حياة القلوب وقوة الإيمان في ذكر اليوم الآخر، الذي فيه تتطاير الصحف وتنشر، ويوقف العبد للحساب والعقاب، هذا اليوم له علامات ومقدمات، ومن هذه المقدمات نفخة الصور، وقد وقع الخلاف بين العلماء في بيان عدد النفخات ووقتها، والراجح أنها ثلاث: الفزع، ثم الصعق، ثم البعث والنشور.
واقع الأمة وموقفها من دينها وعقيدتها
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم جل وعلا الذي جمعنا في هذا الجمع الكريم المبارك على طاعته، أن يجمعنا مع حضراتكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فالأمة الآن في هذه الأوقات تعيش في واقع مرّ أليم، متشرذمة كتشرذم الغنم في ليلة شاتية ممطرة!
والمتدبر لهذا الواقع يعلم يقيناً أن الأمة الآن في أمس الحاجة إلى أن تعيد وتصحح عقيدتها في اليوم الآخر، وتنظر إلى هذا اليوم نظرة واقع وعمل، فإن الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان، ومحال أن يتأصل الإيمان في قلب مسلم بهذا اليوم المهيب إلا إذا أكثر تذكره؛ وأكثر السماع لأهواله.
أيها الحبيب! كيف يكون حالك إذا عُدت الليلة إلى دارك فرأيت خطاباً من قاضٍ من قضاة الدنيا يأمرك فيه بالمثول بين يديه في الصباح الباكر، أتحداك أن تنام الليل، مع أنك ستقف أمام عبد فقير حقير.
فقال الفضيل: يا أخي! إن من عرف أنه لله عبد وأنه إليه راجع عرف أنه موقوف بين يديه، ومن عرف أنه موقوف عرف أنه مسئول، ومن عرف أنه مسئول فليعد للسؤال جواباً.
ولقد اختلف أهل العلم، فمنهم من قال: إن إسرافيل ينفخ في الصور نفختين، ومنهم من قال: إن إسرافيل ينفخ في الصور ثلاث مرات، ووقف بعضهم وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه عند آيات القرآن.
فيا أيها الحبيب! أكثر من ذكر هذا اليوم واستعد له بالعمل الصالح؛ بالقرب من الله جل وعلا، وبالبعد عن المحرمات والمعاصي والذنوب، واعلم بأن أقرب غائب تنتظره هو الموت فإن العبد إذا مات قامت قيامته، يسأل في هذا القبر الضيق: عن ربه، ونبيه، ودينه.