إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (83)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم المسافر يصلي خلف المقيم ويسلم من ثنتين ويفارق الإمام

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها السادة المستمعون! السلام وعليكم ورحمة الله بركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا، الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات، على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مرحباً بسماحة الشيخ: عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    ====

    السؤال: سماحة الشيخ هذه رسالة وردت من رشيد عبد الله من الدمام، يقول: ما حكم من صلى قصراً مع إمام يتم، أي: أنه صلى ركعتين معه ثم سلم، وترك الإمام في صلاته؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    القصر سنة مؤكدة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في حق المسافر، لكن إذا صلى المسافر خلف المقيم، فإن الواجب عليه هو التمام، هذا هو الحق، وهذا هو الصواب الذي عليه جمع من أهل العلم، وليس له أن يقصر مع الإمام المتم، بل يتابعه ويصلي معه أربعاً، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما يدل على ذلك، فإن ابن عباس رضي الله عنهما سئل، قيل له: (ما بالنا نصلي مع الإمام أربعاً، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: هكذا السنة)، أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم رحمهما الله، فهذا يدل على أن السنة أن المسافر يصلي أربعاً مع الإمام، وإذا صلى مع أصحابه المسافرين صلى ركعتين، والذي يصلي مع الإمام المتم وهو مسافر يصلي معه ركعتين يلزمه أن يعيد، إذا سلم من ذلك ولم يتابع إمامه فقد غلط وقد أخطأ، وعليه أن يقضي هذه الصلاة التي صلاها مع الإمام وقصرها، فيصليها أربعاً، عملاً بهذه السنة.

    1.   

    حكم تارك الصلاة.. وإطلاق اسم الكافر والمشرك عليه

    السؤال: هذه الرسالة وردتنا من مسفر لافي العتيبي يقول: أرجو عرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، يقول: ما معنى هذه الآية التي وردت في سورة الروم: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [الروم:31-32]؟ وهل يقال لتارك الصلاة: إنه مشرك؟

    الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر، وهذا يدل على أن تارك الصلاة يسمى: كافراً، ويسمى: مشركاً، وهو الحق، وهو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه ورحمه التابعي الجليل قال: (لم أر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة)، فهذا يدل على أن الصلاة عند الصحابة يعتبر تركها كفراً، يعني: كفراً أكبر، ويسمى: كافراً مشركاً، فالذي ترك الصلاة قد فرق دينه، وقد خرج عن جماعة المسلمين، واستحق أن يقتل إن لم يتب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة).

    فالذي يترك الصلاة يعتبر تاركاً لدينه مفارقاً للجماعة، نسأل الله العافية والسلامة.

    المقدم: لكن هل يقال لمن ترك الصلاة: إنه مشرك؟

    الشيخ: نعم يقال له: مشرك، ويقال له: كافر في أصح قولي العلماء، لكن الجمهور قالوا: كفر دون كفر، وشرك دون شرك، والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم، أنه كفر أكبر وشرك أكبر، كما حقق ذلك ابن القيم رحمه الله في كتاب: الصلاة، وذكره الذهبي عن جماعة في الكبائر، وذكره آخرون رحمهم الله، ودل عليه الحديث السابق الذي رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فسماه: كفراً وشركاً، والكفر المعرف والشرك المعرف بأداة التعريف هو الكفر الأكبر والشرك الأكبر: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، رواه مسلم في الصحيح.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً)

    السؤال: هو أيضاً يريد أن تذكروا له معنى هذه الآية: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا [الروم:31-32]؟

    الجواب: يبين أن هذا من صفات المشركين، تفريق الدين والتشيع، كل شيعة لها رأي ولها كلام ولها أنصار، هكذا يكون المشركون وهكذا الكفار يتفرقون، وكل طائفة لها رئيس، ولها متبوع، تغضب لغضبه وترضى لرضاه، ليس همهم الدين وليس تعلقهم بالدين.

    أما المسلمون فهم يجتمعون على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وهدفهم هو اتباع الكتاب والسنة، وهم مجتمعون على ذلك معتصمون بحمد الله.

    أما غيرهم من الكفار فهم أحزاب وشيع، الله عز وجل يحذرنا أن نكون مثلهم، ويأمرنا أن نقيم الصلاة، وأن نستقيم على دين الله، وأن نجتمع على الحق، ولا نتشبه بأعداء الله المشركين، الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً. وهكذا أصحاب البدع شابهوا المشركين، فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، هذا معتزلي، هذا جهمي، هذا مرجئ، هذا شيعي، إلى غير ذلك، هذا تفرق في الدين، ومخالفة لما أمر الله به من الاعتصام بحبل الله، والاستقامة على دين الله، وعدم التنازع والفشل.

    1.   

    درجة حديث: (يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون)

    السؤال: أيضاً لدى مسفر لافي العتيبي سؤال آخر عن مدى صحة حديث من الأحاديث المتعلقة بالصلاة، يقول: سماحة الشيخ عبد العزيز وفقكم الله! ما مدى صحة هذا الحديث: (يأتي على الناس زمان يصلون ولا يصلون)؟ وحبذا لو كان هناك تعليق عليه وفقكم الله، إذا كان صحيحاً؟

    الجواب: لا أعرف حال هذا الحديث، وسنراجعه إن شاء الله، ونتكلم عليه في حلقة أخرى إن شاء الله، فعليكم أن تذكرونا بذلك إن شاء الله.

    1.   

    من أحكام قضاء من فاته فرض حتى خرج وقته

    السؤال: هذه الرسالة وردت من عدة أشخاص يقولون: إلى فضيلة الشيخ المجيب على أسئلة السادة المستمعين وفقكم الله، الأسئلة المرجو أن تفيدونا عنها، السؤال الأول: إذا فات شخص فرض فهل يجوز قضاء هذا الفرض مع الفرض الثاني؟ وهل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمس؟ وهل يجوز قراءتها سراً أو جهراً أفيدونا في هذا السؤال جزاكم الله خير، ومرسله المستمع محمد عبد الله حسن كريري؟

    الجواب: إذا فات المؤمن بعض الصلوات؛ لنوم أو نسيان؛ فإن الواجب عليه البدار بقضائها، ولا يؤخر ذلك إلى صلاة أخرى، بل الواجب البدار بالقضاء حالاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن الصلاة أو نسيها؛ فليصلها إذا ذكرها لا كفارة له إلا ذلك) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب البدار إلى أن يؤدي الصلاة التي نام عنها أو نسيها، وليس لها وقت نهي، فلو نسي الظهر فلم ينتبه لها إلا العصر، بادر وصلاها وصلى العصر، ولو نسي العصر فلم ينتبه لها إلا عند الغروب بادر، وهكذا لو نسي المغرب أو العشاء ثم ذكرها في أثناء الليل بادر وسارع إلى ذلك، ولا يؤخر إلى صلاة أخرى، بل هذا واجب عليه، وليس له تأخير الصلاة إذا ذكرها، وليس له تأخير الصبح إلى بعد طلوع الشمس لا يجوز؛ لا للرجال ولا للنساء، بل الواجب أن تصلى في الوقت، الرجل يصليها في الجماعة، ويخرج إلى المساجد في بيوت الله جل وعلا مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها قبل الشمس، ولا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تأخير صلاة الفجر إلى بعد طلوع الشمس؛ لأن حد الوقت طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس خرج الوقت، فلا يجوز للمسلم أبداً أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا للمسلمة أيضاً، بل هذا من عمل المنافقين نعوذ بالله، والله جل وعلا يقول: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] يعني: خساراً ودماراً، وقيل: إن الغي وادٍ في جهنم، بعيد قعره خبيث طعمه، نسأل الله العافية، قال ابن عباس في هذا: ليس المراد أنهم تركوها لو تركوها لكفروا ولكن أخروها عن وقتها، فهذا الوعيد لمن أخرها عن الوقت نسأل الله السلامة، أما من تركها بالكلية يكون كافراً بذلك نعوذ بالله كما تقدم.

    فالحاصل أنه لا يجوز لأي مسلم، ولا لأي مسلمة تأخير الصلاة عن وقتها، لا الفجر إلى طلوع الشمس، ولا الظهر إلى وقت العصر، ولا العصر إلى وقت المغرب، ولا إلى أن تصفر الشمس، ولا المغرب إلى أن يغيب الشفق، ولا العشاء إلى نصف الليل، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، هذا الواجب على المسلمين، الرجال والنساء، الرجل يصليها في الجماعة مع المسلمين، وليس له تأخيرها عن الجماعة، وليس له تأخيرها عن الوقت، والمرأة عليها أن تصليها في الوقت في بيتها، وليس لها أن تؤخرها عن الوقت، وإذا كان النوم قد يغلب في الفجر، فينبغي أن توضع الساعة المنبهة، وتؤكد الوقت، حتى إذا جاء الوقت نبهتهم على وقت الصلاة؛ لأن هذا من الأسباب التي تعين على الخير، وإذا كان عنده من يوقظه فالحمد لله، فالحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يهتما بهذا الأمر، فإن كان عندهما من يوقظهما لصلاة الفجر فالحمد لله، وإلا وجب أن يضعا ساعة عندهما للتنبيه على وقت الصلاة، حتى يقوم الرجل فيصلي مع المسلمين، وحتى تقوم المرأة فتصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، وما أعان على الواجب وجب.

    1.   

    الجهر بالقراءة للفجر لمن صلاها بعد طلوع الشمس

    السؤال: أيضاً يقول: إذا فاتته صلاة الفجر، هل يجوز قراءتها سراً أو جهراً وهي قد طلعت الشمس؟

    الجواب: يقرأها جهراً، لا بأس. يؤديها كما شرع الله، والنبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته صلاة الفجر، ولم يصلها إلا بعد الشمس، صلاها كما كان يصليها في الليل في أول النهار، كما كان يصليها بعد طلوع الفجر، يعني: يصليها كما هي، ركعتين بصلاة جهرية، ويصلي راتبتها قبلها، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    حكم قضاء الصلاة الفائتة في وقتها من اليوم التالي

    السؤال: أشار محمد بن عبد الله حسن كريري إلى عادة اعتادها كثير من الناس، وهي: إذا فاتته الصلاة عن وقتها، تركها إلى أن يأتي وقت الثانية، مثلاً إذا فاتته الظهر يتركها للظهر في اليوم التالي، هل لهم شيء يتعلقون به؟

    الجواب: لا. هذا جهل من قول بعض العامة، لا أصل له، لا يجوز تأخيرها إلى وقت آخر ولو قريب، إذا فاتته الظهر ليس له أن يؤخرها إلى وقت العصر، ولا إلى الظهر الآتي، بل يجب أن يبادر بها إذا تنبه وذكر، متى تنبه وجب أن يفعلها كما تقدم، وليس له تأخيرها متى ذكر.

    1.   

    حكم قضاء الحج عن الوالد المتوفى

    السؤال: هذا السؤال مرسله المستمع جابر علي عبد الله هزازي ، والجميع في ورقة واحدة، يقول السؤال: والدي توفي وما قام بتأدية الحج، فهل يجوز قضاء الحج عنه أم لا؟

    الجواب: إن كان غنياً وجب أن يقضى الحج من ماله، وإن كان معسراً فلا شيء عليه، لكن إذا حججت عن أبيك فهذا طيب وهو من البر، إذا حججت عن أبيك ولو كان فقيراً، إذا حججت عنه فقد أحسنت وهذا من البر، تحج عنه وتعتمر، أما إن كان غنياً ولكنه تساهل فالواجب أن يحج عنه، إن حججت عنه من نفسك فجزاك الله خيراً، وإن لم تحج عنه فلابد من إخراج مال يعطاه من يحج عنه من الثقات الأمناء الأخيار.

    1.   

    حكم الاستدانة لأداء فريضة الحج

    السؤال: هذا سؤال في نفس الرسالة، بعث به المستمع يحيى يحيى هزازي ابن عم الأول، يقول في سؤاله هذا: إذا نويت أن أحج وقمت ببيع بعض المواشي، واقترضت من أي إنسان مبلغاً فهل يتم الحج أو لا يجوز أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا اقترضت شيئاً فلا بأس، إذا كان عندك ما يسدده بعد الرجوع فلا بأس، وأما إذا كان ما عندك شيء فالأولى أن لا تقترض وأنت بحمد الله معذور؛ لأن الحج إنما يجب مع الاستطاعة، والذي لا يستطيع إلا بالقرض والاستدانة فهو غير مستطيع، لكن إذا كان عندك بحمد الله ما تستطيع أن توفي منه، من غلة عقار، ومن تجارة ومن غير ذلك، فلا بأس ولا حرج أن تستدين أو تقترض وتحج، كل ذلك لا حرج فيه، والحج صحيح والحمد لله.

    المقدم: إلى هنا أيها السادة نأتي إلى نهاية لقائنا هذا، الذي عرضنا فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات، على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    وقد تمكنا من عرض رسائل السادة رشيد عبد الله من الدمام، ومسفر لافي العتيبي ، ومحمد عبد الله حسن كريري ، وجابر علي عبد الله هزازي ، ويحيى يحيى هزازي .

    حتى نلتقي أيها السادة بحضراتكم نستودعكم الله، مع شكرنا الجزيل لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، وشكرنا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767948293