إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الصلاة [52]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أجمع العلماء على أن من زاد أو نقص في صلاته عامداً بطلت صلاته، ومن كان ناسياً سجد للسهو، واختلفوا في موضع سجود السهو قبل السلام أو بعده على أقوال أشهرها: إن سها بزيادة سجد بعد السلام، وإن سها بنقص سجد قبل السلام.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل, وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله: [ وإن فعله سهواً يسجد له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود : ( فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته فليسجد سجدتين )، رواه مسلم ، ولو نوى القصر فأتم سهواً ففرضه الركعتان، ويسجد للسهو استحباباً وإن قام فيها أو سجد إكراماً لإنسان بطلت ].

    المؤلف حينما تحدث عن أسباب سجود السهو بين أن من أسباب سجود السهو أمرين:

    الأمر الأول: الزيادة, والزيادة قسمها الماتن إلى قسمين: زيادة فعل من جنس الصلاة.

    وزيادة فعل من غير جنس الصلاة.

    ثم ذكر زيادة الفعل من جنس الصلاة, نحو إن زاد ركوعاً أو قياماً ولو قل, عامداً فهذا بطلت صلاته, وذكروها إجماعاً؛ لأنه خالف نظم الصلاة ونسقها, ويكون قد فعل فعلاً على غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم, ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).

    قال المؤلف رحمه الله: (وإن فعله سهواً يسجد له), هذا تقرير منه رحمه الله على أن الذي يسجد له ما وجب فعله, وسها عن فعله, فإن سها عن فعله فإنه يسجد له, فإن لم يسه بأن تركه عمداً بطلت الصلاة, واستدلوا على ذلك بما جاء في صحيح مسلم والحديث أصله في الصحيحين, لكن رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود بلفظ: ( عندما صلى النبي صلى الله عليه وسلم خمساً فقالوا يا رسول الله: أزيدت الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً, فاستقبل القبلة ثم سجد سجدتين, ثم سلم, ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون, فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ), وهذا دلالة على أن سجود السهو إنما يشرع للزيادة أو النقصان, ولم يفصل النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الزيادة, هل هي زيادة قول, أم زيادة فعل, وقد ذكرنا سابقاً أن جمهور الفقهاء يرون أن الزيادة لا بد أن تكون من فعل, وأما الزيادة القولية مثل أن يقول قولاً مشروعاً في غير محله, فهذه محل خلاف, وقد استحب الحنابلة ذلك, ولم يستحبها الجمهور في الجملة, وإن كان مالك له تفصيل في ذلك, لكن هذا هو المشروع.

    ثم ذكر المؤلف رحمه الله صورة فقال: (ولو نوى القصر فأتم سهواً)، هذا على افتراض أن الإتمام والقصر في حق المسافر جائز, والأفضل القصر.

    يقول: فإن نوى القصر قبل الدخول في الصلاة, كأن نوى أن يصلي الظهر ركعتين, ثم بعد ذلك قام إلى الثالثة سهواً, (ففرضه الركعتان), والمقصود بذلك أنه يجب عليه أن يفعل ركعتين, ولكنه لو فعل أربعاً جاز؛ لقول عمر : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة السفر ركعتين ), هذا المقصود، وليس المقصود أنه لو لم يفعل ركعتين لبطلت صلاته, ولكن المقصود أن أقل الواجب ركعتان, كما نقول للمتم: إن أقل الواجب في حقه أربع وليس ثمة غيره, أما المسافر فإن أقل الواجب في حقه ركعتان ولو صلى أربعاً جاز.

    قال المؤلف رحمه الله: (ويسجد للسهو استحبابا)؛ لأنه زاد زيادة غير مشروعة في حقه؛ ولم يقل بوجوب ذلك؛ لأنه يجوز له أن يتم, وإنما استحببنا له ذلك؛ لأن الأصل أنها زيادة, ويسجد المرء في كل ما لا يبطل عمده في الصلاة؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ).

    قال المؤلف رحمه الله: (وإن قام فيها أو سجد إكراماً لإنسان بطلت), يعني: إنسان يصلي فجاء عالم أو مسئول كبير فانحنى له, وهذا على افتراض الفعل, وإلا فإن الفعل محرم ولا يجوز, وهو كبيرة من كبائر الذنوب, وقد روى مسلم في صحيحه أن معاذ بن جبل صنع لرسول الله صلى عليه وسلم ذلك، فقال: ( لقد رأيتهم يصنعون ذلك لأكابرهم، فقال: إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم ), وهذا بناءً على أن الانحناء وأصل السجود كان موجوداً في ملة غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم, ولا شك أن هذا الفعل عندهم لم يكن لأجل التعبد؛ ولكن لأجل الإكرام, كما أنك تذبح الشيء لا تقصد به التعبد, فإذا جاءك ضيف وذبحت لأجله, فلم يكن الذبح له ولكن الذبح لأجل إكرامه, فلو تعبدت الله بذبحك للضيف لكفرت -والعياذ بالله- لأنه لا يجوز الذبح إلا لله سبحانه وتعالى.

    إذاً: إذا زاد مثل هذا الفعل في الصلاة بطلت؛ لأنها زيادة متعمدة تخالف نظم الصلاة ونسقها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088778357

    عدد مرات الحفظ

    778966635