أما بعد:
فهذا هو اللقاء السابع والسبعون من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل يوم خميس، وهذا اليوم هو يوم الخميس التاسع والعشرون من شهر جمادى الأولى عام (1415هـ)، نسأل الله تعالى أن ينفع بهذه اللقاءات، وأن يجعلها علماً نافعاً نهتدي به إلى الله سبحانه وتعالى.
في لقائنا هذا اليوم نتكلم على ما تيسر من سورة الضحى، فقد قال الله تبارك وتعالى: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:1-3] وإنما نتكلم على ذلك لأن ما سبق من سورة النبأ إلى سورة الليل قد تكلمنا عليه ولله الحمد.
الأول: الضحى وفيه الضياء والنور.
والثاني: الليل إذا سجى وفيه الظلمة، (والليل إذا سجى) أي: غطى الأرض بظلامه.
(وما قلى) أي: وما أبغض، بل أحب الخلق إليه فيما نعلم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولهذا اختاره الله لأعظم الرسالات وأفضل الأمم وجعله خاتم النبيين فلا نبي بعده.
وقوله: (يتيماً فآوى) ولم يقل: (فآواك) لسببين:
الأول: سبب لفظي.
الثاني: سبب معنوي.
أما السبب اللفظي: فلأجل أن تتوافق رءوس الآيات من أول السورة.
وأما السبب المعنوي: فإنه لو قال: (فآواك) اختص الإيواء به صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،والأمر أوسع من ذلك، فإن الله تعالى آواه وآوى به، آوى به المؤمنين فنصرهم وأيدهم ودفع عنهم بل دافع عنهم سبحانه وتعالى.
وهنا قال: (ضالاً فهدى) ولم يقل: فهداك؛ ليكون هذا أشمل وأوسع، فهو قد هدي عليه الصلاة والسلام وهدى الله به، فهو هادٍ مهدي عليه الصلاة والسلام... إذاً (فهدى) أي: فهداك وهدى بك.
ولا يخفى على من تأمل الوقائع التي حدثت أخيراً أنها في الحقيقة إذلالٌ للمسلمين، وأنها سبب لشر عظيم كبير يترقب من وراء ما حدث، ولا سيما من اليهود والنصارى الذين بعضهم أولياء بعض، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51] وهم -أعني: اليهود والنصارى- متفقون على عداوة المسلمين، كل منهم لا يريد الإسلام ولا يريد أهل الإسلام ولا يريد عزة الإسلام، ونسأل الله تعالى أن يقينا شر ما حدث في الآونة الأخيرة من الأمور التي يندى لها الجبين، ولكن سينصر الله تعالى دينه مهما كانت الأحوال، فالله تعالى ناصرٌ دينه وكتابه، وإن حصل على المسلمين ما حصل، فإن الله يقول: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140] فربما يأتي اليوم الذي يجاهد فيه المسلمون اليهود حتى يختبأ اليهودي تحت الشجر فينادي الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي ورائي تعال فاقتله، وما ذلك على الله بعزيز، ولكن المسلمين يحتاجون إلى قيادة حكيمة عليمة قبل كل شيء بأحكام الشريعة؛ لأن القيادة بغير الاستنارة بنور الشريعة عاقبتها الوبال مهما علت ولو علت إلى أعلى قمة فإنها سوف تنزل إلى أسفل قعر.
الهداية بالإسلام وبنور الإسلام، لا بالقومية ولا بالعصبية ولا بالوطنية، ولا بغير ذلك، بل بالإسلام فقط، والإسلام وحده هو الكفيل بعزة الأمة لكنها تحتاج إلى قيادة حكيمة، تضع الأشياء في مواضعها وتتأنى في الأمور ولا تستعجل، ولا يمكن أن يصلح الناس بين عشية وضحاها، من أراد ذلك فإنه قد أراد أن يغير الله سننه والله سبحانه وتعالى لا يغير السنن، فهذا نبي الله عليه الصلاة والسلام بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى الله ينزل عليه الوحي يدعو بالتي هي أحسن، ومع ذلك في النهاية خرج من مكة خائفاً مختفياً، لم تتم الدعوة في مكة ، فلماذا نريد أن نغير الأمة التي مضى عليها قرون وهي في غفلة ونوم أن نغيرها بين عشية وضحاها؟! هذا سفه في العقل وضلال في الدين.
الأمة الآن تحتاج إلى علاج رفيق هادئ يدعو بالتي هي أحسن.
الأمة الإسلامية تحتاج بعد الفقه في دين الله والحكمة في الدعوة إلى الله إلى علم بالواقع وفطنة وخبرة، ونظر في الأمور التي تحتاج إلى نظر بعيد، لأن النتائج قد لا تتبين في شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين، لكن العاقل يصبر وينظر ويتأمل حتى يعرف الأمور.
تحتاج أيضاً إلى عزم وتصميم وصبر، لأنه لا بد منها، ولا بد من عزم يندفع به الإنسان، ولا بد من صبر يثبت به الإنسان، وإلا لفاتت الأمور أو فات كثير منها.
إذاً.. هذا العموم: (السائل فلا تنهر) مخصوص فيما إذا اقتضت المصلحة أن ينهر فلا بأس.
هذه كلمات يسيرة على هذه السورة العظيمة، وما نقوله نحن أو غيرنا من أهل العلم فإنه لا يستوعب ما دل عليه القرآن من المعاني العظيمة.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الفهم في دين الله، والعمل بما علمنا، إنه على كل شيء قدير.
الجواب: الأساليب لطلب العلم أن يبدأ الإنسان بصغار العلم قبل كباره، ليصعد إلى السطح من أسفل الدرج، فيبدأ مثلاً بالكتب المختصرة ولا بد من شيخ يقرأ عليه ويبين له؛ لأن القراءة على الشيخ يستفيد منها الإنسان فائدتين عظيمتين:
الفائدة الأولى: أنها أقل زللاً ممن يتلقى العلم من الكتب، لأن العالم عنده سعة علم يعرف العام والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمجمل والمبين، الذي لا يعرفه طالب العلم الذي يأخذ الكتاب ويقرأ فقط، فعنده من العلم ما ليس عند طالب العلم الذي يقرأ في الكتب.
الفائدة الثانية: أنها أقرب إلى تحصيل العلم، لأنك إذا أخذت العلم من الكتب لا بد أن تراجع مراجعة كثيرة، وربما تبقى على مسألة واحدة عدة أيام إذا كنت تريد أن تحررها، لكن إذا كنت تأخذ العلم عن عالم أعطاك الزبدة، قال لك: قيل كذا وقيل كذا والراجح هذا، يبين وجه الرجحان ويدفع حجة الآخر، فتلقي العلم من العلماء لا شك أنه أولى وأحسن لهذين السببين، والعالم إذا وفق الإنسان له أرشده إلى ما ينبغي أن يبدأ به من وسائل العلم.
أما الذي يحفظ ولا يفهم والثاني يفهم ولا يحفظ فمن يحفظ ولا يفهم يسأل الله تعالى أن يرزقه فهماً، ومن يفهم ولا يحفظ يسأل الله أن يرزقه حفظاً، والذي أعطاه هذا يعطيه هذا إن شاء الله.
الجواب: الذي لا يصلي سواء يستعمل المخدرات أو لا. كافر مثل اليهود والنصارى أو أشد؛ لأن اليهود والنصارى يمكن إقرارهم على دينهم بالجزية مثلاً، لكن الذي لا يصلي وكان مسلماً فهذا مرتد لا يجوز إقراره ولا يجوز أن يبقى على الحياة، بل يؤمر بالصلاة، فإن صلى فذاك وإلا وجب قتله مرتداً، هذه أحكام المرتد كما ذكرها العلماء رحمهم الله في كتبهم، ويجب على زوجته أن تفارقه الآن، ولا يحل له أن يجامعها ولا يحل لها أن تمكنه من الجماع بل ولا من التقبيل، بل ولا من الخلوة بها، يجب أن تفارقه الآن ما لم يرجع إلى الإسلام، ولتعلم أنها إذا مكنته من نفسها فهي كما لو مكنت رجلاً أجنبياً نسأل الله العافية، فالواجب عليها الفرار منه كما تفر من الأسد، وقولها: إن الله يهديه كما هدى غيره، هذا ليس بمستحيل، لكن الإنسان ما له إلا الشيء الحاضر الآن والمستقبل يعلمه الله وما نعلمه نحن، ثم إذا كانت تقول: إن الله يهديه فليكن الآن، هو إذا هداه الله ورجع إلى الإسلام فهي زوجته، لكن إن بقي مصراً على ترك الصلاة فليست زوجة له، ينفسخ النكاح ويمهل حتى تنقضي العدة، فإن رجع قبل انقضاء العدة إلى الإسلام فهي زوجته، وإن لم يرجع فإن النكاح يتبين أن انفسخ منذ ارتداد هذا الرجل.
ويرى بعض العلماء: أنها إن بقيت بلا زوج وعاد إلى الإسلام ولو بعد انقضاء العدة ورغبت أن يرجع إليها فلا بأس، هذا بالنسبة لزوجته.
أما بالنسبة لحاله فإنه لو مات على هذه الحالة حرم أن يغسل أو يكفن أو يصلى عليه أو يدفن مع المسلمين أو يدعى له بالرحمة والمغفرة أو يتصدق عنه أو يحج عنه؛ لأنه كافر، وقد قال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] ونعني بهذا من لا يصلي لا في المسجد ولا في بيته، أما من صلى في بيته فهو آثم عاصٍ، وإذا استمر على ذلك فهو من الفاسقين ولكنه لا يكفر، وإنما نريد الذي لا يصلي نهائياً، فهذا حكمه كما ذكرت.
ونصيحتي لزوجته: أن تتقي الله عز وجل وأن تفر منه إلى أهلها حتى يهديه الله تعالى إلى الإسلام، والله عز وجل لم يجبره على ترك الصلاة الأمر له بالخيار، كما أنه بالخيار أن يذهب إلى السوق أو إلى المسجد أو إلى أي مكان، فإنه بالخيار أيضاً أن يصلي أو لا يصلي.
الجواب: إذا دخل الرجل المسجد ووجد الناس يصلون صلاة العشاء وهو لم يصل المغرب فليدخل معهم بنية المغرب، فإن كان قد أدركه في الركعة الأولى، فإنه إذا قام الإمام إلى الركعة الرابعة يجلس ويتشهد ويسلم ويقوم مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، وإن كان قد دخل معه في الركعة الثانية فيسلم مع الإمام وتكون صلاة المغرب له، ثم يأتي بصلاة العشاء بعد ذلك.
الجواب: التمثيل الذي يعملونه في المراكز الصيفية وغير ذلك، إذا كان يشتمل على شيء محرم فهو حرام، مثل أن يقوم بدور تمثيل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو الصحابة، أو أئمة المسلمين فهذا حرام؛ لأنه مهما كان التمثيل لا يمكن أن يبلغ مرتبتهم، وربما يكون كذباً عليهم، وإذا كان يمثل في أمرٍ يقصد به علاج مشكلة اجتماعية فهذا لا بأس به ما لم ينسبه إلى شخصٍ معين، فإن نسبه إلى شخص معين وهو كاذب فيه صار حراماً من أجل الكذب، كذلك أيضاً لا يجوز للإنسان أن يقوم بدور تمثيل امرأة، هذا حرام؛ لأنه إذا فعل ذلك فقد شابه النساء وقد (لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء).
وكذلك أيضاً لا يجوز أن يمثل دور الحيوان، مثل أن ينبح نباح الكلب أو ينهق نهيق الحمير، أو ما أشبه ذلك، لأن الله تعالى لم يذكر مشابهة الحيوان إلا في مقام الذم، قال الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا [الأعراف:175] ... إلى قوله: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:176] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه)، وقال الله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً [الجمعة:5]، وقال تعالى: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر:50-51]، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً)، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم يديه انبساط الكلب) فتجد أن التشبيه بالحيوان كله في مقام الذم ولا ينبغي للآدمي أن ينزل نفسه منزلة الذم.
الجواب: نرى أنه لا بأس أن يصوم الإنسان يوم عرفة أو يوم عاشوراء وعليه قضاء؛ لأن وقت القضاء موسع إلى أن يبقى من شعبان بمقدار ما عليه من الصوم، لكننا نختار أن يبدأ بالقضاء ويصوم يوم عرفة بنية القضاء، وربما إذا صامه بنية القضاء يحصل له الأجران: أجر صوم يوم عرفة وأجر القضاء، وأما صيام الست من شوال فلا ينال ثوابها إلا إذا أتم صيام رمضان، وذلك لأن الست تابعة لرمضان؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر).
الجواب: الإجبار على الطلاق إذا كان على وجه يضر بالزوج مثل أن يهدد بالقتل من شخصٍ يستطيع أن يقتله أو بالحبس أو بأخذ مالٍ يضره، فإنه إذا طلق لا يكون طلاقاً ولو طلق مائة مرة لا يكون طلاقاً؛ لأنه مكره عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا طلاق في إغلاق) والمكره مغلق عليه، لولا الإكراه ما طلق، أما إذا كان مجرد أن يلزموا عليه أو يشيروا عليه فهذا ليس بإكراه، وإذا طلق وقع الطلاق.
الجواب: أرى أن هذا قد يكون صحيحاً، ولا أدري هل هذا شيء أعادوه؛ لأنهم قد تكلموا عن هذا منذ زمن، وقد يعاد مرة ثانية إلا إذا ذكروا التاريخ أنهم ذهبوا في التاريخ الفلاني، وعلى كل حال نفرض أنه قبل أسبوع مثلاً، فهل كل دجاجة يمكن أن يشهد الإنسان عنها، أو كل خروف ممكن أن يشهد الإنسان عليها أنها هي المذبوحة على غير الطريقة الإسلامية، ربما تكون المصانع أو المذابح كلها على غير الطريقة الإسلامية، لكن يكون ما يرد من الدول الإسلامية، ولا سيما مع التوكيد (مذبوح على الطريقة الإسلامية) وأنا أخبركم أنه قبل العام حصل نقاش مع هيئة كبار العلماء عن الموضوع وأحضر وكلاء وزارة التجارة وقالوا: كل الذي يأتي المملكة مراقب ومذبوح ذبحاً حقيقياً.
ثم إني أقول لك: إن بعض أهل العلم من الأقدمين قالوا: ما اعتقده أهل الكتاب طعاماً لهم وذبحاً فهو حلال حتى وإن لم يوافق الطريقة الإسلامية، لأن الله قال: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة:5] فما عدوه طعاماً من هذه الذبائح فهو حلال وإن لم يذبح على الطريقة الإسلامية، ما داموا يعتقدون هذه الطريقة تحله، ولكن هذا القول ضعيف ولا نقول به، ونقول: إذا كان المسلم يذبح وينهر الدم ويسمي الله على الذبيحة فغير المسلم من باب أولى، ولا يمكن أن نأكل ذبيحة صعقت بالكهرباء بدون إنهار الدم، لكن قلت لك: هذا من أجل تخفيف الأمر: يعني ليس الأمر مجمعاً عليه، فننظر المسألة الآن من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا ليس من الأمور المجمع عليها، أنه لا بد أن يكون ذبح أهل الكتاب موافقاً للمسلمين، فإن بعض العلماء من الأقدمين يقولون: ما اعتقده أهل الكتاب طعاماً وذبيحة فهو حلال سواء على طريقتنا أو لا، لكن هذا قول ضعيف ولا نقول به.
ثانياً: أخبرك عما يرد إلى المملكة العربية السعودية فإن هيئة كبار العلماء اجتمعوا بوكلاء الوزارة، وحققوا معهم وأكدوا لهم أنه لا يرد المملكة إلا شيء مكشوف عليه، فمن طابت نفسه لهذا فليأكل باسم الله، ومن لم تطب نفسه بهذا فالحمد لله، يوجد الآن من الدجاج الكثير يذبح هنا في المملكة ويكتفي به، ويدع الذي يشك فيه إلى الذي لا يشك فيه.
الجواب: العلماء فيما أعلم لم يقل أحد منهم: إن المرأة يحرم أن يدخلها في قبرها من جامع تلك الليلة، لكنهم قالوا: من بعد عهده بالجماع فهو أولى، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال وهو يدفن إحدى بناته: (أيكم لم يقارف الليلة؟ فقال
ثم إنه لا ينبغي أن ندعي التخصيص في حكمٍ من الأحكام لشخص معين إلا بدليل، لا يمكن أن نقول: إن هذا من خصائص بنات الرسول إلا بدليل، بل ولا يمكن أن نقول: هذا من خصائص الرسول إلا بدليل.
والدليل على هذا: أن الله تعالى لما أراد أن يخصص الحكم بنبيه عليه الصلاة والسلام، قال: خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50]، وقال لما أحل له زينب بنت جحش وهي زوجة ابنه الذي كان قد تبناه وهو زيد بن حارثة قال الله تعالى بعد أن أحلها: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ [الأحزاب:37] فدلت هذه الآية على أن ما ثبت للرسول ثبت لغيره من الأمة إلا بدليل، فلا تستعجل الأمور في قولك: هذا خاص بكذا، ليس هناك شيء فيه خصوصية إلا بدليل.
وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن بعض الناس يظنون أنه لا ينزل المرأة في قبرها إلا من كان من محارمها، وهذا غير صحيح، ينزلها من كان أعرف بطريقة الدفن سواء كان من محارمها أو من غير محارمها.
الجواب: الرافضة هم الشيعة، بل الشيعة أعم من الرافضة؛ لأن الشيعة تطلق على كل من عظَّم آل البيت تعظيماً أكثر مما يجب لهم، وأما الرافضة فهم الذين رفضوا زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه حين جاءوا إليه وسألوه عن أبي بكر وعمر فأثنى عليهما خيراً، وقال: هما وزيرا جدي، فرفضوه؛ لأن الرافضة من جهلهم يظنون أن من أثنى على أبي بكر وعمر فقد قدح في علي، ومن أحب أبا بكر وعمر فقد أبغض علياً ، وهذا من جهلهم، وهذا علي بن أبي طالب نفسه رضي الله عنه عرف الحق لأهله، فكان يقول علناً: [خير هذه الأمة بعد نبيها
والرافضة فرق متعددة، لكن من كانت طريقته ما وصفت لكم، أي: أنه يعتقد أن هناك مدبراً للكون من الأئمة سوى رب الكون فهو كافر ولا شك في كفره.
السائل: بالنسبة للسلام عليهم؟
الشيخ: هذه مسألة تتعلق متى ما حكمنا بكفر الواحد منهم فإنه لا يجوز السلام عليه.
السائل: أو ترد عليه السلام؟
الشيخ: ترد عليه السلام بـ(عليكم)، هذا إذا حكمنا بكفره، لكن من الرافضة من ليس بكافر، كأن يكون جاهلاً عامياً ولا يدري، فهذا لا نستطيع أن نحكم بكفره إلا إذا بلغه الحق وأصر على بدعته المكفرة فإنه يكون كافراً.
الجواب: الإنسان إذا ضرب مثلاً بقصة، مثل أن يقول: أضرب لكم مثلاً برجل قال كذا أو فعل كذا وحصلت ونتيجته كذا وكذا، فهذه لا بأس بها، حتى إن بعض أهل العلم قال في قول الله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ [الكهف:32] قال: هذه ليست حقيقة واقعة، وفي القرآن: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:29] فإذا ذكر الإنسان قصة لم ينسبها إلى شخص معين، لكن كأن شيئاً وقع وكانت العاقبة كذا وكذا فهذا لا بأس به.
أما إذا نسبه إلى شخص وهي كذب فهذا حرام تكون كذبة، وكذلك إذا كان المقصود بها إضحاك القوم، فإنه قد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له).
الجواب: جلسة الاستراحة في الصلاة أصح الأقوال فيها أنها ليست بسنة مطلقة ولا تركها بسنة مطلقة، من احتاج إليها لكبر أو مرض في رجليه أو غير ذلك فإنه يجلس ليعطي نفسه راحتها، ومن ليس كذلك فلينهض بدون جلوس، ويدل لهذا أن مالك بن الحويرث الذي حديثه هو العمدة في الاستراحة ذكر (أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا أراد أن يقوم بعد هذه الجلسة اعتمد على يديه) وهذا يدل على ثقل القيام عنده، وإلا فلا داعي للاعتماد على اليدين، فأصح الأقوال فيها هذا وهو القول الوسط.
وقال بعض العلماء: إنها ليست بسنة مطلقة لا للعاجز ولا للقوي، وقال بعضهم: إنها سنة مطلقة، ولكن الراجح والقول الوسط وهو الذي تجتمع فيه الأدلة.
أما بالنسبة للمأموم فليتبع الإمام، إن جلس الإمام فليجلس، وإن لم يجلس فلا يجلس، هذا هو الأفضل وهو المتابعة للإمام، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله: أنه إن لم يجلس الإمام فالأفضل ألا تجلس، وإن كنت ترى أن الجلوس سنة.
الجواب: أما الذي رمى بها في المزابل وهي قرآن كالمصحف أو جزء وقصده الإهانة فهذا كافر ولا إشكال في كفره؛ لأن هذا من أعظم الإهانة لكتاب الله عز وجل، وأما الذي يفعله من دون قصد الإهانة، ولكن الرجل لا يهتم بهذه الأمور فهذا لا يكفر ولكن فعله هذا حرام عليه.
والواجب على من رأى قرآناً أو كتباً فيها قرآن مرمية في المزابل الواجب عليه أن يأخذها من المزابل ولا يبقيها، وأما الطعام الذي يمكن الانتفاع به فلا يجوز رميه لا في المزابل ولا الأسواق النظيفة؛ لأن هذا من باب الكفر بنعمة الله، والواجب أن يتصدق به على الفقراء؛ لأن البلد لا تخلو من فقير لا سيما كثير من العمال الذين يشق عليهم الطبخ كل يوم، فتجدهم محتاجين إلى الطعام، والحقيقة أنه يجب على طلبة العلم أن يبصروا الناس بهذا، لأن الناس في غفلة وربما يكفيهم أدنى تنبيه.
وإلى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى، وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر