أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية لقائنا هذا نرحب بسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ، ونعرض عليه أسئلة السادة: (أ. ح. م. د) زهراني من القنفذة، وإلياس حمدان حسين من ناصية زمار قرية خمروك نينوى العراق، وأحمد عبد الله جاد الحق من بورما، وصالح سعيد سويد من سوريا.
====
السؤال: سماحة الشيخ! نبدأ أولاً برسالة المستمع (أ. ح. م. د) زهراني من القنفذة، ملخص رسالته هذه يقول: هل تجزئ الأضحية التي في بطنها حمل، علماً أن الذي ذبحها لا يعلم، وقد خطب إمام صلاة العيد وذكر بأنها لا تجزئ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
الذبيحة التي فيها ولد تجزي بلا شك، والخطيب الذي قال: إنها لا تجزي. مخطئ وغلطان، البقرة والناقة والشاة من الغنم من الضأن والمعز إذا كان في بطنها ولد تجزي بلا شك، والذي قد خطب بأنها لا تجزي قد غلط، وقال قولاً لا حجة له فيه، ولا أعلم به قائلاً من أهل العلم، بل ذلك خطأ محض.
إخواني! إنني ينشرح صدري كثيراً حينما أصغي إلى طرح الأسئلة الشرعية والإجابة عليها من قبل فضيلة العلماء لديكم، لكن في نفس الوقت أقترح إطالة فترة البرنامج وطرح عدد أكثر من الأسئلة والإجابة عليها.
نقول لك يا أخ: نحن نطرح كثيراً من الأسئلة ونستغرق وقت البرنامج كله.
يقول: إخواني! لدي أسئلة أولها: أرجو أن توضحوا لي وتفيدوني عن صلاة الحرب الخاصة بالعسكريين المتواجدين في ساحة المعركة، وهو بعث هذه الرسالة من ساحة المعركة، يقول: هل أن العسكري يصلي دائماً صلاة القصر، أو إذا استقر بعض الشيء عن ساحة المعركة يصلي صلاة الحضر مع بقية النوافل والسنن، وإذا كانت له الرغبة في ذلك فأيهما أفضل وفقكم الله؟
الجواب: صلاة الحرب مختلفة، إن كان مسافراً ليس في بلده فإنه يصلي صلاة قصر، يصلي الظهر ثنتين والعصر ثنتين والعشاء ثنتين كسائر المسافرين، والسنة لهم أن يصلوها كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، يصلوها جماعة، الواجب أن يصلوها جماعة مع القدرة بإمام، ويصلي بهم ركعتين، وإذا كان العدو في القبلة يصلي بهم جميعاً، ويركع بهم جميعاً، ثم يسجد بالصف الأول، ويبقى الصف الثاني يراقب لئلا يهجم العدو، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني كما فعله الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يتقدم الصف الأول ويتأخر الصف الثاني، ويصلي بهم جميعاً ويركع بهم جميعاً ثم يسجد بالصف الأول الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى، ويقف الصف الثاني الذي هو المقدم في الأولى يقف ينتظر وينظر ويحرس، فإذا قام الصف الأول من سجوده سجد الصف الثاني، ثم سلم بهم جميعاً، هذا نوع من صلاة الخوف، وهناك أنواع أخرى في صلاة الخوف، ينبغي أن يراعيها الإمام الذي يصلي بهم، ومنها. أنه يصلي بطائفة ركعة ثم تصلي لنفسها الركعة الثانية وتسلم وتذهب للحراسة، وتأتي الطائفة الأخرى فتصلي معه الركعة الثانية فإذا فرغت من السجود قامت وقضت ما عليها من ركعة ثم سلم بها، هذا نوع آخر فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى تعرف من كتب أهل الحديث مثل بلوغ المرام.. مثل منتقى الأخبار.. مثل صحيح البخاري .. مثل صحيح مسلم ، السنن الأربع، موضحة فيها أنواع صلاة الخوف، ويجوز أن يصلي بهم ركعة واحدة هذا على القول المختار أيضاً، يجوز أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة، أو يصلي بهم جميعاً ركعة واحدة، فلا بأس.
الحاصل أن صلاة الخوف أنواع معروفة فينبغي للإمام أن يصلي بهم ما تيسر من الأنواع التي يستطيعها، فإذا لم يستطيعوا وصارت الحرب شديدة والاختلاط بين العدو وخصمه فإنهم يصلون رجالاً وركباناً ولو بالإيماء، كل يصلي لنفسه، مستقبل القبلة وغير مستقبلها عند الضرورة كما قال الله جل وعلا: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239].
وأما إن كان الحرب في الحضر في بلد الإقامة فإنه يصلي أربعاً كسائر المقيمين، ولا يصلي ثنتين، إنما هذا في السفر خاصة، أما الذي حربه في البلد في أطراف البلد فيصلي أربعاً ولا يصلي ثنتين.
المقدم: لكن في الحرب إذا كان في المعركة وعلى دبابته أو ما شابه ذلك يصلي على أي حال؟
الشيخ: يصلي على حاله بالإيماء، إذا لم يقدر على غيرها، وإن قدر يركع ويسجد في محله الذي يصلي فيه فعل وإلا صلى بالإيماء، وإن قدر إلى القبلة فالحمد لله وإلا إلى أي جهة.
المقدم: إلى أي جهة؟
الشيخ: نعم. عند الضرورة.
الجواب: في الحضر يصلي صلاة الحضر، يصلي أربع ركعات.
المقدم: يقول: أيهما أفضل إذا صلى في السفر صلاة الحضر؟
الشيخ: لا في السفر أفضل يصلي صلاة السفر، ثنتين ثنتين في الظهر والعصر والعشاء، لا يصلي أربعاً، فالأفضل أن يقصر الصلاة يصلي ثنتين ثنتين هذا هو الأفضل في السفر، هذا هو السنة.
المقدم: يقول: مع النوافل والسنن، أعتقد إنه يقول مع النوافل، يقصد الرواتب والسنن.
الشيخ: لا، الأفضل في السفر ترك الرواتب، يصلي ثنتين فقط، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثنتين فقط ولا يصلي معها الرواتب لا قبلها ولا بعدها في السفر يعني، إلا سنة الفجر إذا استطاع صلاها في السفر، وهكذا الوتر إذا استطاع يوتر بركعة أو ثلاث ركعات أو أكثر من ذلك وتراً في الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر هذا محل الوتر.
المقدم: طيب، وبالنسبة للسنن عدا الرواتب؟
الشيخ: إذا كان عنده فرصة لصلاة الضحى، للتهجد في الليل كله طيب، لا يترك، يصلي التهجد بالليل، وإذا كان عنده فرصة الضحى يصلي لا بأس ولو في السفر.
الجواب: إذا كان له مال خاص به معروف فله أن يوصي، أما إذا كان ما له مال، إنما المال لوالده ووالده هو الذي يقوم عليه وينفق عليه فليس له وصية بشيء؛ لأنه ما عنده مال، أما إن كان عنده مال يخصه فلا بأس يستحب له أن يوصي بما.. إذا كان مال كثير يوصي بالثلث أو بالربع أو بالخمس لا بأس، في وجوه البر وأعمال الخير، كالصدقة على الفقراء والمساكين، كتعمير المساجد، كالضحية عنه وعن والديه، كل هذا من القربات.
الجواب: لا شك إذا كان محتاجاً فإنه يأكل حاجته من غير أن يحمل شيئاً، إذا احتاج إلى أن يأكل من البستان من الفواكه التي فيه، أو البيت الخالي الذي فيه الطعام وهو محتاج جائع وليس عنده زاد يأكل حاجته ولا حرج عليه، كما جاء في الحديث: (من أصاب بفيه من ذي حاجة فلا شيء عليه) إذا مر بالبستان، فالمقصود أنه إذا أكل من هذه الثمار أو الفواكه أو غيرها مما يطعم ويؤكل فإنه لا حرج عليه، لكن لا يحمل إنما يأكل حاجته.
الجواب: الواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها في المعروف، والواجب عليها أن تحسن العشرة، وأن تمكنه من نفسها إذا أراد قضاء حاجته منها، وأن تخاطبه بالتي هي أحسن، وأن تنام معه في الفراش إذا طلب ذلك، هذا هو الواجب عليها؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] لهن من المعاشرة الطيبة مثل الذي عليهن، الله أمر بالمعاشرة الطيبة فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] فكما يجب على الزوج أن يعاشر بالمعروف فهي أيضاً عليها أن تعاشر بالمعروف، وللرجال على المرأة درجة، فعلم بذلك أن حق الرجل أكبر، وأن الواجب عليهما جميعاً التعاون على البر والتقوى والمعاشرة الطيبة بالكلام الطيب والفعل الطيب، عليها وعليه جميعاً، فإذا أصرت على أنها لا تمكنه من نفسها وعلى أنها تنفرد وحدها، وعلى أنها لا تعتني بنفسها من جهة الزينة والطيب، فهذا غلط منها وخطأ لا يجوز لها ذلك.
ولك -أيها السائل- أن تتزوج مطلقاً، لك أن تتزوج بثانية وثالثة ورابعة لا حرج عليك، حتى ولو كانت من أحسن الناس طاعة وامتثالاً، لك أن تتزوج، لكن بهذه المثابة من باب أولى أن تتزوج؛ لأنها لم تقم بالواجب، ولم تمكنك مما يسبب عفتك وغض بصرك، فالمشروع لك في هذه الحال وأنت قادر أن تتزوج حتى تعف نفسك، وحتى تجد الراحة من هذا التعب، ولعلها بالزواج تنيب إلى رشدها، ولعلها ترجع عن غلطها هذا بسبب زواجك غيرها، هذا هو الذي أرى في هذه المسألة، مع النصيحة لها والعناية بها وتوجيهها إلى الخير، وكذلك توصي أقاربها كأبيها وأخيها أو خالها أو عمها أن ينصحها وأن يوجهها إلى الخير، وكذلك أمها وجدتها وخالاتها يعني توصي من حولك من أقاربها بأن ينصحوها ويوجهوها إلى الخير؛ لأن هذا أمر يضرها ويضرك جميعاً، ويضركما جميعاً، فإن استمعت واستقامت فالحمد لله، وإلا فأنت حر بحمد الله تستطيع أن تفارقها، تستطيع أن تتزوج ثانية وثالثة ورابعة، كل هذا بحمد الله لك ميسر إذا قدرت عليه، والله المستعان، ونسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: نعم، إذا صلى الجمعة كفت عن صلاة الظهر عند جميع أهل العلم، إذا صلى جمعة على الوجه الشرعي الذي شرعه الله فإنها تجزي عن صلاة الظهر، في قول آخر لبعض العلماء أنه إذا كان في البلد عدة جوامع فإنه يصلي الظهر بعد الجمعة احتياطاً؛ لأنه يخشى أن تكون بعض الجمعات لم تصح بسبب أنها صليت من دون عذر في التعدد، وهذا قول ليس بشيء ولا ينبغي أن يعول عليه، متى تعددت الجمع في البلد للحاجة إليها فإن كل جمعة مجزئة لمن صلى، فإذا كان في البلد أربعة جوامع خمسة جوامع كلها مجزئة عن صلاة الظهر والحمد لله، ولا ينبغي أن يصلى بعدها ظهرا، كما يفعل بعض الناس في بعض البلدان، يصلي الظهر بعد الجمعة احتياطاً، هذه بدعة لا وجه لها ولا أصل لها، فمن صلى جمعة كفته والحمد لله، فالله فرض علينا خمس صلوات ما هي بست، فمن صلى الظهر بعد الجمعة أتى بست صلوات وهذا منكر، الله إنما فرض على العباد خمس صلوات في اليوم والليلة خمس، والخامسة صلاة الجمعة في يوم الجمعة، فمن أتى بالظهر بعدها فقد أتى بسادسة، وهذا لا يجوز وهذا بدعة، فالجمعة كافية بحمد الله، إذا صلى الجمعة كفت والحمد لله.
المقدم: أحسنتم أثابكم الله، هو في الحقيقة جعل ذيل للسؤال ولكنكم أجبتم عنه؛ لأنه يقول ما التعلل الذي يتعلل به من يصلون الظهر بعد الجمعة وقد ذكرتم ذلك.
الجواب: لا حرج في ذلك، سواء حج من بلاده قاصداً أو جاء للعمل في المدينة أو مكة أو غيرهما ثم لما حضر الحج توجه للحج، كل هذا بحمد الله كافٍ، متى حضر الحج وحج مع المسلمين فإنه يكفيه ولو كان جاء من بلاده لغير الحج، مثلاً جاء من سوريا أو من مصر أو من المغرب أو من المشرق، جاء للعمل أو للتجارة، فصادف وقت الحج، فأحرم من الميقات وصلى وحج مع الناس فإنه يجزئه بحمد الله بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم، بل هذا محل وفاق من أهل العلم، ولو كان في مكة نفسها، لو قدم إلى مكة للعمل أو للتجارة أو لزيارة بعض أقاربه، ما قصد حجاً ولا عمرة، ثم بدا له فاعتمر من الحل من التنعيم أو غيره كالجعرانة، ثم جاء الحج فحج مع الناس من مكة، أحرم من مكة بالحج أجزأه ذلك، بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم.
المقدم: شكراً سماحة الشيخ عبد العزيز .
أيها السادة! إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استعرضنا فيه أسئلة السادة: (أ. ح. م. د) زهراني من القنفذة، وإلياس حمدان حسين من ناحية زمار قرية حمروك نينوى العراق، ورسالة أحمد عبد الله جاد الحق من بورما، ورسالة المستمع صالح سعيد سويد من سوريا.
عرضنا هذه الأسئلة والاستفسارات على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها الإخوة.
وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر