إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [89]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا اللقاء تجد عرضاً للأنساك التي يفعلها الحاج والمعتمر، بالإضافة إلى المواقيت المكانية، ثم انتقل الشيخ للإجابة عن الأسئلة.

    1.   

    الأنساك التي يفعلها الحاج والمعتمر

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:فهذا هو اللقاء التاسع والثمانون من لقاء الباب المفتوح الذي يتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس الثالث عشر من شهر ذي القعدة عام (1415هـ).

    في اللقاء الماضي تكلمنا عن الحج بمناسبة قرب أيام الحج، وذكرنا عدة مباحث تتعلق به، وها نحن نكمل الشوط إن شاء الله في اللقاءات القادمة وفي هذا اللقاء، وقد سبق في المباحث السابقة خمسة أشياء، أما هذا اللقاء فسنتكلم فيه عن الأنساك التي يفعلها من أراد الحج أو العمرة.

    إذا سافر الإنسان إلى الحج بعد دخول أشهر الحج فلديه ثلاثة أنساك:

    النسك الأول: التمتع.

    الثاني: القران.

    الثالث: الإفراد.

    أما التمتع: فهو أن يحرم بعمرة مستقلة من الميقات، ثم إذا وصل إلى مكة طاف وسعى وقصر وبقي محلاً إلى يوم الثامن من ذي الحجة، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن. وسمي تمتعاً؛ لأن الإنسان يتمتع فيه بين العمرة والحج بما أحل الله له، إذ أنكم ستعلمون إن شاء الله محظورات الإحرام، فالمتمتع تحل له هذه المحظورات بحله من العمرة.

    أما القران فله صورتان: الصورة الأولى: أن يحرم بالعمرة والحج جميعاً من الميقات، ويبقى على إحرامه إلى يوم العيد.

    والصورة الثانية: أن يحرم بالعمرة أولاً، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه. لكن هذه الصورة لا ينبغي للإنسان أن يفعلها إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مثل: أن تحيض المرأة في أثناء العمرة وتخشى ألا تطهر قبل يوم التروية، أو قبل يوم عرفة، فحينئذٍ نقول: تدخل الحج على العمرة وتكون قارنة، وكذلك لو أن الإنسان قدم مكة متأخراً وخاف أن لا يتمكن من العمرة، قبل الحج وقد أحرم بالعمرة فحينئذٍ نقول: أدخل الحج على العمرة.

    النوع الثالث من أنواع النسك: الإفراد، وهو أن يحرم بالحج مفرداً من الميقات، فيقول: لبيك اللهم حجاً.

    وهذه الأنساك يخير فيها الإنسان، ولكن الأفضل التمتع؛ لأن هذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه يتمتع به فيما بين العمرة إلى الحج فيما أحل الله له فيكون له شيء من الحرية، ولأنه يؤدي العمرة كاملة بأفعالها والحج كاملاً بأفعاله، فهذه ثلاثة مرجحات.

    أما القران فهو الذي يلي التمتع، لأن القران يحصل للناسك فيه عمرة وحج، لكنه يختلف عن التمتع بأنه لا حل فيه، يعني: لا يحل فيما بين العمرة والحج، بل يبقى على إحرامه من الميقات إلى يوم العيد، ويرجحه على الإفراد، يعني: هو أفضل من الإفراد لوجوه:

    الأول: أنه يحصل له عمرة وحج، والإفراد لا يحصل له إلا حج.

    الثاني: أنه فيه الهدي كالتمتع، والإفراد ليس فيه هدي إلا على سبيل التطوع، فهذا الباب مفتوح.

    وعليه فنقول الترتيب:

    أولاً: التمتع.

    ثانياً: القران.

    ثالثاً: الإفراد.

    إلا أنه إذا ساق الهدي معه فالقران أفضل من التمتع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرن حين ساق الهدي، وقال: (لولا أني سقت الهدي لأحللت معكم) فالقران أفضل لمن ساق الهدي، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

    هذه هي الأنساك الثلاثة التي يخير الإنسان فيها إذا أراد أن يحج أو يعتمر، فيقال له: أمامك ثلاثة أشياء اختر ما شئت، ولكن الأفضل: التمتع، ثم القران، ثم الإفراد.

    1.   

    المواقيت المكانية

    المبحث الثاني: الميقات، المواقيت خمسة: ذو الحليفة ، والجحفة ، وقرن المنازل ، ويلملم ، وذات عرق . هذه خمسة، أربعة منها وقتها النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه ذلك في الصحيحين وغيرهما، وهي: ذو الحليفة ، والجحفة ، وقرن المنازل ، ويلملم ، وأما ذات عرق فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقتها، لكن ذلك لم يثبت في الصحيحين بل هو في السنن ، إلا أنه ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه وقتها، وعليه فلمن تكون هذه المواقيت؟

    أما ذو الحليفة وهي: التي تسمى الآن أبيار علي ، فهي لأهل المدينة ولمن مر بها من غير أهل المدينة .

    وأما الجحفة والناس صاروا يحرمون من رابغ؛ لأن الجحفة كانت قرية فخربت، فيحرمون من رابغ، فهذه لأهل الشام ولمن مر بها من غير أهل الشام .

    وأما قرن المنازل ويسمى السيف : فهو لأهل نجد والطائف ، ومن مر به من غير أهل نجد والطائف .

    وأما يلملم ويسمى السعدية الآن: فهو لأهل اليمن ولمن مر به من غير أهل اليمن .

    وأما ذات عرق وتسمى الضريبة: فهي لأهل العراق ولمن مر بها من غير أهل العراق .

    هذه المواقيت وقتها النبي صلى الله عليه وسلم، وكما يعلم كثير منا أنها تختلف بالقرب والبعد من مكة ، فبعضها يصل إلى ثمان مراحل -أي: ثمانية أيام- وبعضها إلى يومين، وهذا الاختلاف توقيفي ليس لنا أن نقول: لماذا هذا بعيد عن مكة وهذا قريب؛ لأن هذا مما لا مجال للرأي فيه.

    ومن مر بهذه المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه أن يحرم منها، ولا يحل له أن يتأخر، ودليل هذا: ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ) وهذا خبر بمعنى الأمر، فيكون واجباً على كل من مر بهذه المواقيت وهو يريد حجاً أو عمرة أن يحرم منها.

    فإن مر بها وهو لا يريد حجاً ولا عمرة وإنما يريد مكة لزيارة قريب أو عيادة مريض أو تجارة أو علم أو غير ذلك فهو بالخيار، إذا كان قد أدى الفريضة إن شاء أحرم وإن شاء لم يحرم، وسواءٌ طال غيابه أم لا، وأما ما اشتهر عند العوام إذا كان قد طال غيابه عن مكة لمدة أربعين فأكثر فإنه لا بد أن يحرم وإلا فلا، فهذا لا أصل له، فالمدار على النية، هل هو يريد حجاً أو عمرة، فيلزمه من الميقات الذي مر به، وهل هو لا يريد ذلك فلا يلزمه، إلا أن يكون لم يؤد الفريضة.

    فإن قال قائل: إنه من أهل جدة وقد ذهب من طريق المدينة يريد أهله لكن عنده نية أن يحج هذا العام فهل يلزمه الإحرام؟

    قلنا: لا يلزمه الإحرام، لأن هذا الرجل إنما أراد أهله، ولكنه يريد أن يحج هذا العام، فلا يلزمه أن يحرم؛ لأنه في سفره هذا لا يريد الحج، وإنما يريد أهله، فلا يلزمه الإحرام؛ لمفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ممن أراد الحج أو العمرة).

    1.   

    الأسئلة

    حكم تأخير الرمي إلى آخر أيام التشريق وحكم التوكيل فيه

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجل مر بيوم العيد فهل الأفضل أن يؤخر الرمي إلى آخر أيام التشريق، أو يوكل؟

    الجواب: إذا صار عند الإنسان مانع يمنعه من الرمي يوم العيد، فإنه يؤخره حتى يقوى على ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للرعاة أن يرموا ويدعوا يوماً، والتوكيل في الرمي لا يجوز أن يتهاون به؛ لأن الرمي من مناسك الحج، وقد قال الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196].

    فلا يجوز أن يوكل الإنسان فيه لمجرد أنه مرهق، أو لمجرد الزحام، يقول: أما التعب فإن كان تعباً دائماً مثل: امرأة حامل، أو رجل كبير في السن أو عجوز كبيرة في السن فليوكل، أما إذا كان أصابه مرض خفيف يرجو أن يبرأ منه في آخر أيام التشريق فلا يجوز له أن يوكل، ويرميها جميعاً.

    بعض أحكام المولود

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل ورد أن من أحكام المولود حلق شعره والتصدق بوزنه، وهل ورد كذلك التأذين في أذن والإقامة في أذن الأخرى؟

    الجواب: أما الأول وهو حلق شعر الرأس فهذا خاص بالذكر لا بالأنثى، الأنثى لا تحلق رأسها، ويتصدق بوزنه ورقاً -أي: فضة- وهذا هو الصحيح.

    وأما الأذان في أذنه اليمنى حين يولد، والإقامة في الأذن اليسرى ففيها أحاديث لكن فيها نظر، والإقامة أضعف من الأذان.

    توضيح معنى كون الشيء جائزاً وليس بمشروع

    السؤال: سمعت في بعض الأشرطة أنك تقول: الشيء قد يكون جائزاً وليس بمشروع. وقد أشكل عليَّ هذا، إذ أن الشيء الجائز عادة أخذ جوازه من الشارع سواءً بالنص أو استنباط أو غيره، وقد استشكلت هذا الأمر لقلة علمي، فأرجو التوضيح جزاك الله خيراً؟

    الجواب: هذا يظهر بالمثال: أن الشيء قد يكون جائزاً يعني: يسمح للإنسان أن يفعله لكنه ليس مشروعاً للأمة، فمثال ذلك: الرجل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاته ويختم بـ(قل هو الله أحد) فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه، لكن هل هذا مشروع لنا كلما ختمنا قراءة الصلاة أن نختم بـ(قل هو الله أحد) ليس بمشروع، ولهذا لم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام يفعله ولا أرشد الأمة إليه.

    ومثل ذلك أيضاً: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أذن لـسعد بن عبادة رضي الله عنه أن يتصدق لأمه بمخرافه -يعني: ببستانه الذي يخرف- حين استأذنه في ذلك، ولكنه لم يقل للأمة: افعلوا هذا.

    السائل: إذا فعله وداوم عليه هل يعتبر بدعة؟

    الشيخ: لا. لا يكون بدعة، إذا -مثلاً- قرأ شخص: (قل هو الله أحد) كلما استمر لا يكون بدعة، لأن هذا أجازه الرسول، لكنه ليس من السنة، وكونك لا تفعل أفضل.

    كيفية تحقيق الإخلاص

    السؤال: فضيلة الشيخ: كيف يكسب طالب العلم الإخلاص والعمل لله عز وجل؟

    الجواب: الإخلاص لطالب العلم ولمن يعبد الله ولمن يعين غيره في أموره، أن الإنسان يريد بعمله هذا وجه الله والدار الآخرة، يريد أن الناس يمدحونه، أو يريد شيئاً من الدنيا، بل يريد وجه الله والدار الآخرة، والإنسان يستعين على هذا بأن يقول لنفسه: ماذا ينفعك إذا علم الناس بالعبادة، أو مدحوني، ما الذي ينفعني؟ لا ينفع إلا الله عز وجل، وكلما وجد الإنسان من نفسه رياءً فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن الرياء من عمل الشيطان.

    حكم استخدام البطاقة الآلية بموجب الحساب

    السؤال: فضيلة الشيخ! تقوم شركة الراجحي بصرف بطاقة الآلية بموجب الحساب، والبطاقة هذه هل يترتب فيها ربا أم لا، وما حكم استخدامها؟

    الشيخ: كيف هذا؟ ما فهمت.

    السائل البطاقة تأخذ خمسة آلاف من رصيدك من أي بنك؟

    الشيخ: ليس فيها شيء، هذه من باب التسهيل.

    السائل: إذا فتحت حساب في شركة الراجحي تصرف لك بطاقة، وبموجب هذه البطاقة تستطيع سحب مبلغ من مالك من أي بنك عدا الراجحي؟

    الشيخ: لا بأس، وليس فيها شيء؛ لأنك ما أعطيت ربا ولا أخذت ربا، وهذا من باب التعاون بين هؤلاء البنوك، فليس فيها شيء.

    حكم الاستنابة في الحج مقابل عوض

    السؤال: ما حكم نيابة الحج بالعوض في المرض، وهل تنوب المرأة عن الرجل؟

    الجواب: النيابة في الحج جاءت به السنة، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سألته امرأة وقالت: (إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم).

    والاستنابة بالحج بعوض، إن كان الإنسان قصده العوض فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: من حج ليأكل فليس له في الآخرة من خلاق. -أي: نصيبٌ- وأما من أخذ ليحج فلا بأس به، فينبغي لمن أخذ النائبة أن ينوي الاستعانة بهذا الذي أخذ على الحج، وأن ينوي أيضاً قضاء صاحبه؛ لأن الذي استنابه محتاج، ويفرح إذا وجد أحداً يقوم مقامه، فينوي بذلك أنه أحسن إليه في قضاء الحج، وتكون نيته طيبة.

    حكم التعوذ عند التثاؤب والحمدلة عند التجشؤ

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم قول: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) عند التثاؤب، و(الحمد لله) عند التجشؤ؟

    الجواب: لا يسن للإنسان إذا تثاءب أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عند التثاؤب بأن يكتم الإنسان ما استطاع، فإن لم يستطع يضع يده على فيه، ولم يرشد الأمة إلى أن يقولوا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

    وأما قوله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [الأعراف:200] فالمراد بنـزغ الشيطان هنا الأمر بالمعصية أو ترك الطاعة.

    وأما الحمد عند التجشؤ فهذا أيضاً ليس بمشروع؛ لأن الجشاء معروف أنه طبيعة بشرية، ولم يقل النبي عليه الصلاة والسلام: إذا تجشأ أحدكم فليحمد الله. أما في العطاس فقد قال: (إذا عطس فليحمد الله) وفي الجشاء لم يقلها. نعم لو فرض أن الإنسان مريض بكونه لا يتجشأ فأحس بأنه قدر على هذا الجشاء فهنا يحمد الله؛ لأنها نعمة متجددة.

    حكم منع صاحب العمل للعامل من إتمام الحج

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجل حج ووقف بـعرفة وقال له: حجك تم ما دام أنك وقفت في عرفة لا يحتاج أن تكمل النسك، هل حجه تام، أم يقضي؟

    الجواب: باقي عليه الطواف والسعي إذا لم يكن قد طاف وسعى مع طواف القدوم، وبقي عليه المبيت بـمزدلفة والمبيت في منى ورمي الجمار وطواف الوداع.

    السائل: هو عامل وصاحب العمل منعه من الحج عندما وقف في عرفة وقال له: حجك انتهى الآن؟

    الشيخ: لكن أليس أذن له أن يحج؟ فيلزمه أن يأذن له بالبقية، ولا يجوز أن يحلله، لا يجوز أن يقول له: تحلل الآن من حجك، ولو قال ذلك: فله الحق أن يمتنع ويرفع الأمر إلى الجهة المسئولة.

    متى يقال: (رب قني عذابك يوم تبعث عبادك)؟

    السؤال: فضيلة الشيخ! ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا انتهى من الصلاة: (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) فهل يجوز للإنسان أن يجعله من أذكار الصلاة، أو يجعله من أذكار الصباح والمساء؟

    الجواب: لا يجعله من أذكار الصباح: (رب قني عذابك يوم تبعث عبادك) ثم هذا دعاء يدعو به كل وقت، هذا من الأمور المشروعة (اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك).. (رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) وما أشبه ذلك.

    حكم الاستنابة في الحج والعمرة

    السؤال: عفا الله عنك الاشتراط يا شيخ في الاستنابة للحج والعمرة هل يلزم أن يكون من يحج عنه ميتاً أو عاجزاً أو إنساناً مسئولاً، أو مشغولاً فيعطي شخصاً مبلغاً من المال من أجل أن يعتمر عنه ويحج؟

    الجواب: إذا كان هذا الحج فريضة فلا يجوز أن يستنيب القادر من يؤدي عنه، وإذا كان نافلة فقال بعض أهل العلم: إنه يجوز إذا جاز الاستنابة في الفريضة، بأن يكون عاجزاً لا يستطيع، وأما القادر فلا، وقال بعض العلماء: النفل ليس فيه استنابة، لا العاجز ولا القادر؛ لأن هذه العبادات مطلوبة من الإنسان نفسه، فإن كان قادراً فذاك المطلوب، وإن لم يكن قادراً فإما أن تسقط عنه وإما أن ينيب غيره إذا كان مما تدخل فيه النيابة، وهذا في نظري أقرب إلى الصواب، لأننا لو فتحنا الباب صار كل إنسان إذا كان غير قادر وأناب والغني إذا جاء وقت الحج نام على سريره وأعطى الناس يحجون عنه، فنحن نقول: هذه عبادة إما أن تقوم بها أنت وإلا فاتركها، وخير من ذلك إذا كان الله قد أعطاك المال أن تعين من يحتاج إلى الحج في الفريضة أو في النافلة، فهو أفضل من أن يقول: يا فلان حج عني.

    توضيح لمسألة عطف الخاص على العام

    السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرت كتاب الممتع في المقدمة مسألة: عطف العام على الخاص، وذكرت أن فيها قولين: القول الأول: أنه يدخل الخاص في العام، وهذا يكون متكرراً مرتين، والقول الثاني: أنه لا يدخل فيه، ويكون على الثاني متكرراً مرة واحدة، فيكون مستقلاً لوحده، ما معنى هذا؟

    الجواب: قال تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا [القدر:4] الروح هو جبريل، وجبريل من الملائكة، فهل نقول: إن جبريل دخل في العموم في قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ [القدر:4] إن قلنا: إنه دخل في العموم صار الحديث عنه مرتين، مرة بالعموم ومرة بالخصوص.

    وقال بعض الأصوليين: إنه إذا ذكر الخاص فمعناه: أن المتكلم لم يرده في العموم، وعلى هذا فلا يدخل جبريل في الملائكة في قوله: (تنـزل الملائكة) وذلك لأنه خصص، فإذا قلنا: إنه داخل في العموم وأنه ذكر مرتين صار هذا من مناقبه من وجهين: أولاً: إنه دخل في العموم.

    والثاني: أنه خصص، وإذا قلنا: إنه لم يدخل في العموم أصلاً فهذا من مناقبه من وجه واحد وهو ذكره بالخصوص.

    والأقرب والله أعلم: أنه داخل في العموم، ومثل ذلك قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] فهل تدخل الصلاة الوسطى في الصلوات؟ فيها قولان:

    بعض العلماء الأصوليين قال: إن قوله: (حافظوا على الصلوات) لا تدخل فيه صلاة العصر، وأنه ذكر صلاة العصر وحدها (والصلاة الوسطى) لأن العصر هي الوسطى.

    وقال بعضهم: بل هي داخلة في الصلوات ولكنه خصصها بعد العموم لفضلها على غيرها.

    حكم الحج عن الميت

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا مات الإنسان ولم يحج حجة الإسلام فحج ابنه عنه وبعد حجة الإسلام لهذا الحي حج عن والده أو أمه ثلاث حجج أو أربع، فأتى من ينكر عليه ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أرشد إلى كثرة الحج للميت، فما قولكم؟

    الجواب: أنا أوافق هذا الذي أنكر عليه، وأقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد أمته إلى أن يحج عن الميت إلا في الفريضة، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح، والحج عن الوالدين تطوعاً لم يرد إطلاقاً، لكن مع ذلك لا نقول: إنه حرام، بل نقول: إن تركه أفضل، وينبغي لنا أن نعلم مسألة مهمة: وهي أن الدعاء للميت أفضل من التصدق له وأفضل من الحج له وأفضل من الأضحية له، والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولم يقل: أو ولد صالح يعمل له مع أن الحديث موضوعه العمل: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ولم يقل: أو ولد صالح يصلي له أو يصوم عنه أو يتصدق عنه أو يحج عنه أبداً، وما انهمك به بعض العامة الآن، يجعل كل شيء لوالديه: إن تصدق قال: للوالد والأم، وإن ضحى قال: للوالد والأم، وإن حج قال: للوالد والأم، هذا خطأ، نقول: أنت الآن محتاج للعمل الصالح، وقد أرشدك النبي عليه الصلاة والسلام إلى الدعاء.

    السائل: يا شيخ هو الآن اعتمر عمرة متمتعاً بها للحج، يعني: الآن ماذا يفعل في الوقت الحاضر، بعدما اعتمر عمرة متمتعاً بها للحج نوى بها لأمه.

    الشيخ: يجعل الحج لنفسه، إلا إذا كان فريضة.

    إرشادات في قيام الليل وحفظ كتاب الله عز وجل

    السؤال: فضيلة الشيخ! قيام الليل وحفظ كتاب الله عز وجل من الأمور العظيمة، وقد استشكل على بعض الشباب وخصوصاً الملتزمين تطبيق السنة حفظ كتاب الله وقيام الليل، فهل من نصيحة وإرشاد لمثل هؤلاء يكون عوناً لهم؟

    الشيخ: أقول: كيف استشكل عليهم؟

    السائل: يصعب عليهم القيام ويصعب عليهم الحفظ، فهل من نصائح وإرشادات تقدمونها لهم جزاكم الله خيراً؟

    الشيخ: والله يا أخي أنت تعلم أن قيام الليل من أفضل الأعمال، وأن أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل، وأن آخر الليل: (يتنـزل فيه الرب عز وجل إلى السماء الدنيا ويقول: من يسألني فأعطيه، من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له) وأنصحهم إلى أن يتذوقوا طعم هذه الصلاة، يقوموا الليل حتى يذوقوا طعمها، ويذوقوا بذلك طعم الإيمان، وأما القرآن فلا شك أنه أفضل ما ينطق به وهو أفضل الذكر، وهو كلام الله عز وجل، وقد أثنى الله على القائمين به حيث قال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [فاطر:29-30]، وقال تعالى: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [البقرة:121] فنصيحتي لهم: أن يعتنوا بالقرآن، وأن يعتنوا بالتهجد وصلاة الليل بقدر المستطاع، يعني: لو قام الإنسان قبل الفجر بنصف ساعة وتوضأ أو اغتسل من الجنابة إن كان عليه جنابة وصلى ولو ثلاث ركعات الوتر فيداوم عليها فهو خير، (وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل).

    حكم نوم الشخص بمفرده

    السؤال: هل يجوز للشخص أن ينام لوحده؟

    الجواب: يجوز ذلك، لكنه يكره أن ينام لوحده؛ لأنه ربما يحتاج إلى شيء ولا يجد من يساعده عليه، وربما يتوفاه الله عز وجل ولا يعلم به، كما وقع كثيراً لا يعلمون عن الشخص إلا إذا ظهرت ريحة جيفته، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا حرج.

    كيفية صلاة وصوم المستحاضة

    السؤال: هذا سؤال من امرأة تقول: إنها تعاني منذ تسع سنوات -يعني منذ زواجها- من عدم انتظام الدورة الشهرية، وذلك بحيث تنـزل باستمرار دون توقف، إلا بعد أخذ العلاج، وبعد العلاج بشهر أو شهرين تنتظم ثم ترجع للنزول مرة أخرى لدرجة أنه يصعب عليها تحديد أيام دورتها العادية، وهي ثمانية أيام، علماً بأن الدم المستمر لا يكون بحالة واحدة مرة يكون كثيراً ومرة يكون قليلاً، ومرة كدرة ويكون هذا الدم متداخلاً مع بعضه -أي: الكثير والقليل والكدرة- مثاله: بعد أخذ العلاج وبموعدها نزلت (20/ 8/1415هـ) في شهر شعبان واستمر نزول الدم إلى (14/10) في شهر شوال، أي: مدة أربعة وخمسين يوماً، وهذا الدم متنوع، كثيرٌ وقليل في اليوم، وكدرة، وأحياناً يكون متصلاً طوال اليوم وأحياناً بعض اليوم، وبعدها دخلت في المستشفى وعمل لها عملية تنظيف، وبعده ولله الحمد توقف الدم إلى كتابة هذه الرسالة أو هذه الكلمة، وقد قامت بعملية إنظار بوجود أكياس على المبيض، يقال: إنها هي السبب في عدم انتظام الدورة، وذلك قبل التنظيف، ولكن حتى بعد عمل هذه العملية لم تنتظم الدورة، السؤال: ما حكم صيام شهر رمضان؟

    الشيخ: إلى الآن يعني؟

    السائل: إلى الآن.

    الشيخ: هي تقول: قد عافاها الله؟

    السائل: لا، لأنها استمرت وأخذت العلاج ونظفت، ومع ذلك استمرت لكن الكلام على صيام رمضان، هي صامت شهر رمضان كله، فتقول: ما حكم صيامي لشهر رمضان وذلك لأني صمته كاملاً، وكذلك الصلاة ما حكمها؟

    الجواب: هذه المرأة مستحاضة، والاستحاضة: هي استمرار خروج الدم من المرأة، وهذا الدم الذي هو دم الاستحاضة يخرج من عرق في أدنى الرحم، وأما دم الحيض فإنه يخرج من عرق في أقصى الرحم -قعر الرحم- وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكم المستحاضة بأنها ترجع إلى عادتها الأولى إن كانت معتادة، فنقول: اجلسي قدر الأيام التي كانت الحيضة تأتيك فيه في وقتها، فمثلاً: إذا كانت تحيض من أول الشهر ثمانية أيام ثم طرأت عليها الاستحاضة نقول: اجلسي من أول كل شهر ثمانية أيام، والباقي اغتسلي وصلي وصومي ولا حرج، فإذا لم يكن لها عادة أو كانت عادتها غير منتظمة مرة تكون سبعة أيام في أول الشهر وفي آخره ولا تعلم، فإنها ترجع إلى التمييز، والتمييز معناه: أن تنظر لهذا الدم، فإن كان على وتيرة واحدة فلا تمييز عندها، وإن كان يختلف أحياناً أسود ثخين منتن -يعني: ذو رائحة- وأحياناً أحمر فهنا نقول: اجلسي وقت الدم الثخين المنتن لأن هذا هو الحيض، وأما الرقيق الأحمر فهذا استحاضة.

    فإن قالت: ليس عندها تمييز، الدم على وتيرة واحدة، فهذه حالة ثالثة للمستحاضة، نقول: اجلسي من أول كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام، هذه المرأة التي فهمنا منها الآن أنها لم تجلس فنسألها: كم عادتها قبل أن تصاب بهذا الحادث؟ قالت: عادتي ستة أيام من أول الشهر، نقول: اقضي الستة أيام من صيام رمضان، وأما الصلاة فلا شيء عليها، لأن الصلاة تركتها ظناً منها أن هذا حيض فلا شيء عليها.

    السائل: لكنها صلت.

    الشيخ: الصلاة انتهى موضوعها، وليس فيها إشكال؛ لأنها إن صلت في الوقت الذي حكمنا بأنها غير حائض فقد أدت الصلاة، وإن كان قد صلت الوقت الذي تكون فيه حائضاً فقد صلت جاهلة فلا شيء عليها.

    بقي عندنا الصوم نقول: اقضي عدد الأيام التي كنت تعتادينها قبل أن تصابي بهذا الحادث.

    حكم من نوى الحج في منى

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا انتدبت في الحج من قبل عملي، فأنا مشيت مع الحملة حتى منى ، وأردت أن أستأذن من عملي لأداء الحج فهل أذهب إلى الميقات لأحرم من الميقات، أو من مكاني؟

    الجواب: تحرم من مكانك في الحج، لأنك حينما مررت بالميقات لا تدري هل يؤذن لك أم لا، فلم تعزم على الحج، فمثلاً: إذا أذنوا لك في منى أحرم من منى ، وإذا أذنوا لك في عرفة أحرم من عرفة .

    حكم تقدم الإمام في الصلاة راكعاً

    السؤال: لو كنت أصلي أنا وشخص آخر وأنا الإمام مثلاً وكنت في الركوع، وجاء شخص ثالث وقدمني وأنا في الركوع أأتقدم أم لا، وأنا في الركوع نفسه؟

    الجواب: نعم ليس فيه بأس، تقدم سواء في الركوع أو في القيام.

    حكم من اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده

    السؤال: فضيلة الشيخ! شخص أخذ عمرة في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده وهو من أهل الرياض أو من أهل نجد أو من أي مكان آخر فهل يلزمه حج؟

    الجواب: لا يلزمه.

    السائل: إذا أراد الحج؟

    الشيخ: إذا أراد الحج فريضة أو نافلة؟

    السائل: نافلة.

    الشيخ: لا يلزمه، إن شاء حج وإن شاء لم يحج.

    السائل: ولكن إذا كان يريد الحج؟

    الشيخ: إذا كان يريد الحج وكان أول ما أخذ العمرة لا يريد الحج، بل أرادها عمرة مفردة، كما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة في أشهر الحج، ثم بدا له بعد أن يحج فحجه مفرد.

    حكم من زاد ركعة في صلاته وهو شاك أنه لم يزد

    السؤال: عفا الله عنك يا شيخ! رجل قام يصلي من الليل، فصلى ثلاث ركعات وهو يظن أنه صلى ركعتين، ثم بعد أن أخبره شخص آخر أنه صلى ثلاثاً قال: إني صليت ركعتين، وبعد أن تأكد قال: نيتي ليست ثلاث ركعات ولكن نيتي أصلي ركعتين، ثم قام وشفع هذه الركعة، ثم استمر في الوتر، ثم أوتر في آخر الليل، فما حكم هذا؟

    الجواب: هذا ليس بصحيح، نقول: إذا نبه أنه صلى ثلاثاً يسجد للسهو فقط، حيث إنه ما أنقص ولكنه زاد، بخلاف ما لو صلى ثلاثاً والواجب عليه أربعاً كالظهر مثلاً ثم نبه فهذا يكمل، أما هذا فالأفضل أن لا يكمل، بل يسجد للسهو ويكفي.

    حكم من حلق ولم يعمم جميع شعره في الحج أو العمرة

    السؤال: فضيلة الشيخ بارك الله فيك! رجل اعتمر أو حج وعند الحلق لم يعمم جميع شعره، وكان قد مضى على حجه مدة سنوات فما الحكم في ذلك؟

    ونريد أيضاً قاعدة في متى يؤمر الحاج أو المعتمر إذا ترك شيئاً من نفسه، نأمره بالرجوع إلى مكة والإتيان به؟

    الجواب: هذا ترك واجباً، وترك الواجب يجب فيه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، وبهذا يتم حجه، وأما ما يلزم الحاج فعله إذا تركه فهي الأركان، وأما الواجبات فإذا فات وقتها تجبر بدم.

    الأصناف التي تصرف لهم الزكاة

    السؤال: فضيلة الشيخ عفا الله عنك! يعطيني بعض الناس مبلغاً كبيراً من المال لأوزعه على من يستحق الزكاة، فما هي الشروط التي يستحق بها الرجل دفع الزكاة إليه؟

    الجواب: تعرف أن أهل الزكاة ثمانية، قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60] فالفقير والمسكين هم الذين لا يجدون كفايتهم لمدة سنة، مثل: أن يكون الإنسان عنده راتب مقداره ثلاثة آلاف مثلاً، لكن النفقة لا يكفيه إلا أربعة آلاف، فهذا من أهل الزكاة، نعطيه اثني عشر ألفاً أليس كذلك، راتبه ثلاثة ونفقته أربعة كم يحتاج لكل شهر؟ ألفاً، فنعطيه للسنة اثني عشر ألفاً.

    والغارمون هم أهل الدين الذين عليهم دين ولا يستطيعون الوفاء، وهم أيضاً من أهل الزكاة، فيوفى عنهم، ولنا في الوفاء عنهم طريقان:

    الطريق الأول: أن نعطيهم ثم يدفعه هو لطالبه.

    والطريق الثاني: أن ندفع نحن لطالبه مباشرة وكلاهما صحيح.

    لكن أيهما أفضل: أن نعطي المدين المطلوب ليعطي الطالب، أو أن نذهب إلى الطالب ونعطيه ولا نعطي المطلوب؟ هذا فيه تفصيل: إن كان المطلوب رجلاً نعرف أنه حريص على إبراء ذمته وأننا إذا أعطيناه وقلنا: هذا اقض به دينك، ذهب وقضى به الدين، فالأفضل أن نعطيه المطلوب دون الطالب؛ لئلا ينكسر قلبه إذا أوفينا عنه، ولئلا يحصل هناك رياء من المعطي.

    وأما إذا كان الرجل المطلوب رجلاً أخرق، لو أعطيناه المال ليوفي به ما أوفى به، فحينئذٍ نعدل عنه ونعطيه الطالب وتبرأ ذمته بذلك.

    أما ابن السبيل فهو المسافر الذي انقطع به السفر فانتهت نفقته فنعطيه ما يوصله إلى بلده.

    السائل: أحياناً يا شيخ تكون معه سيارة يكون قيمتها مثلاً أربعين ألف ريال وعليه مبلغ دين خمسين ألف ريال وعنده مرتب ثلاثة آلاف ريال تكفيه ويقول: أنا مدين أو غارم؟

    الشيخ: هو على كل حال إذا كان بعد أن اشتراها يوفى عنه قيمة السيارة أو ما بقي من قيمة السيارة، أما إذا كان سوف يشتري ويقول: أنا محتاج للسيارة، قلنا: اشتر، فقال: سوف أشتري بخمسين ألفاً، نقول: لا نعطيك خمسين ألفاً، لأنك لست بحاجة إلى خمسين ألفاً، إذ أن سيارة بعشرين ألفاً تكفيك، فهناك فرق بين أن يكون قد اشترى وصار من الغارمين، أو سيشتري، إن كان سيشتري لا نعطيه إلا ما يحصل به الكفاية فقط، وإن كان قد اشترى وثبتت الدراهم في ذمته فنوفي عنه.

    السائل: وإذا كان عنده أملاك يا شيخ مثلاً مزرعة أو ملك آخر، وعليه مبلغ مثلاً مائة ألف ريال؟

    الشيخ: يبيع من الملك ما يقضي به حاجته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768014226