إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [205]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا اللقاء تفسير آيات من سورة الواقعة تتمة لما سبق من اللقاءات في تفسير سورة الواقعة، مع بيان بعض دقائق هذه الآيات، وإشارة لما قد يلتبس على الإنسان من معانيها.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الواقعة

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا اللقاء هو الخامس بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الخامس من شهر صفر عام (1420هـ).

    تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم بمواقع النجوم)

    نبتدئ هذا اللقاء كما هي العادة بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل، وقد انتهينا في اللقاء الماضي إلى قول الله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ [الواقعة:75-76] يخبر الله تبارك وتعالى أنه يقسم بمواقع النجوم، و(لا) في قوله: فَلا أُقْسِمُ [الواقعة:75] للتنبيه والتوكيد، وليست للنفي؛ لأن المراد إثبات القسم وليس نفيه، وهذا كقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:1]، وقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [القيامة:1]، وقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء:65] وأمثال ذلك، يؤتى بـ (لا) بصورة النفي، ولكن المراد بذلك التوكيد والتنبيه، والقسم: تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّمٍ بأدوات مخصوصة، وهي: الواو، والباء، والتاء، وقوله: بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [الواقعة:75] اختلف فيها العلماء رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المراد بذلك أوقات نزول القرآن، أي: أن القرآن نزل مفرقاً، والشيء المفرق يسمى منجماً، كما يقال في الدين المقسط على سنوات أو أشهر، يقال: إنه دين منجم.

    وقيل المراد بمواقع النجوم: مواقع الطلوع والغروب، لأن مواقع غروبها إيذان بالنهار، ومواقع طلوعها إيذان بالليل، وتعاقب الليل والنهار من آيات الله العظيمة الكبيرة، من آيات الله العظيمة التي لا يقدر عليها إلا الله عز وجل، فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.

    وقيل: المراد بمواقع النجوم: الأنواء، وكانوا في الجاهلية يعظمونها، حتى كانوا يقولون: إن المطر ينزل بالنوء، ويقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا.

    والمهم أن الله تعالى أقسم بمواقع النجوم على أمر من أعظم الأمور وهو قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة:77] لكن الله بين عظم هذا القسم قبل أن يبين المقسم عليه، فقال: وإنه لقسم عظيم، وأتى بالجملة الاعتراضية في قوله: لو تعلمون، إشارة إلى أنه يجب أن نتفطن لهذا القسم وعظمته حتى نكون ذوي علم به.

    تفسير قوله تعالى: (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم)

    قال تعالى: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة:76-77] أي: أن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم لقرآن كريم، والكرم يراد به: الحسن والبهاء والجمال، كما في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن وأمره أن يبين للناس أن عليهم زكاة في أموالهم، قال: (إياك وكرائم أموالهم) (كرائم) جمع كريمة، والمراد بها: الشاة الحسنة الجميلة.

    وهو كريم: يعني القرآن كريم في ثوابه، فالحرف بحسنة، والحسنة بعشرة أمثالها.

    وهو كريم في آثاره على القلوب وصلاحها، فإن قراءة القرآن تلين القلوب، وتوجب الخشوع لله عز وجل.

    وكريم في آثاره بدعوة الناس إلى شريعة الله، كما قال تعالى: فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً [الفرقان:52] فالمهم أن القرآن كريم بكل معنى الكرم.

    قال تعالى: فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:78-79] اختلف العلماء في الكتاب المكنون، فقيل: إنه اللوح المحفوظ، لقوله تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [البروج:21-22].

    وقيل: المراد به الكتب التي بأيدي الملائكة، كما قال تعالى: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ [عبس:12-16] وهذا القول رجحه ابن القيم رحمه الله في كتابه التبيان في أقسام القرآن أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة.

    وأكثر المفسرين على أن المراد به: اللوح المحفوظ. (لا يمسه) أي: لا يمس هذا الكتاب المكنون إلا المطهرون وهم الملائكة، طهرهم الله تعالى من الشرك والمعاصي ولهذا لا تقع من الملائكة معصية بل هم ممتثلون لأمر الله، قائمون به على ما أراد الله.

    وذهب بعض المفسرين إلى قول غريب حيث قالوا: المراد بقوله: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] أي: لا يمس القرآن إلا طاهر، ولكن هذا قول ضعيف لا تدل عليه الآية، لأنه لو كان المراد ذلك لقال: إلا المُطَّهِّرون -يعني: المتطهرين- ولكن قال: الْمُطَهَّرُونَ، أي: من قبل الله عز وجل، فهذا القول ضعيف، ولولا أنه يوجد في بعض التفاسير التي بأيدي الناس ما تعرضنا له، فإنه لا قيمة له، والصواب أن المراد بذلك الملائكة.

    فإن قلنا: إن المراد بالكتاب المكنون الصحف التي بأيديهم فواضح في قوله: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] وإذا قيل: المراد به اللوح المحفوظ، فكذلك الْمُطَهَّرُونَ قد يمسونه بأمر الله عز وجل، وقد لا يمسونه.

    تفسير قوله تعالى: (تنزيل من رب العالمين)

    قال تعالى: تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة:80] أي: هذا القرآن تنـزيل من رب العالمين، نزل من عند الله عز وجل، لأنه كلامه، وكلام الله تعالى منزل غير مخلوق.

    ويستفاد من هذه الآية الكريمة أن القرآن ليس بمخلوق، لأنه نزل من الله فهو كلامه، وكلامه من صفاته تعالى، وصفاته غير مخلوقه.

    وفي قوله: (تنـزيل من رب العالمين) إشارة إلى أنه يجب علينا أن نعمل به؛ لأن الذي أنزله هو الرب المطاع الخالق الرازق، الذي يجب أن نطيعه فيما أمر، وننتهي عما عنه نهى وزجر. تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ و(العالمين): كل من سوى الله، وسموا عالمين؛ لأنهم علم على خالقهم، فإن هذا الخلق إذا تأمله الإنسان دله على ما لله عز وجل من عظمة وسلطان ورحمة وغير ذلك من صفات.

    تفسير قوله تعالى: (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون)

    قال تعالى: أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ [الواقعة:81] أي: أبعد هذا البيان لعظمة القرآن الكريم تدهنون به؟ أي: تدهنون به الكفار، وتسكتون عن بيانه وعن العمل به، وهذا الاستفهام للإنكار، لأن الواجب على من آمن بأنه تنزيل من رب العالمين وأنه قرآن كريم، وأنه لا يمسه إلا المطهرون، الواجب أن يصارح ويصرح ولا يداهن، وقد قال الله تعالى في آية أخرى: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم:9] ولكن هذا ليس بحاصل، فالواجب على المؤمن أن يبرز بدينه ويفتخر به، ويظهر خلاف ما كان عليه، وكثير من الناس اليوم -مع الأسف- تجد الرجل منهم إذا قام يصلي يستحي أن يصلي، وربما يداهن ويؤخر الصلاة عن وقتها موافقةً لهؤلاء الذين لا يصلون، وهذا غلط عظيم، بل الواجب أن يكون الإنسان صريحاً فلا يداهن في دين الله عز وجل.

    تفسير قوله تعالى: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون)

    قال تعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة:82] أي: تجعلون عطاء الله إياكم تكذيباً له، كما قال عز وجل: يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا [النحل:83] ومن ذلك: أن ينسب الإنسان نعمة الله عز وجل إلى السبب متناسياً المسبب سبحانه وتعالى، كقوله: مطرنا بنوء كذا، فهو ينسب المطر إلى النوء لا إلى الخالق عز وجل، فهذا نوع من الشرك كما جاء ذلك صريحاً في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بهم صلاة الصبح ذات يوم في الحديبية وقد نزل مطر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر -انقسموا إلى قسمين: مؤمن وكافر- فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب).

    1.   

    الأسئلة

    حكم السفر للصلاة على الجنازة

    السؤال: هل يجوز السفر للصلاة على الجنازة؟

    الجواب: أما إذا كان الإنسان لو لم يحضر لفقد إما لقرابته القريبة من الميت أو غير ذلك، فيقال: لماذا لم يأت فلان، ويكون الجواب بينه وبين قريبه عداوة، فهنا يتعين الحضور درءاً لكلام الناس وخوضهم، وكذلك لو كان كبيراً يفقد في هذه الجنازة فإنه يحضر دفعاً لألسنة الناس وتشكيكات المنافقين، أما الرجل العادي فالأولى ألا يفعل، لأن ذلك لم يكن معهوداً من السلف الصالح رضي الله عنهم، فقد مات العظماء في المدينة ومكة وغيرها ولم يسافر أحد للصلاة عليهم، بل إني لا أعلم أن أحداً سافر إلى المدينة ليصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق، ولأن هذا يؤدي إلى نفقات لا داعي لها، ولأن هذا يؤدي إلى أن يتباهى الناس في هذا الشيء ويتباروا فيه ويتماروا، فلو قال: فلان لم يذهب إلى جنازة فلان، ويقول آخر: نعم لأنه ليس عنده بشيء، فيكون سبباً للتعاير بين الناس وعير بعضهم بعضاً، وما دام الأمر ليس معهوداً عن السلف ويحصل به مفاسد فتركه أولى، لكن التحريم: لا أستطيع أن أقول: إنه حرام؛ لأن التحريم يحتاج إلى دليل بين، أما السفر إلى القبور فهذا حرام، لأنه سفر يقصد به مكان معين لشرف هذا المكان حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز السفر إلى زيارة قبره.

    حكم الفتح على الإمام إذا أخطأ في القراءة

    السؤال: رجل يصلي السنة الراتبة في إحدى المساجد ثم جاءت جماعة وصلوا بجوراه فرضاً وذلك في الصلاة الجهرية ثم أخطأ الإمام في إحدى السور، ما موقف هذا الشخص الذي هو في السنة الراتبة، هل يرد عليه أم لا؟ ثم إنه سلم من سنته الراتبة وشرع بعد أن سلم هذا من السنة الراتبة وانتهى منها مع الجماعة الذين يصلون في السورة الثانية ثم أخطأ في نفس العملية، فما موقفه وهو يصلي وبعد أن انتهى من الصلاة، هل يرد عليه أم يتركه؟

    الجواب: إذا كان الخطأ يغير المعنى فالواجب أن يرد عليه؛ لأنه لا يجوز إقرار أحد على خطأ في كتاب الله عز وجل، وإن كان لا يغير المعنى فلا يلزمه، ولكن لما انتهى من الراتبة لم أفهم من السؤال أنه دخل معهم.

    هل دخل معهم أو أن هذه الراتبة بعدية؟

    السائل: هذه الراتبة بعدية.

    الشيخ: إذاً الجواب كما سمعت.

    كيفية الطهارة والصلاة لمن أصابه مرض غير عضوي

    السؤال: نشهد الله على محبتكم في الله، هناك امرأة كانت من خيرة النساء خلقاً وديناً؛ حيث تعلمت من أجل كتاب الله عز وجل، وبعد أن بلغت الخمسين أصابها مرض الخوف الشديد؛ حيث أنها تتخيل أشياء لا تُحَسُّ بالواقع وأصبحت تخاف من الوضوء ولا تتوضأ إنما تتعفر بالتراب، هل يصح لها ذلك؟ وأحياناً تؤخر الصلاة عن وقتها، فما رأي فضيلتكم بحال هذه المرأة؟

    الجواب: أولاً: أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وجعلنا وإياكم من أحباب الله، هذه المرأة لا شك أن الذي أصابها مرض، ولا يحل لها أن تتيمم مع قدرتها على استعمال الماء، والواجب أن تصبر وتصابر وتضغط على نفسها حتى تصلي بالماء؛ لأن هذا الذي يصيبها عند الوضوء بالماء ربما يكون من الشيطان حتى يمنعها من فعل الواجب، والواجب أن تصلي على حسب حالها سواءً كانت قائمة أو قاعدة أو مضطجعة، ولا تؤخرها عن وقتها إلا إذا كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها وكان ذلك أرفق بها فلا بأس أن تجمع، وعليها وزر؛ لأن هذا ليس عجزاً بدنياً، نقول: اتقوا الله ما استطعتم، هذا عجز فكري وتخيلات، وهي إذا عزمت واستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وكسرت هذه التخيلات انتفعت.

    حكم التبرع بالشي المحرم

    السؤال: نحن أبناؤك يا شيخ! من حفر الباطن أتينا نعزيكم ونعزي أنفسنا في سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز رحمه الله، والسؤال يا شيخ: جمعية من الجمعيات الخيرية يأتيها بعض المساعدات، ومن ضمن هذه المساعدات ملابس صالحة للاستخدام لكن في بعض هذه الملابس مخالفات شرعية كعباءة الكتف أو العباءة الفرنسية كما يسمونها، أو بعض الثياب التي لها فتحة من الإمام ومن الخلف، فهل يجوز -يا شيخ!- إيصال هذه الملابس بشكلها للمحتاجين أم لابد من إتلافها؟

    الجواب: أقول: عظم الله أجر الجميع في فقد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وأسأل الله تعالى أن يجعل في خلفه خيراً.

    أما بالنسبة لهذه الملابس فإن كان يمكن تعديلها حتى تكون صالحة للبس فهذا طيب، ويجب في هذه الحال أن تعدل إلى الوجه السليم الشرعي ثم يتصدق بها، وأما إذا كان لا يمكن فلا يجوز أن يتصدق بها؛ لأن التصدق بها ولبسها حرام وإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، وفي هذه الحال يجب على قابض هذه الألبسة أن ينصح من أتى بها؛ لأنه ربما يكون جاهلاً لا يدري، ويقول: يا أخي! هذه لا يتقرب بها إلى الله، إذ لا يتقرب إلى الله بمعصيته أبداً، والآن عليك أن تتلفها أو تنقضها وتخيطها على وجه سليم.

    السائل: قد تأتي يا شيخ بأكياس مغلقة؟

    الشيخ: إذا جاءت بأكياس مغلفة وأنت لا تدري من الذي جاء بها فاعمل بها كما ذكرت: إن أمكن تعديلها عدلها، وإن لم يمكن فأحرقها.

    حكم زكاة الحلي

    السؤال: نشهد الله على محبتك يا شيخ محمد ! ونحن من أبنائكم من أهل منطقة الرياض أتينا لزيارتكم -الله يحفظك-

    والسؤال في زكاة الذهب ما القول الصحيح فيها؟

    الجواب: يعني في الحلي أم في الذهب مطلقاً؟

    السائل: في الذهب.

    الشيخ: في الذهب مطلقاً لا إشكال أن فيه الزكاة بإجماع المسلمين، كالدنانير والتبر وقطع الذهب، هذه ليس فيها إشكال، فيها زكاة على كل حال سواء أعدها الإنسان للتجارة أو للقنية، الخلاف في الحلي المباح، والعلماء اختلفوا فيه على عدة أقوال، أرجحها وجوب الزكاة مطلقاً إذا بلغ النصاب، فإذا كان عند امرأة أسورة وخواتيم وخروص تبلغ النصاب وهو: خمسة وثمانون جراماً، وجب عليها زكاته كل عام، وتقدر قيمته عند أهل الخبرة والمعرفة بقيمة الذهب وتخرج ربع العشر، سواء كان هذا أكثر مما اشترته به أو أقل.

    فمثلاً: إذا كانت اشترت هذه الحلي من الذهب بعشرة آلاف وعند تمام الحول صار يساوي خمسة فالواجب زكاة خمسة فقط، وإذا اشترته بخمسة وصار عند تمام الحول يساوي عشرة فالواجب زكاة عشرة.

    حكم الطلاق ثلاثاً على يد القاضي

    السؤال: فضيلة الشيخ! تزوجت امرأة وهي الثانية منذ ما يقارب أربع سنوات، وقبل الزواج كما في العادات عندنا والتقاليد لا يسمحون أن تراها، في صباح اليوم التالي بعد ليلة الدخلة لاحظت أم البنت أن ابنتها غير طبيعية، وأنا لا أعرف من عاداتها شيئاً، فقالت أمها: إن البنت ليست طبيعية في عقلها وكذا، واستمرت على هذه الحالة تقريباً سنة عندي أعالجها، ذهبت بها إلى المستشفيات وإلى المشايخ أقرأ عليها ولكن لم تتحسن حالتها يا شيخ! فبعثتها إلى أهلها، وبعد سنة تقريباً أرسلت ورقة الطلاق، ذهبت إلى القاضي فقلت: يا شيخ! أنا أريد أن أطلق زوجتي لأنها مريضة لا أستفيد منها. فقال القاضي: طلقة واحدة؟ فقلت له: ثلاث طلقات، وعندما طلقتها جاءتني أخبار من عند أهلها أن البنت الآن أصبحت طبيعية، أي: ما عاد فيها شيء! هل يجوز مراجعة هذه المرأة أم لا؟

    الجواب: أولاً: بارك الله فيك سؤال القاضي: هل هي ثلاث أو واحدة غلط عظيم، وخطأ وقلة بصيرة منه، فلماذا يسأل: هل واحدة أو ثلاث؟! الواجب أن يكتب الطلاق، طلق زوجته فلانة ويسكت؛ لأن بعض الذين يطلقون الثلاث ويأتون بالسكوت يقولون: نحن طلقنا ثلاثاً لأن القاضي ألجأنا، وقال: طلق ثلاثاً، والعوام لا يدرون، وربما يأتي في شدة غضب، ويقول له: طلقت واحدة أو ثلاثاً؟ فيقول: ثلاثاً، فهذه نصيحة أوجهها للقضاة أن يتقوا الله عز وجل وألا يسأل الإنسان: ثلاثاً أو واحدة؟ كأنهم يخيرونه بين المحرم والمباح، لأن الطلاق الثلاث محرم، فالواجب أن يكتب الطلاق، يقول: طلق فلان زوجته فلانة ويكتفي ويسكت، أما بالنسبة للجواب الخاص فلا بد أن يحضر هو والزوجة ووليها حتى نفتيهم بما نرى في هذه المسألة.

    السائل: يعني أخبر والدها بأن يأتي إلى فضيلتكم؟

    الشيخ: لابد أن تأتي البنت ووليها.

    معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (في مصلاه)

    السؤال: فضيلة الشيخ! قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (ولا يزال في صلاة ما دام في مكانه الذي صلى فيه مالم يحدث) هل المقصود نفس المكان، أو المجال والأمر في ذلك أوسع بحيث يشمل المسجد والمصلى؟

    الجواب: الظاهر أنه أوسع، أي: سواء كان في نفس المكان المعين أو في المصلى كله، وإذا أمكن ألا يتجاوز مكانه الذي صلى فيه أول ما أتى فهو أحسن.

    مقاطعة صاحب المعصية

    السؤال: لي عم لديه مقهى ومحل تصوير ويشتغل في الحكومة، يعني: عنده راتب من الحكومة ولا أدري هل آتيه، وأنا أتيته وهجرني، فهل آكل من طعامه؟

    الجواب: يعني: تسأل هل يجوز أن تزوره وتأكل من طعامه أم لا؟

    أولاً: ننصح العم عن منع فتح المحلات للتصوير أو المطاعم أو التجارة الأخرى ما دام موظفاً؛ لأن الحكومة تمنع من اشتغال الموظف بأي شيء من التجارات، وأخبره عني بأن عمله هذا حرام، فإما أن يدع الوظيفة، وإما أن يدع الشغل.

    ثانياً: التصوير إذا كان يقتصر على التصوير المباح كتسويق التابعية والرخصة وما أشبهها فلا بأس، وأما أن يصور ما هب ودب فهذا لا يجوز؛ لأن بعض الناس يصور تصاوير يجعلها كما يقول: ذكرى، واقتناء الصور ولو للذكرى حرام، فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صور، أما بالنسبة لزيارتك إياه وأكلك من ماله فلا بأس، فإن النبي صلى الله عليه على آله وسلم كان يأكل من طعام اليهود، واليهود معروفون بأكل الربا وأكل السحت، وعمك إثمه على نفسه، وأنت ليس عليك منه أثم.

    السائل: قال لي يا شيخ عندما أتيته: لا أريدك ولا أريد أن تسلم علي، رفض أن يقابلني ويسلم علي، قال: لا تأتني ولا تسلم علي؟

    الشيخ: إذا منعك فأنت معذور، أما إذا كان لا يمنعك ولكن يكره أن تأتي.

    السائل: لا. هو يمنعني؟

    الشيخ: لكن يمنعك ألا تدخل؟

    السائل: يعني: هو يبين لي ألا أدخل، وأتيت مرة أسلم عليه فقال: لا تسلم علي.

    الشيخ: لا يضر، سلم عليه والله تعالى مقلب القلوب، ربما يقول لك الآن: لا تسلم علي ويفتح الله عليه ويمكنك من السلام عليه.

    معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (راجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم طلقها)

    السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة لحديث ابن عمر رضي الله عنه حين طلق زوجته، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لوالد عمر حين طلقها وهي حائض: (راجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم طلقها) فكيف يكون الطلاق السني، هل يكون بعد حيضة أو حيضتين بناءً على هذا الحديث؟

    الجواب: هذا الحديث يدل على أنه إذا طلقها في الحيض فإنه يشدد عليه، ويقال: لا تطلق في الطهر الذي يلي الحيضة الذي طلقت فيها حتى تحيض مرة ثانية ثم تطهر، لكن هذا ليس على سبيل الوجوب، لأن في بعض ألفاظ الحديث مرة: فليراجعها، ثم: ليطلقها طاهراً أو حاملاً ولا يفيد التكرار، لكن إذا رأى المفتي أو القاضي أن يشدد على هذا المطلق ويمنعه ويحبسه حتى تطهر من الحيضة الثانية فهو خير، وإلا فلو طلق بعد الطهر من الحيضة التي وقع فيها الطلاق فالطلاق ماضٍ.

    صورة من بيع التقسيط المحرم

    السؤال: بيع التقسيط للسيارت: تأتي سيارة لصاحب المعرض ثم يبيعها صاحب المعرض على شخص والشخص يقسطها على ثالث، صاحب السيارة التي اشتراها يبيعها ثم تعود إلى صاحب المعرض من جديد، وقد تعود إلى صاحب المعرض أكثر من مرة ومرتين، ما رأيك في هذا الموضوع؟

    الجواب: أرى أولاً: أن هذه المعاملة لا تجوز؛ أن يأتي شخص للتاجر، ويقول: أريد سيارة منك بالتقسيط، ثم يأمره التاجر بالذهاب إلى المعرض ويختار ما يشاء من السيارات، ثم يرجع إلى التاجر، ويقول: أختار السيارة الفلانية، فيشتريها التاجر من المعرض ثم يبيعها على هذا المحتاج، هذه حرام، ولا شك أنها حيلة؛ فإن التاجر بدل أن يعطي هذا الرجل قيمة السيارة نقداً، ويقول: قيمة السيارة عليك بكذا نقداً وعليك بأكثر إلى سنة، لا فرق بين هذا وبين أن يقول: اذهب واشترِ السيارة لي ثم أبيع عليك.

    واعلم أن المعاملات بالحيلة أشد إثماً من المعاملات الصريحة؛ لأن الذي يتحيل على محرم يكون قد فعل محرماً، ويكون قد خدع الإسلام وشابه اليهود، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) والمثل واضح، هذا رجل احتاج سيارة من معرض قيمتها خمسون ألف ريال، ثم ذهب إلى التاجر، وقال: إني احتجت إلى سيارة قيمتها خمسون ألف ريال أقرضني خمسين ألفاً مقسطة كل شهر أدفع ألفين، فأقرضه خمسين ألفاً نقداً مؤجلة كل شهر يدفع ألفي ريال، واشترى الرجل السيارة وذهب، هذه لا شك فيها أنها حرام لأن الدراهم بدراهم مع الفضل والتأخير، والفضل: الزيادة، أي فرق بين هذه الصورة وبين أن يقول التاجر: أشتري السيارة من أجلك بخمسين ألفاً نقداً وأعطيها المعرض ثم أبيعها لك بسبعين ألفاً مقسطة إلى ثلاث سنوات مثلاً؟! أي فرق بينهما في الصورة، لا فرق في الواقع، لا تجعلونا نلعب على الله عز وجل، لا فرق تماماً، بل هذه أخبث؛ لأن هذه حيلة على الربا, والأول رباً صريح، فاعل الربا الصريح يشعر بأنه أتى معصية ويخجل من الله عز وجل، ويحاول أن يتوب، وهذا الذي تحيل على الله يرى أنه في حل مما فعل، فلا يشعر بالخجل من الله عز وجل، ويستمر على ما هو عليه، ولا فرق بين الصورتين، ولا يغرنكم كثرة التعامل، وكثرة التعامل ليس بحجة؛ لأن الله يقول: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمْ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65]، ويقول عز وجل: وَلَنْ يَنفَعَكُمْ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الزخرف:39] فالمسألة واضحة جداً أنها حرام، حتى وإن أفتى بعض الناس بحلها فهو خطأ، والعاقل يعرف أيهما أعظم: هذه الحيلة أو حيلة اليهود الذين حرمت عليهم الشحوم فأذابوها أولاً، ثم باعوها وأكلوا ثمنها؟ الحيلة التي ذكرت لكم أشد من هذه الحيلة، لأن اليهود ما أكلوا الشحم بل ولا باعوا الشحم وإنما أذابوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه.

    إذاً.. البيع على هذا الوجه حرام ولا يجوز، حتى لو أكل الإنسان خفاف الإبل فلا يتعامل هذه المعاملة.

    حكم مس المصحف للمحدث

    السؤال: ما حكم مس المصحف للمحدث؟

    الجواب: الصحيح أنه حرام، وأنه لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف إلا من وراء حائل، لأن في حديث عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث مشهور بين العلماء تلقته الأمة بالقبول: (ألا يمس القرآن إلا طاهر) والطاهر هو الذي تطهر من الحدث، لقول الله تعالى حين ذكر آية الوضوء والتيمم: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة:6]، وأما قول من قال: إن المراد من قوله: إلا طاهر: إلا مؤمن، فهذا بعيد، لأن ألفاظ الشارع إذا قصد بها المؤمن قال: إلا مؤمن ولا يقول: إلا طاهر.

    ختم الرسالة بقوله: (ولكم خالص تحياتي) أو (خالص شكري)

    السؤال: بعض الخطابات في نهايتها يقول: ولكم خالص تحياتي أو خالص شكري، ما حكم هذه الكلمة؟

    الجواب: ليس فيها شيء؛ لأن المراد بخالص التحيات: التحيات الخالصة التي لا يشوبها رياء ولا سمعة، والله عز وجل قال: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، ويقول عز وجل: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61] ولا يشك الإنسان إذا قال: لكم خالص تحياتي، أنه يريد التحيات التي لا تصلح إلا لله عز وجل، كما في قوله: (التحيات لله والصلوات والطيبات) هذا لا يطرأ على باله أبداً، والكلمات التي اعتادها الناس ولم يطرأ على بالهم أنها من المحظور وهي بنفسها ليست محظورة لا ينبغي أن نؤولها على الشيء المحظور بل ندع الناس وما عرفوه باصطلاحهم.

    حكم الكتابة على القبور أو وضع أرقام عليها لمعرفتها

    السؤال: بعض المقابر يضعون على الجدر المحاذية للقبور حتى يعرف القبر الفلاني من قبر فلان، فما حكم هذا يا شيخ! هل هذا يفضي إلى شيء أشد من هذا؟

    الجواب: لا أظن أنه يفضي إلى شيء، لعل الذي كتب الرقم أقاربه يريدون أن يسلموا عليه، لكن إذا خشي أن يقع في مفسدة مثل أن يكون هذا الرجل صاحب مال تعظمه العامة به، أو صاحب علم، أو صاحب عبادة، فهنا يمنع، أما أنه رجل عادي ولا يعرفه إلا أقاربه فلا أرى في هذا بأساً.

    السائل: هذا يا شيخ! يوضع بصفة جماعية عندنا في الحضر، والمسئول يأمر الشخص المكلف بحفر القبور أن يرقم القبور؟

    الشيخ: أهو بالنصائب؟

    السائل: لا يا شيخ! دون النصائب.

    الشيخ: على الجدار؟ مثل أن يقول: قبر أبي في الصف الرابع في المكان بينه وبين الجدار خمسة قبور.

    السائل: نعم.

    الشيخ: هذا هو الذي تكلمت عنه، إذا كان رجلاً عادياً ولا يخشى أن يغلو الناس فيه فلا بأس.

    حكم التصوير بكاميرا الفيديو أو بالكاميرا الفوتوغرافية

    السؤال: بالنسبة للتصوير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المصورين) هل تدخل كاميرا الفيديو في هذا الحديث؟

    لا، لا يدخل في هذا الحديث ولا التصوير الفوتوغرافي، لأن المصور الفوتوغرافي لم يصور في الواقع؛ فهو ما خطط الوجه ولا العين ولا الأنف ولا الشفتين، غاية ما هنالك أنه سلط أضواء معينة تلتقط صورة هذا الشيء، الصورة التي كان عليها بخلق الله عز وجل، لكن اتخاذ الصور هو الذي فيه التفصيل، فهنا ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: التصوير التمثيلي الذي يكون مجسماً، هذا حرام على المصور وعلى المشتري؛ لأن هذا صور صورة يضاهي بها خلق الله عز وجل.

    القسم الثاني: الصورة باليد، تخطيط، بمعنى: أنه يصور شكل آدمي أو شكل ذئب أو سبع أو ما أشبه ذلك، هذه أيضاً حرام على القول الراجح، وإن كان بعض السلف خالف فيها، ولكن القول الراجح أنها حرام.

    القسم الثالث: الصورة الملتقطة، فهذه لا تدخل في الحديث أصلاً، لأن الملتقط ما صور، غاية ما هنالك أنه ضغط على زر معين فالتقط الشعاع هذه الصورة على الورقة، وهذا ليس معروفاً في عهد النبي عليه الصلاة والسلام حتى نقول: إنه يشمله اللفظ بالعموم، وإذا كنا نشك في دخوله في التصوير وهو لم يوجد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام فإن الإنسان لا يستطيع أن يقول: هذا الرجل ملعون، أو إن هؤلاء القوم ملعونون، صعب، فالدخول في التحذير بدون قرينة أو بدون علم لا ينبغي، والإنسان يجب أن يتورع عن تحريم الحلال، كما يجب أن يتورع عن تحليل الحرام، بل إن المتجرئ على تحريم الحلال أشد إثماً من المتجرئ على تحليل الحرام، وهذا مع الشك كما مع اليقين أو الظن هذا شيء واضح أنه يجب أن يتبع ما غلب على ظنه؛ لأن المحرم حكم ومنع، حكم وهو في جانب حق الله عز وجل غلط؛ لأن التحليل والتحريم والحكم إلى الله عز وجل، (منع): أي: منع الناس مما أحل الله لهم وهو لم يعلم أنه حرام، ولم يغلب على ظنه أنه حرام.

    من صور بيع التقسيط المحرم

    السؤال: التقسيط الآن المنتشر بين الناس أنه محرم، هل من توجيه إلى حِله، إذا كان التعامل مع التقسيط شرعياً؟

    الجواب: التقسيط الحلال: أن يأتي على من عنده السلعة، ويقول: بع لي هذه السلعة التي تساوي الآن مائة بمائة وخمسين مؤجلة إلى سنة أو سنتين مثلاً، هذا ليس فيه شيء؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلفون في الثمار السنة والسنتين، وأباح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك لهم، أما أنه يتحيل: يشتري التاجر السلعة وهو لا يريدها أبداً وإنما يريد الربا الذي فيها، فلا يجوز التحيل على محارم الله، وعلى هذا فنقول للأخ المحتاج: اذهب أنت بنفسك إلى صاحب المعرض، وقل له: بع علي السيارة، التي تبيعها الآن بخمسين بعها لي بستين إلى سنة، وخذ الاستمارة وارهن السيارة إذا كنت تخشى أن أتلاعب بها.

    التحايل على التأخير عن وقت الدوام الرسمي

    السؤال: ما رأيكم في بعض الموظفين الذين يأتون إلى دائرة أعمالهم في وقت متأخر ويكتبون وقت حضورهم في وقت مبكر من العمل في دفتر الحضور؟

    الجواب: أسألك: هل هذا صدق أو كذب؟

    السائل: كذب.

    الشيخ: هل هو من الأمانة أو الخيانة؟

    السائل: خيانة.

    الشيخ: هل الراتب الذي يأخذه كاملاً وهو ناقص في أداء عمله، هل يكون حلالاً أو بعضه حلال وبعضه حرام؟

    السائل: بعضه حرام.

    الشيخ: إذاً: هذا الذي كتب تضمن فعله ثلاث جنايات: الكذب، والخيانة، وأكل المال بالباطل.

    السائل: ولكن مع العلم بأن مدير العمل متفق على ذلك معهم جميعاً.

    الشيخ: مدير العمل إذا وافق على هذا فيجب أن يعزل لأنه خائن.. ظالم لنفسه وظالم للموظف وظالم للدولة، وظالم لكل شخص ينتسب إلى هذه الحكومة، لأنه سوف يأخذ من بيت المال الذي هو للجميع ويعطي هذا الرجل بلا حق، فيجب أن يعزل عن مكانه، وأرجو منك إذا كان هذا متحققاً أن تثبته ثم ترفع بهذا الأمر إلى من فوق هذا الرجل المباشر حتى يتخذ الإجراء اللازم في مثله، لا تتهاون بهذا، ارفع بهذا الرجل لعله يؤدب حتى يتأدب هو ويتأدب به غيره.

    النهي عن الكتابة على القبور

    السؤال: ما حكم النهي عن الكتابة على القبور ؟

    الجواب: بلى. النهي عن الكتابة عن القبور أولاً: هذا ليس كتابة، إنما هو أرقام.

    ثانياً: ليس على القبر إنما في جانب، بل في الجدار يمكن بينه وبين القبر مسافة.

    ثالثاً: المراد بالنهي عن الكتابة: الكتابة التي فيها التبجيل والتعظيم لهذا الميت، كما كانوا يفعلونه في الجاهلية بدليل: أنه نُهي أن يجصص القبر، وأن يكتب عليه، وأن يجلس عليه، فجمع بين التعظيم وبين الإهانة فالمراد بالكتابة المنهي عنها: الكتابة التي يقصد بها التعظيم والتبجيل لهذا الميت، أما كتابة يقصد بها الإعلان فقط فلا بأس.

    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768032187