أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثامن والثمانون من لقاءات الباب المفتوح التي تتم في كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس السادس من شهر ذي القعدة عام (1415هـ)، وأرى أن نتكلم عما يتعلق بالمناسك لقرب وقته، ولكن ذكر لي الأخ موسى أنه قد سقط تفسير آية من سورة البينة هي قوله تبارك وتعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].
فما هي العبادة؟
العبادة تطلق على معنيين:
المعنى الأول: التعبد، ويقال: هذا الرجل تعبد لله عبادة.
والمعنى الثاني: المتعبد به، فيقال: الصلاة عبادة، والزكاة عبادة، والصوم عبادة، .. وهكذا.
فعلى المعنى الأول: يكون معنى العبادة: تذلل العبد لربه عز وجل محبة وتعظيماً بفعل أوامره واجتناب نواهيه.
وعلى المعنى الثاني تكون العبادة هي: المتعبد به، يكون معناها كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، فالصلاة عبادة، والطهارة عبادة، والزكاة عبادة، والصوم عبادة، والحج عبادة، وبر الوالدين عبادة، وصلة الأرحام عبادة، وكل عمل يقرب إلى الله تعالى فإنه عبادة، ولكن الله تعالى ذكر أن هذا الأمر مقرون بشيئين:
الأول: الإخلاص لله تعالى، أي: أن يقصد الإنسان بعبادته وجه الله والدار الآخرة، لا يقصد دنيا يصيبها، ولا امرأة يتزوجها، ولا جاهاً يشهره به عند الناس، ولا غير هذا من الأمور الدنيوية، فمن قصد سوى الله بعبادته فهو مشرك، حابط عمله، ودليل هذا قول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16] وفي الحديث القدسي الصحيح (أن الله تعالى قال: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) وفي الحديث النبوي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) هذه أدلة وجوب الإخلاص للعبادة.
وأما الثاني: فهو الاتباع، يعني: اتباع شريعة الله، ودليله قوله تعالى: حُنَفَاءَ [البينة:5] والحنيف: هو المائل عما سوى شريعة الله عز وجل، مأخوذ من الحنف وهو ميل الإصبع.
فلابد من اتباع الشريعة والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقوله: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) فلابد في العبادة من الإخلاص والمتابعة.
هذا هو تفسير الآية الكريمة ونرجو من الأخ موسى أن يلحقها في التفسير الذي سبق.
الجواب: منزلته أنه أحد أركان الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام).
وهو فرض بإجماع المسلمين المستند على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97]، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا).
فمن تركه مع وجوبه عليه، فإن كان جاحداً لوجوبه فهو كافرٌ لجحده وجوبه، إلا إذا كان حديث عهدٍ بإسلام ولم يعرف أحكام الإسلام فهذا يعذر بجهله ويعلم، فإن أصر على الجحد بعد أن علم فهو كافر، وأما إذا تركه تهاوناً وتكاسلاً فإن القول الراجح: أنه لا يكفر؛ لأنه لا كفر بترك الأعمال إلا الصلاة فقط، قال عبد الله بن شقيق رحمه الله وهو من التابعين [كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة] فمن تهاون في الحج حتى مات فإنه لا يكفر على القول الراجح، وإنما قلت على القول الراجح؛ لأن بعض العلماء يقول: إنه يكفر؛ لقوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] أي: من كفر فلم يحج، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، لكن القول الراجح هو ما فسرت لكم: أنه لا يكفر.
نقول: فرض الحج في السنة التاسعة من الهجرة، أما قبل ذلك فلم يفرض، والحكمة -والله أعلم- أن ما قبل السنة التاسعة كان البيت تحت ولاية المشركين؛ لأن مكة فتحت في السنة الثامنة من الهجرة وبقي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفتح هناك آخر رمضان وأول شوال ثم قاتل ثقيفاً ولم ينته من قتاله إلا في أثناء ذي القعدة، ثم فرض الحج في السنة التاسعة، هذا هو القول الراجح من أقوال العلماء، وإن كان بعضهم يقول: إنه فرض في السنة السادسة لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] ولكن هذا القول ضعيف؛ لأن الآية أمر بالإتمام ليست بالابتداء، والكلام على الفرض ابتداءً.
الجواب: في هذا خلاف بين العلماء:
منهم من يقول: إن له أن يؤخر.
والصحيح: أنه ليس له أن يؤخر، وأنه يجب أن يبادر؛ لأن جميع الواجبات تجب على المبادرة إلا بالدليل، فإن قيل: كيف يصح أن نقول: إنه على الفور، وأنه يجب المبادرة به ونقول: أنه فرض في السنة التاسعة ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم؟
قلنا الجواب عن ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج في السنة التاسعة؛ لأن وفود المسلمين كثرت في تلك السنة، ولهذا تسمى هذه السنة: عام الوفود، ومعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا بقي بـالمدينة يتلقى الوفود ويعلمهم الإسلام كان خيراً من أن يذهب إلى مكة ويحج.
ومن ناحية أخرى: في السنة التاسعة حج المشركون مع المسلمين قبل أن يحرم عليهم قربان المسجد الحرام، وحجوا عراة، فأذن مؤذن المسلمين وأعلم الناس: ألا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، فاختار الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تكون حجته مع المسلمين خاصة، ليس فيها مشرك، ولا من يطوف بالبيت عريان.
لا. بل قيد الله ذلك بقوله: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97] فلا بد لوجوب الحج من شروط:
الأول: الإسلام.
والثاني: البلوغ.
والثالث: العقل.
والرابع: الحرية.
والخامس: القدرة وهي: الاستطاعة.
خمسة شروط، فمن لم تتم في حقه هذه الشروط الخمسة فإن الحج لا يجب عليه.
أما شرط الإسلام: فالإسلام ضده الكفر، والكافر لا يجب عليه الحج، بل لو حج الكافر لم يقبل منه؛ لأن الإسلام شرط لصحة العبادات.
الثاني: البلوغ، فمن هو دون البلوغ لا يجب عليه الحج، فلو فرض أن شاباً مات قبل أن يبلغ فإنه لا يُحج عنه على سبيل الوجوب؛ لأنه لم يجب عليه الحج، ولكن هل يجزئ أن يحج قبل أن يبلغ؟ بمعنى: هل يصح حجه قبل أن يبلغ؟
الجواب: نعم. يصح حجه قبل أن يبلغ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صبياً فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجره) فيصح حج الصغير، ولكنه لا يجزئ عنه، إذا بلغ وجب عليه أن يعيد الحج، بل وجب عليه أن يؤدي الفريضة.
فإن قال قائل: هل تشيرون على الناس في هذه الأوقات أن يحرم صغارهم بالحج أو بالعمرة، أم تشيرون بعدم ذلك؟ فالجواب: أننا نشير بعدم ذلك، وألا يكلفوا صبيانهم الحج؛ لما في ذلك من الزحام الشديد الذي يكاد يهلك به البالغ والكبير، ولأنه يشغل أهله، فالإنسان إذا ذهب -مثلاً- للطواف في الموسم في هذا الزحام فإنه لا يدري أيشتغل بحفظ ولده، أو يشتغل بطوافه، فيؤدي إلى الإخلال بالطواف، لكن لو بقي الولد بالخيمة أو في المقر لكان الأب يؤدي طوافه بطمأنينة، والابن لا يتكلف، وما دامت المسألة ليست واجبة فلنأخذ برخصة الله عز وجل، فهذا هو الذي نشير به في هذه الأزمان للمشقة الشديدة على الصبي وعلى ولي الصبي.
الشرط الثالث: العقل. فمن ليس بعاقل لا يصح حجه، فلو أصيب الإنسان في عقله بحادث طرأ عليه، أو بجنون -نسأل الله العافية- أو بكبر وصل إلى حد الهذرات فإنه لا يصح حجه؛ لأنه ليس بعاقل.
والشرط الرابع: الحرية. هي ألا يكون الإنسان رقيقاً أي: مملوكاً؛ لأن المملوك لا يستطيع أن يحج إذ هو مملوك لسيده، لكن لو حج الرقيق فهل يصح؟
الجواب: نعم. يصح حجه، ويكتب له أجر، لكن إذا أعتق وجب عليه أن يؤدي الفريضة؛ لأن حجه قبل أن يتحرر لا يجزئ عن الفرض، وقال بعض أهل العلم: إنه إذا حج بإذن سيده أجزأه عن الفريضة؛ لأن عدم وجوب الحج على الرقيق ليس بمعنى فيه ولكن لحق سيده، فإذا أذن سيده بذلك فلا بأس، ونظير هذا الفقير لا يجب عليه الحج، لكن لو حج أجزأه عن الفريضة، وهذا القول هو الراجح، أي: أن الرقيق إذا حج بإذن سيده أجزأه عن الفريضة ما دام عاقلاً.
الشرط الخامس: الاستطاعة بالمال والبدن. فمن ليس عنده مال فلا حج عليه، كما أن الفقير الذي لا مال له ليس عليه زكاة، فالفقير الذي لا يستطيع الحج ليس عليه حج، ولو مات للقي الله عز وجل غير آثم؛ لأنه لا يستطيع، وأما العاجز بالبدن الذي لا يستطيع ببدنه فينظر إن كان عجزه طارئاً يرجى زواله قلنا: انتظر حتى يعافيك الله وتحج بنفسك، وإن كان عجزه دائماً كالمريض بالمرض الذي لا يرجى برؤه، أو الكبير الذي لا يستطيع فهذا يجب عليه أن ينيب من يحج عنه ويعتمر عنه.
ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم، فإن لم يكن لها محرم فلا حج عليها، فلو أنها ماتت وعندها أموال كثيرة ولم تحج لعدم وجود المحرم فإنها تلقى الله تعالى غير آثمة؛ لأن هذه المرأة لا تستطيع من الناحية الشرعية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تسافر المرأة بدون محرم، أعلن ذلك في خطبة له في المدينة ، فقام رجل فقال: (يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: انطلق فحج مع امرأتك) فأمره أن يدع الغزوة وأن يذهب ويحج مع امرأته، وهذا دليل على أنه لا يمكن أن تحج المرأة بلا محرم، وما نراه اليوم من تهاون الناس في هذا فهو من الأمور التي نسأل الله سبحانه وتعالى ألا يصيبنا ببلاء بسببها، فإنه إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى أن تسافر المرأة بلا محرم وسأله هذا الرجل: أنه اكتتب في الغزوة، فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يدع الغزوة ويذهب ويحج مع امرأته. وهذا دليل على تأكد المحرم، ولا سيما في أزماننا هذه حيث غلبت الشهوات على النفوس إلا من عصم الله.
الأول: الإسلام.
الثاني: البلوغ.
والثالث: العقل.
والرابع: الحرية.
والخامس: الاستطاعة.
فمتى تمت هذه الشروط وجب على الإنسان أن يذهب إلى الحج فوراً بدون تأخير؛ لأنه لا يدري ماذا يحدث له، فقد يكون عاجزاً بعد القدرة، وقد يكون فقيراً بعد الغنى، وقد يموت، وقد وجب عليه الحج، ثم يفرط الورثة في قضائه عنه، فالواجب على الإنسان إذا تمت شروط الوجوب في حقه أن يبادر.
الجواب: الحمد لله رب العالمين. إذا أصيب الإنسان بحدث دائم من بول أو غائط أو ريح فإن الله سبحانه وتعالى لم يجعل علينا في الدين من حرج، يقال له: خروج هذا الحدث الدائم لا ينقض الوضوء، ولكن عليك أن تتوضأ بعد دخول الوقت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، فإذا توضأ الإنسان بعد دخول الوقت وذهب وصلى مع الجماعة وخرج منه الريح فلا حرج عليه، وصلاته صحيحة.
ولكنك سألت: أيصلي قاعداً أم قائماً؟
فهل هو إذا صلى قاعداً انحبست الريح؟
إن كان الأمر كذلك فليصل قاعداً، وإن كانت لا تنحبس فلا فائدة من القعود.
ولكن يبقى في مسألة الريح إشكال: وهو أنه ربما يؤذي المصلين برائحته، فإذا ثبت هذا قلنا له: صل في بيتك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى من أكل بصلاً أو ثوماً أن يقرب المسجد، وأخبر عليه الصلاة والسلام: (أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان).
الشيخ: كيف هذا؟
السائل نفسه: يعني: يأكل الربا ويسرق ويحج بالمال الحرام؟
الشيخ: القول الراجح: أن حجه صحيح؛ لأنه ليس من شرط الحج المال، فيستطيع الإنسان أن يحج ببدنه، بخلاف الصدقة إذا تصدق بالمال الحرام لا تقبل منه؛ لأن الحرام وقع في عين العبادة، أما هذه فأعمال الإنسان وحركاته وطوافه وسعيه ووقوفه ورميه هذه أفعال ما هي دراهم ولا نفقة، فالصحيح: أن حجه صحيح، ولكنه لا يحل له أن يستهلك الأموال المحرمة لا في العبادة ولا غيرها، والواجب عليه أن يتخلص منها.
الجواب: إذا قام الإنسان في الصلاة فإنه يفتح قدميه لكن فتحاً عادياً ليس كما يفعل بعض الناس، هذا ليس بسنة، وما ورد عن الصحابة: أن الواحد منهم يلصق كعبه بكعب صاحبه، فإنه يعني بذلك: أنهم يتراصون، حتى يلصق الكعب بالكعب والمنكب بالمنكب، ولم يقل الصحابة: أنهم يفتحون أرجلهم ويفرقونها، بل تبقى الرجل طبيعية لكن يتراص الناس حتى تلتصق أكعبهم بعضها ببعض، وكذلك المناكب، هذا في حال القيام.
أما في حال السجود فالأفضل أن يلصق إحدى الرجلين بالأخرى؛ لأن هذا هو كان سجود النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: هذا الظاهر أنه يصح موقوفاً ولا يصح مرفوعاً، ومعناه: أن الناس إذا اختلفوا في شيء فإن السواد الأعظم يعني: الأكثر أقرب إلى الصواب، ولا يعني ذلك: أن القول الأكثر هو الصواب على كل حال، بل هو أقرب، وقد يكون الصواب مع الأقل، ولهذا يتبين من هذا الحديث فيه شيء من النظر حتى من جهة المعنى.
الجواب: لا. الصحيح أنه طاهر، قيء الصبي على الثوب الصحيح أنه طاهر؛ وذلك لأنه ليس فيه دليل على نجاسته، والأصل في الأشياء الطهارة والحل حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك، فإذا تقيء الصبي على ثوب أمه لا يلزمها أن تغسله، لكن إن غسلته فهو أفضل احتياطاً.
الجواب: يعني: هلك قبل أن يحرم، إذا هلك من سافر إلى الحج قبل أن يحرم فليس بحاج، لكن الله عز وجل يثيبه على أمره، أما إذا أحرم وهلك فهو حاج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقفٌ بـعرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) ولم يأمرهم بقضاء حجه، وهذا يدل على أنه يكون حاجاً.
الجواب: الواجب على المسلمين أن يعظموا كلام الله عز وجل وأن يحترموه، ولهذا وجب على من أراد أن يمس القرآن أن يتوضأ تكريماً لهذا القرآن وتعظيماً له، ولا يجوز أن يكتب على القرآن عبارات لا تليق، بل حتى العبارات التي تليق مثل أن تكون تفسيراً لكلمة أو ما أشبهها الأفضل ألا تكتب على القرآن حتى لا يختلط في القرآن غيره.
وإذا وقع هذا على الطلبة فواجب المسئولين على الطلبة من المراقبين والأساتذة أن يعاقبوا من فعل هذا بما يرونه رادعاً لهم ولأمثالهم.
الجواب: إذا كان هذا الذي يريد أن يعتدي على المسلم يريد قتله فالواجب عليك أن تدافعه ولو أدى إلى قتله، لوجوب إنقاذ النفس، وأما إذا كان دون ذلك فلا يجوز أن تقتله.
السائل نفسه: بدون قتل يا شيخ.
الشيخ: كيف؟
السائل نفسه: ادفعه مثلاً أو أشير إليه.
الشيخ: لا مانع، إذا دافعته بما لا يقتله يعني: ولو لم يندفع إلا بذلك فادفعه؛ لأن الواجب على المسلم أن ينصر أخاه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً).
الجواب: لا حرج في هذا، يعني: لو أن الإنسان حج عن غيره ولكنه عند الميقات قال: لبيك عن فلان، ونوى أن هذا النسك لفلان، وكان في طوافه وسعيه ووقوفه بـعرفة يدعو لنفسه فحجه صحيح؛ لأن الدعاء ليس شرطاً في صحة الحج، ولكننا نرى أن الأولى: أن يدعو لنفسه ولأخيه؛ لأن أخاه هو الذي تكفل بمؤونة الحج فلا يحرمه من الدعاء، وأما النسك فقد تم بدون دعاء.
الشيخ: لكن موضوع من الخارج أم في جوف المكينة؟
السائل: شخص صرف ونسي النقود في المكينة.
الشيخ: لكن من خارج أم في جوف المكينة؟
السائل: لا. من خارج.
الشيخ: الأحسن أنك تروح به للبنك.
السائل: لا. هو من شخص صرف وأنا رأيت الشخص صرف وبقي له مال، بحثت عنه فما وجدته، وضع بطاقة وأخرجت له نقوداً ونسي منها.
الشيخ: البطاقة هذه تجدها مكتوبة في الرصيد.
السائل: لكن من يعرف الرصيد؟
الشيخ: مكينة الصرافة هذه لمن؟ باسم من؟
السائل: الراجحي.
الشيخ: إذاً اذهب للراجحي وقل له في اليوم الفلاني صرف إنسان ونسي هذه الدراهم، انظر ما يمكن أن يخرج من عند الصراف إلا مقيداً عنده، فمثلاً: إذا كان مقيداً عنده مثلاً عشرة، يسألونه: أنت يا فلان أخذت مائة هل فقدت منها شيئاً؟ ويعلمون بهذا.
السائل: إذا لم أجد الشخص؟
الشيخ: على كل حال أنت اذهب إليهم وأخبراهم بالواقع، إذا لم تحصل على نتيجة فانتظر لك كم يوم لعله يجيء، وإذا يئست منه تصدق بها عليه.
الجواب: يقول الله عز وجل في القرآن الكريم: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] والطالب إلى الآن لم يصل إلى حد العلم، ففرضه أن يقلد، ومعلوم أن الطالب يقلد شيخه، إذ لو لم يقلد شيخه ما انتفع به، لولا أن الطالب يعتقد أن شيخه محل ثقة في علمه وأمانته ما انتفع به، ولا حرج عليه في هذا، حتى إذا كبر واتسع علمه وأمكنه أن يجتهد في نفسه صار يختار ما يختار.
الجواب: ليس هناك قيد، القيء على الصغير والكبير لا دليل على نجاسته.
بالنسبة للكفلاء الذين يمنعون مكفوليهم من الحج الفريضة، إن كان مشروطاً عليهم في العقد أن يمكنوا العامل من الفريضة وجب عليهم أن يأذنوا له، وإن لم يكن مشروطاً فلهم الحق في هذا؛ لأن الأجير لا يملك أن يذهب عمن استأجره أو غيره، ثم نقول لهذا الرجل المكفول: إنه ليس عليك حرج في هذه الحالة؛ لأنك لا تستطيع.
لكنني أنصح إخواننا الكفلاء: أن يحسنوا إلى هؤلاء المكفولين بأن يمكنوهم من الحج، وربما يكون هذا سبباً في بركة إنتاجهم؛ لأن هؤلاء العمال ربما لا يحصل لهم المجيء إلى هذه البلاد مرة أخرى، فنصيحتي: أن يحسن هؤلاء الكفلاء إلى مكفوليهم، ثم أبشرهم أنهم إذا أعانوا هذا على الحج صاروا مثل من حج في الأجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازياً فقد غزا) وكذلك من جهز حاجاً فإن له مثل أجره.
الشيخ: فريضة أو نافلة؟
السائل: فريضة.
الشيخ: إذا وكل شخص شخصاً آخر أن يحج عنه وهي فريضة والموكل قادر، فإنه لا يصح، ولا يجزئه عن فريضة الإسلام، والواجب على من كان قادراً أن يحج بنفسه، ومن كان عاجزاً فإن كان عجزه لا يرجى زواله كالكبير والمريض بمرض لا يرجى برؤه فحينئذ يوكل، وإن كان عجزاً طارئاً كمرضٍ طارئ فإنه ينتظر حتى يزول هذا المرض ويؤدي الحج بنفسه.
الجواب: إذا كانت المرأة أو الرجل لا يستطيع أن يرمي مع الزحام، ولا يتمكن أن يؤخر الرمي إلى وقت السعة، فله أن يوكل، وأما إذا كان يمكنه أن يؤخر الرمي إلى وقت السعة مثل: أن يؤخر رمي النهار إلى الليل، أو يقدم رمي يوم العيد في آخر ليلة العيد، فإنه لا يجوز أن يوكل، لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] والرمي من أعمال الحج، فلا بد أن يقوم به الإنسان نفسه ولا يوكل أحداً.
وعلى هذا: فالمرأة والرجل سواءً في هذا، من قدر أن يرمي ولو في وقت آخر فإنه لا يجوز أن يوكل، ومن لا يستطيع فله أن يوكل.
الجواب: الصحيح أن طواف الوداع في العمرة واجب كما هو في الحديث، لكن إن طاف وسعى ومشى، فهذا لا وداع عليه اكتفاءً بالطواف الأول.
الجواب: أنا أنصح بعدم ذلك، وأقول: إن هذا من الخطأ أن الإنسان يوكل أحداً يضحي عنه؛ لأن هذا فيه عدة محاظير:
المحظور الأول: أن شعيرة النسك في هذا البلد لا تتم إذا أعطينا دراهم يضحى بها في مكان آخر.
وثانياً: أن المقصود بالأضحية التعبد لله بذبحها، وهذا -أيضاً- يفوت إذا ذبحت بمكان آخر، فهو لا يباشر الذبح ولا يحضره.
ثالثاً: أن فيها تركاً لما أمر الله به من الأكل منها، فقد قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36] ومعلوم أنها إذا ذبحت في محل آخر فلا يستطيع الأكل منها.
الرابع: أننا لا ندري من الذي يتولى الذبح، قد يتولى الذبح من لا يحسن الذبح، أو من ليس من أهل الذبح، أو من يتهاون في الذبح بترك التسمية -مثلاً- أو ما أشبه ذلك.
الوجه الخامس: أننا لا ندري -أيضاً- هل تذبح في وقتها، أو قبل الوقت، أو يتهاونون في تأخير الذبح. فيحصل في ذلك هذه المحاذير وربما يحصل غيرها أيضاً.
فالذي أنصح به إخواننا المسلمين ألا يفعلوا ذلك، أي: ألا يعطوا هيئة الإغاثة ولا غيرها شيئاً يشترون به ضحايا في محلات أخرى ويذبحونها.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد بعث بالهدي من المدينة إلى مكة ؟
الجواب: بلى. لكن الهدي خاص بـمكة لا يمكن ذبحه في المدينة وهو هدي يهدى إلى الكعبة، فليس مثل الذي يبعث بدراهمه إلى البوسنة والهرسك والجهات الأخرى ليُضحى بها عنه.
فأنصح إخواننا المسلمين ألا يفعلوا ذلك، وأنصح طلبة العلم -أيضاً- أن يبينوا للعوام؛ لأن كثيراً من الناس يظنون أن الأضاحي ليس المقصود منها إلا اللحم، وهذا خطأ، قال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى [الحج:37].
السائل: هل له أن يتصدق يا شيخ! بعد أن يكمل الأضحية يعني: بعد أن يؤدي الأضحية يتصدق بمائة ريال، بمائة وخمسين، بمائتي ريال؟
الشيخ: هذا ليس فيه شيء، يعني: إذا كان يريد أن ينفع الجهة هذه يعطيهم دراهم ويجعل الأضحية عنده في بلده.
الجواب: جوابنا على هذا: أن نعلم أن العلماء رحمهم الله اختلفوا في وجوب تغطية الوجه والكفين، ولكن القول الراجح الذي تؤيده الأدلة والنظر: وجوب تغطية الوجه، ومن أراد الاستفادة من ذلك فليرجع إلى ما كتبه العلماء في هذا الموضوع، ومن أكثرها وأوسعها كتاب: عودة إلى الحجاب ، فإنه توسع فيه وبين فيه ما فيه الحق، ويكفي الإنسان البصير أن يعلم ما يترتب على كشف الوجه في وقتنا الحاضر من الشر والبلاء، فالإيمان ضعيف والشهوة قوية؛ لأن الشباب عندهم صحة وفراغ فيحصل بذلك شر كبير.
وأما من رأى الجواز واستدل بالأحاديث الضعيفة أو بالعلل العليلة فحسابه على الله عز وجل.
لكني رأيت كلاماً لبعض العلماء قال: إن الحجاب في هذا العصر واجب بالاتفاق؛ لأن الذين قالوا بعدم وجوبه استثنوا ما إذا خيفت الفتنة بكشف الوجوه والأكف، قال: وفي هذا العصر لا يمكن أن تؤمن الفتنة، اللهم إلا أن يكون الكشف من امرأة يجوز لها الكشف بنص القرآن مثل: القواعد اللاتي لا يرجين نكاحاً، فيقول: إن تعليل العلماء رحمهم الله بل اتفاقهم على أنه إذا كانت الفتنة فلا بد من تغطية الوجه يقتضي أن المرأة في هذه العصور يجب عليها أن تستر وجهها.
الجواب: هذا غلط، ولا يحل لهم هذا الفعل؛ لأن الخمسين التي أتوا بها للمخيم لن يؤدوا ما يجب فيها من الإطعام؛ إطعام الفقير، وهذه نقطة ينبغي أن ينبه لها؛ لأن الأمر كما ذكرت، يقول: نحن الآن نتصدق بخمسين أفضل، ونذبح خمسين كاملة إلى المخيم لتأكل، لكن يقال: الواجب خذوا ولو يدان أو رجلان فتصدقوا بها واذهبوا بالباقي إلى رحالكم، وأما أن يتصدق بنصفها كاملاً والنصف الآخر لا يتصدق بشيء منه، فهذا لا يجوز، فيجب تنبيه الحملات على هذا.
السائل نفسه: يا شيخ! هناك كفارة لمن فعل بهذا؟
الجواب: لا. إلا أنه على كلام الفقهاء رحمهم الله يقولون: يضمن أقل ما يقع عليه اللحم لكل شاة، يعني: يشتري خمسين كيلو ويتصدق بها على الفقراء هناك في مكة من جنس الغنم إذا كانت غنمه.
الجواب: الصحيح أن الحدث الأصغر يرتفع بنية ارتفاع الحدث الأكبر، يعني: لو كان عليه جنابة ونوى الاغتسال من الجنابة ارتفع حدثه الأصغر؛ لأن الله تعالى قال في القرآن: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] لكن لا بد أن يتمضمض ويستنشق؛ لأنه داخل فيما يجب غسله وهو الوجه.
ولكنك أنت ذكرت السؤال غسل مسنون وغسل مستحب، أو قلت: الغسل عن الحدث وغسل واجب وغسل مستحب؟
السائل نفسه: سنة ومستحب؟
الشيخ: وما الفرق بين السنة والمستحب؟
السائل: السنة غسل الجمعة وغسل المستحب غسل للنظافة والتبرد.
الشيخ: لا. التبرد والنظافة ليس بمستحب وليس بسنة الغسل فيه، لكن عموماً نحن نراه مستحب بلا شك، أما غسل الجمعة فالراجح أنه واجب، وأنه لا يجوز للإنسان أن يدعه إلا لعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم).
فالغسل إذاً ثلاثة أقسام: واجب عن حدث، وواجب للجمعة، وسنة، فالواجب عن الحدث معروف الذي يكون بالجنابة أو بالحيض أو بالنفاس، والواجب للجمعة -أيضاً- واجب على من أتى الجمعة أن يغتسل، وأما المسنون فهو إذا أغمي على الإنسان وأفاق فإن من السنة أن يغتسل، وكذلك غسل الجمعة على رأي أكثر أهل العلم أنه سنة وليس بواجب.
الجواب: والله تكلمنا على هذا كثيراً، وبينا أن هذا مما ابتلي به شباب الصحوة، هذا التفرق الذي حصل به تفرق القلوب، ولو كانت المسألة تفرق منهج أو رأي من الآراء التي يسوغ القول فيها لكان أهون، لكن من البلاء أن هذه الجماعات صار بعضها يضلل بعضاً ويبدع بعضاً وربما يكفر بعضاً، يعني: بدلاً من أن يأتينا البلاء من أهل الفسق والإلحاد صار البلاء يأتي من بعضنا البعض، وهذه محنة.
وأرى أنه يجب على الجماعات أن تتفق على كلمة سواء على دين الله عز وجل، وأن يجتمعوا ويدرسوا ما هم عليه من المنهج والعقيدة، وإذا كانوا صادقين في قصد الحق رجعوا إلى الحق، ولا أوافق على هذا التفرق بل أرى أنه منكر وأنه مما نهى الله عنه، قال الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً [آل عمران:103] ولا شك أن كل جماعة لها محاسنها ولها مساوئها، وإذا اجتمعنا جميعاً ونظرنا المساوئ والمحاسن واتفقنا على المحاسن وتركنا المساوئ فحصل الخير، لكن كون كل أحد منا يتكلم في الآخر من وراء الجدر ويغتابه ويقدح فيه فهذا هو البلاء.
السائل: الاجتماع على الكتاب والسنة؟
الشيخ: الكتاب والسنة بعد البحث والمناظرة في شأن المخالف؛ لأن أحدهما يقول: أنا على الكتاب والسنة، فيقال: تفضل إذا كنا على الكتاب والسنة يجب أن يكون العمل واحد كما كان الهدف واحد.
الجواب: لا، الصحيح أنه لا يلزمه العودة، والحديث الوارد في هذا ضعيف شاذ وإن كان سنده لا بأس به لكنه مخالف لأحاديث كثيرة صحيحة، ثم ترك الأمة العمل به يدل على أنه ضعيف وليس بحجة، ثم إن كثيراً من الناس اليوم يتمنى أن يطوف يوم العيد لكنه لا يحصل له ذلك يخشى على نفسه من الهلاك والموت فيؤخر الطواف للضرورة، فعلى تقدير أن الحديث صحيح: فمن أخر الطواف عن يوم العيد خوفاً على نفسه فليس عليه شيء، بمعنى: أنه يحلل التحلل الأول ولا يعود إلى الإحرام ثانية.
الجواب: أما القصر فهو سنة مؤكدة، بل قال بعض العلماء بوجوبه، وأما الجمع فهو سنة إن احتاج إليه، بأن كان قد جد به السير فنقول: السنة أن تجمع، وافعل الأيسر لك، إن أردت أن تنطلق بعد زوال الشمس وتستمر في السير فاجمع العصر إلى الظهر، وإن مر بك الزوال وأنت جاد في السير ولا تنزل إلا بعد العصر فاجمع الظهر إلى العصر، يعني: افعل الأيسر لك، أما إذا كنت نازلاً في مكان فالأفضل ألا تجمع، وإن جمعت فلا بأس.
فصار الجمع فيه تفصيل: إن كنت جاداً في السير فاجمع، فهذا هو السنة، وإن كنت نازلاً فالأفضل ألا تجمع، وإن جمعت فلا بأس، أما القصر فإنه سنة مؤكدة من حين أن تخرج من بيتك إلى أن ترجع إليه.
السائل نفسه: يجمع داخل البلد -يا شيخ- وهو يسمع الأذان؟
الجواب: لا. الذي داخل البلد لا بد أن يصلي مع الجماعة، وإذا صلى مع الجماعة سيتم ويصلي كل صلاة بوقتها.
الجواب: هذا صحيح، الإسراف أمر نسبي، لا يتعلق بنفس العمل وإنما يتعلق بالعامل، فمثلاً: هذه امرأة فقيرة اتخذت من الحلي ما يساوي حلي المرأة الغنية تكون مسرفة؟ لو اتخذ هذا الحلي امرأة غنية قلنا: إنه لا إسراف فيه، ولو اتخذته امرأة فقيرة قلنا: فيه إسراف، بل حتى الأكل والشرب يختلف الناس في الإسراف فيه: قد يكون الإنسان فقيراً، يعني: من الناس من تكفيه المائدة القليلة، وآخر لا يكفيه، ثم إنه -أيضاً- تختلف باعتبار أن الإنسان قد ينـزل به ضيف فيكرمه بما لا يعتاد أكله هو في بيته فلا يكون هذا إسرافاً.
فالمهم أن الإسراف يتعلق بالفاعل لا بنفس الفعل لاختلاف الناس فيه.
وإلى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر