أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
أيها السادة! لعلنا في لقائنا هذا نتمكن من عرض رسائل السادة: سلطان ربيع جابر المطيري من المدينة المنورة، والمستمعة فاطمة صالح صقر فارس من الأردن من إربد، والمرسلة (م. ج. ب) من جدة، والمرسلة (م. ج. ش)، والمستمع إبراهيم محمد عبد الله قدس .
====
السؤال: الرسالة التي بين يدينا من سلطان ربيع جابر المطيري من المدينة المنورة، يقول فيها: إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله: ما حكم التحدث في المسجد، أي: السواليف، مثل أن أرى صديقاً أو قريباً في المسجد قبل الصلاة أو بعدها وأسلم عليه، كيف الحال، وكيف الصحة، وتفضل معنا، وغير ذلك من الكلام؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
التحدث في المساجد إذا كان في أمور الدنيا والتحدث بين الإخوان والأصحاب في أمور دنياهم إذا كان قليلاً لا حرج فيه إن شاء الله، أما إذا كثر يكره، يكره أن تتخذ المساجد محل أحاديث الدنيا؛ فإنها بنيت لذكر الله، وقراءة القرآن، والصلوات الخمس وغير هذا من وجوه الخير كالتنفل والاعتكاف وحلقات العلم، أما اتخاذها للسواليف في أمور الدنيا فيكره ذلك، لكن الشيء القليل الذي تدعو له الحاجة عند السلام على أخيه الذي اجتمع به، وسؤاله عن حاله وأولاده أو أشياء تتعلق بهذا أو بأمور الدنيا لكن بصفة غير طويلة بل بصفة قليلة فلا بأس بذلك.
الجواب: نعم، الدعاء مشروع في السجود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) فالدعاء في السجود قربة وطاعة وترجى إجابته.
أما الركوع فالأولى أن يخص بالتعظيم دون الدعاء اللهم إلا الدعاء القليل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) فدل ذلك على أن الركوع محل التعظيم طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) (سبحان ربي العظيم .. سبحان ربي العظيم .. سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة .. سبوح قدوس رب الملائكة والروح، هذا هو التعظيم، ومن ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك .. اللهم اغفر لي، فهذا فيه تعظيم وفيه دعاء لكن الدعاء قليل، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك. اللهم اغفر لي) فدل ذلك على أنه يأتي بهذا في الركوع كما يأتي في السجود وفيه: اللهم اغفر لي، هذا دعاء لكنه دعاء قليل، فالأغلب أن يكون التعظيم طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (أما الركوع فعظموا فيه الرب) وإذا دعا قليلاً كما جاء في الحديث (اللهم اغفر لي) فلا بأس، لكن يجعل السجود هو محل الدعاء، هذا هو السنة.
الجواب: لا إثم عليك إن شاء الله، لكن تتعالجين من هذا الأمر والتثبت في الأمور وعدم العجلة في الأمور، والتعوذ بالله من الشيطان، فإن هذا قد يفضي إلى الوساوس، فينبغي التعوذ بالله من الشيطان الرجيم عند وجود هذه الشكوك، وأيضاً عدم العجلة في الأمور وعدم الحكم على الناس إلا بعد التثبت، فلا تعجلي في شيء، وتثبتي في الأمور حتى تجزمي جزماً يقيناً أن هذا تكلم أو هذا قال كذا أو كذا، ودعي الشكوك والأوهام؛ لأن هذا قد يجر إلى شر كثير، وعليك بالإكثار من ذكر الله والتعوذ بالله من الشيطان حتى يزول هذا التوهم.
الجواب: إذا نزل الحيض وخرج الدم قبل غروب الشمس فاعتبري نفسك مفطرة وعليك أن تقضي هذا اليوم، أما التألم قبل ذلك فلا يبطل الصوم، التألم بقرب مجيء الدم لا يبطل الصوم، فإذا استمر معك التألم ولكن ما خرج شيء حتى غابت الشمس فالصوم صحيح ولا تقضي هذا اليوم، أما إن خرج الدم قبل غروب الشمس ولو بخمس دقائق فإن هذا اليوم يبطل ويجب قضاؤه عليك، هذا هو الحكم الشرعي فيما نعلم، وأما الآلام فهذه لها دواء ولها علاج ينبغي أن تسألي عنها الطبيبات والأطباء لعلك تجدين عندهم ما يريحك من هذا الألم الذي تحسين به.
الجواب: الواجب على من أصابها الحيض أن تبقى في محلها .. في مخيمها .. منزلها في الأبطح أو في غيره ولا تأتي إلى المسجد؛ لأن دخول الحائض المسجد لا يجوز إلا على سبيل المرور والعبور، وأما الجلوس عمداً في المسجد الحرام أو غيره من المساجد فلا يجوز، لكن لو اضطرت.. لو جاءت وهي سليمة ليس فيها حيض ثم بليت بالحيض وهي في المسجد ولا تعرف أحداً تذهب إليه فإن الأولى بها أن تخرج وتجلس عند باب المسجد حتى يفرغ أصحابها ولا تجلس في المسجد، تعدهم باباً معروفاً فتجلس فيه حتى يأتوا وتذهب معهم مهما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ولا تجلس في المسجد وهي حائض؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام قال: (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب) فالمسجد لا يجلس فيه، لا يجلس فيه الحائض ولا الجنب، لكن عابر السبيل الذي يمر مروراً لا بأس بذلك، فهي تجتهد وتحرص على أن تنتظرهم خارج المسجد عند الأبواب.
الجواب: الحلي المستعمل من الذهب والفضة فيه خلاف بين العلماء:
بعض أهل العلم يرى أنه لا زكاة فيه، وهو المعروف في مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل رحمه الله، وهو المدرس في المعارف هنا في السعودية.
والقول الثاني: أن فيه الزكاة؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وهذا هو الأرجح أن فيه الزكاة، فإذا بلغ النصاب عشرين مثقالاً ومقدارها أحد عشر جنيهاً ونصفاً فهذا فيه الزكاة، فإن كان أقل من ذلك فلا زكاة فيه، سواءً كان ملبوساً أو غير ملبوس، إذا كان أقل من النصاب لا زكاة فيه، أما إذا بلغ النصاب فإنها تزكيه ولو كان معداً للبس والعارية على الأرجح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لامرأة دخلت عليه وعليها سواران من ذهب: (أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله) وجاء في المعنى أحاديث تدل على أن فيه الزكاة، فهذا هو الأرجح وإذا كان الملبوس أو المعد للبس أقل من العشرين مثقالاً فلا زكاة فيه.
الجواب: المرأة عليها أن تحتجب عن غير محارمها كابن عمها وأشباهه وسائر الأجانب منها، عليها أن تحتجب؛ لأن الله سبحانه يقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53] فالله سبحانه أمر بالحجاب، وأخبر أنه أطهر لقلوب الجميع، والطهارة مطلوبة للرجال والنساء جميعاً، فليس لها أن تكشف وجهها وكفيها عند زوج أختها أو عند ابن عمها أو نحو ذلك، بل تحتجب منه بالحجاب الذي يستر وجهها وكفيها؛ لأن خروج ذلك من أسباب الفتنة، والله سبحانه حين أمر بالحجاب لم يقيد ذلك بما عدا الوجه والكفين بل أطلق فعم الوجه والكفين، وهكذا قوله سبحانه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] الآية، والوجه من أعظم الزينة، فلهذا وجب ستره في أصح قولي العلماء.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا حرج في كشف الوجه والكفين لغير المحارم، واحتجوا بما قاله ابن عباس وجماعة في قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] يروى عن ابن عباس وجماعة أن (ما ظهر منها) يعني: الوجه والكفين، وقالوا: إن هذا تحتاج المرأة إليه في سائر أعمالها في بيتها وغير ذلك، فإذا كان عندها أجنبي وسترت وجهها فإن هذا يشق عليها كثيراً، وهذه حجج ليست بظاهرة، بل الصواب الأخذ بما دل عليه القرآن العظيم من الحجاب، وأما الآية فهي مجملة ( إلا ما ظهر منها ) مجمل تفسره الآيات الأخرى، المجمل لا تعارض به النصوص، والنصوص صريحة في تحريم إبداء الزينة، والوجه من الزينة، فوجب ستره ووجب الحجاب عن كل من ليس بمحرم من ابن عم ومن زوج أخت ومن أخ الزوج وغير ذلك، هذا هو المعتمد وهو أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم لما فيه من الحيطة، ولما فيه من العمل بالآيات الكريمة، ولما فيه من البعد عن أسباب الفتنة.
الجواب: الخارج والداخل سواء، الواجب الحجاب مطلقا في الخارج والداخل؛ لأنهم هناك رجال كما أن في الداخل رجال، فالواجب التستر والحجاب عن الجميع، ولا تبالوا، لا ينبغي أن تبالوا باستنكارهم، فهم يأتون إلى بلادكم إلى بلاد المسلمين بزيهم ولا يبالون، فالمسلم أولى بأن يحافظ على زيه الشرعي، ولا يبالي بأعداء الله ومن كفر بالله ولا باستنكاره.
الجواب: السنة أن يضع يمينه على شماله في الصلاة حال وقوفه في الصلاة قبل الركوع وبعده، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، هذه السنة، واختلف أهل العلم في محلها فقيل: على صدره، وقيل: على سرته، وقيل: تحت سرته، ويروى في هذا أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن أصحها وأثبتها على صدره، أصح ما ورد على صدره، هذا هو أصح ما ورد عن وائل بن حجر ، وعن قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وعن طاوس مرسلاً، كلها تدل على أن السنة وضع اليدين على الصدر، اليمنى على اليسرى على الصدر، هذا هو الأفضل والأمر في هذا واسع إن شاء الله، ولكن تحري السنة هو الذي ينبغي، أما حديث وضعها تحت السرة فهو ضعيف، والأرجح منه والأصح وضعهما على الصدر، يعني: على مقدم الصدر لا يبالغ بل إذا وضعها على مقدم الصدر كفى. والحاصل أن هذا هو الأفضل وهو الأرجح.
المقدم: يقول في رسالته أيضاً: إذا كان الإمام لا يضع يده اليمنى على اليسرى بل يسبلهما، هل يقتدي المأموم به أم يخالفه ويضع يده اليمنى على اليسرى؟
الشيخ: إذا أرسل الإمام يديه فقد خالف السنة فلا يقتدى به، بل المأموم يضع يده اليمنى على اليسرى حتى يفعل السنة ولا يقتدي بالإمام في خلاف السنة، وهكذا إذا كان الإمام لا يرفع عند الركوع أو عند الرفع منه أو عند القيام إلى الثالثة فإن المأموم يرفع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرفع عند الإحرام، ويرفع عند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام إلى الثالثة، فالرسول صلى الله عليه وسلم هو المقتدى به، هو الإمام عليه الصلاة والسلام، هو الإمام الأعظم فهو المقتدى به عليه الصلاة والسلام، فإذا قصر إمامك ولم يأت بالسنة فأنت لا تقتدي به بخلاف السنة، بل تأتي بالسنة وإن خالفت الإمام فقد وافقت الإمام الأعظم رسول الله عليه الصلاة والسلام.
المقدم: بعض الناس يضع يده اليمنى على اليسرى لكنه يزيحها إلى جهة اليسار ويضعها على القلب ويخرج مرفقه الأيسر كثيراً، ما حكمه؟
الشيخ: لا أعلم لهذا أصلاً، وإنما السنة أن يضع يده على كفه اليسرى والرسغ والساعد ويضعهما على صدره هذه السنة، وإن وضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى فلا بأس به؛ جاء به حديث سهل بن سعد، فإن مد اليد إلى الذراع فلا بأس، وإن جعلها على الرسغ والساعد وصار أطرافها على الساعد فهذا هو الأفضل، وإن جعلها على الذراع فهو سنة أيضاً، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد) وثبت في حديث سهل قال: (كان الرجل يؤمر أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال
المقدم: شكراً أثابكم الله.
إلى هنا -أيها السادة- نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه رسائل السادة: سلطان ربيع جابر المطيري من المدينة المنورة، والأخت فاطمة صالح صقر فارس من الأردن من إربد، والمرسلة (م. ج. ب) من جدة، وتسأل عن العادة الشهرية، والمرسلة (ن. ج. ش) وتسأل عن زكاة الحلي وعن الحجاب، وأخيراً رسالة إبراهيم محمد عبد الله قدس .
عرضنا هذه الأسئلة والاستفسارات التي وردت في رسائلهم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها الإخوة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر