مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية اللقاء نرحب بسماحة الشيخ ونبدأ لقاءنا على بركة الله، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت من أحد الإخوة المستمعين يقول: (ن. م. أ. ن) -صاحب الرسالة يعقب على حلقة مضت من حلقات هذا البرنامج- يقول: لقد استمعت إلى الحلقة المقدمة من هذا البرنامج، حيث تكرم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز بالإجابة على أسئلة المستمعين، وكان من ضمن إجاباته عن أحد الأسئلة عن مرور الكلب الأسود والمرأة من أمام المصلي ثم ذكر أن ذلك يقطع الصلاة، أرجو منكم التكرم بسؤال فضيلة الشيخ عن طبيعة هذا المرور، هل إذا صلى الرجل واضعاً سترة أمامه ومرت المرأة من خلف السترة، هل يجب عليه أن يعيد الصلاة؟ ثم ما حكم مرور النساء أمام الرجال في أوقات الزحام ولا سيما في الحرمين، أرجو التفضل بالإجابة ولكم الشكر؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد سبق في هذا البرنامج غير مرة بيان حكم المرور بين يدي المصلي وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود) خرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وخرج معناه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه لكن بدون ذكر الأسود، وخرجه أيضاً أبو داود و النسائي وجماعة من حديث ابن عباس مرفوعاً وذكر فيه قيد المرأة بالحائض.
فتلخص من هذه الأحاديث وما جاء في معناها أن الذي يقطع الصلاة واحد من هذه الثلاثة: المرأة البالغة وهي التي حاضت، يعني: التي قد بلغت الحلم بخلاف الصغيرة، والحمار مطلقاً بجميع أنواعه، وهو الحمار الأهلي الذي يستعمله الناس سابقاً في جلب الماء والركوب والتحميل، والثالث: الكلب الأسود.
قيل: (يا رسول الله! ما بال الأحمر والأصفر من الأسود؟ قال: إن الكلب الأسود شيطان)، فدل ذلك على أن هذا مختص بهذه الثلاث وأنها إذا مرت بين المصلي وبين سترته قطعت عليه صلاته، سواء كانت نافلة أو فريضة، إذا كان مرورها بين الرجل أو المرأة وبين السترة.
وأما إذا كان مرورها وراء السترة من أمامها من جهة القبلة فإنها لا تقطع، إذا مرت هذه الثلاث أمام السترة فإنها لا تقطع وإنما تقطع إذا كانت بينه وبين السترة من داخل فإنها تقطع عليه صلاته، وهكذا لو مرت بعيدة، إذا كان ما عنده سترة ومرت بعيدة عنه فوق ثلاثة أذرع من قدمه فإنها لا تقطع، وإنما تقطع في حدود ثلاثة أذرع فأقل من قدم المصلي إذا لم يكن لديه سترة، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، وفي المسألة خلاف: بعض أهل العلم يقول: إنها لا تقطع وإنما تقطع الكمال فقط والصلاة صحيحة، لكنه قول ضعيف، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح في أنها تقطع، والأصل أنها تقطع -أي: تبطل- هذا هو الصواب وهذا هو المعتمد.
أما في حال الزحام الذي لا حيلة للمصلي كما يقع في المسجد الحرام فإنها لا تقطع، مرور المرأة في المسجد الحرام بين الناس في المطاف أو في غيره لا تقطع عند عامة أهل العلم، وحكاه بعض أهل العلم إجماعاً لأن التحرز من ذلك فيه صعوبة وغير ممكن في الأغلب، فهذا من رحمة الله عز وجل أن مرور النساء في المسجد الحرام في المطاف أو في غيره لا يقطع، هذا هو الصواب وقد حكاه بعض أهل العلم إجماعاً، والحكمة في ذلك واضحة وهي: أن التحرز من ذلك متعسر أو متعذر، فمن رحمة الله أن رفع هذا الحكم، وقد جاء فيه بعض الأحاديث التي فيها بعض المقال وفعل بعض الصحابة ذلك، كان ابن الزبير يصلي والنساء أمامه في المطاف ولا يتأثر بذلك؛ لعلمه بأنهن لا يقطعن، والله ولي التوفيق.
الجواب: ما دام الوالد لم يطلق فإن عليها أن تسمع وتطيع وتخرج معه حيث أراد إذا أسكنها في محل مناسب ومسكن مناسب، ولا يلزمها أن تكون مع ضرتها في مسكن واحد إلا إذا كان المسكن واسعاً بحيث يكون لكل واحدة شقة تخصها فلا بأس وليس لها أن تعصيه، وما مضى من التساهل ينبغي فيه التسامح، وإذا طلبت نفقتها الماضية فلها حق إن أعطاها ذلك وإلا فلها أن تطالبه لدى المحكمة، وإن سمحت فهو خير وما عند الله خير وأبقى، والتسامح من أسباب دوام العشرة ومن أسباب طيب الخواطر وعدم تأثر أبيك عليها، فالأولى والذي ننصح به أنها تسمح عما مضى وتنتقل مع الزوج حيث أراد إذا أسكنها في المحل المناسب، وما مضى يعفو الله عنه من الجميع ينبغي فيه التسامح، هذا هو الذي ننصح به.
أما مسائل النزاع والخصومات هذا عند المحاكم، لكن هذا ننصح به أمك أن تسمع وتطيع لزوجها وأن لا تأخذه بالماضي ولها حق في الماضي من جهة النفقة، وإذا كنت قمت بنفقتها بالنيابة عن أبيك فالحمد لله.
المقدم: بارك الله فيكم. هل من كلمة إلى مثل هذا الزوج سماحة الشيخ؟
الشيخ: نعم، ننصح الزوج هذا بأن يتقي الله وأن يحسن إليها، وأن يعدل بينها وبين ضرتها، وأن يعطيها ما يسمح خاطرها عما مضى من الهجر والتساهل وعدم والإنفاق، هذا هو الذي ننصحه به؛ لأن النفوس يعتريها ما يعتريها عند الإهمال والإضاعة والهجر، فينبغي له أن يفعل ما يطيب النفس ويزيل ما في النفس من جهة أم أولاده، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وهذا أولى من المحاكمة والمخاصمة.
الجواب: الحمد لله الذي هداك للتوبة ومنَّ عليك بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، واعلم -يا أخي- أن التوبة تجب ما قبلها كما أن الإسلام يجب ما قبله، فما دمت -بحمد الله- كلما وقع منك شيء من الذنوب بادرت بالتوبة الصادقة فأنت على خير إن شاء الله، والتوبة تمحو ما قبلها، ولا تؤخذ بالذنب الذي تبت منه بعودك إليه مرة أخرى، وإنما تؤخذ بالعودة التي فعلتها، ثم إذا تبت من ذلك محا الله عنك ذلك أيضاً وهكذا، هذا فضله وإحسانه جل وعلا، إذا كنت صادقاً في التوبة وقد ندمت على ما مضى وعزمت عزماً صادقاً أن لا تعود وأقلعت من الذنب ثم بليت به بعد ذلك فإن الله جل وعلا يعفو ما مضى بالتوبة الماضية، وعليك أن تجاهد نفسك في عدم الوقوع في الذنب وذلك بأمور، منها: اللجأ إلى الله وسؤاله الهداية والتوفيق والحفظ، وأن يعينك على نفسك وجهادها، وأن يعينك على شيطانك حتى تسلم منه، والله هو الذي يقول سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]، وهو القائل سبحانه: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].
الثاني: أن تحذر الأسباب التي تجرك إلى المعاصي، فإن كنت تصحب أناساً يفعلونها فاجتنبهم حتى لا يجروك إليها، وإن كنت تدخل بيوتاً تجرك إليها فاجتنب تلك البيوت واحذرها، وهكذا انظر الأسباب وابتعد عنها.
الأمر الثالث: النظر في عواقب المعاصي، تدبر العواقب وأن عواقبها وخيمة، وأنك قد تبتلى بعدم التوبة فتخسر والعياذ بالله، فاحذر عواقب الذنوب وفكر كثيراً بأنك قد توفق للتوبة وقد لا توفق للتوبة، فاحذر المعصية وابتعد عنها والزم التوبة ولا ترجع عنها، ومتى وفقت لهذه الأمور فإن الله يكفيك شر نفسك وشر شيطانك، والله ولي التوفيق.
الشيخ: لو قرأتها.
المقدم: يقول يحيى محمد عطية : لقد سبق أن بعثت برسالة قبل هذه الرسالة أسأل فيها عن القات والآن أقول: إنه باليمن كل الناس تأكل شجراً اسمه القات، وهو حرام عند العلماء، وذلك عند شهر رمضان بالليل، وهم يقرءون القرآن بالنهار ويكون نائماً والقات في فمه، فهل هذا حرام أم حلال، ويستمر على هذا المنوال، سماحة الشيخ؟
الجواب: القات معروف عند أهل العلم وهو شجرة معروفة في اليمن وأهلها يتعاطون ذلك إلا من حفظ الله منهم، والذي ثبت عندنا من كلام العارفين به أنه مضر، وأنه يسبب تعطيلاً كثيراً عن الأعمال والمكاسب الطيبة، ويسبب أشياء تضر متعاطيه، وقد كتب جماعة من علماء اليمن وغيرهم في تحريمه، وأنه قد يخدر وقد يفتر، قد يسبب سكراً في بعض الأحيان بتغير الشعور، مع ما فيه من تعطيل صاحبه المدة الطويلة لا يعمل بسبب تخزينه له، فهو شجرة خبيثة مضرة.
وقد انعقد مؤتمر في المدينة للنظر في المخدرات ودراستها، وأجمع المؤتمرون على تحريم القات، وأنه مضر بأهله، وأنه لا يجوز تعاطيه، وألف في ذلك جماعة من أهل العلم وكتب شيخنا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في ذلك كتابة ذكر فيها تحريمه، ونقل فيها بعض كلام أهل العلم الذين عرفوه.
فينبغي للمؤمن أن يحذره وأن لا يتساهل في تعاطيه واستعماله وأن لا يغتر بمن يتعاطى ذلك.
ونصيحتي لكل إخواني في اليمن أن يدعوه وأن يحاربوا هذه الشجرة وأن يبتعدوا عنها وأن يقضوا على شجرتها.
ونصيحتي للدولة -وفقها الله- في اليمن أن تحارب هذه الشجرة وأن تؤكد على الشعب اليمني بمحاربتها وتركها حفظاً للمسلمين في اليمن من أذاها وضررها، وحفظاً لهم أيضاً من تعطيل أوقاتهم بلا فائدة، وحفظاً لهم أيضاً من تعاطي أشياء لا تناسب لولا أنهم يتعاطون هذا القات ويخزنون.
فالمقصود: أن ضرره كثير وشره عظيم من إفادة العارفين به من علماء اليمن وغيرهم، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
الجواب: هذه الفتوى خطأ، إذا أفطر في رمضان عامداً فقد عصى ربه، ولكن هذه المعصية لا تمنع الحج، ولا تبطل الحج وإنما عليه التوبة إلى الله من ذلك وقضاء اليوم الذي أفطره، فإذا أفطر يوماً من رمضان بغير عذر شرعي فقد أتى منكراً عظيماً ومن تاب تاب الله عليه، فعليه التوبة إلى الله بصدق بأن يندم على ما مضى، ويعزم أن لا يعود، ويستغفر ربه كثيراً، ويبادر بقضاء اليوم الذي أفطره، وحجه صحيح إذا حج، وإن قد كان حج سابقاً فحجه صحيح أيضاً ولا يبطله إفطاره يوماً من رمضان، إنما هو معصية وكبيرة من كبائر الذنوب، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، كما أن المعاصي الأخرى لا تبطل الحج كما لو زنى أو شرب الخمر أو عق والديه أو أحدهما أو أكل الربا أو ما أشبه ذلك من المعاصي كلها لا تبطل حجه، وإنما يبطل الحج بالجماع إذا جامع قبل التحلل الأول، أي: إذا جامع قبل رمي الجمرة وقبل الطواف وقبل الحلق أو التقصير بأن جامع بعد الإحرام أو في عرفة أو بعد عرفة قبل أن يتحلل هذا هو الذي يبطل الحج، أما جنس المعاصي فلا تبطل الحج، وهكذا لو كفر والعياذ بالله أو ارتد عن دينه ومات على ذلك بطلت أعماله، أما لو ارتد عن دينه ثم أسلم وهداه الله فإنها تبقى له أعماله إذا مات على الإسلام.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كان قصده أن يصلي الظهر احتياطاً وأن الجمعة يرى أنها لا تكفيه كما يفعله كثير من الناس في بلدان كثيرة ويقولون: إن البلد إذا كان فيه جمعات يخشى أن لا يصح بعضها، فلهذا يصلون الظهر احتياطاً مع الجمعة، هذه بدعة ولا تجوز وعليه التوبة إلى الله من ذلك.
وهكذا جميع من يتعاطى هذا الأمر ممن يصلي الظهر بعد الجمعة، هذا كله غلط وبدعة، فالواجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك، ومتى وجدت أسباب إقامة جمعة ثانية وثالثة ورابعة في البلد الواسعة والمتباعدة فلا حرج في ذلك، ولا بأس.
فيجوز أن تقام جمعتان أو أكثر في البلد الواحدة إذا كانت واسعة الأرجاء متباعدة أو كان المسجد ضاق بأهله واحتاجوا إلى مسجد ثانٍ، أو كانا مسجدان فضاقا واحتاج المسلمون إلى ثالث في المدينة، كل هذا لا بأس به، ومتى وجد المسوغ لتعدد الجمعة فلا وجه لصلاة الظهر بل هذا من البدع ومن التنطع والغلو في الدين الذي لا وجه له.
أما إن كان قصده إن هذه راتبة كما جاء في الحديث عنه عليه السلام أنه قال: (إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)، فهذا لا بأس به، لكن الأفضل أن يصليها ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل لا يسردها أربع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى)، وفي اللفظ الآخر: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، فالأفضل أنه يصلي ثنتين ثنتين أربعاً بعد الجمعة، وإن صلى في بيته ثنتين بعد الجمعة كفى ذلك وإن صلى أربعاً فهو أفضل، أما الثنتان الأخريان فلا أعلم لهما وجهاً إلا أنه جاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان في مكة يصلي بعد الجمعة أربعاً ثم ثنتين، فلعل هذا سمع خبر ابن عمر فصلى هذا؛ لأن ابن عمر ذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا نعلم أسباب ذلك، وإذا فعله من أجل حديث ابن عمر الذي سمعه فلا بأس بذلك.
أما المحفوظ الذي نعرفه من السنة، فهو أنه يصلي أربعاً بعد الجمعة في المسجد أو في بيته وإذا اكتفى بثنتين في بيته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل فلا بأس بذلك، وإن كان هذا الرجل صلاها من أجل أنه سمع عن ابن عمر أنه فيه أربعاً وثنتين فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل أنه يصلي ثنتين ثنتين كل ثنتين بسلام لا يسرد الأربع.
الجواب: غسل الميت فرض كفاية، وهكذا الصلاة عليه، فإذا قام بغسله من يكفي سقط عن الباقين وهكذا الصلاة فغسله فرض النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الميت، فالواجب تغسيله ويتولى ذلك العارف بذلك الثقة الأمين فيغسله، يعني: أن يغسلوا جميع بدنه ويبدءوا بتنجيته بخرقة، أي: يرفعه قليلاً لعله يخرج منه ما كان متهيأ للخروج من بول أو غيره ثم ينجيه بماء وخرقة، ثم بعد ذلك يوضيه الوضوء الشرعي فيمسح فمه بالماء وأنفه بالماء وأن يزيل ما أن هناك ما في الأنف، ويغسل وجهه ثلاثاً أو ثنتين أو واحدة والأفضل ثلاثاً، ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً أو واحدة واحدة أو ثنتين ثنتين كالوضوء، ثم يمسح رأسه وأذنيه ثم يغسل رجليه، ثم بعد ذلك يفيض الماء على جميع بدنه، يعني: يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر، وإذا تيسر غسله بالسدر كان أفضل، فإن لم يتيسر السدر فالصابون أو الإشنان لتنظيفه، ويضع في رأسه من السدر بعض الشيء حتى يزيل ما فيه من أذى ثم يفيض الماء على جسده كله بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر، والأفضل أن يكرره ثلاثاً فإن لم تكف الثلاث لوجود أوساخ كرره خمساً، فإن لم تكف كرره سبعاً لما جاء في حديث غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)، فإذا تيسر السدر، جعل في الماء شيئاً من السدر وإن لم يتيسر جعل ما ينوب منابه مما ينظف من صابون أو إشنان أو غيرهما مما يحصل به التنظيف، وأن يكرر الغسل ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً ولو احتيج إلى أكثر فعل.
هذا هو الغسل الشرعي للرجل والمرأة جميعاً، والرجل يغسله الرجال والمرأة تغسلها النساء، ويجوز للزوج أن يغسل زوجته، وللزوجة أن تغسل زوجها، كل هذا ثابت، وقد غسل علي رضي الله عنه زوجته فاطمة رضي الله عنها، وغسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنهما جميعاً، فلا حرج في ذلك، وهكذا السرية الأمة التي يتسراها الرجل المملوكة إذا مات سيدها تغسله وهو يغسلها أيضاً كالزوجة، وهكذا الصغير الذي دون السبع يغسله الرجال والنساء؛ لأنه لا عورة له، فإذا بلغ سبعاً غسله الرجال، إذا بلغت الجارية سبعاً غسلها النساء، هذا هو المشروع.
أما الصلاة فيجب أن يصلى عليه، والصلاة فرض كفاية فلو صلى عليه واحد مكلف كفى، ولكن كلما كثر الجمع وتيسر العدد الكثير فهو أفضل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ما من رجل يصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة إلا قبل الله شفاعتهم فيه)، (إلا شفعهم الله فيه)، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام: (ما من رجل مسلم يقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)، فهذا يدل على أن وجود جماعة كثيرة في الصلاة أفضل حسب الإمكان حسب التيسير وإلا فالواجب شخص واحد مكلف إذا صلى عليه كفى، ولكن إذا تيسر عدد كبير فهو أفضل، والأفضل لأهل الميت أن يتحروا به المساجد التي فيها العدد الكثير حتى يكون هذا أنفع له، والله ولي التوفيق.
أولاً: هل يجوز أن نقوم للضيف للسلام عليه، وإذا كان لا يجوز فإنك سوف تصافحه ويحتاج ذلك للانحناء قليلاً حتى تصل يدك ليده، ومن عادتنا أن نقبل يد الكبير من باب الاحترام حتى ولو لم أكن أعرفه من قبل، فهل هذا صحيح؟ وإن كانت الطريق غير صحيحة فكيف الطريق الصحيح لنسلم بها على الجالسين إذا قدمت وفي المجلس ضيوف؟
الجواب: يجوز القيام للضيف ومقابلته ومعانقته إذا كان قادماً من سفر أو مصافحته، هذا كله من السنة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدمت عليه ابنته فاطمة يقوم لها ويأخذ بيدها، وهكذا كانت تفعل إذا دخل عليها قامت إليه وأخذت بيده عليه الصلاة والسلام، ولما جاء سعد بن معاذ رضي الله عنه الأنصاري سيد الأوس ليحكم في بني قريظة، قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: (قوموا إلى سيدكم)، فقاموا إليه وسلموا عليه، هذا لا بأس به ولا حرج فيه.
فالقيام إلى الضيف لمصافحته والترحيب به ومقابلته أمر مشروع، وإنما المكروه أن يقوم الناس على رأس القاعد تعظيماً له، أو يقومون فقط قياماً من غير تقدم إليه ولا مصافحة بل مجرد تعظيم وإكرام وهم في محلاتهم يقومون فقط، هذا هو المكروه الذي لا ينبغي، وكذلك الوقوف عليه وهو جالس تعظيماً له لا يجوز، والنبي نهى عنه عليه الصلاة والسلام، أما القيام إلى القادم لمصافحته والترحيب به، هذا أمر مشروع ولا بأس به، ولا ينبغي أنه يجلس ويدع الضيف ينحني له بل يقوم يصافح الضيف ويكرم الضيف، وإذا كان معذوراً صاحب البيت؛ لأنه كبير السن أو مريض فالضيف يجلس ويصافحه أو يمد يده إليه وينحني حتى يطوله، ليس هذا انحناء تعظيم، هذا الانحناء لا يسمى تعظيماً ولكنه انحناء حتى يصافحه، فإذا خفض رأسه وظهره حتى يصافحه؛ لأنه قاعد أو مضطجع أو مريض، كل هذا لا بأس به، إنما الذي ينهى عنه أن ينحني تعظيماً كالراكع إذا دخل على الملك أو على الأمير أو على فلان أو فلان ينحني له، هذا منكر لا يجوز، أما إذا انحنى لأن المسلم عليه قصير أو جالس أو مريض مضطجع وانحنى ليصافحه فليس هذا من باب التعظيم، بل هذا من باب الإكرام لأخيه وأداء السنة لأخيه من المصافحة؛ لأن السنة عند اللقاء المصافحة، ولا حرج في هذا من أجل المصافحة.
المقدم: بارك الله فيكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم والمستمعون على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
وسجلها لكم من الإذاعة الخارجية زميلنا سليمان اللحيدان ، أما أنتم فشكراً لمتابعتكم، ونحن نستمر في عرض رسائلكم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، شكراً وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر