أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مرحباً بسماحة الشيخ: عبد العزيز .
سماحة الشيخ: عبد العزيز لدينا مجموعة كبيرة من أسئلة السادة المراسلين لبرنامج نور على الدرب.
نبدؤها برسائل السادة: منير بن نوار العتيبي من الصمان ويسأل عن القصر في الصلاة، والمرسلة مريم من بغداد وتسأل عن الدفن في الصندوق، وكذلك رسالة سالم عبده غالب من الأحساء من مدينة العيون، ورسالة عبد الوهاب بن مسفر الزهراني من بلاد زهران.
====
السؤال: رسالة منير بن نوار العتيبي من الصمان يقول فيها: صليت العصر مع الإمام في مدينة الرياض وأنا مسافر، فأدركت معه ركعة فقط ثم صليت واحدة وسلمت؛ لأني أقصر، فلما سلمت سألني بعض الإخوان: لماذا صليت ثنتين وسلمت؟ فقلت له: لأنني مسافر وقد صليت الظهر لوحدي ركعتين وأدركت مع الإمام ركعة فصليت الثانية وسلمت، فقال لي: لا يجوز؛ لأنك إذا ما أدركت الإمام مع الجماعة فدخلت في الجماعة فلا يجوز لك القصر ويجب عليك أن تتابع الجماعة متى وجدتها، وقد امتثلت لفتواه في هذه الفتوى، لكن ما الذي أصنعه في الأمور السابقة لهذه الفتوى إن كانت صحيحة؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
نعم، هذه الفتوى صحيحة المسافر إذا صلى وحده صلى ثنتين أو صلى مع جماعة مسافرين صلى معهم ثنتين، أما إذا صلى مع المقيم -يعني: المقيم الذي يصلي أربعاً- فإنه يصلي معه أربعاً ولا يقصر، وإذا أدركهم في الصلاة وركع معه ركعة في صلاة الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يأتي بثلاث حتى يكمل أربعاً، وإذا أدركه ركعة في المغرب أتى بثنتين حتى يكمل المغرب ثلاثاً، وإذا أدركه بركعة في الجمعة أو في الفجر أتى بركعة ثانية حتى يكملها.
وهذا قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المسافر يصلي مع الإمام قال: يصلي أربعاً، فإذا صلى مع المسافرين صلى ثنتين، فقال له السائل في ذلك فقال: هكذا السنة، والسائل قال له: (ما بالنا إذا صلينا مع الإمام صلينا أربعاً، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين، فقال له ابن عباس: هكذا السنة) خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه الإمام أحمد رحمه الله بإسناد جيد.
وهذا هو الصواب، أن المسافر لا يقصر إلا إذا كان وحده أو مع مسافرين، أما إذا صلى مع المقيمين الذين يصلون أربعاً فإنه يصلي معهم أربعاً، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم إمامه كمل الأربع هذا هو الواجب.
أما الصلوات التي صليتها سابقاً صليتها ثنتين وأنت مع الإمام فهذه إن كانت قليلة فالأحوط أن تقضيها، أما إن كان لها دهر طويل فلعله يعفى عنك إن شاء الله لأجل أنك صليت بجهل.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المسيء في صلاته أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة ولم يأمره بقضاء الصلاة الفائتة، من أجل الجهل، فأنت كذلك إذا كانت الصلوات قليلة وأعدتها حسن، وإلا فلا شيء عليك؛ لأن المطلوب أن تفعل ما بلغك من العلم الشرعي، فلما بلغك العلم الشرعي وامتثلت فالحمد لله، والماضي نرجو أن يعفو الله عنك سبحانه وتعالى.
والأقرب -والله أعلم- أنه ليس عليك شيء فيما مضى؛ لأنك فعلته ظناً منك أنك على الصواب والحق، ومعك شبهة ما هو المعروف في حق المسافرين من صلاة ثنتين، فأنت لك شبهة والله يعفو عن الجميع وليس عليك قضاء ما فات إن شاء الله.
لكن في المستقبل إذا وافقت الأئمة المقيمين صل معهم أربعاً، وإذا فاتك شيء فإنك تكمل أربعاً.
المقدم: طيب! بالنسبة للمسافر إذا وصل إلى المدينة، وأراد أن يصلي لوحده قصراً؛ هل يجوز له ذلك علماً أنه يسمع الأذان وقريب من المسجد ويدرك الجماعة؟
الشيخ: لا يجوز له، إذا كان وحده لا يجوز له، بل يصلي مع الناس؛ لأن الجماعة واجبة.
أما إذا كانوا عدد اثنين فأكثر فهم مخيرون، إن شاءوا صلوا وحدهم قصراً وإن شاءوا صلوا مع الأئمة في المساجد وأتموا أربعاً.
الجواب: المشروع للموتى أن يدفنوا في التراب ولا يجعلوا في الصناديق، الصندوق ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا خلاف السنة فلا ينبغي فعله؛ لأنه خلاف سنة نبينا صلى الله عليه وسلم وخلاف ما فعله أصحابه وأهل العلم بعدهم.
فالسنة أنه يكفن في ثلاثة أثواب بيض للرجل هذا هو الأفضل، وإن كفن في غيرها في سوداء أو خضراء أو زرقاء جاز، وإن كفن في ثوب واحد حتى ستره جميعه فلا بأس، لكن لا يوضع في صندوق بل يوضع على التراب، يوضع في اللحد على التراب ويوضع عليه اللبن الذي يسد اللحد، ثم يهال عليه التراب كما فعله نبينا صلى الله عليه وسلم وفعله المسلمون، أما وضع الموتى في التوابيت والصناديق هذا لا أصل له، ولا ينبغي فعله.
نحن ولله الحمد من الذين يتابعون هذا البرنامج ومن محبيه حيث استفدنا منه الفوائد العظيمة بفضل الله ثم بجهود العلماء جزاهم الله عنا خيراً.
وسؤاله الأول يقول: هل يلزم المرأة أذان أو إقامة عند الصلاة؟
الجواب: أما الرجل إذا كان في السفر فالمشروع له أن يؤذن ويقيم ولو كان واحداً، وهو فرض كفاية على الجماعة، إذا قام به واحد منهم سقط عن الباقين، إذا أذن واحد وأقام كفى، أما الواحد فاختلف في وجوبه عليه، والذي ينبغي هو أن يفعل ذلك ولو أنه واحد فيؤذن ويقيم.
أما المرأة فلا يشرع لها ذلك، المرأة لا يشرع لها أذان ولا إقامة، والدليل أن هذا من شأن الرجال للدعوة إلى حضور الجماعة والعلم بالأوقات، والمرأة تصلي في بيتها وليست بحاجة إلى هذا الشيء.
فالمقصود أن المرأة ليس عليها إقامة ولا أذان ولا يشرع لها ذلك، بل تبدأ صلاتها بالتكبير: (الله أكبر) تستفتح وتصلي كما يصلي الرجال، لكنها لا يشرع لها أذان ولا إقامة لعدم الدليل على ذلك.
المقدم: طيب لو نسي الرجل الأذان أو الإقامة؟
الشيخ: ما يضر، لو نسي ما يضر، حتى لو تركه عمداً صلاته صحيحة، لكنه يأثم إذا تركه في الجماعة، فإذا كانوا اثنين أو ثلاثة ولم يؤذنوا في السفر أو في القرية التي ما فيها إلا هم في مسجدهم ولم يؤذنوا يأثمون، وهكذا إذا لم يقيموا لكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا واجب خارج الصلاة لا يبطلها ليس في داخلها بل هو خارج منها، فإذا ترك المسلم الأذان أو ترك الإقامة فالصلاة صحيحة، لكنه قد يأثم إذا كان في جماعة تركوا الأذان ويأثمون جميعاً.
أما إذا كان واحداً ففي تأثيمه نظر، في السفر واحد لحاله كونه يؤذن ويقيم هذا هو السنة، لكن لو ترك ذلك هل يأثم أم لا يأثم؟ محل نظر.
كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لـمالك بن الحويرث وصاحبه: (إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما) وفي لفظ: (فليؤذن أحدكما).
فالحاصل أن الأذان مطلوب من الجميع حتى من الاثنين، والواحد كذلك مطلوب منه الأذان؛ لأنه شريعة معروفة للصلاة ومعروفة في حق الرجال، فلا ينبغي تركه حتى للواحد في السفر أو في القرية لو كان ما فيها إلا هو، يستحب له أن يؤذن ويقيم.
أما إذا كانوا اثنين فأكثر وجب الأذان والإقامة من أحدهما يؤذن واحد منهما ويقيم أحدهما المؤذن أو غيره.
الجواب: هذه مسألة مهمة وعظيمة، إذا كان الوافد يصلي فلا بأس بدعوته وإقامة وجبات له فرحاً بقدومه .. فرحاً بسلامته فلا بأس، أما إذا كان لا يصلي فلا يجوز أن تجاب دعوته ولا دعوة من احترمه وعظمه بإقامة الوليمة له؛ لأن من لا يصلي كافر، فهو يجب أن يهجر ويجب أن يعادى في الله، بعد أن ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم أن هذا أمر خطير، وأن الواجب عليه أن يصلي كما أمره الله، فإذا أصر على ذلك فإن الواجب هجره، مع أن هذا الشيء لا يخفى على الناس فأمر الصلاة معلوم.
فالذي لا يصلي يهجر، ولا تجاب دعوته، ولا ينبغي أن يحضر مع من حضر لما في حق من دعا لإكرامه؛ لأن الواجب هجره من الجميع حتى يتأدب، وحتى يرجع إلى الصواب والحق، ولا مانع من نصيحته مع ذلك ينصح ويوجه إلى الخير ويحذر من الباطل ويخبر أن ترك الصلاة كفر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، فتركها كفر بالله نعوذ بالله كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فالواجب على من عرف ذلك أن يهجر فعل هذا المنكر العظيم، وألا يجيب دعوته وألا يحضر وليمته التي دعي إليها وأقيمت من أجله.
أرجو توضيح هذه الأسئلة: ما حكم من غسل ميتاً أيجب عليه الغسل أم الوضوء أم غير ذلك؟
الجواب: من غسل ميتاً فينبغي له أن يتوضأ؛ لأنه أفتى بهذا جماعة من الصحابة، ينبغي له أن يتوضأ وضوء الصلاة يعني: يتمضمض ويستنشق، يغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل قدميه، هذا هو الوضوء الشرعي، فينبغي أن يتوضأ خروجاً من خلاف العلماء، وعملاً بما أفتى به بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
أما الغسل فلا يجب عليه لكن إذا اغتسل هو أفضل، الغسل -التروش- أفضل ولا يجب، وجاء في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل من غسل الميت، فإذا غسل ميتاً شرع له يغتسل -يتروش-.
وأما الوضوء فيجب عند جمع من أهل العلم، وإذا مس فرجه وجب الوضوء بكل حال، لكن المشروع للذي يغسل الميت أنه لا يمس الفرج بل يغسله من وراء خرقة، يغسل فرجه بخرقة لا يلمس الفرج، لكن لو قدر أنه لمسه جهلاً أو خطأ فإنه ينتقض الوضوء بكل حال، لكن لو غسله بخرقة ولم يمس الفرج لا الدبر ولا القبل فإنه ينبغي له أن يتوضأ وضوء الصلاة فقط، هذا يجب عند جمع من أهل العلم، وأما الغسل فلا يجب قولاً واحداً، بل يستحب استحباباً ويشرع ذلك.
قال بعض أهل العلم: ولعل العلة في ذلك والحكمة في ذلك أن تقليب الميت مما يوهن القوى ويضعف القوى؛ لأنه سيتذكر الموت ويتذكر حال القبر فيحصل له ضعف في قواه وانهيار، فشرع الله الغسل حتى يستفيد من ذلك وحتى يقوى وينشط بعد الضعف الذي أصابه.
المقدم: يقول في سؤاله الثاني: ما الحكم في قول: وجه الله عليك! تفضل معنا، أو وجه الله عليك! اعمل هذا الشيء، أو جاه الله عليك! أو أن عليك وجه الله! ونفيدكم أنها عادة منتشرة في الجنوب من المملكة أفيدونا وفقكم الله؟
الشيخ: لا أدري، في الوقت الحاضر لا أدري وسوف أدرسها إن شاء الله، فأما الآن فلا أدري، لكن سوف أدرسها وأنظر فيها وتكون في وقت آخر إن شاء الله. يكون الجواب عنها في وقت آخر وأنت يا أخ سليمان تذكرني بها إن شاء الله.
المقدم: إن شاء الله.
الشيخ: حتى أعيد البحث.. حتى أعيد النظر فيها.
المقدم: إن شاء الله تعالى.
الشيخ: نعم.
الجواب: هذا لا ينبغي فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه يزكي بالطعام ولا يزكي بالنقود؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج طعاماً، وهكذا أصحابه، وهكذا عامة أهل العلم وأكثرهم، فلا ينبغي إخراج النقود، بل يجب إخراج زكاة الفطر من الطعام، هذا هو الواجب.
الجواب: لا، بل يعفى عنها؛ لأنها ممتهنة، فالفراش ممتهن، والوسادة ممتهنة، وحق الصلصة الذي هو قوطي الصلصة يمتهن يلقى في القمامة فلا يضر إن شاء الله؛ لأن هذا ممتهن.
المقدم: شكراً أثابكم الله!
أيها السادة! كان معنا في هذا اللقاء سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد تمكنا من عرض رسائل السادة: منير بن نوار العتيبي من الصمان ويسأل عن القصر بالصلاة، والمرسلة مريم من بغداد وتسأل عن الدفن في الصندوق، وسالم عبده غالب من الأحساء من مدينة العيون، وعبد الوهاب مسفر زهراني من بلاد زهران.
عرضنا عليه ما وردنا في رسائلهم من أسئلة واستفسارات، وإلى هنا نأتي على نهاية هذا اللقاء مع شكرنا الجزيل لسماحة الشيخ: عبد العزيز ، كما نشكركم أيها السادة!
وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر