فهذا لقاء طيب في ليلة مباركة، وفي بيت من بيوت الله تعالى، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء بداية للقاءات متجددة متكررة، مع والدنا وشيخنا محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله تعالى.
وإننا لنعتبر هذا اللقاء فتحاً مبيناً بإذن الله، لأن الناس استبشروا خيراً بأن يكون لقاء يجلسون فيه مع فضيلة الشيخ، يدلون إليه بأسئلتهم ومشاكلهم عبر هذا اللقاء.
ولعل أدل دليل على ذلك، هذا الجمع المبارك ولله الحمد، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي شيخنا عنا خير الجزاء، ولعل للشيخ تعقيباً أو كلمة تقديمية يريد أن يتحفنا بها في بداية هذا اللقاء، ريثما تجتمع لدينا أسئلتكم المباركة، وإني أطرح تساؤلاً لفضيلة الشيخ قبل أن نبدأ اللقاء والإجابة على الأسئلة، وأريده أن يجعل لنا فيه بياناً شافياً ألا وهو:
إن الأسئلة التي ترد علينا كثيرة، واللقاء قد لا يكفي لعرضها، فأريد من الشيخ أن يجعل لنا حلاً لهذه الأسئلة، كيف يكون ترتيبها، وهل لنا حق الاختيار في تقديم ما نراه أولى، وهل إذا سئلنا بالله، لأن بعض الإخوة يقول: سألتك بالله إلا عرضت هذا السؤال، وقد يكون السؤال متكرراً أو غيره أولى منه، هل هذا ملزمٌ لنا أو لا؟ هذه تساؤلات أطرحها بين يدي شيخي فليتفضل جزاه الله خيراً على ما بذل.
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإنني أشكر الله عز وجل على تيسير هذا اللقاء المبارك، الذي تم باقتراح من مكتب الدعوة في عنيزة ، وأسأل الله تعالى الذي منَّ بتيسيره وتسهيله أن يجعله نافعاً لنا ولمن يستمع إليه.
إن لقاءنا هذه الليلة، ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر شوال، عام اثني عشر وأربعمائة وألف، هو أول لقاء كان استجابة لهذا الاقتراح.
وكان المقرر أن يكون في الأحد الثالث من كل شهر، ولكنه تأخر هذا الشهر إلى الأحد الرابع، بمناسبة صيام الناس أو أكثر الناس للأيام الست بعد رمضان، وسنعود إن شاء الله في الشهر القادم إلى الموعد الأول، أي: يكون هذا اللقاء في الأحد الثالث من كل شهر.
أما ما تساءل عنه أخونا الشيخ/ حمود بن عبد العزيز الصايغ ، بالنسبة للأسئلة التي قد تكون كثيرة، ولا يتسع المقام لعرضها، فإني أرى أن يقدم الأهم فالأهم؛ لأن هذه هي القاعدة الشرعية فيما إذا تزاحمت الأشياء، وقد يقال: إنه ينبغي أن يقدم الأول فالأول، لكن ضبط هذا يعسر ويصعب.
وأما سؤاله الثاني: وهو ماذا نصنع لو قدم السائل بين يدي سؤاله: أسألك بالله أن تعرض هذا السؤال؟
فأقول: أولاً: لا ينبغي للسائل أن يقدم مثل هذا لما فيه من الإحراج؛ لأنه قد يحرج مقدم الأسئلة إذا سأله بهذا الأسلوب، ومع ذلك فأرى أن المصلحة مقدمة، وأن هذا السؤال إذا لم يكن هناك مجال لعرضه في هذا اللقاء فإنه يبقى ليعرض في اللقاء الآخر، ويكون قد أجيب هذا السائل حيث عُرض سؤاله، ولكني أقول: أرجو من الإخوة ألا يصدروا أسئلتهم بقولهم: (أسألك بالله) بل يكتب: سؤال من شخص، فإذا يسر الله تعالى أن يُقرأ فإنه يُقرأ.
الصلاة التي هي عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، لا بد أن يكون لها شأن عظيم، حيث نالت هذه المرتبة، ولنقف وقفات مع هذه الصلاة.
فالصلاة لها مقدمات من أهمها:
الطهارة:
فإنها مفتاح الصلاة، فالطهارة من الحدث الأصغر والأكبر، والطهارة من النجاسة في البدن والثوب والبقعة، وهذا يدل على أنها ذات شأن؛ لأنه لا يوجد شيء في العبادات اتفق العلماء على اشتراط الطهارة له إلا الصلاة، فالطواف مختلف فيه، هل يشترط له الطهارة أو لا؟ ومس المصحف مختلف فيه، هل تشترط له الطهارة أو لا؟ ولم يجمع العلماء على شيء من العبادات تشترط له الطهارة إلا الصلاة، فهي ذات شأن، لا يدخلها الإنسان إلا وقد طهَّر ظاهره وباطنه.
فيقف بين يدي الله عز وجل ويكبر تكبيرة الإحرام.
قال بعض العلماء: والحكمة من ذلك بعد كونها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أنها إشارة إلى رفع الحجاب بين المصلي وبين ربه.
ثم بعد ذلك يضع يده اليمنى على اليسرى مطأطئاً رأسه، خاضعاً لله عز وجل بعد أن يكبر فيقول: الله أكبر.
فأنت ترى نفسك -الآن- واقفاً بين يدي الله، بين يدي ملك الملوك، الذي يعلم ما توسوس به نفسك، ويعلم أحوالك كلها، فلتتأمل من وقفت بين يديه، لو وقفت بين يدي ملك من ملوك الدنيا، لوجدت نفسك صامتاً لا تتكلم، ولا ترفع الطرف إليه؛ تعظيماً له، فكيف وأنت بين يدي الله عز وجل، فاستحضر عظمة من أنت واقف بين يديه تناجيه بكلامه، فأنت تقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] فيجيبك الله عز وجل من فوق سبع سماوات ويقول: حمدني عبدي، فإذا قلت: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قلت: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي، فإذا قلت: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قلت: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7] قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
تأمل هذه المحاورة والمناجاة بينك وبين الله عز وجل، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف في سورة الفاتحة عند كل آية، يتأمل ويتدبر.
ثم بعد القراءة -قراءة الفاتحة، وقراءة ما تيسر من القرآن- تحني ظهرك تعظيماً لله راكعاً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) فتكون معظماً لله عز وجل بهيئتك وفعلك وقولك.
بهيئتك؛ لأن هيئة الركوع تعظيم.
وفعلك؛ لأن الركوع والانحناء فعل.
وقولك: لأنك تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ثم تعود مرة ثانية إلى الوقوف بين يدي الله عز وجل حامداً له بمحامده التي جاءت عن رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد هذا تخر ساجداً واضعاً أعلى ما في بدنك، وأشرف ما في بدنك، واضعاً إياه في محل أقدامك، ولهذا ترى الساجد يضع جبهته عند السجود ويقول: (سبحان ربي الأعلى) لا يقول: سبحان ربي الأعز، يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لأن أعلى ما فيك صار محاذياً لأسفل ما فيك.
ما هو أسفل ما فيك؟ الأقدام. وأعلى ما فيك الجبهة، فصار أعلى ما فيك محاذياً لأسفل ما فيك، وهذا لا شك أنه ليس كالعلو، فلهذا تقول: (سبحان ربي الأعلى) الذي هو منزه عن السفل، فتجد أن هذا الذكر مناسب تماماً للسجود، ثم تعود لتجلس بين السجدتين داعياً الله عز وجل بما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم ثم تعود مرة ثانية إلى السجود.
وهكذا نجد أن الإنسان في صلاته يتنفل بين روضات العبودية، من قيام إلى ركوع إلى سجود ومن قرآن إلى ذكر وتعظيم، ومن ذلك إلى دعاء الله عز وجل.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم).
إنني أحث نفسي وإياكم على تأمل هذه الأشياء وهذه الأفعال وهذه الأقوال، حتى تكون صلاتنا صلة بيننا وبين الله عز وجل، وحتى لا تكون وكأنها عادة نقوم بها في أوقاتها المحددة.
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الخاشعين في صلاتهم، المداومين عليها، المحافظين عليها.
وإلى الأسئلة التي جمعها الإخوة نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.
توجد بعض الأقمشة النسائية مرسوم عليها صورة حيوانات أو نساء عاريات، تمثل مريم العذراء، أو صورة رجال وأطفال، أو غير ذلك من الصور، وأقمشة أخرى كتب عليها لفظ الجلالة مع أن كثيراً منها لا يتضح للعين إلا بعد الملاحظة والتدقيق، فما حكم شراء هذه الأقمشة، ولبسها والصلاة فيها؟
وما حكم دخول الحمام فيما كتب عليه لفظ الجلالة؟ وهل يجوز للبائع بيعها دون أن يعلم المشتري بما فيها؟
وهل يحل له ثمنها حتى إن أعلم المشتري؟
وما واجب المجتمع -رجاله ونسائه- في القضاء على هذه الظاهرة، وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
جوابنا على هذا السؤال أن أقول لمقدمه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأما ما ذكره من هذه الألبسة المشتملة على ما ذكر، فإن الواجب علينا مقاطعتها وعدم شرائها، وذلك لأنها محرمة، حيث إنها تشتمل على صور، إما صور حيوانات، وإما صور نساء عاريات، وإما كتابات غير لائقة، وإما كتابات شيء محترم، كذكر الله عز وجل، وكل هذا يوجب مقاطعتها حتى لا يتمكن أعداء الإسلام من الدخول علينا بمثل هذه الأمور التي يستعملها الصغار والكبار، وأهل الشر لهم أساليب في الدعوة إلى الشر، يغزوننا بمثل هذه الأشياء ليمررونها علينا، والشيء إذا مر على الإنسان كثيراً سقطت هيبته من نفسه وصار شيئاً معتاداً، ولهذا كان من الأمثال السائرة المعروفة: (إذا كثر الإمساس قلَّ الإحساس).
أما بالنسبة لجلبها وبيعها وشرائها فإنه حرام، ولا يحل لأحد أن يجلب مثل هذه الألبسة إلى بلاد المسلمين، ولا يحل لأحد أن يتولى بيعها على المسلمين، ولا يحل لأحد أن يشتريها أيضاً، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) فإذا كانت هذه الأشياء محرمة، كان ثمنها محرماً، ونصيحتي لإخواني المسلمين أن يكونوا متيقظين لما يريدهم به أعداؤهم، فنسأل الله السلامة وأن يعيننا حتى نرد كيد أعدائنا في نحورهم.
الجواب: الواقع أن الجماعات التي على الساحة -كما يقول السائل- أمر واقع، ولكن ما الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات؟
الذي ننهجه من مناهج هذه الجماعات هو ما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الائتلاف وعدم العداوة، ووجوب الاجتماع وعدم التفرق، وأن نكون دعاة إلى الله عز وجل بألسنتنا وقلوبنا، فلا ينفر بعضنا من بعض، ولا يضلل بعضنا بعضاً، وعلينا أن نجتمع وأن نتناقش فيما اختلفنا فيه، حتى إذا تبين الحق مع أحد الجانبين وجب على الآخر اتباعه؛ لأن الله قال في كتابه العظيم: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].
أما كون الأمة تتفرق شيعاً وكل حزب يقول: الحق معي، ومع ذلك لا يقتصر على هذا القول بل يضلل غيره، ويبدع غيره، وينفر منه، فلا شك أن هذه وصمة عار وعيب على الأمة الإسلامية، وهي من أشد الأسلحة فتكاً بهذه الصحوة المباركة.
فالذي أنصح به إخواننا، أن يجتمعوا ويتدارسوا ما بينهم من الخلاف، والرجوع إلى الحق واجب كل مسلم.
الجواب: القول الراجح أن من فعل مُفطِّراً من المفطرات، أو محظوراً من المحظورات في الإحرام، أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه؛ لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: (قد فعلت) فهذا الرجل الذي أتى أهله في نهار رمضان، إذا كان جاهلاً بالحكم يظن أن الجماع المحرم هو ما كان فيه إنزال، فإنه لا شيء عليه، أما إذا كان يدري أن الجماع حرام ولكنه لم يعرف أن فيه الكفارة، فإن عليه الكفارة؛ لأن هناك فرقاً بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالعقوبة.
فالجهل بالعقوبة لا يعذر به الإنسان، والجهل بالحكم يعذر به الإنسان، ولهذا قال العلماء: لو شرب الإنسان مسكراً، يظن أنه لا يسكر أو يظن أنه ليس بحرام فإنه ليس عليه شيء.
ولو علم أنه مسكر وأنه حرام، ولكن لا يدري أنه يعاقب عليه، فعليه العقوبة ولا تسقط عنه، وبناءً على هذا نقول للسائل: إذا كنت لا تدري أنه يحرم عليك الجماع ولو بدون إنزال فإنه لا شيء عليك، ولا على زوجتك أيضاً إذا كانت مثلك في الجهل.
الجواب: ليس للزوج أو لعائل البيت أن يمنع من دخول الأشرطة المفيدة، بل الذي ينبغي له أن يشكر الله على هذه النعمة، أن فتح قلوب أهل البيت لسماع مثل هذه الأشرطة المفيدة، وإذا قدر أنه حرَّج عن دخول هذه الأشرطة، فلا حرج على أهل البيت أن يدخلوها خفية عنه؛ لأنه ليس لأحد أن يمنع أحداً من استماع الذكر، وإذا كان الزوج الذي منع أهله من إدخال هذه الأشرطة أو سماعها، إذا كان في شك منها فليستمع إليها أولاً، ثم ليمنع ما كان محظوراً، أما ما ليس بمحظور فليس من حقه أن يمنع أهله من استماع الذكر، ولهم أن يدخلوا ذلك خفية عنه وينتفعوا.
الجواب: الواجب على المسلم أن يكون صادقاً مبيّناً في بيعه وشرائه وفي جميع أحواله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذباً وكتما محقت بركة بيعهما) فلا يحل لصاحب المزرعة أن يدخل زرعه الذي باعه سلماً على غيره باسمه -أي باسم صاحب المزرعة- لأن هذا القمح لم يعد ملكاً له، بل قد انتقل ملكه إلى ملك المشتري، وحينئذٍ نقول: إذا حصل مثل هذا الشيء فعلى الطرفين أن يتوبا إلى الله، وألا يعودا لمثل ذلك.
الجواب: لا حرج أن تصلي المرأة على الجنازة، سواء صلت عليها في المسجد مع الناس، أو صلت عليها في بيت الجنازة؛ لأن النساء لا يمنعن من الصلاة على الميت، وإنما يمنعن من زيارة القبور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) هذا إن قصدت الزيارة، أما إذا لم تقصد الزيارة بأن تكون ذهبت لشغل لها، ومرت بالمقبرة فلا حرج عليها أن تقف وتسلم على أهل القبور وتدعو لهم.
الجواب: يقول العلماء: إنه لا تشريك في العقيقة التي نسميها التميمة، وذلك لأن العقيقة فدية عن نفس، فلا بد أن تكون نفساً كاملة، وبناءً على ذلك: لا يجزئ الإنسان أن يذبح بدنة عن سبع عقائق، بل إن العلماء رحمهم الله قالوا: إن ذبح الشاة أفضل من ذبح البعير، يعني: لو أردت أن تعق بشاة أو ببعير قلنا لك: الأفضل أن تعق بشاة؛ لأنها هي التي وردت بها السنة.
الجواب: أن صيام هذا اليوم صحيح؛ لأن الدم لم ينزل إلا بعد غروب الشمس، والمرأة إذا أحسَّت بالحيض ولم ينزل الدم إلا بعد غروب الشمس فإن صومها صحيح، سواء فرضاً أم نفلاً.
الجواب: أولاً: لا بد أن نعلم أن إعادة الجماعة في مسجد أقيمت فيه الجماعة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون ذلك على وجه الاستمرار، بحيث يكون في هذا المسجد جماعتان دائماً، فهنا نقول: إن الجماعة الثانية بدعة؛ لأن المطلوب من الأمة الإسلامية أن تجتمع على إمام واحد.
القسم الثاني: أن تكون الجماعة الثانية عارضة، يعني ليست باستمرار، فهذه الجماعة مشروعة، ومن قال إنها بدعة فقد أخطأ، فإذا دخل المسجد جماعة قد فاتتهم صلاة الجماعة الأولى فإنهم يصلونها جماعة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله).
ولأن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه وقد انتهت الصلاة فقال: (ألا رجل يقوم إلى هذا فيتصدق عليه فيصلي معه، فقام أحد الصحابة فصلى معه).
إذاً: هذه الجماعة التي كانت بعد الجماعة الأولى بدون أن تكون باستمرار جماعة مطلوبة، وليست بمكروهة ولا محرمة ولا بدعة.
وأما سؤال السائل: هل يكون المتصدق إماماً أو مأموماً؟ فميزان هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فإن كان الذي قام ليتصدق أقرأ لكتاب الله من الرجل الداخل، فليكن هو الإمام، وإن كان الثاني -أعني الداخل- أقرأ من الذي قام ليتصدق عليه فإنه يكون هو الإمام، وإن تساوى الرجلان أو تقاربا، فإن الإمام هو الداخل، فيكون المتصدق مأموماً بالداخل، ليكون متنفلاً خلف من يصلي الفريضة، ولا حرج أن يكون الداخل مأموماً والمتصدق إماماً؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليلها فعل معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم هذه الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة.
وأما سؤال السائل: هل يتم الصلاة معه أو يقتصر على ركعتين؟ فجوابه: أنه يتم الصلاة معه، حتى لو كانت صلاة المغرب، فإنه يصليها ثلاثاً كحال الداخل.
وأما سؤال السائل: هل يصلي هذه النافلة في وقت النهي؟ فالجواب: نعم. يصليها في وقت النهي؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم: (أن كل نفل له سبب فإنه لا نهي عنه). ففعل ذوات الأسباب في أوقات النهي جائز، لأن السنة وردت بمثل ذلك.
الجواب: صلاة الجنازة من فروض الكفايات، والقائم بها يثاب ثواب الواجب، فإذا دخل الداخل وقد كبر الإمام بعض التكبيرات، فإنه يدخل معه ويدعو بالدعاء في التكبيرة التي كبرها الإمام، فإذا قدرنا أنه دخل والإمام في التكبيرة الثالثة، والتكبيرة الثالثة هي التي يدعى فيها للميت، فإنه يدخل معه ويدعو للميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) ثم إذا سلم الإمام من صلاة الجنازة، أتم المأموم ما فاته إن بقيت الجنازة حتى يتم، فإن رفعت قبل أن يتم فله أن يسلم، وله أن يكبر تكبيرات متوالية فيما بقي من التكبيرات ويسلم، هكذا قال أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة.
فما حكم الراتب والحال ما ذكرت والعمل حيال ذلك؟
الجواب: النجاح بالغش إذا كان في الشهادة الأخيرة التي بني عليها الراتب، فالذي أرى أنه لا يستحق الراتب؛ لأن المبني على الباطل باطل، وعلى هذا فيعيد الاختبار مرة ثانية، اللهم إلا إذا كانت الوظيفة من مختصات الدروس التي نجح فيها بدون غش فأرجو ألا يكون عليه بأس، ولكن عليه التوبة.
مثال ذلك: لو توظف وظيفة محاسبة، وكان في مادة المحاسبة قد نجح، وغش في غيرها، فأرجو أن تكون وظيفته حلالاً؛ لأنه يجيد العمل الخاص بها ولكن عليه أن يتوب إلى الله مما صنع من الغش.
الجواب: إذا كان السائق أميناً وركبت معه امرأتان فأكثر إلى السوق، فإن هذا لا بأس به، وذلك لأن المحذور هو الخلوة أو السفر؛ فلا يحل أن يخلو السائق بامرأة واحدة ولو إلى السوق، ولا يحل للسائق أن يسافر ولو بنساء متعددات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فإذا كان الذهاب والمجيء في نفس البلد ولم تحصل خلوة، بل كان مع السائق امرأتان فأكثر، وكان السائق أميناً، فإن هذا لا محذور فيه ولا حرج فيه، ولكن السائق لا بد أن يكون أميناً، أما إذا كان غير أمين فإنه يخشى من شره، ولو كانت المرأة معها امرأة أخرى.
وأما مسألة استجلاب السائقين والخدم والخادمات، فالذي نرى أنه لا ينبغي إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك؛ لأن الأمور الواقعة من بعض الخدم من رجال أو نساء توجب للإنسان التوقف في استجلاب هؤلاء الخدم.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يقدم أرضاً باسمه وهي لغيره من أجل أن يتحيل على أخذ أموال من البنك العقاري؛ لأن المقدم سوف يقدم هذه الأرض على أنها له وهو كذب، وما ترتب على الكذب فإنه حرام، ولكن خير من هذا أن يطلب من أخيه أن يبيع عليه الأرض بثمن مؤجل ولو زاد ثم يقدمها إلى البنك، ويكون في هذه الحال قد أتى البيوت من أبوابها.
الجواب: المريض إذا صلى جالساً أو إذا صلى غير المريض النفل جالساً، فإنه يتربع في حال القيام وفي حال الركوع، أما في حال السجود والجلوس، فإنه يكون كهيئته في جلوس التشهد أو الجلسة بين السجدتين، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى جالساً صلى متربعاً، وأما في حال السجود وفي حال الجلوس بين السجدتين وفي حال التشهد فإن الافتراش هو الأقرب إلى هيئة الصحيح، وما كان هو الأقرب إلى هيئة الصحيح فهو أولى.
الجواب: القول الراجح أن فعله صحيح، يعني: أنك إذا أدركت الإمام وهو يصلي العشاء وأنت لم تصل المغرب أن تدخل معه، فإذا قام إلى الرابعة فاجلس وانو الانفراد عن الإمام، وأكمل التشهد وسلم، ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء، هذا هو القول الراجح.
وقال بعض العلماء: بل صل المغرب أولاً وحدك أو مع من معك، ثم بعد هذا ادخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.
وقال بعض العلماء: ادخل مع الإمام بنية صلاة العشاء فإذا فرغت منها فصل المغرب.
فهذه ثلاثة أقوال لأهل العلم، وأقواها وأرجحها القول الأول، وهو أن تدخل معهم بنية المغرب، ثم إذا قام إلى الرابعة جلست وتشهدت وسلمت ودخلت مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.
الجواب: يجب أن نعلم أن الأحكام الشرعية تتفق فيها النساء مع الرجال والرجال مع النساء، إلا ما قام الدليل على التفريق بينهما، وعلى هذا: فالمرأة يشرع لها في مسح الرأس ما يشرع للرجل، فتضع يديها على مقدم الرأس، ثم تردهما إلى قفاه ثم تردهما إلى المحل الذي بدأت منه كما يصنع الرجل ولا يلزمها أن تمسح إلى أسفل الرأس، بل تمسح إلى حد منابت الرأس، وكذلك الرجل إذا كان له شعر طويل إلى الكتفين، فإنه لا يلزمه أن يمسح إلا على قدر منابت الشعر فقط.
الجواب: نصيحتي لك أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تصدق الإقبال إلى الله، وأن تستحضر عظمة من عصيت وعقوبته عز وجل لمن خالف أمره، وأن تقرأ قول الله تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر:49]وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ [الحجر:50]
فاستغفر الله واسترحمه، وخف من عذابه.
وأما كونك تصلي وصلاتك لا تنهاك عن المنكر فلعل صلاتك فيها قصور؛ لأن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر هي الصلاة الكاملة، التي تكون على وفق ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم باستحضار القلب، وأداء العمل كما جاءت به السنة.
وليس كل صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، بل الصلاة المقامة التي أقامها الإنسان على الوجه الذي ينبغي، قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] يعني: التي أقمتها على الوجه الصحيح.
الجواب: لا بأس إذا علم الإنسان أو غلب على ظنه أن فلاناً يطلب ويبحث عن سلعة معينة، فذهب الإنسان فاشتراها ثم باعها عليه بثمن مؤجل أكثر مما اشتراها به؛ لأن هذا الرجل لم يتفق مع المشتري على بيع السلعة قبل أن يشتريها، وإنما رأى رغبة الناس أو رغبة هذا الشخص في هذه السلعة فاشتراها ثم باعها عليه.
ولكن يجب أن يقيّد هذا بما إذا لم يكن خداعاً؛ لأن بعض الناس يخدع إخوانه؛ يعلم أن هذه الأرض سيمر بها طريق -شارع- فيذهب إلى صاحبها ويشتريها منه من أجل أن تثمن له، ولا يخبر صاحبها أنه قد تقرر أن يمر بها الشارع وتثمنها الحكومة، وهذا غش لا يحل له، يجب أن يقول: إنني سمعت أن الحكومة سوف تفتح طريقاً على أرضك، وبالطبع سوف تثمن لك الأرض، وحينئذ إن شاء باع وإن شاء انتظر.
أما أن تعلم أنه لابد أن يمر الطريق على هذه الأرض وأنه سوف يثمن لهذه الأرض ثمن كبير، فتخدع صاحب الأرض وتشتريها من غير أن تعلمه فإن هذا من الغش.
الجواب: إذا كان هذا الدفتر قد جرت العادة بإعطاء مثله كما يوجد في بعض المحطات، تعطي الزبائن دفتراً من أجل أن يقيد به ما يأخذه من البنزين، وكان ثمن البنزين هو الثمن المعتاد في البلد، فإن هذا لا بأس به ولا حرج فيه، أما إذا كان صاحب الجائزة -أعني صاحب المحطة- يزيد في الثمن -في ثمن البنزين- فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه إذا زاد في الثمن زاد على المشتري، فالمشتري يأخذ بزيادة قد تحصل له جائزة وقد لا تحصل.
فإن حصلت جائزة كان غانماً، وإن لم تحصل كان غارماً، وكل عقد يكون دائراً بين الغنم والغرم فإنه من الميسر الذي حرمه الله عز وجل.
لكن يقول بعض الناس: إذا كان البنزين بسعره العادي، وكانت قد جرت العادة بأن يعطى الزبون هذا الدفتر، فإن صاحب المحطة إذا وضع جائزة يحسد من عنده محطة أخرى ويقطع رزقه، فالجواب عن ذلك نقول: الرزق بيد الله عز وجل وقد يسوق الله الرزق إلى صاحب محطة ليس عنده هذه الجوائز، وقد يحرم الله الرزق صاحب هذه المحطة وإن كان عنده جوائز، ثم نقول: إن المحطات الأخرى لا حرج عليها أن تضع جائزة مثل هذه الجائزة، حتى لا يذهب الناس عنها إلى المحطة الأخرى التي فيها الجائزة.
الجواب: ليس في هذا محظور، ما دامت القيمة لم تزد من أجل هذه الجائزة، والقاعدة هي: أن العقد إذا كان الإنسان فيه إما سالماً وإما غانماً فهذا لا بأس به. أما إذا كان إما غانماً وإما غارماً فإن هذا لا يجوز، هذه القاعدة؛ لأنه إذا كان إما غانماً وإما غارماً، فهو من الميسر، وأما إذا كان إما غانماً وإما سالماً فإنه لم يتضرر بشيء، إما أن يحصل له ربح وإما ألا يربح ولكنه لم يخسر.
الجواب: قبل الإجابة على سؤالها أقول: إن استعمال هذه الحبوب ضار على المرأة، على رحمها وعلى عادتها، وعلى دمها، بل وعلى جنينها في المستقبل، قد يحصل من هذه الحبوب تشويه للأجنة، فيخرج الجنين مشوهاً، ولهذا كثر الآن هذا التشويه، ما أكثر ما نسأل عن جنين في بطن أمه ليس على رأسه عظام، ونسأل عن جنين مشوه، كل هذا من أجل هذه الحبوب التي ضرت المسلمين من جهة، ومنعت كثرة الإنجاب من جهة أخرى.
أما بالنسبة للجواب: فلتسأل السائلة الأطباء: هل يعتبر هذا الدم حيضاً أم هو دم عِرق، إن كان دم عرق، فإنه لا يمنعها من الصيام وصيامها صحيح، ولا يمنعها من الصلاة، فيجب عليها أن تصلي، وأما إذا كان من الحيض، تحرك بسبب هذه الحبوب، فإن صيامها لا يصح ولا تلزمها الصلاة.
الجواب: حجه صحيح؛ لأن جميع مناسك الحج لا يشترط لها الطهارة إلا الطواف، على خلاف فيه، ولكن الحيض يمنع من الطواف مطلقاً، حتى من قالوا بأن الطهارة لا تشترط للطواف يقولون: إن الحائض لا تطوف؛ لأنه يلزم من طوافها أن تمكث في المسجد الحرام وهي حائض، وهذا لا يجوز.
ولكن يلام هذا الرجل: لماذا لم يغتسل طول يوم عرفة؟! قد يقول: ليس عندي ماء، نقول: إذا لم يكن عندك ماء فتيمم حتى تجد الماء، على أن الغالب ولله الحمد في السنوات الأخيرة أن الماء متوفر، ويمكن أن يغتسل الإنسان أي وقت شاء.
وكذلك لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن أوقاتها في يوم عرفة، فكان ينبغي عليه أن يغتسل ويصلي، فإن لم يجد ماء فليتيمم وليصل.
الجواب: نسأل الله أن يشفيك، أقول: هذه الغازات التي ابتليت بها، إذا كنت لا تستطيع حبسها، فإنها كسلس البول تماماً، وعلى هذا فلا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول وقتها، وإذا توضأت وخرج منك شيء فإنه لا ينتقض وضوءك حتى يأتي وقت الصلاة الأخرى، فإذا جاء وقت الصلاة الأخرى فتوضأ بعد دخول وقتها.
وإني أشير عليك أن تعرض نفسك على طبيب مختص لعل الله أن يجعل على يديه الشفاء.
فاستعمال هذه الإبر ليس فيه بأس، ولا ينافي التوكل بل هو من فعل الأسباب النافعة التي يدفع الله بها الشر.
نسأل الله أن يقينا وإياكم شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يعيدنا جميعاً لمثل هذا الاجتماع، وأن يجعلنا من المستمعين المنتفعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر