول: الراجح أنه يجوز، وهو مذهب الحنابلة، واختيار اللجنة الدائمة، بشرط ألا يكون حيلة على تأجيل الثمن، يعني: إما أن تقضي وإما أن أنتفع بالشقة، يقول: الدين سداده بعد سنة، وأقول لك: يا فلان! سدده بعد سنتين وأنتفع أنا بالشقة، فصار مقصوده التأجيل، فهذا لا يجوز، والله أعلم.

    والحنابلة خلافاً للجمهور استثنوا صورة واحدة: يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن بلا إذن من الراهن، وهو ما إذا كان المرهون دابة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري قال: ( الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً )، يعني: أنا عندي جمل أو عندي خيل رهن، وأنا الذي أعلفه، فعلفي له يجوز لي أن أركبه، وأما إن قال لي الراهن: أنا أعطيه علفه ولا تركبه، فلا يجوز للمرتهن أن يركبه، وأما حديث: ( لا يغلق الرهن على صاحبه، له غنمه وعليه غرمه )، نقول: هذا فيما إذا لم يكن دابة، أو كان دابة واشترط الراهن أن يعطيها النفقة، فحينئذ لا ينتفع المرتهن بذلك، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088777550

    عدد مرات الحفظ

    778959894