أما بعد: فهذا هو اللقاء الرابع والخمسون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل أسبوع في يوم الخميس وهو اللقاء المعروف بـ (لقاء الباب المفتوح) وهذا اليوم الخميس هو التاسع من شهر محرم (1418هـ) حسب التقويم، وهو الثامن حسب الطريقة الشرعية التي بينها الرسول عليه الصلاة والسلام وهي أن الهلال إذا لم يمر علينا الثلاثين من الشهر الماضي فإنه محكم بتمام الشهر ثلاثين يوماً.
وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ أي: لموسعون أرجاءها؛ لأنها واسعة عظيمة محيطة بالأرض من كل جانب.
الأول: من خلق بلا أم ولا أب وهو آدم.
الثاني: من خلق من أب بلا أم وهي حواء.
الثالث: من خلق من أم بلا أب وهو عيسى.
الرابع: بقية البشر خلقوا من ذكر وأنثى.
من كل شيء خلق الله زوجين: اليبوسة والرطوبة، والحرارة والبرودة، واللين والقسوة، وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بذلك حكمة الله سبحانه وتعالى.
لعلكم تذكرون أي: بينا ذلك لكم لأجل أن تتذكروا وتتعظوا بآيات الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان كلما كان أعلم بآيات الله الكونية أو الشرعية كان أكثر اتعاظاً واعتباراً، ولهذا حث الله على النظر في الآيات الكونية فقال تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ [يونس:101]، وقال تعالى: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ [الروم:8] ومدح الله تعالى الذين يتفكرون في خلق السماوات والأرض في قوله: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:190-191] لهذا ينبغي للإنسان أن يتعظ ويتذكر ويتدبر آيات الله سبحانه وتعالى الكونية والشرعية.
فهو عليه الصلاة والسلام نذير من الله تعالى لعباده ينذر من خالف أمره بالعذاب، ومع هذا هو صلى الله عليه وسلم بشير، يبشر من آمن وأطاع بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] لكن الله تبارك وتعالى يذكر الإنذار فقط في مقام التهديد والوعيد، وهذه السورة كما ترون كلها فيها ذكر للأمم السابقين وما حل بهم من العقوبة بمخالفتهم أمر الله تبارك وتعالى.
إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ [الذاريات:51] والمعبود أنواع وأصناف:
فمن الناس من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد النجوم، ومنهم من يعبد الحيوان، ومنهم من يعبد الشجر، ومنهم من يعبد الحجر، ومنهم من يعبد المال؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط) فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الذي ليس له هم إلا المال فإنه عابد له حقيقة وإن كان لا يركع ولا يسجد له، لكن تعلقه في قلبه به واهتمامه به وكونه يرضى لحصوله ويسخط لمنعه لا شك أنه قد استولى على قلبه استيلاءً تاماً، لكن المعبود تختلف عبادته في الحكم؛ فإن كان يصرف له شيئاً من العبادة فهذا شرك أكبر، وإن كان لا يصرف له شيئاً من العبادة ولكنه يتعلق به القلب تعلقاً كاملاً حتى إنه ليدع الواجبات ويقع في المحرمات من أجل الحصول عليه، فهذه عبادة لا تخرج من الدين لكنها حقاً عبادة.
(إني لكم منه نذير مبين) كرر ذلك لأهمية الموضوع.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الاتعاظ والانتفاع بما سمعنا من آيات الله تعالى، إنه على كل شيء قدير.
الشيخ: صورياً.
السائل: صورياً حتى يعطيه الهاتف ويدخلونه عنده، وهذا يفعله بعض طلبة العلم وبعض الإخوان، فهل هذا جائز؟
الشيخ: جوابنا على هذا: أن هذا حرام ولا يجوز، وهو من الكذب والخيانة؛ وهو من الكذب لأنه كذب حيث ادعى أنه مستأجر، وهو من الخيانة لأنه خان الدولة ولبس عليهم، ثم إن الدولة إذا أعطت الرجل الذي لا يستحق حسب النظام حرمت رجلاً آخر يستحق حسب النظام فيكون في هذا أيضاً مفسدة ثالثة وهي: منع من هو أحق منه من الاستفادة من هذه الخدمة.
الشيخ: نقول: الوقف إذا كان عقاراً فإنه لا زكاة فيه؛ لأن هذا الوقف ليس ملكه تاماً، ولذلك لا يجوز للموقوف عليه أن يتصرف فيه بالبيع أو الهبة، بل ولا الرهن، وهذا لا إشكال فيه، لكن بقي إذا كان الوقف على جهة بر وله مغل كثير فهل في مغله زكاة؟
والجواب: لا ليس فيه زكاة لأنه ليس له مالك معين، ومن شروط وجوب الزكاة: أن يكون للمال مالك معين.
الشيخ: جوابنا على هذا: أنه لا ينبغي أن يعتاد الناس هذه الأشياء التي لا موجب لها شرعاً وهي كما ذكر السائل نفقات باهضة، ولعل هذا الذي ذكره السائل في بعض البلاد؛ لأن بلادنا لا نعلم فيها هذا الشيء، لكن لعل بعض البلاد يفعلون هذا فننصحهم ألا يرهقوا أنفسهم بهذه النفقات التي ليس لها سبب شرعي.
الشيخ: نعم يلزمه ضمانه، فمثلاً: لو فرض أن هناك إناء موقوفاً لمن ينتفع به، أو هناك برادة ماء في مسجد لمن ينتفع بها، فجاء شخص وأتلف ذلك فإن عليه الضمان بلا شك، وهو أيضاً آثم يجب عليه أن يتوب إلى الله مما صنع، ويضمن الشيء بمثله إذا كان مثلياً، وبقيمته إن كان متقاوماً.
الشيخ: نعم يقرأ؛ لأن هذا الذي دخل في الركعة الثالثة صارت الثالثة له هي الأولى فيستفتح ويقرأ الفاتحة، ويقرأ بعدها ما تيسر إذا تمكن من ذلك قبل أن يركع الإمام.
الشيخ: إذا تلاقى مسلم مع كافر فإنه لا يسلم عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام).
وإذا سلم الكافر على المسلم فإنه يجب عليه الرد، لكن إذا كان المسلم لا يدري هل قال الكافر: السام عليك يعني: الموت، أو قال: السلام عليك، فإنه يقول: وعليك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل الكتاب يسلمون يقولون: السام عليكم، فقولوا: وعليكم).
أما إذا قال المُسَلِّم الكافر: السلام عليك بلفظ صريح بين، فلا حرج أن يقول: عليك السلام، لكن لا يزيد، يعني مثلاً: سلم الكافر وقال: السلام عليك، وقلت: وعليك السلام، أو قلت: وعليكم، لا تزد تقل: أهلاً مرحباً؛ لأن هذا يجعله يفخر بنفسه.
السائل: والمصافحة؟
الشيخ: أما المصافحة فإن مد يده إليك فامدد يدك إليه وإلا فلا تبدؤهم بالمصافحة.
الشيخ: هذا يرجع إلى الوزارة إذا كانت تسمح بذلك إما مطلقاً وإما بشروط فعلى ما تقول الوزارة.
الشيخ: أنه ليس عليه شيء؛ لقول الله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
وسأقول لك قاعدة مفيدة في هذا: (جميع المحرمات في العبادات وغير العبادات إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه) فلو تكلم الإنسان وهو يصلي ناسياً فصلاته صحيحة، ولو أكل وهو صائم ناسياً فصيامه صحيح، وجميع المحرمات سواء كانت في العبادات أو خارج العبادات إذا فعلها الإنسان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت.
الشيخ: نعم له أجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن صوم عاشوراء فقال: (يكفر السنة التي قبلها) ولكن ننصحه ألا يفرد صوم عاشوراء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)، وقال: (لأن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) يعني: مع العاشر، وتوفي صلى الله عليه وسلم قبل أن يدركها.
قال العلماء: وصيام عاشوراء أقسام:
القسم الأول: أن يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر، فهذا أحسن شيء.
القسم الثاني: أن يصوم العاشر والحادي عشر، وهذا فيه الكفاية مطابق لما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده ).
القسم الثالث: أن يصوم التاسع والعاشر، وهذا أفضل، يعني: لو قال قائل: أصوم العاشر والحادي عشر أو التاسع والعاشر؟
قلنا: التاسع والعاشر أفضل، وهذه كلها جائزة وليس فيها كراهة.
القسم الرابع: وهو أن يفرده بالصوم، فهذا كرهه بعض العلماء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده ).
الشيخ: مذبوحاً؟
السائل: نعم ومأخوذاً بعد ذبحه لأنه وجد رأسه وأمعاءه، فذبح آخر مكانه فهل عمله هذا صحيح؟
الشيخ: نعم يجزئه، لأنه عينه على أنه هديه فذبح بعد التعيين وذبح الغاصب على القول الراجح تحل به الذبيحة، وعلى هذا فيكون شراءه للهدي بعد ذلك يكون على سبيل التطوع وجزاه الله خيراً، يعني: لو لم يذبح الهدي بدمه أجزأه لأنه ذُبح، أما لو أُخذ ولا يدري هل ذُبح أ م لا، فلابد أن يذبح بدله.
الشيخ: هو إذا كان قد نوى أن يصوم يوم عاشوراء ولكنه طرأ عليه سفر نقول: صم وأنت مسافر ما المانع؟ فإذا كان يقول: لا أستطيع أن أصوم وأنا مسافر، قلنا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً) ونرجو الله تبارك وتعالى أن يكتب له الأجر.
وأما سؤالك: هل العبرة بالتقويم أو العبرة بالطريق الشرعي؟ فالعبرة بالطريق الشرعي في العبادات حتى لو أن التقويم -مثلاً- على أن اليوم هو التاسع؛ لكنه ما رؤي ليلة الثلاثين من ذي الحجة يعني: ما رؤي الهلال فلا عبرة بالتقويم، ولهذا نقول: هذه السنة عاشوراء هو يوم السبت وتاسوعاء هو يوم الجمعة.
وإنني أقول لكم: أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم السبت إلا فيما افترض علينا، قال: (فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنبه أو لحاء شجر فليمضغه) وهذا الحديث اختلف العلماء رحمهم الله في ثبوته وفي معناه:
فمن العلماء من قال: إنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: النهي عن صوم يوم السبت، وممن قال بذلك: الإمام مالك رحمه الله، قال: هذا حديث كذب، فكذبه مالك .
ومن العلماء من قال: إنه لا يصل إلى درجة الكذب لكنه ضعيف لشذوذه، ووجه الشذوذ أن هناك أحاديث كثيرة تدل على صيام يوم السبت، منها: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لإحدى نسائه وهي جويرية وكانت قد صامت يوم الجمعة قال لها: (أصمت أمسِ؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري).
ومنها: أن قوماً تنازعوا في صيام يوم السبت فأرسلوا إلى أم سلمة رضي الله عنها يسألونها، فقالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من صوم يوم السبت والأحد).
الحديث الأول أخرجه البخاري وغيره، والثاني في السنن ، فيكون الحديث الذي فيه النهي في مقابلة هذه الأحاديث المثبتة لصوم يوم السبت يكون شاذاً والشاذ من أقسام الضعيف لا يعمل به.
ومن العلماء من قال: إنه يمكن الجمع بينهما فيقال: من قصد صيام يوم السبت لأنه يوم السبت؛ فهذا منهي عنه، ووجه النهي: أن يوم السبت هو يوم عيد اليهود، ويوم العيد في العادة يكون يوم ترك للعمل؛ لأن الأعياد لا يعمل فيها، والصائم في الغالب يحتاج إلى الراحة وترك العمل، فيكون في هذا نوع مشابهة لليهود، لكن هذا التعليل في الحقيقة عليل لأنه يرد عليه يوم الأحد فإنه عيد للنصارى ومع ذلك لم ينه عن صومه.
والإمام أحمد رحمه الله ضعف هذا الحديث، حيث ذكر أن يحيى بن سعيد كان يتقيه وكان يأبى أن يحدث به، وكون الإمام أحمد ذكر هذا عن يحيى بن سعيد يدل على أن الحديث ضعيف عنده.
فالآن عندنا طرق:
1/ حكم مالك عليه بأنه كذب.
2/ الحكم عليه بأنه شاذ وضعيف.
3/ ذكره أبو داود وهو أنه منسوخ، لكن هذا الثالث يتوقف فيه الإنسان؛ لأنه ليس هناك دليل على النسخ، والنسخ يحتاج علم بالتاريخ.
وأقرب ما يقال في ذلك: إن إفراده بالصوم مكروه، يعني: أن تصوم يوم السبت لأنه يوم السبت هذا مكروه، أما إذا صادف أنه يوم عاشوراء أو يوم عرفة أو صادف عادة لك بحيث تكون ممن يصوم يوماً ويدع يوماً ووافق يوم السبت يوم صومك، فلا بأس فيه، أو صادف يوم السبت أيام البيض، أو أيام الست من شوال، أو قرنت معه غيره كالجمعة أو الأحد، فكل هذا لا بأس به.
الشيخ: السنة هذه؟
السائل: كل سنة تقريباً يعملون ولائم يسمونها ذبيحة للحجاج أو فرحة بالحجاج أو سلامة الحجاج، وقد تكون هذه اللحوم من لحوم الأضاحي أو لحوم ذبائح جديدة، ويصاحبها نوع من التبذير، فما رأي فضيلتكم من الناحية الشرعية ومن الناحية الاجتماعية؟
الشيخ: هذا لا بأس به، لا بأس بإكرام الحجاج عند قدومهم؛ لأن هذا يدل على الاحتفاء بهم ويشجعهم أيضاً على الحج، لكن التبذير الذي أشرت إليه والإسراف هو الذي ينهى عنه؛ لأن الإسراف منهي عنه سواء بهذه المناسبة أو غيرها قال الله تبارك وتعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141]، وقال تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء:27] لكن إذا كانت وليمة مناسبة على قدر الحاضرين أو تزيد قليلاً فهذا لا بأس به من الناحية الشرعية ومن الناحية الاجتماعية، وهذا لعله يكون في القرى أما في المدن فهو مفقود، ونرى كثيراً من الناس يأتون من الحج ولا يقام لهم ولائم لكن في القرى الصغيرة هذه قد توجد ولا بأس به، وأهل القرى عندهم كرم ولا يحب أحدهم أن يُقَصِّر على الآخر.
الشيخ: حكم هذا أنه قول بلا علم، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
لكن لا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لما حضنه من حضنه كعمه أنزل الله له بركة، ولكن هذا يظهر أنه خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام، أما غيره فلا ينبغي أن تنسب الحوادث الفلكية إلى شخص معين؛ لأننا لو أخذنا بهذه القاعدة ثم جاء إنسان وحصل في مجيئه عواصف من الرياح أو قواصف من الصواعق هل نقول: هذا من شؤم فلان؟ لا، لا يجوز أن نقول هكذا، لكن لو أنه صادف أن شخصاً قدم البلد وجاء المطر فلا حرج أن نقول: هذا من نعمة الله عز وجل أنه لقدومك حصل المطر، لكن لابد لقدومك، ففرق بين من يجعل قدومه هو السبب للمطر وبين من يرى أن هذا من نعمة الله عز وجل أن أنزل المطر لقدومه.
الشيخ: لا، هذا لا بأس به، مثل قول الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35] لكن قضية أبي شريح فإنهم كانوا يكنونه أبا الحكم كناية مستقرة مستمرة من أجل هذا العمل، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يدفع ذرائع الشرك وأن يكنيه بأكبر أولاده وهو شريح .
الشيخ: أعرض علي الأشياء التي تفعل في هذا من أجل أن نعرف ما هو جائز أو ليس بجائز؟
الشيخ: يعني الإمام مسافر وأتم؟
السائل: إي نعم.
الشيخ: يلزم المأموم أن يتم تبعاً لإمامه، يعني: إذا صلى المسافر وراء إمام يتم لزمه الإتمام سواء كان هذا الإمام مسافراً أو مقيماً لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به)، وقوله: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما: عن الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإمام يصلي أربعاً؟ قال: [تلك هي السنة].
الشيخ: إذا كان مسافراً وأخر صلاة المغرب ليجمعها مع العشاء جمع تأخير ولكنه وصل إلى بلده قبل دخول وقت العشاء، فالواجب عليه أن يصلي المغرب في وقتها لأنه لوصوله إلى بلده انقطع السفر وزال المبيح للجمع، فيجب عليه أن يبادر فيصلي المغرب قبل خروج وقتها، وإذا دخل وقت العشاء صلاها.
الشيخ: إذا عمل الإنسان عملاً صالحاً وسأل الله القبول فهذا من تمامه، ألم تعلم أن إبراهيم وإسماعيل كانا يبنيان الكعبة ويقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:127] ونحن نعلم أن عملهما عمل صالح مبني على نية صالحة ومع ذلك يسألان الله القبول.
السائل: يعني يا شيخ! بعضهم يصل إلى درجة أنه يخشى ألا يقبل منه، فهل هناك موانع ..
الشيخ: نعم يخشى ألا يقبل منه؛ لأن الله يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27] ولا يدري عن نفسه هل هو متقٍ أم لا، والإنسان ربما يكون في قلبه شيء يسير من الرياء يحبط العمل، المهم أنه لا بأس أن يدعو الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً أن يسأل الله القبول.
الشيخ: لا إذا أوصى بثلث ماله فإنه يجب تقويم ما خلفه من حين موته ولا يجوز التأخير، وكونهم يؤخرون رجاء أن ترتفع أسعار العقارات هذا غلط؛ لأنه قد يظن الإنسان أن العقارات تزيد ثم هي تنقص، فالواجب إحصاء التركة من حين الموت حتى يعرف ما الذي فيه الوصية.
الشيخ: رأينا أن الإنسان إذا كان عنده شاة أو بعير أو بقرة وأيس منها إن كانت مريضة فلا بأس أن يقتلها ويدعها، وإن كانت غير مريضة فالواجب عليه أن يذبحها ويتصدق بها، وقولي: إنها غير مريضة يعني مثل أن تسقط من عالي وتنكسر رقبتها ويبادر بذبحها فهذه يجب عليه أن يذبحها ذكاة شرعية وأما قوله: لا ندعها للشيطان، فهذا شيء معروف عند العامة ولكن لا أعلم له أصلاً.
الشيخ: يؤمر بالصلاة ولا يصلي؟
السائل: نعم. هل يجالس ويزار.
الشيخ: الرجل الذي لا يصلي أبداً لا في المسجد ولا في البيت ينصح ويخوف بالله فإن اهتدى فهذا هو المطلوب؛ وإن لم يهتدِ وجب رفعه إلى ولاة الأمور حتى يلزموه بالصلاة ويستتيبوه فإن تاب وإلا وجب قتله؛ لأنه مرتد والعياذ بالله.
أما بالنسبة لمعاملته فينبغي أن نهجره وألا ندعوه ولا نجيب دعوته؛ لأنه مرتد.
الشيخ: لا، يجب أن يصوم الشهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه) وهذا النذر شكر لله عز وجل على النعمة التي حصلت له، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر لأن الإنسان ينذر دائماً ثم يندم ويشق عليه أن يوفي بنذره فيأثم، ألم تر إلى قول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ... [التوبة:75-77] والعياذ بالله، فالنذر أصلاً منهي عنه ومكروه، وإذا كان نذر طاعة وجب على الإنسان أن يوفي به.
وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر