إسلام ويب

فقه العبادات - الصلاة [1]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أعظم أركان الإسلام الصلاة، وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل إلا الحائض والنفساء، ومن نام عنها أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، وأما المغمى عليه فإنه لا يجب عليه القضاء إلا الصلاة التي أفاق ووقتها قائم، ويجب القضاء على من تركها عمداً حتى خرج وقتها.
    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إخوتي المشاهدين والمشاهدات!

    فأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما سمعنا، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

    فكنا قد انتهينا في الدرس الماضي من باب الحيض، وقد أنهيناه كاملاً ولله الحمد والمنة، وبذلك نكون قد ختمنا كتاب الطهارة، وأما اليوم فإننا نشرع بإذنه سبحانه وتعالى وتوفيقه وتيسيره وتسديده في كتاب الصلاة.

    ومن المعلوم أن أهل العلم في تأليفهم لكتبهم يبدءون بالطهارة، ثم بعد ذلك بالصلاة؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بأداء شرط الطهارة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )، ولقوله صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي و أحمد من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مفتاح الصلاة الطهور )، والطهور: الطهارة، بأن يقوم الإنسان برفع الحدث، والحدث وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها، فهكذا كان الأئمة رحمهم الله في تأليفهم لكتبهم يبدءون بالطهارة، ثم يتحدثون عن الصلاة.

    تعريف الصلاة لغة واصطلاحاً

    الشيخ: والصلاة في اللغة: هي الدعاء كما قال تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103]، أي: ادع لهم، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا جاءته الصدقة من أصحابه يدعو لهم، كما جاء ذلك في الصحيح من حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهم صل على آل أبي أوفى )، فهذا يدل على أن الصلاة هي الدعاء.

    وسميت الصلاة دعاءً لاشتمالها على الدعاء؛ لأن الدعاء دعاءان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة:

    فأما دعاء العبادة فمثل أن تسبح الله سبحانه وتعالى أو تحمده حال ركوعك أو حال سجودك، أو حال قيامك؛ بأن تقرأ القرآن، فإن قراءة القرآن من الذكر، وهو أحب العبادة، وأحب الذكر، وهو دعاء، وكيف يكون دعاء؟ يكون دعاء لأن دعاء العبادة هو أن تثني على الله بما هو أهله، وتسبحه وتحمده وتهلله وتكبره؛ لأن معنى ذلك أنك ما أثنيت عليه، ولا دعوته، ولا سبحته إلا طلباً للأجر، وطلباً لرفع الدرجات في الجنان، والابتعاد عن النيران، فصار دعاء المسألة متضمناً في دعاء العبادة.

    وأما دعاء المسألة فهو أن يسأل العبد ربه مباشرة بأن يقول: ربي اغفر لي، ربي ارحمني، أو يقول: اللهم تب علي، أو يسأل ربه من خير الدنيا والآخرة في سجوده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم ).

    وأكثر أهل العلم على أن الصلاة إنما سميت صلاة لاشتمالها على الدعاء المتضمن دعاء العبادة ودعاء المسألة.

    إذا ثبت هذا فإن الصلاة في الاصطلاح: هي التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.

    فدل ذلك على أنه ليس كل ذكر يسمى صلاة شرعية، بل لا بد فيها من ذكر مخصوص وقول مخصوص، مفتتح بالتكبير، مختتم بالتسليم.

    وقت فرض الصلوات الخمس

    الشيخ: وقد فرضت الصلاة ليلة الإسراء، كما جاء ذلك ثابتاً في الصحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال حينما أسري به: ( ففرض الله علي خمسين صلاة، ثم رجعت فلقيني موسى فقال: ماذا فرض الله عليك؟ قلت: فرض علي خمسين صلاة. قال: إني قد خبرت بني إسرائيل، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. قال: فرجعت إلى ربي فحط عني عشراً، فرجعت إلى موسى فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. قال صلى الله عليه وسلم: فلم أزل أراجع بين ربي وبين موسى حتى قال الله: يا محمد! هي خمس صلوات في اليوم والليلة، والحسنة بعشر أمثالها، وهي خمسون في الميزان ).

    فدل ذلك على أن فرضية الصلاة كانت ليلة الإسراء، وهذا أمر متفق عليه، إلا أن أهل العلم اختلفوا متى كانت ليلة الإسراء على أقوال كثيرة، ذكرها الحافظ ابن حجر في كتابه العظيم فتح الباري، ولا دليل صحيح يصار إليه.

    فمن العلماء من قال: إن ليلة الإسراء هي ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول، كما هو رأي إبراهيم الحربي.

    وقال بعضهم: إنما هي في رجب، في ليلة السابع والعشرين، وقد أنكر الحافظ ابن حزم هذا القول، وهذا أمر مشهور عند العامة، وعند بعض الطوائف، ولأجل هذا شرعوا عبادات في رجب لم يشرعها الله ولا رسوله، ظانين أن ليلة الإسراء في رجب.

    والصحيح -والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم- أن ليلة الإسراء ليس لها تحديد ثابت، وإن كانت قبل الهجرة بثلاث سنين على المشهور، أما أي يوم، أو أي شهر فإن الراجح أنه لم يثبت فيه شيء صحيح يصار إليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088783502

    عدد مرات الحفظ

    779007707