إسلام ويب

أسماء الله الحسنى [2]للشيخ : محمد الحسن الددو الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن لله أسماء حسنى وصفات علا، علمها الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وذكرها في كتابه الكريم وجعل لمن أحصاها فضيلة وأجر كبير، ونزه نفسه سبحانه وتعالى من النقص والعجز بأسمائه وصفاته، وجعل معرفته والتقرب إليه بهما، وكانت ثمرة من دعا بها وحرك لسانه بذكرها أن يوفق لكثير من الطاعات، والتفريج من الكربات وغيرها.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فقد وصف الله نفسه بقوله: هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[الحشر:22]، وهما صفتا مبالغة من الرحمة، وقد كتب الله الرحمة على نفسه وأمر بها عباده، واشتق لنفسه اسمين منها، وهما: الرحمن، والرحيم.

    صفة الرحمن والرحيم والفرق بينهما

    فالرحمن: ذو الرحمة العامة بجميع الخلائق في الدنيا حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها، والرحيم: ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين في الآخرة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فادخر عنده تسعًا وتسعين رحمة لعباده المؤمنين في الجنة، وأنزل رحمة واحدة في الدنيا، فبها يتراحم الخلائق فيما بينهم حتى ترفع الدابة عن ولدها)، رحمة واحدة في الدنيا، يتراحم بها الخلائق جميعًا فيما بينهم، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها، الدابة التي تلد ولدها في الليلة الظلماء في الخلاء، ولم تمسها يد، ولم تؤدب بأي نوع من الأدب ترفع حافرها عن ولدها وتدافع عنه، فهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى الشاملة.

    وهو الرحمن الرحيم، وثناؤه على نفسه بذلك يقتضي أنه سبحانه وتعالى يبتدئ الناس بالخير قبل المسألة، ويلهمهم المسألة ... إذا سألوه، وأنه سبحانه وتعالى غني عن عباده وعما في أيديهم وعما آتاهم، قد رحمهم برحمته حين خلقهم ورزقهم، ولو قابلهم بسيء أعمالهم وبما يستحقون، لما استحقوا شيئًا من جزائه ولا من رحمته، ولما نالوا ما هم فهي من خيراته، وقد قال الله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا[إبراهيم:34]، وقال تعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ[النحل:53]، ورحمة الله هذه واسعة جدًا، كما قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[الأعراف:156].

    آثار رحمة الله سبحانه وتعالى

    وهذه الرحمة من آثارها الليل والنهار، والشمس والقمر، والمطر والنبات كل ذلك من آثار رحمة واحدة.

    فالليل الذي يستريح فيه الناس عن العمل، وينامون فيه، وقد جعل الله النوم سباتًا لأبدانهم، وراحة لها، والنهار الذي فيه الضياء للعمل ويعملون فيه وينتجون كلاهما من رحمة الله، كما قال تعالى: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ[القصص:73]، ((لِتَسْكُنُوا فِيهِ)) راجع إلى الليل، و((وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)) راجع إلى النهار، وكذلك المطر، كما قال الله تعالى: فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[الروم:50].

    عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ[الحشر:22]، أثنى على نفسه إذاً بصفة الرحمة وهي من صفات الله تعالى التي هي للتعلق والتخلق، فصفات الله عز وجل منها ما هو للتعلق لا للتخلق كالصمد، الجبار، المهيمن، المتكبر، فهذه الصفات للتعلق يسأل الله بها، لكن لا يتخلق بها، أي: لا يمكن أن يشرع للبشر أن يتخلقوا بها.

    ومنها ما هو للتعلق والتخلق كصفتي: الرحمن الرحيم. الرحمة صفة مطلوبة في البشر، فلذلك يتخلقون ويتعلقون بهذه الصفة، وقد كتبها الله على نفسه وشرعها لعباده، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من لا يَرحم لا يُرحم)، وقال: (الراحمون يرحمهم الرحمن)، (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088776229

    عدد مرات الحفظ

    778944984