أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نستضيف فيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مرحباً بسماحة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
====
السؤال: سماحة الشيخ! هذه الرسالة وردتنا من المرسلة مرفت خالد من اليمن الجنوبي، لديها بعض الأسئلة، تقول في سؤالها الأول: هل حرام إذا دخلت الحمام وعلى إصبعي فتخة أو خاتم مكتوب عليه الله أو ما شابه ذلك، أفيدوني وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، وكان مكتوباً عليه: محمد رسول الله) فالأفضل للرجل والمرأة عند دخول الحمام إذا كان عليهما خاتم فيه ذكر الله أن يوضع خارج الحمام، وأن لا يدخل به الحمام إذا تيسر ذلك، فإن خاف عليه الضياع فلا بأس بدخول الحمام؛ لأن الحديث فيه علة، وبعض أهل العلم لا يثبته، لكن إذا تيسر العمل به فهو أولى، فإن خاف الإنسان على خاتمه أن يسرق أو ينساه دخل به ولا حرج إن شاء الله.
الجواب: وجود الدسم على أعضاء الوضوء أو على البدن لا يمنع الماء ولا حرج في ذلك، وإذا كان على غير أعضاء الوضوء فليس له تعلق بالوضوء، ولكن في الجنابة لا يضر أيضاً، إذا كان في البدن دسم آثار زيت أو سمن أو شيء شبه ذلك من الدسم هذا لا يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلا يضر في ذلك، فإذا توضأت وفي يدها آثار دسم أو في ذراعها أو في قدمها فإنه لا يضر، وهكذا غسل الجنابة وغسل الحيض إذا كان في البدن آثار الدسم لا يمنع الماء، الدسم المعروف الذي ليس له جسم وإنما هي لزوجة في البدن، هذا لا يمنع صحة الغسل ولا صحة الوضوء، والحمد لله.
الجواب: اختلاط الطلبة والطالبات في المدارس لا يجوز؛ لما فيه من الفتنة، والشغل عن الدروس، فإن الطالبة إذا جلست بجوار الطالب لتلقي الدروس فإنه يترتب على هذا من الفتن والفساد الكبير ما لا يحصى، فلا يجوز اجتماعهم في درس، بل يجب أن تكون الطالبات على حدة والطلاب على حدة، فلا تكون الطالبة مع الطالب في كرسي واحد، ولا في حجرة واحدة يدرسون جميعاً مختلطين؛ لأن وجودهم جميعاً يسبب فتنة وشراً كثيراً، وكل واحد يشتغل بالآخر فيشغله عن درسه ويشغله عن الفائدة، وربما أفضى إلى مواعيد ضارة وإلى اجتماعات غير طيبة، والواجب أن تكون دراسة كل صنف على حدة، هذا هو الواجب؛ حذراً من الفساد الذي لا يخفى على من تأمل الواقع.
الجواب: السنة أن يغير الشيب من الرجل والمرأة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) في قصة أبي قحافة ، لكن ينبغي أن يكون التغيير بغير السواد مثل الحمرة والصفرة لا بالسواد الخالص، وإذا غير الشيب بشيء ممزوج من أحمر وأسود فلا بأس، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم (أنه خضب بالحناء والكتم)، وجاء عن الصديق وعمر وغيرهما الخضاب بالحناء والكتم، هذا هو السنة وهو الأفضل.
والأفضل أن لا يترك الشعر أبيض، لكن التغيير بالسواد هو الذي لا يجوز، الصواب أنه لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (جنبوه السواد) قوله: (وجنبوه السواد) يدل على أنه لا يجوز الخضاب بالسواد الخالص.
وفي مسند أحمد وسنن أبي داود بإسناد جيد: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) وهذا وعيد عظيم، يدل على تحريم الخضاب بالسواد.
ومن زعم أن قوله في الحديث: (وجنبوه السواد) مدرج فقد غلط، الحديث ثابت، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وجنبوه السواد) متصل، من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا من كلام غيره، وهو ثابت في صحيح مسلم وغيره.
فالواجب على المسلم الحذر مما نهى الله عنه، والاكتفاء بما شرع الله وأباح. والله أعلم.
الجواب: يشرع للأم ولغير الأم كالأب والأخ عندما يستشير ابنته أو أخته في الزواج يقول لها: خطبك فلان، وصفته كذا وكذا، فلان بن فلان، من أسرة صفتها كذا وكذا، يشرح لها حالة الرجل وأسرته، وأنهم أناس معروفون بالديانة والخير، وحالهم من جهة الدنيا أيضاً لا بأس، وينصح لها بما يرى من قبول الخطبة وعدم ذلك، يعني: هو مؤتمن، فالواجب أن يبين لها الحقيقة، ولا يلبس عليها الأمر، فلا يقول: إنه طيب وهو ليس بطيب، ولا يقول: إنه جميل وهو ليس بجميل، ولا يقول: إنه بصير وهو أعمى، يبين لها الحقيقة على ما هي عليه، ويشرح لها الواقع كما هو، وينصح لها في أخذه أو عدم أخذه، هذا هو الواجب على الأم والجدة والأخت والخالة والأب والعم والأخ، كل واحد من هؤلاء إذا أراد يبين لموليته أو لمن له بها صلة يبين الحقيقة على الوجه الذي علمه من الخاطب، وإن تيسر أن يراها وتراه فهو أفضل؛ حتى لا تبقى شبهة ولا تبقى ريبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل؛ فإن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما) يعني: أقرب إلى أن يتفقا، ويحصل بينهما الوئام، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخبره رجل أنه خطب من بني فلان، فقال: (هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: اذهب فانظر إليها).
فالمقصود: أن الأفضل أن ينظر إليها وتنظر إليه إذا تيسر ذلك، ولكن يكون بدون خلوة، بأن يكون معهما أحد، إما أمها أو أختها الكبيرة أو أبوها أو عمها أو أخوها أو ما أشبه ذلك، لا يخلو الخاطب بالمخطوبة، ينظر إليها لكن بحضور من تزول معه الخلوة، ويؤمن معه ما يخاف منه من الخلوة.
ونقول للأخ مصلح نحن نعتذر عن الإجابة على جميع هذه الأسئلة؛ لأنها تريد وقتاً طويلاً، وهي سوف تأتي من المستمعين، فعليك يا أخ بمتابعة البرنامج وستحصل على الإجابة عنها إن شاء الله تعالى، خصوصاً والمستمع يرجو إرسالها في البريد أيضاً.
ومن أسئلة المستمع مصلح ، يقول: هل يجوز لشخص لا تحل له الزكاة أن يأخذها؟
الجواب: إذا كان الرجل لا تحل له الزكاة يحرم عليه أخذها، ولو أراد أن يعطيها غيره، ليس له أخذها إلا بإذن صاحبها، إذا قال: أنا أريد أن أعطيها أناساً فقراء، يوكله في ذلك، هذا من باب التوكيل، أما أنه يأخذها على أنه فقير ولكن في نيته أن يعطيها غيره فلا، الواجب عليه أن لا يأخذها إلا إذا كان أهلاً لها، إلا إذا كان من باب الوكالة ليدفعها إلى أناس فقراء فليصرح لصاحب الزكاة بذلك وليخبره بذلك؛ حتى يوكله أو لا يوكله.
الجواب: ليس المحراب بدعة، بل فعله السلف الصالح من آخر القرن الأول إلى يومنا هذا، وفيه فوائد: فإنه يوضح أن هذا مسجد، ويوضح القبلة، يستفيد منه الناس لمعرفة القبلة، وقد يحتاج إليه في زيادة صف إذا دخل فيه الإمام عند الحاجة وعند الضيق، فليس ببدعة، وفيه فوائد طيبة.
الجواب: جاء في الباب أحاديث، بعضها يدل على أنه يضع يديه قبل ركبتيه، وبعضها يدل على أنه يضع ركبتيه قبل يديه، جاء هذا وهذا.
والأرجح ما جاء في حديث وائل بن حجر وأنس بن مالك رضي الله عنهما: (أن النبي عليه السلام كان يضع ركبتيه قبل يديه ثم يرفع رأسه ثم يديه قبل ركبتيه عند الرفع من السجود) هذا هو الأفضل، أما حديث أبي هريرة في أمر وضع اليدين قبل الركبتين، فقد ذكر بعض أهل العلم أن الأقرب فيه أنه مقلوب، وأن الصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه) هذا هو الأقرب؛ لأنه في أول الحديث (نهى عن بروك كبروك البعير)، والذي يضع يديه قبل ركبتيه يشبه بروك البعير؛ لأن البعير يضع يديه ثم رجليه.
فالأفضل للمؤمن أن يضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، وبذلك تجتمع الأخبار، تجتمع أخبار النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبي هريرة وحديث وائل وحديث أنس وما جاء في معناها، في وضع الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، تجتمع الأخبار، ويتضح أن ما في حديث أبي هريرة من قوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه) الظاهر أنه منقلب على الراوي، وإنما الصواب: (وليضع ركبتيه قبل يديه) حتى لا يوافق البعير الذي يضع يديه قبل ركبتيه.
الجواب: الذي نعلم أن الحكومة وفقها الله جعلت الضمان الاجتماعي للفقير، فالذي لا تتوفر فيه الشروط ليس له أخذ الضمان وليس له أن يكذب، إنما يأخذ الضمان من كان من أهله لمن توافرت فيه الشروط المطلوبة، أما الذي يكذب ويزعم أنه فقير أو تزعم أنها ليست ذات زوج وهي ذات زوج أو ما أشبه ذلك فليس له أخذ ذلك.
فالحاصل: أنه لا يجوز أخذ الضمان إلا للذي توافرت فيه الشروط التي وضعتها الدولة، هذا هو الواجب عليه، الواجب أن يتقي الله المؤمن وأن يحذر أخذ شيء لا يحل له، الله المستعان.
الجواب: هذا غلط .. ليس بصحيح، النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في عرفات ركعتين ما صلى جمعة، كان في السفر لا يصلي جمعة عليه الصلاة والسلام، وكان في حجة الوداع صادف يوم عرفة يوم الجمعة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين سماها الراوي ظهراً، ثم صلى بعدها العصر ركعتين جمعاً وقصراً جمع تقديم في يوم عرفة يوم الجمعة، ولم يجهر بالقراءة بل أسرها، ولو كانت جمعة لجهر بالقراءة، ثم خطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبة واحدة، وكان في الجمعة يخطب خطبتين، وهنا خطب الناس قبل الأذان وكان في الجمعة يؤذن ثم يخطب.
فهو صلى ظهراً لا جمعة من وجوه كثيرة: من جهة أنه صلاها ركعتين وسماها الراوي ظهراً، وصلى معها العصر قصراً وجمعاً، ومنها أنه خطب خطبة واحدة قبل الأذان والجمعة خطبتين، ومنها أنه خطب قبل الأذان، والقاعدة في الجمعة أنه يخطب بعد الأذان، ومنها أنه لم يجهر بالقراءة والجمعة يجهر فيها بالقراءة؛ فعلم بذلك أن المسافر لا يصلي جمعة وإنما يصلي ظهراً ركعتين، وهذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات وفعله معه المسلمون.
المقدم: طيب بالنسبة للذين يخرجون للبرية دائماً في رحلات نهاية الأسبوع؟
الشيخ: يصلون ظهراً لا يصلون جمعة؛ لأنه في حكم السفر.
المقدم: لكن بعضهم يقول: إنني تخلفت عن الجمعة أكثر من ثلاث جمع، فأنا سوف أذهب إلى القرية الفلانية وآتي بالجمعة؟
الشيخ: لا، إذا صلى في بعض القرى التي في الطريق أو حولهم طيب، يعني: إذا كان حولهم قرية يجب عليهم أن يصلوا فيها، إذا كانت قريبة منهم فالأولى بكل حال أن يصلوا فيها، الوجوب فيه نظر، لكن الأولى بكل حال أن يصلوا في القرية التي بقربهم.
المقدم: هل يجوز للمسافر أن يؤخر الجمعة إلى صلاة العصر؛ ويصليها ظهراً قصراً وجمعاً مع العصر، أو العكس؟
الشيخ: المسافر في سفره ما عليه جمعة، فإذا أخر صلاة الظهر مع العصر لا بأس؛ لأنه ليس مثل الجمعة في سفره ولو كان في يوم الجمعة، إن شاء جمع جمع تقديم وإن شاء جمع جمع تأخير؛ لكن الأفضل للمسافر إذا ارتحل من مكانه في السفر قبل الظهر أنه يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد دخول الوقت الأول، يعني: بعد دخول وقت الظهر، فالأفضل أنه يقدم العصر مع الظهر فيصليهما جمع تقديم كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.
أما إذا كان نازلاً مستريحاً نزل الضحى مثلاً يبقى حتى تغيب الشمس أو يبيت في محل، ليس عنده العجلة، فهذا مخير: إن شاء صلى كل صلاة في وقتها، وهو أفضل إذا كان ما فيه مشقة، كل صلاة، الظهر في وقتها والعصر في وقتها، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا بأس، إن جمع جمع تقديم أو جمع تأخير أو في وسط الوقت فلا بأس؛ لأن المجموعتين وقتهما واحد.
الجواب: الرشوة لا تجوز، سواء كانت بالنقود أو بالأرض أو بغير ذلك، الرشوة محرمة، الرسول لعن الراشي والمرتشي، فلا يجوز أن يعطى الرشوة حتى يحيف له الأمير أو القاضي أو الشاهد أو نحو ذلك، الرشوة حرام، وعاقبتها وخيمة؛ وهي تفضي إلى ظلم الناس والعدوان عليهم في حقوقهم، فلا تجوز أبداً، سواء قدم مالاً من النقود أو مالاً من الأرض أو حيوان أو طعام، لا فرق في أنواع الرشوة.
المقدم: أحسنتم أثابكم الله.
أيها السادة إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا، الذي استضفنا فيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد أجاب على أسئلة السادة: المرسلة مرفت خالد من اليمن الجنوبي، والمرسلة أخت محمد من الرياض، والمرسل مصلح بن عبد المعين الخرماني الحربي من وادي قديد.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها الإخوة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم إن شاء الله تعالى، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر