إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [186]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا اللقاء تفسير آيات من سورة القمر، تحدث الشيخ من خلالها عن أخبار الأمم وماذا حل بهم نتيجة تكذيبهم لرسلهم وبالبينات التي جاءوا بها، فتوعدهم الله بالهزيمة فلم ينتهوا وعتوا وتكبروا فأهلكهم الله جميعاً، وتوعدهم بالعذاب الأليم يوم القيامة، ثم ذكر أحوالهم وهم في النار فضلاً عما سبق، فقد ذكر الله أن كل شيء مقدر من عنده سبحانه وتعالى وهو تحت أمره وإرادته.

    1.   

    تفسير آيات من سورة القمر

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء السادس والثمانون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس والعشرون من شهر جمادى الأولى عام (1419هـ) نبتدئ هذا اللقاء كما كنا نعتاد بتفسير شيءٍ من كلام رب العالمين عز وجل.

    انتهينا إلى قول الله جل وعلا: وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:41-42].

    تفسير قوله تعالى: (ولقد جاء آل فرعون النذر ...)

    الجملة مؤكدة بالقسم المقدر واللام وقد وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ [القمر:41] أي: قومه، وعلى رأسهم فرعون، كما أخبر الله تعالى في آياتٍ أخرى متعددة أنه أرسل موسى إلى فرعون وملئه.

    (جاءتهم النذر) النذر قيل: إنه بمعنى الإنذار، وهو التخويف، وقيل: إنه جمع نذير وهو كل ما ينذر به العبد، والمراد به الآيات التي جاء بها موسى، كما قال الله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ [الإسراء:101] وهذا الأخير هو الصحيح: أن النذر جمع نذير وليست بمعنى الإنذار، ويدل لهذا قوله: (كذبوا بآياتنا كلها) أي: بكل الآيات الدالة على صدق رسالة موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم كذبوا بها، وقالوا: إن موسى مجنون، وإنه ساحر، حتى إن فرعون من كبريائه قال: قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ [الشعراء:27].

    ولما كذبوا بالآيات أخذهم الله جل وعلا أخذ عزيزٍ مقتدر، (عزيز) أي: غالب (مقتدر) أي: قادر، ولكنها أبلغ من كلمة قادر لما فيها من زيادة الحروف، وكما قيل: (إن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى) وهذا في الغالب وليس دائماً، وإنما ذكر الله تعالى أن أخذه إياهم أخذ عزيزٍ مقتدر؛ لأن فرعون كان متكبراً وكان يقول: (أنا ربكم الأعلى) وكان يسخر من موسى وممن أرسله، فناسب أن يذكر الله تعالى أخذه أخذ عزيزٍ مقتدر، وهو الله عز وجل.

    وقد أجمل الله تعالى هذه القصة في هذه الآية، ولكنه بينها في آياتٍ كثيرة، وأن أخذهم كان بإغراقهم في البحر، فأغرقه الله عز وجل بمثل ما كان يفتخر به؛ لأنه كان يقول لقومه: يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف:51] يقررهم بهذا، وسيقولون: بلى أَفَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ [الزخرف:51-52] يعني بذلك موسى، أغرقهم الله باليم حين جمع فرعون جنوده واتبع موسى ومن اتبعه ليقضي عليهم، ولكن الله بحمده وعزته قضى عليه.

    تفسير قوله تعالى: (أكفاركم خيرٌ من أولئكم)

    قال تعالى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ [القمر:43] الخطاب هنا لقريش، أي: هل كفاركم خيرٌ من هذه الأمم السابقة التي أهلكها الله، أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [القمر:43] يعني: أم لكم براءة في الكتب أن الله تعالى مبرئكم من عاقبة أفعالكم؟ ما الجواب؟ لا هذا ولا هذا.

    إما أن يكون كفارهم خيرٌ من الكفار السابقين، وإما أن يكون لهم براءة من الله عز وجل كتبها الله لهم ألا نعاقبكم، وكل هذا لم يكن، فليس كفارهم خيراً من الكفار السابقين وليس لهم براءة في الزبر.

    تفسير قوله تعالى: (أم يقولون نحن جميع منتصر)

    ثم بين الله أن لهم دعوة ثالثة: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ [القمر:44] و(أم) هنا بمعنى بل الإضرابية، وهي إضراب الانتقام، يعني: (بل يقولون نحن) والضمير لقريش (جميع منتصر) جميعٌ هنا بمعنى جمع، ولهذا قال: منتصر ولم يقل منتصرون، يعني: جمع كثير منتصر على محمدٍ وقومه، هذا معنى كلامه، فأعجبوا بأنفسهم وظنوا أنهم قادرون على القضاء على محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    فماذا كان جوابهم من الله؟

    تفسير قوله تعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر...)

    قال الله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر:45] (يهزم) أي: يخذلون شر خذيلة، ويولون الدبر، ولا يستطيعون المقاومة ولا المدافعة ولا المهاجرة، مع أنهم كانوا يقولون: (نحن جميع منتصر) ولكن لا انتصار لهم، وهذا هو الذي وقع ولله الحمد، وأول ما وقع في غزوة بدر حين اجتمع رؤساؤهم وكبراؤهم وصناديدهم في نحو ما بين تسعمائة إلى ألف رجل في مقابل ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهزموا -ولله الحمد- شر هزيمة وتحدثت بهم الأخبار، وألقي أربعة وعشرون نفراً من رؤسائهم في قليبٍ من قُلُب بدر خبيثة منتنة، وهذا شر هزيمة ولا شك، ولذا قال: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) هذه عقوبتهم في الدنيا، وفي الآخرة قال تعالى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ [القمر:46] يعني: أضف إلى ذلك أن الساعة موعدهم: وهو يوم البعث وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ [القمر:46] أي: أشد فتكاً وأمر مذاقاً؛ لأن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا.

    تفسير قوله تعالى: (إن المجرمين في ضلال وسعر)

    ثم قال الله عز وجل مبيناً ماذا يحدث لهم ولأمثالهم: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [القمر:47] الضلال في الدنيا، أي: لا يهتدون، والسعر في الآخرة، أي: في نارٍ شديدة التأجج تحرقهم، كلما نضجت جلودهم بدلهم الله جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب، ويحتمل أن قوله: (في ضلال) أي: في ضلالٍ عن الطريق الذي يهتدون به إلى الجنة؛ لأنهم ضلوا في الدنيا فضلوا في الآخرة.

    تفسير قوله تعالى: (يوم يسحبون في النار على وجوههم ...)

    قال تعالى: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ [القمر:48] يسحبون سحباً كما تسحب الجيفة ليبعد بها عن المنازل، ولا يسحبون على ظهورهم، بل على وجوههم والعياذ بالله، ويقال: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48] ولقد قال الله تعالى في آيةٍ أخرى: أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:24] الذي كان يتقي في الدنيا الحر بيديه لوقاية وجهه، لكنه في النار ليس له ما يقي وجهه النار، بل يتقي بوجهه -نسأل الله العافية- أي: ليس له وقاية تقي وجهه من حر النار، فهم يسحبون في النار على وجوههم.

    هذه -يا إخواني- ليست أساطير الأولين، وليست قصصاً تقال، هذه حقيقة نشهد بها -والله- كأننا نراها رأي العين، لابد أن يكون هذا، لكل مجرم (يوم يسحبون في النار على وجوههم) والساحب: هم الملائكة الموكلون بهم؛ لأن للنار ملائكة موكلين بها، ويقال: (ذوقوا مس سقر).

    انظر يا أخي! إلى الإذلال الجسدي والقلبي، الجسدي: هو أنهم يسحبون على وجوههم، والقلبي: أنهم يوبخون ويقال: (ذوقوا مس سقر) أي: صلاها، وسقر من أسماء النار -نسأل الله العافية لنا ولكم-.

    تفسير قوله تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)

    قال جل وعلا: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] لما ذكر عذاب أهل النار، ثم سيذكر نعيم أهل الجنة ذكر بينهما أن هذا الخلق وتفاوته بقدر الله عز وجل، فكل شيءٍ مخلوق فهو بقدر، وكل ذرةٍ في رملة فهي مخلوقة بقدر، وكل نقطةٍ تقع على الأرض من السحاب فهي مخلوقة بقدر، وكل شيء: تعم ما سوى الخالق؛ لأنه ما ثم إلا مخلوق وخالق، فإذا كان كل شيءٍ مخلوقاً كان الخالق وحده الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس) العجز: يعني تكاسل الإنسان، والكيس: يعني حزم الإنسان ونشاطه في طلب ما ينفعه والبعد عما يضر.

    وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الإنسان مخلوقٌ لله تعالى، وأن أفعاله مخلوقة لله، وأن كل شيءٍ قد قدر وانتهى، وإذا كان كذلك فلمن يلجأ الإنسان إذا أصابته الضراء؟ إلى الله الخالق، وإذا أراد السراء أيضاً يلتجئ إلى الله الخالق، لا يفخرنّ ويعجبنّ بنفسه لما حصل له المطلوب، ولا يبأس إذا أصابه مكروب، فالأمر بيد الله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف) القوي في إيمانه، القوي في إرادته وهمته ونشاطه، وليس المراد القوي في بدنه، قوة البدن إما لك وإما عليك، إن استعملتها في العمل الصالح فهي لك، وإن عجزت عنه مع فعلك إياه في حال القوة كتب لك، وإن استعملت هذه القوة في معصية الله كانت عليك، لكن المراد بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (القوي) أي: في إيمانه وإرادته، أما قوة البدن فهي إما لك أو عليك، قال: (وفي كلٍ خير) في كل من القوي والضعيف خير، وهذه الجملة يسميها علماء البلاغة جملة احترازية؛ لأنه لما قال: (المؤمن القوي خيرٌ من المؤمن الضعيف) يظن الظان أن المؤمن الضعيف ليس فيه خير فقال: (وفي كلٍ خير) ولها نظائر، قال الله تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ [الحديد:10] يعني: من قبل صلح الحديبية قال تعالى: أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ [الحديد:10] كلاً من هؤلاء وهؤلاء، يعني: فلا تظنوا أن هذا التفاوت يحط من قدر الآخرين ويحرمهم الخير، وقال تعالى: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [النساء:95] فهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) فإذا فعلت ذلك حرصت على ما ينفع واستعنت بالله، وكنت حازماً نشيطاً قوياً في مرادك، قال: (فإن أصابك شيء فلا تقل: لو إني فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله -يعني: هذا قدر الله- وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) أنت عليك أن تسعى للخير، وليس عليك أن يتم لك ما تريد، المهم أن كل شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس، فمن قدر الله له الهداية فبالقدر، ومن قدر له الشقاء فهو بقدر، ولكن ما السبب لتقدير الله الشقاء على العبد؟ هو نفس العمل لقول الله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [الصف:5].

    تفسير قوله تعالى: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر)

    قال تعالى: وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ [القمر:50] أي: ما أمرنا فيما نريد أن يكون (إلا واحدة) أي: مرة واحدة بدون تكرار كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر:50] بدون تأخر، سبحان الله! أمر الله عز وجل واحد لا تكرار، وبسرعة فورية أسرع ما يمكن أن يكون كلمحٍ بالبصر (كن فيكون) واشتهر بين العوام أنهم يقولون: (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا خطأ، ليس أمر الله بين الكاف والنون، بل بعد الكاف والنون؛ لأن الله قال: كُنْ فَيَكُونُ [البقرة:117] متى؟ بعد كن، فقولهم: بين الكاف والنون خطأ، يعني: ما تم الأمر بين الكاف والنون، لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون، لكنه بعد الكاف والنون فوراً كلمحٍ بالبصر، وإن شئت أن ترى عجائب ذلك فانظر إلى الزلازل تصيب مئات القرى، أو آلاف القرى وبلحظةٍ واحدة تعدمها، ولو جاءت المعاول و(الدركترات) والقنابل ما فعلت مثل فعل لحظة واحدة من أمر الله عز وجل، واسأل الخبراء بالزلازل تجد الجواب.

    انظر إلى ما هو أعظم من ذلك، الموتى في قبورهم والحشرات والحيوانات، وكل الأشياء، تبعث يوم القيامة بكلمةٍ واحدة كما قال جل وعلا: إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:53] أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يحضر إلى الخير (صيحة واحدة) فقط (فإذا هم جميعٌ كلهم لدينا) أي: عندنا (محضرون) فصدق الله عز وجل وعده، وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر:50] مثل لمح البصر.

    ثم قال عز وجل: وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:51] نقف على هذه الآيات الكريمة ونسأل الله تعالى أن يجعل القرآن لنا ولكم شافعاً عنده يوم القيامة، وأن يكون قائدنا إلى جناته إنه على كل شيءٍ قدير.

    الله.. الله.. أيها الإخوة! بالقرآن العظيم، لتَفَهُّم معناه والعمل به، فإنه الشفاء لما في الصدور، والموعظة للمؤمنين، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57].

    1.   

    الأسئلة

    حكم تحية المسجد بعد الأذان الثاني من الفجر

    السؤال: فضيلة الشيخ! جزاك الله خيراً في صلاة الصبح بعد الأذان الثاني، هل يجوز للشخص أن يصلي تحية المسجد أم يصلي الرغيبة فقط؟

    الجواب: إذا دخل المسجد بعد أذان الفجر وأراد أن يصلي، إن كان في الوقت متسع فإنه يصلي تحية المسجد أولاً، ثم الراتبة، وإن كان ليس في الوقت متسع فإنه يصلي الراتبة وتغني عن تحية المسجد، هذا هو القول الراجح، بناءً على أن وقت النهي لا يكون إلا بعد صلاة الفجر، أما على قول بعض العلماء يقولون: إن النهي يدخل من حين طلوع الفجر فإنهم لا يسمحون لك بتحية المسجد، ويقولون: انوها راتبة؛ لأنهم لا يسمحون بالنفل بعد دخول وقت النهي ولو كان له سبب، لكن القول الراجح ما ذكرناه أولاً، وإن اقتصر على الراتبة مع سعة الوقت فلا بأس.

    مداخلة: ما المراد بالرغيبة يا شيخ؟!

    الشيخ: يريد الرغيبة، يعني: الراتبة، هم يسمون الراتبة الرغيبة، وهذه لغة إفريقية الظاهر.

    حكم الحركة في الصلاة لمصلحة الصلاة

    السؤال: إذا صلى شخصان جماعة ثم جاء شخص ثالث، فتقدم الإمام أو تأخر المأموم قبل أن يكبر للصلاة، فهل يؤثر هذا على صلاة الشخصين؟

    الجواب: لا يؤثر أبداً إذا دخل الرجل ووجد اثنين يصليان جماعة وأراد أن يصلي معهم، فإنه يدخل معهم، فإن شاء قدم الإمام وصف إلى جنب المأموم وإن شاء أخر المأموم وبقي الإمام في مكانه سواءً قبل أن يكبر أو بعده، بل قبل أن يكبر أولى؛ ليتفادى الحركة في الصلاة التي ليس لها داعٍ.

    الأرحام الذين تجب صلتهم

    السؤال: فضيلة الشيخ! صلة أرحام الإنسان هل هم الأعمام والأخوال فقط؟

    الجواب: لا، الأرحام الذين تجب صلتهم من تجتمع بهم في الجد الرابع، هؤلاء هم الأرحام، حتى القرابة من جهة الأم تجب صلتهم كما تجب صلة الأم، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم من بر الوالدة أن تصل أقاربها.

    حكم بيع ما لم يُملك

    السؤال: رجل يعمل في التجارة لكن عنده أشياء لا يقدر أن يؤمنها، مثلاً عنده مبالغ، ويأتي شخص يطلبها من منطقة ثانية وهو يأتي بها، ويحضر له المبلغ وصاحب المحل يأتي له بهذا الطلب، فما رأيكم في هذا؟

    الشيخ: يعني: إنه يشتري بضاعة من بلد آخر.

    السائل: من بلد آخر، ويحضرها له عن طريق هذا المحل، ولكن يقدم المبلغ ويأتي له بعد يوم أو يومين بهذا الطلب.

    الشيخ: يعني: أتيت إلى رجل صاحب دكان، وقلت: أريد السلعة الفلانية، قال: ليست عندي، لكني أحضرها لك من بلدٍ آخر، وأعطاه الثمن مقدماً، فلا بأس على أن يكون صاحب الدكان وكيلاً له، يعني: يشتري له من البلد الآخر، وأما أن يشتريها من صاحب الدكان مباشرة وهي لم تصل إليه فلا يجوز.

    لكن لنفرض أنك صاحب الدكان وأنا أحتاج السلعة الفلانية وليست عندك، بعتها عليَّ على إنك ستجلبها من البلد الآخر، فهذا لا يجوز؛ لأنك بعت ما لا تملك، ولا تدري ربما تبيعها عليَّ بمائة وتكون قيمتها في البلد الآخر قد ارتفعت وبلغت مائتين، أو تبيعها عليَّ بمائة بناءً على أنها بخمسين، ثم تقول: نزلت إلى ثلاثين، هذا لا يجوز، أما إذا قلت: أنت وكيلي اشتر لي من البلد الفلاني ولك أجرة المثل، فهذا لا بأس به، فتشتريها من هناك على أنها نصيبـي، وإذا حضرت سلمتني إياها وأعطيتك عليها أجرة الوكالة.

    السائل: يعني الأجرة لا آخذها إلا بعدما تحضر السلعة؟

    الشيخ: نعم، وأيضاً لا تبع عليه، تقول: أنا -والله- ما عندي، لكن أخبرنا أناس أن في البلد الآخر هذه السلعة، فأقول لك: إذاً أنت وكيلي اشترها لي ولك أجرة المثل.

    السائل: لكن إذا كنت وكيل شركة معتمدة، والسلعة نفسها التي تبيعها هذه الشركة -مثلاً- في المدينة أو في أي مكان أنا أبيعها بالسعر نفسه، لكن أنا أحضرها فقط؟

    الجواب: لا بأس إذا كنت وكيلاً للشركة، فلا بأس أن تبيع باسم الشركة.

    السائل: يا شيخ! المسألة السابقة ألا تكون من باب السلم؟

    الجواب: لا، السلم لابد أن يكون مؤجلاً لأجلٍ معلوم له وقع في الثمن.

    حكم ميراث المال الذي اختلط بربا

    السؤال: رجل ورث مالاً من أبيه، وهذا المال قد اختلط به الربا وغير الربا، يعني: والده كان يعمل في التجارة، فما حكم ميراث هذا المال؟

    الجواب: لا بأس به، يرثه حلالاً له؛ لأننا لا نعلم أن أحداً من المسلمين قال: إنه يجب على الورثة أن يبحثوا كيف اكتسب مورثهم هذا المال، نعم إذا علمنا أن في هذا المال شيئاً مسروقاً، فهنا يجب علينا أن نرد المسروق إلى صاحبه إن علمناه أو نتصدق به تخلصاً منه، أما الكسب فالكسب إثمه على الكاسب لا على الوارث.

    حكم من أدرك جماعة يصلون المغرب وهو لم يصل العصر

    السؤال: يا شيخ! إذا دخل شخص في جماعة وهم يصلون المغرب وهو لم يصل العصر هل يدخل معهم بنية العصر أو يصلي معهم المغرب ثم يصلي العصر؟

    الجواب: لا. يدخل معهم بنية العصر؛ لأن القول الراجح أن اختلاف النية بين الإمام والمأموم لا يؤثر، فهو يدخل بنية العصر وإذا سلم الإمام من المغرب يقوم فيأتي بالرابعة إن كان دخل مع الإمام في أول الصلاة.

    أجر التسبيح والتحميد والتكبير عقب الصلوات

    السؤال: جزاك الله خيراً يا شيخ! من أنواع التسبيح المعروف بعد الصلاة، عشر سبحان الله، وعشر الحمد لله، وعشر الله أكبر، وورد في الحديث أنها مائة وخمسون بالعدد، وألف وخمسمائة بالثواب والأجر، فهل الخمس الصلوات محصورة في اليوم نفسه أم في الصلوات الخمس القادمة؟

    الجواب: ظاهر الحديث إذا فعلها في اليوم كله: 30×5= 150.

    كيفية صلاة من أدرك قوماً يصلون العشاء وهو لم يصل المغرب

    السؤال: يا شيخ! لو دخل المأموم خلف إمام يصلي العشاء أو يصلي المغرب، ماذا يفعل؟

    الجواب: إذا دخل مع الإمام الذي يصلي العشاء وهو يريد صلاة المغرب، إن دخل معه في الثانية سلم معه؛ لأنه صلى ثلاثاً، وإن دخل معه في الثالثة أتى بعده بركعة، وإن دخل معه في الأولى فإن الإمام إذا قام إلى الرابعة في صلاة العشاء يجلس وهو ناوٍ الانفراد فيتشهد ويسلم، ثم يدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، هذا هو القول الراجح، ومن العلماء من قال: يصلي المغرب أولاً ثم يدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، لكن القول الأول أحسن؛ لئلا ينفرد الإنسان عن الجماعة.

    السائل: لو قدم وصلى العشاء؟

    الجواب: لو قدم إن كان جاهلاً فلا شيء عليه، وإن كان عالماً فلا يجوز؛ لأنه إذا فعل هذا فقد أخل بالترتيب، وهنا لا حاجة للإخلال بالترتيب؛ لأنه يستطيع أن يصلي المغرب ويفعل كما ذكرت لك.

    تفسير (الفتح) في قوله تعالى: (من قبل الفتح وقاتل)

    السؤال: يا شيخ! جزاك الله خيراً! الآية: مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ [الحديد:10] فتح مكة أم صلح الحديبية؟

    الجواب: لا، المراد بذلك صلح الحديبية، كما جاء ذلك في الحديث، فإنه في الحقيقة فتح، أولاً: لأنه كان في مقدمة الفتح؛ لأن الفتح مبنيٌ على الصلح، وفتح مكة مبني على الصلح.

    ثانياً: أنه سمي فتحاً؛ لأن الناس صار بعضهم يداخل بعضاً، وانقطع التقاطع الذي بين قريش وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، وإنما كان سبباً للفتح الأعظم؛ لأن سببه -يعني الفتح الأعظم- أن قريشاً نقضت العهد الذي بينها وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلح الحديبية، حيث أعانت حلفاءها على حلفاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فنقضت العهد، فصار الفتح الأعظم.

    حكم التأخر عن الجماعة من أجل إنكار المنكر

    السؤال: أنا أريد أن أنكر المنكر ودائماً أتأخر عن الجماعة هل عليَّ شيء؟

    الجواب: إذا كنت ملزماً بهذا من قبل ولاة الأمر فليس عليك شيء.

    السائل: مثل صلاة المغرب أحياناً أتأخر عشر دقائق أو ربع ساعة.

    الشيخ: أجبتك أنا، إذا كنت من قبل ولي الأمر فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم انطلق برجالٍ معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الجماعة أو لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) فهنا ترك الجماعة التي أقامها هذا الرجل بأمره إلى المتخلفين، فإن كنت تعمل تبعاً لولي الأمر فلا بأس، أما إذا كنت ليس لك عمل وظيفي من ولي الأمر فلا تترك الصلاة من أجل أن تأمر الناس؛ لأنك إذا فعلت صار كالذي يحرق نفسه ليضيء للناس.

    وقت أذكار الصباح والمساء

    السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة لأذكار الصباح والمساء متى يكون أول وقتها وآخره؟

    الجواب: يسأل ويقول: متى تكون أذكار الصباح والمساء؟ فأسأله أنا: متى يكون المساء والصباح؟

    السائل: بداية الصباح من طلوع الفجر.

    الشيخ: إذاً من طلوع الفجر.

    السائل: لكن المساء يا شيخ؟!

    الشيخ: والمساء من بعد صلاة العصر، لكن ما ورد في كونه في الليل فهو في الليل، فآية الكرسي من قرأها في ليل لابد أن تكون في الليل، والأمر في ذلك واسع والحمد لله.

    ما يبقى للزوج الأول من الطلقات بعد أن يتزوجها غيره...

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجلٌ طلق زوجته طلقتين وبعد الطلقة الثانية تزوجها رجلٌ آخر، فهل يهدم زواج الثاني الطلقتين السابقتين إذا راجعها الرجل الأول بعد الثاني؟

    الجواب: طلق رجلٌ امرأته مرتين ثم تزوجت بآخر، ثم طلقها الآخر أو مات عنها ثم عادت للأول، فهل تستأنف العدد من جديد، أو تبني على ما مضى؟

    فالجواب: أنها تبني على ما مضى، وليس للزوج الأول إلا طلقة واحدة في النكاح الجديد؛ وذلك لأن نكاح الزوج الثاني لم يؤثر شيئاً بخلاف ما إذا طلقها ثلاثاً، ثم تزوجت بآخر ودخل بها، ثم مات عنها أو طلقها فإنها تعود للأول على ثلاث طلقات يعني: من جديد؛ لأن نكاح الثاني أحلها للأول بعد أن كانت حراماً عليه، أما إذا كان قد طلقها مرتين فإن نكاح الثاني لم يحلها له؛ لأنها حلالٌ له سواء تزوجت أم لم تتزوج.

    الجهل الذي يعذر به صاحبه

    السؤال: فضيلة الشيخ! الجاهل هل يعذر في الشرك الأكبر؟

    الجواب: يعذر بكل شيء، لكن بشرط ألا يكون قد فرط في طلب الحق.

    والشرط الثاني: ألا يعرف نفسه أنه مشرك، أي: أنه لا ينتسب إلى الإسلام، ولذلك المشركون الآن مشركون لا شك، لكن الذين لم يبلغهم عن الإسلام شيء أو كانوا مسلمين ولكنهم مشركون ولا يدرون فهؤلاء معذورون.

    السائل: الشرط الثاني.

    الشيخ: الشرط الثاني: ألا يعرف نفسه أنه مشرك، فإذا عرف نفسه أنه مشرك فهو غير معذور.

    حكم كتابة مادة القرآن في المدارس

    السؤال: فضيلة الشيخ! نرى بعض المدرسين في الجامعة والمدارس يكتب في حصة القرآن مادة القرآن في السبورة وفي الجدول، ما حكم هذا؟

    الجواب: لا بأس به، يعني: كمادة القرآن، مادة الفقه، ليس فيها شيء، والمعني بالمادة هنا الحصة.

    حكم تسمية سنة الفجر بالرغيبة

    السؤال: فضيلة الشيخ! أحياناً نتوهم في معرفة بعض المصطلحات ككلمة الرغيبة التي سأل عنها الأخ، اصطلح عليها عندنا حسب المسمى الصحيح وهو سنة الفجر، فهل نتركها نمشي على هذا المصطلح، أو نأخذ بالكلمة الصحيحة وهي سنة الفجر؟

    الجواب: هو على كل حال إذا خاطبك الإنسان بلغته أجب عليه بلغته، لكن الأفضل أن تبقى الألفاظ الشرعية على ما كانت عليه، فيقال: سنة الفجر، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يغلبنكم الأعراب على صلاتكم العشاء فإنهم يدعونها العتمة) لأن الأعراب يعتمون بالإبل، وهي في كتاب الله العشاء، فنهى الرسول عليه الصلاة والسلام أن يغلبنا الأعراب على لغتنا مع أنهم عرب، لكن مع الأسف الآن أن المسلمين غلبتهم البربر والعجم على لغتهم، فصاروا الآن يتعاملون باللغة الإنجليزية عندنا، حتى بلغني أن بعض الناس من جهلهم في مجالسهم العادية يتكلمون باللغة الإنجليزية وهم عرب، وهذا يدل على الضعف الشخصي إلى أبعد الحدود، وعلى عدم الفقه في دين الله، وكان عمر رضي الله عنه من حرصه على اللغة العربية التي هي لغة القرآن والحديث يضرب من يتكلم بالفارسية أو بالأعجمية.

    المهم أن الرغيبة إن شاء الله من اليوم السائل يسميها سنة الفجر.

    حكم من سافر لإقامة الجمعة

    السؤال: هل يجوز -يا شيخ- للمقيم أن يسافر ويقيم الجمعة في بلد آخر؟

    الجواب: هل يجوز أن يذهب إلى بلدٍ لإقامة الجمعة فيه؟

    إن كان قصده تعظيم المكان فهو حرام؛ لأنه لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، أما إذا كان قصده الانتفاع بخطبة الخطيب؛ لأنها خطبة مفيدة فلا بأس، وهذا سافر للعلم، ولم يسافر للمسجد، ولهذا لو انتقل الخطيب إلى بلدٍ آخر تبعه.

    السائل: لكنه يسافر فيكون هو الخطيب نفسه؟

    الشيخ: ليس هناك بأس، هذا سفر لطلب العلم.

    معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أن تلد الأمة ربتها)

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أن تلد الأَمَة ربتها ...) في الحديث الطويل؟

    الجواب: المعنى: أن الأَمَة التي لا تملك شيئاً تلد امرأة تكون لها بمنزلة الرب، يعني: أن هذه البنت -بنت الأَمَة- تكون غنية حتى تكون بمنزلة ربة هذه في الغنى، فهو مناسبٌ تماماً لقوله: (وترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان).

    حكم تحديد مكان اللوح المحفوظ

    السؤال: قال صاحب تفسير الجلالين عند قول الله تعالى: فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:22] قال: هو في الهواء فوق السماء السابعة، هل يصح التحديد أو لا يصح؟

    الجواب: لا. مسألة هو في الهواء لا يجوز، ولا ندري هو في الهواء أو مستقرٍ على السماء، ثم إنا ننصح إخواننا شبابنا الطلبة ألا يتعمقوا في مسائل أمور الغيب؛ لأن أمور الغيب ليس لنا إلا ما علمنا، والباقي يجب السكوت عنه، هذه طريقة السلف.

    معنى حديث: (لا يبولن أحدكم في مستحمه ...)

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه أو يغتسل منه، فإن عامة الوسواس منه

    الجواب: المعنى: أن الإنسان لا يبول في المكان الذي يغتسل فيه أو يستحم؛ لأنه يتولد منه الوسواس، فيقول مثلاً: قد يكون أصاب ثوبي أو بدني، أو هل هو كذا، فيعطي له الوسواس؛ لأنه لن يتيقن أن النجاسة أصابته برشاش.

    السائل: يقصد الحمام الذي يريد الغسل فيه؟

    الشيخ: أما حماماتنا الآن فليس فيها إشكال؛ لأن حماماتنا الآن يبول الإنسان في الحوض، وهو محصور، وإذا استنجى طهر الحوض كما يطهر محل النجاسة من أعضائه.

    ما يجب على طالب العلم اتباعه إذا وجد في الحكم على الحديث اختلافاً

    السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة للطالب الذي لا يستطيع أن يجيد الحكم على الحديث من الصحة أو الضعف، ووجد أن المتقدمين قد اختلفوا في الحديث، ما الذي يتبع؟

    الجواب: أولاً إذا كان يعرف أيهم أتقن وأعلم يتبعه تقليداً للضرورة.

    ثانياً: يجب أن تعلم أن الحديث النبوي عليه نور، وله طلاوة وحلاوة، ربما أن الإنسان يحكم عليه وإن لم يعرف رواته، فإذا جاء اللفظ ركيكاً بعيد المعنى، فإنه يغلب على الظن أنه ليس من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن كان الراوي قد يكون غيَّره ورواه بالمعنى، لكن هذه من العلامات.

    كذلك من العلامات: أن يكون الحديث مخالفاً لما علم من قواعد الشريعة العامة، فأنت إذا رأيت أحدهم يحكم بأنه ضعيف وأنت ترجح ذلك لركاكة لفظه أو معناه أو مخالفته لقواعد الشريعة فاتبعه.

    كيفية الجمع بين قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة ...) وبين قول الرسول: (البكر بالبكر جلد مائة ونفي عام ...)

    السؤال: كيف نجمع بين أن حد الزانية البكر جلد مائة وتغريب عام وبين قول الله تعالى: وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً [النساء:15]؟

    الجواب: نجمع بينهما بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خذوا عني خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلاً) فبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله جعل لهن سبيلاً في قوله: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2] فتكون هذه الآية ناسخة لآية النساء، وإن شئت فقل: مبينة؛ لأن آية النساء ليس فيها جزم أن هذه هي العقوبة؛ لأن الله قال: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً [النساء:15] فجعل الله لهن سبيلاً.

    كيفية دفع الوسواس في الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! أحسن الله إليك! كيف يدافع الإنسان الوسوسة عنه في الصلاة؟

    الشيخ: يعني الهواجيس، أو الوسوسة هل كبر أو ما كبر؟

    السائل: لا. بل أن تذكر حاجة في الصلاة.

    الشيخ: يتفل عن يساره ثلاث مرات ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.

    مدى صحة وجود جثة فرعون الآن

    السؤال: فرعون الذي أغرقه الله يقولون: إنه الآن موجود في الآثار، وإنهم الآن يزورونه -أي: بمبلغ كذا- في الآثار، ومكتوب تحت تمثاله أظن اسمه رمسيس الثاني، ويقولون: إن هذا هو الذي أغرقه الله في اليم وأن الله جعله عبرة لمن بعده ويستدلون بالآية وهي: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً [يونس:92]؟

    الجواب: الذين خلفه هم بنو إسرائيل؛ لأن فرعون أرعب بني إسرائيل، وأقض مضاجعهم، وأرعب قلوبهم، ولو لم يروا بدنه هالكاً لكان قدَّر لهم كل تقدير، لقالوا: ربما أنه نجا، فإذا رأوه بأعينهم عين اليقين تأكدوا ذلك، أتظن أن فرعون يبقى ببدنه وبنو إسرائيل يرثون أرضه ويجعلونه متحفاً؟ أنا لا أقول لك: الناس.. أسألك عقلياً، هل يمكن هذا؟ لو أنهم تمكنوا من بدنه لقطعوه إرباً إربا، وهذا كله كذب، لكن مع الأسف الآن الدول الإسلامية صارت تحتفل أو تفخر بفرعون، على زعمهم أنه فرعون موسى عليه الصلاة والسلام يفخرون به، وما نظير ذلك من بعض الوجوه إلا فخر النصارى بالصليب الذي صلب عليه عيسى عليه الصلاة والسلام بعد أن قتل، وكان على النصارى لو كانوا يعقلون أنهم إذا رأوا الصليب كسروه، لكن الجهل.

    المهم أن تعتقد أن هذا الرجل ليس فرعون موسى، لكنه فرعون من الفراعنة أو تمثال مصنوع باليد، نسأل الله أن يجيرنا من فرعون وقومه وطريقه، وأن يهدي أصحابنا لما فيه الخير والصلاح.

    حكم قول: (يسير عليك الرحمن) و(يزورك الرحمن)

    السؤال: هذا يقول: ما حكم قول: (يسير عليك الرحمن) و(يزورك الرحمن)؟

    الجواب: حرام، هذا لا يجوز ولا يعقل، الرحمن يؤتى إليه عز وجل، ويأتي لمن يأتي إليه، (من أتاني يمشي أتيته هرولة) هكذا جاء في الحديث الصحيح، أما يزورك الرحمن فمن أنت؟ هل أنت الرحمن الذي تزور؟! -هو يعني نفسه- لا يجوز هذا، ويجب أن ينهى عنه.

    والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768034184