إسلام ويب

اللقاء الشهري [45]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • سورة الطارق سورة عظيمة، تتضمن قَسَم الله على حقائق مهمة، لكي يتفكر فيها الإنسان، فيحقق الغاية التي أرادها الله منه، وفي هذا اللقاء تفسير آيات بينات من هذه السورة بأسلوب اجتمع فيه اليسر والسهولة مع كثرة الفوائد، كما تضمنت إجابات الأسئلة أحكاماً كثيرة تمس الحياة اليومية.

    1.   

    وقفات مع سورة الطارق

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الأول من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبير بـعنيزة ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وهذا هو الشهر الأول من عام (1418هـ).

    أيها الإخوة! إننا حين نتأمل ونتفكر في الليالي والأيام والساعات واللحظات نجد أنها تمر مراً سريعاً كأنما تخطف من بين أيدينا، ولكننا مع ذلك لا نحاسب أنفسنا ماذا عملنا في هذه الأيام التي تمضي بهذه السرعة، هل منا من يحاسب نفسه كل يوم: ماذا عمل؟ ماذا فعل من طاعة الله؟ ماذا تجنب من محارم الله حتى يصلح ما فسد، ويزيد على ما بنى؟ وذلك لأن الإنسان يقطع هذه الدنيا مرحلة مرحلة، ساعة بعد ساعة، بل لحظة بعد لحظة وإذا به قد انتهى مساره، وانقطعت أخباره، وكما قال الشاعر:

    بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً     حتى يُرى خبراً من الأخبار

    ولكن المؤمن إذا فكر في نفسه وفي خلوته ازداد حماساً وقوة في طاعة الله تبارك وتعالى، أسأل الله أن يرزقني وإياكم اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات.

    معنى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) ودلائل القسم بهما

    موضوعنا الليلة أن نتكلم عما سمعنا بل على ما تلوته وسمعتموه من قول الله تبارك وتعالى: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ [الطارق:1-2] إلى آخره.

    فقوله جل وعلا: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1] الواو: للقسم، أقسم الله تعالى بالسماء وذلك لعظمها وارتفاعها وسعتها وقوتها، قال الله تعالى: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً [النبأ:12]أي: قوية، وقال تعالى: وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ [الذاريات:47] أي: بقوة وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات:47] فأقسم الله بالسماء لعظمها.

    (والطارق) هل هو الذي يطرق أهله ليلاً أم الضيف الذي يطرق مضيفه ليلاً؟

    الطارق قال الله تعالى فيه مفخماً إياه: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ [الطارق:2] أي: أيُّ شيء أعلمك عن هذا الطارق؟ وما هو؟ وماذا يطرق؟ فبينه عز وجل، فبين الله عز وجل أنه: النَّجْمُ الثَّاقِبُ [الطارق:3] وهل هو نجم واحد أم المراد جنس النجم؟ الظاهر الثاني، أي: أن المراد جنس النجم، وليس نجماً واحداً معيناً؛ لأن كل نجم وإن دق فهو ثاقب، أي: يثقب الظلام بنوره، أحياناً يصل نور الكواكب إلى الأرض، ونحن شاهدنا ذلك، ويشاهده أهل البر الذين ليس عندهم إضاءة بالكهرباء فتجدهم يجدون نور الكواكب ساطعاً في الأرض لا سيما الكواكب المضيئة الكبيرة.

    إذاً النَّجْمُ الثَّاقِبُ [الطارق:3] المراد به ماذا؟

    هل هو نجم واحد معين أم كل النجوم؟

    الجواب: المراد كل النجوم فهي ثاقبة تثقب الظلام بضيائها، وهي -أيضاً- ثاقبة تثقب الشياطين الذين يستمعون أخبار السماء ويلقونها إلى الكهان، كما قال الله تبارك وتعالى: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ [الحجر:18] يثقب الشيطان -يخرقه- حتى يحرقه.

    هذه الشياطين التي تسترق السمع تنزل بما تسمع من السماء على الكهان، والكهان هم الذين يحدثون الناس بما يكون في المستقبل سواء كان عاماً أو خاصاً، فالكاهن يقول: سيحدث مثلاً في هذا العام المقبل كذا وكذا من البلاء والمصائب، أو يقول لشخص معين: يا فلان سينالك في هذا العام المقبل كذا وكذا.

    فالكاهن إذاً: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل سواء كانت هذه المغيبات عامة أو خاصة.

    تنزل الشياطين بما سمعت من السماء على الكهان فيأخذ الكاهن ما سمع ثم يضيف إليه كلمات أخرى، كما قال بعض السلف: يكذب معها مائة كذبة، فيتحدث الناس بهذا الخبر، ثم إذا وقع شيء مما أخبر به ادعى أنه يعلم الغيب، وقال: إنه يعلم ما سيكون، وسلب عقول الناس، ولقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) أي إنسان يأتي إلى كاهن ويقول: يا فلان أخبرني كيف سيكون مستقبلي؟ قال: مستقبلك طيب، أو قال: مستقبلك رديء، فإذا صدق فقد كفر بما أنزل على محمد، لماذا؟ لأن الله تعالى قال: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] فمن صدق أحداً بعلم الغيب فقد كذب هذه الآية، وتكذيب جزء من القرآن أو آية من القرآن أو حرف من القرآن كفر وردة عن الإسلام.

    وإننا في هذا الزمن ابتلينا بمثل هؤلاء أو قريب منهم، وابتلي الناس -أيضاً- في الأوهام والتخيلات التي لا أصل لها، فتجد الواحد إذا أصيب بأدنى شيء ولو بضيق صدر طارئ يضيق صدره بحادث طارئ ثم يقول: إنه قد أصيب بجن أو سحر أو عين، ثم لا تزال هذه التخيلات في ذهنه حتى تنعقد، وتكون حقيقة أو قريبة من الحقيقة، ولهذا يجب علينا ألا نصدق هذه الأوهام وأن نعرض عنها، ومتى أعرضنا عنها فإنها ستزول بإذن الله، لأن جميع الوساوس الرديئة التي يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، إذا امتثل الإنسان أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيها، نجا منها.

    ألم تعلموا أن الشيطان يأتي إلى الإنسان ويقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول له: من خلق الله؟! نسأل الله العافية! وحينئذ يجب أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي ويعرض ولا يلتفت.

    أسباب التخيلات الشيطانية التي يقع فيها الناس

    هذه التخيلات التي تقع لكثير من الناس سببها والله أعلم: أن كثيراً من الناس أعرض عن الأوراد الشرعية التي تحمي الإنسان من الشياطين مثل: آية الكرسي، فآية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، ولهذا ينبغي لنا أن نعلمها أطفالنا البنين والبنات، نحفظهم إياها ونقرؤهم إياها كلما حل الليل بظلامه ليكون ذلك حارساً لهم.

    أنت لو استأجرت شخصاً يحرس أولادك في ليلة واحدة وأعطيته ألف ريال لسهل عليك، لكن حراسة الرب عز وجل لأولادك إذا قرءوا هذه الآية أعظم وأعظم: (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح).

    السبب الثاني: الفراغ، والفراغ قتال، وما أكثر الفراغ عندنا! الفراغ في شبابنا وفي فتياتنا وفي كبارنا، فراغ قاتل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ) والإنسان إذا فرغ ولم يكن عنده عمل يحرك به جسمه، ويحرك به عقله، ويحرك به فكره توالت عليه الهموم، وجرب تجد، اشتغل في علم، في مال، في صنعة، فلن ترى هذه الوساوس، اترك الشغل تتوال عليك وتتوارد عليك الوساوس.

    ومن الأسباب: ضعف التوكل على الله عز وجل، التوكل على الله عند كثير من الناس ضعيف، لا يعتمدون إلا على الأسباب المادية وينسون الرب عز وجل، ينسون الذي يقول للشيء كن فيكون، ويعتمدون على الأمور المادية.

    الإنسان لو أصابه زكام -والزكام من أخف ما يكون من الأمراض- هل يوطن نفسه ويصبر ويعلق قلبه بالله وينتظر الفرج من الله والعافية من الله، ويقول: هذه الأذية التي حصلت لي هي أجر وتكفير سيئات، أم من حين أن يصاب يذهب إلى المستشفى؟ غالب الناس يفعلون الثاني، ولذلك لما ضعف التوكل عندهم صاروا يعتمدون على الأسباب المادية البحتة، لكن لو اعتمدوا على الله وقالوا: الجن أذل من أن يكونوا مسلطين على الإنس إلا أن الإنس إذا فرطوا في التحصن غلبتهم الجن، لكن إذا قاموا بالتحصن على الوجه المطلوب حماهم الله عز وجل.

    ومن الأسباب أيضاً: أن الله عز وجل يري عباده أن هذه الدنيا ليست دار ترف ونعيم لا يمس الإنسان فيها نصب، بل لا بد من كدر .. لا بد من تنغيص، لا يمكن للدنيا أن تكون صفواً للإنسان من كل وجه؛ حتى أغنى الناس وأقواهم سلطة وأكثرهم جنوداً لا بد أن تنغص عليهم الحياة، حتى أعبد الناس لا بد أن تصيبه المصائب، لكن المؤمن وإن أصابته المصائب فهي خير له: (المؤمن إن أصابته الضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته السراء شكر فكان خيراً له) لكن غير المؤمن إذا أصابته الضراء تضجر وجزع، وربما يفعل الأفعال المحرمة أو يقول الأقوال المحرمة مع ما انطوى عليه قلبه من التسخط من قضاء الله، هذا غير المؤمن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية) فتبرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من هؤلاء.

    شق الجيب من الحزن والتسخط وعدم الصبر.

    ضرب الخد: لأنهم كانوا في الجاهلية إذا حزنوا من الشيء قام الواحد يضرب خده.

    ودعا بدعوى الجاهلية: ما هي دعوى الجاهلية؟ الويل والثبور يقول: يا ويلاه .. يا ثبوراه .. كيف أصاب بهذه المصيبة؟ وما أشبه ذلك.

    نعود إلى الآية الكريمة النَّجْمُ الثَّاقِبُ [الطارق:3] ما معنى الثاقب؟

    الجواب: الثاقب الذي يثقب الظلام بضيائه وينفذ من أعلى ما يكون إلى الأرض، الثاقب: الذي يثقب الشياطين التي تستمع ما يكون في السماء.

    المراد بالحافظ على كل نفس

    قال تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق:4] أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ، فكل نفس عليها حافظ من الله، قال الله عز وجل: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11] وقال تعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ [الأنعام:61] قال العلماء: انظر إلى فضل الله، انظر إلى نعم الله يحفظ الإنسان حياً وميتاً وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً [الأنعام:61] في الحياة، وبعد الممات تقبضه الرسل (الملائكة الكرام) وهم لا يفرطون في هذه النفس التي توفوها، بل يحفظونها أتم حفظ، فالإنسان محفوظ حياً وميتاً: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق:4].

    ومن الحفظة: الكرام الكاتبون، كما في سورة الانفطار: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ [الانفطار:10-11] هؤلاء الحفظة الكاتبون يحفظون كل ما يصدر من الإنسان من قول أو فعل، قال الله تعالى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ [ق:17] يعني: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18] كل قول ما تلفظه إلا عندك رقيب عتيد، مراقب حاضر، الرقيب: هو المراقب، والعتيد: هو الحاضر الملازم. كم تكلمت من كلمات؟ لا تحصى، الإنسان لا يحصي ما تكلم به، كل كلمة فإنها مكتوبة، ومتى نطلع على ما كتب؟ قال الله تعالى: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء:13-14] يطلع عليه الإنسان يوم القيامة تاماً، أي قول كان.

    دعوة إلى النظر في أصل الخلق

    قال تعالى: فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ [الطارق:5] اللام في قوله: فَلْيَنْظُرِ [الطارق:5] لام الأمر، أمر الله أن ننظر مما خلقنا، وأجاب: خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ [الطارق:6-7] وهو ماء الرجل، فالإنسان مخلوق من ماء الرجل الذي يخرج من بين الصلب والترائب، أما كيف يخرج؟ فهذا إلى الله عز وجل، لكن نعلم ونؤمن بأن هذا الماء يخرج من بين الصلب والترائب.

    ولقد توهم بعض العلماء وقالوا: المراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وهذا خطأ؛ لأن الذي يخرج من الرجل غير الذي يخرج من المرأة، الذي يخرج من الرجل ماء دافق، وأما من المرأة فلا، والله تعالى إنما ذكر ماءً واحداً وهو ماء الرجل لأنه هو الماء الدافق، فتكوين الإنسان من ماء الرجل، لكن الله تعالى جعل لهذا الماء محلاً: فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ [المرسلات:21] هذا المحل هو رحم المرأة الذي فيه البويضات التي تحتضن ماء الرجل حتى يصبح جنيناً بإذن الله.

    إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ [الطارق:8] (إنه) أي: الرب عز وجل عَلَى رَجْعِهِ [الطارق:8 ] أي: على رجع الإنسان وذلك يوم القيامة لَقَادِرٌ [الطارق:8] لأن القادر على أول الخلق قادر على إعادته، كما قال الله تعالى: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104] وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الروم:27].

    إذاً إِنَّهُ [الطارق:8] الضمير يعود على الله عَلَى رَجْعِهِ [الطارق:8] الضمير في رجعه يعود على الإنسان، أي: إن الله على رجع الإنسان لقادر، وتأمل قول الله تبارك وتعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا [يس:51-52] فيقال لهم: هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:52-53] سبحان الله! صيحة واحدة يأمرهم الله بها أن يخرجوا من القبور أحياءً فيخرجون أحياء فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:53].

    معنى: (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)

    ثم قال عز وجل: يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [الطارق:9] يعني: إن الله قادر على رجعه يوم تبلى السرائر وذلك يوم القيامة، والسرائر: جمع سريرة وهو ما يكنه الإنسان في نفسه، والإنسان يوم القيامة يختبر عن هذا، لا يختبر على الظاهر يختبر على الباطن، انتبهوا -بارك الله فيكم- فيوم القيامة الأساس والعمدة: الباطن .. السريرة، وفي الدنيا: الظاهر، فنحن نحكم على الناس في الدنيا بالظاهر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما أقضي بنحو ما أسمع) رأينا هذا الرجل يأتي المسجد ويتصدق ويصوم ويصلي، فنحكم عليه بأنه مسلم، وقد يكون في باطن أمره والعياذ بالله منافقاً، لأن الله تعالى قال في المنافقين: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [المنافقون:4] وهو منافق، أعاذني الله وإياكم من النفاق.

    المدار يوم القيامة ليس على الأعمال الظاهرة، المدار على ما في القلوب: يَوْمَ تُبْلَى [الطارق:9] أي: تختبر السَّرَائِرُ [الطارق:9] جمع سريرة، وهو ما يسره الإنسان في نفسه، ومثل هذا قوله تعالى: أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [العاديات:10].

    ثم قال عز وجل: فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ [الطارق:10] فيوم القيامة لا ينتصر الإنسان لنفسه لأنه ليس عنده قوة، ولا بغيره لأنه ليس له ناصر، ويوم القيامة لا ينفع إلا العمل الصالح، لا أب ولا أم ولا أخ ولا ابن ولا حارس في الدنيا ولا جندي، ولا أي أحد، لا أحد ينصره، ليس له قوة بنفسه ولا قوة بغيره، لأنه ما له قوة ولا ناصر.

    القسم بالسماء والأرض على أن القرآن قول فصل

    ثم قال عز وجل: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ * وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ [الطارق:11-12] الواو هنا للقسم مثل ما قال في أول السورة: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1] أقسم الله بالسماء مرة ثانية ووصفها بأنها ذات رجع أي: ذات مطر، لأن المطر ترجع به الأرض حية بعد موتها، فالسماء تنزل منها الأمطار وترجع به الأرض حية بعد أن كانت ميتة.

    وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ [الطارق:12] الأرض ذات الصدع: أي صاحبة الصدع، والصدع هو التشقق؛ لأن الأرض إذا نزل عليها المطر تشققت بالنبات، مطر ينزل وأرض تخرج (تتشقق).

    وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ * إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ [الطارق:12-13] إنه: أي القرآن لَقَوْلٌ فَصْلٌ [الطارق:13] أي: يفصل بين الحق والباطل، وبين المؤمن والكافر، وبين المقاتلين المسلمين وأعدائهم، فإنه فصل يفصل وليس فيه هزل ولا فيه تهكم، هو ليس بالهزل بل إنه قول فصل، ولهذا قال: وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ [الطارق:14] خلافاً للكفار الذين قالوا: إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال:31].

    كيد الكافرين وكيد الله

    ثم قال تعالى: إِنَّهُمْ [الطارق:15] أي: الكفار يَكِيدُونَ كَيْداً [الطارق:15] أي: يكيدون كيداً عظيماً، والكيد: هو أن يتوصل الإنسان إلى الإضرار بخصمه على وجه خفي، ومثله المكر والخداع، فكفار قريش كادوا كيداً عظيماً للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أعظم كيدهم له ما ذكره الله عز وجل: وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ [الأنفال:30] ثلاثة آراء: لِيُثْبِتُوكَ [الأنفال:30] يعني: ليحبسوك حتى تبقى ثابتاً في الحبس لا تستطيع أن تخرج أَوْ يَقْتُلُوكَ [الأنفال:30] أي: الإعدام أَوْ يُخْرِجُوكَ [الأنفال:30]فقال الله تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].

    وهنا قال: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً [الطارق:15-16] يعني: أنا أكيد كيداً، وتأمل لما ذكر كيدهم ذكره بالجمع إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ [الطارق:15] ولما ذكر كيده هو عز وجل ذكره بالإفراد ولم يقل: ونكيد كيداً، فكيد الله تعالى وهو واحد عز وجل يغلب كيد جميع من كادوا.

    وفي قوله: يَكِيدُونَ كَيْداً [الطارق:15] تعظيم لكيدهم لأنه جاء بصفة النكرة أي: يكيدون كيداً عظيماً وَأَكِيدُ كَيْداً [الطارق:16] كذلك تعظيم كيده سبحانه، يعني: وأكيد كيداً أعظم من كيدهم، وهذا هو الذي حصل، كاد الله لنبيه عليه الصلاة والسلام حتى خرج من مكة سالماً وعاد إليها فاتحاً بعد سُنّّيات قليلة.

    معنى إمهال الكافرين

    ثم قال: فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:17] مهلهم يعني: أخرهم، انتظر فالعذاب واقع بهم لا محالة.

    وقوله: أَمْهِلْهُمْ [الطارق:17] ليس معناه: أمهلهم أنا.. بل مهلهم أمهل، قال العلماء: الجملة الثانية توكيد للأولى لكن اختلف التعبير، فالمعنى: مهل الكافرين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:17] أي: قليلاً فسوف يجدون مكرهم وكيدهم، وهذا هو الذي وقع، ألم تعلموا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج من مكة مهاجراً خائفاً مختفياً، وبعد ثمان سنوات رجع ظافراً منصوراً غالباً حتى إنه وقف على باب الكعبة بعد أن تم الفتح وقريش تحته تنتظر ماذا يفعل فقال: (يا معشر قريش! ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم. قال: أقول كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء) فكانت العاقبة -ولله الحمد- للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهكذا كل إنسان يقوم بأمر الله فإن العاقبة ستكون له، ولكن لينتظر حتى يلحق بدرجة الصابرين والعاقبة للمتقين.

    أسأل الله أن يرزقني وإياكم فهماً في كتابه وعملاً به إنه على كل شيء قدير، والآن إلى دور الأسئلة نسأل الله أن يوفقنا للصواب.

    1.   

    الأسئلة

    مقاومة التخيلات بالذكر

    السؤال: سائل يقول: فضيلة الشيخ!أنا شاب كلما دخلت في صلاتي وسوس لي الشيطان أتخيل أني مريض بالمس، وأريد دائماً أن أذهب إلى من يقرأ عليَّ، وكذلك أتخيل أشياء من المستحيل أن تقع، فهل من ذكر يطرد ذلك عني؟

    الجواب: الذكر -والحمد لله- موجود، وكل داء له دواء، والشياطين والجن ليسوا عالماً مشهوداً يستطيع الإنسان أن يتخلص منهم بالسلاح أو بالجنود لكنهم عالم غيبي، يسلطون على من لم يتحصن بالأوراد، ولذلك أحثكم على كثرة الأوراد، وكثرة الذكر حتى تسلموا من عاقبة هؤلاء.

    أنصح لهذا الأخ: أن يكثر ذكر الله عز وجل، وقراءة القرآن، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا أحس بشيء وظن أنه من مس الجن فليقل في نفسه: كيف يمسني الجن؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وليتصبر وليتحمل مع الذكر والقرآن فإنه يزول عنه بحول الله.

    نصيحة للموسوسين

    السؤال: سائل يقول: فضيلة الشيخ! شخص حائر! حيث أني عندما أتبول وأتوضأ ثم أصلي أحس بخروج شيء من ذكري، ولو فتشت عن ذلك لوجدت أنه قد خرج بعض البول، فما الحل؟

    الجواب: لا شك أن الله عز وجل من حكمته أنه جعل للبول والغائط ما يمسكه من الأعصاب القوية التي تشد عليه حتى لا يخرج منه شيء، لكن قد تصاب هذه الأعصاب بمرض فتسترخي فيخرج البول، إما باستمرار، وإما في وقت دون آخر، وقد يكون الإنسان نفسه هو السبب في ذلك، فإن من الناس من إذا انتهى من البول أمسك مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر يسلتها سلتاً، ومن الناس من يبقى يتعصر حتى يخرج آخر قطرة من البول، وهذا غلط، حتى وإن كان بعض الفقهاء يقولون: إنه يسن السلت والنتر فإنه قول ضعيف، بل هو بدعة كما نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكما هو ظاهر من السنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام ما حفظ عنه أبداً أنه يسلت مجاري البول من عند الدبر إلى رأس الذكر أبداً، ولا أنه يتعصر وينتر الذكر أبداً، لكن بعض الناس يفعل هذا؛ إما تقليداً لقول من قاله من الفقهاء وإما لأنه يتوهم أنه إذا لم يفعل هذا يبقى البول في ذكره، وهذا غلط.

    إذا بال الإنسان فليغسل رأس الذكر فقط وكفى، ولا حاجة لأن يعصر القصبة أبداً ولا يحركها، بل يغسل رأس الذكر الذي أصابه البول، وينتهي كل شيء، لو اعتاد الإنسان هذا لما حصل له هذا المرض الذي تسبب له هو.

    فنصيحتي لهذا الأخ: أن يعرض عن هذا، ولا يلتفت إليه، ولا ينتر الذكر ولا يسلته، بل يدعه على طبيعته، فإذا خرجت آخر نقطة غسل رأس الذكر، ربما يحس الإنسان بحركة في ذكره، فليس عليه أن ينظر؛ لأن بعض الناس إذا أحس بحركة أرخى سراويله وجعل يعصر ذكره من فوق، إذا عصره فلابد أن يخرج شيء، لكن دعه ولا تلتفت له، حتى إن بعض العلماء رحمهم الله قال: إنه في هذا الحال إذا ابتلي بهذا الوسواس يرش على سراويله الماء من أجل إذا فكر أو شك يحمل ذلك على هذا الماء، لكن نحن نقول: لا حاجة لهذا، هذا تكلف، أعرض عن هذا ولا تشتغل به ويزول عنك بإذن الله، ولا تذهب إذا أحسست ببرود في رأس الذكر أو أحسست بحركة في داخل الذكر لا تذهب لتنظر، دع هذا.

    الفرق بين الساحر والكاهن

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما الفرق بين الكاهن والساحر؟ وهل إذا ذهب إلى أحدهما وأمره بفعل شيء ففعله لكنه لم يصدقه؛ فهل يدخل في الحديث الذي فيه: (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهل يأثم بفعله هذا؟

    الجواب: الساحر قد يكون كاهناً، والكاهن قد يكون ساحراً، بمعنى أنه قد تجتمع في الإنسان هاتان الخصلتان الذميمتان: أن يكون ساحراً وأن يكون كاهناً، لكن الفرق بينهما إذا جعلنا الساحر وحده والكاهن وحده: الكاهن له شياطين تخبره بخبر السماء عن المستقبل، فالكاهن لا يتحدث إلا عن المستقبل.

    الساحر والعراف ربما يتحدث عن الشيء الذي جرى، فمثلاً: يخبرك أين موضع الضالة، إذا ضاع عليك شيء يقول: موجود في المكان الفلاني، هذا العراف والساحر، لكنهم لا يخبرون عن المستقبل لأنه ليس لهم شياطين تخبرهم عما وقع في السماء، ولهذا نقول: هؤلاء الثلاثة -الساحر والعراف والكاهن- قد تجتمع هذه الصفات كلها في واحد، وقد تختلف، لكن الكاهن هو الذي يخبر عن المستقبل، ولا هو يخبر عن شيء واقع.

    كيفية الدعاء على الظالم

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل الأفضل للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، أم أن يفعل الأسباب التي يكون فيها رد عليه خصوصاً وقد جاء في الحديث: (إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب) فهل في هذا إشارة إلى أن يلجأ الإنسان إلى الله بالدعاء على من ظلمه؟ أرشدني بارك الله فيك.

    الجواب: المظلوم له أن يدعو الله عز وجل على ظالمه بقدر ظلمه، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) أحياناً لا يتمكن المظلوم من الرد على ظالمه ومصارحته إما لأنه قريب له أو صديق أو زعيم لا يمكن أن يتكلم معه في هذا، فحينئذ لا ملجأ له إلا الدعاء، لكن أحياناً يتهم الإنسان شخصاً بأنه أساء إليه، فهل له أن يدعو الله عز وجل على هذا المتهم أم يقيد الدعاء فيقول: اللهم إن كان فلان ظلمني أو أساء إلي في كذا ويذكر دعوته؟ الجواب: الثاني، يعني: أحياناً يتهم القريب مثلاً بأنه أصاب شخص بعين أو أصاب شخصاً بسحر؛ لكن لا يستطيع الإنسان أن يتكلم؛ لأنه لا يملك بينة ولا عنده دليل، إلا أن القرائن القوية تدل على أن هذا أساء، فهنا رب العالمين يعلم سبحانه وتعالى، فقل: اللهم إن كان فلان هو الذي أصابني .. وتدعو بما ترى أنك تكافئه. ولكن لو صبر الإنسان واحتسب ووكل الأمر إلى الله لكان خيراً.

    القرابة بالرضاع وآثارها

    السؤال: فضيلة الشيخ! حدث قبل ما يقارب ثلاثين سنة أن قامت والدتي بإرضاع طفلة مع شقيقي الأكبر ما يقارب ثلاثة أيام، علماً أن الطفلة لم ترضع من والدتها لأن والدتها كانت مريضة ولا يوجد لبن في ثديها، فكانت والدتي ترضعها في اليوم الواحد حوالي ثلاث رضعات وهي تقول: إني لا أعلم هل الطفلة تشبع أم لا، لأن أخي كان يقاسمها الرضاعة، مع العلم بأن والدي ليس لديه خبر بهذه الرضاعة لأنه في ذلك الوقت كان مسافراً ولم يأت إلا بعد أربعة أشهر، ولما رجع أخبرته والدتي بما حدث فلم ينزعج من ذلك الأمر، فهل -يا فضيلة الشيخ- هذه الطفلة أخت لنا وبنت لوالدتي؟ أرجو الإفادة جزاك الله عني ألف خير.

    الجواب: إذا رضع الطفل أو الطفلة من امرأة خمس رضعات متفرقات صار ولداً لها، سواء شبع من كل رضعة أم لم يشبع، وسواء أذن الزوج بذلك أو لم يأذن، فإذا رضع الطفل من امرأة في الصباح، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، وبعد مضي ساعتين رضع، كم رضع الآن؟ خمساً، فصار ولداً لها، وصار أخاً لجميع أولادها الذين سبقوه في الرضاع والذين لحقوه، وأما قول العوام: أنه لا يكون أخاً لمن دونه فهذا غلط، هو أخ لجميع أولاد المرضعة وأخ لجميع أولاد زوجها.

    فإذا قدرنا أن المرضعة لها أولاد من زوج سابق أيكونون إخوة له؟ نعم، لكنهم إخوة له من الأم.

    وإذا كان لزوج المرضعة أولاد من غيرها أيكونون إخوة له؟ نعم، يكونون إخوة له لكن إخوة من الأب.

    للمرضعة أولاد من زوجها الذي أرضعت الطفل وهي في عصمته يكونون أخوة له؟ أي: هذا طفل رضع من امرأة ولها أولاد من زوجها الذي رضع وهي في عصمته هو أخ لهم من أين؟ من الأم والأب، إذاً صار الرضاع يمكن أن يكون للإنسان به أخ شقيق وأخ من أب وأخ من أم.

    خطورة استرسال المرأة في الكلام مع الأجانب

    السؤال: فضيلة الشيخ! بعض النساء تسترسل في الكلام مع البائع بكلام لا داعي له، فما حكم ذلك؟

    الجواب: لا يحل للمرأة أن تسترسل في الكلام مع رجل ليس محرماً لها؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفتنة، وقد قال الله تبارك وتعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] تخاطب البائع بقدر الحاجة، ولا تزيد على هذا؛ لأن (الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) وكم من امرأة تقول إنها بعيدة عن الفتنة ولكن لا يزال بها الشيطان حتى يفتنها، ربما إذا انصرفت من الرجل الذي تحدثت معه حديثاً أكثر مما تحتاج إليه ربما إذا انصرفت أدخل الشيطان عليها الهواجس حتى ترجع إلى الرجل الأول، ويكون أول الكلام شرارة وآخره سعيراً والعياذ بالله.

    فعلى النساء أن يتقين الله، وألا يخضعن بالقول، وألا يكثرن الكلام إلا لحاجة، ومن ذلك -وهو بلاء مبين، بل بلاء عظيم- ما يحدث عن طريق الهاتف، فإن كثيراً من السفهاء يتصلون على أي رقم، فتخاطبه امرأة فيلقي إليها القول المعسول، ويستجرها مرة بعد أخرى، ثم إنه يسجل ما يجري بينه وبينها من الكلام، هذه المشكلة، يعني: لن يدعها، سوف يضع عليها شبكة ما تتحرك معها، يسجل ما يدور بينه وبينها من الكلام، ثم إذا أراد الأمر الفظيع قال لها: إما أن تفعلي وإما فاسمعي إلى صوتك. أعطيه والدك أو أخاك أو غيره.. لهذا لتحذر النساء من الاستمرار في مكالمة الرجال فإنه خطر، خطر عظيم، نسأل الله السلامة من الفتن.

    زيادة الثقوب في آذان النساء

    السؤال: سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ما حكم خرق الأذن من أجل وضع الذهب أكثر من خرق، لكي تجعل فيها أكثر من قرط في أذن واحدة؟

    الجواب: أخشى أن يكون هذا من الإسراف، بأن تضع المرأة على آذانها أكثر مما جرت به العادة، وقد قال الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31] فإذا كانت العادة جارية بأن المرأة تثقب ثقبين في الأذن الواحدة فلا بأس، لكن إذا لم تكن العادة جارية فهو من الإسراف المذموم، ويخشى أن النساء تتجارى في ذلك وتتباهى، ففي هذا العام تثقب ثقبين، وفي العام الثاني ثلاثة وأربعة حتى تخرق الأذن كلها.. وهذا ليس ببعيد، النساء يقتدي بعضهن ببعض.

    زكاة العين وزكاة الدَّين

    السؤال: فضيلة الشيخ! قمت بإقراض شخص لعمل محل تجاري، فلما حال عليه الحول سألته: هل قمت بالزكاة عنه؟ فقال: إن الحكومة ممثلة بمصلحة الزكاة والدفع تأخذ الزكاة من أصحاب المحلات في كل ثلاث سنوات، السؤال يا فضيلة الشيخ: هل أخرج زكاة هذا المال أم أن ما يدفعه لمصلحة الزكاة والدفع يعتبر كافياً؟

    الجواب: الرجل أقرض شخصاً دراهم لفتح محل، زكاة المحل ليست على المقرض، المقرض ما له دخل فيها، المطالبَ بزكاة المحل هو الذي فتح المحل، فعليه زكاته، أما بالنسبة للمقرض فعليه زكاة الدين، ولهذا نقول: صاحب الدكان يزكي ما عنده زكاة عين، والمقرض يزكي ما في ذمة صاحب الدكان زكاة دين، ولا يقال: إن هذا مال وجبت فيه الزكاة مرتين أبداً، زكاة المقرض من أجل الدين، ولهذا لو قدر الله على هذا المتجر وتلف كله هل يسقط الدين عن ذمة صاحب الدكان؟ لا يسقط، وقول بعض الناس: إن هذا القول يستلزم أن يكون في المال الواحد زكاتان غلط، يقال: زكاة التاجر في عين ماله، وزكاة المقرض في الدين، فافترقت الجهة، ولما افترقت الجهة لم تكن الزكاة واردة على شيء معين واحد.

    فنقول للمقرض: أنت زك ما في ذمة الرجل كل سنة، والحكومة سوف تأخذ من هذا المال -مال الرجل- كل سنة.

    جواز زواج المرأة السليمة برجل أخرس

    السؤال: فضيلة الشيخ! لي قريب قد زوج أخته من رجل أخرس وهي سليمة من الخرس وعائلتها كذلك، وهذا الزوج يصلي ولا نتهمه بشيء في دينه، ولكني قد غضبت لذلك وقلت: إن هذا ليس من الكفاءة والعائلة سليمة من ذلك، فيأتي الشيطان إلي فيقول: أنت على حق فيزيد من غضبي. فهل هذا يؤثر على ديني؟ علماً أن الزوجة الآن حامل، ولكني أنا كل يوم يزداد غضبي وربما شتمت ولعنت بسبب هذا الزواج، أرجو من فضيلة الشيخ توجيهي وإزالة ما في قلبي من احتراق وغضب.

    الجواب: أقول لهذا الأخ: عليك أن تتوب إلى الله، وتستغفر الله عز وجل، ولا تكون بين الرجل وزوجته، الرجل لم يتزوج من المرأة إلا بعد أن أخذ أذنها ورضيت به وذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [الحديد:21] والذي جعل هذا أخرس والزوجة ناطقة هو الله عز وجل، ولا تتشاءم فإنه ربما يكون أولاد هذه المرأة من أفصح الناس وأشد الناس انطلاقاً في الكلام، فعليك أن تتوب إلى الله عز وجل مما يقع منك من شتم وغضب ولوم على ما جرى، وأن تسأل الله السلامة لأولاد هذه المرأة، ومن أحسن الظن بالله فإنه على خير.

    العمل إذا اختلط مال الرجل بوديعة عنده

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما قولكم وفقكم الله فيمن اختلط ماله بمال قد أودعه شخص عنده بغير قصد منه، فما الذي تبرأ به ذمته؟

    الجواب: إذا كان المال دراهم فلا إشكال في ذلك، فيعطي صاحب المال قدر الدراهم التي خلطها، والدراهم لا تختلف، لكن إذا كان غير دراهم مثل أن يخلط كيس أرز لشخص مع كيس رز عنده فهذا هو المشكل، في هذه الحال إذا كانت أصواع الكيس الذي لغيره معلومة وأصواع كيسه معلومة -أيضاً- لا إشكال إذا كان الأرز من جنس واحد، ومن نوع واحد، ومن وصف واحد، أي: كلا الكيسين في النوعية واحد، وفي الجودة والرداءة واحد فهذا -أيضاً- سهل، يقسم هذا، ويعطى هذا حقه وهذا حقه.

    وإذا أشكلت الأمور فالخطب سهل: يجتمعان ويتصالحان، ويحلل أحدهما الآخر: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40].

    طريقة تطهير السجاد من بول الأطفال

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا بال الطفل على السجاد فما الطريقة لتطهيره، وما مقدار الماء الذي يكفي لغسله؟

    الجواب: الطفل إما أن يكون ذكراً وإما أن يكون أنثى، فإن كان ذكراً صغيراً يتغذى باللبن فأمره سهل؛ لأن طهارة الغلام الذي لا يأكل الطعام وإنما يتغذى باللبن أن يصب عليه ماء فقط بدون عصر وبدون فرك، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتي بصبي صغير لم يأكل الطعام فوضعه في حجره فبال عليه -أي: الصبي- فدعا بماء فأتبعه إياه.

    أما إذا كان الصبي كبيراً يتغذى بالطعام، أو كان بول امرأة ولو صغيرة فإنه أولاً ينزع البول بالسفنج أو شبهه، ثم يصب عليه ماء ويدلك، ثم ينزع الماء، ثم يصب ماء ويدلك وينزع، ثم يصب الثالثة ويكفي.

    نصيحة حول موضوع الانتكاس

    السؤال: فضيلة الشيخ! ظاهرة نسأل الله تعالى ألا تكون كثيرة لكن نود علاجها من قبلكم قبل انتشارها وهي: ظاهرة الانتكاس بعد الالتزام، كان شاب مع الشباب وربما حفظ شيئاً من القرآن وحضر شيئاً من دروس العلم، ولكنه -والعياذ بالله- تغيرت حاله سواءً مع زملائه السابقين أو مع أهله أو في مسجد حيه، فما نصيحتك له ولأمثاله؟ وما واجب من يعلم بحاله؟

    الجواب: أولاً: أرى أن هذا من التشاؤم، أعني القول: بأن الانتكاس كثير أو كثر أو ما أشبه ذلك، وأرى أن شباباً كثيراً -والحمد لله- بدءوا يلتزمون، والذين انتكسوا كان في نفوسهم شيء قبل الانتكاس ولكن لم يتحقق فلذلك انتكسوا، ولكنهم قلة -ولله الحمد- وأكثر الشباب على الاستقامة.

    ولا شك أن الانتكاسة لها أسباب، ومن أكبر أسبابها ما يوجد في القنوات الفضائية التي نسأل الله تبارك وتعالى في هذا المكان أن يسلط الحكومة على القضاء عليها حتى تأمن، وحتى تستقر، لأننا لا نرى شيئاً أعظم في الاستقرار من تعظيم الله عز وجل، والبعد عن محارمه، وأن الناس إذا ضبطوا على الشرع فهذا هو الأمن، والذي لا يعطي الأمان إلا الخوف من السلطان أمنه ضعيف، وسينتهز الفرصة، لكن إذا كان أمنه عن إيمان فهذا هو الذي يبقى، وهذه القنوات الفضائية لا شك أنها تسلب الإيمان، وتسلب الأخلاق، وفيها من البلاء ما تتقطع منه الأكباد، وتتوجع منه القلوب، فيه أشياء نسمع عنها، ولا البهائم تفعلها والعياذ بالله، مسابقات على الخنا، وعلى الدعارة، وعلى السفالة، أشياء يشيب منها الرأس، تجعل الولدان شيباً، إذا شاهد الشباب مثل هذا فإنه قد لا يلحقهم لوم إذا انتكسوا والعياذ بالله، ولكن لا عذر لهم -الشباب- لأن الواجب على الشباب أن يقاطعوها، وألا يجلسوا أليها، وألا يتحدثوا بها، هذا الواجب، لكن مع ذلك نحن نسأل الله عز وجل أن يسلط الحكومة على هذه الدشوش وتمنعها منعاً باتاً، وما ذلك على الله بعزيز، وهم -إن شاء الله تعالى- قادرون على ذلك، ونرجو أن يكونوا فاعلين.

    حكم لبس ما عليه إشارة إلى حرام

    السؤال: سائلة تقول: فضيلة الشيخ! ما حكم لبس الأقمشة التي عليها رسومات تدل على الأنغام والموسيقى؛ هل يجوز لبسها والصلاة فيها؟

    الجواب: كل لباس عليه إشارة لما هو حرام فلبسه حرام، اللباس الذي فيه الصور حرام، الذي فيه صورة المعازف وآلات اللهو حرام، الذي فيه الدعوة للدعارة حرام؛ لأنه يوجد -كما نسمع- فنايل مكتوب عليها عبارات سيئة للغاية هذه -أيضاً- حرام لا يجوز لبسها، التي عليها صور آدميين حرام لا سيما إن كانت صور كفار أو أصحاب مجون فإنه يزداد تحريمها، لو أننا نحن الشعب تواصينا بمقاطعة هذه ما بقي لها رواج بيننا، لكن -مع الأسف- أن بعضنا يدفع بعضاً دون أن يتأمل ودون أن يتفكر.

    حكم من صلى الظهر يوم الجمعة ركعتين لسنوات طويلة

    السؤال: رجل يقول: إن أمي تصلي يوم الجمعة صلاة الظهر ركعتين في المنزل، ولم تعلم أنه يجب عليها الصلاة أربع ركعات إلا الأسبوع الماضي، فماذا يلزمها في الماضي والمستقبل؟

    الجواب: هذه مشكلة، هي على كل حال الجواب: إذا كانت امرأة جاهلة جهلاً مطبقاً لا تدري بشيء فأرجو ألا تلزمها الإعادة، وأما إذا كانت مقصرة مفرطة في السؤال فإنه يلزمها أن تعيد جميع الصلوات التي اقتصرت فيها على ركعتين، فيلزمها في السنة خمسة وخمسون صلاة أو قريباً من هذا في كل سنة، وهذا يسير إن شاء الله وليس بصعب، يعني: ممكن أن تصلي في الشهر عشراً، خمس عشرة.. وهلم جرا حتى ينتهي. أما إذا كانت جاهلة جهلاً مطبقاً ما تدري بشيء فهذه لا شيء عليها؛ لأن الجهل عذر عفا الله عنه في قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].

    حكم الأخذ من مال الأب إذا اكتسبه من حرام

    السؤال: سؤالي يا فضيلة الشيخ: أن أبي -غفر الله له- يعمل في بنك ربوي، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله؟ غير أن لنا دخلاً آخر وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل، فهل نترك نفقة أبي ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة مع أننا عائلة كبيرة، أم أنه ليس على أختي النفقة علينا فنأخذ النفقة من أبي؟ أفتنا جزاك الله خيراً وحفظك.

    الجواب: أقول: خذوا النفقة من أبيكم، لكم الهناء وعليه العناء لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال، فأنتم تأخذونه بحق، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم فلا يهمكم، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح، فإذا ملك بطريق مباح فلا بأس.

    أنظر مثلاً بريرة مولاة عائشة رضي الله عنهما، تصدق بلحم عليها، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً إلى بيته ووجد البُرمة -القدر- على النار، فدعا بطعام ولم يؤت بلحم، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم، فقال: ألم أر البرمة على النار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، ولكنه لحم تصدق به على بريرة . والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية.

    فهؤلاء الإخوة نقول: كلوا من مال أبيكم هنيئاً مريئاً، وهو على أبيكم إثم ووبال، إلا أن يهديه الله عز وجل ويتوب، فمن تاب تاب الله عليه.

    حكم تغيير النية أثناء الصلاة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم تحويل النية في أثناء الصلاة، مثلاً: نسيت صلاة الظهر فحضرت صلاة العصر فدخلت في صلاة العصر على أنها العصر، ثم في الركعة الثالثة تذكرت أنني لم أصل الظهر فغيرت النية، فما الذي علي؟

    الجواب: الآن أسألكم: لما غير النية -نية العصر إلى ظهر- أبطل العصر أم لا؟

    أبطلها.

    إذاً بطلت العصر، ولما نواها ظهراً هل صحت نيته وهو لم ينوها من أولها؟ إذاً بطلت الصلاتان، فعليه أن يعيد الظهر وأن يعيد العصر، ومثل هذه الحال أي: لو كان على إنسان صلاة ظهر ودخل في العصر ناسياً، وفي أثناء الصلاة ذكر نقول: استمر في صلاتك على أنها العصر، وإذا انتهيت فصل الظهر، وتعذر في الترتيب هنا لأنك ناس، وقد قال الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].

    أما لو شرعت في نافلة ثم ذكرت أن عليك فريضة فاقطع النافلة وادخل في الفريضة من أولها.

    الخادمة ليست ملكاً لصاحب البيت

    السؤال: فضيلة الشيخ! أرجو من فضيلتكم الإجابة، سؤالي يقول: بعض الناس يرى أن المستخدمات اللاتي في البيوت تكون مملوكة لصاحب البيت والله يقول: وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36] فأرجو الإجابة والسماح لي إذا كان في سؤالي خطأ.

    الجواب: هذا الاعتقاد غير صحيح، يعني: اعتقاد أن الخادم مملوكة خطأ عظيم، الخادم ليست مملوكة بل حرة، ولا يحل للإنسان أن ينظر إلى وجهها أو يحادثها بغير حاجة، لأنها أجنبية منه، لكن هنا طريق سهل: إذا كانت الخادم شابة وليس لها زوج فليتزوجها صاحب البيت حتى يكون عند زوجته الأولى زوجة أخرى تساعدها في حقوق الزوج، وتساعدها -أيضاً- في شئون المنزل، هذا أحسن، وحينئذ تكون هذه الخادمة حلالاً له عن طريق النكاح.

    شبهة في صيام عاشوراء

    السؤال: فضيلة الشيخ! أمر أشكل عليَّ وهو أن من الناس من يقول: إن يوم عاشوراء غير ثابت، فاليهود والنصارى يؤرخون بالتاريخ الميلادي، وتعلمون يا فضيلة الشيخ أن هناك فرقاً بين التاريخين عشرة أيام، فعلى تفكيرهم وقولهم هذا لا بد من تأخير عاشوراء في كل سنة عشرة أيام.. نرجو التفصيل في كلا الحالين.

    الجواب: إن كان جنون فهذا جنون، هل نحن مطالبون إلا بعاشر من محرم؟ مطالبون بعاشر محرم، كيف الاختلاف؟ يعني: هذه السنة نصوم عشرة، والسنة الثانية عشرين، والثالثة ثلاثين، والرابعة عاشر من صفر.. وهلم جرا هل هناك أحد يقول هذا؟! أقول: إن عاشوراء معلوم، ما فيه إشاكلٌ، لكن الإشكال: هل هلَّ هلال محرم في ثلاثين من ذي الحجة أو في ليلة واحد وثلاثين؟ هذا الذي يقع الإشكال فيه، فماذا نعمل إذا شككنا أن هلال محرم ليلة الثلاثين من ذي الحجة فيكون شهر ذي الحجة ناقصاً، أو نقول: هلَّ في الحادي والثلاثين فيكون تاماً؟ الطريق بين -والحمد لله-: إن رأيناه ليلة الثلاثين اعتبرنا ذا الحجة ناقصاً، وإن لم نره فالواجب إكمال ذي الحجة ثلاثين، ولذلك الآن هذه السنة التقويم جعل ذا الحجة تسعاً وعشرين، وأدخل المحرم في الأربعاء، فعلى هذا التقدير يكون الخميس هو التاسع والجمعة هي العاشر، لكن حسب الرؤية وحسب الشرع لم يدخل شهر محرم إلا في الخميس، فيكون التاسع يوم الجمعة والعاشر يوم السبت.

    صيام ثلاثة أيام بدل أيام البيض

    السؤال: شخص لم يصم الثلاث البيض، فهل يكفيه عنها أن يصوم ثلاثاً أخرى فيما تبقى من الشهر؟

    الجواب: إذا كان ممن يعتادون صيام ثلاثة أيام من كل شهر كفته هذه الثلاثة عن الأيام التي كان يعتاد صيامها.

    حالة لا يقع فيها الطلاق

    السؤال: فضيلة الشيخ! حصل بين أبي وأمي طلاق بسبب من الأسباب قال أبي لوالدتي: أنت طالق إذا خرجت من البيت. وهي لم تسمعه فخرجت، فحصل الطلاق، وكانت هذه هي الثالثة، فما رأي فضيلتكم وفقك الله وسددك؟

    الجواب: رأيي أنه لا طلاق، أولاً: إن المرأة لم تسمع فلم يحصل منها عصيان.

    ثانياً: إن الغالب لمن يقول مثل هذا القول: أنه لم يرد طلاق امرأته وإنما أراد تحذيرها من الخروج، فإذا قدر أنها خرجت عمداً فعليه كفارة يمين.

    الطريقة الصحيحة للدعوة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي الطريقة الصحيحة في الدعوة إلى الله تعالى؟ وكيف نرقق قلوب الناس؟

    الجواب: الدعوة الصحيحة ما ذكرها الله عز وجل لرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] وعليك بالرفق فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وقد أوصى الله تبارك وتعالى موسى وهارون أن يقولا لأعتى عباد الله قولاً ليناً، فعليك باللين واترك العنف، واصبر على ما يصيبك من أخيك إذا لم تجد منه قبولاً سريعاً، ولا تيأس، وكرر، فربما تحصل الهداية في عاشر مرة أو أكثر.

    وفق الله الجميع لما فيه الخير.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768033813