إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الطهارة [30]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الماء هو الأصل في الطهارة، فإذا تعذر استعماله شرع التيمم، فيتيمم أول الوقت إلا إذا غلب على ظنه وجود الماء في آخره فتأخيره أفضل، وصفته: النية، ثم التسمية، ثم الضرب على التراب باليدين ضربة واحدة، ثم مسح الوجه والكفين، فإذا انتهى من ذلك يسن له أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    قال المؤلف رحمه الله: [ والتيمم آخر الوقت المختار لراجي الماء، أو العالم وجوده ولمن استوى عنده الأمران أولى؛ لقول علي رضي الله عنه في الجنب: يتلوم -أي: يتأنى- ما بينه وبين آخر الوقت، فإن وجد الماء وإلا تيمم ].

    أراد المؤلف أن يبين حينما ذكر مسائل التيمم فقد ذكر في السابق أن التيمم في أول الوقت أولى من التيمم في آخره، لكنه هنا ذكر أن التيمم آخر الوقت المختار لمن غلب على ظنه وجود الماء، أو تحقق وجوده أفضل، وهذا القول مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أعني: أن التيمم آخر الوقت لمن يرجو وجود الماء، أو يغلب على ظنه وجود الماء أفضل، واستدلوا على ذلك بفعل عمر رضي الله عنه، كما أخرج ذلك ابن المنذر بسند جيد: (أن عمر رضي الله عنه عرس في بعض الطريق قريباً من المياه، وكان هذا في سفر، عندما جاء من العمرة، فاحتلم، فاستيقظ فقال: أترون ندرك الماء قبل أن تطلع الشمس؟ قالوا: نعم، فأسرع السير، فاغتسل فصلى في الوقت).

    فقالوا: هذا يدل على أن عمر أخر الصلاة إلى آخر وقتها المختار؛ لأنه يرجو الماء، وهذا هو اختيار أكثر أهل العلم، وهو اختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله؛ لأنه لو صلى أول الوقت صلى بالتيمم، لكنه لو أخر الصلاة صلى بالماء، ومن المعلوم أن الصلاة بالمبدل أولى من الصلاة بالبدل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا وجد الماء فليتق الله، وليمسه بشرته )، وللأحاديث الدالة على أفضلية الصلاة بالوضوء؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا غسل وجهه بالماء خرج من ذنوبه كل خطيئة رأتها عيناه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء )، ثم ذكر ذلك في اليدين، ثم ذكر ذلك في الرجلين، وهذا واضح في الوضوء وأما التيمم فليس له شأن في الرجلين.

    وقولهم: إنه أفضل؛ لأنه لو صلى أول الوقت، فقد صلى بأمر، يعني: أنه صلى بما أمره الله أن يصلي.

    وبعض أهل العلم يرى أن الصلاة أول الوقت أفضل مطلقاً، كما هو اختيار ابن المنذر ، قال: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول حينما سئل: ( أي الصلاة أفضل؟ قال: في أول وقتها )، وبين أن أحب الأعمال إلى الله الصلاة في أول وقتها، وهذا القول صحيح، لكن الخلاف هنا في أول الوقت المختار، أو في آخر الوقت المختار، وليس آخر خروج الوقت، أو قبل خروج الوقت بقليل، وعلى هذا إذا شك في حصول الماء، أو لم يتيقنه، أو ترجح في عدم حصول الماء، فالأفضل الصلاة في أول الوقت، وإذا ترجح حصول الماء، أو غلب على ظنه حصول الماء، أو تيقنه، فالأفضل التأخير إلى آخر الوقت المختار، ولو صلى في أول الوقت المختار جاز؛ لما روى ابن المنذر (أن ابن عمر رضي الله عنه تيمم بالمربد، وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، فلم يعد الصلاة). والمربد هو مربد النعم، قريب من المدينة، فـابن عمر تيمم وصلى مع أنه يغلب على ظنه أنه سوف يصل إلى المدينة قبل خروج الوقت، فهذا يدل على الجواز.

    واستدل المؤلف بأثر علي رضي الله عنه أنه قال في الجنب: (يتلوم)، ومعنى التلوم يعني: ينتظر، وفي نسخة يتصبر، والتصبر يعني: ينتظر ما بينه وبين آخر الوقت، فإن وجد الماء وإلا تيمم، وهذا الحديث فيه علتان:

    العلة الأولى: الحارث الأعور رجل ضعيف، وهو يروي عن علي.

    الثاني: أن شريك بن عبد الله القاضي حدث الحديث عن أبي إسحاق السبيعي، وتعلم أن هذه المسألة إنما هي في حق المسافر، وأما الحاضر فلا يجوز له أن يتيمم في الوقت إلا إذا خشي خروج الوقت، وأما المقيم الحاضر فلا يسوغ له أن يتيمم إلا إذا خشي خروج الوقت؛ ولهذا لعلي أذكر كلام ابن حزم رحمه الله، يقول: وأما الحاضر فلا خلاف من أحد في أنه ما دام يرجو وجود الماء قبل خروج الوقت، فإنه لا يحل له التيمم، وما أبيح له التيمم عند تيقن خروج الوقت إلا باختلاف، ولولا النص ما حل له، معنى كلام ابن حزم: أن له أن يتيمم إذا كان لا يرجو وجود الماء ويخاف خروج الوقت.

    يقول: اختلاف، ولولا النص لما قلنا به، يعني: لولا وجود النص لما قلنا به، فهذا يدل على أن الخلاف في حق المسافر كما ذكر ذلك ابن المنذر في الأوسط و ابن قدامة وغيرهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3088776862

    عدد مرات الحفظ

    778953268