إسلام ويب

جلسات الحج[5]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كان موضوع هذه الجلسة هو الأضحية وما يتعلق بها، وقبل ذلك بدئت بذكر فضل أيام عشر ذي الحجة، ثم بيان ما يجب على المضحي، ثم ذكر حكم الأضحية ولمن تكون وما هي شروطها، ثم ختمت بذكر أحكام العقيقة.

    1.   

    فضل أيام عشر ذي الحجة

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعــد:

    فإننا نلتقي وإياكم في هذه الليلة ليلة الثلاثاء المتممة لشهر ذي القعدة عام (1409هـ) وهذا اللقاء سيكون موضوعه: الأضحية وما يتعلق بها، وربما نشير إلى شيء من فضائل عشر ذي الحجة، فنقول:

    إن هذه الأيام العشر -عشر ذي الحجة- من أفضل الأيام عند الله عز وجل، بل وقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)، وفي رواية: (أفضل عند الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).

    وعلى هذا: ينبغي لنا أن ننتهز هذه الفرصة العظيمة وهذا الموسم العظيم لنعمل فيه العمل الصالح؛ لكونه أحب إلى الله عز وجل من أي عمل كان في يوم آخر، حتى إن العمل في هذه الأيام، أيام عشر ذي الحجة الأولى أفضل عند الله وأحب إلى الله من العمل في العشر الأواخر من رمضان، وهذا شيء غفل عنه الناس وأهملوه، حتى إن هذه العشر -عشر ذي الحجة- تمر بالناس وكأنها أيام عادية ليس لها فضل وليس للعمل فيها مزية، فلنكثر فيها من كل عمل صالح يقربنا إلى الله عز وجل؛ من الصلاة والذكر، والصدقة والصوم، وكذلك الإحسان إلى الخلق في الجاه والبدن وكل ما يقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

    ولكن هناك أعمال صالحة خصصت بأيام معينة كالاعتكاف مثلاً، فلا يشرع أن نخص هذه الأيام العشر بالاعتكاف وأن نعتكف فيها كما يعتكف في العشر الأواخر من رمضان؛ لأن العشر الأواخر إنما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف فيها تحرياً لليلة القدر، ولهذا اعتكف العشر الأول ثم الأوسط، ثم قيل له: إنها في العشر الأواخر فاعتكف في العشر الأواخر.

    ويكون الذكر على حسب ما جاء عن السلف: [الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد] أو التكبير ثلاثاً: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد) يجهر بذلك الرجال في المساجد والأسواق والبيوت والمكاتب وغيرها، وتسر بها المرأة بقدر ما تسمع من إلى جانبها، من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيام التشريق، فتكون الأيام ثلاثة عشر يوماً، عشرة أيام آخرها العيد وثلاثة أيام وهي أيام التشريق.

    1.   

    مسائل تتعلق بالأضحية

    أما موضوع الأضحية، فإن الأضحية من نعمة الله سبحانه وتعالى ومن رحمته ومن حكمته أن شرع لأهل الأمصار الذين لم يقدر الله لهم أن يحجوا ويهدوا إلى البيت ما يشاركون به إخوانهم الحجاج، فشرع لهم الأضاحي، وشرع لهم إن دخلوا في العشر الأول من ذي الحجة ألا يأخذوا شيئاً من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم، أي: جلودهم، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك، أو فلا يأخذن من شعره أو بشره أو ظفره شيئاً حتى يضحي) وهذا الخطاب موجه لمن يضحي وليس لمن ضحي عنه، وعلى هذا فالعائلة الذين يضحي عنهم قيم البيت لا يحرم عليهم أخذ شيء من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب من يضحي، وكان عليه الصلاة والسلام يضحي عنه وعن أهل بيته ولم يأمرهم أن يمسكوا عن شعورهم وأظفارهم وأبشارهم، فدل هذا على أن الحكم خاص بمن يضحي، وأما قول بعض أهل العلم: من يضحي ومن يضحى عنه فهذا لا دليل عليه.

    حكم الأضحية

    الأضحية اتفق علماء المسلمين على مشروعيتها، وأنها من أفضل العبادات، ولهذا قرنها الله سبحانه وتعالى في كتابه بالصلاة، فقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، وقال: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] وبعد اتفاق العلماء -علماء المسلمين- على مشروعيتها وأنها من أفضل الطاعات اختلفوا هل هي واجبة يأثم الإنسان بتركها، أو سنة مؤكدة يكره له تركها ولا يأثم عليها؟ على قولين لأهل العلم، وهما روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله.

    فذهب أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى أن الأضحية واجبة وأن من كان قادراً ولم يضح فهو آثم عاصٍ لله ورسوله.

    وذهب مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى أنها سنة مؤكدة، لكن أصحاب الإمام أحمد رحمهم الله صرحوا بأنه يكره للقادر أن يترك الأضحية، وقد مال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى القول بالوجوب، وقال: إن الظاهر وجوب الأضحية، لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، ولهذا كان ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، حتى أنك لو ملأت جلدها دراهم وتصدقت بهذه الدراهم لكان ذبحها أفضل من ذلك، وليس الحكمة من الأضحية حصول اللحم وأكل اللحم، ولكن الحكمة: التقرب إلى الله تعالى بذبحها، قال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37] فظن بعض الناس أن المقصود من ذلك الأكل والانتفاع باللحم وهذا ظن قاصر، بل أهم شيء أن تتعبد لله تعالى بذبحها، ولهذا كان من الخطأ أن يصرف الإنسان الدراهم إلى الجهاد في أفغانستان ويدع الأضحية في بلده، فإن هذا يعني ترك شعيرة من شعائر الإسلام، وهؤلاء الأفغانيون وغيرهم من المجاهدين في سبيل الله يمكن أن يرسل لهم الإنسان دراهم ويجعل هذه الشعيرة في بيته وفي بلده لتقام شعائر الله عز وجل في أرض الله تعالى عموماً.

    لمن تكون الأضحية؟

    الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها، ولكن لمن تكون الأضحية؟

    الأضحية في الحقيقة مشروعة للأحياء وليست للأموات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عنه وعن أهل بيته، والصحابة رضي الله عنهم كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، ولم أعلم إلى ساعتي هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى لأحد من أمواته، فقد مات له أقارب من أعز الناس عليه؛ استشهد عمه حمزة في أحد ، وماتت زوجته خديجة ، وماتت بناته وأولاده ما عدا فاطمة ولم يضحِ عن أحد منهم أبداً، ولم أعلم إلى ساعتي هذه أن أحداً من الصحابة ضحى عن أحد من أمواته، فلم يكن من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا من هدي أصحابه إفراد الميت بالأضحية، ومن وجد شيئاً من هذا -أي: وجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام أو أن أحداً من أصحابه ضحوا عن الميت- فليسعفنا به فإنا له شاكرون، ولما ثبت من شرع الله تعالى منقادون إن شاء الله، لكن لا يمكن أن يجد.

    إذاً: فالأصل في مشروعية الأضحية أن تكون عن الأحياء لا عن الأموات، الأضحية عن الميت لم ترد في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في هدي الصحابة رضي الله عنهم، ولهذا اختلف العلماء هل تشرع أو لا تشرع؟ فقال بعض العلماء: إنها ليست بمشروعة، وقال آخرون: بل هي كالصدقة، فقاسوها قياساً على الصدقة، لأنهم لم يجدوا لها أصلاً في السنة فقاسوها على الصدقة، ولا شك أن الصدقة جاءت السنة بجوازها، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! إن أمي افتتلت نفسها وإنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم).

    واستأذنه سعد بن عبادة رضي الله عنه أن يتصدق بمخرافه، أي: بنخله لأمه وقد ماتت، فأذن له، أما أن أحداً من الصحابة ضحى عن ميت، أو استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحي عن ميت فهذا لم يرد، والأضحية عن الميت تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: أضحية أوصى بها الميت، فهنا نعمل بها، ونضحي له؛ لأننا نضحي من ماله ومن وصيته، وهذه الأضحية لا إشكال فيها؛ لأنها تنفيذ أمر أوصى به الميت واكتسبه في حياته بما أوصى به.

    القسم الثاني: أن يضحى عن الميت تبعاً، مثل أن يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته وينوي كل أقاربه الأحياء والأموات فهذا أيضاً جائز، ويمكن أن يقال: إن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (اللهم إن هذا عن محمد وآل محمد)يشمل الحي والميت منهم، ولكن الميت هنا دخل تبعاً لا استقلالاً، والشيء الذي يتبع ليس كالشيء الذي يستقل.

    القسم الثالث: أن يضحى للميت استقلالاً بدون وصية، فهذا هو ما ذكرته لكم بأنه لا دليل فيه من السنة؛ لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن خلفائه الراشدين أنهم ضحوا لأحد من الأموات استقلالاً بدن وصية، وإذا قلنا: إن الأضحية للأحياء وليست للأموات إلا تبعاً، فهل مطلوب من أهل البيت أن يضحي كل واحد منهم عن نفسه؟

    الجواب: لا. السنة أن يضحي رب البيت عمن في البيت، لا أن كل واحد من أهل البيت يضحي، ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته، وقال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: (كان الرجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته) ولو كان مشروعاً لكل واحد من أهل البيت أن يضحي لكان ذلك ثابتاً في السنة، ومعلوم أن زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام لم تقم واحدة منهن تضحي اكتفاء بأضحية النبي صلى الله عليه وسلم.

    فإن قال قائل: لعل ذلك لفقرهم؟

    فالجواب: إن هذا احتمال وارد لكنه غير متعين، بل إنه جاءت الآثار بأن من أزواج الرسول عليه الصلاة والسلام من كانت غنية.

    وهاهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها جاءت بريرة إليها تستعينها في قضاء دين كتابتها، بريرة أمة اشترت نفسها من أسيادها بتسع أواق من الفضة، والأوقية أربعون درهماً، فتكون التسع الأواق ثلاثمائة وستين درهماً، فجاءت تستعين أم المؤمنين عائشة قالت: أعينيني، فقالت: عائشة لها: [إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت] أي: أن أنقدها لهم نقداً وهذا يدل على أنها كان عندها مال.

    أتدرون كم نحصل من الغنم في ثلاثمائة وستين درهماً، كم نحصل؟ أي كم تساوي الشاة في ذلك الوقت؟ تساوي والله أعلم عشرة دراهم، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة الجبران في الزكاة قال: (إنه يعطي معها شاتين إن استيسرتا لها أو عشرين درهماً) وهذا يدل على أن الشاة في ذلك الوقت تساوي عشرة دراهم، إذاً: فالحصول على الأضحية في ذلك الوقت متيسر ومع ذلك لم يكن كل واحد من أهل البيت يذبح أضحية.

    وفي عهدنا الآن لما أيسر الله على الناس صار بعض أصحاب البيوت يضحي كل فرد بأضحية، ولعلهم يظنون هذا من جنس زكاة الفطر؛ لأن زكاة الفطر فرض على كل واحد، فهم يظنون أن الأضحية -والله أعلم- تشبه زكاة الفطر مطلوبة من كل واحد، وليس كذلك.

    شروط الأضحية

    الأضحية: شاة يذبحها قيم البيت عن الجميع، هذه هي السنة، ثم إن الأضحية -كما أشرت إليه آنفاً- هل المقصود منها اللحم؟ أو المقصود التقرب إلى الله بالذبح؟

    المقصود التقرب إلى الله بالذبح، بدليل أن الإنسان لو اشترى لحم عشر من الإبل ووزعه على الفقراء وضحى بشاة واحدة، أيهما أفضل؟

    الأضحية بالشاة الواحدة، مع أن لحم عشر إبل أنفع للفقراء وأكثر نفعاً، لكن المقصود هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح، وعلى هذا فنقول: إذا كانت الأضحية عبادة مشروعة فإن هذه العبادة يجب أن يتمشى فيها الإنسان على ما تقتضيه الشريعة، والشريعة جاءت بشروط معينة للأضاحي، انتبهوا لها:

    الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام.

    الشرط الثاني: أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً.

    الشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء.

    الشرط الرابع: أن تكون في الوقت المحدد لها شرعاً.

    الشرط الأول:

    بهيمة الأنعام هي: الإبل والبقر والغنم، لو أن الإنسان ضحى بفرس عن شاة هل تجزئ؟ لا. لا تجزئ الأضحية، لماذا؟ لأنه ليس من بهيمة الأنعام، وإن كان ثمن الفرس يساوي أضعاف أضعاف قيمة الشاة فإنه لا يجزئ لأنه من غير الجنس الذي جاءت به السنة.

    الشرط الثاني:

    أن تبلغ السن المقدرة شرعاً، وهو في الإبل: خمس سنوات، وفي البقر: سنتان، وفي الماعز: سنة، وفي الضأن: ستة أشهر، أي: نصف سنة، فما دون ذلك لا يجزئ، ودليله: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) أخرجه مسلم من حديث جابر .

    الشرط الثالث:

    أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء، والعيوب المانعة من الإجزاء أربعة، حصرها النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل: ماذا يتقى من الضحايا؟ فقال: أربع وأشار بأصابعه الأربعة تأكيداً: (العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكبيرة التي لا تنقى) -أي: التي ليس فيها نقي، والنقي هو: المخ- هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي.

    فالمريضة البين مرضها: التي يظهر آثار المرض عليها؛ إما على أكلها، أو على مشيها، أو على حالها، أو على جسمها كالحرارة وشبهها، المهم أنها لا تشكل على أحد رآها أنها مريضة، هذه المريضة البين مرضها، العوراء البين عورها: التي إذا رآها الإنسان عرف إنها عوراء، قال أهل العلم: وذلك من انخساف العين أو نتوء العين، انخساف العين: أن تكون غائرة؛ أو أن تكون ناتئة كالزر، فإن كانت العين قائمة إذا رأيتها لا تحس بأنها عوراء فإنها تجزئ.

    العرجاء البين ضلعها، العرجاء: قد يكون عرجها يسير، وقد يكون عرجها بين، قال العلماء: وبيان العرج ألا تستطيع معانقة الصحاح في الممشى، أي: تتأخر عن الصحاح، هذه عرجاء بين ضلعها، أما العجفاء أو الكبيرة التي لا تنقي: التي ليس فيها مخ، أي: تكون أعضاؤها، اليدان والرجلان ليس فيها مخ، لأن هذه هزيلة، فهذه أربعة عيوب.

    هل يلحق بهذه العيوب ما يماثلها، أو ما يكون أولى منها؟

    الجواب: نعم. لأن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين متماثلين، كما لا تساوي بين مفترقين، فهل العمياء تجزئ؟ لا تجزئ، لماذا؟ لأنها أشد من العوراء، هل مقطوعة إحدى اليدين تجزئ؟ لا، لماذا؟ لأنها أشد من العرج، هل التي لا تستطيع أن تقوم من الهزال، التي لو أقمتها سقطت تجزئ أو تجزئ؟ لا تجزئ لأنها في الواقع ليس فيها نقي، ليس فيها مخ.

    إذاً: ما كان في معنى هذه العيوب أو أولى منها فإنه لا يجزئ.

    الشرط الرابع:

    أن تكون في الوقت المحدد شرعاً، وهو: من صلاة العيد يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، فتكون أربعة أيام يجزئ فيها الذبح ليلاً أو نهاراً، فمن ذبح قبل الصلاة فليس له أضحية، ومن ذبح بعد غروب الشمس من آخر أيام التشريق فليس له أضحية، ماذا تكون شاته؟ تكون شاة لحم.

    خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (من ذبح قبل الصلاة فلا نسك له وإنما هو لحم قدمه لأهله، فقام رجل، فقال: يا رسول الله! نسكت قبل أن أصلي؟ فقال: شاتك شاة لحم فقام أبو بردة بن نيار رضي الله عنه -الذي قال له: شاتك شاة لحم- وقال يا رسول الله! إن عندي عناقاً هي أحب إلي من شاتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذبحها ولن تجزئ عن أحد بعدك) فهذا دليل على أن من ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم قدمه لأهله، ولا تجزئه عن الأضحية، ولكن هل نقول: إن هذا الرجل الذي ذبح الأضحية قبل الصلاة ليس عليك شيء؟

    الجواب: لا. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (من ذبح قبل الصلاة فليذبح أخرى مكانها) وعلى هذا فيلزمه أن يذبح بدلها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: فليذبح أخرى مكانها، ويجب أن تكون مثل الذي ذبح، لا يذبح أدنى، ولو ذبح بعد أن مضت أيام التشريق، فهل تجزئ عن أضحية؟

    لا. لا تجزئ عن أضحية، لأنه فات وقتها، فإن قال: أنا نسيت، أو لم يحصل لي دراهم إلا بعد مضي أيام التشريق، قلنا: هذه عبادة فات وقتها، وإذا كانت السنة القادمة فضح، أما هذه السنة فقد فاتت، لأنها لا تكون إلا في أيام معلومة، لا تتقدم ولا تتأخر.

    هناك عيوب لا تمنع من الإجزاء لكنها تكره؛ كالعور إذ لم يكن بيناً، وكالنقص في الأذن، والنقص في القرن، والنقص في السن، والنقص في الذيل كأن تكون مجبوبة الذيل، من المعز أو من البقر أو من الإبل، فأما مجبوبة الإلية فقد قال العلماء: إنها لا تجزئ لأن الألية عضو نافع مقصود، بخلاف الذيل في المعز والبقر والإبل فإنه غير مقصود فلهذا يقطع ويرمى به، ومثل ذلك ذيل الغنم الأسترالية فإنه ليس كالإلية وإنما هو كالذيل من البقر، ليس فيه شيء مقصود، فتجزئ الأضحية في الغنم الأسترالية لأن ذيلها المقطوع لا يساوي شيئاً.

    هذه هي الأضاحي التي جاء ذكرها في القرآن وفي السنة، وأجمع المسلمون على مشروعيتها، ولا ينبغي للإنسان أن يدعها، فإذا قال قائل: هل يجزئ أن يشترك جماعة في أضحية واحدة؟

    الجواب: إن كانت من الإبل أو البقر فيجزئ أن يشترك فيها سبعة، والسُّبُعُ من الإبل أو البقر يقوم مقام الواحدة من الضأن أو المعز، وعلى هذا: فيجوز أن يضحي الإنسان بالسبع من البقر أو الإبل عنه وعن أهل بيته؛ لأن الشرع جعل سبع البقرة وسبع البدنة قائماً مقام الشاة، وأما ظن بعض الناس أنه لا يجوز أن يجعل السبع عنه وعن أهل بيته فهذا ليس له أصل، لا من السنة ولا كلام أهل العلم، وإنما يجزئ السبع عما تجزئ عنه الشاة، فكما أن الإنسان يجوز أن يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ولو كانوا مائة، يجوز بأن يضحي بالسبع من الإبل أو البقر عنه وعن أهل بيته ولو كانوا مائة.

    فإذا قال قائل: هل يجوز أن نجمع الوصايا في أضحية واحدة إذا كانت لا تكفي؟

    فالجواب: لا. لا يجوز؛ لأن كل واحد من الموصين يريد أضحية مستقلة، فإذا جمعناها خالفنا نص الموصي، هذا من جهة الإيصاء؛ ولأن الشرع لم يأت باشتراك أكثر من واحد أو في الواحدة من الضأن أو المعز، وإنما جاء الاشتراك في الإبل والبقر، ولو جوزنا مثلاً أن نجمع سبع وصايا في شاة واحدة لحكمنا بأن الشاة الواحدة تجزئ عن سبع وهذا خلاف ما جاءت به السنة، قد يقول قائل: أليس المراد الصدقة، ولو أنك تصدقت بعشرة دراهم عن عشرة رجال لكان جائزاً؟ قلنا: لا. المقصود بالأضحية التقرب إلى الله عز وجل بالذبح، وإذا كان كذلك فلا بد أن يكون جارياً على ما تقتضيه الشريعة.

    وإذا قال قائل: لو كانت الوصية لواحد ولكنها نقصت عن العدد الذي عينه، مثل أن يأتي شخص بثلثه ويجعل فيه عدة ضحايا، يقول في أضحية له وأضحية لوالديه، وأضحية لزوجته، وأضحية لأجداده، المهم فيها عدة ضحايا فنقص الريع عن هذه الأضاحي، فهل يجوز أن نجمعها في أضحية واحدة؟

    الجواب: نعم. يجوز لأن الموصي واحد، ونحن نعلم علم اليقين أنه لو كان حياً لأجاز ذلك. والاشتراك في الثواب ليس كالاشتراك في الملك، بمعنى أنه يجوز أن أشرك في الثواب من شئت، حتى في الشاة الواحدة، فيجوز أن أقول: هذه عني وعن أهل بيتي ولو كانوا عشرة، بل يجوز أن أقول: هذه عني وعن جميع المسلمين، وهي شاة واحدة، فالثواب لا حصر لها، لكن الملك لا يشترك اثنان فأكثر في أضحية واحدة، إلا فيما ورد الشرع فيه بالتعدد كالإبل والبقر، ولعلنا نتمم ذلك بالكلام على العقيقة.

    1.   

    العقيقة

    العقيقة: هي التي تذبح للمولود، وقد ثبتت بها السنة، ومن العلماء من قال بوجوبها، وأن من لا يعق عن ولده فهو آثم، ولا شك أن العقيقة -التي نسميها التميمة- سنة مؤكدة، عن الولد الذكر شاتان، وعن الولد الأنثى شاة واحدة، تذبح في اليوم السابع، وإنما اختير اليوم السابع لأن الأيام أيام الدهر تمر على هذا الصبي، تمر عليه الأيام كلها، فلما مرت عليه الأيام كلها صار أنسب ما يكون أن تذبح في اليوم الذي يكون في التكرار، إذا ولد المولود في يوم فإن العقيقة تكون في اليوم الذي قبله في الاسم، يعني: ليس في الواقع، إذا ولد يوم الإثنين متى تكون العقيقة؟ يوم الأحد، إذا ولد يوم الأحد فالعقيقة يوم السبت.. يوم السبت فالعقيقة يوم الجمعة.. يوم الجمعة فالعقيقة يوم الخميس، المهم أن تكون العقيقة في اليوم الذي قبل يوم ولادته، أي: في الاسم وليس قبل أن يولد، لماذا؟ لأنه إذا جاء اليوم الذي ولد فيه فهذا اليوم الذي ولد فيه مكرر، فتتم الأيام السبعة عليه في اليوم الذي يليه يوم ولادته.

    وهذه العقيقة تؤكل ويطعم منها الجيران والفقراء ويدعا إليها أيضاً، فهي جامعة بين الدعوة إليها والإطعام منها والصدقة، وأما الأضاحي فإنه يأكل منها ويهدي ويتصدق.

    العقيقة إذا فات اليوم السابع، فمتى تكون؟ قال العلماء: تكون في اليوم الرابع عشر، وإذا فات فتكون في اليوم الحادي والعشرين، وإذا فات لم تتقيد بالأسابيع، إذا فات اليوم الحادي والعشرون تذبحها في أي يوم شئت، ولكن ينبغي للإنسان أن يحرص على أن تكون في اليوم السابع.

    أما تسمية المولود فتكون عند ولادته إلا إذا لم يكن الاسم قد أعد فيؤجل إلى اليوم السابع، أي إذا كنت قد هيأت الاسم فسمه من حين ولد، وإذا لم تهيئ الاسم فأجل تسميته إلى اليوم السابع ليكون في اليوم الذي تكون فيه العقيقة.

    1.   

    الأسئلة

    التكبير المطلق والمقيد في عشر ذي الحجة

    السؤال: هل التكبير في هذه الأيام مقيد أم مطلق؟ وهل يقدم على الأذكار الواردة بعد الصلوات نرجو التفصيل؟ وهل ورد دليل على الفرق فيها؟ وما وقتها من حيث الابتداء والانتهاء؟

    الجواب: العلماء رحمهم الله تكلموا في هذه المسألة في المقيد والمطلق بكلام كثير، لكن ليس فيه شيء مأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن التكبير المطلق أي: الذي في كل وقت من دخول شهر ذي الحجة إلى صلاة يوم العيد، وأما المقيد فهو من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فتكون الأيام الثلاثة عشر بالنسبة للتكبير منقسمة إلى ثلاثة أقسام: قسم ليس فيه إلا مطلق، وقسم ليس فيه إلا مقيد، وقسم فيه مطلق ومقيد:

    القسم الأول: الذي ليس فيه إلا مطلق: من دخول شهر ذي الحجة إلى فجر يوم عرفة هذا مطلق، ومعنى (مطلق) أنه لا يشرع أدبار الصلوات بل تقدم أذكار الصلاة عليه.

    القسم الثاني: المقيد وهو: الذي ليس فيه مطلق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر يوم من أيام التشريق، وهذه الأيام الأربعة فيها تكبير مقيد أي: يكون دبر الصلاة ولا يكون في بقية الأوقات.

    القسم الثالث: الجمع بين المطلق والمقيد من متى إلى متى؟ من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العيد، أي: أربعاً وعشرين ساعة تقريباً، ولكن الصحيح أن التكبير المطلق من هلال شهر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق.

    كل الأيام الثلاثة عشرة فيها تكبير مطلق، لكن من يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق فيها مقيد أيضاً، يذكر دبر الصلاة مع أذكار الصلوات، والمسألة هذه أمرها واسع، يعني لو أن الإنسان لم يكبر التكبير المقيد واكتفى بأذكار الصلوات لكفى، ولو كبر حتى في أيام المطلق دبر الصلوات لجاز ذلك، الأمر في هذا واسع، لأن الله تعالى قال في أدبار الصلوات: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103]، وقال: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج:34]، وقال تعالى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203] فكلها ذكر والأمر في هذا واسع، والمهم أن نعمر أوقات هذه العشر وأيام التشريق بالذكر.

    كيفية معرفة دخول شهر ذي الحجة

    السؤال: فضيلة الشيخ! نحن في حيرة من دخول الشهر فحسب التقويم يعتبر أوله غداً على أن الشهر الذي قبله كان ثلاثين يوماً، فهل يحتاط الإنسان مع أن هناك احتمالاً أن يعلن الشهر على خلاف ما صنع؟ وهل تؤثر رؤية القمر في الصباح وقد شوهد بوضوح يوم الأحد، نرجو التوضيح؟

    الجواب: أما شرعاً فإنه لا يدخل شهر ذي الحجة إلا يوم الأربعاء، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يثبت دخول شهر ذي القعدة ليلة الإثنين، بل لم يثبت ليلة الأحد، وإذا لم يثبت ليلة الأحد صار أوله ليلة الإثنين وآخره المكمل للثلاثين يوم الثلاثاء؛ لأن شهر شوال دخل في يوم السبت، فلا يوجد إشكال، عيد الفطر يوم السبت، يوم السبت يكمل تسعة وعشرين ويوم الأحد يكمل ثلاثين، يدخل شهر ذي القعدة يوم الإثنين، ويوم الإثنين من شهر ذي القعدة تسعة وعشرون يكمل يوم الثلاثاء، والذي جاءنا من رئاسة القضاء أنه لم يثبت دخول شهر ذي القعدة في يوم الإثنين، وعلى هذا: فتعتبر الليلة ليست من ذي الحجة، وأول ذي الحجة هو يوم الأربعاء إلا إذا جاء إثبات، والظاهر والله أعلم أن الليلة من شهر ذي الحجة؛ لأن القمر لم ير اليوم، وأما قول السائل: إذا رُئي في الأفق في الصباح، هل يمكن أن يهل؟

    فالمشهور عند العامة أن هذا أمر ممكن، فيمكن أن يرى صباحاً في الشرق ويهل ليلاً في المغرب، ولكن المعروف عند الفلكيين أن هذا أمر غير ممكن والله أعلم، لكن نحن نتبع ما أمرنا به الرسول عليه الصلاة والسلام، قال في رمضان: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).

    وقت حرمة أخذ المضحي شيئاً من شعره

    السؤال: متى يتحدد أخذ المضحي شيئاً من شعره وأظفاره وبشرته، هل يبدأ من نهار اليوم الأول من ذي الحجة أم من الليلة السابقة وفي أي ساعة؟ الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا دخل العشر) ونحن الآن قررنا بأن العشر لا تدخل شرعاً إلا ليلة الأربعاء أي أن الليلة ليست من العشر ما لم يثبت أنها من العشر فحينئذ لا يدخل المنع إلا من الليلة القابلة ليلة الأربعاء ما لم يثبت الشهر.

    كيفية الجمع بين الهدي والأضحية

    السؤال: ما موقف الحاج الذي يريد أن يضحي، هل يشرع له الأضحية أم يكفي أن يهدي -مع الدليل؟- ومن أراد أن يحج متمتعاً وله أولاد صغار لم يحجوا معه، فهل يكفي الهدي له أم لابد من الأضحية؟ وما حاله بالنسبة للأخذ من الشعر والأظفار؟

    الجواب: أما الإنسان الذي سوف يحج هو وأهله فإنه لا حاجة إلى الأضحية في حقه لأنهم سوف يهدون والهدي في مكة للآفاقيين أفضل من الأضحية، وأما من كان يريد أن يحج بنفسه أو ببعض عائلته ويبقى البعض في البلد فهذا يشرع له أن يضحي لأهله الباقين، أضحية عندهم لا يذهبوا بها معه إلى مكة ، وحينئذ يثبت في حقه حكم المنع من أخذ الشعر والأظفار والبشرة، إلا أنه إذا تمتع لا بد أن يقصر من شعر رأسه ويسمح له في ذلك لأن التقصير حينئذ نسك مأمور به ومن واجبات العمرة، فهذا هو الكلام والتفصيل فيمن يريد الحج ويريد الأضحية، وخلاصته: أن من أراد أن يحج بأهله فلا حاجة به إلى الأضحية اكتفاء بالهدي، ومن كان أهله سيبقون أو بعض أهله فإنه يضحي: أي يوصيهم بالأضحية وحينئذ يكون مضحياً لأهله في بلده ويكون مهدياً لنفسه ومن معه في مكة ، ويتجنب أخذ الشعر والأظفار والبشرة إلا أخذ الشعر في التقصير للعمرة لأنه نسك.

    حكم الزيادة في الأضحية ممن يُضحى عنه

    السؤال: إذا كان لي أولاد ولي دخل ماليّ وأسكن مع والدي وترغب نفسي في الأضحية، فهل أكتفي بأضحية والدي وأحرم نفسي كما أشرتم أم ماذا أصنع؟ وهل هذا مقيد بمن تجب له النفقة على والده فقط؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب: السنة كما ذكرت أن الرجل يضحي عنه وعن أهل بيته، كل من في البيت من أولاد كبار أو صغار، ذكور أو إناث تكفيهم الأضحية الواحدة يقوم بها رب البيت، أما إذا كان الإنسان منفصلاً عن أبيه؛ هو في بيت وأبوه في بيت فلكل واحد منهما أضحية، الأب يضحي عنه وعن أهل بيته، والابن يضحي عنه وعن أهل بيته وإذا كان يسكن مع والده فالأضحية الواحدة تكفيهم، وهل هو مقيد بمن تجب عليه النفقة أي الأب؟ لا. أبداً. هو يضحي عنه وعن أهل بيته، كل من في البيت يكفيهم أضحية واحدة. ولكن يجب أن تلاحظوا بارك الله فيكم أنا إذا قلنا هذه السنة ليس معناه أنه يحرم، لكن لا شك أن التمسك بالسنة خير من عدمه، وأضرب لكم مثالاً: رجلان أحدهما قام يصلي سنة الفجر لكن يخففها والثاني قام يصلي سنة الفجر لكن يطيل فيها، أيهما الأوفق للسنة؟ الأول الذي يخفف، لكن الثاني لا يأثم وإن كان يطول ويفعل خلاف السنة ولكن لا يأثم، وإذا قلنا: إن السنة أن يقتصر أهل البيت على أضحية واحدة يقوم بها رب البيت فليس معنى ذلك أنهم لو ضحوا بأكثر من واحدة أنهم يأثمون، لا يأثمون لكن المحافظة على السنة أفضل من كثرة العمل، والله سبحانه وتعالى يقول: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلين في حاجة فلم يجدا الماء فتيمما وصليا ثم وجدا الماء، أما أحدهم فتوضأ وأعاد الصلاة، وأما الآخر فلم يتوضأ ولم يعد الصلاة، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة، وقال للثاني: لك الأجر مرتين، فأيهما أفضل؟ الذي أصاب السنة وإن كان هذا له الأجر مرتين، لأنه إنما كان له الأجر مرتين لأنه عمل عملين ينوي بهما التقرب إلى الله عز وجل، فكان له أجر عملين لكن ليس كالذي أصاب السنة.

    حكم الاستدانة لشراء الأضحية

    السؤال: هل يشرع للفقير أن يستدين لكي يضحي؟

    الجواب: نقول: في هذا تفصيل: الفقير الذي ليس بيده شيء عند حلول عيد الأضحى لكنه يأمل أن يحصل، كإنسان له راتب شهري صادف أنه في يوم العيد ليس بيده شيء لكن يستطيع أن يستقرض من صاحبه ويوفيه إذا جاء الراتب فهذا ربما نقول له أن يستقرض وأن يضحي ثم يوفي، أما إذا كان لا يأمل الوفاء عن قرب فإننا لا نستحب له أن يستقرض ليضحي؛ لأن هذا يستلزم إشغال ذمته بالدين ومنة الناس عليه، ولا يدري هل يستطيع الوفاء أو لا يستطيع.

    حكم مشاركة رب البيت بقيمة الأضحية

    السؤال: أيهما أفضل: أن يدفع رب البيت قيمة الأضحية لوحده، أو يشرك معه من يستطيع من أفراد عائلته بقيمة الأضحية، خاصة إذا كان في هذا تطييباً لنفوسهم؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب: الأفضل أن يقوم بها وحده كما في الحديث أنه: (كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته) وأما لتطييب نفوسهم، فبأن يقال لهم: السنة هي التي فيها طيب النفس، والناس إذا عودوا على الشيء اعتادوا عليه وسهل عليهم، لا شك أن الناس الآن اعتادوا أن كل واحد يضحي ولكن إذا قيل لهم: السنة أن يكون المضحي رب البيت وأنتم إذا كان لديكم وفرة من المال فتصدقوا بها، تصدقوا بها على من شئتم من الناس، ومع هذا لا نمنعكم من أن تضحوا، لو أنكم ضحيتم ليس عليكم إثم، ولكن المحافظة على السنة وعلى ما كان عليه الصحابة لا شك أنه أولى.

    حكم من لم يبت بمزدلفة من غير تعمد

    السؤال: إذا فرض أن الإنسان لم يتمكن من المبيت بـمزدلفة لأي سبب من الأسباب كضياعه أو غير ذلك، هل يلزم عليه دم؟ الجواب: نعم. الظاهر أنه يلزمه دم على حسب قواعد أهل العلم، لكنه لا إثم عليه، وذلك أن تارك الواجب إن كان معذوراً فلا إثم عليه لكن عليه البدل وهو الدم، وإن كان متعمداً صار عليه الإثم والدم، والظاهر أنه يلزمه دم على حسب قواعد أهل العلم، نعم لو أن الإنسان منع من أن يبيت بـمزدلفة فهذا لا شيء عليه؛ لأنه منع من ذلك على سبيل الإكراه.

    حكم إرسال الخادمات بدون محرم

    السؤال: لقد ذكرت في خطبة الجمعة قبل الماضية أن من أرسل الخادمة بدون محرم أنه آثم، فماذا نقول إذا كان صاحب الخادمة قد قطع عهداً في العقد بينه وبين صاحب المكتب الذي أتى بالخادمة أنه سوف يحج بها؟ الجواب: نقول: إن الخادمة أنثى، امرأة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فأي إنسان يقول: إن الخادمة يجوز أن تسافر مع مستخدميها، نقول له: هات الدليل على إخراج هذه المرأة من هذا الحديث وإلا فاستعد لمحاسبة الله لك يوم القيامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين، قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) فهل هذه امرأة أم لا؟! لا يمكن أن يقول: ليست امرأة، فإذا قال: هي امرأة، نقول: ما الذي أخرجها من العموم؟ هات الدليل وإلا فاستعد للجواب أمام الله يوم القيامة، فإذا قال أنه قطع عهداً على نفسه أن تحج، فالجواب أن يقال: نعم. هذا العهد يجب أن يوفي به، لكن على حسب القواعد، على حسب ما تقتضي الشريعة، لا على مخالفة الشريعة: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط). فنقول: هذا الشرط يجب عليك أن تلتزم به وذلك بأن تقوم بتحجيجها إذا حضر محرمها، وبالإمكان أن تقطع فيزة لمحرمها ليقدم للحج، أو لأي عمل شئت ثم يحج معها، فإن تعذر ذلك فإنك تضمن لها قيمة الحجة، لأنها مشروطة عليك، فإذا قيل: إن هذه المرأة يكلف حجها ألفي ريال فعليك أن تعطيها ألفين.

    الأفضل في أضحية الموصي

    السؤال: إذا أوصى بأضحية، فهل الورثة مخيرون بين ذبح شاة وبين الاشتراك في سبع بدنة أم لا؟ الجواب: إذا أوصى الميت بأضحية فإن الواجب على الوصي أن يختار ما هو أفضل وأكمل، ومعلوم أن الشاة أفضل من سبع البدنة أو البقرة لكن إذا كانت الوصية قليلة لا تكفي للواحدة من الضأن أو الماعز وتكفي للسبع من البدنة أو البقرة فحينئذ يشتري سبع بدنة أو بقرة.

    حكم التوكيل في ذبح الهدي

    السؤال: ماذا ترى بتوكيل الشركة التي عن طريق مصرف الراجحي بأن تقوم بذبح الهدي وتوزيع لحمه خارج فقراء الحرم، وخاصة إذا كانت الحملة فيها عدد كبير من الناس؟ وهل الأفضل أن يذبحها الإنسان بنفسه ويوزعها مع المشقة ومظنة عدم الاستفادة منها، أم يدفعها لهذه الشركة حتى ولو لم تذبح إلا في اليوم الرابع؟ الجواب: الأفضل أن يباشر الإنسان الذبح بنفسه أو بوكيل يكون حاضراً عنده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي باشر الذبح؛ ذبح هديه بيده عليه الصلاة والسلام، فإنه أهدى مائة بدنة ذبح منها ثلاثاً وستين بيده، وأعطى علي بن أبي طالب الباقي فذبحه، حتى وإن حصل لك مشقة احتسب الأجر، وهنا ما يفعله بعض الناس، ينـزل إلى مكة في يوم العيد أو في يوم من أيام التشريق ويشتري من المجزرة في مكة ويذبحها هناك ويجد من يأخذها منه يتقاتلون عليها، فبإمكانك أن تنـزل إلى مكة في يوم من أيام التشريق وتذبح هناك كما يفعله بعض الناس هناك بدون مشقة وبدون تعب. وإنما إذا كان عليك مشقة أو تعب ولا تستطيع، كما لو كانت الهدايا كثيرة وأنت رجل واحد فلا بأس أن تعطي هذه الشركة لذبحها، لأن القائمين عليها حسب علمي أناس موثوقون، والتوكيل في الهدي جائز، كما سمعتم أن الرسول عليه الصلاة والسلام وكل علي بن أبي طالب فنحر الباقي.

    بماذا يتعلق التحلل؟

    السؤال: هل للذبح أثر في التحلل؟

    الجواب: لا. الذبح ليس له أثر، أو ليس التحلل معلقاً بالذبح، فيمكن أن يتحلل الإنسان وإن لم يذبح؛ وذلك لأن الإنسان يتحلل التحلل الأول يوم العيد إذا رمى الجمرة وحلق أو قصر حل التحلل الأول وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، فإذا أضاف إلى ذلك الطواف والسعي حل الحل كله حتى وإن لم يذبح، ومعنى قولنا: حل الحل كله أنه يجوز له جميع محظورات الإحرام حتى النساء.

    فإذا فعل الإنسان أربعة أشياء حل التحلل كاملاً وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والطواف، والسعي، إذا فعل هذه الأربعة حل الحل كله، وإن فعل اثنين من ثلاثة حل التحلل الأول، الثلاثة هي: الرمي، والحلق، والطواف، السعي في التحلل الأول ليس له دخل.

    السعي لا يتعلق به حل بالنسبة للتحلل الأول، إنما التحلل الأول باثنين من ثلاثة، وهي: الرمي، والثاني: الحلق، والثالث: الطواف، فلو رمى وطاف حل التحلل الأول، لو حلق ورمى حل التحلل الأول، لو حلق وطاف حل التحلل الأول، لكن الأفضل ألا يحل التحلل الأول حتى يرمي، حتى لو طاف وحلق فالأفضل ألا يتحلل حتى يرمي.

    حكم طاعة ولي الأمر في تأخير الحج

    السؤال: أنا رجل عسكري ونظامنا في العمل بالنسبة للحج لا يسمح في كل سنة إلا لخمسة أشخاص ممن يعملون معي في العمل، فلو مت قبل أن يأتي دوري في الحج هل أكون آثماً أم لا؟ وهل هذا طاعة للمخلوق في معصية الخالق؟ الجواب: نقول في الجواب الأول: إذا كانت الحكومة قد رتبت حج أفراد العسكر فإنه إذا مات الإنسان قبل أن يأتي دوره فلا إثم عليه؛ لأنه مأمور بطاعة ولي الأمر؛ ولأنه داخل على أنه ملتزم بما يقتضيه هذا العقد مع الدولة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] فلو مت قبل أن تأتي بالواجب فإنه لا شيء عليك. ثم إني أقول: إن بعض العلماء قال: إن الحج لا يجب على الفور، بمعنى أنه يجوز للإنسان أن يؤخر الحج ولو بدون عذر حتى وإن كان غنياً ويرى أن الحج أمره واسع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج مرة فما زاد فهو تطوع) فإذا حججت مرة ولو في آخر عمرك فقد أتيت بالواجب، وأنا أتيت بهذا القول من أجل أن يتسع صدر مثل هذا الأخ السائل، وإلا فإن القول الراجح: هو أن الحج واجب على الفور، وأن من تمت فيه شروط الحج وجب عليه أن يبادر به.

    حكم من أرادت الأضحية وأرادت تقصير شعرها للضرورة

    السؤال: امرأة تريد أن تضحي ولكنها لا تستطيع ترك رأسها دون تسريح لمدة أيام، لأنه ربما تساقط معظمه، فهل يجوز لها تسريحه مع المحافظة أو المحاولة على عدم سقوطه، وأحياناً ربما يكون عليها غسل واجب؟

    الجواب: نعم. إذا كان يشق عليها أن تبقى بدون تسريح لمدة عشرة أيام فإن لها أن تسرحه لكن برفق، وإذ سقط شيء من التسريح بغير قصد فلا شيء عليها، ولكن تأتي مسألة تعدد الضحايا في البيت الواحد، هذه المرأة كيف تضحي وعندها قيم البيت، إذا كان عندها قيم في بيتها فإن أضحية القيم تجزئ عنها، لكن قد تكون أحياناً هي قيمة البيت ليس في البيت رجل، هي التي تقوم بالبيت، لأنه ليس عندها رجال فحينئذ تكون أضحيتها في محلها، ويلزمها أن تتجنب أخذ الشعر والظفر والبشرة ولكن لها أن تسرح شعرها إذا كان يشق عليها تركه ويكون التسريح برفق.

    حكم من تجاوز الميقات ولم يحرم

    السؤال: مجموعة من الحجاج عقدوا العزم على الحج بإذن الله وهم من مدينة الرياض ، وقد كلفوا للعمل في مطار جدة ، وبعضهم عقد نيته على الإفراد وبعضهم عقدها على التمتع والآخرون على القران، ولكنهم تجاوزا الميقات ولم يحرموا حيث أن هناك زمناً طويلاً بين بداية عملهم في المطار وبين موسم الحج بما يقارب الشهر، فما موقفهم الآن وقد تجاوزوا الميقات، هل عليهم دم كلهم أو بعضهم حسب النية؟

    الجواب: أما من أراد منهم التمتع فالحقيقة أن عدم إحرامه من الميقات خطأ مخالف للحكمة؛ لأن الأولى به أن يحرم من الميقات ويأتي بالعمرة ويخرج إلى جدة ، وأما من أراد القران والإفراد فصحيح أنه سيشق عليه أن يبقى شهراً كاملاً في إحرامه، لكن نقول: إنه لا حرج عليهم أن يبقوا في جدة وإذا جاء وقت الحج خرجوا إلى الميقات الذي تجاوزوه وأحرموا منه، مثال ذلك:

    لنفرض أنهم من أهل الرياض ومروا بميقات أهل نجد بـالسيل وذهبوا إلى جدة ، نقول: إذا أردتم الإحرام بالحج فلا بد أن تذهبوا إلى السيل وتحرموا منه لتحرموا من الميقات الذي يجب عليكم الإحرام منه، فإن قدر أن تعذر هذا ولم تتمكنوا من الذهاب إلى الميقات فلكم أن تحرموا من جدة وعليكم عند أهل العلم دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، والمتمتع الآن مثلهم ما دام إلى الآن لم يحرم، فإذا أراد الإحرام بالعمرة فلا بد أن يذهب إلى السيل ويحرم منه، ويطوف ويسعى ويقصر ويحل.

    حكم لزوم الهدي لمن خرج من مكة لغير بلده

    السؤال: جماعة من أهل القصيم أحرموا بالعمرة متمتعين إلى الحج في الخامس والعشرين من هذا الشهر، وبعد الانتهاء من العمرة ذهبوا إلى جدة للنـزهة ونووا العودة إلى مكة في اليوم السابع من ذي الحجة، فهل عليهم هدي أم يعاملون معاملة أهل مكة ؟ وإذا كان أحدهم قد حج متمتعاً منذ سنوات بنفس الطريقة ولم ينحر هدياً فماذا يجب عليه الآن؟ الجواب: نقول: إن هؤلاء الذين ذهبوا من القصيم متمتعين وأتوا بالعمرة في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة وخرجوا إلى جدة وهم سيحرمون بالحج في وقته -هو يقول: في اليوم السابع ولعله في اليوم الثامن- فهؤلاء يعتبرون متمتعين وسفرهم إلى جدة لا يسقط عنهم الهدي؛ لأنهم لم يرجعوا إلى بلدهم الذي يبطل تمتعه، هو الذي يرجع إلى بلده بعد العمرة ثم يحرم من ميقات بلده بالحج، وأما الذي يخرج إلى جدة أو إلى الطائف ويحرم بالحج من هناك فإنه على تمتعه ويجب عليه الهدي. وعلى هذا فنقول لهؤلاء: إذا كان اليوم الثامن أحرموا بالحج وعليكم هدي التمتع، والذين فعلوا مثل هذا الفعل في سنوات مضت ولم يهدوا هدياً عليهم أن يهدوا الآن، يذبحوا هدياً الآن قضاء لما سبق، لأن سفرهم إلى جدة لا يسقط عنهم الهدي، وإنما الذي يسقط به الهدي كما أشرت إليه أن يرجع الإنسان إلى بلده ثم يعود من بلده محرماً بالحج.

    الضعفة إذا تعجلوا في الرمي قبل الفجر بعد الدفع من مزدلفة

    السؤال: إذا تعذر الضعفة بالدفع من مزدلفة بعد مغيب القمر مباشرة وتمكنوا من الرمي والسعي والطواف قبل الفجر فما الحكم في عمله؟

    الجواب: عمله جائز ولا بأس به؛ لأنه إذا جاز للإنسان أن يدفع من مزدلفة جاز له أن يفعل كل ما يترتب على ذلك، فإذا دفع الضعفة من مزدلفة في آخر الليل بعد مغيب القمر ووصلوا إلى منى فليرموا الجمرة ولينـزلوا إلى مكة ويطوفوا ويسعوا ويرجعوا، ولو رجعوا قبل الشمس في هذا المثال فلا بأس لأنه إنما جاز الدفع للضعفة من أجل أن يأتوا بمناسك الحج قبل زحمة الناس.

    حكم تخصيص بعض أيام العشر بالصيام وهل يلزم إتمام العشر

    السؤال: ما حكم من يصوم يوماً ويفطر يوماً في عشر ذي الحجة، أو يصوم يوم السابع والثامن والتاسع فقط وينوي بها صيام ثلاثة أيام من الشهر؟ وهل يلزم من صام يوماً منها أن يصومها كلها فإن هذا يتناقله بعض العوام؟ الجواب: إذا صام يوماً وأفطر يوماً من عشر ذي الحجة لا باعتقاد أنه سنة فهذا لا بأس به، لأن الإنسان قد يكون له أشغال ويحب أن يفطر فيما بين صيامه لينشط على شغله، وأما إن اتخذ ذلك سنة فهذا لا يجوز؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا صيامها كاملة، وأما إذا صام الثلاثة الأخيرة من التسعة وهي السابع والثامن والتاسع بنية أنها عن ثلاثة أيام من كل شهر فهذا أيضاً لا بأس به. أما إذا صامها بالنية التي يقولها العوام وهو صيام ثلاث من ذي الحجة فهذا لا أصل له ولم يرد بما يتعلق بصيام عشر ذي الحجة إلا صيام الجميع أو صيام يوم عرفة ، أما تخصيص ثلاثة أيام على أنها ثلاث ذي الحجة فهذا لا أصل له، فتخصيص ثلاثة أيام إذا كان الإنسان خصصها من أجل أن يجعلها عن الأيام الثلاثة من كل شهر فهذا لا بأس به؛ لأن ثلاثة أيام من كل شهر كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبالي أن يصومها من أول الشهر أو وسطه أو آخره. وأما من صامها باعتقاد أن السابع والثامن والتاسع من هذا الشهر يسن صومه فهذا لا أصل له. وأما من صامها سنة من السنوات فلا يلزمه أن يصومها في المستقبل؛ لأن كل نفل قام به الإنسان في وقت فإنه لا يلزمه أن يقوم به في كل وقت لأنه نفل إن شاء فعله وإن شاء تركه، لكن ينبغي للإنسان إذا عمل عملاً أن يثبته وأن يستمر فيه، ولا يلزم من صام يوماً من العشر أن يصومها كلها، من صام يوماً وتركها فلا حرج عليه لأنه صيام نفل، والنفل -كما قلت- يجوز للإنسان أن يستمر فيه وأن يقطعه لأنه ليس بواجب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768033829