إسلام ويب

أهمية العلم والتعليمللشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من مهمات الإنسان في هذه الحياة أن يخصص جزءاً كبيراً من وقته لتعلم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، وقد نص أهل العلم على سبعة شروط لطلب العلم منها: التغرب في طلبه، والتواضع لمن يأخذ الإنسان عنه، والورع، والجوع في وقت الطلب، والمخاطرة، ومعصية الإنسان هواه في طلب العلم، والعمل به. وأفضل الأوقات للطلب هي أوقات الفراغ والراحة، وبالأخص الأوقات المباركة من كل يوم.

    بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بُعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

    فقد سبق أن ذكرنا أن مهمات المسلم في عمره في الحياة الدنيا محصورة في أربع:

    المهمة الأولى: تعلم ما أمر الله بتعلمه.

    والمهمة الثانية: العمل بما تعلمه.

    والمهمة الثالثة: الدعوة إلى ما تعلمه وعمل به.

    والمهمة الرابعة: الصبر على طريق الحق حتى يلقى الله.

    منزلة أهل العلم في كتاب الله

    والمهمة الأولى من هذه المهمات هي تعلم ما أمر الله به، وهي مهمة نبيلة شريفة، جاء في أهميتها عدد كثير من النصوص الصحيحة، وذلك أن الله سبحانه وتعالى عظم منزلة أهل العلم، وأشهدهم على أعظم شهادة بعد أن شهد بها، وأشهد بها ملائكته، فقال تعالى: شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18]، وأخبر أنهم وحدهم الذين يخشونه حق خشيته، فقال: إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[فاطر:28]، وأخبر أنهم وحدهم المؤهلون لفهم كلامه، فقال: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43]، وحكم لصالحهم على من سواهم في قوله: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9]، وأخبر أنه يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11].

    ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء إلا من العلم، فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].

    منزلة أهل العلم في السنة النبوية

    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك منزلة أهل العلم في عددٍ كثيرٍ من الأحاديث الصحيحة، فقد أخرج البخاري في الصحيح من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وأخرج البخاري في الصحيح كذلك من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يُفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله معطي، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)، وأخرج البخاري في الصحيح كذلك من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً، فكان منها طائفة نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وأصاب منها طائفة أخرى أمسكت الماء على الناس، فسقوا ورعوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تُمسك ماءً ولا تُنبت عشباً، فذلك مثل من نفعه الله بما جئت به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم ينفعه هدى الله الذي أُرسلت به).

    وأخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الطويل: (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده، ومن أبطأ به عمله لم يُسرع به نسبه)، وأخرج أصحاب السنن وأحمد في المسند وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدنيا ملعونة؛ ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وإلا عالماً أو متعلماً، وإن العالم ليستغفر له كل شيءٍ حتى الحيتان في الماء، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب علمٍ رضاً بما يصنع).

    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل الاشتغال بهذا العلم ودرجة المشتغلين به، فإنه كان يُقدمهم في الصف وفي أمور الدين كلها، فقد أخرج مسلم في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، وأخرج الشيخان في الصحيحين كذلك من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم سلماً)، وفي رواية: (سناً).

    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك تفاضل أصحابه في تحمل العلم، فقال: (أقضاكم علي، وأقرؤكم أبي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل)، وقد أخرج ذلك الحاكم في المستدرك بإسنادٍ حسن، وأخرج الترمذي بعضه في السنن كذلك.

    وبين صلى الله عليه وسلم أن الذين يتحملون هذا العلم هم شهداء الله في كل عصر وهم عدول ذلك العصر، فقد أخرج الخطيب البغدادي في شرف أصحاب الحديث وأبو عمر بن عبد البر في مقدمة التمهيد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)، وهذا الحديث صريح في أن الذين يتحملون هذا العلم ويحملونه ويؤدونه إلى الناس هم أمناء الله على وحيه، وهو خير ما في الأرض، ولا يمكن أن يجعله الله بدار هوان، ولا أن يأتمن عليه المفلسين، فالله يختار له من يشاء من كل عصر، والذين يأتمنهم عليه، فذلك دليل على أن الله قد اختارهم لذلك، وقد قال تعالى: يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهمْ الْخِيَرَةُ [القصص:68]، وقال: وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف:51]، فهذا يدلنا على أهمية الاشتغال بالعلم والعناية به.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088783220

    عدد مرات الحفظ

    779004586