أما بعد:
فهذا هو اللقاء الخامس والسبعون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل خميسٍ من كل أسبوع إلا أن يكون هناك مانع، وهذا الخميس هو الخامس عشر من شهر شوال عام (1418هـ).
نفتتح به لقاءاتنا بعد أن أمضينا صياماً وقياماً في شهر رمضان المبارك نسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا ومنكم، وأن يجعل ذلك تكفيراً لسيئاتنا وزيادة في حسناتنا، ورفعة في درجاتنا إنه على كل شيء قدير، ونسأله تبارك وتعالى أن يعيد أمثاله علينا وعلى الأمة الإسلامية ونحن أقوى ما نكون إيماناً وأحسن ما نكون عملاً، إنه على كل شيءٍ قدير.
في لقائنا هذا نتكلم يسيراً عن فتور بعض الناس عن الأعمال الصالحة إذا انقضى شهر رمضان.
والحقيقة أن شهر رمضان موسم والعادة في طبيعة الإنسان في هذه المواسم أن يزداد نشاطاً سواء كانت مواسم دينية أو دنيوية، وهذا شيءٌ جبل عليه الناس ولا يمكن الإنكار، لكن الشيء المهم ألا نعود إلى المعاصي بعد أن عملنا ما نسأل الله تعالى أن يجعله تكفيراً لسيئاتنا، ألا نعود إليها؛ لأن العود إلى المعصية بعد محو الذنوب أمرٌ شديد، فالواجب على المسلمين عموماً الواجب عليهم أن يتقوا الله تعالى في أنفسهم، وأن يقوموا بما أوجب الله عليهم بعد رمضان كما كانوا يقومون به في رمضان، وأن يدعوا ما حرم الله عليهم بعد رمضان كما كانوا يدعونه في رمضان، هذا هو الواجب؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل هذه المواسم تنشيطاً للهمم وحثاً على العمل لا أن العمل ينتهي بانتهائها، قال الله تبارك وتعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] أي: حتى يأتيك الموت، قال الحسن البصري رحمه الله: [إن الله لم يجعل للمؤمن عملاً ينقضي قبل الموت، ثم تلا هذه الآية: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]].
- إتباع رمضان بستة أيام من شوال فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).
وكذلك أيضاً: يشرع أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، فإن صيام ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صيام السنة كلها قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صوم ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ صوم الدهر كله).
وكذلك صيام أيام البيض خاصة، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر.
وكذلك صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع.
وكذلك الصوم الأفضل أن يصوم يوماً ويدع يوماً، فأفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويدع يوماً، وهذا أفضل من المحافظة على الإثنين والخميس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصيام صيام داود) وعلى هذا فلو صادف أن يكون صيامك يوم الأحد ويوم الثلاثاء وفطرك يوم الإثنين فإن هذا أفضل من أن تصوم يوم الإثنين، لكن يبقى النظر: هل إذا صادف يوم الإفطار يوم الإثنين هل نقول: صمه لأنه يوم الإثنين وإن اختلف صيام يوم وفطر يوم، أو نقول: الأفضل أن تمضي في صوم يومٍ وفطر يوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصيام صيام داود)، ولأن في ذلك راحة للبدن، والنبي صلى الله عليه وسلم حدد ذلك بعد أن رأى همة عبد الله بن عمرو بن العاص أن يصوم أكثر من ذلك لكنه لم يأذن له في أكثر من هذا، بل دله على الأفضل، الإنسان يتردد في هذا بمعنى: هل الأفضل إذا صادف يوم الإثنين يوم فطرك أن تصومه أو لا؟
والظاهر لي: أنه لا تصومه، ما دمت رتبت نفسك على أن تصوم يوماً وتفطر يوماً فهذا هو الخير وهو أفضل الصيام وفيه راحة للنفس.
أقول: لا يزال القيام مشروعاً والحمد لله، القيام لا ينتهي برمضان، وفي كل ليلة.
وهناك عباداتٌ أخرى سببٌ لتكفير السيئات ورفعة الدرجات ليست خاصة بالصيام أو القيام في رمضان، لذلك أسأل الله تعالى أن يعينني وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
ينبغي لنا أن ننتهز هذه الفرص قبل أن يفوت الأوان والإنسان لا يدري متى يفوت أوانه، كم من إنسان يمشي وسقط ميتاً، وكم من إنسانٍ على فراشه لم يوقظ إلا ميتاً، وكم من إنسان على طعامه لم يشبع حتى مات، وليس مع الإنسان وثيقة بأنه لا يموت إلا في وقتٍ معين.
فعلينا -أيها الإخوة- أن ننتهز الفرص ما دمنا في زمن الإمكان، والأمر سهل ولله الحمد، كل الإسلام من أوله إلى آخره كله يسير مسهل، قال الله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185] وقال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [المائدة:6] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين يسر ولم يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يبعث الناس: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) كله سهل، لكن لما كان الخير له موانع من قبل النفس ومن قبل الشيطان؛ شيطان الإنس وشيطان الجن صار ثقيلاً على النفوس، ولكن اقرأ قول الله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:6-7] واسأل الله تعالى أن ييسرك لليسرى، فإن الله تعالى قريبٌ مجيب.
وإلى هنا ينتهي هذا القول الموجز الذي أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم به، وننتقل إلى الأسئلة.
الجواب: أقول بارك الله فيك جوابي على هذا:
أولاً: الدواء أو المعالجة ليس أمراً مقطوعاً بنجاحه، أليس كذلك؟ حتى لو قال الأطباء: (99%) تنجح قد لا تنجح.
فأما ما يتعلق بالمريء فقد أجبتك عنه وأنا لا أزال على جوابي أن تدع الأمر، ما دامت العملية لا شك أنها فيها شيء من التصرف وجرح هذا الإنسان والنجاح قليل (8%)، فهذه ما أزال على إفتائي أن تدعها لله عز وجل، وإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يشفيها شفاها؛ لأنه هو الذي خلقها أولاً وهو قادر على أن يزيل ما بها من المرض.
أما إذا كان محاولة فتح المريء بدون عملية مثل أن يدخلوا فيه أنابيب أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي قد توسعه هذا لا بأس به؛ لأنه ليس فيه جرح ولا خطر.
أما ما يتعلق بالمعدة ..
السائل: هم يريدون أن يفتحوا على المعدة ويدخلون أنبوباً لكي يغذونها بالحليب.
الشيخ: أما فتح شيء في الجسد من أجل إيصال الحليب إلى المعدة فهذا إذا لم يكن فيه مضرة وأن هذا يجري إلى حد أن يحاولوا فتح المري فهذا إن شاء الله لا بأس به.
الجواب: نعم، بارك الله فيك! أقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر لنا ميزاناً قسطاً عدلاً: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) فإذا كان ذهاب هذا الرجل إلى البلد الأخرى من أجل أن يتمتع بهذا الزواج فقط فهذا زنا لا إشكال فيه؛ لأنه ذهب ليزني ويرجع.
وأما إذا كان حقيقة يريد أن يتفرج على ما في هذا الكون من مخلوقات الله عز وجل وطبائع الناس، ولا سيما إذا كان رجلاً له ذوق في هذه المسائل، ثم إنه هناك تزوج بنية أنه زواجٌ مطلق، فهذا لا بأس به.
وقد بلغني مع الأسف: أن بعض الشباب الآن الذي ليس على استقامة حميدة يذهب إلى البلاد الأخرى ليتزوج بنية الطلاق، وهذا كما قلت لكم أولاً: هذا زنا لا إشكال فيه، وينبغي أننا حتى لو قلنا: بجواز زواج الإنسان المسافر الغريب بنية الطلاق لو قلنا به لا ينبغي أن نفتي به فتوى عامة من أجل منع هذا المحذور وهو أن يسافر من أجل أن يتزوج، والعلماء رحمهم الله الذين حكوا الخلاف في هذه المسألة قالوا: إن فرض هذا في غريبٍ تغرب لغير هذا؛ لغير النكاح إما لتجارة، أو لطلب علم، أو ما أشبه ذلك، قالوا: فإذا اشتدت عليه العزوبة فلا بأس أن يتزوج بنية الطلاق.
الجواب: أولاً نقول: إذا صح ما ذكرته من أن تكلفة هذه المزرعة أكثر من إنتاجها فلنسأل: هل الإنسان يتوقع أن زيادة النفقة ستستمر؟ أو لأنه في إنشائها وبدايتها تكون أكثر؟
إن كان الأول: فإننا نرى ألا يستمر؛ لأن استمراره في هذه الحال يعني إضاعة المال، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
أما إذا كان يرجو فيما بعد أن يكون الإنتاج أكثر من الإنفاق فليستمر؛ لأن كل شيء في بدايته يكون صعباً ويحتاج إلى نفقاتٍ كثيرة، ثم إذا استقر صار الإنتاج أكثر، فحينئذٍ نقول: استمر وعليك أن تزكي حتى وإن كان ما أنفقته على هذه المزرعة أكثر من الإنتاج بأضعافٍ مضاعفة، عليك أن تزكي الثمر؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يرسل السعاة ليقبضوا الزكاة من أصحاب المواشي وأصحاب الثمار دون أن يسألهم: هل عليكم ديون تقابل هذا أو لا؟ ولأن حاجة الفقير وطمع الفقير يتعلق بما يشاهد ويظهر فلا يمكن أن تمنع زكاة فعليه الزكاة، لكن كيف يزكي؟ نقول أولاً: زكِ هذا الثمر زكاة ثمار، والواجب في زكاة الثمار إما العشر إن كان يسقى بلا مئونة، وإما نصف العشر، فإذا زكيت هذا عند حصاده وأخذت الدراهم فزكِ هذه الدراهم إذا حال عليها الحول، وفي الدراهم ربع العشر.
السائل: لكن النقطة الثانية أنه قديم بحوالي خمس عشرة سنة، لكن ليس دائماً أحياناً يربح قليلاً وأحياناً يتقابل.
الشيخ: ليس لنا تعلق في ربحه أو خسارته، هذه ثمار أخرجها الله لك وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة:267] فليزكِ، فإذا قال: أنا لم أزك فيما مضى ولا أدري، نقول: الأمر واسع والحمد لله تحر وحاسب نفسك محاسبة دقيقة وإذا زدت فهو خيرٌ لك.
السائل: هل أزكي عن السابق؟!
الشيخ: نعم. زكِ عن السابق، إن كان واجباً عليك فقد أديته، وإن كان زائداً على الواجب فهو خير.
الجواب: أولاً: أرجو ألا يكون ما سمعته حقيقة من أن إخوانها خببوها على زوجها؛ لأن تخبيب المرأة على زوجها من أكبر الآثام -والعياذ بالله- وصاحبه معرضٌ لمقت الله وغضب الله، فالواجب عليهم إن كان حقاً أن يتوبوا إلى الله، وأن يحببوا المرأة إلى زوجها بدلاً من أن يخببوها عليه، وينصحوها، ويذكروا محاسن الزوج، ويبينوا لها عقوبة المرأة إذا نشزت، هذا أولاً.
ثانياً: بالنسبة للمرأة أنصحها أن تعود إلى بيتها وإلى طاعتها، وأبلغها ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح، وكان الذي في السماء عليها ساخط) فلترجع إلى زوجها وتدخل بيت الطاعة.
أما بالنسبة لزوجها فلا أدري هل هناك سبب منه يقتضي أن تنفر منه أم لا؟
فإن كان كذلك فالواجب عليه أن يعاملها ويعتذر إليها مما جرى منه، وإن لم يكن منه سبب فالواجب عليها هي أن تعود، ويا حبذا لو يتدخل أحدٌ من أهل الخير في الإصلاح بينهما.
الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن من قام عن التشهد الأول سواء في رمضان أو في غير رمضان حتى انتصب قائماً فإنه لا يجوز أن يرجع؛ لأنه انتقل إلى الركن الذي يليه، فليستمر في صلاته ثم يسجد للسهو قبل السلام. وذلك يجب سواء كان إماماً أو منفرداً، أما المأموم فيجب أن يتابع إمامه، وأما إذا قام إلى زائدة كما لو قام إلى خامسة في العشاء أو الظهر أو العصر أو رابعة في المغرب أو ثالثة في الفجر فعليه أن يرجع متى ذكر، حتى لو كان قد قرأ الفاتحة حتى لو كان في الركوع يجب أن يرجع ويجلس ويتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو بعد السلام، ولا ينظر إلى أحد ولا يبالي بأحد، فهذا الإمام الذي سها عن التشهد الأول في صلاة العشاء حتى قام ثم نبه فرجع واحتج: بأنه يخشى أن يرتبك النساء، تأول لا شك، ومن أجل تأوله هذا نقول: إن صلاته صحيحة، ولكن نخبره بأن هذا التأول غير صحيح، وكان عليه أن يبقى في قيامه وبإمكانه أن يجهر بعض الشيء في قراءة الفاتحة، فإذا جهر في قراءة الفاتحة عرف النساء أنه قد قام وزال الإشكال، والجهر في هذه الحال للمصلحة لا بأس به، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام أحياناً يجهر بالآية في الصلاة السرية، فكذلك هنا نقول: اجهر في هذه الركعة الثالثة وإن كانت قراءتها سراً الأفضل لكن هنا من أجل الحاجة، فبلغ الإمام بهذا حتى لا يتكرر منه ذلك.
الجواب: العاطس إذا عطس أول مرة تقول: يرحمك الله، ويجيب بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم، والثانية مثلها، والثالثة مثلها، وفي الرابعة إذا كان قد شمته ثلاثاً من قبل فإنه يقول: عافاك الله إنك مزكوم، ولكن ماذا يقول العاطس؟
نقول قياساً على التحية حيث قال الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86] أن يقول العاطس: عافاك الله، أو: وإياك، أو: لك مثله.
الجواب: أولاً: لماذا اختاروا هذه البيوت الخربة القديمة؟
السائل: حتى يكونوا بعيدين عن الأحياء الجديدة وعن الناس.
الشيخ: هل هي في أطراف البلاد؟
السائل: إنها بيوتنا التي كنا نسكن فيها قديماً نحن وأجدادنا.
الشيخ: إذاً! داخل البلد.
أما الجواب عما ذكرت: فالحقيقة أن الشاب مع الأسف الشديد أصبح في فراغٍ تام، وأنت تعرف أن الفراغ من أعظم ما يكون سبباً للفساد كما قال الشاعر الحكيم:
إن الشباب والفراغ والجـدة مفسدة للمرء أي مفسدة |
فالذي ينبغي لهؤلاء الشباب أن يغتنموا أوقات شبابهم فيما يرضي الله عز وجل، إما بطلب علم، أو مذاكرة فيما بينهم، أو قراءة التفسير أو الحديث أو ما ينفع من الكتب المؤلفة، وأن يتجنبوا القيل والقال والغيبة والكلام البذيء ووصف النساء وما أشبه ذلك, وعليهم أيضاً أن يتجنبوا هذه المغريات التي تنشر في الفيديو أو في الدشوش أو في التلفزيون؛ لأنها -والله- السم النقاع الذي يفتك بخلق المرء أولاً، ثم بعقيدته ثانياً؛ لأنه إذا فسد الخلق فسد كل شيء، ولهذا قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] منهج سيئ، لا لمجرد الزنا ونيل الشهوة فقط، بل لأنه يحدث في قلب المرء انصراف عن الله تبارك وتعالى، واتجاهاً إلى أسباب سخطه وغضبه.
فنصيحتي لهؤلاء الشباب ألا يضيعوا شبابهم في مثل هذه الأمور المحرمة، وأن يفكر كل واحدٍ منهم ساعة من الزمن لماذا خلقت؟ وهل الدنيا مجرد لذات وشهوات؟ ثم ليقس نفسه حتى يعرف أن قلبه في وحشة، وأن هذا السرور بهذا اللهو ما هو إلا سرورٌ بدنيٌ ظاهريٌ فقط، لكن سرور القلب بذكر الله تعالى ومحبته وخوفه ورجائه هذا هو السرور الحقيقي فليفكر، ثم إن على هذا الشاب أن يتجنب مثل هؤلاء الأصحاب؛ فإن هؤلاء الأصحاب كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم جلساء السوء: (ومثل جليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة كريهة) فعلى الغيورين على أنفسهم الناصحين لهم أن يتجنبوا مصاحبة هؤلاء الأشرار، ونسأل الله السلامة.
ثم على أهليهم من أبٍ أو أخٍ كبير أو عم ملاحظتهم والتعرف على أحوالهم ومنعهم من خلطاء السوء؛ لأن كل رجلٍ راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته.
السائل: يا شيخ! لو يقترح على ولاة الأمر -وفقهم الله في هذه البلاد- ألا يؤجر هؤلاء إلا بموافقة ولي الأمر.
الشيخ: ولي أمرهم أو ولي الأمر العام؟
السائل نفسه: لا ولي الأمر العام قصدي لا يؤجر حتى يوافق ولي الأمر على هذا الشاب؛ لأن -يا شيخ- الغالب من يؤجر الآن أعمارهم خمس عشرة سنة وعشرين سنة! صغار في السن.
الشيخ: لا شك أن هذا من أسباب درء هذه المفسدة، وطريق سليم لمنعها.
الجواب: إذا جن زوج المرأة فلها الخيار إن شاءت أن تبقى معه، وإن شاءت طلبت الفسخ من القاضي وينظر القاضي في قضيتها، وإذا أمكن أن تصبر عليه وتحتسب الأجر إذا لم يكن عليها ضرر ولا خوف من الرجل الذي جن فهو أفضل وأولى.
أما طلاق المجنون فلا يقع؛ لأنه ليس له قصد.
الجواب: إذا أحرم الإنسان لحجٍ أو عمرة من غير الميقات الذي عينه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالإحرام لازم وصحيح والحج والعمرة صحيحان، لكن العلماء يقولون: إن إيقاع الإحرام من الميقات من واجبات الحج أو العمرة، وأن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة فعليه فدية يفدي بها ليجبر هذا النقص تذبح في مكة وتوزع على الفقراء ولا يأكل منها شيئاً، ثم إن لم يستطع فبعضهم قال: يصوم عشرة أيام، وبعضهم قال: لا شيء عليه، والصحيح: أنه لا شيء عليه إذا لم يستطع؛ لأنه ليس هناك دليل صحيح على أن من عجز عن فدية ترك الواجب أن يصوم عشرة أيام.
السائل: هل ذلك في العمرة فقط؟
الشيخ: العمرة والحج سواء فيها.
الجواب: التكبير للسجود من حين ما يهوي ويكملها قبل أن يصل إلى الأرض، وكذلك كل تكبيرات الانتقال الأفضل أن تكون بين الركنين سواء كيفية الركوع أو السجود أو القيام للسجود لا يبدأ قبل ولا ينهي بعد، يحرص على هذا، لكن لا يبدأ قبل، يبدأ من حين ينتقل، ثم إن تمكن من إكمال التكبير قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه وإلا فلا بأس أن يكمله بعد الوصول إلى الركن الذي يليه.
الشيخ: دخل المغرب يعني؟
السائل: إي نعم! ولما كان في الركعة الثالثة تذكر أنه في المغرب، وهل يضره؟
الجواب: أقول: لا تصح صلاة المغرب؛ لأنه نوى بها العشاء، فلو انتقل بعد أن ذكر أنه يصلي المغرب أنه يريد المغرب وجعلها مغرباً ما صحت، إذاً: لا تصح المغرب الآن؛ لأنه لم ينوها من أولها، ولا تصح العشاء لأنه انتقل منها، أي أبطلها، فعليه إعادة المغرب أولاً ثم العشاء.
الشيخ: يعني يؤجل الدخول؟
السائل: نعم، ولكنه استعجل ويتصل برسائل ويرسل صوراً شخصية لهذه الفتاة، فهل يجوز له هذا التصرف؟
الشيخ: بعد أن تم العقد؟
السائل: إي! بعد أن تم العقد.
الشيخ: لا بأس إذا عقد الإنسان على المرأة فهو زوجها، له أن يكلمها في الهاتف، وله أن يرسل إليها الرسائل، أما مسألة الصور ينبني على جواز تصوير هل يجوز أو لا يجوز، وأرى أنه لا يرسل الصور؛ لأنها قد رأت صورته بالأول وهو رأى صورتها بالأول فلا حاجة، اللهم إلا أن يصاب بحريق ويتغير وجهه ويرسل إليها الصورة يقول: لا تخافي الوجه لم يتغير، فهذا حاجة، وإلا فلا حاجة.
بقي أن يقال: هل له ألا يتصل بها، وقد شرط عليه ألا يدخل عليها إلا بعد سنة أو سنتين؟
الشيخ: الذي يظهر لي: أنه لا بأس أن يتصل بها لكن بدون جماع؛ لأنها زوجته، فإذا اتصل بها وتمتع بالجلوس معها وتقبيلها فلا بأس، لكن الجماع لا يجاب؛ لأن الجماع فيه خطر ويؤدي إلى سوء الظن، قد تحمل من هذا الجماع وتلد قبل وقت الدخول المحدد فتتهم المرأة، ولو صاح بأعلى صوته: أنه هو الذي جامعها وهذا الولد منه، لكان لا يقبل من الناس ولا يصدقون.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، ونسأل الله تعالى أن ينفع به.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر