إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [221]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أرسل الله رسله بالبينات والمعجزات الدالة على النبوة والرسالة، وكانت معجزة كل نبي ورسول بما يناسب الوقت وحال القوم الذين أرسل فيهم، وفي إطار هذا الموضوع كان هذا اللقاء الذي تم فيه تفسير آيات من سورة الحديد تشير إلى ما سبق ذكره.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الحديد

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها الإخوة! فهذا هو اللقاء الحادي والعشرون بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح الذي يتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الثالث من شهر شعبان عام (1420هـ).

    نبتدئ هذا اللقاء بما جرت به العادة من الكلام بما ييسره الله عز وجل على آيات من كتاب الله.

    تفسير قوله تعالى: (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ...)

    يقول الله تبارك وتعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [الحديد:22-24] (يبخلون) أي: يمنعون ما يجب عليهم بذله من مال وجاه وعلم.

    مثال الأول: الذي يبخل بالزكاة وهي أعظم وأوجب ما ينكر، والإنفاق على من تجب نفقته من الأقارب والزوجات.

    ومثال الثاني: أن يجد الإنسان شخصاً مسلماً واقعاً في مظلمة يتطلب المقام أن يشفع فيها ليرفع عن هذا الظلم ولكنه يبخل بجاهه.

    ومثال الثالث: وهو البخل بعلمه، أن يمتنع من تعليم الناس مما علمه الله عز وجل، وأن يبخل بالجواب والفتيا إذا استفتي عن مسألة دينية وتعين عليه أن يفتي بها، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (البخيل من إذا ذكرت عنده ولم يصلِ علي) اللهم صل وسلم عليه، وهذا نوع من البخل؛ لأنه بخل بما يجب عليه إذ أن القول الراجح: إنه إذا ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجب على من سمعه أن يصلي عليه، بدليل الحديث الذي في السنن أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (رغم أنف امرئٍ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل: آمين، فقال: آمين).

    قال تعالى: وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [الحديد:24] (يأمرون) أي: يقول هؤلاء للرجل: لا تنفق من مالك فإن مالك ينقص، لا تتعب نفسك في الشفاعة لفلان، لا تتعب نفسك في تعليم العلم، هؤلاء أمروهم بالبخل فصاروا -والعياذ بالله- فاسدين مفسدين.

    قال الله عز وجل: وَمَنْ يَتَوَلَّ [الحديد:24] أي: يعرض عن طاعة الله فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [الحديد:24] من يتول فإن الله ليس بحاجة إليه، فهو عز وجل غني بذاته عن جميع مخلوقاته، وهو (الحميد) أي: المحمود على غناه؛ لأنه ليس كل غني يكون محموداً، فالغني البخيل لا يُحمد، لكن الله عز وجل غني حميد يحمد على غناه؛ لأنه عز وجل واسع كثير العطاء.

    وفي هذه الآية دليل على أن الإنسان الذي يتولى عن طاعة الله إنما يضر نفسه ولا يضر الله شيئاً، فإن الله غني، وفي الحديث القدسي: (يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً).

    تفسير قوله تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب ...)

    قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد:25].

    قوله جل وعلا : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ هذه جملة مؤكدة باللام وقد والقسم المقدر؛ لأن مثل هذه جملة يقدر فيها قسم، والتقدير: والله لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، ولعل قائل منكم يقول: كيف يقسم الله عز وجل؟ كيف يؤكد الله خبره بالقسم وهو الصادق بدون ذلك؟

    هذا محل إشكال والجواب أن يقال: القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، واللسان العربي المبين يؤكد الأشياء الهامة أو الأشياء المنكرة بأنواع المؤكدات حتى يطمئن المخاطب ولا يكابر المكابر، فهنا نقول: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ [الحديد:25] وتقدير الكلام: والله لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وهذا يتكرر في القرآن كثيراً والتقدير كما سمعتم.

    أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ أي: أعطيناهم الوحي وأمرناهم أن يبلغوه إلى الناس هذا الرسول.

    وقوله: بِالْبَيِّنَاتِ أي: بالآيات البينات الواضحة الدالة على أنهم رسلٌ من عند الله.

    مثال ذلك: أرسل الله سبحانه وتعالى موسى إلى فرعون وأعطاه آيات بينات، قال الله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرائيلَ إِذْ جَاءَهُمْ [الإسراء:101] منها: العصا العجيبة، عصا عادية فيها آيات، من آيات الله فيها أنه لما اجتمع السحرة الحذاق الجيدون بأمر فرعون ومساندته وألقوا حبالهم وعصيهم وصارت هذه الحبال والعصي كأنها حيات وثعابين أرهبت الناس، حتى موسى عليه الصلاة والسلام أوجس في نفسه خيفة؛ لأنها فوق ما يتصور، سحرة مهرة أتوا بكل قوتهم وألقوا وملئوا الأرض حبالاً وعصياً فجعلت هذه الحبال والعصي كأنها حيات وثعابين، فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116] أوحى الله إليه أن يلقي العصا، فألقاها، فانقلبت هذه العصا حية عظيمة، وجعلت تلقف ما يأفكون من الحبال التي جاءوا بها، أكلتها هذه الحية، وهذه من آيات الله العظيمة، كيف تكون هذه الحية تأكل كل هذه الدنيا؟ أين تذهب؟ لكنها -والله أعلم- بمجرد ما تأكلها تكون كالبخار تذهب، وإلا فإن بطن هذه الحية لا يسعها، لكن هذه آية! أنتم الآن تتصورون هذه الواقعة خبراً لكن ما ظنكم لو رأيتموها نظراً؟ كان الأمر أشد وأعظم، نحن الآن لا نتصورها إلا في الخبر والذهن فقط، لكن لو تشاهد الموضوع عرفت أنها آية عظيمة.

    الآية الثانية في هذه العصا: أن موسى استسقاه قومه -أي: طلبوا منه الماء- فضرب حجراً من الأحجار فتفجر عيوناً اثنتي عشرة عيناً، الماء ينبع من هذا الحجر الذي ضرب به العصا؛ لأن بني إسرائيل كانوا اثني عشر نقيباً أليست هذه آية؟ بلى، حجر أصم تنبع منه العيون بدون حفار وبدون أي شيء آية من آيات الله.

    الآية الثالثة: أن موسى عليه الصلاة والسلام لما أدركه فرعون وحشره إلى البحر أيقن أصحاب موسى أنهم هالكون، وقالوا: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] ما لنا مفر، البحر أمامنا إن خضناه غرقنا، وفرعون وجنوده خلفنا سيقضون علينا، قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] ولكن انظر إلى الإيمان واليقين: قَالَ كَلَّا [الشعراء:62] لن ندرك إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62] أي: سيدلني على ما فيه النجاة، فأوحى الله إليه أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [الشعراء:63] ضرب البحر مرة واحدة بالعصا فانفلق اثني عشر طريقاً على عدد النقباء من بني إسرائيل فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء:63] أي: كالجبل العظيم، الأرض في الحال يبست فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً [طـه:77] والماء على أيمانهم وعن شمائلهم كالجبال، وانظر إلى الإيمان أيضاً كيف دخلوا في هذه الطرق والمياه على أيمانهم وعلى شمائلهم لكنه الإيمان؛ لأنهم عرفوا أنهم ناجون ولا بد، هذه من آيات الله عز وجل.

    عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أعطاه الله آيات بينات كان يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله، وهذان الداءان لا حيلة للأطباء فيهما إلى الآن، اللهم إلا الأكمه ربما، كان عيسى يحيي الموتى بإذن الله، يقول للجنازة أمام الناس: احيي فتحيا بإذن الله، كان يخرج الموتى من قبورهم، يقف على القبر ويأمر صاحب القبر أن يخرج حياً، من يستطيع هذا إلا الله عز وجل؟ جعله الله آية لهذا النبي.

    كان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخه فيطير! قال الله عز وجل: فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [آل عمران:49] وفي قراءة ثانية: فيكون طائراً، وإذا جمعت بين القراءتين صار طيراً بإذن الله يطير؛ لأنه ما كل طير يطير، النعامة لها جناح ولكنها لا تطير، لكن يكون طيراً يطير يشاهد في الجو، وهو خلقه من طين! من يقدر على هذا؟! ثم بعد الموت وإيجاد من العدم، هذا لا يقدر عليه إلا الله جعله الله آية لعيسى.

    فإن قال قائل: لماذا خص الله موسى بالعصا وخص عيسى بإحياء الموتى وخلق الطيور؟

    قال أهل العلم: إن الله عز وجل حكيم، يجعل لكل نبي من الآيات ما يناسب الوقت وحال الناس حتى يعجزهم، يقولون: إن السحر ترقى إلى حد بعيد في عهد موسى؛ فأراهم الله آية يعجزون عنها بسحرهم، ولهذا في قصة موسى السحرة العارفون بالسحر ما ملكوا أنفسهم إلا أن يؤمنوا وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ [الأعراف:120] ما سجدوا كأنهم بغير اختيار، دهشوا فسجدوا، وقالوا إعلاناً: آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ [الأعراف:121-122].

    عيسى عليه السلام ترقى في عهده الطب ترقياً عظيماً فأعطاه الله تعالى آية لا يستطيع الأطباء أن يأتوا بمثله.

    أما محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه بعث في زمن البلاغة العظيمة التي ترقت إلى أعلى ما يكون في العرب واللسان العربي أفصح الألسنة وأدلها على ما في الضمير، فبعثه الله عز وجل بقرآن كريم أعجز العرب أن يأتوا بمثله، ولن يأتي أحد بمثله لا الجن ولا الإنس، قال الله عز وجل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88] ولو أن بعضهم عاون بعضاً لا يأتون بمثله، وصدق الله عز وجل، القرآن كلام الله فكما أن الله ليس كمثله شيء فكلامه ليس كمثله كلام، لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ [الحديد:25] وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن الله تعالى ما بعث نبياً إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر حتى تقوم الحجة. قال: وإنما الذي أوتيته وحي أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً) وحصل ما توقع والحمد لله، وأكثر الأنبياء تابعاً هو محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن آيته الكبرى هي القرآن العظيم، القرآن العظيم باق وكل الناس يقرءونه ويستنتجون منه من الآيات ما يزدادون به إيماناً ويعلمون به صدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    فإن قال قائل: ما الحاجة إلى إعطاء الأنبياء آيات؟

    هنا الحاجة واقعة بل للضرورة، بل للعقل أيضاً، لأنه ليس من العقل أن يأتي شخص ويقول: إنه رسول ثم يتبع، لا بد أن تكون هناك بينة تدل على أنه رسول.

    لو جاء إنسان في غير أمة محمد عليه الصلاة والسلام وقال: إنه رسول ولم يأت بآية، فالناس معذورون إذا لم يتبعوه، وإلا لكان كل واحد يدعي أنه رسول، أما بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالنبوة انقطعت لأنه كان خاتم النبيين، لذلك لا بد أن يكون مع الأنبياء آيات تدل على صدقهم، وعلى صحة ما جاءوا به من الشريعة.

    وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ [الحديد:25] (الكتاب) الوحي الذي أوحاه الله تعالى إليه، وما من رسول إلا معه كتاب بخلاف النبي، فالنبي قد لا يكون معه كتاب، لكن الرسول لا بد أن يكون معه كتاب؛ لأنه رسول لا بد أن يعطي الناس الذين يدعوهم ما يشاهدونه بأعينهم، وقوله: (الكتاب) هل هو واحد أو المراد الجنس؟

    المراد الجنس، يعني: الكتب، لأنه قال: رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ [الحديد:25] ليس كتاباً واحداً بل كل رسول معه كتاب، وقوله: وَالْمِيزَانَ [الحديد:25] أي: العدل، الذي توزن به الأشياء ويعرف قدرها وحالها، وهذا يدل دلالة واضحة على أن القياس الصحيح مما بعث به الرسل، لأن القياس تسوية فرع بأصل في حكم لعلة جامعة، وقد قال الله عز وجل: وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ [الحديد:25] أي: العدل والمقايسة بين الأمور.

    لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد:25] أي: ليقوم الناس في الدين والدنيا بالقسط والعدل في حق الله وفي حق العباد، فما هو العدل في حق الله؟

    العدل في حق الله ما ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـمعاذ بن جبل حين قال له: (أتدري يا معاذ ! ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً) قوله: (ألا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئاً) حق المخلوق؟ قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه) هذا هو الشاهد، أي: أن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، لو أننا عاملنا الناس بهذا لاستقام العدل، ولم يتجرأ أحد على ظلم أحد، ولو أننا شعرنا للناس بما نشعر به لأنفسنا؛ لحلت في قلوبنا الرحمة والتواضع، لأن كل إنسان يحب أن يعامله الناس بالرحمة والتواضع فعامل الناس أيضاً بالرحمة والتواضع.

    ثم ذكر الله تبارك وتعالى ما يحصل به النصر من جهة أخرى؛ لأن النصر يكون بالوحي ويكون بالبأس، وهو ما ذكره في قوله: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد:25].

    1.   

    الأسئلة

    حكم الذكر بعد إقامة الصلاة

    السؤال: هل ورد الذكر بعد إقامة الصلاة كقوله: اللهم رب هذه الدعوة التامة.. أو قوله: أقامها الله وأدامها أم هل السكوت أفضل من ذلك؟

    الجواب: جواب هذا السؤال ينبني على صحة الحديث الوارد في ذلك، فمن صحح الحديث قال: إنه يجيب المقيم كما يجيب المؤذن، ويدعو ويقول في الإقامة: أقاماها الله وأدامها، ويدعو بعد انتهاء الإقامة بما يدعو به بعد انتهاء الأذان؛ لكن الحديث ضعيف، والقول الراجح: أنه لا يقول شيء ولا يتابع المقيم، ولا يدعو بدعاء الأذان.

    حكم تقسيط الزكاة على رجل لا يحسن التصرف فيها

    السؤال: رجل يريد إخراج زكاة ماله وله قريب من أهل الزكاة، ولكن هذا القريب لا يحسن التصرف في المال، فلو أعطي ما يكفيه شهراً لأنفقه في أسبوع فهل لهذا المزكي أن يبقي المال لديه ولو لعدة شهور ينفق منه على قريبه حسب حاجته؟

    الجواب: إذا كان له ولاية على هذا القريب فلا بأس، وإن لم يكن له ولاية فيعطيه ما يحتاجه لمدة قليلة ويصرف الباقي إلى غيره من الفقراء.

    حكم المسافر يقصر خلف متم للصلاة

    السؤال: رجل صلى العصر فجاء خلفه رجلان، ثم صليا معه وهو يتم صلاة العصر، فلما قام من التشهد الأول جلس الرجلان حتى أتى بالركعتين ثم سلم فسلما معه، فما حكم صلاتهما؟

    الشيخ: أي: أنهما مسافران.

    السائل: نعم.

    الشيخ: صلاتهما هذه غير صحيحة، وقل لهما: يعيدان الصلاة، لأن المسافر إذا صلى خلف من يتم لزمه الإتمام، والدليل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) وهذا اختلف على الإمام بدون عذر، فعليهما أن يعيدا الصلاة، وليعلم أن المسافر إذا أدرك ركعة مع الذي يصلي أربعاً أو أقل ولو في التشهد الأخير لزمه الإتمام، لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا).

    حكم دخول لبس الغترة والجورب والخف في اللباس الأبيض المستحب إذا كانت بيضاء

    السؤال: هل تدخل لبس الغترة البيضاء والجورب الأبيض والخف الأبيض في قوله: (خير لباسكم البياض

    الجواب: أما الخف فلا، لأن هذا يتبع أعراف الناس، وأما اللباس الآخر فنعم يكون هذا أفضل، ولكن إذا قدر أنه يريد أن يلبس ثوباً آخر كثياب الشتاء الملونة نقول: لا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبس الثياب الملونة ولبس العمامة السوداء ولا حرج، وظاهر الحديث أنه يستحب لبس البياض على غيره.

    حكم من دخل في الصلاة لمفرده ثم أقيمت جماعة أخرى

    السؤال: دخلت المسجد والإمام قد فرغ من الصلاة وشرعت أنا في الصلاة وإذا باثنين بعدي يدخلون في صلاة جماعة ثانية فما الحكم بالنسبة لي؟

    الجواب: إن أتم صلاته فلا حرج عليه، وإن انصرف منها وابتدأ الصلاة من جديد مع اللذين دخلا فلا حرج، لأن أجر الصلاة الأولى انتهى، أي: أن الجماعة الثانية لا تنال عشرين درجة، لكن لا شك أن صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاة الواحد.

    الطريقة المناسبة للتمكن من علم التفسير

    السؤال: كيف يتمكن طالب العلم من علم التفسير وما هي الطريقة المناسبة للتمكن من فن التفسير؟

    الجواب: على كل حال الله عز وجل يعين من شاء من عباده، لكن الطرق أن يعرف الإنسان معنى كلام الله من المفسرين الموثوقين في علمهم وفي دينهم وأمانتهم، لأن بعض المفسرين عنده علم جيد في التفسير لكنه لا يؤمن من جهة العقيدة، فأحسن التفاسير مما اطلعت عليه تفسير ابن كثير رحمه الله وتفسير ابن السعدي وتفسير القرطبي على أن فيه بعض الشيء، وتفسير الشوكاني أيضاً لا بأس به وأظنه لا يخلو من الملحوظات، والمسألة فهم يؤتيه الله من يشاء، ولهذا لما قيل لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: [هل خصكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشيء؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهماً يؤتيه الله تعالى من شاء في كتابه].

    حكم الاستجمار إذا تعدى الخارج موضع العادة

    السؤال: هل يجوز الاستجمار إذا تعدى الخارج موضع العادة؟

    الجواب: ظاهر السنة أنه جائز إذا كان التعدي يسيراً، أما لو كان البول ترشرش على الفخذ أو على قصبة الذكر؛ فإنه لا بد من غسله.

    حكم صلاة من أم الناس في الصلاة وقد نسي الصلاة على النبي

    السؤال: إمام صلى فنسي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو إمام فما الحكم؟

    الشيخ: يصلي.

    السائل: نسي وسلم.

    الشيخ: يعود إلى التشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويكمل التشهد ويسلم ثم يأتي بسجدتي السهو.

    السائل: كيف يخبر الجماعة إذا قاموا وذهبوا؟

    الشيخ: الذين ذهبوا ما عليه شيء، وأما الذين بقوا معه فسيعملون عمله.

    حكم الإجابة على الأسئلة الشرعية التي تحدث في المجالس

    السؤال: في المجالس أحياناً يسأل الإنسان عن مواضيع يمكن تكون بسيطة لكن خشية الإجابة عليها يدخل حديث للمجالس ومناقشات في أمور الدين وممكن يتكلم فيها جهال فيخطئون في أشياء كثيرة، فهل نسكت عن هذا؟

    الجواب: أولاً يسأل يقول: إذا كنا في مجلس وكثرت الأسئلة الموجهة إلى طالب العلم هل يجب أن يجيب عن كل سؤال؟ هذا سؤالك؟

    السائل: أو أي واحد في مجلس أو اجتماع.

    الشيخ: لا يجوز أن تستفتي إلا من يغلب على ظنك أنه أهل للفتوى؛ لأن هذا دين فانظر عمن تأخذ دينك. أي واحد يتصدر بين عوام ثم يتكلم العامي يظن هذا بحر العلوم لا يدريه، لكن لا تتوهم ولا تستفت خصوصاً في وقتنا هذا الذي أصبح كل واحد يفتي إلا من تثق بعلمه ودينه.

    السائل: يعني لا يجاوب على الأسئلة البسيطة.

    الشيخ: أنت تسأل عن العالم هل يجاوب أم لا يجاوب؟ أو تسأل عن السائل: هل يسأل أو ما يسأل؟

    الشيخ: أنا لا أدري هل أنت عالم أو غير عالم.

    السائل: الذي يسألني هل أقول: اسأل العالم الفلاني أم ماذا؟

    الشيخ: يجوز أن تحول على إنسان آخر.

    السائل: ولو كنت أعرف أنا الجواب؟

    الشيخ: ولو كنت تعرف خصوصاً إذا خشيت على نفسك الفتنة؛ لأن الفتوى في الحقيقة سحر، إذا أفتى الإنسان وصار يفتي أصبح لا ينزل عنها أبداً، فهي في الحقيقة تأخذ بلب الإنسان إذا خشيت الفتنة قل: اسأل فلاناً.

    السائل: والآية الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النساء:37]؟

    الشيخ: نعم الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النساء:37] لكن أنت ما بخلت، أنت أهديته إلى من هو أوثق منك في العلم وأدرى منك وهذا ليس ببخل، ولهذا كان السلف الصالح يتدافعون الفتيا، يقول: اذهب إلى فلان اذهب إلى فلان.

    حكم الأذان لمن كان قريباً من البلد وقد حضر وقت الصلاة

    السؤال: إذا كان هناك مجموعة أشخاص قريبين من البلد وحضر وقت الصلاة ويريدون أن يصلوا هل يجب عليهم الأذان أو يكتفون بالإقامة ويصلون؟

    الشيخ: هل هم يسمعون الأذان أم لا؟

    السائل: يسمعون عبر مكبرات الصوت.

    الشيخ: نعم لا يخالف، يكفي. ما دام أنهم قد سمعوا الأذان بقي عليهم الإقامة فليقيموا.

    حكم الخروج للدعوة إلى الله عز وجل في باكستان

    السؤال: هذا شاب أراد أن يخرج إلى الدعوة إلى الله عز وجل في باكستان، وأراد أن يخرج زوجته معه، فأخرج لها جوازاً وخرج بها إلى الدعوة إلى الله في باكستان ، وعندما عاد أخبر كثيراً من الشباب عن حركته في الدعوة هناك وعن نشاطه فتحمس الشباب إلى هذا الأمر، وأرادوا أن يفعلوا أو يحذوا حذوه، فنريد بيان هذه المسألة حفظكم الله إن كان الأمر جائزاً وتبيينه لكثير من الشباب لوقوعهم في ذلك؟

    الجواب: بارك الله فيهم وفي علمهم ودعوتهم، قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء:214] وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو الناس مرحلة مرحلة، الأقرب فالأقرب، هؤلاء الإخوة الذين ذهبوا إلى باكستان أو غيرها من البلاد الخارجية لماذا لا يعملون في داخل المملكة ؟! الآن هناك جهات من المملكة لا يعرفون كيف يتوضئوا، بل وبعضهم لا يعرف كم عدد الصلوات!! فهم في حاجة شديدة.

    قد يقولون: والله نحن لا نتمكن لأننا لا نعطى رخصة، فإذا وصلت الحال إلى هذا فلا بأس أن يخرجوا، ولكن يجب أن يكون لهم رئيس يرجعون إليه فيما يشكل عليهم، حتى لا يتخبطوا في دين الله فيضلوا ويضلوا عباد الله.

    السائل: وما حكم خروج النساء؟

    الشيخ: خروج النساء لا بد، كون امرأته معه يحفظها وتحفظه خير من كونها تبقى فتضيع وهو أيضاً ربما يضيع.

    السائل: لكنه يدع أولاده عند الناس يكفلونهم.

    الشيخ: إذا لزمه أن يذهب بامرأته ويدع الأولاد فإن هذا غلط، حتى هو نقول له: لا تذهب بالأولاد، أولادك أحق منك، والآن الشوارع مخيفة من جهة الشباب، إذا لم يكن عند الإنسان عناية بأولاده مع التوكل على الله وسؤال الهداية لهم فإنهم على خطر.

    كيفية التخلص من الشيكات التي تأتي من البنك الربوي للمساهم فيه

    السؤال: شخص ساهم في أحد البنوك الربوية منذ عشرين سنة تقريباً، ويأتيه بين الفينة والأخرى شيكات من هذا البنك، فهو لا يدري كيف يتصرف فيها ...؟

    الشيخ: شيكات أي أوراق؟

    السائل: هي أرباح من البنك. فهو يسأل الآن كيف يتصرف فيها هل يبيع الأسهم ويتخلص منها أم يأخذ هذه الأرباح؟

    الشيخ: المشكلة أنه إذا باعها على من يبيعها؟

    السائل: على أناس آخرين.

    الشيخ: هل يتعاملون بالربا؟

    السائل: إي نعم.

    الشيخ: إذاً أعان على الربا.

    السائل: إي نعم.

    الشيخ: أرى أن يبقى على ما هو عليه، ولكن الأرباح التي تأتي -وأقول: أرباحاً تبعاً للعرف وإلا ليست ربحاً إنما هي خسارة- يقول للبنك: لا أريدها.

    السائل: ما يدعونه، يقولون: خذها.

    الشيخ: فإذا قالوا: لا نقبلها ضعها على الماسة ما علينا منك، فإنه يأخذها ويتصدق بها.

    السائل: يرسلونها بالبريد.

    الشيخ: حتى لو أرسلوها بالبريد يردها بالبريد، لكن إذا قالوا: لا نقبلها إطلاقاً، فيأخذها ويتصدق بها.

    السائل: يتصدق بها على نية التخلص منها؟

    الشيخ: نعم على نية التخلص منها، لا على نية التقرب.

    حكم رفع أحد أعضاء السجود أثناء الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ: إنسان رفع أحد أعضاء السجود هل تبطل صلاته وهو ساجد؟

    الجواب: الظاهر أنه إن رفع في جميع السجود -أي: ما زال ساجداً وهو رافعٌ أحد الأعضاء- فسجوده باطل، وإذا بطل السجود بطلت الصلاة، وأما إذا كان رفعه لمدة يسيرة مثل أن يحك رجله بالأخرى ثم أعادها فأرجو ألا يكون عليه بأس.

    ظهور علاج جديد للسكر

    السؤال: ظهرت الآن في الآونة الأخيرة خاصة في الحجاز شيء يسمى الزهرة، وهي عبارة عن زيت طحلب يوضع في ماء وبعد أسبوع يضعون لها الشاي والسكر والماء.

    الشيخ: وأين يضعونها؟

    السائل: يضعونها وسط الشاي والماء والسكر وتظل أسبوعاً كاملاً..

    الشيخ: ما الذي يوضع؟

    السائل: شيء مثل الطحال يسموه الزهرة.

    الشيخ: قل لي: شجرة.

    السائل: نعم هم يسموها الزهرة وهي عبارة عن طحال، وإذا استمرت أسبوعاً كاملاً يكون لها مثل رائحة الخمر تقريباً، فهذه يقولون: إنها دواء لجميع الأمراض، وبدأت تنتشر الآن في الحجاز بصفة كبيرة جداً حتى أن الناس يحجزون إلى سنة كاملة، ويقولون: إنه لا يجوز بيعها بل لا بد أن توزع مجاناً، فما حكم هذا الفعل يا شيخ؟

    الشيخ: لم أسمع بهذا.

    السائل: ظهرت ولها ستة شهور.

    الشيخ: وهذه إن صحت ستغلق جميع المستشفيات، ما دامت شفاء من كل داء.

    السائل: يقولون: إنها دواء للسكر.

    الشيخ: السكر إذا أكله المصاب بداء السكر ارتفع عليه وهلك.

    السائل: إذا شرب من هذه فإنه يشفى منه.

    الشيخ: المصاب بالسكر؟!

    السائل: إي نعم.

    الشيخ: خاصة؟

    السائل: إي نعم.

    الشيخ: إذاً.. الحمد لله راح عنا التعب الآن.

    السائل: لكن يا شيخ لو ثبت أنها في انتشار فهل هناك بأس؟

    الشيخ: والله يا أخي! انظر الشيء الذي على غير علم هذا لا تصدق به.

    السائل: وإن ثبت بالتجارب؟

    الشيخ: لا أدري هل جربتها؟

    السائل: لا ما جربنا ....

    الشيخ: هل جربها أحدٌ من أقاربك؟

    السائل: إي نعم.

    الشيخ: بماذا هم مصابون؟

    السائل: بالسكر.

    الشيخ: وهل شفوا من ذلك؟

    السائل: يقولون: خف المرض كثيراً.

    الشيخ: إذا ترك الإنسان أكل الحلا وأكثر من شرب المر يخف.. أحياناً يقولون للمصاب بالسكر يخف أكثر من اللازم يقولون: وقف لأن المصاب بمرض السكر يكون غير متزن، إذا خف أحياناً كثيراً وينزل كثيراً فلا بد من الانضباط.

    وعلى كل حال لا أدري عن هذا شيئاً ولا أشير به، شيء ليس له أصول لا يمكن أن يقبل.

    حكم التحميد بعد العطاس في الصلاة سراً

    السؤال: هل يجوز التحميد بعد العطاس في الصلاة سراً؟

    الشيخ: يحمد الله، وهذا ثبت بإقرار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن معاوية بن الحكم دخل في الصلاة مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعطس رجل، فقال: (الحمد لله، فقال له معاوية: يرحمك الله، فرماه الناس بأبصارهم -أي: نظروا إليه نظر المنكر- فقال: واثكل أماه -وهي كلمة تُقال عند التوجع- فجعلوا يضربون أفخاذهم يسكتونه فسكت) فلما انصرف من صلاته دعاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقال له: (إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس أو من كلام الآدميين إنما هي للتسبيح والتكبير وقراءة القرآن).

    فإذا عطس المصلي فإن من السنة أن يحمد الله، ولكن لو وجد سبب ذكر آخر والإنسان يصلي هل يقول أم لا؟

    نقول: يقوله فيما جاءت به السنة، مثلاً: لو حدث أن بدأ يهوجس في الصلاة فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

    طيب! لو سمع نباح كلب؟

    يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

    سمع صياح الديك؟ يقول: أسأل الله من فضله.

    سمع المؤذن يؤذن هل يجيب أم لا يجيب؟

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجيب، لأن هذا ذكر وجد سببه في الصلاة، ولكن في النفس من هذا شيء بالنسبة للأذان؛ لأن الأذان سوف يستغرق جزءاً كبيراً من الصلاة ويشغلك عنها، فالأولى ألا يجيب المؤذنين، لكن من الممكن أنه إذا سلم أجاب المؤذن قضاءً.

    حكم تقصير المرأة لشعرها

    السؤال: نقل لي أحد الإخوة عن طريق الهاتف أنكم لا تجيزون للمرأة أن تقصر شعرها أقل من الكتفين، وقد سمعت منكم حفظكم الله في نور على الدرب في فتوى لكم أنكم جوزتم ذلك واستدللتم بدليلين:

    الأول: ما ورد عن أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صحيح مسلم أنهن بعد وفاة النبي قصرن شعورهن حتى كن كالوفرة. فرجعت إلى لسان الميزان وغيره ووجدت الوفرة إلى شحمة الأذنين، ويفرقون بين الوفرة والجمة واللمة فما الفرق بين هذه وهذه؟

    الجواب: الفرق أنه لكل حادث حديث، الرجال الآن بدأ كثير منهم يقص رأسه إلى حد الكتف أو أعلى قليلاً، فحينئذٍ وقعت المرأة فيما يباح لها، وقعت في التشبه بالرجال، والتشبه بالرجال ممنوع، على أن بعض أهل العلم يحرم أخذ المرأة من شعر رأسها مطلقاً إلا في الحج والعمرة، ويجيب عن فعل أمهات المؤمنين رضي الله عنهم بأنهن فعلن ذلك إظهاراً لكونهن لا يصلحن للزواج بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن كثرة الشعر ووفرة الشعر وطول الشعر من الأمور التي تعد جمالاً للمرأة، لكن على كل حال هذا التعليل فيه نظر، والأقرب أنه يجوز لها ما لم يكن قصها على وجه المشابهة للنساء الكافرات، أو مشابهة لرءوس الرجال.

    حكم لبس الذهب الأبيض وما هو أغلى من الذهب

    السؤال: ما حكم لبس الذهب الأبيض للرجال؟

    الشيخ: الذهب الأبيض!! هل هناك ذهب أبيض؟

    السائل: نعم هناك ذهب أبيض.

    الشيخ: لا يوجد ذهب أبيض يا رجل. الله المستعان!

    السائل: يسمونه ذهباً أبيض، رأيت رجلاً يلبس خاتماً من ذهب أبيض فقال لي: إنه ذهب أبيض.

    الشيخ: لا نعرف الذهب الأبيض يا رجل.

    السائل: موجود يا شيخ.

    الشيخ: ليس له لون الذهب الأحمر؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: إذن لو رأيته فليس بذهب.

    السائل: لكن اسمه ذهب يا شيخ.

    الشيخ: الاسم لا عبرة به، الناس الآن يسمون البترول ذهباً أسود، هل نقول: الإنسان لا يجوز أن يلبس البترول؟! يلصقه بيده ويكون لابساً ذهباً؟! على كل حال انظر يا أخي الذهب هو الأحمر وما كان أبيض فليس بذهب ولو سمي ذهباً، لكن إذا لبس هذا فإنه يعد إسرافاً وصار محرماً من جهة الإسراف، وعلى هذا فإذا لبس الفقير هذا الخاتم، قلنا: حرام عليك؛ لأنه يعد في حقه إسرافاً، وإذا لبسه الغني لم يكن حراماً عليه لأنه لا يعد إسرافاً.

    السائل: وما حكم لبس ما هو أغلى من الذهب؟

    الشيخ: إذا كان أصله ذهباً أحمر هذا ينظر فيه، أما إذا كان معدناً مستقلاً فهو جائز ولو سمي ذهباً، ولو كان أغلى من الذهب.

    حكم الدراسة للحصول على شهادة من أجل رفع راتب الموظف

    السؤال: موظف قيل له: إن حصلت على شهادة كذا وكذا زاد مرتبك كذا وكذا، فهل يؤجر على إكمال دراسته ليحصل على زيادة في المرتب؟

    الجواب: هل هذه الدراسة دراسة شرعية أم هي دراسة دنيوية كالهندسة وما أشبه ذلك؟ إن كانت الأولى فلا يجوز، وإن كانت الثانية فلا بأس.

    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تبارك وتعالى، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767959930