إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الصلاة [22]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حرم سبحانه وتعالى أن يتشبه الرجال بالنساء فيما كان من خصائص النساء كلبس الحرير والذهب والمزعفر والمعصفر وغير ذلك، ورخص الشرع في الحرير للرجل مقدار أربعة أصابع، كما أجاز العلماء أن يتطيب الرجل بطيب امرأته والعكس، وله أن يلبس الأحمر من الثياب. وما يمنع على الرجل لبسه يمنع على الصبي كذلك.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [ويحرم إلباس صبي ما يحرم على رجل، وتشبه رجل بأنثى في لباس وغيره وعكسه، أو كان الحرير علماً وهو طراز الثوب أربع أصابع فما دون، أو كان رقاعاً أو لبنة جيب وهو الزيق، وسجف فراء جمع فروة ونحوها مما يسجف، فكل ذلك يباح من الحرير، إذا كان قدر أربع أصابع فأقل؛ لما روى مسلم عن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاثة أو أربعة )].

    بعد أن ذكر المؤلف رحمه الله حكم لُبس الذهب والمموه به والفضة والمموه بها والحرير، قال: (ويحرم إلباس صبي ما يحرم على رجل)، المذهب أن كل ما حرُم لبسه على الرجل يحرم إلباسه للصبي، فيجب على الولي أن يمنع صبيه من أن يلبس ما كان محرماً على الرجل، واستدلوا على ذلك بما جاء عند أهل السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين )، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمروا الصبيان بالصلاة وإن كانوا غير مكلفين. واستدلوا على ذلك أيضاً بما جاء في الصحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد مع الحسن تمرة - وهي تمرة من تمرات الصدقة - فقال له: كخ كخ! ارم بها؛ أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ).

    وكذلك مما استدلوا به في هذا المقام بعض الآثار، فقد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه على صبي للزبير ثوباً من حرير فمزقه وقال: لا تلبسوهم الحرير. و حذيفة رضي الله عنه أنه جاء مرة من السفر فوجد على صبيانه أقمصة مذهبة قال: فجعل يمزقها، وروي ذلك عن ابن مسعود ، وروى أبو داود من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: ( كنا ننزعها من الصبيان ونبقيها على الجواري )، وهذا الحديث وإن كان في سنده بعض الضعف لكن يشهد لمعناه هذه الأحاديث التي شرحناها وذكرناها.

    وأما حديث أبي موسى الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( حرُم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي )، فقد بينَّا ضعفه. إذاً المذهب عند الحنابلة أن كل ما حرم لبسه على الرجل يحرم إلباسه للصبي.

    والرواية الثانية قالوا: إن ذلك لا بأس؛ وذلك لعدم تكليفه.

    والراجح والله أعلم أن الأمر هنا أمر للولي وليس إثماً على الصبي، وفرق بينهما، وعلى هذا فالراجح أنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم على الرجل، فلا يجوز أن يلبس الصبي ثوباً مُسبلاً؛ لأنه يحرم على الرجل، والإسبال هو ما كان أسفل من الكعبين، وأما إذا كان في الكعبين فإن ذلك لا ينبغي وهو إلى الكراهة أقرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولا حق في الإزار في الكعبين )، وكلمة (ولا حق) لا تدل على التحريم كما أشار إلى ذلك أبو عمر بن عبد البر عند شرحه لحديث أبي سعيد : ( حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام مرة )، فكلمة (حق) لا تدل على الوجوب ولكنها تدل على الاستحباب، (ولا حق) تدل على الكراهة، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088782873

    عدد مرات الحفظ

    778998947