إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [215]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإنفاق في سبيل الله من أعظم الأعمال الصالحة والتي تسبق الجهاد بالنفس في كثير من الآيات، ولقد مدح الله المنفقين قبل صلح الحديبية وقاتلوا وزادهم درجة على الذين جاءوا من بعدهم وأنفقوا وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى، في ظلال آيات سورة الحديد كان للشيخ بيان وتفسير لها وحث على الإنفاق في سبيل الله.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الحديد

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الخامس عشر بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو العشرون من شهر جمادى الثانية عام (1420هـ).

    نبتدئ هذا اللقاء بما ييسر الله عز وجل مما وقفنا عليه في تفسير القرآن الكريم، الذي أدعو فيه جميع المسلمين إلى أن يتدبروا كلام الله عز وجل؛ لأنه لا يمكن العمل بالقرآن إلا إذا فُهم معناه.

    تفسير قوله تعالى: (وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض)

    انتهينا إلى قول الله تعالى: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الحديد:10] يعني أي شيء يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله عز وجل، والمال ليس بباق لكم فإنكم سوف تخلّفونه، ولهذا قال: وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الحديد:10] وقد قال بعض أهل العلم: إن الشح بإنفاق المال سفه في العقل، لأن هذا المال إما أن يفنى في حياتك فتعدمه، وإما أن يبقى بعد موتك فيرثه أهل الخير فينفقونه ويكون أجر الإنفاق لهم، أو يرثه أهل شر فيستعينون به على معصية الله، فأنت خاسر على كل حال، وهنا يقول الله عز وجل: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [الحديد:10] فإنه لن يبقى هذا المال لكم بل سيورث وترجع الأمور كلها إلى الله تبارك وتعالى.

    تفسير قوله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل)

    قال تعالى: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10] أي: لا يكونون سواءً، الذي أنفق من قبل الفتح -والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية الذي جرى بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين قريش، وذلك في ذي القعدة من العام السادس من الهجرة- وسمي فتحاً لأنه صار فيه توسيع للمسلمين، وتوسيع أيضاً للمشركين، اختلط الناس بعضهم ببعض وأمن الناس بعضهم من بعض، حتى يسر الله عز وجل أن نقضت قريش العهد فكان من بعد ذلك الفتح الأعظم فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة في رمضان.

    تفسير قوله تعالى: (أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا...)

    قال الله عز وجل: أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10] وذلك لأن الأولين أنفقوا وقاتلوا وسبقوا إلى الإسلام، وكان الإسلام في حاجة لهم ولإنفاقهم فكانوا أفضل ممن أنفق من بعد وقاتل، والله سبحانه وتعالى يقضي بالعدل بين عباده، ولكن لما كان تفضيل السابقين قد يفهم منه ألا فضل للاحقين قال: وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] (كلاً) من الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، والذين أنفقوا من بعده وقاتلوا، وعدهم الله الحسنى، يعني: الجنة.

    تفسير قوله تعالى: (والله بما تعملون خبير)

    قال تعالى: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [الحديد:10] أي: عليم ببواطن أموركم كظواهرها لا يخفى عليه شيء، وإذا كان عالماً بها فسوف يجازي جل وعلا كل عامل بما عمل، قال الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8] والمراد بالفتح هنا صلح الحديبية ، والمراد بالحسنى: الجنة.

    إذاً.. كل الصحابة وعدهم الله تعالى الجنة، فنحن نشهد لكل الصحابة أنهم في الجنة، لكن لا نشهد لأحد بعينه إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    تفسير قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر كريم)

    ثم قال عز وجل حاثاً ومرغباً على الإنفاق في سبيله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:11] أي: أين الذين يقرضون الله قرضاً حسناً، أي: ينفقون فيما أمرهم بالإنفاق فيه، وأشار الله في هذا إلى شيئين: الإخلاص والمتابعة، الإخلاص في قوله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ [الحديد:11] أي: لا يريد سوى الله عز وجل، والمتابعة في قوله: حَسَناً [الحديد:11] لأن العمل الحسن ما كان موافقاً للشريعة الإسلامية، وهذان -أعني: الإخلاص والمتابعة- هما شرطان في كل عمل: أن يكون مخلصاً لله وأن يكون متابعاً فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    وصف الله تعالى الإنفاق في سبيله بالقرض تشبيهاً بالقرض الذي يقرضه الإنسان غيره؛ لأنك إذا أقرضت غيرك فإنك واثق من أنه سيرد عليك، وهكذا أيضاً العمل الصالح سيرد على الإنسان بلا شك، ولهذا قال: فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:11] المضاعفة هنا الزيادة، وقد بيَّن الله تبارك وتعالى قدرها في سورة البقرة، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة:261] فأنت إذا أنفقت درهماً، فإن جزاءه سبعمائة درهم ثواباً من عند الله عز وجل، والله فضله أكثر من عدله وأوسع، ورحمته سبقت غضبه، إذاً.. يضاعفه له إلى سبعمائة بل إلى أكثر، كما جاء في الحديث إلى أضعاف كثيرة وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ [الحديد:11] أي: حسن واسع وذلك فيما يجده في الجنة، ففيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

    تفسير قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات.... )

    ثم قال الله عز وجل: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الحديد:12] أي: اذكر للأمة يوم ترى أيها الإنسان المؤمنين والمؤمنات يوم القيامة يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يكون من الأمام ومن اليمين، أما من الأمام فلأجل أن يقتدي الإنسان به، لأن النور إذا كان أمام الإنسان تبعه، وأما عن اليمين فتكريماً لليمين، يكون بين أيديهم وبأيمانهم.

    وقوله: يَسْعَى نُورُهُمْ يفيد أن هذا النور على حسب الإيمان؛ لأن الحكم إذا علق بوصف كان قوياً بقوة ذلك الوصف وضعيفاً بضعفه.

    إذاً.. نورهم على حسب إيمانهم.

    قال تعالى: بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تقوله الملائكة لهم: (بشراكم) أي: ما تبشرون به (اليوم) يعني يوم القيامة جَنَّاتٌ وهذه الجنات فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ [الزخرف:71] فيها ما يشاءون كما قال الله عز وجل: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:35] وجمعها بأنها جنات متعددة متنوعة درجات مختلفة حسب قوة الإيمان والعمل.

    وقوله: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أي: تسير والأنهار جمع نهر، وقد بين الله تبارك وتعالى في سورة القتال أنها أربعة أنواع أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً [محمد:15] وهذه الأنهار لا تحتاج إلى حفر ساقية ولا إلى جدولة، تسير على سطح الأرض حيث شاء أهلها، قال ابن القيم رحمه الله:

    أنهارها من غير أخدود جرت      سبحان ممسكها عن الفيضانِ

    لا تذهب يميناً ولا شمالاً إلا حيث أراد أهلها، وقوله: مِنْ تَحْتِهَا إشارة إلى علو قصورها وأشجارها، يعني: تكون هذه الأنهار من تحت هذه القصور العالية والأشجار الرفيعة خَالِدِينَ فِيهَا أي: ماكثين فيها، وقد جاءت آيات متعددة بأن هذا المكث دائم، ليس فيه زوال ولا انقطاع ولا تغير ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (ذلك) المشار إليه ما وعدهم الله به، الجنات التي تجري من تحتها الأنهار (هو الفوز العظيم) (هو) ما يسميه العلماء ضمير فصل، وهو مفيد للتوكيد والاختصاص، أي: هذا الذي ذُكر هو الفوز العظيم، لأنه لا فوز مثله كما أنه لا فوز أعظم منه، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهله إنه على كل شيء قدير.

    1.   

    الأسئلة

    الأفضلية في الصلاة: إلى الصف الأيمن أم الأيسر؟

    السؤال: لو حضر الإنسان إلى الصلاة هل الأفضل أن يأتي في آخر الصف إلى اليمين أو في الروضة من اليسار؟

    الجواب: أولاً: كلمة (الروضة) هذه لا أصل لها، وقول العوام: إن الروضة ما كان خلف الإمام أو عن يمينه أو عن شماله وقريباً منه هذه لا أصل لها.

    سؤال الأخ يقول: هل الأفضل الأيمن مطلقاً أي: من الصف أو إذا بَعُدَ فاليسار أفضل منه إذا كان أقرب؟

    الجواب: اليسار أفضل إذا كان أقرب إلى الإمام، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: أتموا الأيمن فالأيمن، إنما قال: (أتموا الأول فالأول) ولذلك نقول في الأول والثاني: الأول أفضل من الثاني وإن كان الثاني خلف الإمام والأول في طرف الصف، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أن نكمل الأول فالأول، أما اليمين فلم يقل: أتموا الأيمن فالأيمن، ولو كان الأيمن أفضل مطلقاً لقال: أتموا الأيمن فالأيمن، وعلى هذا فنقول: إذا تقارب اليمين والشمال فاليمين أفضل، وإذا تساوى اليمين والشمال فاليمين أفضل، أما مع البعد فاليسار أفضل؛ وذلك لدنوه من الإمام، والدنو من الإمام معتبر شرعاً.

    ويدل لهذا أيضاً أن المسلمين كانوا في أول الأمر إذا كانوا ثلاثة يصفون صفاً واحداً، ويكون أحدهما عن يمين الإمام والثاني عن يساره، ثم نسخ هذا إلى أن يتقدم الإمام إذا كانوا ثلاثة، فدل هذا على أنه إذا تساوى اليمين والشمال فاليمين أفضل، وإلا فاليسار أفضل، لو كان اليمين أفضل مطلقاً لكان الثلاثة واقفون بحيث يكون الاثنان عن يمين الإمام، وهذه مسألة تخفى على كثير من طلاب العلم فضلاً عن العوام، في بعض المساجد تجد الصف الأيمن يكاد يتم والأيسر ما فيه إلا واحد أو اثنان وهذا غلط، هذا إذا قلنا بأن قوله: وسط الإمام ضعيف، أما إذا قلنا بأنه حسن فهي أصلاً لا يتنازع فيها اثنان، صار الأيمن أفضل إذا تساوى الأيمن والأيسر أو تقاربا فرق رجل أو رجلان، أما إذا كان الفرق بيناً فاليسار أفضل.

    حكم الملابس التي تظل في المغسلة أكثر من الفترة المشروط مكوثها عندهم

    السؤال: مغسلة ملابس فيها ملابس مضى عليها أكثر من شهرين ولا يعرف أصحابها، مع أنه من ضمن الشروط في الفاتورة أن المغسلة غير مسئولة عن الملابس التي يتركها أصحابها أكثر من شهرين، هل لصاحب المغسلة أخذها إما للاستعمال أو البيع أو التصدق بها، وإذا أخذها ثم طالب بها صاحبها بعد أن تصرف بها فهل يلزم رد ثمنها أم لا؟

    الجواب: إذا كان مشروطاً على صاحب الثياب أنه إذا تأخر لمدة شهرين فلا حق له فهو الذي تأخر، وإذا تمت الشهران إما أن يتصدق بها صاحب المغسلة إن وجد من يقبلها ويلبسها، أو يبيعها ويتصدق بثمنها، لكن أرى أن ينتظر بعد الشهرين عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً؛ لأنه ربما يكون صاحبها قد أقبل، ولكن تعطلت سيارته أو حصل له مرض فالأفضل أن ينتظر.

    حكم بيع وشراء الأقنعة المخيفة

    السؤال: هناك الآن أقنعة مخيفة على شكل صور تباع في المحلات يشتريها الناس ويلبسونها هل فيها شيء؟

    الجواب: أولاً: أرى أن هذه الأقنعة محرمة في بيعها وشرائها واقتنائها واستعمالها؛ لأنها مضيعة للمال ولا فائدة فيها إطلاقاً، وكل شيء لا فائدة فيه فبذل المال فيه محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن إضاعة المال.

    ثانياً: أنها مشوهة ترعب الصبيان وتخيفهم، وتبقى هذه الصورة المرعبة في مخيلة الصبي إلى أن يموت إلا أن يشاء الله، فلا أرى جوازها؛ بل أرى منعها، ولا يجوز للإنسان أن يشتريها، أو يبيعها، أو يقتنيها، أو يستعملها.

    حكم الهجرة من بلاد المسلمين إلى دول غربية كافرة

    السؤال: ما حكم الهجرة من بلاد المسلمين إلى دولة غربية أو كافرة؟

    الجواب: الهجرة بارك الله فيك هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وليس من بلد الإسلام إلى بلد الشرك، اللهم إلا أن يضطهد الإنسان في بلد الإسلام، ويمنع من إقامة شعائر دينه، ويكون في بلد الكفر يستطيع أن يقيم شعائر الدين وأن يدعو إلى الله عز وجل، فهنا انتقاله خير من بقائه، إلا إذا كان انتقاله يسبب ضرراً على الآخرين الملتزمين، يعني لو قلنا: ارتحلوا من هذه البلاد التي يضطهد فيها الملتزم ثم رحلوا واحداً واحداً بقيت البلاد على المفسدين، ففي هذا الحال نقول: اصبر وابق في بلدك وتساعد مع إخوانك في إصلاح الأمور بالتي هي أحسن.

    حتى أنا أرى ما دام بقاؤه فيه مصلحة للموجودين الإخوة الآخرين الملتزمين فليبق وإن شاء الله سوف يفرج الله له.

    حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع

    السؤال: هل ورد دليل ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه وضع يده اليمنى على اليسرى بعد القيام من الركوع؟

    الجواب: روى البخاري رحمه الله عن سهل بن سعد رحمه الله قال: (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى أو كفه اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) هكذا جاء في صحيح البخاري ويستثنى من هذا السجود؛ لأن اليدين على الأرض، ويستثنى من هذا الجلوس لأن اليدين على الفخذين، ويستثنى من هذا الركوع؛ لأن اليدين على الركبتين، وما بقي إلا القيام قبل الركوع وبعده، وهذا هو الدليل.

    حكم الزكاة في النخيل الذي في البيوت

    السؤال: ما حكم الزكاة إذا كان في بيتنا ثلاث نخيلات؟

    الجواب: النخل الذي في البيوت إن كان يبلغ النصاب ففيه الزكاة، وإن كان دون النصاب وليس للإنسان مثلاً استراحة أو بستان يضمها إليه فلا زكاة فيه.

    هل العبرة في سداد الديون القيمة أم المثلية؟

    السؤال: هل العبرة بسداد الديون في العملة: القيمة أم المثل؟ مثلاً استلفت ألف دينار أردني وهي تساوي بالسعودي خمسة آلاف ريال سعودي، هل إذا ارتفعت القيمة ونزلت أردها بنفسها؟

    الجواب: عليك دينار أردني، القرض على اسمه، ترد مثله زادت قيمته أو نقصت، كما لو استقرضت منك صاع بر فالواجب علي أن أرد صاع بر، استقرضت منك صاع رز، أرد عليك رزاً، لما استقرضته مني كان الصاع يساوي خمسة ريالات، ولما أردت أن توفيني صار يساوي عشرة ريالات هل تقول: لا أرد عليك إلا نصف الصاع؟ لا، ترد علي الصاع ولو كان يساوي عشرة، والعكس كذلك لو كان يساوي عشرة عند القرض وعند الاستيفاء يساوي خمسة، ما لي إلا الصاع، والخلاصة أن الإنسان يرد مثلما استقرض زادت القيمة أم نقصت، هذه هي القاعدة.

    حكم بيع التورق

    السؤال: عندي مكتب لخدمات البيع بالتقسيط يدفع له مستودع، فالتاجر يشتري البضاعة فيعرضها للبيع بالتقسيط فقط، والمكتب يبيعها له، ويأخذ مقابلاً لذلك العقد وتخليص الأقساط، والمشتري يأخذ البضاعة ويبيعها في مكان آخر، ما حكم هذه العملية؟

    الجواب: الآن فهمنا أن عندنا تاجر اشترى سيارات وأودعها عنده، ويبيع بالتقسيط وله دلال يبيع له ويخلص الثمن من المشترين، إلى هنا جائز وما فيها إشكال، بقينا في هذا الذي اشترى أنت تقول: إنه باعها من أجل أن يأخذ الدراهم.

    هذا الرجل الذي اشترى السلعة من أجل ثمنها يسميه العلماء التورق، منهم من أجازه ومنهم من منعه.

    الذين منعوه قالوا: إن هذه حيلة لأنه ما اشترى السيارة مثلاً يريد السيارة لكن يريد الدراهم، والآخرون يقولون: هذا ما علينا منه اشترى السيارة وغرضه آخر ما علينا منه، سواء أراد أن يبيعها أو أن يكدسها لنفسه، يشتغل بها بالأجرة، أو يذهب بها إلى بلد آخر تكون أرفع قيمة، ما علينا منه، فالمسألة فيها خلاف، فمن أراد التورع فليترك ذلك، ومن أراد التوسع فيتبع العلماء الآخرين.

    لكن المحظور الممنوع الذي هو شبيه بعمل اليهود، هؤلاء القوم الذين يأتون إليهم من يريد السيارة ويقول: اذهب إلى المعرض واختر السيارة التي تريد، وأنا أشتريها من المعرض وأنقد له الثمن وأبيعها عليك بالتقسيط بأكثر، هذه لا شك أنها حرام، ولا يغرنك فتوى من قال: إنها حلال، لأن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أي فرق بين أن يعطيك التاجر دراهم يقول: خذ هذه قيمة السيارة اشتريها ولكن هذه الدراهم مؤجلة عليك بأكثر، هذه حرام وما فيها إشكال، فرق بينها وبين الصورة الأولى إلا أن الصورة حيلة وهذه صريحة، والحيلة أشد إثماً من الصريحة، لأنه كما قال أيوب السختياني رحمه الله: يخادعون الله كما يخادعون الصبيان ولو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون.

    حديث: (فإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

    السائل: جاء في الحديث القدسي: (فإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) هل تفسر كما فسره النووي بأنها الرحمة أم تبقى على ظاهرها؟

    الشيخ: هل سمع الصحابة هذا الحديث عن رسول الله؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: هل قالوا: يا رسول الله! ما المراد بالهرولة؟ وهل أنت تسير خلف الصحابة أو تتقدم بين أيديهم؟

    السائل: أنا أسير خلف الصحابة.

    الشيخ: إذاً اسكت كما سكتوا، وكل شيء من صفات الله امش فيها على ما مشى عليه الصحابة رضي الله عنهم.

    السائل: في شرح رياض الصالحين لفضيلتكم ما ورد تعليق على كلام النووي بأنها الرحمة؟

    الجواب: هذا غلط وهذا من التحريف، وتفسيرها بالرحمة من تحريف الكلم عن مواضعه، أيعجز الله عز وجل أن يقول: من أتاني يمشي؛ رحمته؟! لا يعجز، قال: أتيته هرولة.

    حكم الملابس التي يمضي عليها أكثر من أربعة أشهر في المغسلة

    السؤال: بالنسبة لسؤال الأخ عن المغاسل يا شيخ تقول: ينتظر عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً لكن بعض الملابس يمضي عليها أربعة أشهر وخمسة وستة، هل لصاحب المغسلة البيع أو الاستعمال؟

    الجواب: انظر بارك الله فيك إذا كان بينهما أجلٌ معين فمتى انتهى الأجل فهو في حل أن يتصدق بها أو يبيعها ويتصدق بثمنها.

    وأما إذا لم يكن بينهما أجل معين؛ فلا يجوز أن يبيعها بعد شهر أو شهرين بل لا يبيعها ولا يتصرف فيها إلا حيث أيس من صاحبها، فإذا أيس فهو في حل؛ لأنه لا يمكن أن يشغل مكانه بهذه الثياب أو هذه الفرش إلى ما لا نهاية له.

    حكم انتظار الجماعة الثانية إذا أدركت الإمام في الركعة الأخيرة بعد الركوع

    السؤال: إذا دخل رجل المسجد والجماعة في الركعة الأخيرة وقد انتهت الصلاة في آخر الركعة فهل يدخل معهم أم ينتظر إلى أن تنتهي الصلاة وينتظر جماعة أخرى؟

    الشيخ: أنت قلت في الركعة الأخيرة؟

    السائل: بعد الركوع.

    الشيخ: إذاً نقول: إن كنت ترجو أن يحضر أحد فانتظر، أو كان معك أحد فانتظروا حتى يسلم الإمام ثم صلوا، وإذا كنت لا ترجو فادخل مع الإمام، لأن إدراك بعض الصلاة خير من عدمها.

    المقصود بالقتال قبل صلح الحديبية

    السؤال: في الآية التي ذكرت كلمة القتال قبل صلح الحديبية ما المراد بها؟

    الجواب: أي: في بدر وفي أحد وفي غيرها من الغزوات.

    حال المؤمن بين الخوف والرجاء فيما عند الله

    السؤال: عندما يسمع المؤمن ما أعد الله عز وجل للمؤمنين في الجنة تتطلع النفس إلى هذا الأمر، ولكن يا شيخ عندما يسمع وقوف الناس يوم القيامة بين يدي الله عز وجل ووقوف خمسين ألف سنة يتأخر في هذا الأمر ويتمنى ألا يلقى ذلك اليوم فكيف يجمع بين هذا وهذا؟

    الجواب: يجمع أن نقول له: هذا اليوم الطويل وما فيه من الأهوال هو على المؤمن يسير؛ لأن الله تبارك وتعالى قال: وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً [الفرقان:26] معناه أنه على المؤمنين يسير، هذا مفهوم الآية، كذلك قال الله تعالى: يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [القمر:8] والمؤمنون يقولون: هذا يسير، فهو بالنسبة للمؤمن كأداء فريضة من فرائض الصلوات يسير جداً، أما على الكافر فهو عسير.

    حكم من لا يستطيع جذب الماء إلى أنفه في الوضوء

    السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً) وقد يحصل في الأنف لبعض الأشخاص أمراض حساسية أو غيره فلا يستطيع جذب الماء إلى الأنف فما العمل؟

    الجواب: ليس بلازم أن يستنشق، يعني: لو دخل الماء في يده حتى يدخل في المناخر كفى، الوصول إلى الخياشيم ليس بفرض، وأظن -إن شاء الله- أن هذا ليس فيه ضرر.

    الجمع بين قول الله تعالى: ( إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله...) وقوله: (ما أصابك من حسنة فمن الله...)

    السؤال: قول الله عز وجل: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [النساء:78] ثم يقول في الآية التي بعدها: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [النساء:79] فكيف الجمع بينهما بارك الله فيك؟

    الجواب: الجمع بينهما أن الآية الأولى تقديراً يعني من الله هو الذي قدرها، والآية الثانية سبباً يعني: أن ما أصابك من سيئة فأنت السبب، والذي قدر السيئة وقدر العقوبة عليه هو الله.

    حكم القسم بعين الله

    السؤال: عندنا بعض العوام يقسم بعين الله هل هذا جائز؟

    الجواب: أعوذ بالله، أعوذ بالله، هذا حرام، ولا يحل، لأن الله تعالى لم يطلق عينه على ذاته، والحلف إنما يجوز بالله عز وجل، ولهذا نقول: يجوز أن يقسم بوجه الله؛ لأن الله أطلق الوجه على ذاته في قوله تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] أما عين الله ويد الله فهذا لا يجوز.

    وسبحان الله العظيم فإن الشيطان يؤز الإنسان أزاً إلى المعاصي. ما بقي شيء يحلف به إلا عين الله؟!!

    حكم ترك صلاة الجماعة لعدم وجود (الشماغ)

    السائل: إذا حضرت الصلاة ولم يكن عند الإنسان (شماغ) كأن يكون مغسولاً أو لم ينشف ومن عادة الناس أنهم يعيبون أن تحضر بلا شماغ فهل هذا عذر لترك صلاة الجماعة؟

    الشيخ: هذا ليس بعذر، أولاً: أن هذه مسألة نادرة، يندر جداً أن يكون الإنسان ما عنده إلا (شماغ) واحد يغسله الآن ولم ينشف بعد.

    وثانياً: أنه يجوز أن يصلي وهو أصلع، وإذا قدر أن الناس يقولون: لماذا جاء هكذا؟ فإنه يصلي الصلاة الثانية ويأتي بالشماغ.

    السائل: فإذا كان ليس عنده ثوب هل يبقى عارياً في البيت؟

    الشيخ: لا. لديه سروال وفنيلة.

    إذاً.. هذا ربما لا يستطيع أن يقابل الناس في المسجد العام بسروال وفنيلة يكون عذراً.

    حكم صلاة التسبيح

    السؤال: هل ثبت في صلاة التسبيح حديث صحيح وما صفته؟

    الجواب: صلاة التسبيح لا أصل لها، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحديثها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: باطل، قال رحمه الله: ولم يستحبها أحدٌ من الأئمة، ويذكر أنها أول ما أثرت عن عبد الله بن المبارك رحمه الله وعبد الله بن المبارك ليس من الصحابة حتى نقول: إن ما قاله مما لا يدخله الاجتهاد يعتبر مرفوعاً، فالصواب أنها ليست بسنة، وأنه لا ينبغي للإنسان فعلها، ثم هي صلاة غريبة يفعلها الإنسان كل يوم، كل أسبوع، كل شهر، كل سنة، أو مرة في العمر، عبادة على هذا الوجه بعيدة أن تكون من الشارع الإسلامي، المهم أنها ليست بسنة فلا تفعلها.

    حكم من غرق وقد ذهب ليعصي الله

    السؤال: إنسان ذهب إلى البحر ليعصي الله عز وجل في شرب خمر ثم سقط في البحر هل يعتبر شهيداً؟

    الجواب: ظاهر الحديث أنه شهيد لأنه غريق ومسلم، ولعله تاب قبل أن يشرب.

    ضابط تغيير المنكرات

    السائل: في حديث أبي سعيد الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً ... الخ) هل الحديث على سبيل التخيير أم على سبيل الترتيب؟ وإذا كان على سبيل الترتيب، ما هو الضابط إلى الانتقال من مرحلة إلى مرحلة من الإنكار؟

    الشيخ: اقرأ الحديث من أجل تعرف.

    السائل: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

    الشيخ: هل هذا ترتيب أو تخيير؟

    السائل: ترتيب.

    الشيخ: إذاً هو على الترتيب.

    السائل: لأن البعض يظن أن الإحراج الذي قد يتسبب له من إنكار المنكر كأن ينكر على فتاة .......

    الشيخ: لا، انظر بارك الله فيك إنكار المنكر غير تغييره، التغيير لا يكون إلا لسلطة، مثلاً أنا أقول للشخص: هذا غلط، حرام، منكر، لكن لا أقدر أن أغيره، معه مثلاً ربابة فأنا أنكر عليه، ولهذا لم يأت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقيداً بالاستطاعة لكن لا أستطيع أن أغيره، هل أقدر أن أكسرها؟ لا أقدر، فيجب ألا تختلط علينا الأمور، إنكار المنكر غير تغيير المنكر، ولذلك نقول في وقتنا الحاضر: لما كثرت الأهواء وكثر الجهل لا تغيير للمنكر باليد إلا من ذي سلطان. هذا الضابط، أنت ليس لك حق أن تغير المنكر باليد، وذلك لأننا في الوقت الحاضر لما غلب الهوى والجهل؛ قد يظن الظان أن هذا منكر وليس بمنكر، هناك أناس متشددون الآن، كل شيء عندهم منكر، كل شيء عندهم بدعة، لو أطلقنا العنان لهؤلاء ماذا يحصل من الفساد؟ يحصل من الفساد ما لا يعلم به إلا رب العباد.

    سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768030806