أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا.
أيها السادة! في هذا اللقاء نعرض ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مرحباً بسماحة الشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====
السؤال: سماحة الشيخ عبد العزيز! هذه الرسالة وردتنا من حاج بنقالي يقول (م. ن. ج)، يقول: إلى أصحاب الفضيلة المجيبين في إذاعة المملكة العربية السعودية وفقهم الله آمين، لقد كسرت حجراً كبيراً إلى واحد وعشرين حجراً ورميت به في اليوم الثاني أي في اليوم الأول من أيام التشريق، فهل يعتبر رميي هذا صحيحاً أم أنه يعتبر حجراً واحداً على حسب أصله، وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالسنة والأفضل أن يلقط الإنسان حجرات من الأرض من دون تكسير؛ لأن التكسير قد يؤذيه، قد يضره، قد يطير إليه منه شيء، فإذا أخذه من الأرض فذلك أولى وأسلم وإذا كسره فلا حرج، إذا كسره من حجر كبير واستخرج من ذلك واحداً وعشرين حصاة أو سبع حصيات أجزأه ذلك، لا بأس ولو مكسراً من حجر، فإذا رمى كل جمرة بسبع حصيات من هذا الحجر الكبير الذي كسره فإنه يجزي ولا بأس، ولكن ذكر العلماء أن كونه يلتقط الحجر الصغار من دون تكسير يكون أولى وأسلم وأبعد عن الخطر؛ لأنه قد يطير إليه شيء في التكسير وقد يضره، يضر عينه، يضر غير ذلك، هذا المقصود، وإلا فلا حرج في ذلك.
الجواب: الرمي يوم العيد مجزي كله؛ لأن يوم العيد كله محل رمي، لكن من فاته ذلك بأن غابت عليه الشمس يوم العيد ولم يرم ورمى بعد غروب الشمس أجزأه على الصحيح، كثير من أهل العلم يقولون: لا يجزئه ولكن يؤجل الرمي إلى بعد الزوال من اليوم الحادي عشر فيبدأ به عن يوم العيد، ثم يرمي اليوم الحادي عشر، هكذا قال جماعة من أهل العلم وهو مشهور عند أهل العلم، ولكن الصواب أنه لا حرج في ذلك وأنه يجزئه إذا غابت الشمس ثم رمى بعد غروبها عن يوم العيد أجزأه على الصحيح، وإن أخره خروجاً من الخلاف ورماه بعد الزوال عن يوم العيد بالنية ثم رمى ذلك اليوم الحادي عشر بإحدى وعشرين حصاة عن ذلك اليوم بعد الزوال كان حسناً أيضاً وفيه خروج من الخلاف.
يقول: والدي صالح -لأنه محمد صالح محمود - يقول: والدي صالح بعد أن وصل إلى منى ذبح كبشاً وحلق رأسه ولبس ثيابه، فهل فعله هذا صحيح أم يلزمه هدي، وفقكم الله؟
الجواب: المشروع أنه لا يلبس ثيابه حتى يرمي الجمرة يوم العيد ثم يحلق أو يقصر ويذبح بينهما هذا هو الأفضل، يرمي ثم يذبح ثم يحلق أو يقصر، هذا هو السنة ثم بعد هذا يتطيب ويلبس ثيابه، هذا هو الأفضل، فالذي ذبح وحلق ولبس ولم يرم لا يجوز له ذلك، لكن ليس عليه شيء؛ لأنه جاهل، فما دام جاهلاً فلا شيء عليه في اللبس، وإنما عليه إذا انتبه أن يخلع ثيابه يعني المخيطة ويرمي جمرة العقبة ثم يلبس بعد ذلك.
أما تقديمه الذبح على الرمي فلا يضر؛ لأن النبي (سئل عليه الصلاة والسلام عمن ذبح قبل أن يرمي فقال: لا حرج) عليه الصلاة والسلام، ولكن السنة يوم العيد أنه يرمي أول جمرة العقبة بسبع حصيات كل واحدة لحالها يكبر مع كل حصاة الله أكبر ويرمي، الله أكبر ويرمي، هذه السنة بحجر صغير -يشبه بعر الغنم- الذي ليس بكبير، ثم بعدما يرمي الجمرة ينحر هدياً إن كان تيسر يذبح إذا تيسر ذلك، ثم يحلق رأسه وهو الأفضل وإن قصر فلا بأس، لكن التقصير يكون من جميع الرأس، من عموم رأسه، من أطراف الشعر، بعض الناس قد يأخذ شعرات من جانب أو من جانبين وهذا لا ينبغي، بل يعم رأسه بالتقصير كما يعمه بالحلق، ثم بعد هذا يكون قد تحلل التحلل الأول، يعني بهذا العمل يكون قد تحلل التحلل الأول، فيلبس المخيط ويغطي رأسه ويتطيب ويفعل ما يفعله الحلال ما عدا النساء، ما عدا زوجته فإنه لا يأتيها حتى يطوف، فالذي مثلاً جهل فرمى ولبس، أو ذبح ولبس، أو حلق ولبس، لا شيء عليه لأجل الجهل، لكن يخلع الثياب في وقته إذا نبه يخلع ويلبس إزاره ورداءه ويكمل، يعني يرمي إن كان ما رمى، يحلق إن كان ما حلق فإذا رمى وحلق أو قصر يلبس ثيابه بعد ذلك ويتطيب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رمى ونحر وحلق طيبته عائشة عليه الصلاة والسلام وتحلل ثم ركب إلى البيت فطاف طواف الإفاضة عليه الصلاة والسلام، ويروى عنه عليه السلام أنه قال: (إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء)، فالحاصل أنه إذا رمى وحلق أو رمى وقصر حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، فإذا رمى وحلق وقصر وطاف طواف الإفاضة طواف الحج وسعى إن كان عليه سعي تم الحل، حينئذ يلبس المخيط، يتطيب، تحل له زوجته، ولو كان ما بعد رمى الرمي الأخير الذي في أيام التشريق. نعم.
المقدم: طيب لو رمى وحلق وطاف بالبيت ولكنه لم يذبح، هل يجوز له؟
الشيخ: نعم يجوز له، إذا رمى وحلق وطاف ولو لم يذبح حل له كل شيء حتى النساء، يلبس المخيط، يغطي رأسه، يتطيب، يأتي زوجته؛ لأن الذبح ما يتعلق بالحل على الصحيح الذبح ما يتعلق به، لكن الأفضل أنه يسردها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، أولاً يرمي الجمرة هذا أول شيء صباح العيد أو في آخر الليل إن كان من المستضعفين، وإن كان من الأقوياء فالسنة أن يتأخر حتى يرميها الضحى بعد طلوع الشمس الرمي، ثم ينحر الهدي سواء كان غنم أو بقر أو إبل يذبح يأكل منه ويتصدق، ثم يحلق رأسه والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات وللمقصرين واحدة، أو يقصر بدل الحلق من عموم رأسه، وبهذا يتحلل التحلل الأول، يعني يباح له المخيط وتغطية رأسه والطيب ونحو ذلك ويبقى عليه النساء، فإذا طاف طواف الإفاضة طواف الحج يوم العيد أو بعده وسعى السعي الذي عليه إن كان ما سعى مع طواف القدوم يسعى مع طواف الحج، أو كان متمتعاً فطاف وسعى لعمرته وتحلل فيسعى سعياً ثانياً لحجه، فإذا طاف وسعى حل من كل شيء حرم عليه بالإحرام من النساء وغير النساء، وهذا الترتيب هو السنة أن يرمي ثم يذبح ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل، ثم يطوف ويسعى إن كان له سعي هذا الترتيب المشروع، هذا هو الأفضل وهذا هو السنة، لكن لو قدم بعضها على بعض بأن نحر قبل أن يرمي، حلق قبل أن يذبح، طاف قبل أن يذبح، طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يحلق لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن هذا (قال له رجل: يا رسول الله! نحرت قبل أن أرمي، قال: لا حرج، وقال آخر: حلقت قبل أن أذبح، قال: لا حرج، وقال له آخر عليه الصلاة والسلام: أفضت قبل أن أرمي، قال: لا حرج، قال الرواي -وهو
الجواب: أما غسل الجمار وتطييبها هذا لا أصل له، لا تغسل ولا تطيب الجمار، تؤخذ ويرمى بها بس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما غسلها ولا طيبها عليه الصلاة والسلام، وهو المقتدى به، وهو الأسوة عليه الصلاة والسلام، وهو المشرع، فلا يستحب غسل الجمار ولا تطييبها، بل يرمى بها، تؤخذ من التراب ويرمى بها، هذا هو المشروع، وأما كونه قال لأمه -قلت لأمك أيها السائل- إنك فعلت وإنك غسلتها وطيبتها كاذباً فعليك التوبة إلى الله والاستغفار ولا تعد إلى مثل هذا، وحجك صحيح بحمد الله، لا يضر حجك هذا إنما هو نقص، نقص في الحج، نقص في الدين الكذب، فعليك الاستغفار والتوبة، وكان الواجب عليك أن تقول لها: يا أمي! ما يستحب هذا، يا والدة! لا يستحب غسلها ولا تطييبها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله ولا أصحابه، وعلينا أن نتأسى بهم، تعلمها بالسنة؛ لأنها جاهلة تعلمها، لكن لعلك كنت جاهلاً أيضاً ما كنت تعرف بالسنة، فالحاصل أنه لا حرج عليك من جهة حجك، حجك صحيح وعليك التوبة والاستغفار عن كذبك، وعليك أن تعلم أن غسل الجمار وتطييبها لا يستحب ولا يشرع بل هو بدعة، فعليك أن تعلم الناس، تعلم إخوانك وجماعتك الذين معك في أي حج حججت، وفي أي مجلس تقول لهم: هذا الشيء لا يشرع، وهكذا أرجو من سمع هذا المقال وهذا البرنامج أرجو منه إذا سمع الفائدة أن يبلغها غيره، وصيتي لإخواني المستمعين أن يبلغوا ما يسمعوا من الفائدة؛ لأن العلم هكذا يكون بالتبليغ، النبي عليه السلام إذا خطب الناس يقول لهم: (فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع) وكان يقول: (بلغوا عني ولو آية عليه)، عليه الصلاة والسلام، فعلينا -أيها الإخوة- أن نبلغ العلم، وأن نتواصى بالحق، وأن نتعاون على البر والتقوى حتى ينتشر العلم، إذا أنت نقلت الفائدة، والآخر نقل الفائدة، والأخرى -المرأة- نقلت الفائدة لأخواتها ولأقاربها، والأخرى نقلت اتسع العلم وكثر، فأنا وصيتي للمستمعين دائماً أن ينقلوا العلم إذا سمعوه من هذا البرنامج -أو غيره- نور على الدرب، إذا سمعوا الفائدة من أهل العلم ينشرونها في مجالسهم، وفي أحاديثهم بينهم، حتى يعم العلم، سواء كان ذلك يتعلق بالعقيدة والإخلاص لله سبحانه وتعالى والحذر من الشرك، أو كان يتعلق بالصلاة أو بالصيام أو بالحج أو بالمعاملات، على كل حال تبليغ العلم مطلوب من الرجال ومن النساء، عليكم جميعاً أيها المستمعون رجالاً ونساءً أن تبلغوا ما تسمعوا من الفائدة في كل مكان تستطيعونه، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
الجواب: الواجب على من عليه هدي لكونه حج قارناً أو متمتعاً بالعمرة إلى الحج أنه يذبح أيام الذبح، وهي الأيام التي ذبح فيها النبي وأصحابه عليه الصلاة والسلام، يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، أربعة أيام، هذه أيام الذبح، والنبي صلى الله عليه وسلم قدم ومعه هدي إبل فلم يذبحها حتى جاء يوم العيد، وهكذا أصحابه، فالذي ذبح قبل العيد عليه أن يعيد، إذا ذبح هديه قبل أن يتعيد قبل يوم العيد عليه أن يعيد ذلك، يشتري في مكة هدي ويذبح في مكة بعد الحج متى تيسر له ذلك، يذبح في مكة في الحرم ويقسمه بين فقراء مكة بين الفقراء في الحرم، بدلاً من ذاك الهدي الذي ذبحه قبل وقته، فإن كان عاجزاً ليس عنده قدرة فإنه يصوم عشرة أيام بدلاً من ذلك الهدي، هذا هو المشروع ونسأل الله للجميع التوفيق.
المقدم: شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز .
أيها السادة! إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استعرضنا فيه أسئلة السادة (م. ن. ج) من بنقاليا ويسأل عن تكسير الحجر الواحد إلى عدة حصيات، والسائل محمد صالح محمود من سوريا في دمشق، وشرف سعدون الشريف من العراق.
عرضنا ما وردنا من أسئلة واستفسارات عبر رسائلهم على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
أيها الإخوة! حتى نلتقي بحضراتكم إن شاء الله في لقاء قادم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر